تقع منطقة هجليج قرب الحدود مع دولة جنوب السودان، وتبعد نحو 45 كلم إلى الغرب من منطقة أبيي بولاية جنوب كردفان السودانية.
وتعتبر هجليج من المناطق الغنية بالنفط والمهمة بالنسبة للاقتصاد السوداني، حيث توجد بها قرابة 75 بئرا من النفط تغذي الاقتصاد السوداني بإنتاجية تتجاوز العشرين ألف برميل يوميا ، خاصة بعد أن فقدت الخرطوم ثلاثة أرباع نفطها مع انفصال الجنوب.
وتدير الحقل شركة النيل الكبرى للبترول وهي كونسورتيوم من شركات صينية وماليزية وهندية وسودانية وقالت الشركة الشهر الماضي إنها ستمضي قدما في خطط لزيادة إنتاج الحقل إلى 70 ألف برميل يوميا بدلا من 60 ألف برميل في اليوم.
يذكر أن الإنتاج من حقل هجليج بدأ في عام 1996 مع تطوير الحقل وحقول ولاية الوحدة التي تعد الآن الأكبر في المنطقة.
جديرا بالذكر أن المحكمة الدائمة للتحكيم الدولي في لاهاي قضت في 2009 بأن حقلين نفطيين في تلك المنطقة (هجليج وبامبو) يتبعان الشمال.
يبلغ طول خط أنابيب الصادر انطلاقا من حقول الإنتاج في هجليج ومروراً بـ مصفاتي الخرطوم والأبيض وحتى ميناء بشائر على البحر الأحمر جنوب مدينة بورتسودان 1610 كيلو متر. وبلغت سعة الخط 150 ألف برميل في المرحلة الأولى لتصل إلى 250 الف برميل يوميا عام 2000 م. أما تكلفة المشروع فقد بلغت أكثر من مليار دولار وقامت بتنفيذه عدة شركات أجنبية متخصصة، تعمل جميعها تحت إشراف شركة النيل الكبرى لعمليات البترول ” GNPOC”.وتم الانتهاء من تركيب الخط وافتتاحه في 30 يونيو / حزيران 1999 م، ويعمل الآن بشكل جيد.
وتضم هجليج محطة ضخ النفط الرئيسية التي تضخ نفط الجنوب والشمال على السواء، ومحطة معالجة خام النفط الرئيسية لكل النفط السوداني والجنوبي، وخزانات للوقود الخام بسعة تزيد عن 400 ألف برميل، ونحو 19 معسكرا لموظفي الشركات العاملة في مجال النفط المحلية منها والأجنبية، بجانب محطة كهرباء تغذي كافة حقول النفط في المنطقة.
ولم تكن هجليج محل صراع بين السودان وجنوب السودان لوجودها في عمق الأراضي السودانية بولاية جنوب كردفان.
كما تعتبر الداعم الاقتصادي الأول لخزينة الدولة السودانية بسبب وجود غالبية إنشاءات البترول الرئيسية بها.
وقد ساهم وجود شركات النفط بالمدينة في التنمية المحلية والتقليل من حدة البطالة في كثير من المناطق المجاورة لها.
النزاع
اندلع القتال بفعل تفاقم الخلاف بين الدولتين حول وضع الحدود المشتركة بينهما وتبعية الأراضي المتنازع عليها ومقدار الرسوم التي يتعين على دولة الجنوب التي ليس لديها منافذ بحرية دفعها مقابل تصدير خامها عبر أراضي الشمال.
وعلى إثر انفصال الجنوب في يوليو 2011، فقد السودان ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي ودخلت الدولتان في نزاع بشأن رسوم عبور النفط من الجنوب لتصديره عبر الشمال.
وفي يناير 2012 أوقف الجنوب إنتاجه النفطي بالكامل البالغ 350 ألف برميل يوميا لمنع الخرطوم من مصادرة بعض نفطه مقابل ما تقول أنها رسوم عبور لم تسدد.
نظرة إستراتيجية:
الناحية الإستراتيجية فإنها تعتبر البوابة الرئيسية لولايات جنوب وشمال كردفان وشرق وجنوب دارفور، نظرا لامتداد سكانها الذين ينتمون قبليا إلى الولايات المذكورة كقبائل المسيرية والرزيقات وبعض قبائل الشمال الأخرى.
ويقول مقربون من حكومة جنوب السودان إنه في حال استمرار احتلال جوبا لهجليج فإن موقفها التفاوضي سيتعزز إذا اتجه البلدان نحو الحوار، ويشيرون إلى أن احتلالها سيقلل من عزيمة الحكومة السودانية ويدفع بها إلى هاوية الانهيار الكامل.
ويرى آخرون أن أهمية المنطقة تكمن في رغبة حكومة سلفاكير في احتلالها ومن ثم مقايضتها بمنطقة أبيي التي ترى أن ليس لها أي علاقة بالسودان.
أما بالنسبة للحكومة السودانية، فتعتبر هجليج -إلى جانب موقعها الإستراتيجي- الممول الرئيسي لموازنة الدولة بما تبقى من نفط عقب انفصال الجنوب، لانطلاق جميع أنابيب نقل النفط منها إلى الخرطوم أو بورتسودان.
النفط في السودان:
بدأت عمليات التنقيب عن النفط فعليًا بعد توقيع اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية عام 1974 م، وبناءً على النتائج الجيدة لأعمال التنقيب في أواسط السودان تم التوقيع على اتفاقية أخرى ثنائية مع شركة شيفرون نفسها عام1979 م. أعقبها إبرام اتفاقيات مع شركتي توتال الفرنسية، وشركة صن أويل الأمريكية عامي 1981 و1982 م، وبعد إجراء المسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية في مناطق مختلفة من البلاد الفترة تم حفر 95 بئرا استكشافية منها 46 بئر منتجة مثل حقول سواكن، أبوجابرة، شارف، الوحدة، طلح، هجليج الأكبر ،عدارييل وحقل كايكانق، و49 بئر جافة، غير أن هذه الاستكشافات لم يتبعها أي نشاط إنتاجي.
وقعت الحكومة السودانية خلال الفترة من عام 1989 و1999 م، اتفاقيات مع شركات نفطية مختلفة شملت الشركتين الكنديتين IPC وSPC عامي 1991 م، و1993 م، وشركة الخليج GPL عام 1995م، والشركة الوطنية الصينية للبترول CNPC عام 1995 م، وشركة الكونستريوم في فبراير/ شباط عام 1997 م، وتكونت شركة النيل الكبرى لعمليات البترول GNPOC في 1997 م. ونتج من هذه المحصلة تشكيل عدد من شركات التنقيب في مناطق مختلفة من البلاد.
الإنتاج الفعلي:
الإنتاج النفطي في السودان في حقول أبي جابرة وشارف، ثم لحق بذلك الإنتاج من حقول عدارييل وهجليج. وكان مجمل إنتاج النفط في السودان حتى يوليو/ تموز 1998 م في حدود الثلاثة ملايين برميل بواقع 471629 برميل من حقلي أبوجابرة وشارف و196347 من حقل عدارييل و 2517705 برميل من حقل هجليج. ووصل حجم الإنتاج الفعلي بنهاية يونيو / حزيران 1999 إلى 150 ألف برميل من حقلي هجليج والوحدة. وتتوقع الحكومة ارتفاعاً في الإنتاج من حقول جديدة تكتشف في المربعات الممنوحة للشركات المختلفة مما سيزيد من احتياطي النفط السوداني. ويبلغ الإنتاج الفعلي الآن حوالي 600 ألف برميل يومياً. تعود هذه البيانات إلى فترة ما قبل انفصال جنوب السودان الذي أصبح دولة قائمة بذاتها, مع العلم بأن 85% من إنتاج النفط السوداني في السابق كان يأتي من الجنوب .
وقد تراجع نصيب السودان من الإنتاج النفطي بعد انفصال الجنوب إلى 120 الف برميل يومياً نصيب الدولة منها 55 ألف برميل يومياً. ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج بعد تشغيل الحقول التي كانت معطلة بسبب التوترات في المنطقة وزيادة الاستثمار في التنقيب إلى 180 ألف برميل بنهاية عام2012 م، وإلى 320 ألف برميل يومياً في عام 2030 م.
ويبلغ احتياطي السودان من النفط المؤكد 6.8 بليون برميل (2010) م، وهو بهذا يحتل الرقم 20 في العالم، بينما يبلغ احتياطيه المؤكد من الغاز الطبيعي (2010) بليون متر مكعب.
خصائص النفط السوداني:
تختلف خصائص النفط الخام السوداني باختلاف حقول إنتاجه، ولكن بصفه عامة يمكن تلخيص أهم سماته فيما يلي:-
الخام السوداني متوسط الكثافة ويقارب الخامات الخفيفة.
ويقع تحت تصنيف الخامات البرافينية الشمع الذي هو مكون طبيعي من مكونات النفط الكيميائية، أي أنه أعلى نسبيا من المكونات الأخرى. وهي مادة جيدة الاحتراق وعالية الإنتاج في ظروف تكرير معقدة. وتتمثل نقاط ضعف المواد البرافينية في خصائص الانسكاب والنقل فقط.
ويتميز النفط الخام السوداني بقلة نسبة المواد الكبريتية، وهو من أفضل الخامات في منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بهذه الخاصية نسبة لقلة آثار الكبريت الجانبية الضارة بالبيئة والمحركات. كما يتميز البترول السوداني بوجود مواصفات مشتق الديزل لارتفاع الرقم الستيني الذي يزيد من كفاءة الاحتراق.