الماس الدموي .. سلاح الاستعمار الجديد لتمويل الصراعات
في إفريقيا يوجد عدة أنواع من الماس (الألماس) منها : “الماس الإفريقي الخام” ، و”الماس الأسود الخرز” ، وما يسمي “جميلة الشمبانيا” لأن لونها يشبه لون هذا النوع من الخمر ، والماس “الأزرق” ، و”الماس الأبيض” ، ولكنه يتشابه جميعه في أنه مطمع للدول الاستعمارية الغربية القديمة وللعدو الصهيوني الذي توجد به صناعة ماس نشطة وبورصة للماس ، فضلا عن تحوله إلي عنصر خطير في تبرير المجازر ضد مسلمي إفريقيا الوسطي أكبر الدول الإفريقية إنتاجا للماس .
فصناعة الماس هي دعامة رئيسية للاقتصاد الإسرائيلي ، ولا يوجد أي بلد آخر كإسرائيل حتى المتقدمة تعتمد اعتمادا كبيرا على الماس مثلما يعتمد عليه الصهاينة.
والصهاينة اعتمدوا من سنوات بعيدة سياسية سرقة ماس إفريقيا مقابل توريد السلاح للأفارقة ليقتلوا به بعضهم البعض ، وتكشف مؤخرا أنهم يمولون بأموال هذا الماس الإفريقي المستوطنات الصهيونية علي الأراضي العربية المحتلة في القدس وفلسطين عامة ، بل أن الصراع الحالي في إفريقيا الوسطي – احدي بلدان الماس التي دخلها الصهاينة – كان أحد أسباب اشتعاله هو الماس الذي يسيطر علي تجارته المسلمون وسعي النصارى للسيطرة عليه.
وقد أشعلت تجارة الألماس التي يسيطر عليها المسلمون في غربي إفريقيا المجازر ضدهم ، حيث أصر مقاتلو الميليشيا المسيحية (البالاكا) في جمهورية إفريقيا الوسطى على طرد المواطنين المسلمين من بلدة بودا الشهيرة بتعدين الماس، ويبلغ تعدادهم 12 ألف مسلم ، وقال المتحدث باسم ميليشيا مكافحة البالاكا في البلدة إدغار فلافيان: “لا نريد أن يبقى المسلمون هنا، نحن لا نريدهم في جمهورية إفريقيا الوسطى أو في بودا”.
ومدينة (بودا) كانت هادئة في العام الماضي، عندما كان يسيطر عليها تحالف السيليكا الذي يتكون من أغلبية مسلمة والذي استولى على السلطة في العاصمة في مارس 2013، ولكن القتال اندلع في بودا فور مغادرة السيليكا للبلدة وسعي ميليشيات المسيحية للسيطرة علي مناطق صناعة الماس الثرية بمساندة مباشرة من فرنسا وأسلحة تدفقت عليهم من اسرائيل .
وقد لخص رجل مسلم يدعي (محمد أدوم) وهو تاجر ماس قصية الصراع الديني حول الماس بقوله لوكالات أنباء محلية أنه من المستحيل على المسلمين في بودا الذهاب إلى الحقول أو مناجم الماس، وأن المسيحيين لم يعودوا يبيعون لهم الماس، وبالتالي فقد جف المصدر الرئيسي للدخل .
وأضاف أدوم : إن 95 بالمائة من تجار الماس في منطقة بودا من المسلمين، في حين أن جميع العمال الذين يقومون بالحفر للبحث عن الماس تقريباً من غير المسلمين ، بينما زعم مقاتل من البالاكا المسيحية أن المسلمين يحتكرون تجارة الماس وأنهم سيبيعونه الي مشترين آخرين أو حتى البيض الذين يأتوا لشراء الماس .
والحقيقة هي أن اقتتال المسلمين والمسيحيين في إفريقيا الوسطي تؤججه من وراء ستار قوي صهيونية وغربية للسيطرة علي هذا الماس ، بل أن السماح بتأجيج هذا الصراع الديني دون التدخل في البداية لوقفه مع إمكانية ذلك هو مؤشر واضح علي اللعبة الاستعمارية القديمة التي تترك الصراع يتأجج حتي يكون تدخلها لاحقا مبررا ، وتبرير التدخلات الصريحة طوال الوقت من قوات فرنسا ودول إفريقية أخرى مساعدة لصالح هذا أو ذاك وبهدف أساسي هو حماية تجارة الماس التى تشرف عليها شركات عالمية كبيرة من أنحاء العالم ومناجمه في شمال إفريقيا الوسطي !.
وقد أدي هذا الصراع الديني حول الماس إلي اجتمع المجلس العالمي للماس وتعليق عضوية إفريقيا الوسطى في اتفاقية كيمبرلي التي تمنع تجارة الماس الدموي عبر منظومة صهيونية قديمة هي (الماس مقابل السلاح) ، لأن إفريقيا الوسطي تعد من اكبر منتجي الماس في العالم والمجلس العالمي للماس تأكد أن تجارة الماس الأحجار الكريمة تمول هذا الصراع الطائفي في إفريقيا الوسطي .
فمنذ عام 2003 تبنت 60 دولة اتفاقية كيمبرلي التي تسعى للحد من تمويل تجارة الماس للحروب والصراعات الداخلية والهدف هو ضمان شفافية الإنتاج وتتبع مصادر الماس المعروض للبيع بحيث يكون من مصدر شرعي لا نتاج صراعات داخلية .
سرقة الماس الإفريقي
والملفت أن تاريخ سرقة الماس الإفريقي طويل ، ويشارك فيه غالبا الدول الغربية والدولة الصهيونية ، وقد اتهمت الأمم المتحدة رسميا الدولة الصهيونية بسرقة الماس الإفريقي والتورط في تجارة (الماس الدموية) عبر مد حركات التمرد الإفريقية بالسلاح مقابل الماس في مناجم هذه الدولة الفقيرة ، ومع هذا لا يقاضي أحدا تجار الماس الصهاينة ويتهمهم بارتكاب جرائم حرب .
فـ (لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة) اتهمت إسرائيل عام 2009 رسميا بالتورّط في تصدير الماس بطريقة غير قانونية من إفريقيا وتحدث تقرير صادر عن اللجنة عن علاقة مباشرة لإسرائيل بتجارة الماس الدموي في دول إفريقية عديدة، بينها ساحل العاج وسيراليون .
وقد نشرت أرقام وحقائق خطيرة حول هذا في دوريات أجنبية وإسرائيلية ومنظمات عربية في الأمم المتحدة تؤكد بالتفصيل دور مليونيرات الماس الصهاينة ، الذين هم أصلا جنرالات في الجيش الإسرائيلي وتجار سلاح ، في تمويل عشرات المستوطنات العربية وتهويد القدس .. ومع هذا يرتع هؤلاء الصهاينة بماسهم الملطخ بالدماء وعار تهويد القدس في العديد من عواصم المال العربية بدعوي أنهم رجال أعمال ، ويشاركون في معارض الماس في دبي وغيرها .
وقد أطلقت الأمم المتحدة علي هذه التجارة الصهيونية الخبيثة أسم ( تجارة الماس الدموي ) ، أي التجارة المتعلقة بتمويل الحكومات الإفريقية بالسلاح لقمع شعوبها وسفك دماء شعوبها مقابل الحصول علي الماس خصوصا في سيراليون والكونغو وأنغولا وإفريقيا الوسطي .
وبسبب هذه السرقات الصهيونية للماس الإفريقي وتمركز كبار التجار اليهود الأوروبيين في الدولة الصهيونية وانتعاش صناعة ثقل وتصنيع الماس ، تحولت الدولة الصهيونية إلي أسم عالمي في تجارة الماس ، ووفقا لموقع وزارة الخارجية الإسرائيلية علي الانترنت بلغ مجموع الصادرات من الألماس الإسرائيلي عام 2006 إلي 13 مليار دولار، وكانت الولايات المتحدة أكبر مستورديها (63%)، تلتها هونج كونج (14%) فسويسرا (11% ) .
ولكن انخفضت صادرات الألماس المصقول الإسرائيلي إلى 7.2 مليار دولار في عام 2011 ، ثم 5.56 مليار دولار عام 2012 .
وتقوم إسرائيل حاليا بإنتاج معظم الماس الصغير المصقول والمستخدم في ترصيع الجواهر في العالم، كما أنها مسئولة عن صقل 40% من الماس من جميع الأشكال والأحجام ، ما يجعلها أهم مركز عالمي لصقل الألماس من حيث الإنتاج والتسويق على حد سواء .
والدول التي تسعي إسرائيل لسرقة الماس منها خصوصا هي : (ليبريا) : التي وقع المعهد الإسرائيلي للماس في نوفمبر 2007 على اتفاق معها بإرسال خبرائه لمساعدته على البحث عن الماس ، و(ساحل العاج) : حيث تورطت إسرائيل فيما يسمي ( تجارة الماس الدموي ) في ساحل العاج ، بخلاف 7 دول إفريقية يوجد بها الماس هي : ليبريا وساحل العاج وغينيا وزائير وسيراليون وإفريقيا الوسطى وتنزانيا / وأيضا جنوب السودان حيث المعادن الكثيفة وجنوب دارفور وهو الجديد بعد انفصال الجنوب .
وبرغم أنه تم الكشف عن هذه العلاقة القذرة بين شركات السلاح الصهيونية وتجارة الماس الدامية ، فلم يتم حتى الان الكشف عن تفاصيل علاقة أخري أكثر خطورة بين هذه التجارة القذرة وسرقة الماس الإفريقي عبر شركات السلاح الإسرائيلية وجنرالات الحرب والموساد الصهاينة من جهة ، وتمويل عمليات الاستيطان الصهيونية في القدس والأراضي المحتلة .
فالعلاقة ليست قاصرة علي طرفين (الماس مقابل السلاح الإسرائيلي) ، وإنما هناك مثلث له ثلاثة أضلاع ( الماس + الجيش الصهيوني وضباط الموساد + الاستيطان) يربط بين النشاط الصهيوني لتجارة الماس والسلاح في إفريقيا من جهة بضباط الجيش الصهيوني من جهة ثانية ، ثم الاستيطان من جهة ثالثة .
وخير مثال علي هذا هو الصهيوني ليف ليفايف ، فهو ملياردير إسرائيلي من أصل روسي، يعد أحد أقطاب صناعة الألماس في العالم، والمصنف رقم 210 في قائمة أغنياء العالم، وكان ضابطا سابقا في الجيش الإسرائيلي يعمل في إفريقيا ، وفي الوقت نفسه هو الممول الرئيسي للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة .