إعداد/ حسناء تمام كمال
باحثة في دراسات السلام والصراع
مقدمة:
في العديد من الأزمات التاريخية، استفادت دُوَلٌ من الأزمات التي تواجهها، أو تُوجد في محيطها الإقليمي؛ لتعزيز دَوْرها ودعم صعودها، فهناك دُوَلٌ تتعامل مع الأزمات باعتبارها مصنعًا للثروات، وأحد الدروس المكررة في تاريخ الأزمات أنه بمَوْلد الأزمات تُولَد الفرص.
وتُعدّ منطقة القرن الإفريقي منطقة أمن إقليميّ وقارّي وعالميّ؛ نظرًا لما تمتلكه من مقومات جيوسياسية، لذا يُعتبر الحفاظ على أمنها الداخلي أو الخارجي قضية تمسّ أمن مناطق عدة. ويشهد القرن الإفريقي حالة من التغييرات والديناميكيات البينية، التي تقتضي دراستها، وفهم أبعادها لإدراك حدود تأثيرها.
في هذا الصدد، وفي ظل الملفَّات المتأزِّمة في القرن الإفريقي، وبملاحظة الأدوار المختلفة التي تقوم بها الأطراف الفاعلة في الصراعات والأزمات القائمة في القرن؛ نجد أنه بالرغم من أن إريتريا واحدة من دول القرن الإفريقي، والتي يرتبط استقرارها باستقرار جاراتها في القرن الإفريقي؛ إلا أن تدخُّلها في أزمات جاراتها كانت له عدة أبعاد. إذ نلاحظ صعودًا تدريجيًّا، وبخطواتٍ واسعةٍ، وفي اتجاهاتٍ متنوعةٍ للدَّوْر الإريتري في عددٍ من أزمات القرن الإفريقي.
وفي هذه الورقة، نحاول تتبُّع هذا الدَّوْر، وتبيُّن سماته، ومُحدِّدات بزوغه، ودوافعه، ومستقبله.
أولًا: المحددات التاريخية لعلاقة إريتريا بجاراتها في القرن الإفريقي
عند النظر للدور الإريتري في أزمات القرن الإفريقي؛ فإن هناك عدة اعتبارات يجب أن تُؤخَذ في الاعتبار متعلقة بالمحطات التاريخية المُهمَّة التي تقف في خلفية هذا الدور؛ أبرز هذه المحطات سياسية، وكلها مرتبطة بعلاقاتها مع دول القرن الإفريقي؛ أهمها ما يلي:
-خاضت إريتريا حربًا لمدة 30 عامًا مع القوات الإثيوبية منذ عام 1961م، وحتى استطاعت نَيْل استقلالها في عام 1993م، وهي حرب خاضتها جبهة تحرير إريتريا ضد كلّ من جبهة التحرير الشعبية وجبهة تحرير تيجراي بإثيوبيا، ونجحت في حَسْمها لصالحها. ومِن ثَم يمكن القول: إن إريتريا منذ عام 1961م مرَّت بمرحلتين لا ثالث لهما؛ الأولى هي الحرب الأهلية، والثانية هي حكم أسياس أفورقي.([1])
-ظلت العلاقات الإريترية الإثيوبية منقطعة حتى عام 2018م حتى انتهى الأمر بتوقيع اتفاق سلام بين الطرفين، هذا الاتفاق تضمَّن بنودًا لحل الخلاف الحدودي بين الطرفين، وفتح الموانئ، وعودة العلاقات الدبلوماسية. وهذا الاتفاق الذي وُقِّع بين آبي أحمد المنسوب لقبيلة الأمهرة في إثيوبيا، وبين أسياس أفورقي، سمح في وقت لاحق بالتعاون بين الطرفين في الحرب الإثيوبية ضد تيجراي، مستندًا إلى العداء المشترك الذي يوحّد بين كلّ من آبي أحمد وأسياس أفورقي تجاه التيجراي.
-أما علاقة إريتريا مع السودان فكانت متوترة منذ استقلال إريتريا عام 1993م وتولي أسياس أفورقي، حتى عام 2019م ورحيل عمر البشير من سُدَّة الحكم، والذي حدث على خلفية توترات حدودية واتهامات متبادلة بزعزعة الاستقرار
-.وعلاقة إريتريا مع جيبوتي لا تختلف كثيرًا عن باقي دول القرن الإفريقي؛ إذ شهد البلدان حالةً من النزاع الحدودي الذي اندلع في عام 2008م على امتداد منطقة دميرة، واتهمت جيبوتي أسمرة بإرسال قوات عبر الحدود. والدولتان على خلاف منذ ذلك الحين حتى عام 2018م حيث اتفقت الدولتان على تطبيع العلاقات مع بعضها البعض([2]).
ومن ثم فيمكن القول: إن العلاقات الإريترية مع جيرانها شهدت انفراجة في عام 2018م، بعد عقود من التأزم، وذلك بعد توقيع اتفاق سلام أنهى حرب إريتريا مع إثيوبيا. وهذا في حدّ ذاته دلالة اختيار عام 2018م نقطة بدء هذه الدراسة.
ثانيًا: طبيعة الدور الإريتري في القرن الإفريقية “براجماتية مغلَّفة بالكونفدرالية”
منذ عام 2018م، وبالرغم من حالة الانفتاح الجديد التي يشهدها القرن الإفريقي؛ إلا أنه شهد عدة أزمات سياسية وأمنية كانت محور التفاعل بين دول القرن.
وفي ظل الانفتاح وبالنظر إلى العلاقات البيْنية بين دول القرن الإفريقي، نجد انخراطًا أوسع للجانب الإريتري في هذه الأزمات لذا؛ نحاول تتبُّع دَورها في أبرز الأزمات التي شهدتها المنطقة منذ عام 2018م. وأبرز هذه الملفات هي (موقفها من اندلاع حرب التيجراي وتسويتها، موقفها من التحول الديمقراطي في الصومال والتعاون العسكري، دورها في التحول الديموقراطي في السودان).
أ- علاقاتها مع إثيوبيا ودورها في حرب التيجراي.. كيف أُديرت حرب التيجراي؟
حالة التقارُب والسعي إلى التفاهُم بين إثيوبيا وإريتريا حديثةٌ نسبيًّا، برزت عام 2018م، حين وقَّع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، اتفاق سلام مع نظيره الإريتري، أسياس أفورقي، ونال رئيس وزراء إثيوبيا الجديد، على أثر ذلك، جائزة «نوبل» للسلام. كُلِّل هذا الاتفاق بتوقيع الاتفاق الثلاثي، بين «فرماجو، وآبي أحمد، وأفورقي»، والذي يقضي بتقليل دعم الحركات المسلَّحة في الصومال، وتبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية؛ ما منح الرئيس أسياس أفورقي مَوْطِئَ قَدَم في البلديْنِ.
ففي نوفمبر 2020م أفادت تقارير عن وجود قوات من إريتريا في الحرب ضد تيجراي، كما اتّهمت منظمة العفو الدولية قوات إريترية بقتل “مئات المدنيين” في بلدة أكسوم في نوفمبر من العام ذاته([3])، وهو ما نفاه الجانبان الإثيوبي والإريتري. وفي مارس 2021م أعلن آبي أحمد أنّ القوات الإريترية دخلت تيجراي، ثم أعلن مغادرتها([4]). وفي أغسطس 2022م نسب المتحدّث باسم سلطات إقليم تيجراي، غيتاتشو رضا، لإريتريا مسؤولية هجوم واسع النطاق على طول الحدود مع شمال إثيوبيا، وهو ما مثَّل تصعيدًا لتجدُّد القتال.([5])
في مارس 2022م، توصَّلت الحكومة الإثيوبية “لهدنة إنسانية مفتوحة” لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى تيجراي؛ حيث يواجه الآلاف خطر المجاعة، وبناءً عليه قام التيجراي بوقف الأعمال العدائية. واستمرت تلك الهدنة خمسة أشهر، لكنها خُرِقَت في أغسطس.([6])
تكرَّرت الاتهامات في سبتمبر 2022م حين وجَّه التيجراي اتهامات لإريتريا؛ فبحسب المتحدث باسم سلطات إقليم تيجراي، غيتاتشو رضا، فإن إريتريا شنَّت هجومًا واسع النطاق على طول الحدود مع شمال إثيوبيا([7]). وبحسبه فإن الإريتريين يقاتلون إلى جانب القوات الفيدرالية الإثيوبية، ومن بينها وحدات كوماندوز ومليشيات متحالفة معها. وإنها تنشر جيشها بالكامل وجنود الاحتياط في جبهة القتال. وفي مطلع سبتمبر 2022م قالت الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي: إن المدفعية الإريترية بدأت القصف بوابل من القذائف، بالتزامن مع هجوم برّي عبر الحدود. وهو ما نفته القوات الإثيوبية. لقد وُجِّهت عدة اتهامات لإريتريا بأنها المُتسبِّب الرئيس في إفشال الهدنة، وفشلها في تحييد عدائها للتيجراي.([8])
ومن هنا بدأ الحديث عن تباين في الرُّؤى بين آبي أحمد وأسياس أفورقي، إذ بدا الأول أكثر ميلاً للتهدئة بدعوته للتفاوض لاحقًا، بعكس الأخير الذي لم يستطع فَصْل عدائه مع التيجراي. ومما دعم هذه الفرضية غياب المخابرات الإريترية عن اجتماع أجهزة استخبارات دُوَل القرن الإفريقي، الذي عُقِدَ في ١٧ و١٨ أبريل من العام الماضي 2022م، بـ«أديس أبابا»، وبحث عددًا من الملفات الأمنية للمنطقة، التي تشهد حالةً من عدم الاستقرار. في حين حضرت جيبوتي، جنوب السودان، الصومال، السودان، تنزانيا، أوغندا، وإثيوبيا.
ومع الحديث عن المفاوضات في سبتمبر 2022م، وبحسب تقارير فالتيجراي طالبت بسحب القوات الإريترية بالكامل كشرطٍ للتوافق مع العاصمة أديس أبابا، في حين دعا مبعوث الاتحاد الإفريقي للسلام في إثيوبيا أوباسانجو إلى أن تكون إريتريا مُشارِكَة في مفاوضات حلّ الصراع.([9])
وفي نوفمبر 2022م وُقِّع اتفاق سلام بين آبي أحمد وجبهة تحرير تيجراي، وبالرغم أن إريتريا لم تُذْكَر بالاسم في الاتفاقية، لكنْ ورَد نصّ يتضمَّن بندًا لإنهاء “التواطؤ مع أيّ قوة خارجية معادية لأيٍّ من الطرفين”، وهو ما يمكن أن يُشير على الأغلب إلى إريتريا، لكن التزمت إريتريا الصمت ولم تُعقِّب على اتفاقية السلام تلك.
الاتفاقية لم تكن حدثًا إيجابيًّا بالنسبة لإريتريا لأنه لم يشملها، وهي قادرة على إفساده وإشعال الصراع الذي يرتبط بالأساس بمعاداتها للتيجراي، أكثر من كونها داعمًا لموقف إثيوبيا في حربها مع التيجراي، هذا لا شك قد يَخْلُق توترًا بين إريتريا وإثيوبيا، ويدفع الأولى للبحث عن شركاء جدد في الداخل الإثيوبي غير الحكومة، وهو ما لا ترضاه الأخيرة.
يمكن القول: إن العلاقة بين إثيوبيا وإريتريا كانت مرتكزةً على العداء المشترك بين الطرفين تجاه التيجراي، وإن هناك علاقة طردية بين الاتفاق على استمرار العداء المشترك تجاه التيجراي واستمرار التوافق بين الطرفين، والعكس بالعكس. لذا نلاحظ وجود تقارب وتوافق شديد بين الطرفين منذ عام 2018م وفي أوج القتال مع التيجراي، في حين تراجَع هذا التوافق بعدما قرَّر آبي أحمد وقف هذا العداء، ويبدو أن سياسة العداء المشترك لم تكن ذات أثر مستدام لصالح إريتريا، وتكاد تنحسم مباراتها مع إثيوبيا لصالح إثيوبيا.
ب- علاقتها مع الصومال وملف الجنود الصوماليين “من فرصة لأزمة”:
في يوليو 2018م جاءت أول زيارة من رئيس صومالي لإريتريا منذ عام 1993م([10])، وذلك حين زار الرئيس الصومالي السابق عبد الله فرماجو العاصمة الإريترية أسمرة، في زيارة أتت مع حالة الانفراج في العلاقات الإثيوبية، وأسفرت الزيارة عن توقيع اتفاق إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بين الطرفين، الأمر الذي عُدَّ تشكيلاً لمرحلة جديدة من التقارب بين الطرفين.([11])
تلا هذا الانفتاح توقيع اتفاق ثلاثي مع كلٍّ من إريتريا وإثيوبيا، وهو المحطة الأهم في التعاون بين الأطراف، تبلورت ملامح هذا التحالف مع اللقاء الثلاثي الذي جمع الرؤساء الثلاثة في سبتمبر 2018م، وتم فيه توقيع اتفاق تضمنت بنوده: تُعزِّز الدول الثلاث التعاون الشامل الذي يخدم أهداف شعوبها. تقوم الدول الثلاث ببناء علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية وثيقة. تنسّق الدول الثلاث عملها على تعزيز السلام والأمن الإقليميين. وتنشئ الحكومات الثلاث لجنة مشتركة رفيعة المستوى لتنسيق جهودها في إطار هذا الإعلان المشترك. الإعلان الذي كان مصحوبًا بتطلعات إيجابية على المناحي السياسية والاقتصادية والأمنية([12]).
وكذلك شهد عام 2019م، زيارات متبادلة بين الطرفين على مستوى القادة وكبار المسؤولين والتي كان غرضها تعزيز العلاقات بين الطرفين، كان أبرزها زيارة فرماجو الثانية لإريتريا في سبتمبر 2019م([13])، وكان قبلها استقبل رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو، وزير خارجية إريتريا عثمان صالح، في القصر الجمهوري بالعاصمة مقديشو. لبحث قضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز علاقات البلدين الأمنية والاقتصادية والثقافية، بحضور مسؤولين آخرين من الجانبين([14]). وفي يناير 2020 استقبل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في مطار أسمرا رئيس الجمهورية الصومال الفيدرالية محمد عبدالله فرماجو والوفد المرافق في زيارةٍ قيل: إن هدفها توطيد العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين([15]).
وفي مطلع 2020م عُقِدَت قمة ثلاثية في العاصمة الإريترية أسمرا؛ وذلك بهدف بحث التعاون والتكامل بين دول القرن الإفريقي، وتعزيز السلام والاستقرار في هذه المنطقة([16]). وفي أكتوبر زار الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو العاصمة الإريترية أسمرا قادمًا من مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، وذلك عقب مشاركته في حفل التوقيع على اتفاقية السلام بين أطراف النزاع بجنوب السودان.([17])
ومنذ اندلاع حرب تيجراي، والتي تزامنت مع انشغال صومالي بإجراء انتخابات في الداخل وتطلعات للتمديد مِن قِبَل فرماجو في ظل الانتخابات الرئاسية الصومالية؛ شهد الطرفان حالةً من الانشغال عن بعضهما، استمر هذا الانشغال حتى تولي حسن شيخ محمود رئيسًا للصومال خلفًا لفرماجو.
بعد أن انتخب رئيس الصومال الجديد، حسن شيخ محمود، كانت إريتريا أول دول الجوار التي زارها الرئيس الجديد، في زيارةٍ، استمرت أربعة أيام، أسفرت عن توقيع الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ونظيره الإريتري، أسياس أفورقي، اتفاقية شاملة للتعاون، لتحقيق التكامُل في منطقة القرن الإفريقي، والتي شملت تعزيز العلاقات الأخوية، مع التركيز بشكلٍ خاصٍ، على مجالات «التجارة، والاستثمار، والأمن المائي، والزراعة، والثروة السمكية، والصحة، والتعليم»، وتضمَّنت الاتفاقية، تعزيز التعاون «الدفاعي، والأمني»؛ للحفاظ على «السلام، والاستقرار»، والعمل معًا؛ لـ«تحسين العلاقات، والتعاون، والانفتاح الاقتصادي»، في القرن الإفريقي.
في يوليو 2022م تم تشكيل محاور العلاقات الإريترية الإثيوبية؛ إذ وقَّع كلٌّ من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والرئيس الإريتري أسياس أفورقي في أسمرة، مذكرة تفاهم جديدة نصَّت أهم بنودها على تعزيز التعاون الدبلوماسي والسياسي، والتكامل الاقتصادي، وتمتين العلاقات التاريخية بين الدولتين، إلى جانب التعاون الدفاعي والأمني حفاظًا على أمن واستقرار المنطقة.
وتأتي هذه المذكرة تتمةً لزيارة أجراها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أسمرة امتدت لأربعة أيام؛ تلبية لدعوة رسمية من نظيره الإريتري، جرى خلالها تفقُّد وحدات الجيش الصومالي التي تُدرّبها إريتريا منذ عام، وبالرغم أن هذا التفقد بدا خطوة إيجابية، لكن لم يتم الإعلان عن آلية وإجراءات عودة الجنود(([18].
ورغم هذا الزيارة المتبادلة والتعاون الظاهر بين الطرفين، والذي تم فيه تنسيق ومحاولة لتقريب مجالات التعاون وتعددها بين الطرفين؛ إلا أنه لا تزال هناك ملفات عالقة أسفر عنها توتر كامن بين الطرفين، أهمها ملف الجنود الصومالين الذين أُرسلوا للتدريب في إريتريا، وهناك مساعٍ لتنسيق عودة الجنود الصوماليين من إريتريا، بعد تصاعُد احتجاج أهالي الجنود في «مقديشو»، ومطالبتهم بالكشف عن مصير أبنائهم، وتكررت مطالب الرئيس الصومالي بإعادة الجنود، غير أن إريتريا لم تستجب بدعوى انتظار تهيؤ الأمور، ولعل توجُّه الصومال لطلب المساعدة الأمريكية في هذا الملف هو دلالة تعثر محاولات أخرى في الملف. ومِن ثَم مقترح التدريب التي تم النص عليها في مذكرة في يوليو 2018م، لم تُؤتِ ثمارها، بل تحولت لأزمة بعد ذلك، ولهذا دلالة على شهادة إدارة ملفات التعاون بين الطرفين خصوصًا من الجانب الإريتري، وهذا بحد ذاته تحدٍّ كبير.
بالأخير يمكن القول: إن العلاقات الإريترية الصومالية في عهد فرماجو أتت أكثر توافقًا منها في فترة خلفه حسن شيخ محمود، وذلك بالتزامن مع بداية الانفتاح الذي شهدته العلاقات مع الأول والتوافق الفكري والانفتاح الذي روّج له بتطلعه للتكامل مع القرن الإفريقي، وإن العلاقات في فترة فرماجو، كانت تُؤسّس لشكل العلاقات وتُرسي ملفات وطوابع التعامل، في حين أن الثاني كان في وقت تقييم جدوى هذا التعاون والذي أدَّى بدوره إلى اختلاف حول عدد من الملفات، بجانب اختلاف الرُّؤَى؛ إذ يُفضّل الأخير عدم الانخراط في ملفات دول الجوار.([19])
ج- السودان وإريتريا.. كيف تتقاطع المصالح في شرق السودان؟
أما العلاقات مع السودان فهي أحدث نسبيًّا، مرتبطة بالثورة السودانية، والتي سمحت لإريتريا بفتح صفحة جديدة مع الجانب السوداني، وذلك بعد عقود التوتر التي شهدتها العلاقة في ظل فترة البشير.
وفي سبتمبر 2019م، أجرى الرئيس الإريتري أول زيارة للسودان، وفي يونيو 2021م تبادل الطرفان الزيارات على مستوى القادة، ومعها بدأ تنفيذ بعض بنود التعاون، بدأت بفتح الحدود بينهما، وتسهيل الحركة الطبيعية للمواطنين، عقب إغلاقها مِن قِبَل نظام الرئيس المعزول عمر البشير لعام ونصف([20]).
حاول بعدها الرئيس الإريتري الدخول على خط الأزمات السودانية، وكان أولها التقدم بمبادرة لحل أزمة سد النهضة، والتي عرض خلالها أن يكون وسيطًا إفريقيًّا بين السودان إثيوبيا، لكنَّ خطوات فعالة لم تُؤخَذ في هذا الصدد.([21])
كما بقيت العديد من الملفات المرتبطة عالقة دون حل، وتشمل تلك الملفات الوضع في المثلث الحدودي المتاخم لإقليم تيجراي الإثيوبي والخلافات المتفاقمة بين السودان وإثيوبيا حول ملفي الحدود وسد النهضة.
هذا إلى جانب المخاوف المتعلقة بأنشطة محتملة لجماعات إرهابية مناوئة لنظام أفورقي والوضع الأمني في منطقة القرن الإفريقي على ضوء نشاط حركة الشباب في الصومال، بجانب استمرار أزمة الملف الحدودي، المتمثلة في المثلث الحدودي الرابط بين السودان وإثيوبيا وإريتريا الذي شكَّل هاجسًا أمنيًّا كبيرًا للسودان.
أما الدور الأبرز الذي حاول أفورقي لَعِبه فهو التدخل بالوساطة على خط الأزمة السودانية، وطرحت إريتريا في أبريل 2022م خلال زيارة الخرطوم، مبادرة لمعالجة الأزمة وتقريب وجهات النظر بين جميع أطراف الصراع، وجددت عرضها في رسالة خطية من الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي تؤكد اهتمام الأخير البالغ بتطورات الأوضاع في السودان، وضرورة توحيد الجهود والعمل الجاد للوصول إلى رؤية موحدة تضمن الخروج الآمن من الأزمة، لكنَّ ردًّا بالقبول لم يحدث من جانب السودان، ويمكن القول: إن محاولات حثيثة من جانب أفورقي كانت تجري من أجل تحسين علاقاته من السودان، تزامن ذلك مع توتر مع الجانب الإثيوبي.
وفي تحرُّكٍ آخر مُتصلٍ بالسياق ذاته، قدَّم الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، للأطراف والجهات من الإدارة الأهلية، في شرق السودان، دعوةً إلى جانب شخصيات سياسية من الشرق؛ لزيارة العاصمة الإريترية «أسمرة»؛ بهدف عقْد مؤتمر؛ لحل مشكلة شرق السودان، وهذه الدعوة بدت غريبة؛ لأنها وُجِّهت في البداية – فقط- للقبائل؛ ما أدَّى إلى استياء أعضاء المجلس السيادي العسكري، وتداولت معلومات، بمنْع عبور الوفد إلى إريتريا؛ ربما لعدم وجود تنسيق بين السلطات في ولاية «كسلا»، والسلطات المركزية في «الخرطوم».
هذا التدخل قد تجعله دولة إريتريا ذريعةً؛ من أجل تبرير اهتمامها بشأن الأوضاع الأمنية في شرق السودان؛ فشرق السودان منطقة جيوسياسية، وتتداخل فيه الحدود الدولية للسودان، ومن ثم فالتدخُّل في شرق السودان، يجعل له عِدَّة أبعادٍ أكثر من كوْنها وساطةً للتسوية، انعكست في وقت سابق في شكل استقطاب قبلي، والتي نتج عنها توتر أفضى للتصادم بين المكونات القبلية بالإقليم الشرقي.
وهذا التَّحرُّك يمكن تفسيره بأنه بسبب عدم استجابة مجلس السيادة، أو ربما لإدراك إريتريا لتراجع شعبية المجلس السيادي، ومِن ثَم فإنها تحاول العمل على كسب وجذب أطراف أخرى في الداخل السوداني، ضمانًا لمصالحها في السودان، بغض النظر عن مع أيّ طرف ستتحالف.
ثالثًا: مُقوِّمات إريتريا السياسية
وهنا يمكن النظر إلى المميزات، التي قد تُمكِّن إريتريا من لعب دوْرٍ فاعلٍ، من الناحية الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وتعتبر إريتريا ذات مقومات اقتصادية وعسكرية متواضعة، لكن تحاول تحسينها فيؤكد البنك الدولي، أن اقتصاد إريتريا تعافى من صدمات متعددة؛ لينمو بنسبة 2.9٪ في عام 2021، كما انخفض التضخم إلى 4.5٪ في عام 2021م من 4.8٪ في عام 2020م، كما انخفضت نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في إريتريا بمقدار 9.1 نقطة مئوية إلى 175.6٪ في عام 2021م، مقارنةً بعام 2020م.([22])
عسكريًّا وبالنظر إلى مؤشر قياس القوة العسكرية، والذي يقيس القوة العسكرية لـ142 دولة لعام 2022م، صُنِّفت أهم دول القرن الإفريقي، كالآتي: تم تصنيف إثيوبيا في المرتبة «65 من 142»، وصُنِّفت إريتريا في المرتبة «124 من 142»، فيما احتلَّت الصومال المرتبة «139 من 142»، وأتت السودان في المرتبة 72.([23]) وبالرغم من أن عدد السكان القليل نسبيًّا في إريتريا -حوالي 6 ملايين شخص- إلا أنها تملك جيشًا ضخمًا، يزيد عن 200 ألف جندي، وتشهد توسُّعًا في إلحاق المواطنين بالخدمات الإلزامية، وبالتالي، فهي قوة عسكرية بمُقوِّمات متوسطة.([24])
أما من الناحية السياسة فيمكن الإشارة إلى ما يأتي:
تماسُك «أفورقي» وبقاؤه على سُدَّة الحكم طويلًا: في عام 1991م، كان «أفورقي» أول رئيس للحكومة المؤقتة، الموكل إليها، تجهيز البلاد للانتخابات، بإعلانه رئيسًا للبلاد، عام 1993م، ومن حينها وهو يشغل المنصب ذاته رئيسًا لإريتريا، أيْ أنه يحكم إريتريا منذ ثلاثة عقود، تعامل خلالها مع تحدياتٍ عدَّة، منها، «حركات النضال المسلح، ومعارضة سياسية، وتحديات دولية»، وانتهى الأمر، بإحكام سيطرته السياسية على إريتريا، دون مُنافِس، هذا الصمود أدَّى إلى خَلْق ثقةٍ في قدرته السياسية، على الصمود في سُدَّة الحكم، وربما يكون ذلك مدخلًا لنقل خبراته لدول الجوار المتأزِّمة.
بوابةٌ جديدةٌ لتعاوُن القوى الدولية: مؤخرًا، أجرت الصين زيارةً إلى «أسمرة»، في جولةٍ لثلاث دول إفريقية، هي «إريتريا، وكينيا، وجزر القمر»، وتُعدُّ زيارة وزير الخارجية الصيني لإفريقيا، بداية كل عام، هي عبارة عن تقليد دبلوماسيّ، واظبت عليه الصين منذ ثلاثة عقود.
أما من جهة روسيا؛ فقد عارضت إريتريا مشروع قرارٍ، يطالب روسيا، «بوقف الحرب فوْرًا في أوكرانيا، وسحب قواتها العسكرية»، خلال جلسة طارئة، انعقدت في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ ما طرح تساؤلات عن الأسباب التي جعلت الدولة الإفريقية تنحاز للطرف الروسي.
وبالرغم من حالة عدم الانسجام بين إريتريا والولايات المتحدة، لكن الأولى نجحت في كسب ثقة فاعلين دوليين آخرين. وقد فرضت أمريكا عقوبات على الحزب الحاكم في إريتريا، والشركات التي يعتمد عليها الحزب في التعاملات «التجارية، والأمنية»، إلى جانب قيادييْن بارزيْن؛ لمسؤولية هذه الأطراف، عن ارتكاب «مجازر، وأعمال نهْب، واعتداءات جنسية» في الإقليم. ويبدو أن الولايات المتحدة فطنت لهذا الدور الإريتري الطامح؛ لذلك لا يُسْتَبْعَدُ صحة ما تداولته وسائل الإعلام، بأن وزيرة الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية، مولي في، أبلغت «الخرطوم» خلال زيارتها الأخيرة، في يونيو، رفضها جهود إريتريا المستقلة لحل الأزمة بين الفرقاء السودانيين، وعدم دعمها لأيّ اجتماعات منفصلة، قد تُعْقدُ مستقبلًا في «أسمرة»؛ لحل الأزمة السودانية([25]).
الاستفادة من توجُّه حلّ المشكلات الإفريقية برؤيةٍ إفريقية: شهدت العشر سنوات الأخيرة، تراجُعًا في أدوار القوى الدولية، مع تعالِي النداءات، بحلّ المشكلات الإفريقية، مِن قِبَل الأفارقة أنفسهم، ومن هنا، شهدنا تعاظُمًا لدَوْر المنظمة الإفريقية، وكذلك الفاعلين الأفارقة، ومنها، تسليط الضوء على المساحات الممكنة لِلَعب دوْر، وربما هذا ما تريد إريتريا توظيفه لصالح تقوية نفوذها.
قوة متوسطة صاعدة: هذه الدولة ذات القوة المتوسطة، هي دولٌ بالرغم من أنها ليست قوةً كُبْرى، لكنها تتمتع بتأثيرٍ كبيرٍ أو لا بأس به، بجانب أن الموقع الجغرافي لهذه الدولة، يُكْسِبُها مساحةً أوسع؛ لتعزيز دوْرها خصوصًا في ظل تعدد الأزمات.
رابعًا: هل كان الدور الإريتري فعالًا، قادرًا على حسم تنافسات القرن الإفريقي لصالحه
باستقراء هذه الفترة نجد أن إريتريا أصبحت تلعب دورًا ملحوظًا في أزمات القرن الإفريقي، وتحاول أن تُقدِّم نفسها، باعتبارها صديقةً لدول القرن وجامِعةً لشملها، وكسْب ميزة الانفتاح النسبي بين دول القرن الإفريقي، الذي نتج عن معاهدة السلام الموقعة مع الجانب الإثيوبي عام 2018م، العمل تحت مظلة التكامل في القرن الإفريقي الساعي نحو الكونفدرالية.([26])
وما تصبو إريتريا إليه، هو أن تقدم نفسها كحلقة وصْل بين دول القرن الإفريقي من ناحيةٍ، وأنها فاعل يحظى بقبولٍ من جهةٍ أُخرى، ولكن يبدو ضمان هذا التطلُّع الأخير، مازال محل اختبار، في ظل تعدُّد الفاعلين في المنطقة، وتعدُّد الصداقات. فالدور الذي تتطلع إليه، لا يَلْقَى توافقًا بين كافة القوى الإقليمية، وأحيانًا يشتبك مع الفاعلين في هذه الصراعات، كما حدث في السودان، وفي أغلب الأوقات يلقى هذا الدور تعارُضًا مع أدوارٍ أُخرى تتطلع للاستفادة من الأزمات ذاتها.
ويتوقع أن تستمر إريتريا في تعزيز علاقتها مع الفاعلين الدوليين، ذوي المصالح في المنطقة، وعلى رأسها، «روسيا، والصين»، في مقابل توتُّرٍ للعلاقات مع الولايات المتحدة، أمَّا علاقتها مع الدول العربية، فتبقى موضع اختبار، وإن كان يتوقع أن لا تسير العلاقات على وتيرةٍ واحدةٍ. وربما تكون بوابةً خلفيةً لأدوار القوى الدولية، ولها دور أوسع في القرن الإفريقي.
يمكن القول: إن الدور الإريتري في أزماته مع دول الجوار مرَّ بثلاث مراحل منذ عام 2018م، الأولى من 2018م لـ 2020م، وهي مرحلة الانفتاح والترحيب، والثانية من 2020 لـ 2022م، هي مرحلة التدخل والانخراط في الأزمات والثالثة هي من بعد توقيع اتفاق بريتوريا، وتولي حسن شيخ محمود، وهي مرحلة تراجع نسبي في الرؤى.
وخلال المراحل الثلاث تكشفت محاولات إريتريا الانخراط في كافة الأزمات، في منطقة القرن، وسعت لأن يكون هذا التدخل مُسْتَدَامًا، من خلال ربْطه بملفات طويلة الأَمَد ومعقدة، لكن خطوات التدخل تلك، يبدو أنها غير محسوبة، وغير مُنسَّقة؛ ما يجعل من استقبال هذه المحاولات شكلًا يسيطر عليه الارتياب.
وبالنظر إلى محاولة تقييم نجاح تطلعات الدور الإريتري نجد بالرغم من حالات النشاط تلك؛ إلا أن نتائج ملموسة لقبول وساطة، أو قبول مبادرة لم يحدث، وذلك بالنظر للحالة السودانية والإثيوبية، والصومالية والسودانية، بل إن ملفات التعاون التي حظيت بها في المرحلة الأولى تحولت إلى ملفات متأزمة كفكرة التدريب التي تم النص عليها في مذكرة في يوليو 2018م، وأصبحت بعد ذلك ملف تأزم مع الصومال، وهذا دليل على تخبُّط الموقف الإريتري.
لا تتبنَّى حكومة إريتريا أيديولوجية بعينها، وهذا في حد ذاته دلالة على أمرين؛ الأول أن تحرُّكها، يتبنى فقط ما يحقّق مصلحته. الأمر الثاني أن سياسته يصعب التنبوء به. وإن كان كثيرًا ما يُوصَف نظام أسياس أفورقي بالشمولي، والنظام الشمولي دائمًا ما يبحث عن السيطرة على المجتمع.([27]) ومظلة الكونفدرالية أو السعي للتكامل في القرن الإفريقي، والذي يأخذهما أسياس أفورقي مُحرِّكًا لدوره، يتعارض مع أولويات دول الجوار حاليًا التي تريد أن تحل أزماتها وصراعتها الداخلية، ومنها ما يدعو إليه شيخ حسن، وأطلق عليه “سياسة المحاور” رافضًا توريط الصوماليين بحروب إقليمية في دول الجوار([28]). هو ما يجعل التحركات الواسعة التي اتخذها أفورقي من 2018م، لم تُحسَم لصالحه، فمازالت إثيوبيا الفاعل الأكثر تأثيرًا في توافق دول القرن، والدليل أن حالة الانفتاح تبعت السلام الإريتري الإثيوبي.. وأن قضية حرب التيجراي كانت الأكثر تأثيرًا في تحول الموقف الإريتري.
ولكي تنجح المساعي الإريترية، تتطلب أن يكون هناك عدة عوامل؛ أهمها: وجود توافُق بين أطراف الأزمة، تحاول الدخول على خطها، وأن يكون هذا التدخل مُنسّقًا، خصوصًا مع حكومات دول الجوار في إريتريا، وأن يتطلب التدخل عدم الاشتباك مع مصالح وتطلعات المواطنين، خصوصًا بشكلٍ يؤدّي إلى خلْق احتقان تجاهها، أو يؤدي إلى زيادة تنافُس الفاعلين الدوليين في القرن الإفريقي.
خامسًا: اتجاهات وسيناريوهات محتملة
وبناء على ما سبق طرحه، وفي ظل المتغيرات التي طرأت على معظم دول القرن الإفريقي يمكن القول بأن تحركات الاتجاه الإثيوبي، قد تسير في أحد السيناريوهات الآتية:
1- تحركات غير منسقة في الأزمات: ويتوقع هذا السيناريو أن يكون لإريتريا تدخلات مع أطراف غير حكومية فاعلة في أزمات القرن الإفريقي، وذلك في توجهها للاستفادة بنفوذ واسع في القرن الإفريقي، وإن كان ذلك قد يؤدي إلى خلق عداءات مع حكومة بعض الدول. هذا بدَوْره يزيد التوجُّس بشأن الموقف الإريتري، بالشكل الذي يؤدي إلى عزلته سياسيًّا مجددًا، وهذا السيناريو غير مستبعد.
2- تعديل أهداف سياستها الخارجية تجاه دول القرن الإفريقي: يتوقع هذا السيناريو أن حالة التغيرات التي طرأت على أزمات القرن الإفريقي، والتي غلب عليها التهدئة، واستبعادها من تسوية التيجراي، والضغط الصومالي في ملف الجنود، بجانب توقيع الاتفاق الإطاري في السودان، قد يدفعها إلى تعديل سياستها تجاه هذه الدول، وهذا سيناريو مرجَّح، في ظل البراجماتية الإريترية.
3- انسحاب صامت: وهذا السيناريو، يتوقع أن يشهد الدور الإريتري تراجُعًا في الفترة المقبلة، وتوقف عن التفاعل مع أزمات محيطها، وأن تكون مجهودات موجهة ناحية التفاعل مع القوى الدولية، لاعتبارات عدم الاستقرار في المشهد السياسي في دول القرن، لكنَّ هذا السيناريو مُسْتَبْعَدٌ.
خاتمة:
إن الدور الإريتري الذي انخرط بشكل واسع في أزمات دول القرن الإفريقي منذ عام 2018م، بالرغم من بساطة مقوماته الاقتصادية والعسكرية، حاول خَلْق مساحات لأدوار سياسية متنوعة، ليصبح لاعبًا صاعدًا في تفاعلات القرن الإفريقي، داعمًا أجندته وتطلعاته الخاصة، وبتتبُّع دَوْره في الأزمات المختلفة يمكن القول: إنه لعب دورًا غير حسَّاس، وغير منسَّق، بالشكل الذي حوَّل فُرَصه التي كانت قائمة في وقت ما إلى أزمات، قد تؤدي إلى ارتدادات عكسية لهذه التطلعات وتأخذ الجانب الإريتري إلى العزلة مرة أخرى، فالدور الفاعل لإريتريا يتطلب أن تقبلها أطرف الأزمات كوسيط، وأن يكون هذا التدخل مُنسّقًا، ومُراعيًا لمصالح حكومات الدول، بالشكل الذي لا يؤدي إلى خَلْق احتقان تجاهها.
[1] -The Ethiopian – Eritrean Border Conflict, IBRU Boundary and Security Bulletin Summer 1998 , Jean-Louis Péninou, https://is.gd/Ft0Yvd
[2]– جيبوتي وإريتريا تتفقان على تطبيع العلاقات المتوترة منذ عقد, Reuters , https://is.gd/d0zZHf
[3]– منظمة العفو الدولية تتهم القوات الإريترية، فرانس 24، https://is.gd/nFMe79
[4]– المحطات الرئيسية في الصراع الدائر بتيجراي، العربي الجديد،https://is.gd/jyS5jV
[5]– اتهامات لإرتيريا بشن هجوم على إقليم تيغراي الإثيوبي، العربي الجديد، https://is.gd/0Iux3E
[6] -Eritrea is involved in Tigray to boost its stature. Why the strategy could backfire,The Conversation, https://is.gd/jYKhX3
[7]– مرجع سابق.
[8] – مخاطر التمدد: حرب التيغراي الثانية.. ومأزق الوساطة غير المقبولة، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، https://is.gd/4WTvGO
[9]– حمدي عبد الرحمن، حرب “التيغراي” الثانية .. مفاوضات من وراء الستار ومخاوف من مذابح جديدة، هسبريس: https://is.gd/HfgYS9
[10]– زيارة الرئيس الصومالي الدلالات والأهداف، الصومال الجديد، https://is.gd/zLp4NR
-[11] الصومال وإريتريا تتفقان على إقامة علاقات دبلوماسية, SWI swissinfo.ch: https://is.gd/IYs0Fq
[12]– التحالف الثلاثي بين إثيوبيا وإريتريا والصومال.. الطموحات والنتائج، المعهد المصري للبحوث، https://is.gd/HB1kqm
-[13] الرئيس الصومالي يقوم بثاني زيارة له إلى إرتيريا، الصومال الجديد https://is.gd/NqlTRA
[14]– رئيس الصومال يستقبل وزير خارجية إريتريا في مقديشو، الأناضول، https://is.gd/cWOFBG
-[15]رئيس الصومالي محمد فرماجو يصل إلى العاصمة الإريترية أسمرا، مقديشيو برس https://is.gd/wMDo70
[16]– قمة ثلاثية بين إثيوبيا وإريتريا والصومال بأسمرا، العين الإخبارية، https://is.gd/SFwoei
[17]– الرئيس الصومالي يصل إلى إريتريا قادمًا من جنوب السودان، الصومال الجديد، https://is.gd/sqUkcE
[18]– مذكرة تفاهم صومالية إريترية، إعلان نوايا أم اتفاق قابل للتنفيذ، العربي الجديد،https://is.gd/hGMnLo
[19]– هل تعيد زيارة حسن شيخ محمود إلى إريتريا الجنود الصوماليين؟، اندبندت العربية، https://is.gd/AsA2A6
[20]– الرئيس الإريتري يصل السودان في ثاني زيارة منذ عزل البشير، العين الإخبارية، https://is.gd/T0O8QT.
[21]– الرئيس الإريتري يحمل مبادرة “الحل الأخير” للسودان بشأن سد النهضة، قناة الغد، https://is.gd/FrZY0F .
21 -Eritrea Economic Outlook, African Development Bank, , available onhttps://is.gd/xYetVT
[23]– 2022 Military Strength Ranking,GFP STRENGTHIN NUMBERS, https://is.gd/dcagK3 .
[24] -https://is.gd/dcagK3 Military Strength Ranking, GLOBAL FIREPOWER 2022, available on
[25]– انتخاب الولايات المتحدة وإريتريا عضوين في مجلس حقوق الإنسان الأممي، swissinfo، https://is.gd/L4Bbdm
[26] -Eritrea is involved in Tigray to boost its stature. Why the strategy could backfire,The Conversation, https://is.gd/jYKhX3
[27]– أيديولوجية أفورقي واستراتيجية واشنطن، أمال علي، عدوليس، https://is.gd/4wtjiH
[28]– مرجع سابق.