عبد الرحمن مصطفى باشا (*)
تتحرك الإمارات بشكل واسع في القرن الإفريقي، وتستخدم في ذلك أدواتها المتعددة لتحقيق مصالحها السياسية والدفاعية والاقتصادية، وكذلك لتثبت وجودها في محيطها الإقليمي الذي تعتبر فيه لاعبًا مهمًّا. وقد نجحت الإمارات في إثبات هذا الوجود.
واستخدمت في ذلك أهم ثلاث مهارات أساسية لديها؛ والمتمثلة في النفوذ الاقتصادي والعسكري والإنساني. إلا أنها حصلت كما يحصل أيّ لاعب كرة قدم على بطاقة صفراء، والتي تعني إنذارًا لما قد يهدِّد وجودها ويبدِّد مجهودها في تلك المنطقة الحيوية. وهو ما قد يؤدي لاحتمالية حصولها على البطاقة التالية، وهي الحمراء، أي -بلغة سياسية- يعني ذلك خروجها من المعادلة لصالح لاعبين إقليميين ودوليين آخرين.
تتحدث الدراسة عن أبعاد التحركات الإماراتية تجاه ثلاث دول مهمة في القرن الإفريقي، وهي: جيبوتي والصومال وإريتريا. وتوضّح الأدوات التي تستخدمها الإمارات لمد نفوذها لتلك المنطقة بهدف تحقيق مصالحها. وتنتقل للحديث عن تقييم عام لتلك التحركات، ورؤية لمستقبلها.
المطلب الأول: الآليَّات الإماراتيَّة نحو إثبات حضور قويّ في القرن الإفريقي
تسعى الإمارات للعب دور مؤثر ومباشر في منطقة القرن الإفريقي، ولا سيما الدول المُطِلَّة على البحر الأحمر والمحيط الهندي، والاستفادة منها قدر الإمكان لخدمة مصلحتها الوطنية. وتسعى الإمارات لتكثيف الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الإفريقي، حققت من خلالها نجاحات على مستويات عدة في الصومال وإريتريا وجيبوتي. كما يعتمد النفوذ الإماراتي في القرن الإفريقي بشكل كبير على استراتيجية شراء واستئجار وإدارة موانئ ومطارات ذات أهمية عسكرية واقتصادية متنوعة، إضافة إلى بناء القواعد العسكرية، إضافة للمرور من خلال المساعدات التنموية والإنسانية لتلك الدول التي تواجه مشاكل عدة داخليًّا جراء الوضع الاقتصادي المتدني.
أولاً: الآليَّات العسكرية:
أ- الآليات العسكرية لدولة الإمارات تجاه جيبوتي:
وقَّع الطرفان على الاتفاقية المُشتركة للتعاون الأمني والعسكري. ومنذ انطلاق الحملة العسكرية وعمليات التحالف العربي الذي تشترك فيه الإمارات، وُجِدَتْ القوات الإماراتية مع السعودية في الجانب الإفريقي في جيبوتي في منطقة “هاراموس” والتي تمثل بطبيعة الحال منطلقًا قريبًا لعمليات التحالف الخليجي في اليمن(1). وعلاوة على الوجود العسكري في عدن وشبوة وحضرموت والمهرة ضمن قواعد عسكرية ومعسكرات تدريب توجد بها قوات إماراتية، كانت الإمارات تريد بناء قاعدة لها في جيبوتي، لكنها تراجعت عن ذلك إثر أزمة شركة موانئ دبي.
ب- الآليات العسكرية لدولة الإمارات تجاه الصومال:
تعتبر العلاقات الصومالية الإماراتية قديمة ولها جذور تاريخية؛ حيث قامت الإمارات بإمداد الحكومة المركزية إبَّان عهد الرئيس محمد سياد بري بمعدات عسكرية من بينها 12 مروحية حربية بريطانية الصنع، استخدمتها الصومال في عمليات عسكرية، وقد قامت الإمارات بإرسال كتيبة من قواتها المسلحة إلى الصومال للمشاركة في عملية “إعادة الأمل”. وفي عام 2014م وقَّعت جمهورية الصومال ودولة الإمارات مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري؛ حيث قامت بتدريب قوات حرس القصر الرئاسي لجمهورية الصومال، بالإضافة إلى تخريج 210 من الجنود والضباط الذين تلقوا تدريبات في الإمارات(2).
وفي أوائل مايو 2015م، أقامت الإمارات شراكة للتدريب مع وحدة مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن والمخابرات الوطني في الصومال، بالإضافة إلى إنشاء مركز تدريب جديد بتمويل إماراتي في مقديشو، وتدريب وحدات من قوات المغاوير الصومالية.
وفي أواخر مايو 2015م قامت بتزويد مدينة كيسمايو الصومالية بمجموعة من مركبات مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن من طراز ” RG-31MK.V ”، ومركبات أخرى من طراز “تويوتا لاند كروزر”، وشحنة من ناقلات الجند المدرعة من طراز ” RevaMK.111 ”، وشاحنات ناقلة للمياه ودراجات نارية للشرطة.
وقد تعهدت دولة الإمارات بدفع رواتب قوات الأمن الحكومية الاتحادية الصومالية على مدى أربع سنوات. وقامت بتمويل الشرطة البحرية في أرض بونط لمواجهة ظاهرة القرصنة البحرية، بالإضافة إلى ثلاث طائرات من طراز ”ايرز 2R تراش“، وطائرة هليكوبتر من طراز ”ألوات 111” كما قامت بتمويل “وكالة الاستخبارات في أرض بونط” وتدريب عناصرها(3).
وفي نهاية عام 2015م، أدرجت دولة الإمارات العربية المتحدة حركة الشباب المجاهدين نتيجة لما تمثله من تهديد على مسارات نقل النفط في المنطقة(4).
كما تتجه الإمارات للتعاون مع الأقاليم ذات الميول والطبيعة الانفصالية في الميدان الصومالي. فقد تودَّدت دولة «الإمارات» أيضًا إلى منافس الصومال الإقليمي، وهي منطقة “أرض الصومال” (أو صومالي لاند) التي أعلنت استقلالها من جانب واحد. ويُقال أيضًا: إن دولة «الإمارات» تسعى إلى الوصول إلى ميناء بربرة ومهبط الطائرات فيه؛ من أجل دعم عملياتها في اليمن، وقد تُقدِّم حزمة من المساعدات المالية إلى “أرض الصومال”، وتقوم ببناء مركز للتدريب العسكري فيها.
وفي “أرض البنط” (أو بونتلاند) أيضًا، وهي منطقة حكم ذاتي في شمال شرق الصومال، موَّلت دولة «الإمارات» “قوات الشرطة البحرية في أرض البنط التي شُكِّلت في عام 2010م لمواجهة ظاهرة القرصنة البحرية؛ من خلال برنامج تدريبي لمكافحة القرصنة قدَّمته سلسلة من شركات الأمن الخاصة، الأمر الذي أثار بعض الجدل. وتُشَغِّل “قوات الشرطة البحرية في أرض البنط” عدَّة قواعد في بوساسو، وهو الميناء الرئيسي لبونتلاند على ساحل خليج عدن، وفي إيل الواقعة على ساحل المحيط الهندي. ويُشَغّل الجناح الجوي لـ “قوات الشرطة البحرية” ثلاث طائرات من طراز “أيرزS2R ثراش” وطائرة هليكوبتر من طراز “ألوات III” تبرّعت بها جميعًا دولة «الإمارات».
ج- الآليات العسكرية الإماراتية مع إريتريا:
نتيجة التقرّب إلى النظام الإريتري، حصلت دولة الإمارات على عقد إيجار لمدة 30 عامًا للاستخدام العسكري لميناء عصب العميق ذي الموقع الاستراتيجي، ومطار عصب المجاور مع مدرج بطول 3500 متر، يمكن لطائرات النقل الكبيرة الهبوط عليه بما في ذلك طائرات “سي 17 جلوب ماستر” الضخمة. وبموجب ذلك تحوَّل المكان إلى قاعدة جوية حديثة، وميناء على المياه العميقة، ومنشأة للتدريب العسكري.
وتمتلك الإمارات هناك قاعدة عسكرية تخدم كمنطقة دعم لوجستي ومركز قتالي يسع لواءً إماراتيًّا مدرعًا، وتتألف هذه القوات من سربين من دبابات القتال الرئيسية من نوع ليكليرك، وكتيبة من عربات القتال، وبطاريات من مدافع الهاوتزر G6، ومجموعة طائرات قيادة العمليات الخاصة من طراز شينوك، بلاك هوك، وطائرات الهليكوبتر بيل سيفن، وطائرات مقاتلة من طراز ميراج 2000، لتكون بذلك أول موقع إماراتي للسلطة خارج الوطن (5).
كما قامت إريتريا بقطع العلاقات مع إيران، ووافقت على السماح لدولة الإمارات ببناء منشآت عسكرية على الجانب الآخر من باب المندب من الساحل الجنوبي الغربي لليمن، وقد لعبت هذه القواعد دورًا حاسمًا في قدرة الإمارات على القيام بعمليات عسكرية في جنوب اليمن، بما في ذلك الهجوم البرمائي لاستعادة عدن من قوات الحوثي في أغسطس 2015م. ووفقًا للجنة الأمم المتحدة للخبراء المختصين بالعقوبات المفروضة على الصومال وإريتريا، فقد قامت إريتريا بإرسال حوالي 400 جندي إلى اليمن كجزء من قوات التحالف (6).
ثانيًا: الآليَّات السياسية:
أ- الآليات السياسية لدولة الإمارات تجاه جيبوتي:
كان الاقتصاد هو الدافع للعلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين. فمنذ عام 2006م، تمكنت شركة دبي للموانئ من الاستثمار والاستفادة من منافذ جيبوتي، لكن في السنوات الأخيرة، بدأ دور موانئ دبي في جيبوتي في التلاشي عندما رفضت الإمارات تسليم عبدالرحمن بوريه إلى جيبوتي، وهو رجل أعمال مطلوب لدى الحكومة الجيبوتية؛ حيث أنهت حكومة جيبوتي امتياز موانئ دبي في عام 2014م. وبعدها بسنة، جمَّدت الإمارات علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والعسكرية مع جيبوتي في أبريل 2015م، بعد مشادة كلامية بين رئيس “سلاح الجو الجيبوتي” ودبلوماسيين إماراتيين، أدت إلى إفساد العلاقات بين البلدين، بعد أن حطّت طائرة إماراتية كانت تُشارك في الضربات الجوية لتحالف “عاصفة الحزم” في اليمن، في “مطار جيبوتي الدولي” من دون ترخيص.
وشهدت العلاقات تدهورًا وصل لإغلاق القنصلية الإماراتية في جيبوتي، وإيقاف رحلات (فلاي دبي) إلى جيبوتي. إلا أن العلاقات بين الطرفين سرعان ما عادت لسابق عهدها وفتحت القنصلية الإماراتية في يناير 2016م إلا أنها عادت للتوتر في فبراير 2018م (7).
ب- الآليات السياسية لدولة الإمارات تجاه الصومال:
دبلوماسيًّا، سعت الإمارات إلى تشجيع المبادرات والمصالحات الوطنية الصومالية سواء أكانت في الداخل أو الخارج. وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قد زار الصومال أكثر من مرة. كما كان يستقبل كل رؤساء الصومال، وكان له دور في حثهم على الوحدة والمصالحة (8).
كما استضافت الإمارات خلال الأعوام الثلاثة من 2012 – 2015م أكثر من ثلاثة مؤتمرات دولية واقليمية لبحث قضايا تتعلق بالصومال، وعلى رأسها مشكلة القرصنة، والاستثمار، وحل الخلافات بين الفرقاء الصوماليين. كما عقدت اللقاءات والاجتماعات المشتركة بين مسؤولي البلدين في أبوظبي، والتطور النوعي الذي تشهده الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، وخصوصًا في المجالات ذات البعد الاستراتيجي (9).
ويُعتبر “ميثاق دبي 2012م” الذي تم توقيعه على هامش أعمال المؤتمر الدولي الثاني لمكافحة القرصنة البحرية من أبرز ملامح الدور الإماراتي في تسوية النزاعات بمنطقة القرن الإفريقي؛ حيث هدف الميثاق إلى إجراء مصالحة بين الأطراف الصومالية المتنازعة، في محاول لتحقيق الاستقرار، وإتاحة الفرصة لبدء خطة تنموية شاملة تنتشل الصوماليين من دائرة الفقر المدقع التي يعانون منها (10).
لكنَّ الوضع تغير بعد أبريل 2018م، وشهد حالة من الاحتقان الشديد، تسبب في تصاعدها مصادرة قوات الأمن الصومالية قرابة 10 ملايين دولار، وصلت على متن طائرة إماراتية خاصة إلى مقديشيو كان على متنها أيضًا 47 شخصًا من القوات الإماراتية. واحتجت الإمارات على احتجاز الحقيبتين التي تحتوي على الأموال، وحاول مسؤولو السفارة الإماراتية إقناع الجهات الأمنية الصومالية التي وضعت يدها على الأموال، بأنها مخصَّصة لدفع رواتب وحدات من الجيش الصومالي في مقديشو وإقليم بونتلاند، إلا أن ذلك لم يقنع سلطات مطار مقديشيو والتي أصرَّت على مصادرة الأموال معتبرة أنَّ التوضيح “غير مقنع”. وأعلنت الحكومة الصومالية الفدرالية إنهاء الدور الإماراتي في تدريب القوات الصومالية بعد أيام من مصادرة قوات الأمن الصومالية للأموال. كما ألغت مؤخرًا اتفاقية الشراكة الثلاثية المبرمة (11).
لكن حقيقة الأمر ترجع للأزمة التي شهدها البلدان، بعد اتفاق وقَّعته الإمارات مع جمهورية أرض الصومال، المعلنة من جانب واحد -كما سبق ذكره- بشأن إنشاء قاعدة عسكرية في مدينة بربرة على ساحل خليج عدن. هذا الاتفاق أثار اعتراضات الحكومة الفيدرالية في مقديشيو بقيادة الرئيس فرماجو، بسبب قيام أبوظبي بالتوقيع على اتفاق أحادي الجانب مع مقاطعة انفصالية دون الرجوع للحكومة الفيدرالية (12).
ج- الآليات السياسة لدولة الإمارات تجاه إريتريا:
بدأت العلاقات تتزايد مع إريتريا عندما جرى سحب الجيش الإماراتي من جيبوتي في بداية التدخل العربي بقيادة السعودية في اليمن في عام 2015م، وسارعت أبوظبي إلى العمل مع الحكومة في أسمرة للاتفاق بشأن ميناء عصب، في حين كانت إريتريا قريبة من إيران حتى ذلك الحين، وهنا استغلت الإمارات رغبة إريتريا في الخروج من عزلتها الدولية المفروضة عليها بسبب ممارسات نظامها الحالي؛ فقدمت سلطات الإمارات مساعدات سخية لهذا النظام المحاصر (13).
كان دولة «الإمارات» بديلاً لجيبوتي في متناول اليد، هي إريتريا المجاورة والمنافسة الإقليمية لجيبوتي التي تضمّ موانئ بدائية على البحر الأحمر تبعد 150 كيلو مترًا شمالاً. ففي اليوم الذي صادف فيه طرد جيبوتي للقوات الخليجية من أراضيها، تم الاتفاق على التوجه نحو إريتريا. كانت وفود رفيعة المستوى من «مجلس التعاون الخليجي» قد التقت بمسؤولين إريتريين للبحث في إمكانية استخدام إريتريا كقاعدة للعمليات العسكرية. وبالفعل، كانت إريتريا الورقة الرابحة للإمارات والسعودية (14).
ويرى البعض أن الإمارات دافعت عن طريق وسائل إعلامها، في محاولة لإبعاد الاتهامات التي تلاحق نظام الرئيس الإريتري “أسياسي أفورقي” على خلفية الأزمة المندلعة في بلاده في 2017م، إثر اعتقال رئيس مجلس إدارة مدرسة “الضياء” أكبر وأقدم مدرسة إسلامية في العاصمة أسمرة، ومنع تدريس التربية الإسلامية واللغة العربية فيها، وغيرها من الإجراءات (15).
كما أنه من المرجح أن جهود الوساطة بين إريتريا وإثيوبيا كانت بقيادة الإمارات. ففي 15 يونيو أي بعد 10 أيام من إعلان آبي أحمد أن إثيوبيا ستفي باتفاق الحدود من عام 2002م بقبول السيادة الإريترية على بادمي، زار ولي عهد أبوظبي الأمير محمد بن زايد آل نهيان أديس أبابا مع وفد رفيع المستوى، للقاء آبي أحمد في تلك اللحظة المهمة في سعي رئيس الوزراء للإصلاح (16).
واحتضنت الإمارات لقاءً جمَع ولي عهد أبوظبي مع رئيس إريتريا ورئيس الوزراء الإثيوبي، تم خلاله الإشادة باتفاق السلام التاريخي بين دولتي القرن الإفريقي. كما صدر بيان ثلاثي بعد القمة أكد العلاقات الراسخة التي تربط الإمارات مع كل من إثيوبيا وإريتريا والمصالح المشتركة بين الدول الثلاث. وأشادت كل من أسمرة وأديس أبابا بالدور الإماراتي في هذا الاتفاق (17). مما يشير بشكل أو بآخر لتعاظم دور الإمارات السياسي في القرن الإفريقي عامة، وسعي الإمارات لتوطيد دورها داخل إريتريا لخدمة مصالحها بشكل خاص.
ثالثًا: الآليَّات الاقتصاديَّة:
أ- الآليَّات الاقتصاديَّة للإمارات في دولة جيبوتي:
تعتبر الإمارات المُستثمر الأكبر في جيبوتي، فقد منح صندوق أبوظبي للتنمية جيبوتي 50 مليون دولار كمنحة لمدة خمس سنوات لتمويل المشاريع التنموية في فبراير2015م (18).
وتشمل الاستثمارات التي موَّلتها إمارة دبي العديد من المشاريع الاستراتيجية في جيبوتي، منها ميناء الحاويات في دوراليه بقيمة تزيد على 300 مليون دولار، والتي تسهم دبي العالمية بثلث رأسماله إلى جانب إدارتها لهذا الميناء المهم. ويضاف إلى ذلك مرفأ الوقود في دوراليه بقيمة 90 مليون دولار الذي تديره شركة اينوك، والمنطقة الحرة في جيبوتي، والتي تديرها جافزا. وكانت شركة نخيل العقارية قد طوَّرت أيضًا فندق جيبوتي بالاس كمبنسكي بقيمة 200 مليون دولار، كما استثمرت شركة لوتاه في العديد من المشاريع في جيبوتي ضمن مجالات متعددة تشمل العقارات والصناعة والمزارع (19).
وبالتركيز على اقتصاد الموانئ، ففي عام 2005م وقَّعت الإمارات مع جيبوتي اتفاقية تعاون بين البلدين كان يفترض أن تستمر 21 عامًا، تقوم خلالها الإمارات بإدارة وتطوير الأنظمة والإجراءات الإدارية والمالية لجمارك جيبوتي، وتطوير العمليات الجمركية، ونظام وإجراءات التفتيش. كما كان يُفترض أن توفر جمارك دبي نظامًا متطورًا لتقنية المعلومات، إضافة إلى إقامة البرامج التدريبية لمختلف فئات الكادر الوظيفي في جمارك جيبوتي. لكنَّ الاتفاق بين الدولتين توتر بعد أن اتهمت حكومة جيبوتي موانئ دبي في 2014م بتقديم رشوة لرئيس هيئة الميناء والمنطقة الحرة في جيبوتي آنذاك عبدالرحمن بوريه، لضمان الفوز بعقد امتياز إدارة محطة وميناء دوراليه للنفط، ما دفع بالرئيس إسماعيل عمر جيله لفسخ التعاقد من جانب واحد، لكن محكمة لندن للتحكيم الدولي رفضت في مارس 2016م اتهامات حكومة جيبوتي لموانئ دبي وألزمتها بنفقات الدعوى (20).
وفي 22 فبراير 2018م قامت السلطات في جيبوتي بإلغاء إدارة الإمارات لمحطة حاويات “دوراليه”. لعدة مبررات منها أنهم اكتشفوا لاحقًا أن نسبة 20% من الأرباح كانت تذهب إلى كل من عبد الرحمن بوري، مدير الموانئ الجيبوتية سابقًا (مهندس الصفقة والمقيم بالإمارات حاليًا)، وسلطان أحمد بن سليم رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية، مما اضطر الحكومة الجيبوتية إلى رفع قضية لرد حقها عام 2012م. واتهمت شركة موانئ دبي العالمية حكومة جيبوتي بـ”الاستيلاء بصورة غير مشروعة” على محطة حاويات “دوراليه” في جيبوتي، من شركة مملوكة من قبل موانئ دبي العالمية التي تولت تصميم وبناء المحطة وتشغيلها منذ عام 2006م (21).
ب- الآليَّات الاقتصاديَّة للإمارات في الصومال:
العلاقات التجارية جيدة بين البلدين؛ إذ يقيم في دولة الإمارات ما بين 800- 100 ألف صومالي، ويتركز عدد كبير من الشركات التي يعمل بها الصوماليون في منطقة الديرة في دبي، بالإضافة إلى وجودهم في المطاعم والاستراحات والفنادق، ويمتلكون أيضًا ثلاث شركات طيران اتخذت مقرًّا لها في دبي، بالإضافة إلى أنها تقوم بتأمين رحلات جوية مباشرة من الإمارات إلى مقديشو، وتشارك المرأة الصومالية في الأنشطة التجارية بفاعلية؛ حيث تقوم بالتصدير من دبي إلى شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
وتعتبر الإمارات الشريك التجاري الأول لجمهورية الصومال؛ حيث تقدر نسبة الواردات الصومالية من الإمارات 44%. وفي عام 2014م قامت الإمارات باستيراد 648 ألف رأس من الأغنام والماعز والأبقار والإبل أي 18% من صادرات البلاد عبر ميناء “بربرة”، وبذلك تكون الإمارات ثاني أكبر مستورد للإنتاج الحيواني في البلاد. بينما تستورد الصومال من الإمارات سنويًّا ما يقارب مليار ونصف المليار درهم إماراتي. وتتنوع السلع المستوردة حيث تقدر بقيمة مليار و250 مليون درهم والصادرات غير النفطية الإماراتية 334.39 مليون درهم إماراتي، بينما استوردت الإمارات منتجات صومالية بقيمة 318.7 مليون درهم. وقد بلغت مبالغ التحويلات التي ترد من المغتربين الصوماليين في الإمارات بما يزيد على 1.5 مليار دولار سنويًّا (22).
وقد توصلت شركة موانئ دبي العالمية إلى اتفاق لإدارة ميناء بربرة في جمهورية أرض الصومال لمدة 30 عامًا؛ حيث تبلغ نسبة الاستثمارات فيه حوالي 442 مليون دولار، وتزويد الميناء برافعات جسرية حيث تتطلع دولة الإمارات نحو تحويله إلى مركز تجاري إقليمي، وإنشاء منطقة حرة؛ حيث سيساهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين أرض الصومال ودولة الإمارات. وقد طرحت موانئ دبي العالمية قضية دعم المرافق الاقتصادية الرئيسية في الصومال، مثل الموانئ والمطارات وقطاع تقنية المعلومات والاتصالات (23).
ج- الآليات الاقتصادية للإمارات في إريتريا:
في عام 2003م افتتحت قنصلية لإريتريا في دبي. ومنذ ذلك الحين ازدادت التجارة بين البلدين بشكل كبير، كما أنشأت إريتريا غرفة تجارة في الإمارات تهدف إلى تعزيز التجارة بين البلدين. ويقدر أنّ هناك أكثر من 5000 إريتري يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة (24).
وذكرت وسائل إعلام إثيوبية، أن الإمارات ستبني خط أنابيب نفط يربط بين ميناء عصب في إريتريا والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. كما يركز على الاستثمار في قطاعاتٍ، من بينها: “التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط والمنتجعات (25).
كما قامت أبوظبي بتطويرات مهمة في البنية التحتية في عصب، بما في ذلك إضافة مرافق جديدة للمياه العميقة بجوار المطار، وإنشاء رصيف، والتوسع في مساحة المطار، ونظام مراقبة الحركة الجوية، وإعادة توجيه الطرق السريعة الرئيسية والمحيط الأمني حول القاعدة (26).
رابعًا: الآليَّة الإنسانيَّة والتنمويَّة:
أ- آلية المساعدات الإنسانية الإماراتية لجيبوتي:
إعمالاً لمبدأ الدبلوماسية الإنسانية التي تقوم بها الإمارات، والتي تقدمت بها من المركز 16 عالميًّا في 2013م إلى الأول في 2018م من حيث أكثر الدول التي تقدم مساعدات إنسانية للدول التي تمر بأزمات إنسانية حادة؛ قدمت الإمارات لجيبوتي مساعدات بمبلغ 5.6 مليون درهم إماراتي في 2013م (27).
أما في 2016م فقد بلغت المساعدات في البرامج الموسمية 400823 دولارًا أمريكيًّا، وبلغت المساعدات الإنمائية الرسمية 46066 دولارًا أمريكيًّا. وبلغت مساعدات الهلال الأحمر الإماراتي لجيبوتي 94.310 دولار برامج موسمية، و23523 دولارًا في المساعدات الإنمائية الرسمة. في حين بلغت مساعدات جمعية الشارقة الخيرية 112225 دولارًا أمريكيًّا مساعدات إنمائية، وجمعية دبي الخيرية 55301 دولار أمريكي (28).
ب- آلية المساعدات الإنسانية الإماراتية للصومال:
تحتل الإمارات العربية المتحدة مكانة كبيرة يبن دول العالم في تقديم المساعدات الإنسانية؛ حيث بلغت نسبة المساعدات المقدَّمة مِن قِبَل دولة الإمارات للصومال منذ بداية الأزمة الإنسانية 40 مليون دولار. وقد قدمت الإمارات فور حدوث مجاعة بإرسال مساعدات عاجلة إلى المحتاجين في المناطق المنكوبة جراء الجفاف والمجاعة، وقامت بنقل المساعدات الإنسانية عبر جسر جوي وبحري مع العاصمة مقديشو. كما قدمت دولة الإمارات خلال عامي 2012 و2013م مساعدات تتجاوز 283 مليون درهم للصومال بالإضافة إلى 50 مليون دولار تعهدت بتقديمها للشعب الصومالي خلال مؤتمر لندن الثاني الذي عقد شهر مايو عام 2013م (29). وتم إقامة مزرعة كبيرة بمدينة أفغوي الصومالية على بعد 30 كلم جنوب العاصمة مقديشو أطلق عليها اسم “بستان الشيخ زايد” (30).
وكانت المساعدات التموينية 44.9 مليون درهم أي ” 2.12 مليون دولار. في حين أن المساعدات الخارجية قد بلغت 8 ملايين دولار. وبلغت المساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الطوارئ 4.8 مليون دولار. وفي عام 2017م قدم الهلال الأحمر الإماراتي كميات كبيرة من الأدوية إلى كل من مستشفى “المدينة” و كيدسي، وقام الهلال الأحمر بعمل 40 مشروعًا بما يبلغ 8.2 مليون دولار. وقد قدمت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ألفي سلة غذائية .وقدمت جمعية دار 39 مشروعًا بواقع 5.2 مليون دولار.
وقد قامت الإمارات بتدشين مجموعة متنوعة من المشاريع في التعليم والصحة والإسكان بهدف توفير الراحة والاحتياجات الرئيسية لسكان المناطق؛ حيث قامت ببناء عيادات صحية في كل من أفجوي ومركا وجوهر.
وأما المجال التعليمي فقد شاركت الإمارات في بناء العديد من المؤسسات التعليمية؛ بالإضافة إلى وجود العديد من الهيئات الإماراتية التي تدعمها مثل مؤسسة الريان الخيرية التي تدير ثلاث مدارس في الصومال؛ حيث يصل عدد الطلاب في هذه المدارس إلى 2.238 وأيضًا مؤسسة أبجد التي تشرف على أربع مدارس ويصل عدد طلابها إلى 2.749 طالب (31).
ويبدو أن الاستثمار الإماراتي في “أرض البنط” و”أرض الصومال” قد أتى بثماره؛ إذ قطع الطريق على إعادة الشحن الإيرانية في مواقع معروفة مثل بوساسو وبربرة، عندما سعى الحصار البحري الذي فرضه تحالف دول الخليج إلى اعتراض عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين (32).
ج- الآليَّات الإنسانية الإماراتية في إريتريا:
تُعتبر إريتريا من الدول التي تقع في دائرة المساعدات الإنسانية. ففي يونيو 2012م، أبرم صندوق أبوظبي للتنمية مع حكومة دولة إريتريا اتفاقية قرض بقيمة 183 مليون درهم للمساهمة في تمويل مشاريع تنموية وحيوية تخدم اقتصاد إريتريا. وكان للمستشفى الإماراتي الميداني الإنساني العالمي المتنقل، دور كبير؛ حيث نفَّذ المستشفى برامج علاجية وإنسانية بشراكة مع وزارة الصحة الإرتيرية، وتحت إشراف حملة العطاء الإنسانية لعلاج مليون طفل ومسنّ، وبمشاركة نُخبة من كبار الأطباء والجراحين من مختلف دول العالم.
وقدمت تجهيزات طبية متطورة أسهمت في إنشاء مركز متكامل لأمراض وجراحة العيون للاستمرار في تقديم الخدمات الطبية التشخيصية والعلاجية لمرضى العيون المعوزين؛ حيث يضم المركز أجهزة حديثة تساعد على إجراء جراحات دقيقة في العيون (33).
المطلب الثاني: تقييم ورؤية مستقبلية للدور الإماراتي في القرن الإفريقي: ما بين تطوُّر وتهوُّر
إنَّ ما تقوم به الإمارات العربية المتحدة في منطقة القرن الإفريقي -لا سيما في تلك الدول محل الدراسة-يجعل منها لاعبًا مهمًّا ومحرِّكًا أساسيًّا لأوراق اللعبة الجيوسياسية في المنطقة. تلك المنطقة التي تعتبر ذات أهمية للعالم كله، وللإمارات على وجه الخصوص؛ إذ تهدف الإمارات لحماية مصالحها الاقتصادية المتمثلة بشكل كبير في شركة موانئ دبي العالمية، وضمان حرية حركة الملاحة في مضيق باب المندب، وكذلك مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة؛ الذي طالما استخدم السواحل الإفريقية لتدعيم نفوذه في اليمن.
وفيما يلي تقييم لتلك التحركات بشيء من التفصيل، بالإضافة لوضع رؤية لمستقبل الوجود الإماراتي في المنطقة.
أولاً: تقييم الدور الإماراتي في القرن الإفريقي:
أ- تقييم دور الإمارات في جيبوتي:
نجحت الإمارات في الاستفادة من جيبوتي عسكريًّا لمساعدتها في عمليات التحالف العربي الذي تشترك فيه الإمارات، تواجدت قواتها في منطقة “هاراموس” والتي تمثل بطبيعة الحال منطلقًا قريبًا لعمليات التحالف الخليجي في اليمن.
وكانت العلاقات السياسية جيدة بين الطرفين إلى أن شهدت العلاقات تدهورًا وصل لإغلاق القنصلية الإماراتية في جيبوتي. إلا أن العلاقات بين الطرفين سرعان ما عادت لسابق عهدها وفتحت القنصلية الإماراتية في يناير 2016، لكنها عادت للتوتر في فبراير 2018م. هذا الأمر الذي ألقى بظلاله على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وصعَّدت جيبوتي الموقف، وأنهت إدارة الإمارات لمحطة حاويات “دوراليه”، بعد مناوشات بين الجانبين. وصلت الى حد اللجوء للقضاء الدولي.
وكما سبق أن ذكرنا، فالإمارات بارعة جدًّا في إقامة علاقات جيدة مع الدول الإفريقية على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية، لكنها تعاني من مشكلة كبيرة في إدارتها للأزمات السياسية والدبلوماسية. وهو ما ينطبق على حالة جيبوتي أيضًا. ولا شك أن أيّ خسارة للإمارات في المنطقة سيدفعها للبحث عن بديل آخر جديد، تبدأ معه علاقات جديدة، وتستخدم نفس الأساليب القديمة مع جاراتها من قبل.
ب- تقييم دور الإمارات في الصومال:
تحاول الإمارات لعب دور إيجابي في صياغة المستقبل السياسي للصومال الجديد، وإبراز دورها كلاعب سياسي قوي في منطقة شرق إفريقيا قادر على خلق توازان بين القوى الإقليمية والدولية؛ التي تقايض هذه الأيام استقلال القرار السياسي الصومالي على مشاريع هيمنة جديدة، مستفيدة من الفراغ الذي تركته قوى إقليمية أخرى في تلك الساحة.
وعليه قامت بدعم كل جهود وأهداف الحكومة الصومالية لإعادة بناء المؤسسات الوطنية، والوقوف إلى جانب الشعب الصومالي حتى يحقق مطالبه المشروعة نحو السلام والازدهار.
وفيما يتعلق بمحاربة القرصنة ومواجهة خطر حركة الشباب، تسعى الإمارات للعمل على ترسيخ الاستقرار والرفاهية في الصومال من أجل القضاء على النشاطات التي تشكِّل تهديدًا لحركة التجارة العالمية في المنطقة مثل القرصنة والصيد غير المشروع، والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات، وحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
واستخدمت الإمارات من أجل تطوير علاقاتها مع الصومال أسلوب نقل تجاربها الناجحة في مجالات الاقتصاد والطاقة النظيفة، وإرساء دعائم التسامح الي الصوماليين. كما اهتمت الإمارات بإعادة بناء الجيش الصومالي ليكون ركنًا أساسيًّا لمهمة حماية الحزام الأمني لدول البترول؛ في حين حاز قطاع الأمن والدفاع في الصومال النصيب الأكبر من المساعدات الإماراتية المقدمة للصومال.
إلا أن الموقف الإماراتي تغير بين عشية وضحاها، وانقلبت الإمارات بسياستها الخارجية، وقامت بتصعيد الأحداث لما ورائها؛ حيث اتفقت مع حكومة أرض الصومال على تأجير ميناء بربرة بها دون موافقة الحكومة المركزية في مقديشو. ورغم تفهم ما تطمح إليه الإمارات من استغلال هذه المنطقة الهامة من الصومال، والتي هي أقرب للمضيق، وأكثر مواجهة للساحل الآخر من البحر الأحمر؛ إلا أنه من غير المفهوم عدم قدرة الإمارات على استيعاب الموقف، وخسارة حليفها في مقديشيو بهذه السهولة، وتضييع هذا الميراث القوي من العلاقات بين البلدين، وتضييع تلك المليارات التي أنفقتها أبوظبي للنفوذ في تلك المنطقة، وخسارة حليف استراتيجي لها في القرن الإفريقي لمواجهة القرصنة التي تهددها بشكل مباشر.
كان التخطيط الإماراتي في البداية مدروسًا ومرتبًا، وقد نجحت الإمارات بالفعل في النفوذ بكل قوتها في الصومال، ومنافسة قوى إقليمية ودولية بها بشكل مباشر وغير مباشر، إلا أن الموقف الحالي لا تحسد عليه الإمارات إذ لم يتم استيعابه، سواء بالوساطة أو التنازل، خاصة مع التحولات التي تشهدها منطقة القرن الإفريقي.
ج- تقييم الدور الإماراتي في إريتريا:
ترجع العلاقات بين أبوظبي وأسمرة إلى عام 1993م بعد استقلالها عن إثيوبيا، ومنذ ذلك الحين كانت الإمارات فاعلاً رئيسيًّا في عملية المفاوضات التي استمرت على مدار 3 عقود بين الطرفين، وتحاول الإمارات الاستفادة من إريتريا وموقعها الاستراتيجي، وامتلاكها عددًا من الجزر التي تقع في واجهة مضيق باب المندب.
ومن ملامح التقارب العسكري والأمني بين الجانبين: حصول الإمارات على عقد إيجار لميناء “عصب”، إلى جانب إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية ساهمت بشكل كبير في دعم قوات “التحالف العربي” في مهمتهم باليمن.
وعلى الجانب الاستثماري نجد عقودًا ومشاريع استثمارية ضخمة تقدر بملايين الدولارات بهدف تنمية قطاع الزراعة والقطاعات التعدينية هناك.
وعليه يمكن القول: إن إريتريا قد نجحت في اجتذاب الجانب الإماراتي لها، كي تستعيض عن توتر علاقتها بحلفائها في مقديشو وجيبوتي. كما أنها ستتحمل الجدل الدولي الذي سيثور حول دعمها لنظام إريتريا الذي يواجه انتقادات بالجملة في الملفات السياسية والحقوقية على المستوى الإقليمي والدولي.
ثانيًا: مستقبل التحركات الإماراتية في منطقة القرن الإفريقي: هل تستوعب الدرس؟
التحركات الإقليمية للإمارات في القرن الإفريقي تستهدف بالأساس حماية مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة، والتي تعتبر محط أنظار العالم أجمع.
وتسعى الإمارات لمزاحمة القوى الدولية في تلك المنطقة بكل قوتها، لكنَّ السياسة الدولية ليس بهذه السهولة؛ فقد وقعت أبوظبي في فخ التوترات السياسية والاقتصادية في المناطق التي تسعى للنفوذ إليها، مما سيضطرها للبحث عن موطئ قدم آخر، وهو ما وصلت إليه مع إريتريا. لكنَّ ذلك سيُحْدِث قدرًا من التراجع الإماراتي في مناطق نفوذها السابقة.
وبالبحث في تلك التطورات تتضح لنا بصمات لقوى إقليمية ليست من مصلحتها أن تمضي العلاقات الإماراتية مع دول القرن الإفريقي في مسارها السليم، وهو ما يحتِّم على القيادة الإماراتية ضرورة الانتباه لهذا التطور، ومحاولة إعادة هيكلة سياسة خارجية تتماشى مع النهج التنافسي المتزايد بمنطقة القرن الإفريقي.
وعليه يمكن إجمال مستقبل الوجود الإماراتي في الدول محل الدراسة في عدة نقاط:
أ- الإمارات لن تفرط بسهولة في وجودها في الصومال:
رغم التوتر الحاد بين البلدين؛ فالعلاقات لا تتجه نحو قطع العلاقات الدبلوماسية، نظرًا لأهمية موقع الصومال، في ظل الصراع الإقليمي الراهن على تلك المنطقة الاستراتيجية. فكما ذكرنا أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة أنفقت الإمارات مليارات الدولارات لتحقيق نفوذ عسكري واقتصادي يُمكِّنها من إيجاد موطئ قدم في المنطقة، ومن ثَم لن تُقدم، على إنهاء وجودها في الصومال. كما ستجد الإمارات الدعم من السعودية للوقوف أمام عودة النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة الصومال، التي تمتلك امتدادًا بحريًّا مع اليمن المشتعل، قد تدفع الإمارات إلى ضبط النفس في المرحلة الراهنة.
لكن تلك التوترات السياسية المتصاعدة، والتصريحات المشتعلة، ربما تنبئ بوجود مؤشرات قوية على حدوث قطيعة مؤقتة، عبر تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي. أما إذا لجأت الصومال للتحكيم الدولي، فقد تخسر الإمارات نهائيًّا كل نفوذها في الصومال، بما فيها القواعد العسكرية بإقليم “أرض الصومال”، بجانب ميناء بربرة (34).
وقد يكون لذلك انعكاساته أيضًا على النضال ضد جماعات متطرِّفة محلية، مثل حركة “الشباب”.
لكن في حالة تراجع الدور الإماراتي في جيبوتي والصومال، سيسمح ذلك لمنافسيها بالتقدم، فمن الممكن أن يحدث التالي:
1- تراجع دور الإمارات لصالح قطر في الصومال:
فقد منحت الحكومة القطرية نظيرتها الصومالية شحنة مكونة من 30 حافلة نقل، ورافعتين لنقل البضائع من السفن، وتُعدُّ هذه المنحة القطرية الثانية خلال شهرين تقدم للحكومة الفيدرالية ضمن سلسلة الأعمال الإغاثية والدعم المتواصل من الدوحة. وفي فبراير الماضي 2018م، أعلنت الحكومة الصومالية تسلّمها مساعدات عسكرية لدعم الشرطة الوطنية من قطر، وقد دعمت قطر مؤخرًا حكومة الصومال بـ 68 آلية عسكرية حديثة، تم شحنها بجهود مشتركة من مختلف الوحدات بالقوات المسلحة القطرية (35). في إطار توطيد علاقات التعاون بين البلدين. وشملت المعونات 30 سيارة دفع رباعي، مخصصة لمهام قوات الشرطة الوطنية”. ويأتي هذا القرار على خلفية توتر العلاقات بين الإمارات والصومال (36). كما أن لديها أكاديمية عسكرية في الصومال.
2- تقدم تركي آخر في الصومال:
وافقت الحكومة الصومالية الرسمية على إنشاء قاعدة تركية فوق أراضيها هي الأكبر لتركيا خارجيًّا. وشرعت أنقرة في بنائها مارس 2015م والمقامة على مساحة 400 هكتار (173 فدانًا) بتكلفة بلغت 50 مليون دولار، وتضم مرافق مختلفة بينها مساكن للجنود ومسجد ومواقع للتدريب، تهدف حسبما أشار الرئيس الصومالي إلى تأهيل الجيش الوطني؛ حيث تستقبل الدفعة الأولى وهي 1500 جندي بهدف تدريب عناصر كبيرة منه للمساهمة في مكافحة حركة الشباب المجاهدين، كما أرسلت تركيا نحو 200 مدرب من الجيش التركي وعددًا من الآليات العسكرية إلى الصومال لتدريب أكثر من عشرة آلاف وخمسمئة جندي صومالي رشحتهم الأمم المتحدة. مما يعني تنامي الوجود التركي في مقابل تراجع الوجود الإماراتي (37).
3- تقدم صيني في جيبوتي ضد المصالح الإماراتية :
وفيما يخص الموقف في جيبوتي، فبالتأكيد ستبحث جيبوتي عن حليف آخر يقود موانئها بدلاً من الإمارات. ولن تجد حليفًا أكثر سخاءً من الصين. وهو ما ظهرت بوادره عندما رحَّب وزير المالية في جيبوتي إلياس دواله بمشاركة الصين في “تطوير موانئ بلاده”، وذلك بعد أيام من فسخ عقد مع شركة تابعة لإمارة دبي كانت تدير “محطة دوراليه” الاستراتيجية (38).
ب- نجاح إماراتي في إريتريا:
يعتبر الاتفاق على بناء قاعدة عسكرية إماراتية رئيسية في إريتريا أمرًا جيدًا يمنح الإمارات دورًا رائدًا في حماية الممرات البحرية في السويس وباب المندب. وعلى غرار الإمبراطوريات التجارية السابقة بدءًا من البرتغالية ووصولاً إلى العمانية، ستعمل الإمارات جاهدة على استغلال إريتريا للاستعاضة عن ما خسرته وقد تخسره لاحقًا في جيبوتي والصومال.
وبالإضافة إلى دور القواعد العسكرية، مثل قاعدة عصب في تقويض التوسّع البحري الإيراني، فقد تسهم أيضًا في منح الإمارات عمقًا استراتيجيًّا في أيّ صراعٍ مستقبلي مع إيران، إن كان ذلك تهديدًا بقيام اشتباك أم اندلاعًا فعليًّا. وفي حين أن الوطن الإماراتي يقع بأكمله ضمن مدى مجموعة الصواريخ الإيرانية، يوفّر ميناء عصب عمقًا قد يسمح لقوة احتياطية تضمّ سفنًا حربية إماراتية وطائرات وحتى غواصات بالبقاء نشطة وقادرة على اعتراض حركة الملاحة والنقل البحري الإيرانية على طول الخط الساحلي خلال حرب طويلة الأجل (39).
خاتمة
رغم الدور الفاعل لدولة الإمارات العربية المتحدة بمنطقة القرن الإفريقي، إلا أن هذا الدور لا يخلو من العقبات والتحدِّيات التي تعرقل مسيرته، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من تطورات الأوضاع الأخيرة ما بين “شركة موانئ دبي العالمية”، وحكومة جيبوتي؛ بعدما شرعت الأخيرة في بناء منطقة تجارة حرة بالقرب من ميناء “دوراليه” الذي تشرف عليه الإمارات، ما أدَّى لتوترات بين الجانبين مؤخرًا، فضلاً عن التوترات السابقة التي نشبت بين الجانبين الإماراتي والصومالي على خلفية احتجاز طائرة إماراتية بمطار مقديشو.
وتتطلع الإمارات العربية المتحدة لإيجاد موطئ قدم لها في منطقة القرن الإفريقي، وقد وجدت ضالتها في إريتريا، وتم الاتفاق على استفادتها من ميناء عصب الإريتري. وهو ما يعني أن الإمارات لن تخرج من المنطقة بهذه السهولة، وستظل تدافع عن مصلحتها الوطنية الدفاعية والاقتصادية وموقعها كلاعب مهم في الإقليم.
الاحالات والهوامش:
(*) كاتب وباحث مصري
(1) Meyer. Jacqulyn, “The New Scramble for Africa”, published on Critical Threats Website, on February 26, 2018, Access date on: November 22, 2018, More details on this link: https://bit.ly/2BTRux8
(2) بدون اسم كاتب، مقال بعنوان: ” الإمارات تواصل دعم مقديشو سياسيًّا وعسكريًّا وتنمويًّا”، موقع صحيفة الاتحاد الإماراتية، على الرابط التالي: https://goo.gl/Q4vLFm
(3) Mello, Alexandre and Knights, Michael , “West of Suez for the United Arab Emirates”, The Washington Institute, publishing date : Sep. 2, 2016, , Available on this link: https://goo.gl/618xTK , Access date: November, 20,2018
(4) بدون اسم كاتب موقع جريدة الاتحاد، مرجع سابق.
(5) عائد عميرة، مقال بعنوان: ما الذي تريده الإمارات من إريتريا؟”، موقع نون بوست، بتاريخ 4 يناير 2018م، تاريخ الدخول: 24 نوفمبر 2018م، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://www.noonpost.org/content/21479
(6) Khan. Taimur, “Ethiopia-Eritrea Reconciliation Offers Glimpse Into Growing UAE Regional Influence”, published on Stratsfor Institute website, on July 26,2018 , Access date: November 25, 2018, on this link:https://bit.ly/2Vcibob
(7) أمينة العريمي، ” الإمارات بين جيبوتي والصومال”، موقع مركز مقديشو للبحوث والدراسات، بتاريخ 26 أبريل 2018م، تم الدخول عليه في 22 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2xGoSag
(8) بدون اسم كاتب موقع جريدة الاتحاد، مرجع سابق.
(9) عبدالرحمن عبدي، “الدور الإماراتي المتصاعد في الصومال”، مركز مقديشيو للبحوث والدراسات، 23 مايو 2018، تاريخ الدخول: 20 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2Lqniva
(10) هنادي أبو نعمة، “توقيع ميثاق دبي لدعم المصالحة في الصومال”، منشور على موقع جريدة الإمارات اليوم، بتاريخ 29 يونيو 2012، تاريخ الدخول 20 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2T7wisL
(11) بدون اسم كاتب، مقال بعنوان: ” الصومال تنهي دور الإمارات بتدريب قواتها”، منشور على موقع الجزيرة، بتاريخ 11 نوفمبر 2018، تاريخ الدخول 20 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2Rl4rIi
(12) وفاء بسيوني، مقال بعنوان: “10 ملايين دولار تثير أزمة بين الإمارات والصومال”، منشور على موقع جريدة التحرير، بتاريخ 11 أبريل 2018، تاريخ الدخول: 20 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2T3va9I
(13) عائد عميرة، مرجع سابق.
(14) Mello. Alexandre and Knights. Michael, op.cit.
(15) منذر العلي، مقال بعنوان: “لماذا تدافع الإمارات عن إريتريا؟”، منشور على موقع العدسة، بتاريخ: 14 نوفمبر 2017، تاريخ الدخول: 24 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2zXj50m
(16) Khan. Taimur, op.cit.
(17) محمد الصباغ، تقرير بعنوان: ” الإمارات في القرن الإفريقي.. دعم لإثيوبيا وإريتريا بعد توتر مع الصومال”، منشور على موقع مصراوي، بتاريخ: 24 يوليو 2018، تاريخ الدخول: 25 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2T9QqKW
(18) أمينة العربمي، دراسة بعنوان: الحسابات الخليجية في القرن الإفريقي”، منشورة على موقع مركز مقديشو للأبحاث والدراسات، بتاريخ 22 مارس 2017، تاريخ الدخول 23 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2I3uhIV
(19) ملحم الزبيدي، مقال حواري بعنوان: إسماعيل جيله رئيس جيبوتي في حوار مع الخليج”، موقع الاقتصادي، بتاريخ 22 يونيو 2012، تاريخ الدخول 23 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2Lx4k7p
(20) محمد مكاوي، “حرب الموانئ.. كيف تتصارع 6 دول على مد نفوذها في القرن الإفريقي”، مصراوي، 27/12/2017، تاريخ الدخول 22 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2ReS2G1
(21) أنور قرقاش، “قرقاش عن “استيلاء” جيبوتي على ميناء دورالي: صدمة قوية”، CNN بالعربية، منشور بتاريخ 25/2/2018، تاريخ الدخول: 22 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://cnn.it/2FyiNwZ
(22) ثيودور كارثيك، ورقة بعنوان: “روابط تاريخية بين شبه الجزيرة العربية وشبه الجزيرة الصومالية: استجابة إقليمية مبنية على أساس الشراكة”، مؤتمر تجت عنوان: أسبوع الإمارات العربية المتحدة لمكافحة القرصنة، دبي ، 29-30 أكتوبر 2014.
(23) بدون اسم للكاتب، مقال بعنوان: «دبي العالمية» و«إنيجما» ينشران «الورقة البيضاء» حول القطاعات الاقتصادية في الصومال”، منشور على موقع جريدة الاتحاد، بتاريخ 15 مايو 2014، تاريخ الدخول: 21 نوفمبر، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2AdFa9g
(24) صهيب عبدالرحمن، تقرير بعنوان: الأسباب التي قادت الإمارات إلى دول القرن الإفريقي”، موقع حفريات، بتاريخ: 25 يونيو 2018، تاريخ الدخول: 24 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2rSHHRN
(25) بدون اسم للكاتب، مقال بعنوان: ” الإمارات تبني خط أنابيب نفط بين إريتريا وإثيوبيا”، موقع سبوتنيك روسيا، بتاريخ 10/8/2018، تاريخ الدخول : 24 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2M65BWl
(26) Khan. Taimur, op.cit.
(27) بدون اسم الكاتب، مقال بعنوان: العطاء الإنساني”، موقع جريدة الاتحاد الإماراتية، منشور بتاريخ: 25 يوليو 2013، تاريخ الدخول: 23 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2Q0Q4UM
(28) وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدول الإمارات، “وثيقة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2016″، أبو ظبي: الإمارات أكتوبر 2017.
(29) عبدالرحمن عبدي، مرجع سابق.
(30) بدون اسم كاتب، مقال بعنوان: تساند مبادرات المصالحة الوطنية: الإمارات تدعم الصومال سياسيًّا وعسكريًّا”، موقع يومية الخليج، بتاريخ 8 مايو 2015، تاريخ الدخول: 21 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2CwxNLH
(31) عبدالرحمن عبدي، مرجع سابق.
(32) Mello, Alexandre and Knights, Michael, op.cit.
(33) بدون اسم الكاتب، مقال بعنوان: “الإمارات وإريتريا.. علاقات متجذرة وآفاق تعاون يرسم المستقبل”، موقع جريدة الخليج أونلاين، بتاريخ 17 فبراير 2016، تاريخ الدخول: 24 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2GEu42G
(34) نوري جيدي، مقال بعنوان: الإمارات والصومال.. هل يصل التوتر الى حد القطيعة؟”، منشور على موقع وكالة الأناضول، بتاريخ 18 أبريل 2018، تم الدخول عليه في 25 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2GNMD4S
(35) كما أعلنت وزارة الدفاع القطرية على حسابها على تويتر، على الرابط التالي: https://bit.ly/2suCGiG
(36) رنا أسامة، تقرير بعنوان: “كيف تحاول قطر تأجيج الأزمة بين الإمارات والصومال؟”، منشور على موقع مصراوي، بتاريخ 19 أبريل 2018، تم الدخول عليه بتاريخ: 25 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2T8CwZk
(37) عماد عدنان، مقال بعنوان: “النفوذ الإماراتي مقابل التركي – القطري.. من يقف وراء تفجيرات الصومال؟”، منشور على موقع نون بوست، بتاريخ: 17 أكتوبر 2017، تم الدخول عليه بتاريخ 25 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2BHxlZg
(38) أهيد الكلاس، مقال بعنوان: “الصين تنافس دبي في ميناء “دوراليه” الاستراتيجي بجيبوتي”، منشور على موقع يورو نيوز، بتاريخ 16 مارس 2018، تم الدخول عليه بتاريخ: 25 نوفمبر 2018، وللمزيد من التفاصيل على الرابط التالي: https://bit.ly/2GG2ZMz
(39) Mello. Alexandre and Knights. Michael, op.cit.