محمد ناصر السعيد (*)
لطالما كانت منطقة القرن الإفريقي أحدَ المناطق ذات النزاع العَصِيّ عن الحَلّ لِعُقُودٍ؛ فهي منطقة شهدت حروبًا بين الدول وداخل الدول. إلا أنَّه في الشهور الأخيرة، حدثت العديد من المتغيرات؛ أبرزها التغيير السياسي في إثيوبيا، وتتويج احتجاجات ثلاث سنوات من التظاهر باستقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام دسالين، وانتخاب آبي أحمد من قومية الأورومو، الذي جاء بالعديد من الإصلاحات والقرارات داخليًّا وخارجيًّا ساهمت في تحريك المياه الراكدة في تلك المنطقة، وأعقب قراراته تلك بزيارة تاريخية إلى أسمرة مهَّدت الطريق لعملية سلام شاملة؛ تُوِّجَتْ باتفاق جدة بالمملكة العربية السعودية، وامتدت هذه العملية إلى دولٍ أخرى في المنطقة كانت هناك أزمات بينها وبين إثيوبيا؛ كإريتريا والصومال وجيبوتي.
يتناول هذا المقال تطوُّر العلاقات الإثيوبية الإريترية بشيءٍ من الاستفاضة، لا لشيء إلا لأنها شَكَّلت عقدة عَصِيَّة عن الحلِّ لفترات طويلة، مُرجعًا أسباب التطور الجذري الجديد إلى تغيُّر الوضع الداخلي في إثيوبيا، وقدوم قيادة جديدة اتَّخَذت العديد من الإجراءات الديمقراطية والليبرالية، إضافةً إلى دور الوساطات الخارجية في إحداث هذا التطور.
ومع انفكاك الأزمة الإثيوبية الإريترية تفككت الأزمات الأخرى داخل المنطقة، وعليه فإنَّ المقال يتناول أيضًا تَطَوُّر العلاقات بين إريتريا وكلٍّ من الصومال وجيبوتي، وذلك في إطار رغبة إريتريا في كَسْر عُزلتها الدولية، ورفع الحظر العسكري والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، كما يأتي في خِضَمّ المصالحات وحَلْحَلَة المشاكل في المنطقة، كما حدث في جنوب السودان في إطار خَلْق سلام أكبر في القرن الإفريقي الكبير.
العلاقات الإثيوبية الإريترية:
من الصعب الادعاء أنه كان هناك تطابق تام بين (TPLF) -جبهة تحرير شعب تجراي وهي إحدى القوميات الإثيوبية والتي حكمت إثيوبيا بعد الإطاحة بالنظام الاشتراكي- الإثيوبية و(EPLF) الإريترية -جبهة تحرير شعب إريتريا-، وهما الحركتان الرئيستان اللتان نجحتا في إسقاط الحكم الاشتراكي في إثيوبيا في العام 1991م، صحيح أنه كان هناك تعاون على الهدف، وهو إسقاط النظام، مما أرجأ أيّ مشكلات حدودية أو مستقبلية إلى ما بعد تحقيق الهدف، أضف إلى ذلك سيطرة عرقية التيجري على عضوية الحركتين، إلا أنه هناك اختلافات وتشابهات أيضًا ساهمت في اشتعال النزاع الحدودي في 6 مايو 1998م.
لعل أبرز هذه الاختلافات هو أن الإثيوبيين كانوا يؤمنون بحق تقرير المصير للإثنيات والشعوب الموجودة في إثيوبيا؛ حيث نصَّ الدستور الإثيوبي في 1995م على الاتحاد التطوعي وحق تقرير المصير، بَيْدَ أنَّ الإريتريين لم يكونوا يؤمنون بهذا، مفضلين سيطرة القيادة على تقرير المصير خوفًا من أن تؤدي الانقسامات الدينية بين الإسلام والمسيحية كديانات في الدولة أو العرقية بين قوميات عفار، والساهو، والتيجري، والكونامة إلى تلاشي الدولة من الأساس.
ثانيها في تطبيقهما وفهمهما للشيوعية؛ حيث إن الإثيوبيين كانوا يؤمنون بإمكانية إعادة تنظيم المجتمعات، ونقل الفلاحين والعمال، وهو ما انعكس على أدائهم في الحرب بشكل عملي؛ حيث اعتمدوا على حرب العصابات، والهجوم المفاجئ، والقدرة العالية على نقل القوات من مكان إلى آخر، وعدم دخول أي معركة إلا وهم متأكدون من القدرة على حسمها لصالحهم، فيما الإريتريون -على غرار طبيعة الاتحاد السوفييتي التوسعية الشيوعية، فهو يقوم بالتوسع من أجل الحفاظ على وجوده الثابت- يفضِّلون المواجهة على نطاق كبير من مواقع ثابتة غير متحركة.
ثالثها هو الشعور بخصوصية إريتريا، والحاجة الدائمة إلى إثبات تميزها عن الآخرين، فنتيجة لخضوع إريتريا للاحتلال الإيطالي والانتداب البريطاني دائمًا ما كان يشعر الكثير من الإريتريين أنهم أكثر تقدُّمًا وأنهم مختلفون عن الإثيوبيين كصورة ذاتية عن أنفسهم، فيما قَوْلَبَ الإثيوبيون الإريتريين بأنهم متعجرفون تجاههم(1).
تشابه نظام الحكم في البلدين في التسعينيات، حيث قاما على أسس نيو بَتريموناليةNeo Patrimonialism ؛ إذ تتركز السلطة في أيدي شخص سلطويّ تتفرع منه مجموعة من الأشخاص -الطبقة الحاكمة- يتم تكوين روابط قوية بين تلك المجموعة والشخص على أساس ولائي له هو شخصيًّا، ويقوم هذه الشخص بتوزيع موارد الدولة الاقتصادية على المجموعة المختارة ضمانًا لهذا الولاء.
ومن الغريب أن يقوم هؤلاء -أقصد الحركتين- بالحركة تحت مبادئ اجتماعية ثورية ثم يقوموا بإنشاء حُكْم يُكَرِّس لثبات حكم الأقلية، وعدم الثقة فيما هم خارج القلة المختارة، وبالتالي غياب الديموقراطية وإهمال توافق الشعب على القرارات المصيرية، وعدم وضوح آليَّة اتخاذ القرارات على المستويين الداخلي والخارجي، الأمر الذي يؤدِّي إلى عواقب وخيمة، مثل الحرب بين البلدين، فهذا يذكرنا بنظرية السلام الديمقراطي؛ حيث إن الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها لانعكاس الوضوح والشفافية على قرارات القادة(2).
ربما هذا هو أحد التفسيرات للحرب الحدودية بين البلدين، والبعض قد يُرجِعه لأسبابٍ اقتصادية من إطلاق إريتريا لعملتها، وتأزم وضع إثيوبيا اقتصاديًّا كدولة حبيسة، والبعض الآخر قد يُرْجِعه لأسبابٍ حدودية، فالإثيوبيون طالبوا بحدود بعمق 30 ميلاً داخل حدود ثابتة ومؤسَّس لها لمدة تزيد عن 100 عام، أو أن (TPLF) كان يريد أن يؤسِّس لمنطقة صناعية كبرى في إقليم التيجري، وهو ما يحتاج إلى أراض إضافية من إريتريا. قد تتعدد الأسباب، إلا أن الحرب التي انتهت في نهاية عام 2000م انتهت بمقتل ما لا يقل عن 100000 شخص، وازدياد معدل الهجرة، وبخاصة من إريتريا(3).
وُقِّعت اتفاقية الجزائر في ديسمبر2000م، وقضت بتشكيل لجنة الحدود الإثيوبية الإريترية، والتي أعلنت نتائجها في 2002م، والتي قبلت بها إريتريا، ورفضتها إثيوبيا التي ظلت متمركزة في المواقع المحتلة. ظلت العلاقات سيئة بين البلدين، وحدثت مناوشات في عامي 2012م، و2016م في مدينة تيسيرونا الإريترية. ففي حالة اللاسلم واللاحرب بينهما، وقد فرض المجتمع الدولي عقوبات اقتصاديَّة على إريتريا وحظر تصدير الأسلحة إليها؛ بسبب اشتباه دعمها للإرهاب في الصومال، فيما لم يفرض على إثيوبيا أيَّة عقوبات رغم احتلالها لمناطق إريترية، ورفضها لقرارات اللجنة الحدودية المُشَكَّلَة نتيجة اتفاقية الجزائر؛ ويرجع هذا إلى نفوذ وقوة علاقات إثيوبيا مع الغرب؛ إذ إنها من أكثر المتلقين للدعم والتبرعات من دول إفريقيا جنوب الصحراء(4).
هذا الأمر الذي جعل إريتريا تنظر للعالم الخارجي على أنه غير محايد في تقييمه للأوضاع بينها وبين إثيوبيا، فتعد إثيوبيا من أبرز الدول الصديقة للولايات المتحدة في المنطقة ووكيلاً لها في حربها على الإرهاب في القرن الإفريقي.
وقد أشارت تسريبات ويكيليكس إلى وجود تعاون إثيوبي أمريكي على سياسة فرض العقوبات على إريتريا، ودعم الولايات المتحدة لها في مجلس الأمن؛ وذلك بسبب إصرار إريتريا على تطبيق قرارات اللجنة الحدودية الإثيوبية الإريترية، ويُعَدُّ ذلك جزءًا من سياسة الاحتواء التي تُطبِّقها إثيوبيا على إريتريا.
أيضًا قامت الولايات المتحدة بالضغط على ألمانيا من أجل التراجع عن إعطاء قرض لمشروع خاص بالمعادن في منطقة بيشا الإريترية.
وفي 2014م كانت إريتريا من ضمن دولتين مستبعدتين من حضور قمة إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية. قد أدَّت سياسة العُزْلَة المُطَبَّقة على إريتريا إلى إطلاق البعض عليها كوريا الشمالية الإفريقية، الأمر الذي زاد من تصميم أسمرة على مواقفها وتمركزها حول مطالبها(5).
تطور العلاقات الإثيوبية الإريترية وأسبابه:
في الجزء السابق تم استعراض وفهم أهمّ أسباب النزاع والصراع بين الجارتين، وكيف أن الحكم الاستبدادي في البلدين قد أدَّى إلى الاقتتال بين البلدين، وكيف أن شعور إريتريا بانحياز العالم الخارجي تجاهها زادها إصرارًا على التمترس خلف موقفها دون أي مقاربة أو حلحلة للأمور.
ولكن مع تولّي قيادة سياسية جديدة في إثيوبيا اتخذت إجراءات ديمقراطية؛ مثل إطلاق سراح المعتقلين، وفتح الباب للصحافة والإعلام في تناول الأمور دون قيود. ويعتبر هذا تغيُّرًا واضحًا في التشابه الاستبدادي بين البلدين؛ حيث إن تغيُّر الوضع الداخلي في إثيوبيا واتخاذه أساليب ديمقراطية في التعاطي مع الأمور يُعَدُّ سببًا رئيسًا في التغير الأخير في العلاقات بين البلدين.
أضف إلى ذلك رغبة إريتريا في كَسْر عزلتها الدولية، ورغبة العديد من الدول والمنظمات في التعامل مع هذه الدولة كالاتحاد الأوروبي، بالتنازل مؤقتًا عن قضية حقوق الإنسان في إريتريا من أجل قضية الهجرة غير الشرعية أو بعض الدول كالإمارات والسعودية من أجل كسب موقع متقدم كوسيط سياسي وعضو فاعل في المجتمع الدولي، وهو ما ألزم المجتمع الخارجي بالتعامل مع إريتريا بدلاً من عزلتها، وعليه فإن السبب الثاني هو الوساطة الخارجية الناجحة بين إثيوبيا وإريتريا.
أ- الوضع الداخلي في إثيوبيا:
تتوقف العلاقات البينية الآن ومستقبلاً في القرن الإفريقي على استقرار الداخل الإثيوبي، وبخاصة مع الاحتجاجات الأخيرة التي غيَّرت بشكل نسبي النظام في إثيوبيا، فجاء آبي أحمد إلى السلطة واتَّخذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تهدئة جموع الغاضبين على فساد الطبقة الحاكمة -أعني جبهة تحرير شعب التيجراي، الحاكم الفعلي للبلاد (TPLF)- بسبب التزاوج بين المال والسلطة، وسيطرة أقلية -قومية التيجَراي- على قطاعات الدولة البيروقراطية، والأمن، والجيش بنسبة تختلف اختلافًا صارخًا مع وزنهم السكاني -لا يتجاوز 6%- مع العرقيات الأخرى، وتردِّي أوضاع حقوق الإنسان مِن قَمْع للصحافة، والأحزاب، وسَجْن العديد من المعارضين السياسيين، وعدم الفصل بين السلطات من أجل الحفاظ على الوضع القائم في صالح (TPLF)(6).
اشتملت الإجراءات أيضًا على تغييرات في الجيش الذي يسيطر عليه قومية التيجراي عدديًّا؛ إذ تجاوز عدد القادة الرئيسيين في أماكن مختلفة من تلك القومية الـ95% من إجمالي عدد القادة، وعاطفيًّا؛ من خلال سيطرة العديد من شعارات ذات طابع قومي -مستوحاة من قومية التيجراي- على شعارات الجيش والتي تعود إلى الحرب التي خاضها (TPLF) ضد الحكم الاشتراكي عام 1991م؛ إذ قام آبي أحمد بإجبار العديد من القادة الكبار على الاستقالة، وقام أيضًا بإجبار الجنرال “ولديارجي” مدير وكالة أمن شبكة المعلومات الإثيوبية (INSA) على الاستقالة؛ تلك الوكالة التي كانت ذراعًا طولى في جمع المعلومات داخل البلاد وامداد (TPLF) بها(7).
كما قام آبي أيضًا برفع حالة الطوارئ، والإفراج عن العديد من المعتقلين السياسيين، أبرزهم حركة الجينبوت 7 من قومية الأمهرا، وإيقاف تنفيذ العديد من القوانين التي تم نقضها والتي كانت تُستخدم كمظلة للقبض على العديد من المواطنين تحت مسمى إرهابيين ظاهريًّا، لكنها كانت تستخدم ضد المعارضة السياسية في حقيقة الأمر، بالإضافة إلى ذلك، أصبح مجلس الوزراء من أغلبية قومية الأورومو، فيما حظى (TPLF) بحقيبتين وزاريتين فقط(8) ، أيضًا قام بالحدّ من احتكار الحكومة لشركة الاتصالات وصناعة الطاقة.
ما قام به آبي أحمد من تقليص نسبي لنفوذ (TPLF) في العديد من المؤسسات السيادية في الدولة، وبالأخص الجيش، بالإضافة إلى التقارب مع القوميَّات الأخرى بالزيارة أو بالإفراج السياسي عن المعتقلين، أو بزيادة المقاعد في مجلس الوزراء؛ يضع رئيس الوزراء الشابّ في مواجهة مباشرة مع (TPLF) الذي ما يزال يملك من القوة في كافة أنحاء الدولة، وبخاصة الجيش.
ورغم أن آبي أحمد قد قام بعزل العديد من هؤلاء، إلا أنه يتبقى الكثير الذين يُخشى منهم القيام بشيء غير ديمقراطي كانقلاب عسكري، أو محاولة اغتيال لآبي أحمد كالتي حدثت في شهر يونيو 2018م من محاولة اغتيال مجهولة فاشلة، وهو ما يهدّد البلاد بحرب أهلية.
وهؤلاء الذين يُخشى بأسهم هم أيضًا يخشون ذلك السيناريو المشئوم من الاقتتال الداخلي، وقد عبرت قومية التيجراي لذراعها السياسي (TPLF) عن هذا الخوف من أن تكون عرقيتهم الصغيرة مستهدَفَة من باقي العرقيات الإثيوبية مما يضع (TPLF) في حيرة من أمره، ويجبره على إعادة حسابه لأيّ ردة فعل على إجراءات آبي أحمد(9).
في يونيو 2018م، أعلن آبي أحمد عن قبوله نتائج اللجنة الدولية حول الحدود، والتي كانت إثيوبيا ترفضها مرارًا وتكرارًا، هذا الأمر الذي دفَع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى إعلانه عن إرسال وفد للتفاوض مع إثيوبيا، وهو الأمر الذي كان يرفضه منذ رفض إثيوبيا لقرارات اللجنة الحدودية.
وفي مطلع يوليو 2018م، قام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بزيارة تاريخية لأسمرة؛ إذ إنها أول زيارة لرئيس وزراء إثيوبي منذ اندلاع الحرب بين البلدين.
وأعلن الطرفان عن إنهاء حالة الحرب بين البلدين، وعودة العلاقات الدبلوماسية من خلال إعادة فتح السفارات في أسمرة وأديس أبابا، وفتح المجال لتسيير الرحلات الجوية بين البلدين، وإمكانية استعانة إثيوبيا بالموانئ الإريترية. فيما طلبت إثيوبيا من سكرتير عام الأمم المتحدة أثناء زيارته لها في نفس الشهر برفع العقوبات والحظر المفروض على إريتريا استكمالاً لخطوات عملية السلام.
وكانت هذه المصالحة إضافةً مهمة للتغييرات الديمقراطية الجذرية التي قام بها آبي أحمد، ولكن على صعيد السياسة الخارجية هذه المرة. ويعتقد البعض أن ما قام به آبي أحمد من المصالحة مع إريتريا تعود لرغبته في كسب طرف جديد لصالحه في صراعه المحتمل مع (TPLF).
ب- دور الوساطات الخارجية:
على الرغم من أن حجر الزاوية في تلك المصالحة يعود بالأساس إلى رغبة طرفي الصراع، وبالأخص التغيير الحادث على الجانب الإثيوبي، ومجيء قيادة جديدة راغبة في إحداث التغيير، إلا هناك دورًا مهمًّا يعود لبعض المؤسسات والدول؛ حيث قام المجلس العالمي للكنائس بإرسال وفود لبحث سُبل إيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين. وفي أثناء حقبة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، هايلي ميريام دسالين، التقى مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون الإفريقية، دونالد ياماموتو، به في واشنطن لبحث إمكانية إطلاق عملية سلام. زار ياماموتو البلدين في أبريل، والتقى بوزير الخارجية الإريتري عثمان صالح، وتشاور معه حول سُبُل التقارب مع الإثيوبيين(10).
ولعل أزمة اليمن كان لها تأثير غير مباشر على التقارب الإثيوبي الإريتري؛ إذ إن التحالف العربي وبالأخص الإمارات احتاج إلى استخدام ميناء عصب الإريتري القريب من اليمن من أجل مواجهة الحوثيين، وفي مقابل هذا قامت الإمارات بمَدّ إريتريا بالغذاء والوقود. وقد أدى هذا التقارب الإريتري الإماراتي إلى خوف إثيوبيا من تطور العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بينهم، فسعت إلى تطوير علاقاتها مع الإمارات؛ حيث عرضت الإمارات تطوير ميناء بربرة في منطقة “صومالي لاند” الصومالية -التي طالما رغبت إثيوبيا في تطويره، من أجل استخدامه لصالحها في إطار سياسة تنويع الموانئ المستخدمة-، ومنح إثيوبيا حق استخدامه بنسبة 30%. عقب إعلان رئيس الوزراء آبي أحمد استعداده لتسليم قرية “بادم” الحدودية لإريتريا بعشرة أيام، قام ولي عهد إمارة أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى أديس أبابا، وأعلن فيها عن مِنَح وقروض لإثيوبيا تصل قيمتها لـ3 مليارات دولار(11).
في منتصف سبتمبر2018م، استقبلت مدينة جدة السعودية آبي أحمد وأسياس أفورقي اللذان وَقَّعَا على اتفاقية أخرى للسلام لم توضَّح بعدُ أبعادها فيما عُرِفَ باتفاقية النقاط السبعة؛ وفق بيان الخارجية الإثيوبية، أو اتفاقية جدة، وكان هذا الاتفاق في حضور كلٍّ من الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. كما استقبلت المملكة العربية السعودية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر الذي عقد اجتماعًا مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي في اليوم التالي لمباحثات السلام الإثيوبية الإريترية؛ حيث أكَّدَا على حلّ الخلاف بينهما في إطار الحوار، وذلك في إطار مباحثات السلام الناجحة بين جيبوتي وإريتريا في أوائل سبتمبر الجاري، وكان هذا في إطار الوساطة السعودية لمشكلات القرن الإفريقي(12).
ج- أسباب أخرى:
إن تحسُّن العلاقات الإثيوبية الإريترية قد يسمح لإثيوبيا بخفض التوتر حولها جغرافيًّا ومساعدتها على تركيز جهودها في المحادثات مع مصر حول سَدّ النهضة، كما يمكن لإثيوبيا استغلال تقارب إريتريا مع مصر في شرح موقف إثيوبيا، وطمأنة مصر بشأن حصتها في مياه النيل(13).
وتُعَدُّ إثيوبيا ثاني الدول الإفريقية من حيث عدد السكان، لكنها من أكثر الدول الإفريقية فقرًا رغم تلقِّيها العديد من المساعدات الخارجية، وإن تحوُّل التركيز من الحرب مع إريتريا إلى التنمية الاقتصادية في البلاد سيؤدي بلا شك إلى تحسين وضعية الفقراء واستقرار الحالة الاجتماعية، والتي تنعكس على الحالة السياسية في البلاد.
وهذا الوضع لا يختلف كثيرًا في إريتريا؛ إذ إن البلاد المحاصرة اقتصاديًّا تعاني أيضًا من الفقر ومن شأن السلام أن يُحَسِّن الوضع اقتصاديًّا، وأن يؤدِّي إلى تقليل الفارّين من نظام التجنيد الإجباريّ العسكريّ بعد انتهاء الحرب؛ لذا فإنه قد يُعْزَى السلام إلى العامل الاقتصاديّ، والرغبة في إنهاء حالة الفقر الناجم جزئيًّا عن اقتصاد الحرب في البلدين(14).
العلاقات بين جيبوتي وإريتريا:
يعود التَّوَتُّر في العلاقات بين جيبوتي وإريتريا إلى نزاعات حدودية في منتصف التسعينيات، قبل اندلاع الحرب الإريترية الإثيوبية، والتي زادت من التوتر بين البلدين؛ وذلك بسبب ميل جيبوتي لإثيوبيا أثناء النزاع.
بلغ هذا التوتر ذُروته حَدّ القطيعة في 2008م بعد ادعاء جيبوتي احتلال إريتريا لمنطقة الدميرة الحدودية، ورفض إريتريا حلّ مشكلة الحدود مع جيبوتي إلا من خلال حلّ مشكلتها الحدودية القديمة مع إثيوبيا؛ الأمر الذي زاد الأمور تعقيدًا حتى قبول إريتريا الوساطة القَطَرية بإرسال قوات للفصل بين البلدين على الحدود(15).
وبفضل الوساطة الإثيوبية الصومالية، وافق البلدان على عودة العلاقات بينهما في أوائل سبتمبر 2018م، الأمر الذي أشاد به الأمين العام للأمم المتحدة في إطار المصالحات التي تجري في القرن الإفريقي، والتي يُعَدُّ التحرك الإثيوبي نحو المصالحة هو حَجَر الزاوية والشرارة الأولى لما تلاها من مصالحات.
العلاقات الصومالية الإريترية:
في أواخر شهر يوليو المنصرم، قام الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد بزيارة تاريخية إلى أسمرة؛ إذ إنها أول زيارة لرئيس صومالي لإريتريا منذ 15 عامًا؛ حيث إن العلاقات بين البلدين كانت مقطوعة بسبب الاشتباه الذي كان يحوم حول دعم أسمرة لحركة الشباب الصومالية المناوئة للحكومة. وفي أثناء تلك الزيارة، أعلن عن إعادة العلاقات بين البلدين، وتبادل السفراء في إطار من الأُخُوَّة وحُسن الجوار.
ولطالما كانت الصومال -والسودان- ساحة للحرب بالوكالة بين إثيوبيا وإريتريا؛ إذ إنه بعد تدخل إثيوبيا -المدعوم أمريكيًّا في إطار الحرب على الإرهاب- في الصومال؛ وذلك بسبب أجندة حركة اتحاد المحاكم الإسلامية الصومالية في 2006م، خرج فصيلٌ آخر يُدْعى حركة الشباب الإسلاميَّة بدأ في مهاجمة التدخل الإثيوبي والحكومة الصومالية، وذلك على اعتبار أنها حكومة صورية للتدخل الإثيوبي؛ وذلك وفقًا لحركة الشباب. وعليه فقد قامت إريتريا بدعم حركة الشباب ليس إيمانًا منها بأجندتها، ولكن بسبب كونها في مواجهة إثيوبيا(16).
ولا شك أن تلك الزيارة والمصالحة قد جاءت نتيجة تحرُّك المياه الراكدة لقضية القرن الإفريقي الرئيسة؛ قضية الحدود بين إريتريا وإثيوبيا. وبخاصة في سعي إريتريا لكسر عزلتها الدولية، ورفع حظر السلاح والعقوبات الاقتصادية المرتبطين بالنزاع الحدودي مع جيبوتي، ودعم حركة الشباب الصومالية المسلحة.
مستقبل العلاقات البينية في القرن الإفريقي:
إنَّ المحدِّد الرئيس لمآل العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا هو ردة فعل (TPLF) المنتظرة على الإصلاحات الأخيرة. والقيادة في إريتريا تعلم أن (TPLF) العدو الحالي والصديق القديم ستكون له ردة فعل مستقبلية. ومن أجل هذا، عليها أن تَطْوي العديد من الملفات التي تسبِّب الاختلاف مع إثيوبيا؛ من أجل دعم القيادة الجديدة هناك في مواجهة (TPLF)، وتحسين موقفه داخليًّا بشأن قضية العلاقات بينهما.
وفي إطار المبادرات حسنة النوايا بشأن الحدود، لا يمكن لإريتريا التخلِّي كليًّا عن جيشها الكبير المرابط على الحدود؛ خشيةَ أيّ ردة فعل من (TPLF) ضد آبي أحمد وإريتريا عسكريًّا لنفوذ (TPLF) في الجيش كما ذكرت آنفًا؛ الأمر الذي يؤدِّي إلى الضغط شعبيًّا على القيادة الإريترية عن جدوى استمرار ذلك الحشد، وفرض حالة الطوارئ المكلفة على الشعب في إطار تلك المبادرات الإثيوبية(17).
لا تتوقف المسارات المحتملة للعلاقات بين الدولتين على إثيوبيا فقط. فهناك سؤالٌ يطرح نفسه، هل يريد أسياس أفورقي سلامًا حقًّا. لطالما كانت إريتريا تمتلك سجلاً سيئًا في مجال الحقوق والحريات؛ حيث لا أحزاب، والبرلمان ليس له سلطة تشريعية، وجيش كبير، ونظام خدمة وطنية غير محدَّد المعالم، مما أسفر عن ازدياد أعداد المهاجرين الإريتريين وطلبات لجوئهم بشكل مفزع؛ هربًا من الخدمة العسكرية، كل هذا بسبب حالة الحرب مع إثيوبيا. لكن ماذا إذا حدث السلام، أين سيذهب الآلاف من الشباب بعد أن يعودوا إلى بيوتهم عقب انتهاء الحرب، أين الوظائف التي تنتظرهم، ومن ثَمَّ على القيادة إيجاد الحل البديل لهؤلاء الشباب(18).
إن إريتريا قد بدأت في الانفتاح على العالم؛ فهي عضو في عملية الخرطوم من أجل الحدّ من الهجرة غير الشرعية والاتجار مع البشر بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. تمتد السواحل الإريترية على البحر الأحمر لأكثر من 1000 كيلو متر، مما يجعلها موقعًا مهمًّا للتجارة على طريق قناة السويس المهم، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المهم من الناحية الأمنيَّة في مواجهة اليمن، وبالقرب من الصومال؛ حيث يمكن أن تكون قاعدة للاستثمار ولمواجهة الإرهاب.
إن الاستثمار الذي يخلق فرصًا للعمل يحتاج إلى سلام، وسمعة دولية حسنة تتحسن من خلال رفع الحظر العسكري والعقوبات الاقتصادية، وما يحدث الآن يُمَهِّد بلا شك إليه، طالما كانت هناك إرادة مخلصة ترغب فيه، قد تقارب الطرفان الإثيوبي والإريتري بالمعاهدات والزيارات، لكنَّ الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في نقل عملية السلام إلى أرض الواقع فيما يتعلق بالحدود وتطبيق قرارات اللجنة الحدودية المنبثقة عن اتفاقية الجزائر 2000م.
وإن تحسُّن العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا المشروط بتجاوز الملفات الاقتصاديَّة والسياسيَّة التي أدت إلى النزاع في الماضي، سيؤثر بصورة سلبية نسبية على جيبوتي -عن طريق فتح الموانئ الإريترية لمرور الصادرات والواردات من وإلى إثيوبيا في إطار سياسة إثيوبيا من تنويع الموانئ المستخدمة- التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع (TPLF)، والتي تستفيد بشكل كبير من مرور الاقتصاد الإثيوبي عبر ميناء جيبوتي.
فعلى الرغم من تحسُّن العلاقات بين جيبوتي وإريتريا بعد قطيعةٍ دامت لعقدٍ من الزمن، إلا أن مستقبل العلاقات بين جيبوتي وإريتريا لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال الحكم عليه بشكل آنِيّ من تلك المصافحات والزيارات الرباعية لممثلي دول القرن لسَدّ الفجوة بين البلدين؛ إذ إنَّ الحكم سيكون في المستقبل مرتبطًا بردة فعل (TPLF)، ومن ثَمَّ تترتب العلاقات الإثيوبية الإريترية؛ فإن كانت العلاقة بين إثيوبيا وإريتريا تسير في الطريق الذي يتمناه أسياس أفورقي وآبي أحمد، فإنَّ الاقتصاد في جيبوتي سيتأثر بشكل سلبيّ مما يؤدِّي إلى طرح أسئلة حول استقرار جيبوتي وعلاقتها السياسية، وبخاصة المنافس البحري الجديد إريتريا، والقيادة الإثيوبية الشابَّة المنافسة للصديق (TPLF). بالإضافة إلى هذا الجانب، نجد أيضًا أن مستقبل العلاقات بينهما، لا ينفصل أيضًا عن مرونة إريتريا في قضية الحدود مع جيبوتي، والتي أدَّت إلى المواجهة المباشرة بينهما(19).
حول مآل العلاقة بين الصومال وإريتريا، فإنَّ إريتريا تسعى لعلاقات جيدة مع الصومال؛ حتى تحاول أن تمحو الصورة السلبية عنها للمجتمع الدولي، ومن أجل رَفْع حَظْر السلاح، وهو ما دعا إليه الرئيس الصومالي أثناء زيارته، لكن يدور التساؤل حول مدى تأثير التحالفات العربية للصومال التي تتمتع بعلاقة جيدة مع قطر ليست بالجيدة مع الإمارات العربية المتحدة، وإريتريا التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الإمارات العربية المتحدة في ظل الأزمة الراهنة بين الفرقاء الخليجيين، فهل تُلْقِي الأزمة الخليجيَّة بظلالها على العلاقات بين البلدين؟(20).
خاتمة:
إن تشابه الأنظمة الاستبدادية في كلٍّ من إثيوبيا وإريتريا قد ساعد على اندلاع الحرب واستمرار القطيعة بينهما لمدة زادت عن 20 عامًا وعدم استقرار منطقة القرن الإفريقي بأكملها؛ نتيجة الحرب بالوكالة بينهما في دول أخرى كالصومال.
ومع التغيير السياسي الجديد في إثيوبيا، ومجيء بقيادة سياسية اتخذت إجراءات ديمقراطية ليبرالية، تمثلت في رفع حالة الطوارئ، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين، ووقف احتكار الدولة وسيطرتها على العديد من الصناعات، وتوافر الرغبة الإريترية في كَسْر عزلتها ورفع الحظر العسكري عنها، كان إطلاق عملية السلام منطقيًّا لتلك المقدمات.
ساعَد على هذا وساطات خارجية؛ أبرزها عربية، مع التأكيد على أنَّ رغبة الطرفين هي المحرِّك الرئيس في عملية السلام.
ومع تفكك الأزمة الإريترية الإثيوبية، وهي المعضلة الأبرز، تفككت الأزمات بين الصومال وإريتريا ثم بين جيبوتي وإريتريا تواليًا.
وما يزال السلام في مراحله الأولى، وهناك الكثير مَن يتربَّص به ولا سيِّمَا في الداخل الإثيوبي، بَيْدَ أنَّ تقدُّم السلام في المنطقة يعتمد على مدى رسوخ أقدام القيادة الجديدة في إثيوبيا، والتي أطلقت الشرارة الأولى للسلام المفاجئ في القرن الإفريقي.
الإحالات والهوامش:
(*) طالب ماجستير – كلية الدراسات الإقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية.
(1) J Abbink, “Briefing:The Eritrean-Ethiopian Border Dispute” African Affairs 97(1998): http://cutt.us/TR6LJ (Accessed September 15, 2018).
(2) Ibid, 557-60.
(3) Carol Pineau, “ Eritrea-Ethiopia Peace: Seismic Shifts Throughout a Strategic Zone,” Center for Strategic and International Studies, July 25, 2018, https://www.csis.org/analysis/eritrea-ethiopia-peace-seismic-shifts-throughout-strategic-zone (Accessed September 12, 2018).
(4) Ibid.
(5) Ibid.
(6) Addissu Admas, “ Dr. Abiy Ahmed: His Challenges and the Hope of Ethiopians,” ECADF, April 1, 2018, http://cutt.us/dClxo / (Accessed September 13, 2018).
(7) Bronwyn Bruton, “Ethiopia and Eritrea Have a Common Enemy,” Foreign Policy, July 12, 2018, https://foreignpolicy.com/2018/07/12/ethiopia-and-eritrea-have-a-common-enemy-abiy-ahmed-isaias-afwerki-badme-peace-tplf-eprdf/ (Accessed September 9, 2018).
(8) Annette Weber, “Abiy Superstar – Reformer or Revolutionary? Hope for Transformation in Ethiopia,” German Institute for International and Security Affairs, July 26, 2018, http://cutt.us/NYrrp (Accessed September 9, 2018).
(9) Bronwyn Bruton, op.cit.
(10) Martin Plaut, “Eritrea and Ethiopia have made peace. How it happened and what next,” The Conversation, July 10, 2018, https://theconversation.com/eritrea-and-ethiopia-have-made-peace-how-it-happened-and-what-next-99683
(Accessed September 14, 2018).
(11) Liam Carmody, “Ethiopia and Eritrea: A New Breakthrough in an Old Rivalry,” Future Directions, August 28, 2018, http://cutt.us/IJza8 / (Accessed September 15, 2018).
(12) Jon Gambrell, “Leaders of Ethiopia, Eritrea sign accord in Saudi Arabia,” The Washington Post, September 16, 2018, https://www.washingtonpost.com/world/africa/leaders-of-ethiopia-eritrea-to-sign-accord-in-saudi-arabia/2018/09/16/225fa16e-b998-11e8-adb8-01125416c102_story.html?utm_term=.48584cdbf3b4 (Accessed September 21,2018)
(13) Susan Stigant and Payton Knopf . “Ethiopia-Eritrea Peace Deal Brings Hope to Horn of Africa,” United States Institute for Peace, August 2, 2018, https://www.usip.org/publications/2018/08/ethiopia-eritrea-peace-deal-brings-hope-horn-africa (Accessed October 12, 2018).
(14) Ibid.
(15) Tanja R. Müller. 2016. “Assertive foreign policy in a ‘bad neighbourhood’: Eritrean foreign policy making” Paper presented at the International conference on Eritrean Studies: Way Forward , Asmara, Eritrea, July 20-22, 2016 , 9-10 https://www.researchgate.net/publication/314208810_Assertive_foreign_policy_in_a_’bad_neighbourhood’_Eritrean_foreign_policy_making/citations (Accessed September 12, 2018).
(16) Tanja R. Müller , op.cit, 10.
(17) Bronwyn Bruton, op.cit.
(18) Carol Pineau, op.cit.
(19) Bronwyn Bruton, op.cit.
(20) “Eritrea and Somalia agree to restore diplomatic relations,” Aljazeera, https://www.aljazeera.com/news/2018/07/eritrea-somalia-agree-restore-diplomatic-relations-180730152410668.html (Accessed September 11, 2018).
المراجع:
1- Abbink, J .“Briefing:The Eritrean-Ethiopian Border Dispute” African Affairs 97(1998):556-7. https://openaccess.leidenuniv.nl/bitstream/handle/1887/9481/ASC_1242160_015.pdf?sequence=1
(Accessed September 15, 2018).
Papers presented at conferences:
1- Müller, Tanja R. 2016. “Assertive foreign policy in a ‘bad neighbourhood’: Eritrean foreign policy making” Paper presented at the International conference on Eritrean Studies: Way Forward , Asmara, Eritrea, July 20-22, 2016 , 9-10 https://www.researchgate.net/publication/314208810_Assertive_foreign_policy_in_a_’bad_neighbourhood’_Eritrean_foreign_policy_making/citations (Accessed September 12, 2018).
Articles and News:
1-“Eritrea and Somalia agree to restore diplomatic relations,” Aljazeera, https://www.aljazeera.com/news/2018/07/eritrea-somalia-agree-restore-diplomatic-relations-180730152410668.html (Accessed September 11, 2018).
2- Admas, Addissu. “ Dr. Abiy Ahmed: His Challenges and the Hope of Ethiopians,” ECADF, April 1, 2018, https://ecadforum.com/2018/04/01/dr-abiy-ahmed-his-challenges-and-the-hope-of-ethiopians/
(Accessed September 13, 2018).
3- Bruton, Bronwyn. “Ethiopia and Eritrea Have a Common Enemy,” Foreign Policy, July 12, 2018, https://foreignpolicy.com/2018/07/12/ethiopia-and-eritrea-have-a-common-enemy-abiy-ahmed-isaias-afwerki-badme-peace-tplf-eprdf/ (Accessed September 9, 2018).
4- Carmody, Liam. “Ethiopia and Eritrea: A New Breakthrough in an Old Rivalry,”FutureDirections,August28,2018, http://www.futuredirections.org.au/publication/ethiopia-and-eritrea-a-new-breakthrough-in-an-old-rivalry/
(Accessed September 15, 2018).
5- Gambrell, Jon. “Leaders of Ethiopia, Eritrea sign accord in Saudi Arabia,” The WashingtonPost,September16,2018, https://www.washingtonpost.com/world/africa/leaders-of-ethiopia-eritrea-to-sign-accord-in-saudi-arabia/2018/09/16/225fa16e-b998-11e8-adb8-01125416c102_story.html?utm_term=.48584cdbf3b4 (Accessed September 21,2018)
6- Pineau, Carol. “ Eritrea-Ethiopia Peace: Seismic Shifts Throughout a Strategic Zone,” Center for Strategic and International Studies, July 25, 2018, https://www.csis.org/analysis/eritrea-ethiopia-peace-seismic-shifts-throughout-strategic-zone (Accessed September 12, 2018).
7- Plaut, Martin. “Eritrea and Ethiopia have made peace. How it happened and what next,” The Conversation, July 10, 2018, https://theconversation.com/eritrea-and-ethiopia-have-made-peace-how-it-happened-and-what-next-99683
(Accessed September 14, 2018).
8- Stigant, Susan and Payton Knopf . “Ethiopia-Eritrea Peace Deal Brings Hope to Horn of Africa,” United States Institute for Peace, August 2, 2018, https://www.usip.org/publications/2018/08/ethiopia-eritrea-peace-deal-brings-hope-horn-africa (Accessed October 12, 2018).
9- Weber, Annette. “Abiy Superstar – Reformer or Revolutionary? Hope for Transformation in Ethiopia,” German Institute for International and Security Affairs, July 26, 2018,
https://www.swp-berlin.org/fileadmin/contents/products/comments/2018C26_web.pdf
(Accessed September 9, 2018).