أكدت روسيا دعمها الكامل للدول الإفريقية في ظل “عالم متعدد الأقطاب” في نهاية مؤتمر وزاري روسي-إفريقي عقد يومي السبت والأحد في مدينة سوتشي بجنوب غرب روسيا.
وجاء المؤتمر في إطار جهود روسيا لتعميق علاقاتها مع دول القارة، التي تجنبت فرض عقوبات عليها بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير 2022.
واستعرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر كلمة وجهها لمسؤولين من نحو خمسين دولة إفريقية، استعداد بلاده لتقديم “الدعم الكامل” لإفريقيا في مجالات متنوعة، معربا عن رغبة روسيا في تعزيز علاقاتها مع القارة.
وفي كلمته التي ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية سيرغي لافروف، أشار بوتين إلى أن الدعم الروسي قد يشمل “التنمية المستدامة، مكافحة الإرهاب والتطرف، مواجهة الأوبئة، حل الأزمات الغذائية، والتعامل مع تداعيات الكوارث الطبيعية”.
وتسعى موسكو، التي كانت لاعبا رئيسيا في القارة الإفريقية خلال الحقبة السوفياتية، لاستعادة نفوذها عبر دعم سياسات اقتصادية وأمنية تعزز استقلال الدول الأفريقية عن الأنظمة المالية التي يسيطر عليها الغرب.
وفي هذا السياق، قال لافروف في ختام المؤتمر، إن إفريقيا يجب أن تكون “أحد مراكز العالم متعدد الأقطاب”، مؤكدا إحراز تقدم في التعاون بين روسيا والدول الإفريقية، “رغم العقبات المصطنعة” التي وضعها “الغرب الجماعي”، وهو التعبير الذي تستخدمه موسكو للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي إطار سعيها للحد من الهيمنة الغربية، تدعو روسيا عبر وسائلها الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي إلى “نظام عالمي أكثر عدالة”، وهو خطاب يجد صدى لدى بعض القادة الأفارقة.
وأكد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، على هامش المؤتمر، أن “روسيا ليست قوة استعمارية”، مشيرا إلى أنها وقفت إلى جانب الشعوب الإفريقية وشعوب أخرى حول العالم لدعم استقلالها.
في المقابل، تواجه روسيا انتقادات غربية، حيث تتهمها بعض القوى الغربية بأنها تشن حربا إمبريالية في أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة.
وتعتمد روسيا في توسيع نفوذها في أفريقيا على استراتيجيات متعددة تشمل دعم الأمن والتنمية الاقتصادية. وتنشط مجموعات مثل فاغنر و”الفيلق الإفريقي”، التي خلفتها، في مناطق مثل إفريقيا الوسطى ودول الساحل، حيث تعمل تحت مسمى “مستشارين” لمساعدة القادة المحليين.
وتشير تقارير إلى أن روسيا قدمت خلال العام 2023 أسلحة للدول الإفريقية بقيمة تزيد على خمسة مليارات دولار، ما يعكس دورها المتزايد في دعم البنية الأمنية للقارة. وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي، تسعى روسيا لتطوير القطاع الرقمي في وسط إفريقيا، وتوسيع استثماراتها في موارد القارة الطبيعية.
وأكدت ماري تيريز شانتال نغاكونو، مفوضة البنى التحتية في المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، ضرورة تطوير المجال الرقمي بمواكبة روسية. كما أبدت الشركات الروسية اهتماما كبيرا باستغلال المعادن في إفريقيا، مثل الألماس في أنغولا وزيمبابوي، والنفط في نيجيريا وغانا والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والبوكسيت في غينيا.
وتحدث يانغ بييرو أوماتسايي، مؤسس منظمة “جيت إيج نايشن بيلدرز”، عن ثروات إفريقيا المعدنية التي لم تستغل بالشكل المناسب، معتبرا أن “الشراكة مع روسيا”، كإحدى القوى الكبرى في تصدير الغاز والنفط والألماس، ستتيح استغلال هذه الموارد بشكل أفضل. لكنه أشار إلى مخاوف بشأن استمرارية هذا التعاون على المدى الطويل، متسائلا ما إذا كانت روسيا ستبقي على اهتمامها بإفريقيا بعد انتهاء النزاع في أوكرانيا، وهل ستكون هذه الشراكة أولوية استراتيجية أم اهتماما ظرفيا مرتبطا بالصراع مع الغرب.