كشف تقرير لوكالة “بلومبيرغ” الأميركية نقلا عن علماء ومسؤولين بالصحة العامة، أنه “كان بالإمكان تجنب تفشي جدري القردة في قارة إفريقيا، إذا تم الأخذ في الاعتبار التحذيرات السابقة، وتوفير المزيد من اللقاحات”، قبل أن يبلغ القلق بقية العالم ويدفع منظمة الصحة العالمية لإعلان حالة الطوارئ
وحسب “بلومبيرغ”، فقد أدت “الخطوات الخاطئة” و”التقاعس” من جانب الحكومات والهيئات الصحية وممولي البحث العلمي، إلى خلق “البيئة المثالية لتحور الفيروس إلى سلالة تنتشر بسهولة أكبر بين البشر”.
وعلى الرغم من توفر لقاح فعال – يكلف حوالي 100 دولار – ووجود دول مثل الولايات المتحدة قامت بتخزين ملايين الجرعات، فإن جمهورية الكونغو الديموقراطية التي تفشى فيها الفيروس، لم تتلق أي لقاح بعد، وفق الوكالة.
ويلقي منتقدون باللوم على منظمة الصحة العالمية، التي أخرت منح ترخيص اللقاحات، مما منع وصول العلاج إلى البلدان المحتاجة بأسرع ما يمكن.
والآن، بدلا من تفشي المرض في مناطق محددة، يحذر العلماء ومنظمات الإغاثة والسلطات الحكومية، من أن الفيروس “قد ينتشر على نطاق أوسع خارج إفريقيا”، حسب ما تذكر “بلومبيرغ”.
وقال زعماء أفارقة، من بينهم رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، إن القارة “تعرضت للتجاهل” خلال حالة الطوارئ السابقة، التي “ركزت على نشر اللقاحات في الدول الغربية” لوقف انتشار المرض.
وذكر رامافوزا في بيان يوم 17 أغسطس الجاري، أن إعلان منظمة الصحة العالمية هذه المرة “يجب أن يكون مختلفا، ويصحح المعاملة غير العادلة من الإعلان السابق، من تطوير اللقاحات والعلاجات وإتاحتها في المقام الأول للدول الغربية، مع القليل من الدعم المقدم لإفريقيا”.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنه خلال العامين الماضيين منذ تفشي المرض الأخير، “لم يتم استثمار سنت واحد من أموال المانحين على المستوى العالمي للسيطرة على فيروس جدري القردة”.
في غضون ذلك قال متحدث باسم الحكومة إن ألمانيا ستتبرع بـ 100 ألف جرعة لقاح موكس من مخزونها العسكري للمساعدة في احتواء تفشي المرض في القارة الإفريقية على المدى القصير وكذلك تقديم المساعدة للدول المتضررة.
وأضاف المتحدث أن الحكومة ستزود منظمة الصحة العالمية بموارد مالية مرنة عبر أدوات مختلفة لمكافحة الجدري وكذلك دعم شركائها في إفريقيا من خلال تحالف التطعيم العالمي (GAVI).
وتمتلك ألمانيا حوالي 117 ألف جرعة من جينيوس، والتي يقوم الجيش الألماني بتخزينها بعد أن اشترتها برلين في عام 2022.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع إنها ستحتفظ بالحد الأدنى من المخزون. وأضاف أنه سيتعين اتخاذ قرار منفصل عندما يتعلق الأمر بإعادة طلب اللقاحات.
وتبحث الحكومة عن أسرع طريقة لإيصال اللقاحات إلى البلدان المتضررة، وفي المقام الأول جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولكن أيضًا بوروندي والدول المجاورة في شرق إفريقيا، وفقًا لمتحدث باسم وزارة الخارجية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن مرض الجدري يمثل حالة طوارئ عالمية للصحة العامة بعد تفشي المرض في جمهورية الكونغو الديمقراطية وانتشر إلى البلدان المجاورة وأثار شكل جديد من الفيروس، clade Ib، مخاوف بشأن سرعة انتقال العدوى.
ومنذ بداية عام 2024، قتل الفيروس حوالي 575 شخصا في جمهورية الكونغو، وأصاب أكثر من 20 ألفا، وفقا لأحدث البيانات من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا. ويسبب المرض أعراضا أشبه بالإنفلونزا، إلى جانب بثور مليئة بالقيح في الجسد. وعادة ما تكون أعراضه معتدلة، إلا أنها قد تؤدي إلى الوفاة. ويزيد خطر المضاعفات على الأطفال والحوامل وذوي المناعة الضعيفة.