أوردت مجلة “أفريكا ريبورت” أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كشفت عن سياسة جديدة تنتهجها في تقديم مساعداتها التنموية الخارجية، مشيرة إلى أنها تركز على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد كأولوية في جميع برامجها.
وقالت المجلة الفصلية التي تصدر في باريس باللغة الإنجليزية إن هذا التحوّل في سياسة الوكالة يأتي في الوقت الذي يدعو فيه المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس إلى إنهاء “النهج السياسي القائم على القيم”.
وأوضحت أنه بينما يتطلع المرشح ترامب ونائبه إلى محاكاة تعامل الصين مع إفريقيا وبقية العالم، فإن الوكالة الأميركية تتخذ النهج المعاكس في العام الذي تجري فيه الانتخابات الرئاسية.
ونقلت المجلة عن شانون غرين مديرة مكتب الوكالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قولها إن العالم يمر بمنعطف حرج، وعلى أميركا أن تتصرف بجرأة وبشكل جماعي إذا أردنا وجهة معاكسة للتوجهات السلبية فيما يتعلق بالديمقراطية خلال العقدين الماضيين.
وأضافت غرين أن أحد المتطلبات الرئيسية لهذه السياسة، التي أُعلن عنها في فعالية بـ”مركز ويلسون للأبحاث” المعتمد من الكونغرس في واشنطن العاصمة، هو تطوير مراجعات الديمقراطية في البلدان الاستبدادية والتي يتفشى فيها الفساد. ومن المتوقع أن تتم المراجعات الأولى في خريف هذا العام.
وأوضحت أن هذه المراجعات ستجبر الوكالة على تحليل المهمة بأكملها ومعرفة أين يمكن إجراء تعديلات لدعم النتائج الديمقراطية بشكل أفضل، و”على الأقل للتأكد من أننا لا نطيل الحكم الاستبدادي عن غير قصد أو نفاقم الفساد”.
وقالت سامانثا باور مديرة الوكالة إن التحول يتطلب جهدا على مستوى الوكالة، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أن يكون التقدم مدفوعا فقط من قبل أولئك الذين عليهم مهام لتنمية الديمقراطية في توصيفاتهم الوظيفية، بل يجب أن يكون مدفوعا بنا جميعا”.
وأشارت “أفريكا ريبورت” إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن استضاف قمتين افتراضيتين من أجل الديمقراطية، في عامي 2021 و2023، “لتجديد الديمقراطية في الداخل ومواجهة الأنظمة الاستبدادية في الخارج”، لكنه تعرض للانتقادات لدعوته عددا كبيرا من الرؤساء الاستبداديين لحضور “قمة القادة الأميركيين الأفارقة في ديسمبر 2022” وغض الطرف عن الممارسات المشكوك فيها لحلفاء أميركا، لا سيما في الشرق الأوسط.
وأوضحت المجلة أن الإستراتيجية الجديدة تعتمد على 4 محاور:
تبني “نهج كامل للوكالة” للتجديد الديمقراطي بالاستفادة من جميع مواردها وقدراتها وشراكاتها لدفع التغيير الهادف.
توسيع جهود الوكالة في الخارج لدعم القيم الديمقراطية ورأس المال الاجتماعي والخطاب السياسي المدني وسلامة المعلومات والمعايير.
النهوض بالديمقراطية الرقمية من خلال دعم نهج احترام الحقوق للبيانات والتكنولوجيا.
تعزيز مكافحة الفساد باعتبارها حاسمة للديمقراطية والتنمية، مع التركيز على الفساد العابر للدول والفساد الكبير والفساد المالي للحكومات.
وقالت باور إنهم يركزون حاليا بشكل أكبر على الجهات الفاعلة الأخرى التي تساعد على إدامة الفساد، وفضح المحامين والمصرفيين ومديري الصناديق الذين يساعدون المسؤولين الحكوميين الفاسدين على نقل أموالهم وإيوائهم وتطوير برامج لمعرفة كيفية تثبيط هذا النوع من العمل.
وعلقت المجلة بأن هذه التغييرات مؤثرة بشكل خاص في إفريقيا، التي تلقت الجزء الأكبر من مساعدات الوكالة البالغة 38 مليار دولار عام 2023. وأضافت المجلة أن هذه السياسة الجديدة تأتي في الوقت الذي يتآكل فيه إجماع واشنطن حول سياسة خارجية قائمة على القيم بشكل مطرد مع استمرار الصين في تحقيق نجاحات في جميع أنحاء العالم، وخاصة في إفريقيا.
وأشارت إلى أن اختيار ترامب السيناتور جي دي فانس نائبا له يؤدي إلى استنتاج أن إدارته المحتملة ستقضي على “النهج الأخلاقي” في السياسة، إذ سبق لفانس في أبريل 2023 أن عارض داخل مجلس الشيوخ اختيار بايدن لستيفاني سوليفان لتكون سفيرة للولايات المتحدة لدى الاتحاد الإفريقي قائلا: “لدى الصينيين سياسة خارجية لبناء الطرق والجسور وإطعام الفقراء، يجب أن نتبع سياسة خارجية ودبلوماسية ليست متجذرة في الأخلاق، بل متجذرة في المصالح الوطنية لأميركا”.