الأفكار العامة
– توقيع اتفاق سلام بين الحكومة السنغالية وحركة القوى الديمقراطية في كازامانس (MFDC) في بيساو؛ لإنهاء النزاع الطويل.
– تأتي الخطوة في إطار سلسلة مبادرات تهدف إلى وضع حد للنزاعات في منطقة كازامانس جنوب السنغال التي تشهد تمردًا انفصاليًّا منذ 1982م.
– مضمون الاتفاق: وقف الأعمال القتالية، وتسريح المقاتلين وإعادة إدماجهم، وعودة اللاجئين والنازحين، تنشيط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كازامانس، وتقديم شهادات الميلاد والأوراق الثبوتية.
-الجهات الفاعلة المحورية المشاركة في العملية: الحكومة السنغالية، حركة القوى الديمقراطية في كازامانس، رئيس غينيا بيساو.
– كان هناك اتفاقيات سابقة؛ منها اتفاقية عام 2004؛ 2014؛2020؛ 2023م.
بقلم: عثمان باديان
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
توصَّلت السنغال وحركة القوى الديمقراطية في كازامانس (MFDC) إلى اتفاق سلام يوم الأحد 23 فبراير 2025م في بيساو، مما يُعزّز المكاسب التي تحققت في السنوات الأخيرة.
خلال زيارته لغينيا بيساو، حضر رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو اختتام المفاوضات التي أعقبها توقيع الاتفاق بين السنغال، ممثلة باللجنة المخصصة للسلام في كازامانس، واللجنة المؤقتة للأجنحة السياسية والمقاتلة الموحدة لحركة القوى الديمقراطية لكازامانس .(MFDC)
وفقًا لمكتب الإعلام والاتصال التابع للحكومة السنغالية (BIC-GOUV) فإن النص الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى تحت رعاية رئيس غينيا بيساو “عمر سيسوكو إمبالو”، هو استمرار للاتفاق الذي وقَّعته الحكومة السنغالية في أغسطس 2022م مع سيزار أتوت بادياتي، زعيم الفصيل الثالث (الجبهة الجنوبية)، الذي تعهد بإلقاء السلاح.
يندرج هذا الحدث في إطار سلسلة مبادرات تهدف إلى وضع حد للنزاع في منطقة كازامانس جنوب السنغال التي تشهد تمرُّدًا انفصاليًّا منذ 1982م.
ماذا يتضمن هذا الاتفاق؟
جاء في البيان الصادر عن مكتب الإعلام والاتصال التابع للحكومة السنغالية (BIC-GOUV) أنه “من خلال هذا الاتفاق، أكَّد وفد اللجنة المؤقتة للأجنحة السياسية والمقاتلة الموحدة لحركة القوى الديمقراطية لكازامانس (MFDC) من جديد على صلاحية اتفاق بيساو المؤرخ في 4 أغسطس 2022م للبقاء في الإرادة المشتركة للطرفين للعمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام نهائي في كازامانس، يمر عبر إلقاء الأسلحة وتعزيز كافة الجهود العملية التي تم التفاوض بشأنها في مختلف الجوانب”.
يتضمن اتفاق السلام الموقع في أغسطس 2022م بين الحكومة السنغالية وحركة القوى الديمقراطية في كازامانس (MFDC) العديد من الالتزامات والترتيبات الأساسية لتحقيق سلام دائم في كازامانس؛ من أهمها ما يلي:
– وقف الأعمال القتالية: يلتزم الطرفان بوقف المواجهات المسلحة، مما يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
– تسريح المقاتلين وإعادة إدماجهم: وضع برنامج لنزع سلاح أعضاء وحركة القوى الديمقراطية في كازامانس (MFDC) مصحوبًا بتدابير لإعادة إدماجهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا، ممَّا يُسهّل عودتهم إلى الحياة المدنية.
– عودة اللاجئين والنازحين: يتضمَّن الاتفاق مبادرات لتشجيع ودعم العودة الطوعية للأشخاص الذين فرُّوا من المنطقة بسبب النزاع.
– إطلاق برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كازامانس: يتم التخطيط لمشاريع محددة لتنشيط الاقتصاد المحلي، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز رفاهية المجتمعات المتضررة.
– تقديم شهادات الميلاد: تلتزم الدولة بإصدار وثائق الهوية للأشخاص الذين لم يتمكنوا من الحصول عليها بسبب عدم الاستقرار، مما يضمن حقوقهم المدنية.
ما هي الجهات الفاعلة المختلفة المشاركة؟
شاركت في اتفاق بيساو العديد من الجهات الفاعلة الرئيسية:
أولاً: تم تمثيل دولة السنغال من طرف رئيس وزرائها عثمان سونكو، -وهو في الأصل من كازامانس-، والذي لعب دورًا محوريًّا في المفاوضات.
وقد أدَّى صعود عثمان سونكو إلى إحياء الآمال في السلام والتنمية في منطقة كازامانس. وتم تعيين سونكو رئيسًا للوزراء في أبريل 2024م، ويتمتع بمكانة كبيرة لدى السكان المحليين.
ثانيًا: أما “حركة القوى الديمقراطية في كازامانس”؛ فهي الطرف الآخر صاحب المصلحة في الاتفاق، على الرغم من أنه لا تزال هناك تساؤلات حول تمثيل الفصائل المعنية.
ثالثًا: وقام رئيس غينيا – بيساو، أومارو سيسوكو إمبالو، بوصفه طرفًا رئيسيًّا في الاتفاق، بدور الوسيط في استضافة وتيسير المناقشات في بيساو.
وقد صرّح بعدم إمكانية التلاعب باستقرار السنغال في غينيا بيساو بغضّ النظر عن رئيس الجمهورية. بالمثل، لا يمكن للسنغال التلاعب باستقرار غينيا بيساو، بغضّ النظر عن رئيس غينيا.
رابعًا: وقَّع الاتفاق أيضًا اللواء صامويل فرنانديز، رئيس شعبة مكافحة التجسس العسكري في غينيا بيساو. كما وقعت جهات فاعلة مهمة أخرى بالأحرف الأولى على الوثيقة الختامية. ومن هذه الأطراف: “مركز الحوار الإنساني”، وهو عبارة عن منظمة إنسانية سويسرية لعبت دورًا رئيسيًّا في المفاوضات، و”مجموعة التفكير من أجل السلام في كازامانس” التي يرأسها وزير الدولة السنغالي السابق روبرت ساجنا، اللذان ساهما في جهود السلام من خلال قيادة مبادرات محلية لتعزيز الحوار والمصالحة.
ولم يشارك الفصيل الشمالي الذي يتزعمه سليف ساديو، من جهته، في محادثات بيساو، في أيّ حوار مع الدولة السنغالية، ولا يزال هذا الفصيل يدَّعي رغبته في الاستقلال.
ما هي الاتفاقيات السابقة؟
تم توقيع العديد من اتفاقيات السلام منذ بداية النزاع في كازامانس في عام 1982م، ولكن معظمها لم يُؤدِّ إلى حل نهائي للنزاع.
فيما يلي رصد أبرز هذه الاتفاقيات:
–اتفاقية عام 2004م:
تم التفاوض عليها بين الحكومة والجناح السياسي لحركة القوى الديمقراطية من أجل التغيير بقيادة الأب دياماكون سنغور. وأعقب الاتفاق الذي أشار بوضوح إلى “التخلي النهائي عن الكفاح المسلح” فترة من الهدوء، ولكن الانقسامات الداخلية في حركة القوى الديمقراطية في كازامانس ((MFDC حالت دون تحقيق سلام دائم وتبلور على أرض الواقع.
– اتفاقية 2014م:
أسفرت العملية التي بدأها “فريق التفكير من أجل السلام في كازامانس” عن التوصل إلى اتّفاق سلام، لكن بعض الفصائل، ولا سيما فصيل سليف ساديو، رفضت الانضمام إلى الاتفاق، وتحتفظ بجيوب للمقاومة المسلحة. وحدَّد النص النهائي للاتفاق سبل نزع السلاح، وأكد من جديد التزام الأطراف بالتوصل إلى حل تفاوضي للصراع.
– اتفاقية 2020م:
في عام 2020م، جرت مفاوضات بين الحكومة وفصيل دياكاي، وتُوِّجت هذه الجهود بتوقيع اتّفاق سلام في 10 مارس 2023م، أعقبه إلقاء الأسلحة في مونغون في مايو من ذلك العام.
في ديسمبر 2023م، ألقى 255 مقاتلًا سابقًا في حركة القوى الديمقراطية من أجل التغيير الديمقراطي التابعة للفصيل أسلحتهم رسميًّا في حفلٍ أُقيم في مونغون، بمقاطعة بيغنونا، مقابل ضمانات الدولة السنغالية لرعاية المقاتلين وأُسَرهم وتعويض المجتمعات المتضررة من النزاع.
أُقيم احتفال بحرق الأسلحة التي أعادها فصيل دياكاي في 23 ديسمبر 2023 في بلدة ماماتورو.
ويُعدّ النزاع الدائر في كازامانس منذ عام 1982م أقدم نزاع لم يتم حله في القارة الإفريقية. وهو يُؤلّب دولة السنغال ضد حركة القوى الديمقراطية في كازامانس(MFDC) ، وهو تمرد مسلح اليوم منقسم إلى ثلاثة فصائل رئيسية، ويطالب باستقلال هذه المنطقة.
وقد اندلع هذا النزاع الذي يُغذّيه شعور بالتهميش السياسي والاقتصادي، عقب احتجاجات سكان المنطقة الذين اعتبروا أنفسهم مُهمَّشين ومرفوضين سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا على وجه الخصوص.
تقوم إستراتيجية دولة السنغال على محورين: المسار الدبلوماسي والعسكري من جهة، والجمع بين المفاوضات مع فصائل حركة القوى الديمقراطية من أجل التغيير الديمقراطي والضغوط العسكرية من جهة أخرى، بالإضافة إلى مراعاة الجانب الاجتماعي والاقتصادي، وإطلاق البرامج الاقتصادية الخاصة لصالح كازامانس، مما يعزز ديناميكية السلام التي لُوحظت في السنوات الأخيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: