الأفكار العامة:
– سقوط 28 جنديًّا جراء استهداف إرهابي جديد في سلسلة اعتداءات تتعرض لها دولة بنين في السنوات الأخيرة.
– المعسكر المستهدَف من المواقع الأكثر تحصينًا في عملية (ميرادور) المكوَّنة من قرابة 3000 جندي لتأمين الحدود.
– استهداف دولة بنين من عناصر مجموعتين نشطتين في منطقة الساحل.
– محمية دبليو، على الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو وبنين، ومنطقة بانجاري، أصبحت بؤرة تنشط بها الجماعات المسلحة.
– انتقام الجماعات المسلحة من المواطنين بسبب الاشتباه في تعاونهم مع سلطات الدولة في القضايا الأمنية.
– نفي سلطات بنين تُهَم “محاولة زعزعة الاستقرار” التي وجَّهتها دولة النيجر وبوركينا فاسو ضدّها.
– توسيع المسلحين رُقْعَة استهدافهم خارج حدود الدول الثلاث في ظلّ استغلال نقاط الضعف للدول.
– الوضع العملياتي ونوعية الموارد البشرية هما مفتاح التغلُّب على هذا التهديد، إلى جانب التعاون بين إيكواس وتحالف دُوَل الساحل.
بقلم: شريف عثمان مباردونكا
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
أعلنت مجموعة “أنصار الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم القاعدة في 10/1/2025 في بيانٍ مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 28 جنديًّا من جيش دولة بنين على الأقل شمال البلاد.
ونقلت مجموعة “سايت انترلاينس غروب” الأمريكية غير الحكومية عن المجموعة قولها: إن “الإرهابيين تمكنوا من اقتحام موقع للجيش البنيني في عُودا في ولاية كريماما”.
ولم تُعلِّق السلطات البنينية على هذا الهجوم، لكنّ رئيس هيئة الأركان، الكولونيل فايزو غومينا، نشر مساء بيانًا اعترف فيه بـ “خسارة فادحة”، مضيفًا أن “الموقع الذي تعرَّض للهجوم كان من أقوى المواقع وأكثرها تحصينًا في عملية ميرادور”.
بنين هدف جديد للإرهابيين:
لقد تفاقمت الهجمات في شمال بنين في السنوات الأخيرة. ففي أبريل 2023م أبلغت سلطات بنين عن حوالي 20 عملية توغُّل عبر الحدود منذ عام 2021م.
وتنسب السلطات هذه الهجمات إلى مقاتلين من عناصر تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة جاءوا من الدول المجاورة؛ حيث ينشطون فيها.
ووفقًا لصديق عباس، وهو صحفي ورئيس المركز الدولي للدراسات والتفكير في منطقة الساحل؛ فقد “كانت بنين هدفًا للجماعات المسلحة لفترة طويلة جدًّا”. وأضاف “صديق أبا” أن أجندة توسُّع التهديد الإرهابي من الساحل إلى دول خليج غينيا “تعطي الأولوية لبنين كهدف”.
وفي الواقع، مع تقدم الجماعات المسلحة على الجانب الأيمن من نهر النيجر (محمية دبليو) التي تقع على الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو وبنين؛ ومنطقة البنجاري “أصبحت هذه المنطقة بأكملها موبوءة إلى حدّ ما بالجماعات المسلحة”؛ وفقًا له، وهذا ما يُفسِّر تكرار هذه الهجمات الفتاكة على نحو متزايد.
بَيْد أنه منذ العام المنصرم، كانت هناك فترة من الهدوء مع تناقص الهجمات من هذا الحجم التي تستهدف قوات الدفاع والأمن؛ غير أن الجماعات المسلحة لا تزال نَشِطة.
من جانبها، قالت جانين إيلا أباتان، كبيرة الباحثين في معهد الدراسات الأمنية: “هناك حوادث سُجِّلت على أراضي بنين، بما في ذلك حالات استخدام عبوات ناسفة يدوية الصنع لا تستهدف فقط قوات الدفاع والأمن، ولكن تستهدف السكان المدنيين أيضًا”.
وأضافت: أنه قد حدثت أيضًا “حالات اختطاف لأشخاص بغرض الانتقام”، من بينهم مدنيُّون تَشتبه الجماعات المسلحة في تعاونهم مع قوات الدفاع والأمن.
وتضيف الباحثة الرئيسية في معهد الدراسات الأمنية: أن عمليات التوغل الحالية تُظْهِر أن “هذه الجماعات المسلحة لا تحتفظ فقط بالقدرة على العمل، ولكنها أيضًا تحرص على إلحاق أضرار كبيرة، حتى لو لم تحتل موقعًا ما أو منطقة محددة داخل أراضي بنين”.
قد يكون التفسير الآخر للهجمات في شمال بنين هو “إستراتيجية إعادة تزويد الإرهابيين بالوقود كطريقة عملياتية” على حد تعبير إيلا أباتان. حيث تبحث هذه الجماعات عن المؤن، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة والعتاد.
المناخ الجيوسياسي الملائم لتنفيذ هجمات إرهابية:
تشهد بنين وبوركينا فاسو والنيجر حاليًّا توترات سياسية مرتبطة باتهام بوركينا فاسو والنيجر جارتهما بنين بـ “محاولات زعزعة الاستقرار بهما”، وقد نفت سلطات بنين هذه الوقائع.
وتؤكد إيلا أباتان أن هذه الهجمات المتزايدة تثبت “قدرة هذه الجماعات على الاستفادة من نقاط الضعف في البلدان”، سواء كانت نقاط الضعف الداخلية في هذه البلدان أو نقاط الضعف الخارجية. الهدف من ذلك هو خلق حالة هوس لدى السكان وتقويض معنويات قوات الدفاع والأمن المنتشرة.
ويضيف سيديك آبا أن “الإرهابيين، الذين هم أيضًا على دراية جيدة، يدركون أن هناك صعوبات بين مختلف دول المنطقة، ويستغلون ذلك للمُضي قُدمًا في تنفيذ أجندتهم”، وعليه يُعتقد أن “من مصلحة الإرهابيين أن يجعلوا من التهديد قضية عابرة للحدود الوطنية، وهو تَحدٍّ يتجاوز الحدود الفردية”؛ حيث تجد الدول صعوبة في تنسيق ردودها.
وعلاوةً على ذلك، لا تساعد المضايقات بين تحالف دول الساحل والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في حلّ هذه التحديات الأمنية، وفقًا لبعض الخبراء.
عملية ميرادور:
في يناير 2022م، نشرت بنين ما يقرب من 3.000 جندي لتأمين حدودها في إطار عملية ميرادور. كما جنَّدت السلطات البنينية 5.000 جندي إضافي لتعزيز الأمن في الشمال. وفي 27 نوفمبر، تبرَّعت السفارة الأمريكية للجيش بـ12 ناقلة جنود مدرعة، و35 جهازًا لاسلكيًّا تكتيكيًّا. وتُقدَّر قيمة هذه المعدات بـ 6.6 مليون دولار، وفقاً لما ذكره براين شوكان، السفير الأمريكي.
ويُشكِّل هذا الدعم الأمريكي “دعمًا لا يُقدَّر بثمنٍ للقوات المسلحة في مهامها الدفاعية”؛ حسبما أعلن وزير الدفاع في بنين فورتونيه آلان نواتين عند تسليم المعدات.
في نهاية أبريل 2024م، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم 47 مليون يورو لدعم بنين في حربها ضد الإرهاب، لا سيما من خلال شراء المعدات.
ووفقًا لإيلا أباتان، فقد تم تعزيز القوات المسلحة في بنين من خلال زيادة أعدادها. وقد بذلت الحكومة جهودًا لتجهيز قوات الدفاع والأمن من خلال شراء الأسلحة والطائرات بدون طيار لتعزيز فعاليتها في الميدان.
ورغم ذلك، تعتقد الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي أنه من الضروري أن تُواصل قوات الدفاع والأمن الحفاظ على مستوًى عالٍ جدًّا من اليقظة على الأرض. ومن وجهة نظرها، فإن الحدود ليست آمِنة بدرجة كافية؛ لأن الجماعات المسلحة غالبًا ما تستغل الحدود الأسهل اختراقًا.
ضرورة تضافر الجهود:
لقد أصبح التهديد الإرهابي عابرًا للحدود الوطنية والإقليمية، ولكن من الصعب بناء استجابة عابرة للحدود الوطنية أو الإقليمية.
وقال الكولونيل جومينا: إن الهجوم الأخير في بنين “دليل على أن المعدات وحدها لا تكفي لتحقيق النصر”، مضيفًا أن “الوضع العملياتي وجودة مواردنا البشرية هما مفتاح هزيمة هذا التهديد”.
ووفقًا لسيديك أبا، فنحن بحاجة أيضًا إلى “أن تدرك المنطقة بِرُمَّتها أن العمل معًا يصبُّ في مصلحة الجميع”. مضيفًا “من المهم أن نبني استجابة عابرة للحدود الوطنية، ومن المهم أن نبني استجابة إقليمية، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا مع دول “تحالف دول الساحل” ومع دول “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)”.
ووفقًا لإيلا أباتان، فإن الحل لمواجهة والحدّ من هذه الهجمات ينطوي أيضًا على تعزيز الروابط والتعاون مع السكان المدنيين. وتشير إلى أن “قوات الدفاع والأمن بحاجة إلى السكان، الذين غالبًا ما يكونون في الخط الأمامي في هذه المعركة”.
وبالنظر إلى السياق السياسي الحالي في المنطقة، تقترح الباحثة في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية أنه من الضروري مواصلة استكشاف “مختلف السبل الدبلوماسية لإنهاء التوترات السياسية بين هذه الدول”.
وخلص “أبا” إلى القول: “من الضروري أن نبني استجابة عابرة للحدود الوطنية، عطفًا على بناء استجابة إقليمية، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالتعاون بين “تحالف دول الساحل” و”المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)”؛ على حد تعيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/c5ye8ldjjgno