د. قاســـي فوزيــــة*
مقدمة:
يُعدّ مفهوم (العدالة الانتقالية) مفهوماً حديث العهد، ظهر مع بروز الصراعات في المجتمعات التي تعرف انتقالاً نحو الديمقراطية، ليتمّ ربطه بالقضايا المتعلقة بالانتهاكات والاعتداءات الخطيرة للقانون الدوليّ والقانون الإنسانيّ الدوليّ ولحقوق الإنسان.
تسعى العدالة الانتقالية إلى كشف الحقيقة، وتعويض ضحايا العنف والأعمال الوحشية المرتكبة، في محاولةٍ لتضميد الجراح، وضمان عدم العودة لمآسي الماضي، والغرض من وراء ذلك يتمثل في استعادة الأمن والسّلْم المدنيّ، وإقامة دولة القانون والديمقراطية.
شهد مفهوم (العدالة الانتقالية) في فترة الثمانينيات والتسعينيات، بالنسبة للممارسين في هذا المجال، تصورّاً عن العدالة الانتقالية يستند – في المقام الأول- على: الأهمية القصوى للمحاكمات، وذلك لمكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب، وإعادة تأسيس حكم القانون، وإرضاء الضحايا، أي أنّ المحاكمات كانت شرطاً لا غنى عنه، أو عنصراً أساسيّاً من عناصر العدالة الانتقالية.
وبعدما أصبحت القيمة المستقلة للتدابير الأخرى، مثل لجان الحقيقة وجبر الضرر، واضحة، تمّ النظر إلى (العدالة الجنائية الدولية) بوصفها تدبيراً فرعيّاً عن (العدالة الانتقالية)، ووفقاً لذلك؛ فإنّ العدالة الانتقالية تنطوي على جملة من الطرق للتعامل مع الفظائع المرتكبة في الماضي، وليست المحاكمات سوى واحدة من هذه الطرق؛ ومن هنا تبرز ضرورة التماسك والتنسيق والتكامل والحاجة إلى التخطيط المشترك بين الآليات المختلفة، ذلك أنّ المحاكمات هي شرطٌ ضروريٌّ، ولكن ليس كافياً لتحقيق الانتقال.
وبعدما زادت أهمية العدالة الجنائية الدولية، خصوصاً مع بدايات عمل المحكمة الجنائية الدولية، عبَّر المدافعون والممارسون في مجال العدالة الانتقالية عن قلقهم إزاء استحواذ العدالة الجنائية الدولية على كامل مساحة العدالة الانتقالية، لتصبح العدالة الجنائية الدولية فرضاً على العدالة الانتقالية.
من ناحية أخرى؛ يرى الممارسون، في مجال العدالة الجنائية الدولية، أنّ العدالة الانتقالية تهتمّ بالتعامل مع جرائم الماضي أو انتهاكات حقوق الإنسان التي لا تستلزم محاكمة، وعليه؛ يمكن للعدالة الانتقالية أن تكون مقدّمة للعدالة الجنائية الدولية، كما هو الحال مع (لجان الحقيقة) التي ينبغي لها اكتشاف الحقيقة وجمع الأدلة لمحاكمات لاحقة؛ أو – في حالة الاختلاف حول هذا الموضوع – يمكن للعدالة الانتقالية أن تكون امتداداً للعدالة الجنائية الدولية في ملء الثغرات، واستكمال الدورِ المركزيِّ لهذه الأخيرة، وقد تصبح العدالة الجنائية الدولية بديلاً عن العدالة الانتقالية، من خلال توسيع نطاق اختصاصها؛ ليشمل مجالات مثل: تعويض الضحايا، وإنشاء السجل التاريخي للمحكمة.
إنّ آليات العدالة الانتقالية ضروريةٌ لتحديد مسؤوليات الجناة، وتعويض الضحايا، لتحقيق المصالحة وإعادة تماسك المجتمع، وقد يحتاج الوصول لهذا الهدف إلى عدالة متعدّدة الأبعاد: قضائية من جهة: ترمي إلى تطبيق القانون وتحقيق سيادته، وتصحيحية من جهةٍ أخرى: تعالج الانتهاكات الجسيمة وتداوي جراح الماضي[1].
وفي هذا الصدد: تُعدّ (لجان الحقيقة والمصالحة) أحد أهمّ آليات العدالة الانتقالية التي تسعى إلى إعادة استتباب الثقة والأمن، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
لقد أصبحت (لجان الحقيقة والمصالحة) أحد الخيارات الأساسية لتجسيد العدالة الانتقالية، إذ يمكن اعتبار هذه اللجان كمقاربات وسيطة، غرضها: المساءلة عن الجرائم المرتكبة في الماضي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بيد أنّ هذه اللجان لا تشمل المقاضاة الصارمة كتلك التي تتضمّنها آليات العدالة الجنائية.
وفي هذا الإطار: يُعدّ نموذج سيراليون Sierra Leone للعدالة الانتقالية الأكثر شيوعاً في القارة الإفريقية، إذ تأسست (لجنة الحقيقة والمصالحة) في سيراليون في شهر جويلية / يوليو من عام 2002م، وقدمت تقريرها النهائيّ لرئيس سيراليون في 4 أكتوبر من عام 2004م؛ حيث قامت اللجنة بجملة من العمليات، شملت لقاءات خاصّة وعامّة مع الضحايا والجناة، وجلسات استماع عامّة حول القضايا الموضوعية، وتحقيقات وتحريات أخرى، دامت حوالي ثمانية أشهر، كما عرض التقرير سرداً مفصلاً عن تاريخ البلاد، وركّز في الحرب الأهلية الوحشية التي دارت رحاها في التسعينيات، وحلّل مختلف الأبعاد للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بغيةَ فَهْم أسباب الصراع، ليورد في الأخير سلسلة من النتائج والتوصيات[2].
ولعل أهمّ ما يميّز عدالة ما بعد الصراع في سيراليون: وجود العدالة الجنائية الدولية كآلية موازية، متمثلة في (المحكمة الجنائية الدولية الخاصّة لسيراليون)، فقد كان في الماضي يُنظر إلى (لجان الحقيقة والمصالحة) بوصفها بديلاً للعدالة الجنائية، والتي ينحصر دورها في بعض الأحيان، وبشكلٍ غير رسمي، في تجنّب أو – على الأقل – تأجيل المحاكمات؛ غير أنّ كلاًّ من (لجنة الحقيقة والمصالحة) و (العدالة الجنائية) عملتا بشكلٍ متزامنٍ في سيراليون.
حتى إن كشفت هذه التجربة، غير المسبوقة، عن وجود بعض التوترات بين كلتا المقاربتَيْن، فإنها قد أثبتت أيضاً جدوى العمل الثنائي والمتزامن لـ (محكمة جنائية دولية) و (لجنة حقيقة ومصالحة)، وعليه؛ فإنّ تجربة سيراليون قد تساعدنا على فَهْم: أنّ العدالة في مرحلة ما بعد الصراع تتطلب مزيجاً معقّداً من المقاربات التكميلية، وليس خياراً واحداً من جملة مقاربات بديلة، والتي قد تتعارض في جوهرها.
على ضوء ما تقدم؛ سنتناول – من خلال هذه الدراسة – ظروف نشأة: (لجنة الحقيقة والمصالحة في سيراليون)، والدور الذي كُلِّفت به من قِبل كلٍّ من حكومة سيراليون والأمم المتحدة (أولاً)؛ استعراض للحقائق والنتائج التي توصّلت إليها تحقيقات اللجنة، والتوصيات التي شكلت مع النتائج أهمّ ما ورد في تقرير اللجنة (ثانياً)؛ ثم طبيعة العلاقة التي قامت بين لجنة الحقيقة والمصالحة والمحكمة الخاصّة لسيراليون، للاسترشاد حول ما إذا كانت علاقة تكامل ما بين المهام، أو تناقض في الاختصاص (ثالثاً).
المحور الأول: لجنة الحقيقة والمصالحة في سيراليون: النشأة والدور:
اندلعت الحرب الأهلية في سيراليون في يوم 23 مارس من عام 1991م، حينما قامت القوات الملقّبة بـاسم: (الجبهة الثورية المتحدة Revolutionary United Front (RUF)) بمهاجمة بلدة قرب الحدود مع ليبيريا Liberia، ولقد تمثّل الهدف المعلن من قِبل جبهة RUF في إسقاط حكومة جوزيف سايدو مومو Joseph Saidu Momoh الفاسدة والمتسلطة، ومؤتمر كلّ الشعبAll Peoples Congres (APC)، الذي حكم سيراليون منذ أواخر الستينيات، وبالرغم من أنّ أحداث ذلك اليوم لم تتجاوز مجرد مناوشات؛ فإنها مثلّت بداية عشرية من العنف الذي دمّر البلاد.
ولقد لاقت أهداف جبهة RUF دعماً واسعاً من قِبل الكثير من السيراليونيّين المصابين بخيبة الأمل جرّاء سنوات من الدكتاتورية، ودوّامة الفقر والتخلّف التي ميّزت البلاد منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني في عام 1961م، بيد أنه سرعان ما خسر أطراف هذه الحرب تطلعاتهم المشروعة، سواء تعلّق الأمر بالجبهة، أو حلفائها ومعارضيها، الذين انغمسوا في بحرٍ من البطش والأعمال الوحشية[3].
وأمام حالة الخراب التي شهدتها العاصمة سعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات من أجل التوصل إلى السلام، وتمثّلت البداية الرسمية لنهاية الصراع في اتفاق لومي للسلامLomé Peace Agreement، بين حكومة سيراليون والجبهة الثورية المتحدة RUF، وذلك في 7 جويلية / يوليو من عام 1999م، ولقد نصّ الاتفاق عن عفوٍ مثيرٍ للجدل، تمّت الإشارة إليه كذلك بـ (الغفران pardon ، أو الإرجاء reprieve)، لصالح مرتكبي الفظائع والأعمال الوحشية في حقّ جميع أطراف النزاع[4].
ولقد أبدى الممثّل الخاصّ للأمين العام للأمم المتحدة “فرانسيس أوكيلو” Francis Okelo تحفّظاً على هذا العفو، مصرّاً على أنه لا يمكن تنفيذه على الجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية، وجرائم الحرب، والإبادة الجماعية، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقانون الدولي[5].
ولقد التزم اتفاق لومي للسلام بأن يتمّ إنشاء لجنة للحقيقة والمصالحةTruth and Reconciliation Commission (TRC) في غضون تسعين (90) يوماً، وعلى الرغم من الجهود التي بُذلت في سبيل إنجاز هذه المهمّة، غير أنّ برلمان سيراليون لم يعتمد القانون المشرّع لهذا الغرض حتى يوم 22 فبراير من عام 2000م[6].
ووفقاً للمادة (6) (1) من القانون الداخليّ للجنة الحقيقة والمصالحة Act 2000 (TRC Act)؛ فإنه قد تمّ تأسيس هذه الللجنة بهدف إنشاء سجّلٍ تاريخيٍّ محايدٍ لانتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتُكبت جراء الصراع المسلح في سيراليون، وذلك منذ بدايته في عام 1991م حتى توقيع اتفاق لومي للسلام؛ كما تمّ تأسيسها بهدف التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب، والاستجابة لاحتياجات الضحايا، ومن أجل تعزيز المصالحة والتئام الجروح، والحيلولة دون تكرار دوّامة العنف والانتهاكات التي تعرّضوا لها.
وقد قام برلمان سيراليون بتأسيس (لجنة الحقيقة والمصالحة) وفقاً للتعهد الذي أوجدته المادة السادسة والعشرون (26) من اتفاق لومي للسلام، وبالرغم من كونها مؤسسة وطنية فقد كان لهذه اللجنة بُعداً دوليّاً، إذ شارك في عملية إنشائها كلٌّ من الممثل الخاصّ للأمين العام للأمم المتحدة في سيراليون، والمفوّض السامي لحقوق الإنسان، وتمثّلت مهمتهما في التوصية بتعيين ثلاثة أعضاء من اللجنة، على ألا يكونوا من مواطني سيراليون[7].
وعلى الرغم من أنّ المادة (6) من (قانون لجنة الحقيقة والمصالحة) تقترح الحدّ من الاختصاص الزمني للجنة، من سنة 1991م، تاريخ بداية الحرب الأهلية، حتى توقيع اتفاق لومي للسلام المنعقد في 07 يوليو عام 1999م، غير أنه من ناحية الممارسة العملية لم تكن تحقيقات اللجنة مقيدة بمدّة زمنية محدّدة. كما طالب قانون اللجنة The TRC Act – أيضاً – بالتحقيق وتقديم تقريرٍ عن سوابق الصراع؛ ما يعني النظر في حيثيات ما قبل سنة 1991م[8].
علاوة على ذلك؛ كُلّفت (لجنة الحقيقة والمصالحة) كذلك بمعالجة ظاهرة الإفلات من العقاب، والاستجابة لاحتياجات الضحايا، وتعزيز المصالحة وتضميد الجراح، ومنع تكرار الانتهاكات والتجاوزات التي لحقت بهؤلاء الضحايا، ولم يكن هذا الجانب من التكليف محدّداً بإطارٍ زمني، ولقد نُسب للجنة – كسلطة – النظر في أحداث ما بعد اتفاق لومي للسلام.
ولقد أشار (قانون لجنة الحقيقة والمصالحة) عدّة مرات إلى «الضحايا والجناة»، مركّزاً اهتمامه على فئة الأطفال، بما في ذلك الأطفال الجناة، وكذلك ضحايا الاعتداء الجنسي[9]، كذلك تمّ منح اللجنة دوراً في تحديد المسؤوليات، والتعرف على الأسباب[10]، والأطراف المسؤولة[11] عن الصراع (حكومة، أو جماعة، أو فرد)[12]؛ مسؤوليات قد تمتد، على سبيل المثال، إلى الشركات عبر الوطنية transnational corporations، أو المنظمات الأمنية الخاصّة[13]privatesecurity organisations، وفي هذا الإطار؛ قدّمت اللجنة قائمةً أوردت فيها أسماء أولئك الذين يتحمّلون المسؤولية في هذا الصراع.
بينما تكفّل القسم السادس من قانون اللجنة بتقديم تقريرٍ عن: (الانتهاكات والاعتداءات لحقوق الإنسان والقانون الإنسانيّ الدولي)، وهو مفهومٌ واسعٌ جدّاً إذا ما قارّناه بما ورد في تقرير (لجنة الحقيقة والمصالحة) في جنوب إفريقيا، الذي حدّدها بمصطلح: (الانتهاكات الجسيمةgross violations).
إنّ الاستخدام الواسع لـ «حقوق الإنسان والقانون الإنسانيّ الدولي» كان له نتيجة أخرى؛ إذ لم يقتصر عمل اللجنة على الانتهاكات الكلاسيكية المتعلقة بالسلامة الجسدية، كالقتل والاغتصاب وغيرها من جرائم العنف، وجرائم تدمير الممتلكات أو النهب؛ بل خلصت اللجنة إلى أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان الشاملة الموجودة في صكوكٍ مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب؛ ما يعني أنّ اللجنة قرّرت الأخذ، ليس بالحقوق المدنية والسياسية وحسب، ولكن أيضاً بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي التعليمات التي تمّ توجيهها لأعضاء اللجنة الذين تمّ تجنيدهم لإجراء المقابلات مع الضحايا.
اتضحت قيمة هذه المقاربة، التي تؤكد عدم تجزئة حقوق الإنسان، حين تعامل اللجنة مع الضحايا، فبالرغم من الانتهاكات التي تعرّضوا إليها من عنفٍ جسديٍّ وتدميرٍ للممتلكات، فإنهم لم يطالبوا بأي تعويضٍ مرتبطٍ بهذه الأضرار المحدّدة، وإنما طالبوا بتوفير التعليم من أجل أطفالهم، وبالرعاية الطبية، وبسكنٍ لائقٍ يأويهم، ما يعني أنّ المستقبل لدى هؤلاء الضحايا يكمن في تحقيق حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بدلاً من المفهوم القانونيّ الكلاسيكيّ لـ (الإعادة إلى الوضع الذي كان قائماً من قبل restitutio in integrum).
ولقد جادل المدعي العام آنذاك “سليمان بيريوا” Solomon Berewa أنّ للجنة أبعاداً علاجية نفسية، فضلاً عن دورها في تقصي الحقائق، فهي بمثابة منتدى ذي مصداقية، لتمكين الضحايا من استعادة قيمتهم الإنسانية، كما أنها قناة لمرتكبي الفظائع والأعمال الوحشية للتكفير عن ذنوبهم، وتطهير ضمائرهم، وقد تمّ تشبيه هذه العملية بالتطهير الوطني للعواطف، الذي ينطوي على قول الحقيقة والاستماع إلى هذه الأخيرة، وقبل كلّ شيء تعويض الضحايا في الحالات التي تستحق[14].
وفي هذا الصدد؛ أشارت (مذكرة الأشياء والأسباب) التي تمّ إلحاقها بقانون اللجنة TRC Act، إلى أنّ اتفاق السلام أراد لعمل اللجنة أن يكون بمثابة متنفّسٍ بنَّاء بشكلٍ متبادل بين الضحايا ومرتكبي الانتهاكات والاعتداءات على حقوق الإنسان، وقد تمّ تقسيم عمل اللجنة إلى مرحلتَين أساسيتَين، ثم مرحلة ختامية للصياغة:
المرحلة الأولى: مرحلة: «جمع التصريحات»:
بدأت في شهر ديسمبر من عام 2002م، حيث تمّ تجنيد حوالي سبعين عضواً لجمع التصريحات في جميع أنحاء البلاد، تمّ تجنيدهم من مختلف قطاعات المجتمع المدني، مثل المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدينية، مع ضمان أن تكون نسبة كبيرة من هؤلاء المجندين من النساء. وتواصلت هذه المرحلة إلى غاية شهر مارس من عام 2003م، ولقد تمّ جمع ما يقارب 7000 تصريح، معظمها أُخذت من الضحايا.
المرحلة الثانية: مرحلة: «جلسات الاستماع»:
انطلقت في شهر أبريل من عام 2003م، واستمرت إلى غاية أواخر شهر أغسطس 2003م، تمّ من خلال العديد من هذه الجلسات جلب كلٍّ من الضحايا والجناة معاً، وقد عُقدت هذه الجلسات في جميع أنحاء البلاد، وغالباً ما كانت تتم في مدنٍ معزولةٍ لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة طائرات الهليوكوبتر، في حين ركزت جلساتٌ أخرى على المسائل الموضوعية، مثل وسائل الإعلام والحكم والفساد.
ومع ذلك؛ فقد خلصت جلسات الاستماع بنتيجة غير مرضية، نتجت عن رفض الرئيس “تيجان كبه” TejanKabbah عن الاعتراف بأي مسؤوليةٍ له والاعتذار للشعب السيراليوني عن دوره في الصراع، على عكس غيره من قادة الفصائل المختلفة في هذا الأخير، الأمر الذي اعتُبر نهاية مؤسفة للجهود المبذولة[15].
المرحلة الثالثة: «الصياغة»:
تمثّلت المرحلة الأخيرة من عمل اللجنة في صياغة التقرير، الذي استغرق مدة سنة كاملة، حيث تطلبت هذه المرحلة وقتاً أطول بكثيرٍ من الوقت الذي استغرقته اللجنة في الوصول إلى النتائج التي تمّ تدوينها في هذا التقرير، ويرجع سبب هذا التأخير جزئيّاً إلى نقص الموظفين، فضلاً عن الرؤية الطموحة التي تمّ توقّعها من خلال هذا التقرير، ولقد تقرّر أن تتمّ كتابة هذا الأخير في عدة مجلدات، ربما اقتداءً بتقرير لجنة جنوب إفريقيا، وقد كان من الممكن أن يكون التقرير أقصر وأكثر إيجازاً لإتاحته بشكلٍ أفضل لسكان سيراليون.
المحور الثاني: نتائج وتوصيات تقرير (لجنة الحقيقة والمصالحة) في سيراليون:
ورد في المادة (17) من قانون اللجنة أنه: «ينبغي على الحكومة أن تنفّذ – بأمانة – توصيات التقرير الموجّهة إلى أجهزة الدولة، كما ينبغي عليها تشجيع وتسهيل تنفيذ التوصيات الأخرى الموجّهة إلى الآخرين»، ولقد شكّلت النتائج والتوصيات الجزء الأكبر من التقرير، وتنفيذها مثّل أهمّ اختبارٍ لفعالية اللجنة.
لا بد من الإشارة، بادئ ذي بدء، إلى أنّ أسباب الصراع لم تكن واضحةً تماماً، فقد كان هناك العديد من الروايات المتناقضة، وفي هذا الصدد تختلف لجنة سيراليون اختلافاً جوهريّاً عن تجربة نظيرتها في جنوب إفريقيا، حيث كانت جذور الصراع واضحة – نظام الأبارتهايد -، وقد تمثّلت أسس عمل اللجنة في إدانة هذا النظام العنصريّ والتحضير للانتقال السياسي.
في المقابل؛ كان اتفاق لومي للسلام، الذي وضع حدّاً للحرب الأهلية في سيراليون، وراء الدعوة لإنشاء (لجنة الحقيقة والمصالحة)، ووقف إطلاق النار بين الفصائل المتحاربة، ولم يكن بمثابة نصرٍ حاسمٍ من جانبٍ واحدٍ على الآخر، أو انتصاراً لأية أيديولوجية معيّنة، ويمكن القول بأنّ أحد المساهمات المهمّة، والمثيرة للجدل في الوقت نفسه، التي قدمتها لجنة سيراليون، هي تحليلها لخلفية الصراع ومحاولتها تحديد أسبابه.
ولقد ألقت العديد من الروايات باللوم على العوامل الخارجية، حيث اتهمت، على سبيل المثال، الزعيم الليبي “معمر القذافي” بإثارة الصراع، والزعيم الليبيري “تشارلز تايلور” Charles Taylor بزيادة تأجيجه؛ وفي الوقت الذي لم تستبعد فيه اللجنة هذه العوامل[16]، ركزت من جهة أخرى على العوامل الداخلية، مثل سوء الإدارة والفساد، والخيانة التي تعرّضت لها سيراليون من قِبل قادتها في المجال السياسي، والمالي، حتى الفكري، حسبما ورد في التقرير[17].
وختمت اللجنة تقريرها بنتيجةٍ محبطةٍ للآمال، إذ لاحظت أنه لم يطرأ تغييرٌ على الأسباب الجذرية التي أدت للصراع في سيراليون، ناهيك عن الالتزام الضعيف أو المعدوم من طرف حكام البلاد لمعالجة هذه العوامل بجدية.
كانت الفظائع التي ارتكبتها (الجبهة الثورية الموحدة RUF) خارج سيراليون معروفة، على النقيض من تلك التي ارتكبتها الميليشيات الموالية للحكومة والقوات المماثلة الطرف في الصراع، بيد أنّ اللجنة رفضت انتهاج مقاربة (الحرب العادلة) في عملها، بالرغم من إمكانية تحديد المخطئ من المصيب في هذا الصراع، حيث لم تأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار، وتمحورت مهمّتها في معالجة الانتهاكات والاعتداءات، مهما كانت هوية الجاني.
ولقد تمّ تأكيد، من خلال تحليل قاعدة بيانات اللجنة، أنّ الجبهة كانت مسؤولة عن معظم الانتهاكات المرتكبة، ولم تكن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدفاع المدني الموالية للحكومةCivil Defense Forces (CDF)، ولا سيما تلك المعروفة باسم: «كاماجورز the kamajors»، بأقلّ وحشية من أعمال الجبهة.
كانت اللجنة تدرك جيداً أنّ العفو الشامل الذي تضمّنته مبادئ (اتفاق لومي للسلام) هو أمرٌ غير مقبولٍ من وجهة نظر القانون الدولي[18]، ولقد أعلن الحكم الصادر عن المحكمة الخاصّة لسيراليون، في شهر مارس من سنة 2004م، أنّ العفو يشكّل خرقاً للقانون الدولي. غير أنّ اللجنة رأت أنه لا يمكن انتقاد المفاوضين في لومي، الذين اعتبروا أنّ العفو والصفح هو الطريقة المثلى والوحيدة لوضع نهاية للقتال.
لم تحمل أغلبية توصيات (لجنة الحقيقة والمصالحة) أية آثار ذات طبيعة نقدية، فإذا كانت الحكومة صادقة في التزامها بتنفيذ توصيات اللجنة، وفقاً لقانون هذه الأخيرة، فإنه لا يمكن للحكومة تجنّب مقترحاتها، وكمثالٍ على ذلك: فإنه قد ورد في تقرير اللجنة أنّ: عقوبة الإعدام كانت تُستخدم أساساً، من قِبل مختلف أنظمة ما بعد الاستعمار، كأداة سياسية من أجل قمع وإرهاب الخصوم[19]، لذلك دعت اللجنة إلى الإلغاء الفوري لعقوبة الإعدام، كما دعت الرئيس إلى تخفيف جميع أحكام الإعدام القائمة.
توصيات اللجنة الخاصّة بفئة النساء والأطفال:
أصدرت اللجنة توصيات تخصّ فئة النساء والأطفال، فغالباً ما يُقال: إنه تمّ تكليف (لجنة الحقيقة والمصالحة) لتولي اهتماماً خاصّاً بالقضايا المتعلقة بالمرأة بسيراليون، على الرغم من عدم وجود أي شيء في قانون اللجنة يشير لهذا الغرض.
وكان الأطفال في قلب الاهتمامات التي كٌلِّفت بها اللجنة، إذ جسّدت هذه الفئة تناقضات عصفت بالبلاد كلها، فقد نجد نفس الطفل: الضحية والجاني في آنٍ واحد؛ ففي إحدى التصريحات ذكر شابٌّ في سنّ المراهقة كيف تمّ إجباره على حضور مشهد ذبح والدَيه، ومن ثمّ تجنيده قسراً في «الجبهة الثورية الموحدة» أي أصبح قاتلاً، وبعد الإدلاء بشهادته أمام اللجنة، عاد للعيش مع أقاربه ولمتابعة الدراسة في مدرسته، غير أنّ هناك الكثير من الأطفال الآخرين الأقلّ حظّاً، ممن لا يزالون يعيشون في أزقة «فريتاون»، أو المحكوم عليهم بحياة الخمول في مخيمات مبتوري الأطراف.
ولقد عملت اللجنة في هذا السياق عن قربٍ مع مختلف المنظمات الدولية والمحلية الخاصّة بحماية الطفل، وقد تمّ توفير مستشارين خاصّين للاستماع لشهادات الأطفال، الذين لم يُسمح لمن هم دون سنّ الثامنة عشرة منهم بالإدلاء بشهاداتهم في جلسات علنية، على غرار النساء، فقد تمّ الاستماع للأطفال في جلسات مغلقة، وكان العديد منهم، بطبيعة الحال، أيضاً ضحايا الجرائم الجنسية[20].
إنّ الأطفال مثّلوا العمود الفقري للقوات المقاتلة، فعدم نضجهم جعلهم عرضة للاستغلال من قِبل قادة مختلف الفصائل، وربما يكون استخدامهم للمخدرات قد ساهم في عملية التجنيد، برغم أنّ دور ذلك في الصراع يظلّ أمراً مبالغاً فيه.
ولقد أشارت الأدلة المعروضة على اللجنة أنّ القادة العسكريين أنفسهم، في كلٍّ من الجبهة والميليشيات الموالية للحكومة، بدؤوا حياتهم المهنية، في سنّ المراهقة المبكرة، أطفالاً مجندين في القوات الاستعمارية البريطانية في الخمسينيات؛ غير أنّ ذلك لم يكن تبريراً من اللجنة لسلوك هؤلاء القادة العسكريين، وخصوصاً أنّ تجنيد الأطفال بات جريمة حرب، بيد أنّ ذلك ورد في إطار التأكيد على أصول هذه الممارسة.
المحور الثالث: (لجنة الحقيقة والمصالحة) و (المحكمة الخاصّة) تكاملٌ أم تناقض:
لعلّ الجانب الأكثر تميّزاً، في برنامج العدالة الانتقالية في سيراليون، كان الوجود الموازي لكلٍّ من (لجنة الحقيقة والمصالحة) و (المحكمة الجنائية الدولية)، ونتج ذلك عن ظروف لاحقة عن إقرار إنشاء (لجنة الحقيقة والمصالحة)، فقد أوقف تجدّد القتال في شهر ماي/ مايو من سنة 2000م عملية إنشاء اللجنة، لكن ذلك قام أيضاً بإحياء النقاش حول شرعية العفو، حيث أعادت حكومة سيراليون تقييم موقفها[21] فيما يتعلق بهذا الأخير (العفو)، وطالبت الأمم المتحدة بإنشاء محكمة خاصّة، وفي 14 من أغسطس عام 2000م أيّد مجلس الأمن إنشاء محكمة لمحاكمة «الأشخاص الذين يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية» عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقوانين سيراليون، وتمّ تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بالتفاوض مع حكومة سيراليون في هذا الشأن[22].
ولقد ورد عن «كوفي عنان» في رسالةٍ لمجلس الأمن عام 2000م، حينما كان الإطار القانوني للمحكمة لا يزال على طاولة المفاوضات، أنه: «ينبغي الحرص على أنّ المحكمة الخاصّة لسيراليون ولجنة الحقيقة والمصالحة سوف تعملان بشكلٍ مكمّلٍ وداعمٍ لبعضهما البعض، في ظلّ الاحترام الكامل للوظائف المختلفة وذات الصلة في آنٍ لكلٍّ منهما»[23]، وبمجرد أن أصبح واضحاً أنّ كلتا المؤسستَين ستعملان بشكلٍ موازٍ؛ ثارت العديد من التكهنات حول كيفية التفاعل الذي يمكن أن ينشأ بينهما.
فمن جهة؛ رأى أولئك الذين يعارضون لجان الحقيقة، ويجنحون إلى الملاحقة الجنائية، فرصةً لتهميش (لجنة الحقيقة والمصالحة) وإخضاعها للمحكمة الخاصّة كهيئة محقّقة أو هيئة محلّفين؛ على سبيل المثال: كتبت منظمة العفو الدولية أنّ مساهمة (لجنة الحقيقة والمصالحة) في وضع حدٍّ لظاهرة الإفلات من العقاب ضعيفة جدّاً أو منعدمة، ولا ينبغي أن تكون بديلاً لمحاكمة المسؤولين عن جرائم خطيرة بموجب القانون الدولي[24].
وبناءً على ذلك؛ نصّت المادة (10)، من النظام الأساسي للمحكمة الخاصّة لسيراليون، على أنّ العفو عن الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة «لا ينبغي أنّ يشكّل عائقاً أمام المحاكمة»، ولقد صرّحت دائرة الاستئناف في المحكمة الخاصّة لسيراليون أنّ اتفاق لومي للسلام لا يمكنه أن يجردها من اختصاصها[25].
في المقابل؛ عَقَد خبراء من معهد الولايات المتحدة للسلام، ومجوعة القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، والمركز الدوليّ للعدالة الانتقالية، مائدةً مستديرةً في بداية شهر أكتوبر سنة 2001م، لمناقشة الكيفية التي يمكن أن تتفاعل بها كلتا الهيئتَين معاً[26].
في نهاية المطاف؛ لم يكن هناك أي اتفاقٍ رسميٍّ بين الهيئتَين، وعليه؛ لم يكن هناك أي تبادل للمعلومات، ولم تُظهر أيٌّ من المؤسستَين أيّ مصلحة في التعاون، وكلاهما حافظ على علاقات الجوار ولا شيء أكثر من ذلك.
أنهت (لجنة الحقيقة والمصالحة) ولايتها على الرغم من أنها عانت بشدة من ضعف التمويل والتسيير، غير أنها في العموم، كانت قادرة على دفع العديد من الجناة إلى التعاون معها، ممن أدلوا بشهاداتهم عن أفعالهم في جلسات عامّة أو مغلقة، علماّ بأنّ إقناع أولئك الذين ارتكبوا الفظائع بالاعتراف بجرائمهم ليس بالأمر الهيّن، خصوصاً أنّ (لجنة الحقيقة والمصالحة) لسيراليون لم تكن لديها ورقة العفو كنظيرتها في جنوب إفريقيا، بغرض استخدامها كمحفّز لترغيب الجاني في الاعتراف[27].
الخاتمة:
ساهمت تجربة (العدالة فيما بعد الصراع) في سيراليون في تطوير مجال (العدالة الانتقالية)، من خلال تجسيدها لكيفية عمل كلٍّ من لجان الحقيقة والمصالحة والمحاكم الجنائية الدولية وتفاعلها، بعضها مع بعضها الآخر، ولقد أظهرت هذه التجربة أنّ التكهنات حول العلاقات والمشكلات المحتملة بين الهيئتَين كانت مبالغاً فيها بعض الشيء.
وعليه؛ لا يمكن التقليل من شأن هذه التجربة، واستغلالها على حالات أخرى لعدالة ما بعد الصراع، فبرغم أنّ الآراء حول عمل كلتا الهيئتَين بعضهما مع بعضهما الآخر انقسمت بين فريقٍ معارضٍ وآخر مدافع، فقد أثبتت سيراليون أنّ، بعكس ما يعتقده الكثيرون، التعاون بين الآليتَين ممكن، ولعلّ الممارسة في سيراليون ستُقنع المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المقبلة بجدوى اتّباع مقاربات متكاملة، أيّ تقترن فيها إجراءات الملاحقة القضائية مع آليات بديلة للمساءلة.
إنّ فكرة إنشاء (لجنة الحقيقة والمصالحة) في سيراليون تمّ تشجيعها من قِبل المجتمع الدولي، على الرغم من أنه ثارت بعض النقاشات داخل سيراليون حول أهمية اللجنة قبل إنشائها، بيد أنه لولا إصرار الأمم المتحدة ما كان لهذا المشروع أن يشهد النور، ذلك أنّ سيراليون بلدٌ فقيرٌ جدّاً، وما كان ليتحمل التمويل الكبير الذي تحتاج إليه (لجنة الحقيقة والمصالحة).
نشير في الختام إلى: أنه في سبيل بناء جسرٍ بين العدالة الجنائية وبين العدالة الانتقالية المجسّدة – من خلال هذه الدراسة – في: (المحكمة الجنائية الدولية) و (لجنة الحقيقة والمصالحة) في سيراليون، ينبغي البدء أولاً بتجنّب النظر للجان الحقيقة كبديلٍ للمحاكمات، فذلك ما يؤدي إلى التناقضات، ومن ثمّ علينا أن نحاول النظر إلى لجان الحقيقة بوصفها مكمّلةً للمحاكمات، سواء كانت وطنية أو دولية، وليس بديلاً لها.
علاوةً على ذلك، ولتعزيز العلاقة ما بين العدالة الجنائية (المحكمة الجنائية الدولية) والعدالة الانتقالية (لجنة الحقيقة والمصالحة)، قد يكون من المفيد البحث في جدوى إجراء المحاكمات بعد عمل لجان الحقيقة، كوسيلة لكشف المزيد من الحقيقة، حتى لا يكون الغرض من لجان الحقيقة حماية بعض الجناة ممن ارتكبوا انتهاكات جسيمة، وهي الفرضية التي تشكّل انتهاكاً للقانون الدولي، والتي لن تكون أبداً في مصلحة العدالة أو المجتمع ككل، ويظلّ التحدي قائماً، وتظلّ هناك دائماً توترات بين متطلبات نظام العدالة الجنائية، وبين الأساليب غير العقابية للانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان.
…………………………………..
* دكتوراة – قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية – كلية الحقوق والعلوم السياسية / جامعة وهران 2 محمد بن أحمد – الجزائر.
[1] محمد بوسلطان: العدالة الانتقالية والقانون، مجلة القانون، المجتمع والسلطة، العدد 2، (الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2013م)، ص. 9.ISSN 2253-0266
[2] William A. Schabas, “The Sierra Leone Truth and Reconciliation Commission”, in. Naomi Roht-Arriaza and Javier Mariezcurrena (Eds), Transitional Justice in the Twenty First Century: Beyond Truth Versus Justice, (UK/ Cambridge University Press, 2006), p. 21.
Paul Richards, Fighting for the Rain Forest: War, Youthand Resources in Sierra Leone (Portsmouth, NH: Heinemann, 1996; Oxford: James Currey, 1998).
[4] Daniel Macaluso, “Absolute and Free Pardon: The Effect of the Amnesty Provision in the Lome Peace Agreement on the Jurisdiction of the Special Court for Sierra Leone”, (2001) Brooklyn Journal of International Law 27, p. 347.
[5]UN Doc. S/1999/836.
[6] Richard Bennett, “The Evolution of the Sierra Leone Truth and Reconciliation Commission”, in Truth and Reconciliation in Sierra Leone (Freetown: UNAMSIL, 2001), pp. 37–51.
[7] انظر ما جاء في: Truth and Reconciliation Commission Act 2000, s. 3.
تمثل أعضاء اللجنة الدوليين في كلٍّ من: “ساتانغ جو” Satang Jow وزير التربية والتعليم السابق لغامبيا، و “ياسمين سوكا” Yasmin Sooka محامي حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا وعضو في لجنة الحقيقة والمصالحة لهذا البلد، في حين تمثل أعضاء اللجنة الوطنيين في كلٍّ من: الأسقف “جوزيف هامبر” Joseph Humper، الرئيسة “لورا ماركوس جونز” Laura Marcus-Jones، وهي قاضية سابقة، والبروفسور “جون كمارا” مدير ثانوية وطبيب بيطري، و “سيلفانوس تورتو” Sylvanus Torto أستاذ الإدارة العامة.
[8] Truth and Reconciliation Commission Act 2000, s. 6 (2)(a).
[9] Truth and Reconciliation Commission Act 2000, s. 7 (4).
[10] Ibid., s. 6 (2) (a).
[11] Ibid., s. 7 (1) (a).
[12] Ibid., s. 6.
[13] L. Sanders, “Rich and Rare are the Gems they War: Holding De Beers Accountable for Trading Conflict Diamonds”, (2001) Fordham International Law Journal 24, p. 1402; William A. Schabas, “Enforcing InternationalHumanitarian Law: Catching the Accomplices”, (2001) International Review of the Red Cross 83, p. 439.
[14] Solomon Berewa, “Addressing Impunity using Divergent Approaches: The Truth and Reconciliation Commission and the Special Court”, in Truth and Reconciliation in Sierra Leone, note 6 above, p. 59.
[15] «أعتقد أن ما تسألني القيام به هو الhعتذار للناس… ما فائدة ذلك؟ … قلت للناس: من فضلكم أتوسل إليكم فلنتقبل الأخطاء.. ولننس الماضي تماماً.. أنا لا أفهم ما هو المتوقع مني القيام به أكثر من ذلك؟»، تصريح “أحمد تيجان كبه” Ahmed TejanKabbah رئيس سيراليون، يوم الخامس (05) أوت / أغسطس سنة 2003م. (بتصرف)، انظر:
William A. Schabas, «The Sierra Leone Truth and Reconciliation Commission», In. Naomi Roht-Arriaza and Javier Mariezcurrena (Eds), Transitional Justice in the Twenty-First Century: Beyond Truth versus Justice, (New York: Cambridge University Press, 2006): pp. 21- 42; p.26.
[16]نصّ التقرير على: «… ترجع الحرب الأهلية في سيراليون، لحدٍّ كبير، إلى الاختلال الوظيفي الذي يعاني منه الحكم وجميع العمليات المؤسسية في البلاد، وقد فشلت الأطراف السياسية الفاعلة في الحفاظ على قدرة الدولة على مواجهة هذه التحديات الحاسمة، المتمثلة في توفير الأمن، وتحسين سبل العيش، وإشراك الأغلبية الساحقة من سكان سيراليون في صنع القرار. وتتفق اللجنة في القول: أنّ فشل الحكم كان سبباً في توفير بيئة مواتية لاستفحال مظاهر الفقر والتهميش والجشع والمظالم، التي تسببت في الحرب الأهلية»، راجع المجلد الثالث من تقرير اللجنة، في المحور الثاني المتعلق بالأطراف الخارجية في الصراع:
Witness to Truth: Report of the Sierra Leone Truth and Reconciliation Commission, Vol. 3B (Freetown, 2004), Chapter II“External Actors in the Conflict”.
[17] Witness to Truth, Vol. 2, p. 6.
[18] راجع على سبيل المثال: تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول «حكم القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع وما بعد الصراع».
UN Doc. S/2004/614, para.64 (c).
[19] سلسلة من عمليات الإعدام التي قامت بها حكومة “كبه” Kabbahفي عام 1998، تم الإعلان عنها مؤخراً من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة؛ على أنها انتهاك للمادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
UN Doc. CCPR/C/64/D/839, 840 and 841/1998.
[20] Witness to Truth, Vol. 3B, Chapter IV.
[21] Solomon Berewa, note 23 above, pp. 55–60, at p. 56.
[22] UN Doc. S/RES/2000/1315.
[23] حررت الرسالة بتاريخ 12 يناير سنة 2001م من طرف الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن.
UN Doc. S/2001/40, para. 9.
[24] “Sierra Leone: Renewed Commitment to End Impunity,” AI index: AFR 51/007/2001, September 24, 2001.
[25] Special Court for Sierra Leone, Prosecutor against Morris Kalon, BrimaBazzyKamara, Case No. SCSL-04-15-PT- 060, Decision on Challenge to Jurisdiction: Lomé Accord Amnesty (Appeals Chamber), 13March 2004, para. 88.
[26] Richard Bennett, note 6 above, at p. 43.
[27] William A. Schabas, op. cit., pp 37, 38.