أعلنت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة في تنزانيا (NEC) يوم السبت الموافق 1 نوفمبر 2025 عن فوز السيدة سامية سولوهو حسن في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد ، وذلك بعد حصولها علي نسبة 97.66 % من أصوات الناخبين ، وهو ما يعني استمرارية حزب تشاما تشا مابيندوزي (CCM) الحزب الحاكم للبلاد منذ حصولها علي الاستقلال حتي الآن في السلطة ، مع بقاء هيمنته علي المشهد السياسي في البلاد ، والنظر إليه كثاني أطول حزب حاكم في تاريخ أفريقيا لمدة 64 عاما متواصلة ، ليأتي بعد حزب اليمين الحقيقي في ليبيريا (TWP) الذي تولي السلطة لمدة 102 عاما متواصلة بداية من عام 1878 حتي عام 1980 ، ولعل فوز الحزب الحاكم والسيدة سامية حسن في الانتخابات لم يكن أمرا مستبعدا من البداية ، بل كانت التوقعات السابقة للانتخابات تشير إلي أن العملية الانتخابية لن تسفر إلا عن إعادة فوز الحزب الحاكم مجددا في الانتخابات ، وذلك نظرا لحالة القمع التي سادت المشهد السياسي قبيل الانتخابات ، وهندسة العملية الإنتخابية من قبل الحزب الحاكم ، مع منع قادة المعارضة من الترشح للانتخابات ، وإيداعهم في السجون علي ذمة قضايا ومحاكمات سياسية لمنعهم من التأثير علي المشهد الانتخابي ، ووقف أية محاولات رامية إلي حدوث تداول سلمي للسلطة في البلاد ، ورغم نجاح السيدة سامية حسن وحزبها في الاحتفاظ بالسلطة إلا أن ولايتها الجديدة سوف تكون محفوفة بالمخاطر في ظل حالة السخط المتزايد التي تشهدها البلاد بسبب التراجع السياسي والاقتصادي ، ومن خلال هذه الدراسة يمكن تحليل الانتخابات الرئاسية التي شهدتها تنزانيا يوم 29 أكتوبر 2025 من خلال النقاط التالية :
أولا : النظام الانتخابي لانتخابات الرئاسة:
إن الإطار الدستوري والقانوني الذي يحدد النظام الانتخابي لانتخابات الرئاسة في تنزانيا يعتمد علي نصوص دستور تنزانيا الصادر في عام 1977 والذي خضع للعديد من التعديلات ، وكذلك تعتمد علي مجموعة القوانين الجديدة التي أصدرتها الحكومة ودخلت حيز التنفيذ في أبريل 2024 ، والمتمثلة في قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية ، وقانون شؤون الأحزاب السياسية ، وقانون اللجنة الانتخابية المستقلة ، والتي بموجبها يتم فهم النظام الانتخابي لانتخابات الرئاسة في تنزانيا .
وقد أعلنت الحكومة عند إصدارها لهذه القوانين الجديدة أنها تأتي بهدف تحسين نزاهة العملية الانتخابية ، بينما شككت المعارضة في ذلك ، معتبرة أن هذه القوانين الجديدة لم تحدث تغييرا هيكليا حقيقيا ، وأنها لا تزال غير كافية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، خاصة أن الرئيس لا يزال هو المسؤول عن تعيين أعضاء اللجنة الانتخابية ، وكذلك يتم تعيين مسؤولي الانتخابات علي مستوي الدوائر الانتخابية من قبل الرئيس ، مع تمتع مسجل الأحزاب بنفوذ كبير ويمكنه التدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب ، وكذلك العملية الانتخابية ، فضلا عن عدم إمكانية الطعن علي قرارات اللجنة الانتخابية المستقلة واعتبار أحكامها نهائية ، وهو ما كان محلا للرفض من قبل أحزاب المعارضة.([1])
وعلي كل يمكن توضيح النظام الانتخابي لانتخابات الرئاسة فيما يلي:
1-مدة ولاية الرئيس:
لقد نصت المادة 42 من الدستور علي أن مدة ولاية الرئيس تكون لمدة خمسة سنوات من تاريخ انتخابه رئيسا، كما أنه وفقا للمادة 40 من الدستور يجوز إعادة انتخاب الرئيس لمدة ولايتين رئاسيتين ، ولا يجوز له أن يتولى منصب الرئيس لأكثر من ولايتين .
2-طريقة الاقتراع ونظام الفوز:
نصت المادة 41 من الدستور علي الإجراءات المتعلقة بعملية انتخاب الرئيس ، والتي تشير إلي أن نظام الفوز في الانتخابات الرئاسية يعتمد علي نظام الأغلبية البسيطة ، حيث يتم انتخاب الشخص الذي حصل علي أعلي عدد من الأصوات في الانتخابات كرئيس للجمهورية وينتخب أيضا نائبه في انتخابات مشتركة علي ورقة اقتراع واحدة ، في حين تتم الانتخابات بطريقة الاقتراع العام والمباشر ، ونصت الفقرة 7 من المادة 41 من الدستور علي أنه في حالة إعلان اللجنة الانتخابية أحد المرشحين فائزا بمنصب الرئيس في الانتخابات فلا يكون لأي محكمة اختصاص بمراجعة قرار انتخابه.([2])
ثانيا : شروط الترشح لانتخابات الرئاسة :
لقد حددت المادة 39 من دستور تنزانيا شروط الترشح للرئاسة والتي تتمثل فيما يلي :
1-أن يكون مواطنا مولودا في جمهورية تنزانيا وفقا لما يحدده قانون الجنسية.
2-أن يبلغ سن الأربعين عند الترشح.
3-أن يكون عضوا في حزب سياسي وأن يتم ترشيحه من قبل هذا الحزب .
4-أن يكون لديه المؤهلات اللازمة ليصبح عضوا في مجلس النواب أو عضوا في مجلس النواب .
5-أن لا يكون قد تمت إدانته خلال السنوات الخمسة السابقة لتاريخ الانتخابات العامة في أية جريمة تتعلق بالتهرب من دفع الضرائب الحكومية .
6-لا يجوز لأي شخص الترشح مالم يكن عضوا في حزب سياسي ومرشحا كذلك من قبل حزب سياسي ، وهذا الشرط ترفضه أحزاب المعارضة الرئيسية ، وتسعي إلي تعديل الدستور لإلغائه من أجل السماح للمستقلين بالترشح في الانتخابات.([3])
7-بجانب هذه الشروط الواردة في الدستور يوجد مجموعة أخري من الشروط الواردة في الفصل الثالث من قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية رقم 1 لعام 2024 ، وخاصة المواد رقم 32 ، 33 ، 34 ، 35 والتي من بينها شرط التوكيلات الشعبية المقدمة لراغب الترشح للرئاسة والتي يجب ألا تقل عن 200 توكيل لكل منطقة من مناطق تنزانيا ، علي أن يكون من بين تلك المناطق منطقتين علي الأقل من تنزانيا وزنجبار ، وشرط الوديعة المالية التي يجب أن يدفعها المرشح لمنصب الرئيس كتأمين انتخابي ، والتي تم تحديدها بخمسة مليون شلن تنزاني يتم دفعها عن طريق حوالة مصرفية للجنة الانتخابات.([4])
ثالثا : خريطة الانتخابات ، وقائمة المرشحين ، والحملة الانتخابية :
أ-خريطة الانتخابات:
لقد أعلنت لجنة الانتخابات التنزانية (NEC) خلال اجتماعها الذي عقد يوم السبت الموافق 26 يوليو 2025 بمقر اللجنة في العاصمة الإدارية لتنزانيا دودوما ، برئاسة رئيس اللجنة الانتخابية جاكوبس موامبيجيلي عن مواعيد الانتخابات ، حيث أعلن أن استمارات الترشح لمنصبي الرئيس ونائب الرئيس ستكون متاحة خلال الفترة من 9 إلي 27 أغسطس ، بينما ستتاح استمارات الترشح للبرلمان والمجالس المحلية خلال الفترة من 14 إلي 27 أغسطس ، علي أن يكون يوم 27 أغسطس هو يوم تقديم ملفات جميع المرشحين لكافة العمليات الانتخابية .
وفيما يتعلق بموعد الحملات الانتخابية فقد تم تحديد الفترة من 28 أغسطس إلي 28 أكتوبر لتكون موعدا لإجراء الحملات الانتخابية في تنزانيا القارية والتي يقصد بها الجزء البري من تنزانيا الواقع في قارة أفريقيا باستثناء جزر زنجبار ، بينما يكون موعد الحملات الانتخابية في جزر زنجبار خلال الفترة من 28 أغسطس حتي 27 أكتوبر 2025 .
كما يتم إجراء الانتخابات الرئاسية في تاريخ 29 أكتوبر 2025 في اتحاد تنزانيا بالكامل لانتخاب المرشحين في انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية والمحلية ، بينما تجري الانتخابات في زنجبار علي مدار يومي 28 – 29 أكتوبر ، حيث كان هناك تصويت مبكر في جزر زنجبار ، بحيث يسمح لمسؤولي الانتخابات ورجال الأمن بالتصويت قبل موعد الانتخابات بيوم تسهيلا للإجراءات.([5])
كما أنه بجانب مشاركة جزر زنجبار في العمليات الانتخابية الثلاثة التي جرت في الاتحاد التنزاني ، تم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية خاصة بزنجبار، وذلك لأن زنجبار تتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة شؤونها الداخلية لتمتعها بالحكم الذاتي ، ووفقا لدستورها الخاص بها الصادر في عام 1984 ، كما أن العملية الانتخابية في زنجبار تتم بواسطة لجنة زنجبار الانتخابية (ZEC) علي عكس اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (INEC) التي تشرف علي العمليات الانتخابية في كامل اتحاد تنزانيا بما فيها زنجبار .
وقد بلغ عدد الناخبين المسجلين المؤهلين للمشاركة في الانتخابات نحو 37.65 مليون ناخب ، منهم 36.65 مليون ناخب في البر الرئيسي لتنزانيا ، و1.4 مليون في زنجبار ، موزعين علي 99.911 ألف مركز اقتراع في جميع أنحاء تنزانيا ، مخصص منهم 97.349 ألف مركز اقتراع لبر تنزانيا ، مقابل 2562 مركز اقتراع مخصصين لزنجبار.([6])
ب-قائمة المرشحين :
لقد أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات يوم 27 أغسطس 2025 عن قبول 17 مرشح للرئاسة يرافقهم 17 مرشح لمنصب نائب الرئيس ، ينتمون إلي 17 حزب سياسي في البلاد ويترشحون تحت راية هذه الأحزاب ، من مجموع 19 حزب سياسي مسجل في تنزانيا ، وقد كانت السيدة سامية حسن البالغة من العمر 65 عاما هي المرشحة الأبرز في هذه الانتخابات بوصفها الرئيسة الحالية للبلاد ومرشحة حزب الثورة الحزب الحاكم في البلاد ، وسوف نقوم بعرض القائمة الكاملة للمرشحين للرئاسة ونوابهم والأحزاب المترشحين عنها خلال تحليل نتائج العملية الإنتخابية في ثنايا هذه الدراسة ، علما أن هؤلاء المرشحين الذين سمح لهم بالترشح في الانتخابات كانوا يفتقرون إلي الموارد المالية والقدرة التنظيمية اللازمة لعمل حملات انتخابية جادة ، فضلا عن عدم معرفتهم شعبيا بصورة تؤهلهم للمنافسة الحقيقية في الانتخابات ، كما أن الأداء الانتخابي للأحزاب التي ترشحوا تحت رايتها خلال الانتخابات التي أجريت من قبل في تنزانيا كان ضعيفا كذلك مقارنة بأداء الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة الرئيسية التي حرمت من المشاركة في الانتخابات . ([7])
وتوضح هذه الصورة الجماعية أسماء وصور المرشحين ال 17 المشاركين في انتخابات الرئاسة :

ج- أبرز المستبعدين من الانتخابات :
لقد تم استبعاد اثنين من زعماء المعارضة في تنزانيا من الترشح لمنصب رئيس الدولة الاتحادية ، وهما كل من :
1-توندو ليسو : وهو زعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعروف باسم حزب تشاديما CHADEMA)) ، وهو ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد ، ويعد حزب المعارضة الرئيسي في تنزانيا ، ويبلغ ليسو من العمر 57 عاما ، ويعتنق الديانة المسيحية الكاثوليكية ، ويمتهن المحاماة حيث ترأس سابقا نقابة المحامين في بر تنزانيا الرئيسي ، كما شغل عضوية البرلمان خلال الفترة ما بين عامي 2010-2020 ، بجانب كونه ناشطا في مكافحة الفساد حيث كان مسئولا عن إصدار وثيقة كشفت عن تورط كبار المسؤولين في الدولة بنهب المال العام ، عرفت باسم وثيقة العار ، وقد تم القبض عليه عدة مرات بتهمة إهانة رئيس الدولة والإخلال بالنظام العام ، وقد تعرض ليسو لمحاولة اغتيال في سبتمبر 2017 أصيب خلالها بحوالي 16 طلقة نارية ، ونقل علي إثرها إلي كينيا ثم إلي بلجيكا لتلقي العلاج حيث قيل أنه خضع إلي 19 عملية جراحية لإنقاذ حياته ، وفي يوليو 2020 عاد من المنفي ليشارك في انتخابات الرئاسة التي أجريت في أكتوبر 2020 ، حيث جاء في المركز الثاني بعد حصوله علي نسبة 13% من الأصوات مقابل فوز الرئيس الراحل جون ماجوفولي بولاية رئاسية ثانية بنسبة 84% ، وفي يناير 2025 تم انتخابه رئيسا لحزب تشاديما متغلبا علي رئيسه السابق فريمان مبوي . ([8])
وقد استبعدت اللجنة الانتخابية في تنزانيا حزب تشاديما من المشاركة في العمليات الانتخابية حتي عام 2030 وذلك كعقوبة له لعدم قيام الحزب بالتوقيع علي مدونة السلوك الانتخابي التي يتعهد بموجبها بالامتثال لقرارات وتعليمات لجنة الانتخابات ، بسبب تصميم توندو ليسو زعيم الحزب علي إجراء إصلاحات في قانون الانتخابات وقانون اللجنة الانتخابية ، وفي 9 أبريل تم القبض علي ليسو بتهمة الخيانة العظمي التي يحاكم عليها بالإعدام في تنزانيا ، وذلك بعد دعوته إلي إجراء إصلاحات انتخابية خلال تجمع جماهيري ، وتنظيمه لمسيرات رفع خلالها شعار ” لا إصلاحات ، لا انتخابات ” ، وهو ما اعتبر دعوة لتعطيل الانتخابات بالقوة والتحريض علي التمرد ، وفي 12 أبريل تم استبعاد الحزب من المشاركة في الانتخابات بجميع أنواعها رسميا في تنزانيا وكذلك في زنجبار ، وهو ما جعل كبير المحامين في حزب تشاديما المعارض يعلن عدم دستورية قرار لجنة الانتخابات الذي يستبعد الحزب من ممارسة حقه الدستوري في الترشح للانتخابات . ([9])
وأخيرا لا يزال حزب المعارضة مصمما علي تبني مجموعة من الاصلاحات الانتخابية والسياسية المتمثلة في إحياء عملية كتابة الدستور الجديد للبلاد التي توقفت في عام 2013 ، وإنشاء لجنة انتخابية مستقلة لا يتم تعيين رئيسها من قبل رئيس الجمهورية ، والسماح بترشح المرشحين المستقلين ، والسماح بالمراجعة القضائية لنتائج الانتخابات الرئاسة ، وإمكانية الطعن علي قرارات لجنة الانتخابات أمام القضاء ، وتغير نظام الفوز في الانتخابات بحيث يشترط حصول الفائز علي الأغلبية المطلقة المتمثلة في نسبة 51% من أصوات الناخبين علي الأقل .
2- لوهاجا جويلسون مبينا : وهو من مواليد عام 1975 ويبلغ من العمر 50 عاما ، وكان عضوا في البرلمان منذ 2005 ، كما شغل منصب وزير الثروة الحيوانية والسمكية لمدة 3 سنوات في حكومة الرئيس الراحل ماجوفولي ، حيث كان عضوا في الحزب الحاكم حزب تشاما تشا مابيندوزي (CCM) ، لكنه انشق عليه ، وانضم إلي حزب تحالف التغيير والشفافية ACT-Wazalendo)) ثالث أكبر حزب في البلاد ، ويعد من أحزاب المعارضة القوية ، حيث قدم أوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية تحت رعاية حزبه الجديد ، لكن اللجنة الانتخابية رفضت أوراق ترشحه للمرة الأولي بسبب اعتراض قدمه مسجل الأحزاب السياسية بسبب شكوي تقدمت بها عضوة في هذا الحزب المعارض تدعي موناليزا ندالا تفيد بأن الحزب قام بترشيح مبينا بعد فترة طويلة من الموعد النهائي الذي حدده الحزب لتقديم الترشيحات في شهر مايو الماضي ، كما أن ترشيحه يخالف قواعد الحزب التي تنص علي عضوية الشخص لمدة 7 شهور كحد أدني للنظر في مسألة ترشحه للرئاسة عن الحزب ، وهو ما يمثل فشل في الامتثال لإجراءات الترشح خلال فترة الانتخابات التمهيدية داخل الحزب بسبب انتهاك القواعد الإجرائية واختيار مبينا رغم انشقاقه مؤخرا عن حزب الثورة الحاكم ، وهو ما جعله يطعن علي القرار ، ليتم السماح له بالترشح للانتخابات بعد قبول طعنه ، لكن تم استبعاده من الترشح للمرة الثانية بصورة نهائية بعد تقديم ثلاثة طعون ضد ترشحه للانتخابات من بينها اثنين من الطعون تم تقديمها من قبل مرشحين منافسين له في الانتخابات لكن تم رفضهما ، وطعن تم تقديمه من النائب العام للحكومة حمزة سعيدي جوهري ، حيث تم قبول الطعن وبناء عليه استبعد مبينا من الترشح . ([10])
د-الحملة الانتخابية :
لقد استمرت الحملة الانتخابية علي مدار 60 يوما ، كان الحزب الحاكم هو المهيمن علي الدعاية الإنتخابية خلالها ، وذلك لأنه منذ عودة البلاد إلي التعدد الحزبي في التسعينات ، كانت هذه الانتخابات العامة الأولي التي تجري بدون مشاركة حزب المعارضة الرئيسية في البلاد حزب الديمقراطية والتقدم (CHADEMA) ، وبسبب غيابه عن المشهد الانتخابي ، فقد خلا الجو أمام الحزب الحاكم بسبب ضعف مرشحي الأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات رغم كثرة عدد مرشحيها ووصولهم إلي 16 مرشح يسعون لمنافسة السيدة سامية في الانتخابات .
هذا وقد هيمنت الحملات الانتخابية للحزب الحاكم علي المشهد الانتخابي في البلاد ، حيث تم استخدام الحافلات الكبيرة ، وعشرات السيارة الخاصة من ماركة لاند كروزر ، وآلاف الدراجات النارية ، التي تحمل أعلام الحزب والملصقات الدعائية للسيد سامية حسن ، بجانب الاستعانة بفنانين وموسيقيين مشهورين في البلاد لتقديم عروض خلال الدعاية الانتخابية للحزب الحاكم لجذب الجماهير .
وخلال حملتها الانتخابية دافعت السيدة سامية حسن عن سجلها في مكافحة الفساد في البلاد ، واعدة بإصلاحات مستقبلية تتعلق بالحكم الرشيد ، والمصالحة ، والسعي إلي وضع دستور جديد للبلاد ، مركزة علي المبادئ الأربعة التي تتبناها سياسيا والتي تقوم علي المصالحة ، والمرونة ، وإعادة البناء ، والإصلاح .
بينما باقي المرشحين كانت الدعاية الخاصة بهم محدودة لعدم قدرتهم علي توفير نفقات كبيرة للدعاية كالتي يمتلكها الحزب الحاكم في تنزانيا ، واقتصرت علي بعض الأسواق ومواقف السيارات ، والسير من شارع إلي شارع ، أو حتي طرق أبواب المنازل لمطالبة الناس بالتصويت لصالحهم، ولهذا اشتكي أغلب المرشحين من نقص الأموال اللازمة للحملات الانتخابية ، في حين تم اتهام الحكومة بطباعة نقود جديدة لتمويل الحملات الانتخابية الجارية للحزب الحاكم ، وهو ما نفاه البنك المركزي ووزير المالية . ([11])
ولعل الحملة الانتخابية للمرشح المعارض سالوم مواليمو مرشح حزب التحرير العامCHAUMMA) ) كانت هي الأبرز من بين مرشحي باقي الأحزاب الصغيرة التي تنافس السيدة سامية حسن ، حيث دعا أنصاره إلي التصويت من أجل الحرية ، ومن أجل القضاء علي الفقر والبطالة الناجمة عن السياسات الرجعية للحزب الثوري الحاكم ، معلنا أنه قد حان الوقت لكي يسلم الحزب الحاكم السلطة بعد احتكارها لمدة 64 عاما. ([12])
رابعا : إجراء الانتخابات ، وتحليل النتائج :
أ-اجراء الانتخابات :
لقد تم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد يوم الأربعاء الموافق 29 أكتوبر 2025 ، في مناخ سياسي وأمني مضطرب ، وسط حالة من التوتر والقلق بسبب الدعوات التي أطلقتها المعارضة من أجل مقاطعة الانتخابات ومنع إجرائها ، مع انتشار العنف في العديد من مناطق البلاد ، وسقوط المئات من القتلى علي يد قوات الأمن علي حد قول المعارضة ، ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي سادت البلاد إلا أن المتظاهرون خرجوا إلي الشوارع في مختلف أنحاء البلاد ، ودمروا جزءا من الدعاية الانتخابية للرئيسة سامية حسن ، واقتحم بعضهم مراكز الاقتراع ، في محاولة منهم لمنع إجراء الانتخابات . ([13])
وفي المقابل قامت السيدة سامية حسن مرشحة الحزب الحاكم بالإدلاء بصوتها في العاصمة الإدارية للبلاد دودوما ، وحثت جميع الناخبين علي النزول للمشاركة في الانتخابات وممارسة حقهم في التصويت واختيار قادتهم بحرية .
وفي ظل منع الصحفيين الأجانب بصورة كبيرة من تغطية العملية الانتخابية ، وقطع الانترنت والاتصالات في البلاد كان هناك شبه تعتيم علي الأحداث داخل تنزانيا ، في محاولة من الحزب الحاكم لمنع تغطية الاحتجاجات التي شهدتها تنزانيا في يوم الانتخابات ، وهو ما جعل مركز بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح (ACLED) ، يصف الحزب الحاكم في تنزانيا بأنه من آخر أحزاب التحرير المهيمنة في أفريقيا التي تحاول التشبث بالسلطة من خلال منع وإقصاء المعارضة من خلال الوسائل الإدارية والوسائل القانونية وغير القانونية ، حيث تم التشكيك في وجود منافسة حقيقة في الانتخابات لأنه تم القضاء عليها من خلال الهندسة السياسية للانتخابات باستخدام الوسائل القانونية كغطاء شرعي لحماية النظام ، وهو ما يجعل تنزانيا لا تزال دولة حزب واحد بحكم الأمر الواقع ، مع غياب الرغبة في تغيير النموذج القائم حاليا . ([14])
ب-تحليل النتائج :
لقد أعلن رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة جاكوبس موامبيجيلي يوم السبت الموافق 1 نوفمبر 2025 عن فوز السيدة سامية حسن بمنصب رئيس جمهورية تنزانيا ، وذلك بعد حصولها علي نسبة 97.66% من أصوات الناخبين والتي تعادل 31.9 مليون صوت من أصل 32.7 مليون ناخب صوتوا في الانتخابات ، لتستمر بناء علي ذلك في منصبها لولاية رئاسية كاملة مدتها خمس سنوات بعد توليها السلطة في 2021 بعد رحيل الرئيس السابق جون ماجوفولي ، كما أضافت اللجنة أن نسبة المشاركة في الانتخابات قد بلغت نحو 87% ، ووفقا للنتائج المعلنة فلم يحصل باقي المرشحين البالغ عددهم 16 مرشح إلا علي نسبة 2.34% مقسمة عليهم جميعا ، وهو ما يعزز من شكلية العملية الانتخابية والنظر إليها علي أنها بمثابة تتويج شكلي كما تري المعارضة ، ويمكن عرض نتائج الانتخابات من خلال الجدول التالي :

المصدر : من إعداد الباحث وفقا للنتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية في تنزانيا
وتحليلا للجدول السابق نجد أن السيدة سامية حسن قد حصلت علي نسبة 97.66% من أصوات الناخبين ، بينما لم يحصل أي من المرشحين المنافسين البالغ عددهم 16 مرشح علي نسبة 1% حتي من الأصوات ، وهو ما يكشف عن ضعف مرشحي هذه الأحزاب وعدم قدرتهم علي منافسة مرشحة الحزب الحاكم ، ويمكن عرض أبرز الأسباب التي أدت إلي فوز السيدة سامية حسن بهذه النسبة العالية فيما يلي :
1-إقصاء المعارضين الأقوياء ومنعهم من الترشح والتنكيل بهم ومحاكمتهم وعلي رأسهم توندو ليسو زعيم حزب الديمقراطية والتقدم المعروف باسم حزب تشاديما CHADEMA)) ثاني أكبر حزب في البلاد ، بجانب منع لوهاجا مبينا مرشح حزب تحالف التغيير والشفافية ACT-Wazalendo)) ثالث أكبر حزب في البلاد ، وبالتالي لم يكن هناك مرشح قوي قادر علي منافسة السيدة سامية والحزب الحاكم في هذه الانتخابات ، حيث لم تنجح الأحزاب الصغيرة التي سمح لها بالترشح في منافسة الحزب الحاكم ، في ظل قمع كافة الأصوات المعارضة والتنكيل بها ، فضلا عن إحكام سيطرة النظام علي الإعلام والمجتمع المدني . ([15])
2-مقاطعة أحزاب المعارضة للعملية الانتخابية ، ومحاولة منعها ، والدعوة إلي عدم التصويت أو المشاركة فيها ، وهو مما أدي إلي انخفاض نسبة الإقبال علي مراكز الاقتراع ، وسمح بعمليات تلاعب في التصويت وحشو صناديق الاقتراع بالأوراق المؤيدة للسيدة سامية حسن والحزب الحاكم في ظل غياب مراقبة المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ، وبعثات المراقبة الدولية للعملية الانتخابية بنسبة كبيرة .
3- انفراد الحزب الحاكم ومؤسساته السياسية بإدارة العملية الانتخابية ودعم السيدة سامية حسن للبقاء في السلطة ، وذلك حفاظا علي مصالح النخبة الحاكمة واستمرار نفوذها وهيمنتها علي السلطة والثروة في تنزانيا ، وخاصة بعد نجاح السيدة سامية في التغلب علي الخلافات الداخلية في الحزب الحاكم ، وقدرتها علي بناء توازنات بين الأجنحة المختلفة داخل الحزب الحاكم ، مما جعلها الشخص المناسب لقيادة الحزب وضمان بقاؤه في السلطة ، حيث فاز الحزب الحاكم في كافة العمليات الانتخابية التي شهدتها تنزانيا منذ عودة التعددية الحزبية للبلاد في التسعينات ، وهو ما يعني أنه الحزب المهيمن علي المشهد السياسي في البلاد . ([16])
4-حصولها علي دعم شبكة قوية من رجال الأعمال في تنزانيا والمعروفين باسم ” متانداو ” ، والتي معناها الشبكة باللغة السواحلية ، والذين يرتبطون بعلاقات قوية بكبار قيادات الحزب الثوري الحاكم ، والذي قام بهندسة الانتخابات الداخلية للحزب وقمع الأصوات المعارضة بداخله والتي كانت ترفض ترشح السيدة سامية حسن والنظر إليها علي أنها مجرد رئيسة مؤقتة تكمل ولاية الرئيس الراحل جون ماجوفولي ، حيث استطاع الحرس الحديدي القوي داخل الحزب من خلال تحركاته وترتيباته الداخلية في الحزب من جعل السيدة سامية حسن هي المرشحة الوحيدة للحزب ، رغم الانقسامات التي أسفرت عنها تلك الخطوة ، ولهذا يتم الترويج داخل تنزانيا إلي أن السيدة سامية حسن أصبحت خاضعة لتوجهات شبكة رجال الأعمال علي عكس الرئيس الراحل ماجوفولي الذي كان يرفض تلقي الأوامر منهم وكان ملتزما بأجندته الخاصة . ([17])
5-تحكم عبدالحليم حافظ أمير ، نجل السيدة سامية حسن رئيسة تنزانيا في الأجهزة الأمنية وتسخيرها لدعم والدته للفوز في الانتخابات الرئاسية ، حيث أن السفير السابق همفري هيسرون المختفي قسريا حاليا والمعارض القوي للحزب الحاكم والسيدة سامية حسن كان قد صرح قبل شهر من اختطافه بأن عبدالحليم حافظ أمير نجل السيدة سامية الأصغر يشغل منصب رئيس المخابرات في الظل ، ويعمل جنبا إلي جنب مع سليمان أبو بكر مومبو الذي تم تعيينه مديرا عاما لجهاز المخابرات والأمن في تنزانيا في يوليو 2024 ، كما تم اتهام نجل الرئيسة بأنه هو الذي وراء عمليات القمع والعنف والخطف والاختفاء القسري ضد المعارضين في تنزانيا ، ولهذا فإن عمليات القمع والتنكيل التي قامت بها الأجهزة الأمنية بحق المعارضة كانت من ضمن العوامل التي ساهمت في تسهيل فوز السيدة سامية حسن ، بجانب هندسة الانتخابات أمنيا لضمان فوزها .([18])
وفي سياق متصل فقد فاز حزب الثورة الحاكم (CCM) في زنجبار كذلك في انتخابات الرئاسة التي نظمت في جزر زنجبار بالتزامن مع الانتخابات العامة التي نظمت في الاتحاد التنزاني ، حيث تنافس علي منصب رئيس زنجبار 11 مرشح ، توضح أسمائهم وصورهم وانتمائهم الحزبي ورقة الاقتراع التالية :

وقد أعلنت لجنة الانتخابات في زنجبار عن فوز الرئيس حسين مويني بولاية رئاسية ثانية لزنجبار بعد حصوله علي 74.8% من أصوات الناخبين ، كما وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات نحو 88% ، ومن جانب المعارضة فقد شككت في نتائج الانتخابات وادعت حدوث عمليات تزوير ، بل دعا البعض إلي إعادة الانتخابات من جديد ، ويذكر أن حزب تحالف التغيير والشفافية ACT-Wazalendo)) المعارض سمح له بالترشح في انتخابات الرئاسة بزنجبار ، حيث مثل الحزب في الانتخابات عثمان مسعود عثمان نائب رئيس زنجبار المنتهية ولايته ، حيث نافس الرئيس حسين مويني علي مقعد الرئيس ، وهو ما جعل البعض يري أن الانتخابات في زنجبار كانت أكثر تنافسية من الانتخابات في تنزانيا القارية ، رغم إعادة انتخاب حسين مويني نجل الرئيس الأسبق لتنزانيا علي حسن مويني . ([19])
خامسا : المواقف الداخلية والخارجية من الانتخابات :
أ-المواقف الداخلية :
1-موقف الحزب الحاكم : أعرب الحزب الحاكم عن دعمه للولاية الثانية للسيدة سامية حسن ، وعقب استلام السيدة سامية حسن لشهادة الفوز في الانتخابات من قبل رئيس لجنة الانتخابات ، وصفت فوزها بأنه انتصار جماعي لتنزانيا معلنة أن الانتخابات كانت حرة وديمقراطية ، منتقدة احتجاجات المتظاهرين ، ووصفتهم بأنهم غير وطنين وغير متحضرين . كما نفي وزير الخارجية التنزاني محمود ثابت أي استخدام مفرط للقوة في البلاد ، وكذلك صرحت الحكومة أن العملية الانتخابية جرت بنزاهة ، ونفت مزاعم وقوع انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان خلال الفترة التي سبقت الانتخابات وما بعدها . ([20])
ومن جانب قوات الشرطة فقد أعلنت عن حظر التجوال في المدن الرئيسية وعلي رأسها دار السلام في أعقاب الانتخابات بعد تصاعد أعمال العنف ، كما تم قطع الإنترنت عن البلاد وفقا لتقارير مجموعة نت بلوكس التي أفادت بتعطل خدمة الإنترنت في جميع أنحاء تنزانيا بجانب تقييد الانترنت عبر الهاتف المحمول وتقييد الوصول إلي وسائل التواصل الاجتماعي كذلك ، وقد تم اتهام الشرطة بمحاولة تفريق الاحتجاجات بالعنف من خلال استخدام الغاز المسيل للدموع وإطلاق النار علي المحتجين .
وفيما يخص موقف المؤسسة العسكرية ، فقد كانت داعمة للعملية الانتخابية ولاستمرارية الحزب الحاكم ، حيث وصف قائد الجيش جاكوب مكوندا خلال بث مباشر علي التلفزيون الرسمي المتظاهرين بالمجرمين ، معلنا عن أن الجيش سيتخذ الإجراءات المناسبة ضد المتظاهرين المجرمين ، معلنا كذلك عن دعم الجيش لقوات الأمن لفرض النظام في البلاد ، حيث انضمت قوات الجيش إلي قوات الشرطة لقمع أعمال الشغب ، وانتشرت القوات العسكرية في الشوارع في محاولة لاستعادة النظام . ([21])
2-موقف المعارضة : دعت أحزاب المعارضة التي تم منعها من المشاركة في الانتخابات إلي مقاطعة العملية الانتخابية ، وتعطيلها من خلال الدعوة إلي الاحتجاجات يوم الانتخابات ، ومحاولة منع التصويت يوم الانتخابات ، وكذلك محاولة منع إجراء فرز للأصوات ، وهو ما أسفر عن حدوث اشتباكات واسعة النطاق بين قوات الأمن والمحتجين الذين لا يزالون يواصلون احتجاجاتهم حتي الآن ، وقد أعلن جون كيتوكا المتحدث باسم حزب تشاديما المعارض عن سقوط نحو 700 قتيل في مختلف مناطق البلاد وفي مقدمتهم دار السلام العاصمة الاقتصادية للبلاد بنحو 350 قتيل ، مع استمرار عمليات إطلاق النار وإحراق مراكز للشرطة ، ومكاتب للحكومة المحلية ، ومحطات وقود ، مما فاقم الأوضاع بصورة غير مسبوقة ، كما طالب المحتجون لجنة الانتخابات بوقف إعلان النتائج دون جدوي .
وفي أعقاب إعلان النتائج أعلن حزب المعارضة الرئيسي تشاديما عن رفضه لفوز السيد سامية حسن ، واصفا النتائج بأنها ملفقة بالكامل ومزورة ، واصفا العملية الانتخابية بأنها لم تكن حقيقية ، مؤكدا أن الاحتجاجات المستمرة في ربوع البلاد توضح عدم مشاركة أغلب الشعب في الانتخابات ورفضهم للنتائج المعيبة ، كما دعا إلي إجراء انتخابات جديدة ، مع دراسة الحزب لتنظيم احتجاجات وطنية كبيرة . ([22])
ومن جانب بريندا روبيا المتحدثة باسم حزب تشاديما المعارضة قد دعت المؤسسة العسكرية إلي تولي السلطة في البلاد ، لفترة انتقالية لإلغاء الانتخابات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، وكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة جديدة ، كما دعت المجتمع الدولي لحث الجيش علي التدخل لوقف قتل المحتجين ، وإلغاء النتائج المزيفة .
وفي ذات السياق أعلن الأب تشارلز كيتيما أمين مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في دار السلام أن تنزانيا أصبحت نظاما شموليا ، مدينا المجازر الجماعية التي شهدتها البلاد بحق المتظاهرين خلال فترة الانتخابات .
3-الموقف الشعبي : لقد كانت المواقف الشعبية تميل إلي موقف المعارضة ، وذلك بسبب تصاعد حالة الإحباط من الحزب الحاكم الذي يحتكر السلطة في تنزانيا منذ الاستقلال حتي الآن ، وتصاعد معدلات البطالة بين الشباب ، وهو ما يظهر في هتافات المحتجين الشباب ضد الحكومة ، قائلين نريد استعادة بلدنا ، منتقدين عملية منع ترشح زعماء المعارضة في الانتخابات ، بجانب استمرار عمليات الاختفاء القسري والخطف والقتل خارج القانون والاستخدام السياسي للقضاء لقمع المعارضة ، وقمع حرية الإعلام والتعبير ، وهو ما تجلي في حظر الحكومة لمنصة تويتر (X) ، وكذلك فرض قيود علي المنصة الرقمية التنزانية المحلية التي تعرف باسم JamiiForums)) ، وذلك لمنع انتقاد الحكومة والانتخابات عبر هذه المنصات ، وهو ما أسفر عن تزايد النقد الشعبي للرئيس سامية حسن ، ووصف قيادتها بالاستبداد ، وعدم تسامحها مع المعارضة خلافا للرؤساء السابقين الذين سمحوا بهامش سياسي للمعارضة رغم إحكام قبضتهم علي السلطة ، وخاصة بعد وقوع مجموعة من الاغتيالات بحق زعماء معارضين للحزب الحكم أبرزها اغتيال محمد علي كيباو البالغ من العمر 69 عاما والمنتمي لحزب تشاديما المعارض ، حيث تم قتله في سبتمبر 2024 خلال سفره إلي مسقط رأسه في تانجا ، وتم وضع مواد حمضية علي وجهه لإخفاء معالمه ، وقد تم اتهام عناصر الأمن بقتله ، كما أن السفير السابق همفري هيسرون الذي كان عضوا في الحزب الحاكم ، واستقال منه وانضم إلي المعارضة لا يزال مصيره مجهولا بعد البحث عنه واختفاؤه من منزله ووجود آثار دماء في المنزل ، وقد أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه الحوادث معتبرة أنها تهديد للقيم الديمقراطية. ([23])
ب-المواقف الخارجية :
1-موقف الأمم المتحدة :
لقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه الشديد ودعا في بيان إلي ضبط النفس ، ومنع أي محاولات للتصعيد ، كما حث جميع الأطراف علي تحقيق شامل ونزيه في مزاعم الاستخدام المفرط للقوة تجاه المحتجين ، وكذلك أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه إزاء عمليات القتل المصاحبة للاحتجاجات الانتخابية ، داعيا قوات الأمن إلي الامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين ، والالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان ، مع حثه للحكومة علي إعادة الإنترنت علي الفور ، وتسهيل تمتع المواطنين بكامل حقوقهم وحرياتهم ، بما فيها حريات التعبير والتجمع السلمي ، وسرعة الإفراج عن الأشخاص الذين تم اعتقالهم تعسفيا . ([24])
2-موقف الإتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي :
لقد حث الإتحاد الأوروبي السلطات التنزانية علي ممارسة أقصي درجات ضبط النفس من أجل الحفاظ علي الأرواح في أعقاب العنف الانتخابي الذي شهدته البلاد ، حيث أعربت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان عن القلق العميق إزاء إعمال العنف وانقطاع الانترنت في تنزانيا ، داعية إلي إطلاق سراح جميع الزعماء السياسيين المعتقلين ، وإجراء محاكمات شفافة وعادلة ، بجانب إجراء تحقيق شامل وسريع في جميع عمليات الاختطاف والاختفاء القسري والتعذيب التي مورست ضد المعارضة .
ومن جانبهم أصدر أعضاء البرلمان الأوروبي بيانا مشتركا أعربوا خلاله عن إدانتهم للعملية الانتخابية ، مشككين في نزاهتها ، معتبرين أنها لم تكن حرة ولم تكن نزيهة ، لأن التصويت جري في جو من القمع والخوف وعرقلة المراقبين للانتخابات ، معتبرين كذلك أنها لا تتمتع بالمصداقية في ظل قيام الحكومة بإسكات صوت المعارضة ، وحرمان الشعب من حرية التجمع والتعبير ، وغلق وسائل الإعلام المستقلة وفرض الرقابة عليها ، كما حث البرلمان الأوروبي شركاء تنزانيا الدوليين علي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، محذرا من أن الصمت ليس حيادا بل هو تواطؤ مرفوض . ([25])
وفي ذات السياق دعا البابا ليون الرابع عشر بابا الفاتيكان أكبر زعيم كاثوليكي في العالم إلي نبذ العنف في تنزانيا واللجوء إلي الحوار .
3-موقف منظمة العفو الدولية :
لقد أدانت منظمة العفو الدولية المناخ القمعي الذي جرت فيه العملية الانتخابية ، منددة بتصاعد حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القانون الذي هيمن علي المشهد السياسي في تنزانيا قبل الانتخابات ، حيث تم رصد نحو 83 حالة اختفاء قسري من أحزاب المعارضة خلال فترة الانتخابات ، كما أشارت لجنة خبراء حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلي وجود أكثر من 200 حالة اختفاء قسري في تنزانيا منذ عام 2019 ، معربة عن قلقها من تصاعد القمع في تنزانيا خلال فترة الانتخابات وما سبقها ، ومن جانبها فقد أعادت منظمة فريدوم هاوس تصنيفها لتنزانيا علي أنها دولة غير حرة في عام 2024 بعد أن كانت تصنفها علي أنها حرة جزئيا من ذي قبل . ([26])
4-موقف الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان :
من جانبه أدان الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان عملية التعتيم الإعلامي والعنف الانتخابي وتآكل الديمقراطية في تنزانيا ، معربا عن إدانته الشديدة لعنف الدولة وقمعها للمحتجين ، مع منعها لزعماء المعارضة من الترشح للانتخابات وسجن بعضهم ، وهو ما جعل الانتخابات محسومة مسبقا ، مع إدانتها لحجب السلطات للإنترنت بهدف عدم فضح الانتهاكات وإسكات الضحايا وهو ما فاقم مناخ الخوف في البلاد ، كما حمل الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان كل من الاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق أفريقيا مسؤوليتهم ، مع دعوتهم إلي رفض أية عملية انتخابية لا تفي بالمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وحثهم علي الضغط علي السلطات التنزانية لاستعادة الحيز المدني وضمان التعددية الحقيقية ، وإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المتعلقة بالانتخابات . ([27])
5- موقف المنظمات الدولية الإقليمية :
من جانب الاتحاد الأفريقي فقد قام رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بتهنئة السيدة سامية حسن بمناسبة فوزها في الانتخابات ، مؤكدا علي دعم الاتحاد لتنزانيا ، كما أعرب في بيانه عن أسفه العميق لفقدان الأرواح خلال الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات مؤكدا علي ضرورة صون الحقوق والحريات الأساسية بما فيها الحق في التجمع السلمي والحق في التعبير ، مؤكدا في النهاية علي استعداد الإتحاد لدعم شعب وحكومة تنزانيا في جهودهما الرامية إلي الحفاظ علي السلام والتماسك الوطني .
وقد تعرضت مفوضية الاتحاد الأفريقي إلي النقد بعد تهنئتها للسيدة سامية حسن لفوزها في الانتخابات ، والذي يأتي بعد أيام من تهنئة المفوضية لرئيس الكاميرون ورئيس ساحل العاج لفوزهما في الانتخابات رغم ما تم فيهما من تنكيل بالمعارضة ومنعها من المشاركة في الانتخابات ، وهو ما جعل البعض يدعو إلي حل الاتحاد الأفريقي لعدم فائدته ، بل وقيامه بدعم النظم الدكتاتورية في القارة لترسيخ بقاؤها في السلطة . ([28])
وفي سياق متصل أعلنت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عن قلقها البالغ للانتهاكات الخطيرة التي تشهدها تنزانيا في أعقاب الانتخابات ، مؤكدة علي أهمية احترام حقوق الإنسان في البلاد .
ومن جانب مجموعة دول شرق أفريقيا (EAC) فقد دعت إلي الهدوء واحترام حقوق الإنسان ، كما حثت السلطات في تنزانيا علي ضمان الشفافية والمسائلة في التعامل مع الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات ، ونظرا لأن كينيا هي التي تتولي الرئاسة الحالية لمجموعة دول شرق أفريقيا فقد حث الرئيس الكيني ويليام روتو المعارضة علي الدخول في محادثات مع الحكومة من أجل مصلحة تنزانيا والمنطقة ، داعيا إلي السلام وسيادة القانون ، مشجعا جميع الفاعلين السياسيين علي تبني الحوار والتسامح لتسوية القضايا المطروحة من أجل حماية الديمقراطية والاستقرار ، كما قام الرئيس ويليام روتو بصفته رئيسا لكينيا بتهنئة السيدة سامية حسن علي فوزها في الانتخابات ، وتم إرسال نائب الرئيس كيثوري كينديكي للمشاركة في حفل تنصيب السيدة سامية حسن ، وهو ما كان محلا للنقد من قبل النشطاء في كينيا حيث انتقدوا مجموعة شرق أفريقيا بسبب صمتها إزاء مقتل المتظاهرين في تنزانيا . ([29])
وفي ذات السياق أرسلت مجموعة دول شرق أفريقيا (EAC) ، ومجموعة دول منطقة البحيرات العظمي وفودا لمتابعة الانتخابات ، لكنهم لم يصدروا التقارير النهائية الخاصة بمتابعة العملية الانتخابية حتي الآن ، غير أنه نظرا لأن بعثات المراقبة الانتخابية الأفريقية تتهم بعدم الحياد ومجاملة السلطات الحاكمة داخل الدولة ، فليس من المنتظر أن تعلن عن إدانتها للعملية الانتخابية ، وخاصة أن الأحزاب الحاكمة في دول الجنوب الأفريقي ومعظمها تنتمي إلي حركات التحرير السابقة متهمة بالانحياز إلي بعضها البعض وتقوم بالدعم المتبادل للبقاء في السلطة ، وهو ما جعل البعض يري أن ذلك الأمر يعد نمطا جديدا من أنماط التعاون الاستبدادي العابر للحدود الوطنية ، وخاصة بعد وجود أحاديث تشير إلي إرسال بعض دول الجوار مرتزقة لدعم الحزب الحاكم في تنزانيا ضد المحتجين .
ومن جانب مجموعة تنمية دول الجنوب الأفريقي (SADC) فقد قامت بعثة مراقبة الانتخابات التابعة لها التي شاركت في مراقبة الانتخابات في تنزانيا ، بإصدار بيان أعلنت خلاله أن الانتخابات التنزانية فشلت في تلبية المعايير الديمقراطية لمجموعة سادك ، بسبب الترهيب للمعارضة والقيود المفروضة علي الحريات والافتقار إلي الشفافية طوال العملية الانتخابية ، بجانب تهميش مرشحي المعارضة من خلال الاعتقال والتهديد ، وهو ما جعل مثل هذه الاجراءات تقوض الديمقراطية التعددية في تنزانيا ، وخلقت حالة من عدم التكافؤ بين المرشحين وقللت من قدرة الناخبين علي اتخاذ خيار حقيقي ، بجانب أن التغطية الإعلامية لم تكن محايدة كذلك حيث أن وسائل الإعلام المملوكة للدولة فضلت الدعاية لمرشحي الحزب الحاكم ، بينما الإعلام الخاص لم يستطع المشاركة بحرية خوفا من أن تطاله موجة القمع المتصاعد لوسائل الإعلام والصحافة ، وأخيرا دعت البعثة الحكومة في تنزانيا إلي إجراء إصلاحات شاملة بما في ذلك السماح للمرشحين المستقلين بالترشح ، وتمكين القضاء من مراجعة نتائج الانتخابات ، وضمان حماية مراقبي الانتخابات ، وإشراك الشباب في العملية السياسية . ([30])
6-موقف القوي الدولية :
لقد وجهت الولايات المتحدة الدعوة إلي رعاياها في تنزانيا بالبقاء في منازلهم وعدم نزول الشوارع حفاظا علي حياتهم ، كما أعربت كل من المملكة المتحدة ، وكندا والنرويج عن قلقهم العميق ومخاوفهم من انتشار العنف وسقوط عشرات الضحايا خلال العنف المصاحب للانتخابات ، بجانب قيام عدد من الدول بوقف الرحلات الجوية الدولية إلي تنزانيا .
7-موقف دول الجوار :
فيما يتعلق بموقف دول جوار تنزانيا فعلي المستوي الرسمي فقد توجه العديد من الرؤساء في المنطقة بالتهنئة لانتخاب السيدة سامية حسن ، بل شارك رؤساء دول كل من موزمبيق وزامبيا وبوروندي والصومال في مراسم تنصيب السيدة سامية حسن ، كما حث رئيس زامبيا الشعب التنزاني علي نبذ العنف ، وعلي المستوي الشعبي فهناك مزاج شعبي عام في دولة المنطقة وخاصة من قبل الشباب وجيل زد داعم لإنهاء حكم الأحزاب السياسية القديمة المستأثرة بالسلطة ، مع رفضه لحكم الشيوخ الطاعنين في السن الذين يحتكرون السلطة والثروة ، ولا يفسحون المجال للشباب الحالم بالتغيير في ربوع القارة الأفريقية الشابة .
خاتمة:
في ختام هذه الدراسة نستطيع القول أن انكماش مساحة الحرية السياسية في تنزانيا ، وهيمنة حزب الثورة الحاكم علي مقاليد السلطة والثروة في تنزانيا وزنجبار بصورة شبه كاملة ، سوف يعزز من مشاعر السخط العام وخاصة بين الشباب ، وبالأخص جيل زد المتطلع إلي التغيير والحصول علي حقوقه السياسية والاقتصادية ، ولهذا من المتوقع أن تواجه السيدة سامية حسن التي تعرف باسم ماما سامية تحديات كثيرة خلال فترة ولايتها الثانية ، أبرزها تحدي استعادة ثقة الشباب والشعب التنزاني الذي غير نظرته إليها حتي أصبح البعض يطلق عليها ماما عيدي أمين ، تشبيها لها بالدكتاتور الأوغندي الراحل عيدي أمين ، بعدما كان ينظر إليها في بداية توليها السلطة علي أنها أنجيلا ميركل أفريقيا بفضل الاصلاحات السياسية التي تبنتها عقب توليها السلطة ، ورفعها للقيود المفروضة علي المعارضة وعلي الحقوق والحريات ، لكنها سرعان ما أصبحت أشد قسوة من الرئيس الراحل جون ماجوفولي وتبنت سياسية قمعية غير مسبوقة جعلتها محلا للنقد الداخلي والإقليمي والدولي ، كما تواجه كذلك العديد من التحديات السياسية والاقتصادية أبرزها وضع دستور جديد للبلاد ، وعقد حوار سياسي شامل مع المعارضة ، بجانب تحدي الإفراج عن زعماء المعارضة المعتقلين منعا لاستمرار حالة التوتر والاضطرابات التي تشهدها البلاد ، وأخيرا تحدي وضع حلول للأزمات الاقتصادية المتعددة التي يعاني منها الشعب التنزاني وعلي رأسها البطالة ، والفقر الذي يعاني منه نصف سكان البلاد ، حيث يعيش نحو 49% من السكان تحت خط الفقر الدولي .
……………………………..
الإحالات والهوامش :
([1])-Aikande Clement Kwayu ; ” Tanzania’s election laws make it hard to build political opposition – what needs to change ” , at , https://theconversation.com/tanzanias-election-laws-make-it-hard-to-build-political-opposition-what-needs-to-change-233995 , 14/7/2024.
([2])-” THE CONSTITUTION OF THE UNITED REPUBLIC OF TANZANIA OF 1977″ , at,https://oagmis.oag.go.tz/portal/constitutions/eyJpdiI6Ijd4VVkzN0hYeHRkMkUrU3NhelRYOGc9PSIsInZhbHVlIjoib1p6dTRLK0ZzbDAxQ1hEYXVpSUZ0dz09IiwibWFjIjo
([4])-Wiltord Otieno ; ” Tanzania 2025 Election: Presidential Candidates, Voting Process, Counting, and How Winners Are Declared ” , at , https://thekenyatimes.com/politics/tanzania-2025-election-presidential-candidates-voting-process-counting-and-how-winners-are-declared , 28/10/2025.
([5])-Hamida Ramadhan ; ” KALENDA YA UCHAGUZI MKUU 2025 YAZINDULIWA RASMI ” , at , https://www.matukiodaimamedia.co.tz/2025/07/kalenda-ya-uchaguzi-mkuu-2025.html , 26/7/2025.
([6])-the citizen ; ” INEC Blows Whistle: Tanzania’s Election Day set for October 29″ , at , https://www.thecitizen.co.tz/tanzania/news/national/inec-blows-whistle-tanzania-s-election-day-set-for-october-29-5132590 , 26/7/2025.
([7])-” Tume Huru ya Taifa ya Uchaguzi yafanya uteuzi wa wagombea 34 wa Kiti cha Rais na Makamu wa Rais ” , at , https://www.inec.go.tz/news/tume-huru-ya-taifa-ya-uchaguzi-yafanya-uteuzi-wa-wagombea-34-wa-kiti-cha-rais-na-makamu-wa-rais , 27/8/2025.
([8])-Nicodemus Minde ; ” Who is Tundu Lissu? Tanzania’s opposition leader is fighting for change in the face of fresh attacks on political freedoms ” , at , https://theconversation.com/who-is-tundu-lissu-tanzanias-opposition-leader-is-fighting-for-change-in-the-face-of-fresh-attacks-on-political-freedoms-240821 , 18/10/2024.
([9])-” Tanzania’s main opposition party calls election ban unconstitutional ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/tanzanias-main-opposition-party-calls-election-ban-unconstitutional-2025-04-15 , 15/4/2025.
([10])-” Luhaga Mpina: Tanzania’s Opposition Dreams Dies in Court” , at , https://thechanzo.com/2025/10/16/luhaga-mpina-tanzanias-opposition-dreams-dies-in-court , 16/10/2025.
([11])-Charles William ; ” Uchaguzi Tanzania 2025: Jinsi wagombea wa upinzani ‘walivyo hoi’ katika kampeni ” , at , https://www.bbc.com/swahili/articles/c4gjqeglg9qo , 16/10/2025.
([12])-” Présidentielle en Tanzanie : dernier meeting pour l’opposant Salum Mwalimu ” , at , https://fr.africanews.com/2025/10/28/presidentielle-en-tanzanie-dernier-meeting-pour-le-candidat-dopposition-salum-mwalimu , 29/10/2025 .
([13])-Christina Okello ; ” Tanzanie: la présidente Samia Suluhu Hassan à l’épreuve des urnes ” , at , https://www.rfi.fr/fr/afrique/20251029-tanzanie-la-pr%C3%A9sidente-samia-suluhu-hassan-%C3%A0-l-%C3%A9preuve-des-urnes?dicbo=v2-ep4gbJ2 , 29/10/2025.
([14])-Martin K.N Siele ; ” Tanzania’s President Samia in lead amid poll protests, internet shutdown ” , at , https://www.semafor.com/article/10/31/2025/president-samia-suluhu-in-early-lead-amid-tanzania-poll-protests-internet-shutdown , 31/10/2025.
([15])-Nicodemus Minde ; ” Tanzania’s ruling party has crushed the opposition – the elections are a mere formality ” , at , https://theconversation.com/tanzanias-ruling-party-has-crushed-the-opposition-the-elections-are-a-mere-formality-265771 , 30/9/2025.
([16])-” Tanzanian president wins disputed election with more than 97% of the vote ” , at , https://www.npr.org/2025/11/01/nx-s1-5594080/tanzania-hassan-wins-presidential-election-landslide , 1/11/2025.
([17])-Alfred Lasteck ; ” A coronation not a contest – Tanzania’s first female president faces little opposition ” , at , https://www.bbc.com/news/articles/cev1drlz0x0o , 28/10/2025.
([18])-” Terror sets the tone for polling day ” , at , https://www.africa-confidential.com/article-preview/id/15686/terror-sets-the-tone-for-polling-day , 17/10/2025.
([19])-” Tanzania’s Zanzibar President Mwinyi wins reelection with 74.8 pct vote ” , at , https://english.news.cn/africa/20251031/61c9d74fdd924c8ca8d5ec96e393ea4d/c.html , 31/10/2025.
([20])-” Tanzanian president Samia Suluhu Hassan wins disputed election with more than 97pc of vote, results show ” , at , https://www.abc.net.au/news/2025-11-02/samia-suluhu-hassan-tanzania-election-results-disputed-win/105961496 , 1/11/2025.
([21])-” Tanzania releasing years of bottled‑up anger: Amnesty ” , at , https://www.theafricareport.com/396809/tanzania-releasing-years-of-bottled-up-anger-amnesty , 31/10/2025.
([22])-africanews ; ” Tanzania opposition rejects president’s win in vote marred by protests ” , at , https://www.africanews.com/2025/11/02/tanzania-opposition-rejects-presidents-win-in-vote-marred-by-protests , 2/11/2025 .
([23])-Honoré Banda ; ” Tanzania’s ‘sham’ vote sparks youth revolt against Samia’s rule ” , at , https://www.theafricareport.com/396671/tanzanias-sham-vote-sparks-youth-revolt-against-samias-rule , 30/10/2025.
([24])-” UN ‘alarmed’ by reports of deadly election violence in Tanzania ” , at , https://www.rfi.fr/en/africa/20251101-un-alarmed-by-reports-of-deadly-election-violence-in-tanzania , 1/11/2025.
([25])-” Tanzania: Statement by the High Representative on behalf of the European Union on the elections in Tanzania ” , at , https://www.consilium.europa.eu/en/press/press-releases/2025/11/02/tanzania-statement-by-the-high-representative-on-behalf-of-the-european-union-on-the-elections-in-tanzania , 3/11/2025.
([26])-Dominic Wabwireh ; ” Amnesty international demands transparency amidst protest violence ” , at , https://www.africanews.com/2025/11/01/amnesty-international-demands-transparency-amidst-protest-violence , 1/11/2025 .
([27])-” Tanzania: FIDH condemns post-election blackout, violence, and democratic erosion ” , at , https://www.fidh.org/en/region/Africa/tanzania/tanzania-fidh-condemns-post-election-blackout-violence-and-democratic , 31/10/2025.
([28])-” African leadership divided over Tanzania elections ” , at , https://www.cajnewsafrica.com/2025/11/03/african-leadership-divided-over-tanzania-elections , 3/11/2025 .
([29])-KEVIN CHERUIYOT ; ” Ruto congratulates Samia Suluhu for election win, urges dialogue and tolerance ” , at , https://ntvkenya.co.ke/news/ruto-congratulates-samia-suluhu-for-election-win-urges-dialogue-and-tolerance/#google_vignette , 3/11/2025.
([30])-” SADC yasema Uchaguzi wa Tanzania uligubikwa na dosari ” , at , https://www.bbc.com/swahili/articles/cwy7p29vyz2o , 3/11/2025.











































