د. أمل بنت صالح بن غصاب الشمراني (*)
لبلاد الحرمين الشريفين مكانة خاصة تتمتع بها لدى المسلمين، فهي محجّهم ومهوى أفئدتهم، ولذلك كانت أعداد كبيرة من المسلمين تتّجه إليها حجّاجاً وطلاب علم، فمنهم من كان يفضّل الإقامة بها لقضاء فترة صفاء روحي وديني في جوار بيت الله الحرام وعلى أرضها الطاهرة المقدّسة، ومن هنا نشأت «المجاورة».
وقد قال النّبي صلى الله عليه وسلم يخاطب مكة المكرمة: «والله! إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنّي أُخرجت منك ما خرجت» (1) .
ويعود تاريخ المجاورة إلى عصر النبوّة، فقد جاور في مكة كثير من الصحابة رضوان الله عليهم.
ولم تكن مدة المجاورة محدّدة، فمن المجاورين من كان يبقى في مكة مدة قصيرة ثم يعود لبلده، ومنهم من فضّل البقاء والعيش فيها حتى وفاته، كما تولّى المجاورون عدة مناصب وأعمال في أثناء مجاورته، مثل الإمامة والأذان والتدريس لبعض العلوم الشرعية والإسلامية، ومنهم من تولّى منصب القضاء والفتوى (2) .
مصطلح المجاورة:
جاور لغة: جاوره مجاورة وجواراً؛ أي ساكنه ولاصقه في المسكن (3) .
معنى المجاورة: المجاورة الاعتكاف في المسجد… والمجاورة: الجار، وهو الذي يجاورك، فتقول: جاورته مجاورة وجِوَاراً وجُوَاراً، والكسر أفصح (4) .
أولاً: ظروف نشأة المجاورة لدى أهل السودان الغربي:
وقد ارتبطت بلاد السودان الغربي بالحجّاز بروابط قوية، وذلك نظراً لمكانة مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة في قلوب أهل تلك البلاد، وكان لأهل الحجّاز، وبخاصة الأشراف منهم، مكانة خاصة، ولذا نجد الكثير من السلاطين والملوك يَدَّعُونَ الانتساب إليهم.
فبعض منهم ادّعى النّسب إلى قريش وبني هاشم، وأصلوه إلى نسل الرسول عليه الصلاة والسلام وفاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فسلطان مالي – مثلاً – ادّعى أن نسبه يعود إلى عبد الله بن صالح بن الحسين بن علي بن أبي طالب (5) .
كما أن أسكيا الحاج محمد قد طلب من شريف الحجّاز بعد انتهائه من حجّه أن يأخذ معه بعض أشراف مكة الشريفين ليصحبهم معه إلى بلاد سنغاي (6) .
وكانت الرغبة في العبادة هي الدافع الديني والروحي للمجاورة، فقد حرص حجّاج غرب إفريقيا بعد إسلامهم وتأديتهم لفريضة الحجّ على المجاورة، سواء لبلاد الحرمين الشريفين أو الجامع الأزهر، فكان يقال: هذا حاج إلى بيت الله الحرام، وهذا حاج مجاور (7) ، فقاضي ولاتة الشيخ محمد بن عبد الله بن ينومر كان «من الفقهاء الحجّاج» (8) .
ومما يدل على رفعة مكانة الحاجّ في المجتمع أنه حظي باهتمام كبير من حكام البلاد، فمحمود كعت يذكر أنهم لا يقومون إلا للعلماء والحجّاج إذا قدموا من مكة (9) .
أيضاً السلطان أسكيا محمد قد ركب القارب وخرج للقاء شيخ الإسلام القاضي محمود بن عمر بن أقيت (ت 955هـ / 1548م) عند قدومه من الحجّ (10) ، كما شجّع أهل السودان أبناءهم على الحجّ والمجاورة، فقد ذكر ابن خلدون أنه التقى في القاهرة بفقيه دولة غانا الشيخ أبو عمر عثمان بن موسى الغاني في ق 8هـ / 14م فقال: «جاء حاجّاً بأهله وولده» (11) .
ثانياً: أثر المجاورة في المجال العلمي والثقافي:
كان الوافدون أهل السودان يتأخرون في بلاد الحجّاز بعد أداء الحجّ، ولا يعودون إلا بعد مدة طويلة، يقضون بعضاً منها في مجاورة الحرمين الشريفين، ويتلقون تعاليم الدين الحنيف، ويتصلون بشكل مباشر بالشيوخ والعلماء، ويقفون على آخر ما ألّفوه، وساعدهم ذلك في تعلّم الكثير، كما أثرتهم بحصيلة علمية وافرة، كان لها نصيب كبير في المساهمة في ازدهار الحركة الثقافية والفكرية في بلاد السودان، ونستنتج من ذلك مدى حرص حجّاج السودان الغربي وإصرارهم على أداء فريضة الحجّ والمجاورة بعد أن أدركوا قيمتها العلمية، وأثرها في توسيع ثقافاتهم، بالرغم من حداثة إسلامهم وبعدهم عن الحرمين الشريفين، فالمقريزي ذكر أن ركب الحجّ السوداني في عام 744هـ / 1344م قد وصل إلى خمسة آلاف حاج (12) .
ويتضح تأثير المجاورة في المجال العلمي في اعتياد الحجّاج المجاورة بعد رحلة حجّهم إلى بلاد الحرمين، والتوقف والمكث في بعض المناطق، سواء في الحجّاز أو في مصر أو في الشمال الإفريقي، بغرض الدراسة أو التدريس أو الدعوة أو نشر الإسلام أو التجارة، فمنهم من كان يقيم في مكة والمدينة، ينضمون فيها إلى حلقات العلم، ولا سيما الحلقات العلمية في المسجد الحرام الذي يعد من أكبر دور العلم التي يلتقي فيه الناس على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، فلا يكاد يخلو من الزوار والرواد طوال العام، ويدرسون كثيراً من العلوم المختلفة، ومنها علوم اللغة والفقه والتفسير وأصول الدين.
وقد حرص علماء بلاد الحرمين الشريفين في مكة والمدينة على تعليم الحجّاج الأفارقة مبادئ الدعوة الإسلامية، وتدريسهم العلوم الدينية كافة، مثل: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلوم الفقه والتوحيد والتفسير، فإذا تمكّنوا منها ونبغوا في تعلّمها أجازهم العلماء، وعادوا إلى بلادهم لنشرها بين شعوبهم (13) ، والحقيقة أن علماء بلاد الحجّاز والأزهر كان لهم أثر كبير في نشر العقيدة الإسلامية والثقافة العربية في بلاد السودان الغربي.
ومن أهم العلوم التي كانت تُدرّس للطلاب العلوم الدينية، ويأتي في مقدمتها علم تفسير القرآن الكريم، وعلم القراءات، وعلم الفقه وأصوله، ومصطلح الحديث، وغيرها، ومن علوم اللغة العربية علم النحو، وعلم الصرف، وعلم البيان والبديع، ومن العلوم العقلية المنطق، وقد حرصوا على دراسته واجتهدوا فيه للاستفادة منه في جدال أصحاب المذاهب الفقهية الأخرى ومحاورتهم، كما درسوا علم الكلام (14) .
أما أشهر المؤلفات والكتب التي كانت تُدرس في السيرة وأبرزها؛ فكانت كتاب الشفا للقاضي عياض، ولامية ابن المجراد السلاوي في المجمل، وفي علم التوحيد كان من أهم الكتب التي تُدرس للطلاب السودانيين كتاب إضاءة الجنّة في عقائد أهل السنّة لأحمد المقري، وكتاب المراصد لمحمد العربي الفاسي، أما في مجال الفقه فوُجد كتاب المدوّنة بشرح أبي الحسن الزرويلي، ونوازل عبد القادر الفاسي، ونظم العمل للفاسي أيضاً، وكتاب منظومة الزكاة لمحمد العربي الفاسي، والدر اللامع في قراءة نافع لابن بري التازي، وكتاب الطرفة في مصطلح الحديث لمحمد العربي الفاسي، وفي علم النحو دُرس كتاب المقدمة الآجرومية لابن آجروم، وكتاب البسط والتعريف في علم التصريف للعالم عبد الرحمن الكودي، ومن العلوم الأخرى علم المنطق، ومن أشهر الكتب في هذا العلم كتاب رجز محمد بن عبد الكريم المغيلي (15) .
وهكذا ركّزت الدراسة في الكتب المتخصّصة في علوم الفقه والسيرة والتوحيد والمنطق وعلم النحو.
وظهر تأثير الحياة العلمية والثقافية في بلاد الحرمين الشريفين على حلقات العلم في المدن السودانية، فأصبحت تحاكيها حتى صارت صورة مصغرة لها، ويظهر ذلك في قيام الكثير من حلقات العلم في بلاد السودان الغربي، والتي اجتمع حولها كثير من الطلاب لتلقّي الدروس وضروب المعرفة، فجامع سنكري في تنبكت كان محاكياً لجامع الأزهر في نظام التعليم، كالكتاتيب والمدارس الابتدائية لتعليم القرآن الكريم واللغة العربية، أما الدراسة فكانت في المعاهد العليا كالجامع الأزهر (16) ، وكانت الكتب نفسها التي تُدرّس في الحجّاز ومصر هي التي تُدرّس في جامع سنكري (17) .
ومن أبرز من انضم إلى حلقات العلم في بلاد الحرمين من السلاطين:
– السلطان أسكيا الحاج محمد: الذي التقى في أثناء حجه بالعديد من علماء مصر والحجّاز، وأخذ عنهم الكثير فيما يتعلق بالأمور الدينية، ومن أشهر العلماء الذين أخذ عنهم الإمام جلال الدين السيوطي (ت 911هـ /1505م) الذي عاد معه إلى بلاد السودان الغربي (18) .
– السلطان منسا موسى: الذي التقى بعدد كبير من فقهاء المالكية، ودار بينه وبينهم كثير من النقاشات في موضوعات ومسائل فقهية، وكان منهم مدرس المالكية في مصر القاضي محمد بن أحمد بن ثعلب المصري الذي ألف شرحاً لمختصر أبي الحسن الطليطلي (ت 341هـ / 953م) بأمر من منسا موسى (19) ، كما التقى بالقاضي شريف الدين أبي الروح عيسى الزواوي (ت 743هـ / 1343م)، وقد عقد معه عدة اجتماعات في قصر القرافة في مصر، كما حجّ والتقى بعلماء مكة والمدينة (20) .
كما أن طلاب العلم لم يكتفوا في تلقّيهم العلم على الحلقات التي كانت تُعقد في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وإنما كانوا يتلقّونه أينما وجدت حلقات علمية في مختلف أنحاء مكة والمدينة، والتي كانت تتضاعف في مواسم الحجّ بسبب كثرة زوّار بيت الله الحرام في هذا الموسم، وتزدحم بالعلماء ورجال القراءات والحديث وشيوخهم، ويحضرون أيضاً المناظرات التي كانت تُعقد بين العلماء الذين قدموا إلى الحرمين الشريفين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي (21) .
وحرص الطلاب والعلماء في هذه الحلقات على مجالسة الشيوخ من مختلف المذاهب الفقهية الإسلامية، وبخاصة المذهب المالكي، فكانوا يميلون إليه كثيراً، لأنه كان منتشراً بينهم، فهو أقرب إليهم (22) .
وقد حرص حجّاج السودان الغربي على شراء الكثير من الكتب وجلبها معهم إلى بلادهم ليستفيد منها ذَوُوهم، كما فعل السلطان منسا موسى من قبل، حيث اشترى من القاهرة مجموعة من الكتب وخصوصاً في الفقه المالكي (23) ، وكان من أهم تلك الكتب كتاب المدهش لابن الجوزي (ت 597هـ / 1201م) الذي وجده ابن بطوطة عند الفربا سليمان (24) .
وكان من تأثير حلقات العلم التي انضم لها الحجّاج، سواء في مصر أو الحجّاز، أن عادوا إلى بلادهم واتخذوا مساجد عديدة، حرصوا فيها على تعليم القرآن الكريم واللغة العربية، فبعد عودة السلطان منسا موسى من الحجّ حرص على بناء الكثير من المساجد في جميع أنحاء دولته، «فبعد جوازه إلى الحجّ رجع فابتنى مسجداً ومحراباً خارج مدينة كاغ صلّى فيها الجمعة، وهي هناك إلى الآن، وذلك عادته رحمه الله في كلّ موضع أخذته الجمعة فيها» (25) .
ومن أهل السودان من كان يعلّم أبناءه في منزله، مثل قاضي مالي الشيخ عبد الرحمن، فعندما زاره ابن بطوطة في منزله يوم العيد وجد أحد أبنائه في القيد بسبب تقصيره في حفظ القرآن الكريم (26) .
أما المدارس؛ فكان من أهمّها مدرسة زاغة التي شاهدها ابن بطوطة، وقال عن أهلها: «قدماء في الإسلام، ولهم ديانة وطلب علم» (27) .
كما حرص الحكام والسلاطين على إيفاد الطلبة للدراسة في مختلف البلاد الإسلامية على نفقتهم الخاصة، وكلّ ذلك من أجل تحصيل العلوم والمعارف الإسلامية (28) ، كما فعل السلطان أسكيا الحاج محمد الذي اشترى الكثير من البيوت والأراضي في المدينة المنورة وأوقفها على أبناء السودان الغربي (29) .
وكانت هناك حلقات علم ودراسة في بلاد السودان انضم إليها الكثير من الطلبة، وكانت تدور فيها كثير من المناقشات العلمية التي كانت تبدأ من منتصف الليل حتى صلاة الفجر، ومن ثم تتوقف لأداء الصلاة، ثم تستمر بعدها حتى وقت الزوال، وأما المرحلة الثانية من هذه الحلقات فتبدأ من صلاة الظهر إلى صلاة العصر (30) .
وكان نظام التدريس في الحلقات العلمية في السودان يمتاز بالسهولة والوضوح، ومحاكياً لما كان متّبعاً في حلقات العلم في بلاد الحرمين الشريفين، فكان الطلاب يجتمعون على هيئة حلقة حول المعلّم الذي يلقي الدروس، ويتلقّى الأسئلة من الطلاب ويُجيبهم عنها.
وقد اعتمد نظام التدريس في الحلقات على الإملاء، فكان المعلّم يلقي الدرس فيكتبه الطلاب، ويساعده في ذلك شخص يُدعى المستملي (31) .
وكان للطلبة حرية اختيار معلّميهم من الشيوخ الذين يلمسون فيهم بساطة الأسلوب في التدريس، واتُّبع هذا النظام في جميع مساجد بلاد السودان الغربي وجوامعه، ومنها جامع سنكري ومساجد تنبكت (32) .
وقد ازداد مستوى العلماء الثقافي تقدّماً، وعبّر عن ذلك الألوري فقال: «أخذ أهل نيجيريا من الأدب العربي قدر ما يمكن للعجم أمثالهم أن يأخذوا، وأخذوه على هيئة ما كان في البلاد العربية كافة في ذلك العصر، وصاروا يؤلّفون ويقرضون الشعر، ومؤلفاتهم تضاهي مؤلفات أبناء العرب في الأساليب والتراكيب» (33) .
ومن العلماء المجاورين نذكر:
– العالم أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت بن عمر علي بن يحيى التنبكتي، (ت 991هـ / 1583م): وهو والد الشيخ أحمد بابا التنبكتي، وقد أدّى فريضة الحجّ، والتقى بمجموعة كبيرة من العلماء منهم الناصر اللقاني (ت 958هـ / 1551م)، كما لازم أبا المكارم محمد البكري (ت 994هـ / 1586م)، ودرس مختلف العلوم الإسلامية إلى أن أجازوه، ولزم التدريس بعد عودته إلى بلاده (34) ، وقد علت مكانته واحترامه لدى السلاطين، ومن ذلك أن السلطان أسكيا محمد كان يزوره طوال مرضه حتى شُفي، ومن خصاله الحميدة التواضع والعدل وحب الخير وأهله (35) .
ومن أهم مؤلفاته شرح منظومة المغيلي في المنطق، وقرأ البخاري خمساً وعشرين سنة، كما قرأ صحيح مسلم، وعلّق على صغرى السنوسي، والقرطبية، وجمل الخونجي، كما علّق على موضع من خليل، وشرح للتتائي حاشية بيّن فيها مواضع السهو منه (36) .
– والفقيه أحمد بن عمر بن محمد بن أقيت التنبكتي (ت 942هـ / 1535م): درس على الشيخ أندغ محمد، جدّه لأمه، كما درس على أهل ولاتة، وعلى خاله الفقيه المختار النحوي فيما يختص بعلم النحو، وكان فاضلاً صالحاً ورعاً حافظاً للسنّة، فقيهاً نحوياً عروضياً، معتنياً بتحصيل العلم، واهتم بدراسة قصائد المدح النبوي، والشفا للقاضي عياض، ونسخ سبعمائة مجلد من الكتب بخطّ يده، واحتفظ بها في مكتبته، وفي عام 890هـ / 1490م سافر للحجّ، والتقى بالشيخ عبد الرحمن السيوطي (ت 911هـ / 1505م)، وخالد الأزهري (ت 905هـ / 1500م)، واستمر في التدريس وفي نسخ الكتب بعد عودته إلى تنبكت، حتى توفي عام 943هـ / 1536م وعمره ثمانون سنة (37) .
– أبو بكر محمد بن عمر بن محمد أقيت التنبكتي (ت 991هـ / 1583م): وقد حجّ وجاور في المدينة المنورة، ثم عاد إلى تنبكت، وبقي فيها أربعة أشهر، ولكنه ارتحل إلى المدينة بأسرته، وبقي فيها حتى توفي عام 991هـ / 1583م، وقد قرأ عليه الشيخ أحمد بابا علم العربية، ومن مؤلفاته (معين الضعفاء في القناعة) (38) .
– صديق محمد تغلي، (ت 973هـ / 1566م): ولد في جني، وأقام في تنبكت، ثم رحل للحجّ، وزار المدينة، واجتمع مع كبار الشيوخ، مثل العارف بالله محمد البكري الصديقي الذي كان يكنّ المحبّة لشيوخ تنبكت، وكثيراً ما كان يسأل عن أحوالهم (39) .
– أبو عبد الله محمد محمد الكشناوي الفلاتي (ت 1154هـ / 1741م): اتصف بحسن الفهم وكثرة الحفظ، وأدى الحجّ وجاور، وأجازه علماء الحرمين ومصر، وشهدوا له بالفضل والعلم وكرم الأخلاق، وكان منهم القاضي محمد بن أبي محمد التاذختي، ومن أبرز مؤلفاته كتاب بهجة الآفاق وإيضاح اللبس والأعلام في علم الحروف والأوفاق، وكتاب بلوغ الأرب من كلام العرب، والدّر المنظوم وخلاصة السّر المكتوم، وأقام في مصر وتوفي بها (40) .
– العاقب بن محمود بن عمر بن محمد بن أقيت التنبكتي (ت 991هـ / 1583م): من أبرز علماء تنبكت، تولّى القضاء والتدريس فيها، وحجّ وجاور (41) ، «كان مسدّداً في أحكامه، ثبتاً فيها، صلباً في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، قوي القلب، مقداماً في الأمور العظام التي يُتوقف بها، جسوراً على السلطان فمن دونه، لا يبالي بهم، ووقع له معهم وقائع، وكانوا يخضعون له ويهابونه، ويطاوعونه فيما يريد، إذا رأى ما يكره عزل نفسه وسدّ بابه، فيلاطفونه حتى يرجع» (42) ، ومن أهم مؤلفاته كتاب وجوب الجمعة على أهل القرية، كما اعتنى بتجديد بناء المساجد (43) .
– أبو عمرو عثمان بن موسى الجاني: فقيه مالي وكبير قضاتها، نبغ في رواية التاريخ، اتّصف بالعدل وحبّ العلم، لا يخاف في الله لومة لائم، وهذا ما جعله صارماً في تنفيذ أحكامه (44) ، وقد أدّى فريضة الحجّ، والتقى بابن خلدون في مصر في أثناء مروره بها عام (799هـ / 1397م)، والذي سأله عن بلاد مالي وأهمّ سلاطينها وشؤون البلاد وأوضاعها (45) .
– عبد الله بن محمد بن أحمد البوحسني: رحل إلى الحجّ عام 1077هـ / 1666م، وتلقّى تعليمه لدى الشيخ أبي مهدي مفتي الحرمين، كما التقى بعدد كبير من شيوخ الحجّاز (46) .
– عثمان محمد بن الطالب الوافي الغلاوي: درس مختصر الخليل، ونفع الله به الناس، وحجّ ثلاث مرات (1018 – 1019 – 1020هـ / 1609 – 1610 – 1611م)، وجاور بالمدينة، وبقي فيها حتى توفي عام 1020هـ / 1611م (47) .
– الشيخ قاسم التكروري: الذي حجّ وجاور، حتى توفي عام 747هـ / 1347م بالقرب من مكة المكرمة (48) .
– محمد بن أحمد بن أبي محمد التاذختي (ت 936هـ / 1530م): اشتهر بأيد محمد، وقد رحل إلى بلاد الحجّاز للحجّ وطلب العلم، ومن كبار العلماء الذين أجازوه في مكة أبو البركات النويري (ت 799هـ / 1397م)، وابن عمه عبد القادر، ثم عاد إلى بلاد السودان الغربي، وبقي بها، حتى توفي عام 936هـ / 1530م (49) ، وله تقييد وطرة على مختصر خليل (50) .
– محمود بن الحاج المتوكل، المعروف بكعت، (ت 1002هـ / 1593م): الذي كان يفتخر بأنه مولود في تنبكت، فيقول عن نفسه: «التمبكتي مسكناً الوعكري أصلاً» (51) ، وهو من أشهر علماء مدينة تنبكت خاصة، والسودان الغربي عامة، عاش حياته مؤرّخاً في عصر دولة سنغاي زمن حاكمها السلطان أسكيا الحاج محمد، وكان مرافقاً له في رحلة حجّه عام 902هـ / 1497م (52) .
ومن أشهر مؤلفاته كتاب (تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس وذكر وقائع التكرور وعظائم الأمور وتفريق أنساب العبيد من الأحرار)، وهو كتاب شامل عن تاريخ دولة سنغاي، حيث أرّخ فيه لبلاد السودان الغربي في عصر هذه الدولة، وتحدّث فيه عن العلماء والحكّام، كما تحدّث عن بلاد السودان الغربي وطبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، وأهمّ ما يمتاز به هذا الكتاب أن مؤلفه كان معاصراً للأحداث التي ذكرها، وشارك في بعض منها، واعتمد في معلوماته في هذا الكتاب على النقل عن مجموعة من الفقهاء، منها ما نقله عن الفقيه القاضي عمر أحد فقهاء تنبكت فقال: «ونقلت من شيخنا محمد ولد كرتم رحمهم الله» (53) .
وقد بدأ في تأليف كتابه عام 925هـ / 1519م، ثم توفي عام 1002هـ / 1593م، فاهتم أبناؤه وحفدته بهذا الكتاب القيم وأكملوه من بعده (54) .
– محمد بن عبد الله التكروري: خطيب مالي وعالمها، وكان «من المشايخ الكبار المشتغلين بالعلم والعمل» (55) ، وقد بقي مجاوراً في المدينة المنورة إلى أن توفي بها عام 742هـ /1341م (56) .
– محمد محمود بن أبي بكر الونكري التنبكتي، المعروف ببغيغ، (ت 1002هـ / 1594م): له تعاليق وطرر، اهتمّ فيها بتوضيح بعض الهفوات لشرح خليل وغيره، كما تتبع شرح التتائي (ت 942هـ / 1536م) من بدايته إلى نهايته، ووضّح ما فيه من السهو، الذي اهتمّ به أحمد بابا، وقام بجمعه في عدة كراريس، وكان يعيرها لطلاب العلم، وهو ما كان سبباً في فقدان الكثير منها (57) ، وأخوه الفقيه الصالح أحمد، وقد رحلا إلى الحجّ مع خالهما، ودرسوا على علماء الحرمين، حتى أصبحوا من علماء مكة والمدينة، ثم عادوا إلى تنبكت (58) .
– محمود بن عمر بن محمد بن محمد بن أقيت بن عمر يحيى التنبكتي (ت 955هـ / 1548م): «عالم التكرور وصالحها ومدرسها وفقيهها وإمامها بلا مدافع، والذي طار صيته شرقاً وغرباً» (59) ، ولد عام 868هـ / 1464م، وتولّى القضاء 904هـ / 1499م، ودرس كثيراً من الكتب، ومن أهمها المدوّنة، والألفية لابن مالك (ت 672هـ / 1274م)، ومختصر خليل (ت 767هـ / 1366م) في الفقه المالكي، فعن طريقه انتشر تدريس كتاب خليل، وبخاصة شرحه وتعليقاته التي كانت على جزأين، والرسالة لابن أبي زيد القيرواني (60) ، وفي عام 915هـ / 1510م سافر للحجّ، والتقى بالقلقشندي (ت 821هـ / 1419م)، وبعد دراسة الكثير من العلوم عاد إلى بلاده، ولازم التدريس إلى أن توفي، وقد عاش أكثر من تسعين سنة (61) ، ولعلوّ منزلته لدى السلاطين خرج الأسكيا محمد لاستقباله في أثناء قدومه من الحجّ (62) .
وصفوة القول: إن علماء وفقهاء السودان الغربي قد بلغوا درجة رفيعة من العلم والثقافة لا تقل عمّا وصل إليه العلماء في المناطق الإسلامية الأخرى، ويعود ذلك إلى أدائهم فريضة الحجّ ومجاورتهم لعلماء الحرمين ومشايخهم والدراسة عليهم.
ثالثاً: أثر المجاورة في المجال اللغوي:
واتضح أيضاً تأثير المجاورة في المجال العلمي على اللغة العربية، فقد انتشر انتشاراً واسعاً وكبيراً في بلاد السودان الغربي بمجرد دخول الإسلام إليها، وأينما حلّ الإسلام حلّت اللغة العربية معه، لأنها لسانه الذي خاطب به تلك الشعوب للدخول فيه، ولهذا فقد احترمها سكّان السودان الغربي، لكونها لغة القرآن الكريم، ولأنها مرتبطة بالشعائر الدينية، وبخاصة الصلاة ومناسك الحجّ، ولحاجتهم إليها لمعرفة أحكام الدين الاسلامي ومختلف الأمور والمسائل الفقهية، وعن طريقها يتمّ تعلّم مختلف العلوم والمعارف، بوصفها لغة القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾(يوسف : 2) .
لقد أصبحت اللغة العربية لغة للمعارف والعلوم والثقافة لكونها لغة القرآن الكريم، ومن ثم أصبحت لغة رسمية، فالقلقشندي يقول: «وكتاباتهم بالخطّ العربي على طريقة المغاربة» (63) ، ويقول المؤرّخ هوبير ديشان: «إن منطقة غربي إفريقيا لم تكتف بدخول الإسلام، بل طُبعت بطابع عربي، بسبب انتشار اللغة العربية في تلك البلاد» (64) .
ومما يُثبت أن اللغة العربية انتشرت سريعاً في البلاد شواهد القبور التي وُجدت مكتوبة باللغة العربية، ففي قبور وُجدت في عاصمة غانا، وُجد قبر كُتب على شاهده: (اللهم ارحم فاطمة الطاهرة بنت سيدنا محمد بن سيد موسى)، إلى جانب بعض الشواهد للقبور الملكية التي وُجدت بالقرب من مدينة جاو عاصمة سنغاي (65) ، كما وُجد على جدران المساجد أنواع من الخطوط المختلفة، والتي كانت تحتوي على آيات قرآنية ورسوم استُخدم في كتابتها الخطوط الهندسية إلى جانب الخط الكوفي (66) .
وقد احتلت اللغة العربية مكانة كبيرة في بلاد السودان الأوسط والغربي، وكانت بالمكانة نفسها التي احتلتها اللغة اللاتينية في أوروبا زمن العصور الوسطى، وذلك من حيث أن اللغة العربية استمرت في عصور الاحتلال لغة رسمية للدين والثقافة، ويؤيّد ذلك ما توصّل إليه المحتلون في بداية العصور الحديثة من أن نجاح استخدام غربي إفريقية للغة العربية وإجادتهم لها يفوق إلمام أوروبا باللغة اللاتينية في العصور الوسطى (67) .
ولأهمية اللغة العربية فقد كانت لغة للثقافة، فخطبة الجمعة كانت تُلقى باللغة العربية، وهذا ما شاهده ابن بطوطة في أثناء وجوده في مالي، فقد رأى رجلاً بيده رمح يقف بالقرب من الإمام، وكانت مهمته أن يبيّن للناس كلام الخطيب بلسانهم (68) .
ومن أهم اللّغات المحليّة التي انتشرت فيها الحروف العربية وكُتبت بها «لغة الولوف»، وكانت لغة شعب السنغال وغامبيا، و «اللغة الفولانية»، وكانت ذات لهجات مختلفة ومتعدّدة، وتتحدّث بها دول السودان الغربي والأوسط، و «اللغة الماننكية»، وهي اليوم لغة شعوب غانا وغينيا وليبيا وسيراليون (69) ، ولغة الهوسا، وتحدّث بها شعب الكاميرون والنيجر ونيجيريا، حتى بلغ عدد من ينطق بها خمسين مليون نسمة (70) .
وبسبب تأثير انتشار اللغة العربية لدى أهالي السودان الغربي ظهرت حركة ثقافية فكرية علمية إسلامية شملت جميع ميادين العلوم، وبخاصة علوم اللغة العربية والآداب والتاريخ ومختلف العلوم الفقهية والإسلامية، وهو ما نتج عنه ظهور مؤلفات كثيرة في جميع ميادين العلم، خصوصاً أنه قبل انتشار الإسلام لم يكن لدى البلاد تاريخ مكتوب سوى بعض الحكايات والقصص التي تُروى مشافهة (71) .
فعلماء السودان الغربي وطلابهم احتاجوا إلى تعلّم اللغة العربية عند أداء فريضة الحجّ، والدراسة على مشايخ الحرمين، وحضور حلقات العلم والدروس والعلوم تتطلب ضرورة معرفة اللغة العربية، فالدراسة والكتابة كانت تتم بها، ولذا حرص هؤلاء الطلاب على إتقان العربية وإجادتها، كما دوّنوا بها كثيراً من العلوم، وهذا ما دلّ على نبوغهم وتفاعلهم مع لغة القرآن الكريم (72) .
ومن سلاطين السودان الغربي من كان يجيد العربية، فمنهم سلطان مالي منسا موسى الذي كان يتحدّث باللسان العربي، واتضح ذلك في أثناء أدائه لفريضة الحجّ (73) .
أيضاً الفربا سليمان، وقد جالسه وصاحبه ابن بطوطة في أثناء زيارته لمالي، فذكر أنه كان يجيد العربية؛ بدليل أنه وجد عنده كتاب المدهش لابن الجوزي (74) .
وصفوة القول: إن لغة القرآن الكريم هي أداة الثقافة الإسلامية وتطوّرها، فبها تُنسخ المخطوطات، وتُؤدّى بها العبادات، وتُدرّس لجميع الطلاب.
رابعاً: أثر المجاورة في المجال السياسي:
وقد اتضح أثر المجاورة في السياسة عندما تولّى العلماء الكثير من المناصب الرفيعة في بلاد السودان الغربي، كما قرّبهم السلاطين، وأصبحوا مستشارين لهم في جميع ما يختص بأمور البلاد والرعيّة، وهو ما كان له أكبر الأثر في استقامة أمور المسلمين وانتشار العدل في جميع أرجاء البلاد بسبب هؤلاء العلماء (75) .
واهتم السلاطين بالعلم، وبخاصة السلطان أسكيا محمد الذي بنى بيوتاً للطلاب وخصّص لهم مكافآت، كما خصّص رواتب مجزية للعلماء، وهذا ما كان سبباً في هجرة كثير من العلماء من أنحاء البلاد الإسلامية بسبب تشجيع السلاطين لهم وإغرائهم بالمال، وبخاصة علماء الأندلس بعد سقوط دولتهم بيد الفرنج الإسبان (76) .
وكان العلماء يأمرون السلاطين بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، ويعنفونهم إذا ارتكبوه، وقد أشار المؤرّخ السّعدي إلى مكانة العالم أحمد بن أحمد بن عمر بن أقيت فقال: «وافر الحرمة عند الملوك وكافة الناس، نفعنا بجاهه، لا يُرد له شفاعة، يغلظ على الملوك فمن دونهم، وينقادون له أعظم الانقياد، ويزورونه في داره» (77) .
فنرى السلطان أسكيا داوود في أثناء مروره بتنبكت كان يستأذن قاضيها بالدخول، ثم ينزل في ضيافته هو والعلماء والتجّار (78) .
واعتمد عليهم الحكام في المشورة، وفي تسيير شؤون الدولة، فكانت لهم الكلمة النافذة المسموعة لدى الحكام، فمثلاً كانت دار الخطيب هي الملجأ لمن يغضب عليه السلطان ويتوعّده بالعقاب، «وعادتهم أن يستجيروا هنالك بالمسجد، وإن لم يتمكن فبدار الخطيب» (79) .
وممن قدموا إلى بلاد السودان الغربي أيضاً الإمام جلال الدين بن عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911هـ / 1505م)، وقد كان برفقة السلطان أسكيا الحاج محمد في أثناء عودته من الحجّ، واستمرت علاقات الصداقة بينه وبين أسكيا محمد حتى بعد عودته إلى مصر ووفاته بها (80) .
وقد تولّى مشيخة مجلس الشورى عند أهل غاو، ويُعرف في بلاد السودان الغربي حتى اليوم باسم «ألفا شوري» التي تعني «شيخ الشورى» (81) ، قال عنه أحد الباحثين: «وكان السيوطي صديقاً لأسكيا محمد الكبير سلطان سنغاي، فقد قابله بالقاهرة خلال عودته من الحجّ واجتمع به، وناقشه في بعض الأمور، وتوقعّ السيوطي له عظم ملكه، ويقال إن أسكيا محمد كان لا يقبل على إبرام أي عمل مهم إلا بعد الاتصال بالسيوطي ومشاورته» (82) ، كما كان لا يقبل أية هدايا من السلاطين، فكثيراً ما كانوا يعرضون عليه أموالاً وممتلكات وهدايا كثيرة إلا أنه كان يرفض أخذها (83) .
الهوامش والإحالات:
(*) أستاذ مساعد في التاريخ الإسلامي.
(1) الترمذي، محمد بن عيسى: الجامع الصحيح، وهو سنن الترمذي، باب فضل مكة، تحقيق إبراهيم عطرة، القاهرة، مطبعة الحلبي، 1380هـ / 1965م، ج 5، ص 722، قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: (7089) في صحيح الجامع.
(2) طرفة بنت عبد العزيز العبيكان: الحياة العلمية والاجتماعية في مكة في القرنيين السابع والثامن للهجرة، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1416هـ / 1996م، ص143، 144.
(3) إبراهيم أنيس وآخرون: المعجم الوسيط، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، (د – ت)، ج 1، ص 146.
(4) الجوهري، أبو النصر إسماعيل بن حماد: الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، ط 4، 1407هـ / 1987م، ج 2، ص 617، 618؛ الطاهر أحمد الزاوي: مختار القاموس، الدار العربية للكتاب، ليبيا – تونس، (د – ت)، ص 120.
(5) التنبكتي، محمود كعت: تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس وذكر التكرور وعظائم الأمور وتفريق أنساب العبيد من الأحرار، ترجمة هوداس ودي لافوس، باريس، 1383هـ / 1964م، ص 19.
(6) المصدر السابق، ص 37.
(7) فضل كلود الدكو، الثقافة الإسلامية في العصر الذهبي لإمبراطورية كانم، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، 1419هـ / 1998م، ص 139.
(8) ابن بطوطة، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي: رحلة ابن بطوطة المسمّاة تحفة النّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، شرحها وكتب هوامشها طلال حرب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 3، 1423هـ / 2002م، ص 688.
(9) محمود كعت، تاريخ الفتاش، ص 11.
(10) السعدي، عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر: تاريخ السودان، باريس، 1384هـ / 1964م، ص 76.
(11) ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413هـ / 1992م، ج 6، ص 237.
(12) السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418هـ / 1997م، ج 3، ص 405.
(13) مسعود عمر محمد: تأثير الشمال الإفريقي على الحياة الفكرية في السودان الغربي، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، طرابلس، (د – ت)، ص 155.
(14) عبد النعيم ضيفي عثمان عبد النعيم: الأزهر ودوره في الممالك الإسلامية في إفريقيا في عصر سلاطين المماليك في الفترة من (648 – 933هـ / 1250 – 1517م)، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة القاهرة، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، 1422هـ / 2002م، ص 116.
(15) محمد أمين المؤدب: جوانب من الصلات الثقافية بين المغرب وغرب إفريقيا، بحث ضمن إصدار بعنوان (أعمال ندوة التواصل الثقافي والاجتماعي بين الأقطار الإفريقية على جانبي الصحراء)، نشر كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ط 1 (د – ت)، ص 594.
(16) اهتم الجامع الأزهر بجميع الطلبة الوافدين عليه من مختلف أنحاء إفريقيا وبخاصة السودان الغربي، واتضح ذلك الاهتمام في توفير سبل الراحة كافة في أروقته، كما خصّص لهم مرتبات مالية لمساعدتهم على العيش والدراسة، خصوصاً بعد أن ازدادت أعدادهم في مصر، وكانت ثمرة ذلك الاهتمام والرعاية أن كان لأولئك الطلبة دور كبير في توثيق أواصر العلاقات الطيبة بين بلاد مصر مع كثير من شعوب إفريقيا، ولذلك علت مكانة الأزهر وازدادت، (شوقي عطا الله الجمل: الأزهر ودوره السياسي والحضاري في إفريقيا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1409هـ / 1988م، ص 44، 46).
(17) أمين توفيق الطيبي: أثر الإسلام الحضاري في مالي وغانا في العصر الوسيط من ق 10 – 14م، بحث ضمن إصدار بعنوان: (أعمال ندوة التواصل الثقافي والاجتماعي بين الأقطار الإفريقية على جانبي الصحراء)، نشر كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ط 1 (د – ت)، ص 126.
(18) عبد الرحمن زكي: الإسلام والمسلمون في غرب إفريقيا، مطبعة يوسف، القاهرة، (د – ت)، ج 2، ص 52.
(19) التنبكتي، أبو العباس أحمد بابا بن أحمد: نيل الابتهاج بتطريز الديباج، تقديم: عبد الحميد عبد الله الهرامة، كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، 1410هـ / 1989م، ص 395، 396.
(20) العمري، شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، تحقيق: مصطفى أبو ضيف أحمد، من الباب الثامن إلى الباب الرابع عشر (ممالك إفريقيا ما وراء الصحراء وممالك إفريقية وتلمسان وجبال البربر وبر العدوة والأندلس)، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1409هـ / 1988م، ص 74.
(21) حجازي علي طراوه: دور الحج في إثراء الحركة العلمية في الحرمين الشريفين في عهدي الراشدين والأمويين، مكتبة زهراء الشرق، القاهرة، 1423هـ / 2003م، ص 6، 22؛ طرفة العبيكان: الحياة العلمية والاجتماعية في مكة في القرنين السابع والثامن للهجرة، ص 55.
(22) أحمد الشكري: الإسلام والمجتمع السوداني (إمبراطورية مالي: 628 – 834هـ / 1230 – 1430م)، المجمع الثقافي، أبو ظبي، 1420هـ / 1999م، ص 223.
(23) المقريزي، أحمد بن علي: الذهب المسبوك في ذكر من حجّ من الخلفاء والملوك، تحقيق: جمال الدين الشيال، مكتبة الثقافة الدينية، بيروت، (د – ت)، ص 143.
(24) ابن بطوطة، الرحلة، ص 701، 702.
(25) السعدي، تاريخ السودان، ص 7.
(26) المصدر السابق، ص 698.
(27) ابن بطوطة، الرحلة، ص 690.
(28) أحمد الشكري، الإسلام والمجتمع السوداني، ص 221.
(29) السعدي، تاريخ السودان، ص 73.
(30) عصمت عبد اللطيف دندش: دور المرابطين في نشر الإسلام في غرب إفريقيا، دار الغرب الإسلامي، بيروت، (د – ت)، ص 162.
(31) طرفة العبيكان، الحياة العلمية والاجتماعية في مكة في القرنيين السابع والثامن للهجرة، ص 98.
(32) السعدي، تاريخ السودان، ص 16.
(33) آدم عبد الله الألوري: الإسلام في نيجيريا وعثمان بن فودي، نشر عبد الحميد أحمد حنفي، مصر (د – ت)، ص 42.
(34) أبي عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق الولاتي: فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، تحقيق: محمد إبراهيم الكتاني، محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1401هـ / 1981م، ص 29.
(35) الهادي مبروك الدالي: التاريخ الحضاري لإفريقيا فيما وراء الصحراء، مطابع الوحدة العربية، الزاوية، 1422هـ / 2002م، ص 212.
(36) التنبكتي، كفاية المحتاج في معرفة من ليس في الديباج، تحقيق: محمد مطيع، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، المغرب، 1420هـ / 2000م، ج 1، ص 138؛ أحمد بابير الأرواني: السعادة الأبدية في التعريف بعلماء تنبكت البهية، دراسة وتحقيق: الهادي المبروك الدالي، تقديم: عبد الحميد عبد الله الهرامة، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ليبيا، 1421هـ / 2001م، ص 85، 86.
(37) التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 137، 138؛ التنبكتي، كفاية المحتاج، ج 1، ص 133؛ البرتلي؛ فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، ص 27، 28؛ مسعود عمر محمد، تأثير الشمال الإفريقي على الحياة الفكرية في السودان الغربي، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، طرابلس، (د – ت)، ص 144.
(38) التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 151.
(39) السعدي، تاريخ السودان، ص 61؛ البرتلي، فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، ص 154، 155.
(40) محمد بيلو بن الشيخ عثمان: إنفاق الميسور في سيرة بلاد التكرور: تحقيق بهيجة الشاذلي، معهد الدراسات الإفريقية، الرباط، 1417هـ / 1996م، ص 74.
(41) محمد الغربي: بداية الحكم المغربي في السودان الغربي، مؤسّسة الخليج للطباعة والنشر، الكويت، 1982م، ص 518.
(42) التنبكتي، كفاية المحتاج في معرفة من ليس في الديباج، ج 1، ص 377، 378.
(43) الأرواني، السعادة الأبدية، ص 91.
(44) النباهي، أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد: تاريخ قضاة الأندلس، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1400هـ / 1980م، ص 168، 169.
(45) ابن خلدون، العبر، ج 6، ص 237.
(46) البرتلي، فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، ص 160.
(47) المصدر السابق، ص 191.
(48) ابن فرحون المالكي، أبو محمد عبد الله بن محمد: تاريخ المدينة المنورة المسمّى نصيحة المشاور وتعزية المجاور، تحقيق: حسين محمد علي شكري، دار الأرقم ابن أبي الأرقم، بيروت، 1416هـ / 1995م، ص 122؛ ابن حجر العسقلاني: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، دار إحياء التراث العربي، بيروت (د – ت)، ج 3، ص 241.
(49) السعدي، تاريخ السودان ص 39 ؛ التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 587.
(50) الأرواني، السعادة الأبدية، ص 93.
(51) محمود كعت، تاريخ الفتاش، ص 9.
(52) المصدر السابق، ص 16.
(53) المصدر السابق ، ص 147.
(54) نبيلة حسن محمد: في تاريخ إفريقية الإسلامية: انتشار الإسلام في السودان الغربي من القرن الخامس حتى القرن التاسع الهجري، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1427هـ / 2007م، ص 24.
(55) ابن فرحون المالكي، تاريخ المدينة المنوّرة، ص 152
(56) ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، ج 3، ص 487.
(57) التنبكتي، كفاية المحتاج في معرفة من ليس في الديباج، ج 2، ص 240؛ الأرواني، السعادة الأبدية، ص 95.
(58) التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 601.
(59) السعدي، تاريخ السودان، ص 38.
(60) أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، يلقب بمالك الصغير، عالم أهل المغرب، سمع منه مجموعة كبيرة من العلماء منهم الفقيه عبد الله بن غالب السبتي وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني وغيرهما، ومن مؤلفاته، النوادر والزيادات، وكتاب الرسالة وكتاب إعجاز القرآن، وكتاب النهي عن الجدال، (الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان: سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، محمد نعيم العرقسوسي، مؤسّسة الرسالة، بيروت، ط 11، 1417هـ / 1996م، مج 17، ص 10، 11).
(61) التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، ص 607، 608.
(62) السعدي، تاريخ السودان، ص 76.
(63) القلقشندي، أبو العباس أحمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا، المؤسّسة المصرية العامة للتأليف، دار الفكر، بيروت، 1407هـ / 1987م، ج 5، ص 298.
(64) هوبير ديشان: الديانات في إفريقيا السوداء، ترجمة: أحمد صادق، دار الكتاب المصري، القاهرة، 1376هـ / 1956م، ص 132.
(65) إبراهيم طرخان، الإسلام واللغة العربية في السودان الغربي والأوسط، مجلة جامعة جامعة أم درمان الإسلامية،(ع 2، 1389هـ / 1969م )، ص 76 – 78.
(66) شوقي الجمل: دور العرب الحضاري في إفريقيا، بحث ضمن إصدار بعنوان (العرب في إفريقيا الجذور التاريخية والواقع المعاصر)، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1407هـ / 1987م، ص 152.
(67) إبراهيم طرخان: دولة مالي الإسلامية دراسات في التاريخ القومي والإفريقي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1973م، ص 154 – 157.
(68) ابن بطوطة، الرحلة، ص 695.
(69) يوسف الخليفة أبو بكر: أثر الحرف العربي على اللغات الإفريقية، بحث ضمن إصدار بعنوان: (العلاقة بين الثقافة العربية والثقافات الإفريقية) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1406هـ / 1985م، ص 168.
(70) عبد السلام أبو سعيد: العلاقات الثقافية بين الشعوب الإفريقية وأثر الإسلام واللغة العربية في ترسيخها، بحث ضمن إصدار بعنوان: (أعمال ندوة التواصل الثقافي والاجتماعي بين الأقطار الإفريقية على جانبي الصحراء)، نشر كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ط 1 (د – ت)، ص 29.
(71) جبريل بن المهدي: إمداد الصحوة الإسلامية بخلاصة تاريخية عن إمبراطورية سنغاي الإسلامية، (بحث غير منشور)، ص 165.
(72) مصطفى حنفي: ثقافة الصحراء والعمق الإفريقي للهوية الثقافية العربية الإسلامية، بحث ضمن إصدار بعنوان: (أعمال ندوة التواصل الثقافي والاجتماعي بين الأقطار الإفريقية على جانبي الصحراء)، نشر كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ط 1 (د – ت)، ص 38.
(73) العمري، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، ص 71.
(74) ابن بطوطة، الرحلة، ص 701، 702.
(75) عبد الفتاح الغنيمي: حركة المد الإسلامي في غرب إفريقيا، مكتبة نهضة الشرق، القاهرة، (د – ت)، ص 102.
(76) إمحمد مصباح الأحمد: تاريخ العلاقات العربية الإفريقية، دار الملتقى، بيروت، 1421هـ / 2001م، ص 213.
(77) تاريخ السودان، ص 42.
(78) محمود كعت، تاريخ الفتاش، ص 110.
(79) ابن بطوطة، الرحلة، ص 697.
(80) السيوطي، عبد الرحمن بن كمال الدين: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، 1387هـ / 1968م، (د – ت)، ج 1، ص 338.
(81) جبريل بن المهدي، إمداد الصحوة الإسلامية، ص 117.
(82) محمد محمد أمين: علاقات دولتي مالي وسنغاي بمصر في عصر سلاطين المماليك، مجلة دراسات إفريقية، مركز البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة إفريقيا العالمية، الخرطوم (ع 4، 1395هـ / 1975م)، ص 302.
(83) ابن العماد الحنبلي، شهاب الدين أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ / 1998م، ج 8، ص 88