إيرومو إجبيجولي وباتريك سميث من يناجوا – ذي أفريكا ريبورت[1]
ترجمة : قراءات إفريقية
هناك الكثير من المشروعات التي تمت في ولاية بايلسا، ولكن بعد سنوات من الاستبداد والوعود الكاذبة من الحكومات المتعاقبة، ومن شركات النفط، مما ترك وراءه تركة ثقيلة تحتاج إلى أجيال من أجل تغييرها.
يوجد الآن في قلب منطقة دلتا النيجر في منطقة أوليبري بئر نفطية تكاد تصدأ من عدم الاستخدام، ولديها غطاء فولاذي مثبّت بإحكام لإغلاقها. فعلى مرّ التاريخ كانت منطقة أوليبري في ولاية بايلسا الحالية هي المكان الذي قامت فيه اتحاد شركات تحت غطاء شركة “شل” البريطانية التي بدأت أعمالها في المنطقة عام 1956م بعد نصف قرن من محاولات التنقيب على النفط. وبعد ذلك بعامين بدأ تشغيل أول حقل نفطي في نيجيريا؛ حيث تدفقت خمسة آلاف برميل نفط يوميًّا.
وبعد بضعة عقود أصبحت البلاد تنتج مليوني برميل في اليوم، ولكن تظل منطقة أوليبري علامة على الأخطاء التي وقعت في صناعة النفط والغاز في نيجيريا، فاليوم خابت الأضواء عن المكان، كما تبخرت وعود شركات النفط والحكومة المركزية ببناء متحف في تلك المنطقة، كما لم تتحسن الأحوال المعيشية للعديد من الناس حول المنطقة، بالرغم من تلك الصناعة التي حقَّقت تريليونات الدولارات، كما أن الأسوأ من ذلك أن التلوث الناجم عن النفط تسرَّب إلى الجداول والمستنقعات؛ مما أعاق الزراعة والصيد، فأصبحت تلك التوليفة من الثروات المسروقة وإفساد البيئة بمثابة الكابوس الذي يطارد سكان دلتا النيجر.
مع وجود احتياطيات الغاز البالغة 18 تريليون قدم مكعب، أي حوالي ثلث إجمالي طاقة نيجيريا، وإنتاج حوالي خمس النفط، ينبغي أن تكون بايلسا أحد أقطاب النمو في إفريقيا، لكن السياسة أعاقت ذلك؛ فالأمر يتعلق بمسألة التحكم في الموارد، ويصر حاكم بايلسا؛ هنري سيريك ديكسون على ذلك فيقول: “نحن لدينا موارد ولسنا متحكمين فيها؛ فهناك شخص ما يجلس في أبوجا يقرر ما يحدث لمواردنا، وماذا يمكننا أن نفعل بها”.
ومن ثم فإن الشباب الغاضب، المُحْبَط من هذه التناقضات على مدار عقود، قام بمواجهة شركات النفط والمسؤولين الحكوميين. ومثل العديد من جيرانها في دلتا النيجر؛ غرقت بايلسا في صراع منخفض الوتيرة يحرّض المسلحين ضد الشرطة والجنود وأجهزة الأمن الخاصة.
إصلاح الأضرار:
إلى حد كبير، ألقت حكومة الولاية في يناجوا تلك الأحداث خلف ظهرها منذ أن تولى ديكسون السلطة في عام 2012م؛ فقد قام التكنوقراط وموظفو الخدمة المدنية والمسؤولون بتطوير استراتيجية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة، وكذلك إصلاح الكثير من الأضرار البيئية. ولكن يجب على تلك الاستراتيجية أن تعمل ضمن القواعد الدستورية الحالية، والتي تَحُدّ بصورة كبيرة من قدرة ديكسون على إطلاق مشاريعه القائمة على الموارد.
فبينما أوقفت السلطات في أبوجا مرارًا خطة ولاية بايلسا لإنشاء مصنع للغاز الطبيعي المسال بالقرب من “نهر النحاس”، فإن شركة النفط الوطنية ضاعفت إنتاجها من مصنع أوني للغاز الطبيعي المسال خلال العقدين الماضيين في ولاية ريفرز المجاورة. فأكثر من 50٪ من الغاز الذي يُغَذِّي مصنع أوني يأتي من بايلسا.
فقد صرح ديكسون لـ”أفريكان ريبورت” بأنه “إذا كان لدينا سيطرة على حقوقنا المعدنية، ومواردنا، فسأكون في وضع يُتيح لي قيادة هذه المهمة”، ويضيف: “سأعلن عن مستثمرين في مشروع نهر النحاس [مشروع الغاز الطبيعي المسال]، وخلال ذلك الوقت الضائع كان بإمكاننا أن ننتج ثلاث أو أربع شحنات حتى الآن”، ولكن لافتقاد ديكسون لتلك السيطرة على المشروعات التي تدير موارد تقدر بعدة ملايين من الدولارات، فإن حكومته في المقابل ركّزت على تنويع الاقتصاد والاستثمار في مجالي الخدمات واللوجستيات.
ويقول: إن مفتاح الحل لتلك المشاريع يكمن في ثلاثة أمور:
– مدينة بإنتاج صديق للبيئة.
– ميناء عميق في مدينة آجي على المحيط الأطلسي.
– مركز للطاقة يعمل على الوقود الغازي.
فبتكلفة تقدر بمائة مليون دولار، فإن مدينة بايلسا الصناعية الصديقة للبيئة ستنمو على قطعة أرض مساحتها 400 هكتار في عاصمة الولاية. ومن خلال العمل مع مزوّدي الخدمة الخاصة الذين يقدمون الطاقة والمياه بشكل مستمِرّ، تبحث حكومة الولاية عن الشركات للاستثمار في التصنيع والمعالجة، ويفضل استخدام المواد الخام المحلية.
وفي قلب المدينة سيكون هناك مجموعة من المشاريع بين القطاعين العام والخاص؛ مثل شركة لتجميع الغاز، وشركة للكهرباء. يعتمد نجاح المدينة على السرعة التي تستطيع بها حكومة الولاية المضي عبر البيروقراطية الفيدرالية للحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة.
سيكون عليها أيضًا تأمين الدعم الفيدرالي لاستخدام إنتاج الغاز المحلي كمواد وسيطة لشركة الطاقة في المدينة. يقول فونكازي كوروي كروكس، مفوض ولاية بيلسا للتجارة والصناعة: إن استجابة المستثمرين كانت إيجابية للغاية للمشروع.
حلول مضيئة للغاز:
يقول كوروي كروكس: إنَّ هناك طريقة ما يجب قطعها؛ لأن البناء الرئيسي في الموقع لن يبدأ حتى يتم جمع كافة الموافقات التنظيمية، وإتمام “نموذج مالي قوي”. إن منطق مشروع محور الطاقة الذي سيتم بناؤه في جبارانتورو، والذي من المفترض أن تُوَلِّد مرحلته الأولى حوالي 1200 ميجاوات، هو أن موقعه على بُعد كيلومتر واحد فقط من منشأة شركة “شل” لجمع الغاز في جباران أوبي.
تقوم هذه المنشأة بتزويد الغاز إلى مصنع تصدير الغاز الطبيعي المسال في أوني، كما تعمل أيضًا على تقليل كمية الغاز الكبيرة المحترقة في المنطقة، والتي تؤدي إلى هدر للطاقة وإضرار للبيئة في آنٍ واحدٍ. إن بناء مركز للطاقة قريب جدًّا من منشآت الغاز يتجاوز مشكلة بناء خط أنابيب طويل ومكلف لنقل الغاز، كما بدأ العمل بالفعل في ميناء آجي الواقع في مصب نهر النيجر الواسع، والذي يعد ثاني أطول نهر في إفريقيا، وينحدر مارًّا في المناطق النائية غرب القارة السمراء. كما عمل مهندسون من الجيش والبحرية النيجيرية بمسح للمنطقة وبدأوا في بناء منشأة لتوفير الأمن للميناء، كما سيحتوي ميناء آجي على رصيف وساحة وحوض لبناء السفن، وساحة تخزين احتياطية للخزانات، بالإضافة إلى خزانات متعددة الأغراض لتركيب السفن والأعمال الهندسية والإصلاحات العامة، وسيكون أعمق ميناء في البلاد.
ومع وجود الموانئ في أبابا وكالابار وبورت هاركورت بطريقة مفرطة في الامتداد، تريد الحكومة من تطوير ميناء آجي أن يتحول إلى مركز الخدمات الأكثر حداثة في البلاد لصناعة النفط والغاز. كما انضمت شركة المقاولات الفرنسية بولوريه Bolloré إلى مناقشات حول المشروع، والذي قد يستغرق عامين. تقول دويت إيابي، المستشار الاقتصادي لديكسون: إن الدولة تسير الآن على طريق نمو متسارع.
يوضح سويبوماري داجانا وهو رائد أعمال شاب في مجال الأزياء: “قبل عشر سنوات، كانت الدولة غير مرتبطة بالشبكة الوطنية، وكانت الطرق قليلة ومتباعدة، ولم يكن بالإمكان الوصول إلى المساحات الكبيرة إلا عن طريق الجداول”، ولكن لا تزال هناك شكاوى، فيضيف: “تبذل الحكومة قصارى جهدها، ولكن لا تزال هناك التحديات المعتادة؛ مثل عملية الإمداد بالطاقة الكهربية والطرق، لقد رأيت الضوء في الاستوديو الخاص بي ربما خمس مرات فقط هذا العام”.
يقول إيابي: إن التخطيط والتصميم سيكونان مُهمّين في السنوات القليلة المقبلة؛ “علينا أن ننفذ هذه المشروعات الثلاثة الكبيرة، لكن علينا أيضًا أن نحصل على المناخ المناسب”. وبذلك، يعني إيابي السياسة والأمن.
غضب أقل:
يقول بامبو سبيروجاك، المستشار الأمني لديكسون: إن “بايلسا بدأت تخرج رويدًا رويدًا من سمعتها كمدينة تفتقد إلى الاستقرار والحكم السيئ؛ فالتعامل مع الجريمة والاضطرابات السياسية يمشي بالتوازي مع ضخ الاستثمارات الجديدة في التعليم والصحة”، ويضيف: “هناك المزيد من الفرص والخدمات العامة الأفضل والأقل استفزازًا للمواطنين مما يعني غضبًا أقل، بالرغم من أنه لا يزال أمامنا الكثير للحاق بالركب، فقد خرجت الكثير من الشركات من نيجيريا في السنوات الماضية؛ بسبب العمليات الإجرامية والصراع السياسي”.
فعلى الرغم من أن حكومات الولايات لا يمكنها إدارة قوات الشرطة الخاصة بها، إلا أنها تستطيع إنشاء وحدات أمنية صغيرة مثل قوة “دو أكبو” التابعة لسبيرو جاك.
• تقول هذه الوحدة، التي اشترت 12 قاربًا للدوريات ومئات المركبات ذات الدفع الرباعي: إنها ألقت القبض على أكثر من 8500 من المشتبه بارتكابهم جرائم، واستجابت لما يقرب 39000 نداء استغاثة منذ تأسيسها في عام 2012م، عندما جاء ديكسون إلى السلطة.
على الرغم من أن مثل هذه الوحدة ضرورية، فإن مسألة الإصلاح الأمني أصبحت أكثر إلحاحًا؛ حيث يستاء الكثير من المسؤولين في ولايات مثل بايلسا من فرض الشروط الأمنية عليهم من الحكومة المركزية، لا سيما تعيين قادة الشرطة.
وخلص سبيرو جاك إلى أن الاستراتيجية الأمنية دون رؤية سياسية لن تنجح، مشيرًا إلى وجود هبوط ملحوظ في عمليات سرقة النفط، مضيفًا: “كان علينا إقناع شعبنا بأننا جادون بشأن التنمية والاستثمار، وقد بدأنا العمل بالفعل”.