بقلم: راسنه فرح.
ترجمة: قراءات إفريقية
كانت إحدى عواقب انهيار الدولة في الصومال في عام 1991 أن الشركات الأجنبية بدأت تلقي النفايات السامة الضارة على طول الساحل الصومالي غير المحمي.
بل ويُعتقد على نطاق واسع أن اكتشاف الصحفية الإيطالية “إليارا البي” قضية تجارة “السلاح مقابل النفايات” بين مصنعي الأسلحة الإيطالية و الميليشيات الصومالية هو ما أدى إلى مقتلها في مقديشو في عام 1994.
في عام 1997، أكدت المنظمة البيئية غير الحكومية، والسلام الأخضر, أن الشركات السويسرية والإيطالية كانت تتصرف كوسطاء لنقل النفايات الخطرة إلى الصومال.
وفي وقت لاحق، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن إلقاء النفايات السامة “منتشر” على طول الساحل الصومالي, وأن المجتمعات المحلية تعاني من الأمراض المزمنة مثل السرطان نتيجة لذلك.
كما تم استغلال مياه الساحل الصومالي أيضا من قبل شركات الصيد الأجنبية. فخلال عقد التسعينات، بدأت السفن ومراكب الصيد من أوروبا وآسيا بالصيد غير المشروع في المياه الصومالية، مستنزفةً الحياةَ البحرية الغنية في المنطقة، ومحرمةً الصيادين المحليين من مصادر رزقهم.
ويعتقد الكثيرون أن الصيد غير القانوني من قبل سفن الصيد الأجنبية هو الذي أدى لظهور القرصنة في الصومال, حيث سعى الصيادون الفقراء لبحث سبل أخرى لكسب لقمة العيش. وبطبيعة الحال، فقد ساهمت شبكة عالمية من السماسرة المستفيدين أيضا من القرصنة, في تسهيل اختطاف السفن من قبل القراصنة الصوماليين، وبالتالي يضمنون أن تبقى – أي القرصنة – مصدر دخل لكثير من الرجال الصوماليين العاطلين عن العمل.
والآن بعد أن كان قام الأوروبيون ودول أخرى بمراقبة المياه الصومالية، انخفضت حوادث القرصنة بشكل كبير، ولكن التهديدات الأخرى لا تزال باقية.
عثر مؤخرا على وثيقة تبين أن الحكومة الصومالية قد تدخل في صفقات – عن طيب خاطر – مع شركات أجنبية من شأنها أن تسمح لإلقاء النفايات الخطرة من دول أخرى إلى الصومال.
ووفقا للوثيقة، فقد دخلت شركة مقرها لندن في عقد مع دولة في الشرق الأوسط لتصدير النفايات المحلية المنزلية الخطرة إلى الصومال.
وعلى ما يبدو, فقد أعطت الحكومة الصومالية هذه الشركة ترخيصا لمدة عامين للتخلص من النفايات الخطرة من هذه الدولة الشرق أوسطية إلى مقديشو من خلال شركات محلية تدّعي أنها ستستخدمها لتوليد الغاز الحيوي.
فهل الحكومات والشركات الأجنبية تستغلّ الحكم والفراغ التنظيمي في الصومال لتفريغ نفاياتها السامة في البلاد؟ وهل الحكومة الصومالية تقبل عن طيب خاطر هذه النفايات مقابل المال؟
الشاهد العالمي
لم أتمكن من التحقق من صحة الوثيقة، لكنني بالكاد سأكون مندهشة إذا كانت الحكومة الصومالية قد دخلت في مثل هذه الصفقة.
في عام 2013 ، دخل الرئيس حسن شيخ محمود في صفقة مع الشركة البريطانية “سوما للنفط والغاز” ، للتنقيب عن النفط في الصومال على الرغم من أنه قد أعرب هو في وقت سابق عن مخاوف من أن أوضاع البلاد هشة جدا ولا يمكنها أن تخاطر بالدخول في مثل هذه العقود.
حذر محللون من أن هذه الصفقات قد تشعل المزيد من الانقسامات في البلاد، لا سيما في المناطق المنتجة للنفط، وخصوصا لأنه لا يوجد هناك أحكام تشريعية ملائمة وُضعت لتنظيم قطاع النفط.
كانت هناك أيضا مخاوف من أن صفقات النفط ستمهد الطريق لمزيد من الفساد. وكانت هذه المخاوف منتشرة لدرجة أنه في يوليو عام 2015 افتتح مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة البريطاني تحقيقا حول تعاملات “سوما للنفط” مع الحكومة الصومالية.
في مايو من العام الماضي، كشفت “بلومبرج بيزنيس” عن مسودة اتفاق تقاسم الإنتاج بين “سوما للنفط والغاز” والحكومة الصومالية التي أشارت إلى أن الصومال قد ينتهي به المطاف لدفع ما يصل إلى 90 في المائة من عائدات النفط للشركة البريطانية، وبالتالي منح فوائد عالية غير عادية لهذه الأخيرة.
ووصف “بارنابي بيس”، وهو ناشط مع الوكالة الدولية للطاقة “جلوبال ويتنس” , الاتفاقَ بأنه “صفقة رهيبة للشعب الصومالي “.
إن ما يصدم ويفزع كثير من الناس هو لماذا تدخل حكومة بلاد ، عانت خلال أكثر من عقدين من الحرب الأهلية, والفوضى، واليوم الإرهاب ، في صفقات من الممكن أن تسبب لها المزيد من عدم الاستقرار والتدهور البيئي ونقص النمو.
وعلاوة على ذلك، إن إلقاء نفايات سامة في الصومال لا يهدد فقط صحة وبيئة الشعب الصومالي، ولكنه أيضا يشكل مخاطر صحية وبيئية على كامل الساحل الشرقي الأفريقي.
بسبب الحرب الأهلية، فقد تخلفت الصومال مقارنة بمعظم الدول الأفريقية في مجال محو الأمية والصحة والبنية التحتية، وغيرها من القطاعات. وإذا كان النهب وتدمير الموارد الطبيعية مستمر في ظل حكومة ما بعد الحرب التى ينبغى أن تركز على إعادة البناء، إذن فما هو الأمل الموجود للصومال ؟
يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا