انتهى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من جولةٍ إفريقيةٍ جديدةٍ كانت ما بين 26 فبراير إلى 2 مارس، شملت الجولة دولًا من الشمال والغرب الإفريقي، ومن المؤكد أن إفريقيا لم تعد منطقة غريبة بالنسبة لتركيا؛ حيث لم تكن هذه الجولة الأولى من نوعها، بل هي واحدةٌ من سلسلة الجولات التي تُخصِّصها تركيا للقارة في كلِّ عام، ويشير ذلك إلى الحضور التركي الواضح في القارة، كما لا يمكن وصف هذه الجولات بأنها جولاتٌ رمزيةٌ أو عفويةٌ، حيث الملاحظ أن السياسة الخارجية التركية تجاه إفريقيا تُنفَّذ الآن وفق خطةٍ واضحة المعالم، ومبنيَّةٍ على رؤيةٍ واضحة وفَّرت لها الدولة التركية كل الوسائل، وراهنت عليها الكثير من أجل إنجاحها، ففي غضون سنوات تضاعفت السفارات التركية في إفريقيا لتصل إلى 41 سفارة في ربوع القارة، كما قفز مستوى تبادلها التجاري مع إفريقيا إلى رقم قياسي يزيد على 20 مليار دولار، فيما وجدت الشركات التركية مثل (Turkish Airlines, Summa, Limmak Holding, Ayka Textile, Arçelik, Agromaster) نشاطاتٍ واسعةً في عدة دول في القارة، ويمثل معدل أرباح الشركات التركية في إفريقيا عامة ما يقرب من 21٪ من جملة الاستثمارات التركية في الخارج.
لا تريد تركيا الاكتفاء بهذا الحد، ولا سيما أن إسطنبول استضافت في 12 فبراير الماضي المؤتمر الوزاري الثاني بشأن التعاون بين تركيا وإفريقيا؛ حيث نظم المؤتمر الاتحاد الإفريقي ووزارة الخارجية التركية بهدف عقد قمة الشراكة الثالثة بين تركيا والاتحاد الإفريقي في 2019م، كما أتتْ هذه الجولة الجديدة في غرب إفريقيا بعد المنتدى الاقتصادي الأول الذي جمع بين تركيا والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وانعقد في يومي 22 و 23 فبراير في إسطنبول.
وفي هذه الجولة الأخيرة خصَّص الرئيس التركي السنغال بزيارة عملٍ بدأت من 28 فبراير إلى 2 مارس مع جدول أعمالٍ كثيفٍ بين البلدين.
التقارب التركي السنغالي.. الدوافع والمحفِّزات:
ظهر الحرص التركي على تعزيز علاقاتها مع السنغال تحديدًا ما بين عامي 2006 و2014م؛ حيث تخللت هذه الفترة زيارات متبادلة بين الطرفين، مع انتظام الاجتماعات الدورية للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، ثم تصاعدت وتيرة هذه العلاقات بعد 2014م بفضل الاهتمام البالغ من كلا الطرفين، إلى أن وصلت العلاقات إلى مرحلةٍ متميزةٍ عبَّر عنها إحسان شاهين رئيس مجلس الأعمال التركي السنغالي، التابع لمجلس الاقتصاد والعلاقات الخارجية التركية (DEİK) بالقول بأن السنغال “تمتلك الأرضية اللازمة التي تجعل منها مركزًا للعلاقات الاقتصادية التي سيجريها رجال الأعمال الأتراك في غربي إفريقيا وشمالها”.
ولعل التركيز التركي على السنغال كبوابةٍ لتوسيع نفوذها الاستثماري والاقتصادي في الغرب الإفريقي يرجع إلى جملة مبررات رئيسة، شكَّلت القناعة التركية للمراهنة على هذه العلاقة لتحقيق طموحاتها في منطقة الغرب الإفريقي ومن هذه المبررات ما يلي:
الموقع الاستراتيجي للسنغال:
تقع السنغال على الساحل الأطلسي للقارة الإفريقية، وتتميز بالاستقرار والانفتاح، ومن خلال موقعها الجغرافي فهي بوابةٌ متميزةٌ في عمق الغرب الإفريقي؛ الأمر الذي سهَّل العلاقات التجارية، والوصول إلى الأسواق الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى كونها عضوًا في مؤسساتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ تُسهل تكاملها الإقليمي والدولي من حيث حركة الناس والسلع.
كما يوفِّر ميناء دكار ظروفًا مثاليةً لوصول وبقاء السفن؛ حيث تستغرق السفن أقل من 6 أيام من أوروبا و7 أيام من أمريكا عن طريق البحر، وهي محميةٌ بشكلٍ جيدٍ في المياه العميقة، ويمكن قبول جميع أنواع السلع (السائبة والحاويات الجافة، والمبردة والهيدروكربونات …) وتخزينها للاستيراد والتصدير، وتستند برامج التحديث في الميناء على معايير عالية لمحطة الحاويات، مما يعزِّز تحسين الأنشطة اللوجستية، وتحسين أرباح الجهات الفاعلة الاقتصادية.
الأداء الاقتصادي السنغالي المتميز:
شهد الأداء الاقتصادي للسنغال تحسنًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، فحقَّقت نموًّا اقتصاديًّا وصل إلى 6% في هذا العام، ومنذ عام 2000م، ركَّزت السنغال بحزمٍ على ترقية ديناميكية هياكلها الأساسية، وذلك تمشيًا مع رغبتها القوية في تشجيع الاستثمار الخاص المحلي والدولي، وتعلَّقت الإصلاحات الأخيرة بمجالاتٍ عديدةٍ تهمُّ المستثمرين، ومنها إجراءات الحصول على الأراضي، وشكليات الحصول على تراخيص البناء، وتشريعات العمل والضرائب، وإضفاء الطابع الرسمي على إجراءات التجارة الخارجية، تنفيذ مشاريع البنى التحتية في أعقاب خطط الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
كما شرعت السنغال في برنامج واسع لخصخصة المؤسسات العامة، وأثَّر ذلك على قطاعاتٍ كبيرةٍ من الاقتصاد الوطني، وقد أدَّت الإصلاحات الاقتصادية في بعض المجالات إلى إنشاء هيئاتٍ تنظيميةٍ لضمان المنافسة السليمة بين الجهات الفاعلة الاقتصادية.
ويوجد حاليًا مستثمرون مشهورون على الصعيد الدولي في قطاعات استراتيجية، مثل المياه والاتصالات والطاقة والسياحة والنقل، وكدليلٍ على التزام السنغال في السنوات الأخيرة بتنفيذ هذه الإصلاحات، تم إنشاء مجلسٍ رئاسيٍّ للاستثمار؛ ليكون بمثابة منتدى للحوار المباشر والتفكير الاستراتيجي بين رئيس الجمهورية والمستثمرين في جميع المسائل المتعلقة ببيئة الأعمال وطرق تطوير الاستثمار.
البيئة الجيوسياسية والاقتصادية:
تُعتبر السنغال باستقرارها السياسي نموذجًا ومثالاً نادرًا في القارة؛ حيث تتبنَّى الدولة القيم الديمقراطية، والسياسة التعددية، والمؤسسات القوية، والاعتراف بالحقوق السياسية والاجتماعية، وحرية التعبير. ونظرًا لكونها لاعبًا مؤثرًا في إفريقيا فقد وقَّعت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية البيئة وحقوق الإنسان والتجارة وحقوق الملكية الفكرية.
كما تأتي القوة الاقتصادية السنغالية في المرتبة الثانية بعد ساحل العاج من دول الغرب الإفريقي المنضوية تحت منظمة الاتحاد النقدي لدول غرب إفريقيا (U M O A)، وفي المرتبة الثالثة بعد غانا وساحل العاج من دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (C E D E A O)؛ من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية حسب تقرير مؤسسة قياس أنشطة الأعمال التجارية (Doing Bussiness) 2017م.
وفي مستوى قياس مستوى المخاطر الائتمانية تأتي في المرتبة الأولى لدول الغرب الإفريقي حسب تقييم المؤسسة الدولية لقياس مخاطر الائتمان (Standard and Poors)، وهي من ضمن عشر دول إفريقية الأكثر استقرارًا في مستوى التنافس الاستثماري حسب تقرير دافوس 2013م، ومن ضمن الدول الـ27 الأكثر تحسنًا في مستوى النشاط الاستثماري للعشر السنوات الأخيرة حسب إحصاء مؤسسة قياس أنشطة الأعمال التجارية العالمية (Doing Bussiness)، وهي واحدة من ضمن الدول الأربعة لإفريقيا جنوب الصحراء التي تدخل في المعيار الخاص لنشر البيانات للبنك الدولي.
يُمَثِّل قطاع الخدمات 59% من الناتج المحلي، يليه قطاع الصناعة 23%، ثم القطاع الزراعي 17%، وهو وحده يوظِّف 70% من القوى العاملة في السنغال، ويتسم الاقتصاد السنغالي بهيمنة القطاع الخاص غير الرسمي حيث يمثل نحو 70% من النشاط الاقتصادي للدولة، كما يشكل أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 25 و 33% في آسيا وبلدان أمريكا اللاتينية، ولدى السنغال سياسة استباقية لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر وتنويعها؛ حيث تستحوذ فرنسا على أكثر من 78% من رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2015م.
ووفقًا للأونكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية)؛ فقد زاد الاستثمار الأجنبي المباشر في السنغال زيادة كبيرة من 276 مليون دولار في عام 2012م إلى 350 مليون دولار في عام 2015م، وتعتبر كمية كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر في السنغال من أصول فرنسية، ولذا توجهت الدولة مؤخرًا إلى كسب مستثمرين جدد لخلق مجال في التنافس الاستثماري.
البيئة القانونية:
أحرزت السنغال تقدمًا كبيرًا في بيئتها القانونية، فمع الإصلاحات الأخيرة في عام 2014م يمكن الآن تسجيل الشركات الصغيرة والمتوسطة من قِبَل كاتب العدل في يوم واحد في مكتب إنشاء المشاريع، واعتمدت الحكومة 200 دولار الحدَّ الأدنى من متطلبات رأس المال، ومع تطبيق المادة 467 من قانون الضرائب العام يمكن لكاتب العدل وحده إنشاء الشركات التي تقل رأس مالها عن (200,000 دولار) في مكتبه، مع التقليل في القيود على الاستثمار الأجنبي والشريك المحلي، وبفضل هذه الإصلاحات ازداد الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة كبيرة من 115 مليون دولار في عام 2000 إلى 330 مليون دولار في عام 2014م، وكان قد سجَّل رقمًا قياسيًّا وصل 440 مليون دولار في عام 2008م.
الاستثمارات التركية في السنغال:
بعد التوقيع على “اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي والفني” بين البلدين منذ ديسمبر 1992م، انعقد الاجتماع الأول للجنة الاقتصادية المشتركة التي تم إنشاؤها بموجب الاتفاق المذكور في أنقرة في الفترة 18-19 ديسمبر 2006م، والثاني في 6 أبريل 2010م في داكار، وفي سبتمبر 2017م عقدت اللجنة المشتركة اجتماعها الرابع في دكار بحضور وزيري الداخلية التركي والسنغالي.
كما تم التوقيع على بروتوكول التعاون في مجالات التجارة والصناعة والحرف، والزراعة والأشغال العامة، والنقل والسياحة، والثقافة والتعليم، والعلوم، وتكنولوجيات الاتصال الجديدة، ومن أجل رصد تنفيذ البروتوكول أعلنت وزارة الشؤون الخارجية السنغالية إنشاء لجنة رصد مختلطة بين البلدين في داكار.
مهَّدت هذه الإجراءات الطريق للاستثمارات التركية في السنغال، فبدأت الشركات التركية في السنغال تكسب ثقة الحكومة، منها شركتا (summa) و(limak) اللتان نفَّذَتَا مشروع المطار الدولي الجديد (AIBD) بتكلفة 110 ملايين دولار، وقد تم تدشين المطار في شهر ديسمبر 2017م. كما يجري حاليًا إنشاء محطة ناقلات كبيرة في (جمنياجو) من قبل الشركة التركية (DM) للاستثمار، بتكلفة 100 مليون دولار، تُموِّل تركيا 85% منها، و15% الباقية تموِّلها السنغال، وقد أُنْجِزَ من المشروع أكثر من 25% حتى الآن.
كما تجاوز حجم التجارة الثنائية بين تركيا والسنغال مبلغ 100 مليون دولار في عام 2011م، إلى 133 مليون دولار في عام 2015م، وبلغت واردات السنغال إلى تركيا 5.5 مليون دولار، بينما وصلت الصادرات التركية إلى السنغال 128.2 مليون دولار، ما يعني وجود فائض تجاري قدره 122.7 مليون دولار لصالح تركيا، وفي عام 2015م كان أبرز المنتجات المصدَّرة من تركيا إلى السنغال المنتجات المصنوعة من الحديد الصلب، والمعكرونة، ومواد التغليف البلاستيكية، ودقيق القمح، والسلع الصحية، فيما كان أهم الواردات السنغال إلى تركيا الأسماك، وبذور السمسم، وخام الزركونيوم ودقيق السمك.
قطاعاتٌ حيويةٌ في صلب الاهتمام التركي السنغالي:
تميُّز العلاقات بين داكار وأنقرة مكَّن السنغال من الحصول على البنى التحتية التي تُعَدُّ من الجيل الجديد من حيث التقنيات والوسائل الحديث كالمطار الدولي الجديد (AİBD) الذي تم تدشينه مؤخرًا، والمركز الدولي الحديث للمؤتمرات في مدينة “جمنياجو”، بتمويل تركي وصل إلى 170 مليون دولار، كما تجري حاليًا أعمال سوق المصلحة الوطنية “marché d’intérêt national“، وأعمال الحلبة الكبيرة مِن قِبَل شركات تركية.
من أجل تطوير ذلك اتفقت إرادة البلدين في توسعة مجال تعاونهما لتشمل قطاعات واسعة وحيوية، وإذا تحقق ذلك يمكن أن يشكل آفاقًا جديدة لزيادة الاستثمارات بين البلدين، وتتمثل أهم هذه القطاعات في الآتي:
الزراعة:
فالسنغال قادرة على تطوير مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية بفضل مناطقها الزراعية الأيكولوجية المتنوعة؛ حيث تتمتع بما يقرب من 4 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة والمتاحة للإنتاج الزراعي، وبالإضافة إلى ذلك، توجد فرص استثمارية للمستثمرين في القطاع الخاص فيما يخص تحديث تكنولوجيا الزراعة، وفي البنية التحتية، وتطوير مرافق الحصاد وما بعد الحصاد وغيرها التي أبرزت فيها تركيا تقدمًا ملموسًا، وتحتاج إليها السنغال لتحديث قطاعها الزراعي.
النفط والمعادن:
لقد كشفت عمليات التنقيب عن المعادن، ورسم الخرائط الجيولوجية عن وجود مواد خامة من البترول والغاز الطبيعي والمعادن والفلزات غير المعدنية، كالبلاتين، والكروم، والفضة، واليورانيوم، والمنجنيز، والصلصال الصناعي، وحجارة الزينة، ومواد البناء مثل الرخام.
كما تتركز احتياطات الذهب في منطقة شرق السنغال بالقرب من مالي وغينيا، وتقدر الاحتياطيات المثبتة بـ300 طن من الذهب، وقد بدأ استغلال جزء منها في منجم “سابودالا”، وبالقرب من هذه المنطقة تم اكتشاف عشرين هدفًا معدنيًّا؛ أربعة منها تظهر إمكانيات كبيرة من مخازن الذهب الخام، كما أن السنغال هي البلد الثالث عالميًّا في إنتاج مادة الزركون الخام.
قطاعات أخرى:
توجد قطاعات أخرى مهمة تتمثل في الطاقة والبنية التحتية، والبناء والإسكان، والتعليم والسياحة، ومصائد الأسماك، وتكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، والصحة والطاقة المتجددة، والتعبئة والتغليف، والغزل والنسيج، والأحذية، وقطع غيار السيارات، والسلع البيضاء.
ويوجد خدمات نقل عن طريق البحر من تركيا إلى السنغال، كما أن للخطوط الجوية التركية ست رحلات أسبوعية بين داكار وإسطنبول منذ 2014م.
كانت هذه القطاعات محل اهتمام كبير للرئيس التركي والسنغالي، وكان من ضمن الأجندة التي تناولها الجانبان أثناء الزيارة، وأفضت إلى توقيع اتفاقيتين بين الجانبين؛ شملت مجال البنية التحتية (السكك الحديدة) والطاقة ومشتقات النفط والغاز الطبيعي والموارد المعدنية، فضلاً عن التعدين والسياحة، وفي مقابل ذلك رافق الرئيس التركي وفدٌ ضخم من رجال الأعمال الأتراك بلغ 150 فردًا، وانعقد المنتدى الاقتصادي بينهم وبين نظرائهم السنغاليين في مركز “عبده جوف” الدولي للمؤتمرات، وقررت داكار وأنقرة زيادة حجم تجارتهما، التي تقدر بـ250 مليون دولار في عام 2017م إلى 400 مليون دولار.
رغم أن الطموح التركي تجاه إفريقيا لم يصل بعدُ إلى الشراكة الاستراتيجية لعدة عوامل، يمكن القول: إن الصرامة في رسم الخارطة والأهداف بين الجانبين تسعى إلى تحقيق هذه الشراكة مستقبلاً، كما أن الطموح التركي في توسيع نفوذها في الغرب الإفريقي خاصة، وفي القارة الإفريقية عامة، ترتكز على عقد هذه الشراكة أولاً مع دولة بعينها لتمتد بعد ذلك إلى بقية الدول، ومن غير المستبعَد أن يكون هذا هو الهدف المتوخى من هذه الجولة، وخاصة مع السنغال التي لها تأثير في محيطها الجغرافي.