د. عبد الرحمن عبد الله سيسي (*)
إنَّ قيمة الأحداث وأهميَّتها تظهر في العلاقة المتينة التي تربط بينها، وفي الآثار المختلفة التي تخلّفها، ولا يتأتَّى الوقوف على الآثار الإيجابيَّة أو السلبيَّة إلا بمعرفة الأحداث، وفهم أسبابها وأغراض أصحابها.
ومن هذا المنطلق؛ عالجت هذا الموضوع في المحاور الآتية: التطوّر التاريخي للأحداث وأسبابها، والآثار الدينية والاجتماعية للأحداث، والحلول المقترحة لمنع تلك الآثار أو تخفيفها، وخاتمة.
أولاً: التطوُّر التاريخي للأحداث وأسبابها:
حاز سكّان غرب إفريقيا حظاً وافراً، حيث مَنَّ الله عليهم بوصول الإسلام في وقت مبكّر من نزول الوحي بالدين الخاتم؛ إذ يربط المؤرخون وصول الإسلام إلى السودان الغربي (غانة و تكرور) بحملات عقبة بن نافع الفهري في السنوات الهجرية (21هـ ، 22هـ ، 23هـ)، ولكن الجيش الغاني تصدّى لها دون دخول الإسلام في المنطقة(1).
ولعلّ هذا التاريخ لا يخلو من المبالغة، لكن مع ذلك تؤكّد مصادر التاريخ هجمات الأمويين المتكررة على المنطقة فيما بين سنة 116هـ – 133هـ الموافق 734 – 750م، وذلك بعد أن استتبَّ لهم الأمر في المغرب، وأحكموا السيطرة عليه(2)، وتؤيد بعض الاكتشافات الأثرية هذا الوصول المبكر للإسلام، حيث وُجدت قبور في قرية «كاجِي» الواقعة غرب مدينة «غاو» تُسمّى «قبر الصحابة».
امتاز الإسلام في هذه المنطقة بأنه دين الملوك وعلية القوم؛ إذ هم السابقون إليه، ولذلك استُقبِل المسلمون العرب واللغة العربية بحفاوة، حتى امتزج العرب بالشعوب السودانية، وتلاقحت الثقافات الإفريقية بالثقافة الإسلامية واللغة العربية والتحمت حتى استحال الفصل بينها، فلو جرَّدت اللغات السودانية (سنغاي وبمبارا وفلاتة… إلخ) من الألفاظ العربية المقترضة لافتقرت، ولو مُحِيَت الحضارة والثقافة العربية الإسلامية من تراثها لأصبحت أمة بلا حضارة.
أنشأ المزارعون السود ممالك وإمبراطوريات منظَّمة، ومراكز تجارية متطوّرة، تربط المنطقة بالمغرب ومصر، وأصبحت اللغة العربية لغة الثقافة لدى السودانيين، يتحدّثون بها بطلاقة في المدن وخارجها، ويقرؤون بها القرآن الكريم، ويتداولون من خلالها قطوف من التراث العربي(3).
وعلى سبيل المثال يسمّي الشعب السوداني «كلّ ما هو إسلامي بأنه سوداني: الكتابة العربية، الهلال، والسَّنة»، وشعب سنغاي يُطلق على الشهور العربية والهلال الإسلامي اسم: Koyra Handou ؛ أي الشهر البلدي، والماندنجو يُطلق عليها شهور السود Farafin Kalo(4).
الاحتلال الفرنسي الصليبي ومكره بالمنطقة:
استغل المستعمر الفرنسي كلّ الوسائل الممكنة لاجتياح هذه المنطقة الإسلامية، من بعثات تبشيرية فقوّات عسكرية، ولم ينجح في إقناع السود، ولم يقدِر على استمالتهم حتى غادر البلاد كُرها(5).
يُعدُّ أسر الإمام ساموري توري عام 1898م القضاء الحقيقي على الكفاح الشعبي ضدَّ المستعمر؛ حيث أحكم المستعمر الوثاق على الأنظمة التقليدية حتى الاستقلال في 1960م، ولكن لم يجد منفذاً إلى قلوب السكان المسلمين الذين غرس فيهم الدين الإسلامي وحُبّ الحرية والشرف اتجاهاً سلبياً ضدَّ الفرنسيين وكلّ مستعمر، ونظروا إلى كلّ ما كان يأتي من فرنسا بعين الغضب؛ لأنه من مصدر نصراني، ويُسمَّونهم بالمصطلح الإسلامي «النصارى»، ويكرهون مَن والاهم أو تَشبَّه بهم ولو في الملبس، حتى غادرت قواتهم المسلّحة أرض مالي كُرها في يناير 1961م.
على الرغم من هذا الرفض الشعبي للمستعمر الفرنسي فإن النعاس لم يعرف طريقه إلى عيون الفرنسيين، ولم يجد اليأس مَمرًّا إلى قلوبهم، فخطَّطوا لمشروع العودة ببراعة وقدرة فائقة، عن طريق التفريق بين إخوة الدين الواحد، وزرع الفتنة بين أهل البلد الواحد، فقاموا بتقسيم الدولة إلى شمال وجنوب، يتقاتلان ويتناحران.
وقد سَوَّقت فرنسا لهذا المشروع، وأولتْه اهتماماً كبيراً إعلامياً وإدارياً وسياسياً، وأعدَّت له رجالاً يحظون بمكانة اجتماعية محليّة مثل «محمد محمود ولد الشيخ»، الذي يُعدُّ المنظِّر الوطني الحقيقي لدولة (O.R.C.S)، والتي يرى تكوينها من الأقاليم الشماليّة لمالي، ومنطقة دوري ببوركينافاسو، ومنطقة تِيلا بِيرِي بغرب جمهورية النيجر.
وزعم «محمد محمود» أنّ سكان هذه المناطق (سنغاي، فلاتة، طوارق، عرب) يختلفون عن سكان الجنوب (الماندنجو والسونينكي وغيرهم)، من حيثُ الدين والثقافة، متجاهلاً أو متناسياً جهود قبائل الماندنجو في نشر الإسلام، ودور منسا كنكن موسى في النهوض بالإسلام وحضارته في أجزاء من غرب إفريقيا، والفتح الجهادي في مناطق الغابة سيراليون وليبيريا، حتى اشتهر الإسلام عندهم بدين الماندنجو، والقرآن بكتاب ماندنجو.
وقامت الإدارة الاستعمارية قبل المغادرة بإجراء استفتاء في هذا المشروع، وسوّقت له بدعاية واسعة النطاق، لكنها لم تفلح في إقناع الشعوب الأصليين، لا السودانيين ولا الطوارق ولا العرب، ولكن لم يمنعها ذلك من إعداد مشروعها وإجازته في البرلمان الوطني؛ بموجب قانون فرنسي 27-7-057 بتاريخ 10 يناير 1957م، ونشرته في الجريدة الوطنية الفرنسية بتاريخ 12 يناير 1957م(6).
الألغام الموقوتة:
أخذت الألغام المدفونة الموقوتة تتفجر على إثر الاستقلال بتمرُّدات الطوارق، وبالتحديد في عام 1963م، وتمت تهدئتها بجرعات نارية بأسلوب شيوعي غير حضاري، ثم عادت إلى تفجُّرها عام 1990م بصوت مدوٍّ دَوَّخ الرؤوس وألجم الأفواه وكبّل الأيدي الأقدام، تحت غطاء مطالب المنطقة واحتياجاتها، بعضها مطالب مشروعة ومعقولة، وأخرى خيالية.
لَقِيت هذه الثورة الطارقية في أول الأمر قبولاً شعبياً في كلّ أرجاء البلاد، وقامت بإقناع الشعب في الجنوب والحكومة بأن المناطق الشماليَّة مظلومة ومُهمَلة من قِبل السلطات المركزية، لكن الثورة انحرفت عن خطها، وبدأت تنسج تحركاتها في منوال التعصّب والاعتداء على الأبرياء وانتهاك الحرمات(7)، وهذا ما أثار الغضب الشعبي ضدهم، وأقحم الدولة في حرب تعسّفية أراقت دماء المسلمين بلا جدوى؛ إذ خسروا أنفسهم وأموالهم، فلجأت الحكومة هذه المرَّة إلى تهدئة الأمور بالمفاوضات السلمية، والوعود العرقوبية، تتأرجح فيها المصالح الشخصية للقادة المفاوضين على المصالح العامَّة للمنطقَّة وسكانها.
وقد نجحت سياسة الحكومة المركزية إلى حدٍّ كبير في شَقِّ صفوف الشماليين، وأوجدت فجوة كبيرة بين القبائل، وذلك بتهميش الأغلبية السوداء (سنغاي، فلاتة) وغيرهم، والتحالف مع العرب(8)، والتحالف مع بعض قبائل الطوارق ضد بعضهم الآخر حسبما تقتضي مصلحتها السياسية، حتى هوت بغرب إفريقيا عامة، وجمهورية مالي بخاصة، وشعوب الشمال بالأخص، في آبار من نار لافحة.
لعبة الأوراق:
إنَّ هذه الأزمة نتيجة لمسيرة خمسين عاماً أو أكثر، قضاها صُنَّاع الأزمات، وموقدو نار الفتن، ومحترفو لعبة الأوراق السياسية، في تحقيق مآربهم السياسية والاقتصادية، وغيرها.
غادرت فرنسا أرض مالي قهراً، وخرجت من الجزائر تجرّ أذيال الهزيمة والعار، ملوثة بدماء الشهداء والأبرياء، وتحالفت الدولتان المسلمتان، ونصبتا العداء للنظام الاحتلالي النصراني الغاشم، فتظاهر المستعمر بترك الأرض لأهلها ولسان حاله يقول: سأواصل الغزو الفكري والثقافي، وأخطط للعودة في صورة جذّابة تضمن لي الترحاب والقبول.
وقد وصف د. محمود مصطفى أسلوبهم ووسائلهم وصفاً دقيقاً، حيث قال: «والسياسيون الأذكياء لا يحبّون تضييع الوقت في دهاليز المذاهب والفلسفات، ويكتفون بضرب الأشخاص بالأشخاص، والزعامات بالزعامات، والرموز بالرموز»(9).
سرعان ما استغل النظام الفرنسي الأوضاع الاقتصادية للدولة الوليدة، ووظَّف تعدُّد القبائل، والتباين الثقافي لإثارة ثورة طارقية في شمال مالي 1963م – 1964م، وبذلك استطاع أن يصنع من بعض الطوارق والبربر جهازاً يشارك به في الألعاب السياسية والاقتصاديَّة في المنطقة، واتخذَه ورقة ضغط على الأنظمة السياسية المتعاقبة. فكلَّما أراد النظام الحاكم في فرنسا الضغط على مالي، أو الانتقام من نظام الحكم في مالي، حتى يضمن ولاءه له، لجأ إلى الطوارق كما فعل فرانسوا ميتران في عام 1990م وعام 1994م، وجاك شيراك في عام 2006م، وساركوزي في عام 2009م وعام 2012م.
وقد نجحت فرنسا إلى حدٍّ ما في إدارة الأزمة من وراء الكواليس، والاعتماد على الحرب بالوكالة بإقحام بعض الدول الإسلامية المجاورة في القضية كوسطاء غير محايدين، ففتحت حدودها للجهاديين، ووظَّفت وسائلها الإعلامية لقضية الطوارق، واعتبرتها شرعيَّة، واستضافت مدنها مؤتمرات هذه الحركات، حتى توارى دور فرنسا نسبياً، واتجهت الأنظار إلى الدول العربية الإسلامية(10)، كما وظَّفت وجودهم في مناصب ببعض المؤسّسات الدولية لتحقيق أهدافها ومخطَّطاتها.
أصدرت الجبهة الإسلامية العربية لتحرير أزواد العدد الأول من مجلتها (صحوة أزواد) بجمهورية موريتانيا الإسلامية في أبريل 1990م؛ علماً بأنَّ مُنظِّر هذه الحركة (سيد محمد ولد الذهبي) أحد ربائب الكنيسة النرويجية بمدينة «غوشي»، وكان موظَّفاً في منظماتها، ولا يزال ممثلاً لجمهورية مالي يتقاضى رواتبه شهرياً؛ لأنه في كفالة النصارى!
واتخذت الحركة الوطنية لتحرير أزواد (M.N.L.A) مقرها في نواكشوط، ولا يزال موسى أغ سديد يدير المهام السياسية هناك.
واستغلت السياسة اليهودية العالمية الجهاز نفسه (الحركة الطارقية) لاختراق الصف الإسلامي، وغرس العداوة والبغضاء بين المسلمين العرب والإفريقيين، وإليك نصوص لأحد منظّري هذه الحركة، واسمه أبو بكر الأنصاري، يقول: «أمريكا تنظر للطوارق بعيون يهوديّة، وخلق حلف لأمريكا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يكون في خدمة مصالحها»(11)، «… تَخلَّوْا عن إقليم فقير لأصحابه الحقيقيين، ومقابل مساعدات مادية دائمة، لكي يعمره أبناؤه بالتعاون مع إسرائيل وأمريكا وفرنسا»(12)، «وبالتالي يتحقق الهلال السامي في القارة الإفريقية ببناء دولة للطوارق موالية للغرب وصديقة لإسرائيل، وتحقّق أمريكا نصراً في القارة الإفريقية، ويكون لإسرائيل صديق مسلم لها الفضل في بناء دولته، وتبني واشنطن قواعدها العسكرية في دولة الطوارق دون الحاجة لافتعال معركة وهمية لمحاربة الإرهاب»(13)، «بينما مشروع الهلال السامي سوف يعيد العلاقة العربية الإسلامية اليهودية على ما كانت عليه قبل قيام دولة إسرائيل».
ولا أدري هل هذا الكاتب مقتنع بما يكتب حتى يصرح بذلك للمسلمين في هذا الموقع؟ أو هل يريد أن يوصل الرسالة إلى المسلمين بعدما اكتشف هذه الخطط؟ لأنه في بعض مقالاته يربط بين الحركات الطارقية والحركات العرقية الأخرى في العالم الإسلامي (الأكراد، وحركة دارفور)، ويشير إلى أن نتيجة الحكم الذاتي لدارفور وشمال مالي تساهم في إبعاد الصين عن آبار البترول والمعادن الأخرى؛ لتحل محلّها أمريكا؟!
وأيًّا كان؛ فإن الخطة اليهودية نحو المنطقة أكيدة، كما ذكر ذلك عبد الإله المنصوري موضحاً أساليب الاختراق، وفاضحاً لها، ومُبشِّراً بوعي المسلمين الأمازيغ وتصديهم لتلك الخطط(14).
اضطر الإسلاميون في الجزائر إلى خلع رداء الحزب السياسي الديمقراطي عام 1990م، بعدما حقّقت جبهة الإنقاذ الإسلامية انتصارات على الشاذلي بن جديد، واعترف هذا الأخير بالهزيمة عبر وسائل الإعلام الوطنية والدولية، وعبَّر عن استعداده للتعاون مع نظام إسلامي معتدل، ولكن انتهى الأمر بتدخل الضباط العسكريين فأُلغيت نتائج الانتخابات(15).
وههنا ارتدى المتشدّدون ثوب الحرب ضدّ الجيش الجزائري، ثمّ اضطروا إلى مغادرة شمال الجزائر، والانخراط في تنظيم مسلّح في الجنوب، وتم اختيار هذه المنطقة الاستراتيجية؛ لأنها تربط الجزائر بكلٍّ من موريتانيا ومالي والنيجر (ثلاث دول إسلامية).
وتتبنّى هذه الحركة أهدافاً، منها:
– السيطرة التامة على الصحراء، ويكون لهم سيادتها حتى لا يكون لأحد غنى عنهم فيها.
– تحويل المنطقة إلى مكان غير قابل للزيارة، وبخاصة زيارة السائحين الأوروبيين.
– زعزعة أمن الدول المعاهدة والموالية للغرب، وبخاصة فرنسا.
– اتّخاذها منطلقاً لعملياتهم العسكرية(16).
فظنَّ قصر الرئاسة أنه قادر على استغلال عناصر هذه الحركة، ولكن بعد مرور سنوات أضاف التنظيم إلى نشاطاته التجارية نشاطاً جديداً يدرُّ أرباحاً دون رأس مال، ألا وهو «صناعة» اختطاف الأجانب (رعايا الدول الغربية)، حيث قام التنظيم باختطاف أربعين شخصاً، منذ عام 2003م حتى 2012م، فتوجهت الأنظار إلى قصر بماكو، تشير إليه بأصابع الاتهام بالتآمر مع القاعدة2.
وشَنَّ تنظيم القاعدة أول هجوم على جيش مالي، وقام باغتيال الضابط العربي لامان ولد بو، بتاريخ 10 يونيو 2009م الساعة 7 مساءً، والناس يصلّون المغرب بمدينة تمبكتو(17)، وأصدر أبو زيد باسم سرية الفرقان بياناً تنويرياً عن الحادثة، ووضَّح أنهم يعيشون في أزواد، ويفهم منه ضمنياً أنهم لا يعترفون بمالي.
وينظر تنظيمُ القاعدة بالمغرب العربي إلى فرنسا بعين العداوة، ويعدُّها العدوَّ الأول في القائمة السوداء، ويستهدفها بعمليات عسكرية في مصالحها الداخلية والخارجية(18).
ويصعب على فرنسا – إن لم يتعذّر – أن تستغني عن هذه المناطق الغنية بثرواتها المعدنية والمتميزة بموقعها الاستراتيجي، وبتعدُّد قبائلها وإن كانوا أغلبيّة مسلمة، فأرادت التخلُّص من هذه الخلية بأي وسيلة حتى يصفو لها الجو، فاستعانت بأفراد من ذوي النفوذ بالأجهزة الأمنية والاستخباراتيَّة في الجزائر وموريتانيا ومالي.
«إياد أغ غالي» كان عضواً في جماعة التبليغ، ويحظى بثقة كثير من قادتها في مختلف مناطق العالم، وكان قائداً في حركات الطوارق الانفصالية منذ عام 1990م، وانضم إلى الجيش الوطني بعد الاتفاقيَّات ضابطاً برتبة (العقيد)، يعرف كلّ أسرار الجيش، وعمل دبلوماسياً في المملكة العربية السعودية، ولبِس لبوس السلفيَّة، ولعلّه استطاع أن يكوِّن علاقات بشخصيات وهيئات ومؤسّسات قبل أن تطرده السلطات السعوديَّة، وليس هذا بعيداً عن شخصية ذات طموحات عالية ومتعدَّدة، وقد بدأ دوره ينكشف بعد هجوم جيش مالي والقوَّات الفرنسية على شمال مالي، «إنَّ زعيم جماعة أنصار الدين إياد أغ غالي كان يتولّى مهمة تحضير الأجواء للتدخّل الفرنسي، وذلك باقتحامه مدينة (كونا Kona) الفاصلة بين شمالي مالي وجنوبه»(19).
وأمَّا حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا؛ فيقودها العرب الموريتانيون وبرابرة صحراويون (الصحراء الغربية المغربية) مقيمون في الجزائر، وأفراد من العرب الماليين، وهؤلاء العرب يحاولون عرقلة الانتخابات وتأجيل موعدها؛ لأن انتهاء فترة (آمد توماني توري) تعطيل لمصالحهم الشخصية.
فأطراف هذه اللعبة هم:
– حركة (M.N.L.A): طارقية علمانية انفصالية، تستغلها دول غربية ودول مجاورة لمالي، ويحاول قصر الرئاسة استغلالها1.
– حركة تنظيم القاعدة: مبادئ ثابتة، أهداف مرسومة، يحاول القصر استغلالها.
– حركة أنصار الدين.
– حركة التوحيد والجهاد.
اجتمعت هذه الأطراف في إشعال نار الفتنة في جمهورية مالي، وفتّحت عليها أبواباً من المشكلات والأزمات المتعددة، وانتهت اللعبة لمصلحة فرنسا!
ثانياً: الآثار الدينية والاجتماعية للأحداث:
نجمت عن هذه الأحداث آثار يُخشى أن تتفاقم وتأخذ أكثر من حجمها فيستغلها العدو، ولذلك أعتقد أنها تستحق أن تُدرس بمنهجية علمية، وبمنظور إسلامي يشخّص الأخطاء لا لذاتها بل لتقديم حلول لها.
على الرغم من كثرة الميادين التي أصابتها تلك الآثار، فإنني سأقتصر على ميدانَيْن يحظيان عندي بأهمية، هما الميدان الديني؛ لأني مسلم، جعلت الدعوة في مقدمة أولوياتي اختياراً وإرثاً(20)، وأنا مسؤول أمام الله، فلا بد – إذاً – من أن أسهم في معالجة المشكلة حسب استطاعتي، والآخر هو الميدان الاجتماعي؛ لأني جزء لا يمكن تجزئته من منطقة الأحداث، يربطني بها وبمختلف شعوبها علاقات لا تنقطع، وفي الواقع يصعب التمييز بين القضايا الدينية والاجتماعية للتداخل الشديد بينهما، ولكن بقصد التيسير سأحاول تصنيفها إلى آثار دينية، وآثار اجتماعية.
إن الشعب المالي بصفة عامة، وقبائل الشمال بصفة خاصة، ينتظرون من العلماء أن يقوموا بدورهم الديني والاجتماعي الذي يُعدُّ أساس الإصلاح المنشود.
أولا :آثار الأحداث في الميدان الديني:
تركت الأحداث في مالي آثاراً إيجابية، وأخرى سلبية، في الميدان الديني، نوضحها على النحو الآتي.
الآثار الإيجابية:
– اللجوء إلى الله: هذه الأحداث بمثابة ابتلاء لشعب مالي، وقد عرفوا قدرها، وأن لا قدرة إلا لله؛ فتضرَّعوا إلى الله المولى بقراءة القرآن والدعاء، يقول المواطنون: لم يُقرأ القرآن في الدولة أكثر من هذا العام.
– تقدير العلماء: ازداد تقدير الماليين لعلماء الدين لموقفهم الإيجابي إزاء هذه الأحداث؛ إذ أثبت العلماء حبهم لدينهم ولوطنهم، وحرصهم الشديد على مصالح العباد والبلاد، وقد كانت توقّعات القيادة السياسية أن يكون خريجو الجامعات الإسلامية وراء الأحداث أو متعاطفين مع المشاركين فيها، وذلك كما أوحى إليها شياطينها منذ 15 عاماً(21).
– زيادة الثقة بالمجلس الأعلى الإسلامي وتأييده: كسب المجلس الأعلى الإسلامي ثقة المسلمين بسبب دوره الفعّال في معالجة الأزمة، وصار من الجهات المعتمدة لإيصال المساعدات إلى المتضررين، وفوَّضت إليه السلطة السياسية ترتيب مسيرة المفاوضات، فقام بإجراء بحث علمي للموضوع، وختم بتوصيات ومقترحات، وقد أدى المجلس دوراً فعّالاً لإحلال الأمن والسلام في الدولة منذ بداية الأحداث إلى الآن.
– كشف العدوان الغربي للمسلمين ومؤامراته: تبيَّن لكثير من الماليين، وللمتابعين من معظم دول العالم لأحداث الأزمة في مالي، أنَّ دولاً غربية تقف وراء الأحداث بالتخطيط والتمويل، وقد ندّدت جمعية حقوق الإنسان في مالي بموقف سويسرا، حيث حاولت إعادة تنظيم مقاتلي الطوارق الفارين إلى بوركينافاسو وموريتانيا بعد أن سلّط الله عليهم الإسلاميين.
الآثار السلبية:
– إثارة الحساسية نحو العرب: إن علاقة الشعب بثقافته علاقة تلازمية لا يمكن الفصل بينهما، واللغة العربية وعاء الإسلام، وتعد العلوم الإسلامية جزءاً من الثقافة العربية، وفهم اللغة العربية من الوسائل اللازمة لفهم الدين الإسلامي، ومحبة العرب تستلزم وجود دافعية إيجابية نحو تعلّم لغتهم، وكره العرب يستدعي دافعية سلبية ضد لغتهم فثقافتهم، كما هو الموقف والشأن من أيّ شعب.
ومخططو هذا المشروع الصليبي يستهدفون ذلك بالدرجة الأولى وإن غلَّفوه بغير غلافه(22)، «وقد حذّر أحد الكتاب الغربيين (برايان) من خطورة الحركة الإسلامية في الجزائر، ويؤكّد ضرورة التدخّل الغربي في الصراع، ويتخوف من عواقب الانتصار الإسلامي»(23).
وقد أبرزوا براعة وقدرة في التسويق له، وورَّطوا كثيراً من الهيئات الإسلامية بل الدول الإسلامية عن طريق شخصيات قادرة على التأثير في أصحاب القرارات، وتخدم هذه الشخصيات الفكرة – عن قصد أو عن غير قصد – بتقديمها للمسلمين مشوّهة ومزيفة، والترويج لها عبر أبواق بشرية تردد صدى ما نُفخ فيها.
إنَّ أشدَّ المواقف مرارة وغرابة عندما تُلصق التّهم بأهل السنّة والجماعة تحت مسمّى «الحركة السلفية».
وقد بادرت السعودية منذ عام 1994م، ولا ننسى الدور الإيجابي لكلٍّ من إمام المسجد الحرام الشيخ محمد بن عبد الله السبيل (رحمه الله) الذي لم يكتف بالكتابة وبيان الحقيقة، بل قام برحلة دعوية إصلاحية إلى المناطق المعنيَّة، والتقى بشعوبها عام 1995م بأمر من خادم الحرمين الشريفين.
ومدير رابطة العالم الإسلامي الذي وجّه دعوة إلى رئيس الوزراء الحاج إبراهيم كيتا، وأعطى فرصة لتوضيح الحقائق للمسلمين، بل إن شعب مالي يقدّر جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أيام كان وليّاً للعهد عام 1995م في استقرار البلاد.
– إلصاق التهم بالتيار السلفي: لقي التيار السلفي معارضة شديدة من التيار الصوفي والعلماء التقليديين قبل الاستقلال وبعده حتى 1979م، وقد ساعدت زيارة كلٍّ من إمام المسجد النبوي الشيخ عبد العزيز بن صالح، وإمام الحرمين الشريفين الشيخ محمد بن عبد الله السبيل (رحمهما الله) لجمهورية مالي على التفاهم بين المسلمين في مالي، وتضييق دائرة الخلاف بين المسلمين، والحيلولة دون فتنة الطائفيَّة، بل وتوحيد كلمتهم ضدَّ الحكومة وغيرها، في مواقف كثيرة يجدون فيها مساساً بدينهم الإسلامي، وما موقفهم عام 2011م من قانون الأسرة ببعيد!
وبعد أن كان مصطلح (الوهابي) هو التسمية الوحيدة المستخدمة للسلفي (السنّي) انقلب الميزان لمصلحة أهل السنّة والجماعة، حيث ظهرت الحقائق لمسلمي مالي، وعرفوا أن خلافهم مع التيار السلفي صوري في أمور كثيرة، مردُّه – أحياناً كثيرة – وجهات نظر واجتهادات في الفروع، وناتج عن عدم الوعي؛ فاختفى مصطلح (وهابي) نسبياً، وأصبح الناس يُطلقون عليهم أهل السنّة، بل إنَّ كثيراً ممن كانوا يُعادُون السلفيين انضموا إليهم أخيراً.
ومن الأمثلة التي عاينتها مدينة «موبتي»، والتي عشت فيها أيام الصبا، كادت الأحجار تشج رؤوسنا في مسجدنا وفي دورنا جزاءً للصورة المشوّهة لمصطلح (الوهابية التي كانوا يُطلقونها علينا)، وفيما بعد شهدت هذه المدينة تحولاً كبيراً، فعندما عدت إليها بعد التخرج 1989م وجدتها أصبحت مثالاً للتفاهم والتقارب بين المسلمين؛ لأن الخلافات لم تكن في الغالب عقدية، بل كان أكثرها فقهية.
وقد انتهز أعداء التيار السلفي هذه الأحداث لإعادة مصطلح (وهابي) إلى الساحة بقصد الإساءة والاستفزاز والتحريض عليهم، وحاولوا افتعال علاقة بينه وبين حركة أنصار الدين، إما بسوء النية وإمّا جهلاً لتشويه صورهم، وقد وشي بهم إلى السلطات، فقامت السلطات الأمنية بحملة تفتيشية شملت أحد عشر مسجداً لأهل السنّة، بما فيه مسجد محمود ديكو رئيس المجلس الأعلى الإسلامي(24)، وانتهت بتبرئة تلك المساجد وأهلها.
– التنفير من المدارس القرآنية بتشويه صورها: بُذِلت مجهودات كثيرة للقضاء على المدارس القرآنية، وبخاصة المدارس التقليدية، وقد وفَّرت هذه الأحداث فرصة مناسبة للتنفير منها، حيث عرضت قناة التلفاز الوطنية نماذج من تلاميذ المدارس القرآنية الذين استقطبتهم الحركة الجهادية المسلّحة، وعرضت شاباً في 16 من عمره مساء يوم الجمعة 25/01/2013م، بدعد نشرة الأخبار الرئيسة، وآخر في 18 من عمره يُدعى أبو بكر باري، وذلك يوم الأحد 27/01/2013م، وعلَّق الناطق الرسمي بأن معلّمه باعه بثمن زهيد للإرهابيين.
– إتاحة الفرصة للتنصير: تعمل الهيئات الإسلامية في مالي بإمكانيات ضعيفة وقليلة في عددها مقابل الهيئات الغربية والتنصيرية، وعلى الرغم من مبادرة المنظمات الإسلامية بتقديم دعم للنازحين والمتضررين في المناطق المحتلة فإن الساحة خلت لغيرها كالصليب الأحمر الدولي، ومنظمة OXFAM وحقوق اللاجئين.. إلخ، حيث تفسح تلك المنظمات المجال للتنصير، وقد يكون لمشاركة الهيئات الإسلامية في إعادة المهجَّرين إلى ديارهم، ودعمهم ماديًّا، وكفالة الأيتام والأرامل، بعد الحرب تأثير قوي في استعادة دورها الدعوي لمقاومة التنصير.
– الولاء لفرنسا: لا يكون ولاء المسلم إلا لله ولدينه، وقد أدت الأزمات التي عاناها شعب مالي، من مؤامرات وتكالب الأعداء، وتقاعُس الأحبَّة، حتى صاروا كالأيتام على مأدبة اللئام، إلى تولّد روح القبول لفرنسا، والترحاب بتدخلها لحل الأزمة، وأصبح علم فرنسا يرفرف في كلّ أنحاء الجمهورية منافساً لعلم مالي، وخصوصاً في المدن المحرّرة، وبدأت علامات الولاء المذموم تظهر في التسمية، حيث سمّى أحد المواطنين ابنه بِاسم (أحمد فرانسوا هولند كوليبالي Amadou François Holland Coulibaly)(25).
– سلب الإرادة الحرة من حكومة مالي: فقد أدت تلك الأزمة، وما ترتب عليها من تدخّلات خارجية لدول لها أطماع وأجندات خاصة، إلى التحكم فيها، وتوجيهها، مما أفقدها حرية اتخاذ القرار النابع من مصلحتها ومصلحة شعبها والأمة الإسلامية.
ثانياً: الآثار الاجتماعية:
تنتهي هذه الأحداث وتبقى آثارها جاثمة على المجتمع، ومنها:
– فقدان الثقة بين قبائل المسلمين: مجتمع شمال مالي المسلم مجتمع صحراوي قبلي متماسك، تسود فيه العلاقة الوديّة وتبادل الاحترام، وتوجد بين القبائل معاهدات وتحالفات تاريخية، وما كان بحسبان سنغاي وفلاتة أن يكونوا مستهدفين من قبل بعض الحركات المنتسبة للطوارق والعرب، بل يعتقدون أن الأمر مجرد تهديد للحكومة المركزية لجلب مصالح شخصية كالعادة، لكن بعد خروج الجيش المالي والمؤسسات الحكومية ومرافقها اتضحت الحقائق عبر ممارسات واقعية، ارتكبتها عناصر شاذة من تلك الحركات، من قتل للأنفس، وانتهاك للأعراض، ونهب للأموال وتخريب لها.. إلخ، كما ظهر عبارات شفوية وكتابية من بعض تلك العناصر الشاذة تصرّح بأنَّ الهدف الأساس هو الانتقام من القبائل الأخرى غير الطوارق والعرب، علماً بأنَّ معظم مرتكبي الجرائم معروفون بالاسم والنسب لدى الأهالي في أغلب المدن.
إنَّ القلوب إذا تنافر ودُّها مثلُ الزجاجة كسرها لا يُجبَر
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من قادة الأحداث لاستعطاف الناس، عبر اتصالات تليفونية، واتصالات بوفود الشماليين في المفاوضات الخارجية؛ فإن السؤال المتوقّع على ألسنة القبائل المضطهدة هو: هل يتوقع هؤلاء أن نعيش معاً أيضاً؟ كيف يمكن أن نعيش معاً؟
– تحطيم البنية الأخلاقية للمجتمع: على الرغم من الغزو الثقافي لهذا المجتمع؛ فإن الدين والنسب لا يزال لهما دور فعال في الحفاظ على الشرف، ولكن لا شك أن وجود 375000 ألف شخص(26) في مخيمات اللاجئين في داخل مالي وخارجها سيترك بصمات العار، إنّ ضنك العيش منبع كل شرٍّ، فضلاً عن انتهاكات الأعراض التي قام بها عناصر من تلك الحركات.
وقد لا نفاجأ بالآثار السيِّئة على الأخلاق في ظل تدخّل القوات المتعددة الجنسية إفريقيَّة وغيرها، وفي ظل سيطرتها على مناطق المسلمين، حيث تفتقد تلك القوات المتعددة وحدة الانتماء وقداسة الأخلاق.
– الإعجاب بالفرنسيين وتقليدهم: إنَّ هؤلاء الأطفال، والشابات الشبّان الذين ذاقوا الهوان، وعاينوا الاعتداء، وانتهاك الشرف بالاغتصاب الجماعي أمام الزوج والأخ ليشاهد ما يُفعل بحريمه(27)، وتسويغ الحرام بالزواج الإكراهي من بعض مسلّحي تلك الحركات، سيُعجبون في المقابل بالجنود الفرنسيين الذين دافعوا عنهم، وردوا لهم حريتهم المغتصبة، وسيضعونهم في مقام الأبطال ويقلدونهم.
– إغلاق المدارس لمدة سنتين دراسيتين: إنّ هذه الفترة الزمنية تعدّ خسارة على مستقبل المنطقة وعلى أبناء المسلمين؛ فالأطفال هم مستقبل الأمة.
– هدم البنية التحتية والاقتصادية للمنطقة: إذا كانت جمهورية مالي في طليعة الدول الفقيرة فإن المناطق الشمالية أسوأ حالاً من غيرها، فهل كان ينقصها أيضاً أن يتولى بعض أبنائها خرابها بأيديهم! فقد خربوا المرافق الحكومية وغير الحكومية، من إدارات ومدارس، حتى المستشفيات، ونهبوا الممتلكات الخاصة من المتاجر والمخازن، حتى أثاث البيوت سرقوه.
ثالثاً: الحلول المقترحة لمنع تلك الآثار أو تخفيفها:
لا تخلو الحياة من ابتلاءات ومشكلات، بل لا تحلو بلا مشكلة يسعى الإنسان إلى حلّها، نسأل الله تعالى العافية للمسلمين، إنّ شعب مالي المسلم يتفاءل كثيراً، وذلك لإيمانه الراسخ بأن الله يبتلي عبده ليتضرع إليه بالدعاء، وقد كان كذلك، وكما يعتقد الشخص المالي المسلم بأن العسر إرهاص لليسر، والشدة مقدمة للفرج.
وقد انعقدت مؤتمرات واجتماعات ولقاءات محلية ووطنية للبحث عن حلٍّ نهائي لهذه الأزمة، والعمل على تجنّب تفاقم آثارها.
ومن توصيات تلك اللقاءات:
– تكوين لجنة وطنية شاملة لكلّ الأجناس والقبائل تحقّق في الأحداث، وتحدّد الأطراف المسؤولة عن الفساد، ومحاكمة أكابر مجرمي هذه الأحداث.
– التوعية الشاملة للمواطنين وتحذيرهم من تصفية الحسابات ومحاولة الانتقام، وترسيخ الثقة لديهم بأن المحكمة هي الجهة الوحيدة لإقامة العدل وتسوية الخلافات.
– تفادي المغالطة في القضية، فليس كلّ الطوارق ولا كلّ العرب متمردين، وليس كلّ المتمردين (المسلّحين) من هذين الجنسين، وكون أكثرهم وقادتهم منهما لا يسوِّغ التعميم، بل إنّ ممَّن قام بهذه الأعمال أفراد من أجناس أخرى، ومعظم الطوارق والعرب ضحايا يعيشون في مخميات اللاجئين(28).
– توسيع دائرة الديمقراطية، واللامركزية، والشفافية في الحكم والإدارة.
– انعقاد حوار وطني شامل للمصارحة فالمصالحة.
– إحياء المعاهدات بين القبائل في المناطق الشمالية، وإعادة بنائها على أسس متينة.
– قيام علماء الدين بمهمتهم الإصلاحية بموضوعية، فيراعون الله في كلّ تصرفاتهم، ويجعلون مصلحة الأمة الإسلامية نصب أعينهم.
– مشاركة علماء الدين في اتخاذ القرارت المتعلقة بالمنطقة(29).
خاتمة:
إن الإسلام دين يحترمه العقل، وتطمئن إليه النفس، وعلى المسلم أن يمثّل دينه بأخلاقه حتى يُحترم وتطمئن إليه النفوس. إن المسلمين في غنى عن تقسيم دولهم وشعوبهم، بل يجب عليهم أن يمهّدوا الطريق لتكون أمتهم أمّة واحدة، وعلى المسلمين دعوة غير المسلمين، المجاورين لهم أو المقيمين معهم في دولهم، بالحكمة والموعظة الحسنة والأخلاق المؤثّرة.
الإحالات والهوامش:
(*) أستاذ النحو الوظيفي بالقسم العربي، جامعة الآداب والعلوم الإنسانية، بماكو، مالي>
(1) راجع: مالك انجاي: رسائل الدعوة الإسلامية في غرب إفريقيا، منظمة الدعوة الإسلامية، سنة 1417هـ، ص 1.
(2) راجع: أحمد شلبي: موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، ط 2، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، 1982م، ج 6، ص 114.
(3) انظر: djibril tamsir, le Soudan occidental, ou temps de grand empires xi – xvi, P15.
(4) نفسه، ص 45.
(5) نشر Faudherb بعثاته الأولى على أرض السودان منذ 1850م، بصحبة رحلة النقيب Engene mage.
(6) المشروع بإمضاء René katy، ورئيس الحكومة Guy Mallet، و Hauphaitt Boigny وزير الدولة (رئيس كوت ديفوار الراحل).
(7) عام 1995م قابلت أحد القادة العسكريين للحركة في الرياض بحي منفوحة، وتحدثت معه في الموضوع، وبخاصة قيام غاندا كوي، فقال لي: «إن لشعب سنغاي حقاً في ذلك، لأن الثورة انحرفت حملنا السلاح لنقتل ونقتل، ولكن لا للقتال بين الشماليين».
(8) العرب مواطنون ماليون وليسوا موريتانيين كما وهم الكاتب «سليم زبال» في مجلة العربي، العدد 244، مارس 1979م.
(10) البيان الختامي لندوة التجمّع الثقافي الإسلامي الخامسة والعشرين، المنعقدة بنواكشوط، بمناسبة ذكرى المولد 9 -11 ربيع الأول 1434هـ الموافق لـ 21 – 23 يناير 2013م.
(11) انظر: غوغل العربي: موقع الحوار المتمدن www.ahewar.org – مقالات أبو بكر الأنصاري، السياسة الأمريكية في القارة الإفريقية على ضوء نجاحات الهلال السامي.
(12) نفسه.
(13) الموقع نفسه، والكاتب نفسه، القيادة الأمريكية بين طموح الهلال السامي وسندان عقبة تسييس مكافحة الإرهاب.
(14) راجع: عبدالإله المنصوري: الأمازيغ يتصدون للاختراق الصهيوني، قناة الجزيرة، الثلاثاء، 10/10/1433هـ الموافق 28/8/2012م.
(15) استمعت إلى صوت واشنطن 1990م بعد الأحداث الجزائرية، وقال أحد المعلقين: إن النظام الجزائري نحّى الإسلاميين المعتدلين، وأعطى المتطرفين فرصة سانحة لحمل السلاح.
(16) serge Daniel ,AQMI L’industrie de l’enlèvement, Fayard 2012,P11,113.
(17) serge Daniel, P 241.
(18) نفسه، ص 11.
(19) الشروق الجزائرية، الأحد 27 يناير 2013م.
(20) علاقتي التاريخية بالمجتمع تحت الدراسة, علاقة دين ودعوة منذ عهد أسكيا محمد – ملك سنغاي –، فاستوعبنا مجتمع سنغاي حباً للإسلام، فذبنا فيه استجابة لله سبحانه وتعالى.
(21) أستاذنا عبد الله جارا يقول: إنه استمع إلى برنامج لإذاعة فرنسا عام 1994م، يدعو السلطات في غرب إفريقيا الفرنسية إلى الحذر من خريجي الدول العربية؛ لأنهم سياسيون، واستيعاب الذين درسوا في داخل الدولة. وقد استجاب نظام مالي آنذاك، وعيَّن كثيراً من حاملي الشهادات الثانوية الأهلية في الوظيفة العمومية، وقام بتهميش حاملي الشهادات الجامعية من الدول العربية.
(22) انظر: د. محمد علي التسخيري: كتاب صحيفة الدعوة الإسلامية، ص 32.
(23) حينما اندلعت فتنة الطوارق عام 1990م – 1991م كنّا جلوساً في مصلّى الجامعة الإسلامية بساي بعد صلاة المغرب وننتظر صلاة العشاء، فخاض الأساتذة في الموضوع، من بينهم إداري طارقي يسمّى الفاروق، فقال: إن هؤلاء الشباب ينفّذون مشروعاً يجهلون أهدافه. وقال: إنه اطّلع على هذا المشروع أيام إقامته في ألمانيا، ويقصد منه وقف الزحف الإسلامي القادم من المغرب العربي إلى دول الساحل جنوب الصحراء.
(24) انظر: جريدة Proces Verbal ، أسبوعية، العدد 196، تاريخ 21 يناير 2013م.
(25) انظر: جريدة Procés Verbal ، أسبوعية، العدد 196، تاريخ 21 يناير 2013م.
(26) من إحصائيات منظمة OXFAM، جريدة l’indicateur، العدد 1420، 18/1/2013م.
(27) أدلت امرأة تمبكتوية بشهادتها، وذكرت أن ثلاثة أشخاص هدّدوا زوجها بالسلاح، فاغتصبوها قائلين للرجل: انظر ما نفعل بزوجتك، تلفاز مالي، نشرة الأخبار، 25/1/2013م.
(28) مقابلة تلفزيونية مع السيد أمادو توغو، رئيس جمعية قبائل دوغون 25/1/2013م، مقابلة تلفزيونية مالك الحسين ميغا رئيس تجمعات الجاليات الشمالية في العاصمة، 28/1/2013م، مقابلة تلفزيونية مع السيدة أم ميغا رئيس اتحاد الجمعيات النسائية في مالي، 29/1/2013م.
(29) هذه الأخيرة من توصيات ملتقى مدينة كيدال 2010م، شاركت فيه كلّ القبائل، والهيئات، والجمعيات الشمالية.