قراءات إفريقية
Eng  |  Fr
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
دعاية مجلة قراءات إفريقية
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
    • إرشيف المجلة (إنجليزي)
  • الموسوعة الإفريقية
  • تحليلات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    الدبلوماسيَّة الموازية في إفريقيا:أداة لتعزيز التنمية ومُعالَجة التحديات السياسيَّة والاقتصاديَّة

    الدبلوماسيَّة الموازية في إفريقيا:أداة لتعزيز التنمية ومُعالَجة التحديات السياسيَّة والاقتصاديَّة

    المنتدى الاقتصادي العالمي: مستقبل واعد ينتظر إفريقيا في صناعة أشباه الموصلات

    المساعي الفرنسية للسيطرة على المعادن النادرة في مدغشقر… بين الدوافع والمآلات

    افتتاح الدورة السابعة عشرة من قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية في لواندا

    قراءة تحليلية لقمة الأعمال الأمريكية–الإفريقية: من المساعدات إلى شراكات المصالح

    تقارب اقتصادي بين جنوب إفريقيا ونيجيريا في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي

    تقارب اقتصادي بين جنوب إفريقيا ونيجيريا في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي

    أزمة التغطية الإعلامية في مناطق النزاعات بالقارة السمراء والحلول الممكنة

    التصعيد الإيراني–الإسرائيلي: تداعيات جيوسياسية واقتصادية على إفريقيا جنوب الصحراء

    التصعيد الإيراني–الإسرائيلي: تداعيات جيوسياسية واقتصادية على إفريقيا جنوب الصحراء

    الهُوية الرقمية في إفريقيا بين مزايا الحراك الاقتصادي وتحديات الخصوصية والأمن

    رؤى مستقبلية: إفريقيا وقصة مدينتين

    رؤى مستقبلية: إفريقيا وقصة مدينتين

     محاكمة زعيم المعارضة الأوغندية كيزا بيسيجي تحت المجهر

     محاكمة زعيم المعارضة الأوغندية كيزا بيسيجي تحت المجهر

    • سياسية
    • اقتصادية
    • اجتماعية
  • تقدير موقف
    • جميع المواد
    • اجتماعي
    • اقتصادي
    • سياسي
    أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

    هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

    تحالف معارض جديد بالسنغال يسعى لكسر هيمنة الحكومة

    تصفير الخلافات: دوافع الزيارات السنغالية إلى دول الجوار

    الصراع الإيراني الإسرائيلي: كيف يهدد الاقتصادات الإفريقية؟

    الصراع الإيراني الإسرائيلي: كيف يهدد الاقتصادات الإفريقية؟

    نشر وحدة عسكرية إيفوارية قريبا في إفريقيا الوسطى

    هشاشة متوارثة: معضلات اتفاقات السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى

    دوافع انسحاب رواندا من الجماعة الاقتصاديَّة لدول وسط إفريقيا (إيكاس) وتداعياته المُحتمَلة

    دوافع انسحاب رواندا من الجماعة الاقتصاديَّة لدول وسط إفريقيا (إيكاس) وتداعياته المُحتمَلة

    الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” تحذر من التفكك بعد انفصال مالي والنيجر وبوركينا فاسو

    إلى أيّ مدى تُمثّل التفاهمات بين “الإيكواس” وتحالف دول الساحل مدخلًا فعّالًا لإعادة تشكيل الأمن الجماعي في غرب إفريقيا؟

    تعزيز الشراكات: دوافع مناورة “أيكييمي” الهندية في شرق إفريقيا

    تعزيز الشراكات: دوافع مناورة “أيكييمي” الهندية في شرق إفريقيا

    أمر تنفيذي بوقف المساعدات المالية الأمريكية لجنوب إفريقيا

    ترحيل جماعي نحو إفريقيا: هل ينجح ترامب في تنفيذ أكبر خطة ترحيل للمهاجرين؟

    بين المبادئ والتحديات: ما ملامح مستقبل السياسة الخارجية الجابونية في عهد بريس أوليجي نجيما؟

    بين المبادئ والتحديات: ما ملامح مستقبل السياسة الخارجية الجابونية في عهد بريس أوليجي نجيما؟

  • دراسات
    • جميع المواد
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
    • دراسة سياسية
    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    اقتصاديات الحج وعيد الأضحى: صور من إفريقيا جنوب الصحراء

     دراسة تحليلية لاتفاقية جزر تشاغوس المُوقَّعة بين بريطانيا وموريشيوس 2025م

     دراسة تحليلية لاتفاقية جزر تشاغوس المُوقَّعة بين بريطانيا وموريشيوس 2025م

    مشروع سيماندو الضخم…  عقود ضائعة وإمكانات تنموية هائلة

    مشروع سيماندو الضخم… عقود ضائعة وإمكانات تنموية هائلة

    دراسة تحليلية للقضايا الخلافية في دستور الجابون الجديد 2024م

     دراسة تحليلية للانتخابات الرئاسية في الجابون 2025م

    الخريطة الإعلامية في جمهورية إثيوبيا..النشأة والتطور وتأثير العوامل السياسية والعرقية

    الخريطة الإعلامية في جمهورية إثيوبيا..النشأة والتطور وتأثير العوامل السياسية والعرقية

    عين على إفريقيا (8-16 مارس 2025م)..الكونغو على أعتاب نهب اقتصادي جديد

    “المعادن مقابل الأمن” ومتوالية المقايضات… النسخة الإفريقية

    قراءة تحليلية في التداعيات المحتملة لرفع الرسوم الجمركية الأمريكية على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء

    قراءة تحليلية في التداعيات المحتملة لرفع الرسوم الجمركية الأمريكية على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء

    • دراسة سياسية
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
  • ترجمات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    القرن الإفريقي : حان وقت الدبلوماسية الاستباقية

    القرن الإفريقي : حان وقت الدبلوماسية الاستباقية

    عين على إفريقيا (22- 27 نوفمبر 2024): تداعيات سياسة “أميركا أولًا” في إفريقيا

    الزيارة المُرتَقَبة لخمسة رؤساء أفارقة إلى البيت الأبيض: دوافع اختيار ترامب لهم

    الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

    الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

    التساؤلات العالقة في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

    التساؤلات العالقة في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

    (إيكواس) تنظر في انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر

    هل ستصمد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) حتى عام 2030م؟

    أمر تنفيذي بوقف المساعدات المالية الأمريكية لجنوب إفريقيا

    التساؤلات التي يطرحها الأفارقة حول قرار حظر السفر الذي أصدره الرئيس الأمريكي ترامب

    الجيش المالي يعتقل قياديًا بارزًا في تنظيم الدولة عقب عملية استخباراتية

    الصراع في مالي… ومخاطر اندلاع اضطرابات اجتماعية حرجة

    انتخابات كوت ديفوار الرئاسية 2025م: واستبعاد زعماء المعارضة الأربعة

    انتخابات كوت ديفوار الرئاسية 2025م: واستبعاد زعماء المعارضة الأربعة

     عنصرية قواعد التأشيرات الأوروبية وتعقيدات هجرة العمالة الإفريقية

     عنصرية قواعد التأشيرات الأوروبية وتعقيدات هجرة العمالة الإفريقية

  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الحالة الدينية
    • الملف الإفريقي
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • منظمات وهيئات
    • كتاب قراءات إفريقية
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
    • إرشيف المجلة (إنجليزي)
  • الموسوعة الإفريقية
  • تحليلات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    الدبلوماسيَّة الموازية في إفريقيا:أداة لتعزيز التنمية ومُعالَجة التحديات السياسيَّة والاقتصاديَّة

    الدبلوماسيَّة الموازية في إفريقيا:أداة لتعزيز التنمية ومُعالَجة التحديات السياسيَّة والاقتصاديَّة

    المنتدى الاقتصادي العالمي: مستقبل واعد ينتظر إفريقيا في صناعة أشباه الموصلات

    المساعي الفرنسية للسيطرة على المعادن النادرة في مدغشقر… بين الدوافع والمآلات

    افتتاح الدورة السابعة عشرة من قمة الأعمال الأمريكية الإفريقية في لواندا

    قراءة تحليلية لقمة الأعمال الأمريكية–الإفريقية: من المساعدات إلى شراكات المصالح

    تقارب اقتصادي بين جنوب إفريقيا ونيجيريا في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي

    تقارب اقتصادي بين جنوب إفريقيا ونيجيريا في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي

    أزمة التغطية الإعلامية في مناطق النزاعات بالقارة السمراء والحلول الممكنة

    التصعيد الإيراني–الإسرائيلي: تداعيات جيوسياسية واقتصادية على إفريقيا جنوب الصحراء

    التصعيد الإيراني–الإسرائيلي: تداعيات جيوسياسية واقتصادية على إفريقيا جنوب الصحراء

    الهُوية الرقمية في إفريقيا بين مزايا الحراك الاقتصادي وتحديات الخصوصية والأمن

    رؤى مستقبلية: إفريقيا وقصة مدينتين

    رؤى مستقبلية: إفريقيا وقصة مدينتين

     محاكمة زعيم المعارضة الأوغندية كيزا بيسيجي تحت المجهر

     محاكمة زعيم المعارضة الأوغندية كيزا بيسيجي تحت المجهر

    • سياسية
    • اقتصادية
    • اجتماعية
  • تقدير موقف
    • جميع المواد
    • اجتماعي
    • اقتصادي
    • سياسي
    أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

    هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

    تحالف معارض جديد بالسنغال يسعى لكسر هيمنة الحكومة

    تصفير الخلافات: دوافع الزيارات السنغالية إلى دول الجوار

    الصراع الإيراني الإسرائيلي: كيف يهدد الاقتصادات الإفريقية؟

    الصراع الإيراني الإسرائيلي: كيف يهدد الاقتصادات الإفريقية؟

    نشر وحدة عسكرية إيفوارية قريبا في إفريقيا الوسطى

    هشاشة متوارثة: معضلات اتفاقات السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى

    دوافع انسحاب رواندا من الجماعة الاقتصاديَّة لدول وسط إفريقيا (إيكاس) وتداعياته المُحتمَلة

    دوافع انسحاب رواندا من الجماعة الاقتصاديَّة لدول وسط إفريقيا (إيكاس) وتداعياته المُحتمَلة

    الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” تحذر من التفكك بعد انفصال مالي والنيجر وبوركينا فاسو

    إلى أيّ مدى تُمثّل التفاهمات بين “الإيكواس” وتحالف دول الساحل مدخلًا فعّالًا لإعادة تشكيل الأمن الجماعي في غرب إفريقيا؟

    تعزيز الشراكات: دوافع مناورة “أيكييمي” الهندية في شرق إفريقيا

    تعزيز الشراكات: دوافع مناورة “أيكييمي” الهندية في شرق إفريقيا

    أمر تنفيذي بوقف المساعدات المالية الأمريكية لجنوب إفريقيا

    ترحيل جماعي نحو إفريقيا: هل ينجح ترامب في تنفيذ أكبر خطة ترحيل للمهاجرين؟

    بين المبادئ والتحديات: ما ملامح مستقبل السياسة الخارجية الجابونية في عهد بريس أوليجي نجيما؟

    بين المبادئ والتحديات: ما ملامح مستقبل السياسة الخارجية الجابونية في عهد بريس أوليجي نجيما؟

  • دراسات
    • جميع المواد
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
    • دراسة سياسية
    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    اقتصاديات الحج وعيد الأضحى: صور من إفريقيا جنوب الصحراء

     دراسة تحليلية لاتفاقية جزر تشاغوس المُوقَّعة بين بريطانيا وموريشيوس 2025م

     دراسة تحليلية لاتفاقية جزر تشاغوس المُوقَّعة بين بريطانيا وموريشيوس 2025م

    مشروع سيماندو الضخم…  عقود ضائعة وإمكانات تنموية هائلة

    مشروع سيماندو الضخم… عقود ضائعة وإمكانات تنموية هائلة

    دراسة تحليلية للقضايا الخلافية في دستور الجابون الجديد 2024م

     دراسة تحليلية للانتخابات الرئاسية في الجابون 2025م

    الخريطة الإعلامية في جمهورية إثيوبيا..النشأة والتطور وتأثير العوامل السياسية والعرقية

    الخريطة الإعلامية في جمهورية إثيوبيا..النشأة والتطور وتأثير العوامل السياسية والعرقية

    عين على إفريقيا (8-16 مارس 2025م)..الكونغو على أعتاب نهب اقتصادي جديد

    “المعادن مقابل الأمن” ومتوالية المقايضات… النسخة الإفريقية

    قراءة تحليلية في التداعيات المحتملة لرفع الرسوم الجمركية الأمريكية على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء

    قراءة تحليلية في التداعيات المحتملة لرفع الرسوم الجمركية الأمريكية على بلدان إفريقيا جنوب الصحراء

    • دراسة سياسية
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
  • ترجمات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    القرن الإفريقي : حان وقت الدبلوماسية الاستباقية

    القرن الإفريقي : حان وقت الدبلوماسية الاستباقية

    عين على إفريقيا (22- 27 نوفمبر 2024): تداعيات سياسة “أميركا أولًا” في إفريقيا

    الزيارة المُرتَقَبة لخمسة رؤساء أفارقة إلى البيت الأبيض: دوافع اختيار ترامب لهم

    الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

    الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

    التساؤلات العالقة في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

    التساؤلات العالقة في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية

    (إيكواس) تنظر في انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر

    هل ستصمد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) حتى عام 2030م؟

    أمر تنفيذي بوقف المساعدات المالية الأمريكية لجنوب إفريقيا

    التساؤلات التي يطرحها الأفارقة حول قرار حظر السفر الذي أصدره الرئيس الأمريكي ترامب

    الجيش المالي يعتقل قياديًا بارزًا في تنظيم الدولة عقب عملية استخباراتية

    الصراع في مالي… ومخاطر اندلاع اضطرابات اجتماعية حرجة

    انتخابات كوت ديفوار الرئاسية 2025م: واستبعاد زعماء المعارضة الأربعة

    انتخابات كوت ديفوار الرئاسية 2025م: واستبعاد زعماء المعارضة الأربعة

     عنصرية قواعد التأشيرات الأوروبية وتعقيدات هجرة العمالة الإفريقية

     عنصرية قواعد التأشيرات الأوروبية وتعقيدات هجرة العمالة الإفريقية

  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الحالة الدينية
    • الملف الإفريقي
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • منظمات وهيئات
    • كتاب قراءات إفريقية
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
قراءات إفريقية
Eng  |  Fr
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج

دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

د.مجدي محمد محمود آدم ـ مصربقلم د.مجدي محمد محمود آدم ـ مصر
يوليو 1, 2025
في دراسات وبحوث, دراسة سياسية, مميزات
A A
دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

مقدمة:

تربط جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا علاقة مُعقَّدة، تتَّسم بالصراع، وإمكانية التعاون الاقتصادي. ويهدف اتفاق السلام الأخير المُوقَّع بينهما، إلى إنهاء أقدم الصراعات بالقارة الافريقية، والذي دام نحو ثلاثين عامًا؛ حيث توسطت فيه الولايات المتحدة وقطر، وتم التوقيع عليه يوم الجمعة 27 يونيو 2025م، وكذلك يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين بعد سنوات من الصراع، لا سيما في شرق الكونغو الغني بالمعادن.

وتضمَّن الاتفاق أحكامًا تتعلق بإطار عمل للتكامل الاقتصادي الإقليمي، وجذب الاستثمارات الغربية إلى قطاعَي التعدين في كلا البلدين، مما قد يُتيح للولايات المتحدة الوصول إلى هذه المعادن الحيوية. كما يدعو الاتفاق إلى التعاون بشأن الأولويات المشتركة مثل تطوير الطاقة الكهرومائية، وإدارة المتنزهات الوطنية، وتطوير سلاسل قيمة معدنية شفَّافة.

اقرأ أيضا

القرن الإفريقي : حان وقت الدبلوماسية الاستباقية

الزيارة المُرتَقَبة لخمسة رؤساء أفارقة إلى البيت الأبيض: دوافع اختيار ترامب لهم

الدبلوماسيَّة الموازية في إفريقيا:أداة لتعزيز التنمية ومُعالَجة التحديات السياسيَّة والاقتصاديَّة

 ومع ذلك، فقد تعرّض الاتفاق لانتقادات بسبب غموضه فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي وإمكانية استغلال الموارد.

 ومن هذا المنطلق، نحاول من خلال تلك الدراسة تسليط الضوء على اتفاق السلام المُوقَّع بين البلدين، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية فيه، وتداعياته الاقتصادية المختلفة، فضلًا عن تقييم جوانبه الأمنية، واحتمالات نجاح المقايضة التي قام بها الرئيس ترامب، من خلال المحاور التالية:

أولًا: العلاقات التجارية بين الكونغو الديمقراطية ورواندا.. نظرة سريعة.

ثانيًا: اتفاق السلام.. التوقيع والنص.

ثالثًا: قراءة في البنود الاقتصادية.                

رابعًا: تقييم البنود الاقتصادية.. الفرص والتحديات.

خامسًا: تحليل البنود الأمنية.

سادسًا: تقييم البنود الأمنية.. الواقع والمتفق عليه.

سابعًا: موقف الأطراف الثالثة من اتفاق السلام.

أولاً: العلاقات التجارية بين الكونغو الديمقراطية ورواندا… نظرة سريعة

 في عام ٢٠٢٢م، كانت الكونغو الديمقراطية الوجهة الرئيسية الثانية لصادرات رواندا؛ حيث تلقَّت ٤١٠ ملايين دولار، أي ما يعادل حوالي ٣٠٪ من صادرات رواندا إلى أهم خمس وجهات في عام ٢٠٢٢م.([1])

شكل (1)

أهم خمسة شركاء لرواندا (الصادرات، بملايين الدولارات)

 Source: adapted from UNCTAD, 2024

بينما تراجعت حصة صادرات رواندا إلى الكونغو الديمقراطية كنسبة من إجمالي صادرات منتجات النقل من 44.9% عام 2012م إلى أقل من 1% عام 2022م.

شكل (2)

صادرات رواندا من منتجات النقل إلى الكونغو الديمقراطية كنسبة من الإجمالي (2010- ٢٠٢٢م)

Source: World Bank, Rwanda Transportation Export Product Share to Congo, Dem. Rep in % 1988-2022.at:

https://wits.worldbank.org/CountryProfile/en/Country/RWA/StartYear/1988/EndYear/LTST/TradeFlow/Export/Indicator/XPRT-PRDCT-SHR/Partner/ZAR/Product/86-89_Transport

 وعند تطبيق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، تُقدِّر اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة زيادة الصادرات البينية الإفريقية من شرق إفريقيا بأكثر من مليار دولار. الصادرات الرواندية إلى الكونغو الديمقراطية ستزداد بأكثر من 56 مليون دولار، بمجرد تطبيق منطقة التجارة الحرة بالكامل. وعلى المستوى الإقليمي، وستكون القطاعات المستفيدة تلك المُولِّدة للوظائف مثل الأغذية المُصنّعة والصناعات الخفيفة والمنسوجات، مما يخلق مليوني وظيفة إضافية في شرق إفريقيا.([2])  فضلًا عن توقيع الدولتين اتفاقية بين الدولتين بشأن تشجيع وحماية الاستثمار في عام 2021م. ([3])

 أما على جانب التجارة غير الرسمية على الحدود بين البلدين، فتشهد المعابر بينهما، وخاصةً معبر بيتيت/بويدس حركة دائمة؛ إذ يساهم في عبور ما بين 60000 و100000 رحلة حدودية يوميًّا. هذه المعابر الحدودية واحدة من أكثر طرق التجارة غير الرسمية قيمة في العالم. ازدادت أهميتها مع زيادة الصادرات غير الرسمية إلى الكونغو الديمقراطية من 98 مليون دولار في عام 2017م إلى 133 مليون عام 2022م، وتُعدّ هذه الممرات غير الرسمية مصدرًا مربحًا وحيويًّا لسبل العيش للسكان المحليين في رواندا([4]).

ومن ناحية أخرى، لطالما كان شرق الكونغو بوتقةً للمعاناة الإنسانية؛ حيث تُمثّل ثروتها المعدنية الهائلة مكافأةً ونقمةً في آنٍ واحدٍ. لقد أدَّى هذا الثراء المعدني إلى صراعٍ لا هوادة فيه، مما ساهم في واحدة من أطول الأزمات الإنسانية في العالم، مع نزوح ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص وتفشّي الأمراض بشكل منتظم.

وتُعدّ جماعة “إم23” المتمردة -التي يُعتَقَد على نطاق واسع أنها مدعومة من رواندا، رغم نفي كيغالي-، لاعبًا رئيسيًا في دائرة العنف هذه؛ حيث أفادت التقارير بأنها تجني مبالغ شهرية طائلة من خلال فرض ضرائب غير مشروعة، والسيطرة على مناطق التعدين مثل روبايا.

ويُبرز تجدُّد ظهور الجماعة، بالتزامن مع ارتفاع الطلب العالمي على المعادن الإستراتيجية، مدى رسوخ المصالح الاقتصادية في عدم استقرار المنطقة.([5])

ثانيًا: اتفاق السلام… التوقيع والنص

وقَّعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام بوساطة أمريكية يوم الجمعة، 27 يونيو 2025م. مما أنعَش الآمال في إنهاء القتال الذي أَوْدَى بحياة الآلاف وشرَّد مئات الآلاف. ويُمثّل الاتفاق انفراجة في المحادثات التي أجرتها إدارة الرئيس ترامب، بهدف جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الغربية إلى منطقة غنية بالتنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم ومعادن أخرى. وفي حفلٍ حضَره وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن، وقَّع وزيرا خارجية البلدين الإفريقيين الاتفاق، مُتعهّدين بتنفيذ اتفاق عام 2024م، الذي من شأنه أن يشهد انسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو في غضون 90 يومًا، وفقًا لنسخة وقَّعتها الفِرَق الفنية بالأحرف الأولى الأسبوع الماضي. وجاء في الاتفاق أن كينشاسا وكيغالي ستُطلقان أيضًا إطارًا للتكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يومًا.([6])

 وحدَّد البيان المشترك الصادر عن محادثات السلام في واشنطن أحكامًا موحدة تتعلق بسلامة الأراضي ونزع السلاح وعودة اللاجئين. ومع ذلك، ظلّ النص الرسمي صامتًا بشكل واضح بشأن قطاع المعادن. وهذا الإغفال يُشير إلى الكثير. ووفقًا لتقارير متعددة، جاء تجديد الضغط الدبلوماسي لإدارة ترامب في أعقاب عرض الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي تسهيل الاستثمار الأمريكي المباشر في الثروة المعدنية للبلاد. كما تشير مصادر مطّلعة إلى أن مفاوضات متوازية، وإن كانت مترابطة، جارية لإبرام اتفاقية معادن أوسع بين الولايات المتحدة والكونغو الديمقراطية. بهدف تعزيز وصول الولايات المتحدة إلى الموارد الحيوية ومواجهة هيمنة الصين الراسخة على سلاسل التوريد الإفريقية، وهي لعبة جيوسياسية واضحة في السباق العالمي على المعادن الإستراتيجية.([7])

 وقد جاء نص الاتفاق كالتالي: إن حكومة الكونغو الديمقراطية وحكومة رواندا (المشار إليهما فيما يلي بـ”الطرفان”): إذ يؤكدان من جديد الالتزام المتبادل باحترام إعلان المبادئ الذي وقَّعه الطرفان في 25 أبريل 2025م، على أساس الاحترام المتبادل للسيادة والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتسوية السلمية للنزاعات؛ ملتزمون بتعزيز الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛ يُوافق الطرفان بموجب هذا على الالتزام بالأحكام التالية:([8])

  1. سلامة الأراضي وحظر الأعمال العدائية: يتفق الطرفان على الشروط التالية لضمان احترام سلامة الأراضي وتعزيز العلاقات السلمية:
  • احترام سلامة أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية: فك ارتباط القوات/رفع التدابير الدفاعية من جانب رواندا: يتفق الطرفان على تنفيذ الخطة المنسَّقة لتحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وفك ارتباط القوات/رفع التدابير الدفاعية من جانب رواندا المؤرخة في 31 أكتوبر 2024، على النحو المنصوص عليه في هذه الاتفاقية.
  • احترام سلامة أراضي جمهورية رواندا: تحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا: يتفق الطرفان على تنفيذ الخطة المنسقة لتحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وفك ارتباط القوات/رفع التدابير الدفاعية من جانب رواندا المؤرخة 31 أكتوبر 2024، على النحو المنصوص عليه في هذه الاتفاقية.
  • الحل السلمي للنزاعات: يتفق الطرفان على حل الخلافات من خلال العمليات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات ذات الصلة، بدلاً من الأعمال العدائية.
  • حظر الأعمال العدائية: يتفق الطرفان على الامتناع عن أيّ أعمال عدوانية. ويتفق الطرفان على عدم الانخراط في أو دعم أو التغاضي عن أيّ توغلات عسكرية أو أعمال أخرى، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، تُهدّد السلام والأمن، أو تقوّض سيادة الطرف الآخر أو سلامة أراضيه.
  • حظر دعم الأعمال العدائية أو الجماعات المسلحة: لا يسمح الطرفان بأيّ أنشطة عسكرية أو أنشطة عدائية أخرى ضد بعضهما البعض على أراضيهما أو انطلاقًا منها، ولا يُقدِّمان الدعم لمثل هذه الأنشطة في الخارج. ولتحقيق هذه الغاية، يتعهَّد الطرفان بالعمل على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم بدء أو تخطيط أو تنفيذ أو توجيه أو تمويل مثل هذه الأنشطة من أراضيهما تجاه بعضهما البعض.
  • النطاق الإقليمي: يسري حظر الأعمال العدائية دون قيود جغرافية، بغضّ النظر عن موقع القوات المسلحة المعنية.
  • المسؤولية تجاه الجماعات المسلحة غير الحكومية: تتخذ الأطراف جميع التدابير الممكنة لضمان توقُّف جميع الجماعات المسلحة داخل منطقة النزاع عن المشاركة في الأعمال العدائية التي تتعارض مع حظر الأعمال العدائية المنصوص عليه في هذه الاتفاقية.
  • حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني: تُسهِّل الأطراف حرية تنقل المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني. ويجب على الأطراف الامتثال للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك في تنفيذ هذه الاتفاقية.

٢. فك الارتباط ونزع السلاح ودمج الجماعات المسلحة غير الحكومية: لتعزيز نهاية دائمة للصراع، ولإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للمنطقة، تدعم الأطراف المفاوضات الجارية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة ٢٣ مارس بوساطة دولة قطر في الدوحة، والجهود المبذولة لنزع سلاح الجماعات المسلحة غير الحكومية وتسريحها. ويشمل ذلك ما يلي:

  • إنهاء دعم الدولة للجماعات المسلحة: يُوقِف الطرفان فورًا، ودون قيد أو شرط، أيّ دعم حكومي للجماعات المسلحة غير الحكومية، باستثناء ما هو ضروري لتسهيل تنفيذ هذا الاتفاق.
  • فك الارتباط: بطريقة متسلسلة ومنسقة مع فكّ ارتباط القوات، وكما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الأخرى المقبلة، تدعم الأطراف فك ارتباط الجماعات المسلحة غير الحكومية ونزع سلاحها ودمجها، كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات أو العمليات الأخرى وعملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج المجتمعي وتحقيق الاستقرار (P-DDRCS) وآلية تنسيق الأمن المشتركة كما هو منصوص عليه في القسم 3 من هذه الاتفاقية.
  • الدمج المشروط في قوات الأمن: يجب أن تتم أيّ إعادة دمج محتملة للمقاتلين في القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية (FARDC)، والشرطة الوطنية الكونغولية (PNC) بطريقة صارمة وفردية ومشروطة، على أساس كلّ حالة على حدة، بناءً على معايير واضحة، بما في ذلك اللياقة المعنوية والبدنية، وعلى وجه الخصوص، احترام وغياب الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والولاء للدولة ومؤسساتها.

٣. آلية التنسيق الأمني ​​المشتركة:

  • تعمل الأطراف معًا ومع الشركاء الإقليميين والدوليين لتعزيز الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة، مُدركةً أن السلام والازدهار مترابطان.
  • ويُنشئ الطرفان بموجب هذا، ويتفقان على إطلاق آلية تنسيق أمني مشتركة بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، تعمل فقط وفقًا للشروط التي يتفق عليها الطرفان، في غضون 30 يومًا من دخول هذه الاتفاقية حيّز النفاذ. وتضع آلية التنسيق الأمني ​​المشتركة إجراءات تشغيل مشتركة وآليات إبلاغ لضمان الشفافية في نطاق العمليات ونطاقها. وتخضع آلية التنسيق الأمني ​​المشتركة للمبادئ التالية وخطة التنفيذ الموضحة في الملحق.
  • إنهاء دعم الدولة للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا والجماعات المسلحة المرتبطة بها، بشكل لا رجعة فيه وقابل للتحقق، والحظر التام لجميع أنواع الدعم المادي واللوجستي والمالي وغيره من أشكال الدعم المحلي والأجنبي.
  • الالتزام بتحديد مواقع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وتقييمها وتحديدها وتحييدها وفقًا للأحكام ذات الصلة من الخطة المنسقة لتحييد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وفك ارتباط القوات/رفع التدابير الدفاعية من جانب رواندا المؤرخة في 31 أكتوبر 2024، والمنصوص عليها في عملية لواندا.
  • الالتزام بالبناء على ترتيبات التعاون الأمني ​​الثنائي الناجحة السابقة؛ حيث تكون العمليات محددة الأهداف ودقيقة وموجَّهة نحو تهديد مُحدَّد.
  • حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي؛ وتقوم الأطراف، بدعم من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الصلة والمجتمع الدولي، بما يلي:
  • عودة اللاجئين: تسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين، بالتنسيق مع السلطات الإقليمية و/أو العرفية في الدول المعنية، إلى بلدانهم الأصلية، بما يتوافق مع التزاماتها القانونية الدولية وأحكام الاتفاقيات الثلاثية بشأن العودة الطوعية للاجئين الكونغوليين والروانديين، المُوقَّعة في كيغالي، في ١٧ فبراير ٢٠١٠م، بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مع الاعتراف بالمساهمة الإيجابية لهذه الآلية.
  • النازحون داخليًّا: يقرون بضرورة إنهاء النزاع لتمكين عودة النازحين داخليًّا إلى مواطنهم الأصلية، بالتنسيق مع السلطات الإقليمية والعرفية في دولة الكونغو.
  • المساعدة الإنسانية: تهيئة الظروف الملائمة لإيصال الإغاثة الطارئة، وضمان وصول الوكالات الإنسانية بحرية وأمان ودون عوائق وشروط إلى الفئات السكانية الضعيفة، بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتتولى السلطات المحلية في جمهورية الكونغو الديمقراطية مسؤولية القيام بذلك تحت إشراف الحكومة المركزية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

٥. بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) وأشكال الدعم المتعددة الأطراف الأخرى: يدعم الطرفان ويعززان جهود قوات وآليات حفظ السلام والتنسيق بين المواقع والتحقق متعددة الأطراف:

  • يُسهّل الطرفان ويدعمان قدرة بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية على حماية السكان المدنيين وتنفيذ جميع عناصر ولايتها، بما في ذلك احترام حرية تنقلها واتخاذ جميع التدابير المناسبة لضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة المنتشرين في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
  • يلتزم الطرفان بالمُضي قُدُمًا في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٧٣ (٢٠٢٥) وقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة.
  • يُقِرّ الطرفان بأن بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفقًا لتفويضها الوارد في قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٦٥ (٢٠٢٤)، تؤدي دورًا هامًّا في السلام والأمن المحليين.

٦. إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي:

  • يتفق الطرفان على إطلاق إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي المرحلي، في غضون ثلاثة أشهر من دخول هذه الاتفاقية حيّز النفاذ، على أن يُحدَّد في اتفاقية منفصلة تُسمَّى “إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي”، والذي يعتمد على الجهود القائمة، مثل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والمؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى، والسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا، وجماعة شرق إفريقيا. ويستخدم الطرفان هذا الإطار لتوسيع التجارة والاستثمار الأجنبيين المستمدين من سلاسل توريد المعادن الإقليمية الحيوية، وإدخال مزيد من الشفافية، مما يضمن سدّ الطرق الاقتصادية غير المشروعة، ويُحقّق كلا الطرفين ازدهارًا أكبر -لا سيما لسكان المنطقة- من مواردها الطبيعية من خلال شراكات وفرص استثمارية متبادلة المنفعة.
  • التكامل الثنائي: بموجب هذا الإطار، سيُطلق الطرفان و/أو يوسعان التعاون بشأن الأولويات المشتركة، مثل إدارة المتنزهات الوطنية؛ وتطوير الطاقة الكهرومائية؛ وتقليل مخاطر سلاسل توريد المعادن؛ والإدارة المشتركة لموارد بحيرة كيفو؛ وسلاسل قيمة معدنية شفافة ورسمية شاملة (من المنجم إلى المعدن المُعالج)، تربط كلا البلدين، بالشراكة، بحسب الاقتضاء، مع حكومة الولايات المتحدة والمستثمرين الأمريكيين.
  • التكامل الإقليمي: بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الأطراف، مع شركائها الرئيسيين، باستكشاف خيارات ربط الإطار بمبادرات التنمية الاقتصادية الدولية أو الإقليمية الأخرى، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية.
  • الرقابة الاقتصادية: تُنشئ الأطراف أو تستخدم آليات مستقلة للتدقيق الاقتصادي ومكافحة الفساد لمراقبة سلاسل توريد المعادن، ومشاريع البنية التحتية، وأيّ اتفاقيات اقتصادية مستقبلية بين الأطراف، على النحو المنصوص عليه في إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي.

٧. التنفيذ وحلّ النزاعات

 يُحَلّ أيّ نزاع ينشأ عن تنفيذ هذه الاتفاقية وديًّا بين الطرفين، بوساطة لجنة الرقابة المشتركة، بناءً على طلب أيٍّ منهما. في حال عدم نجاح الطرفين في حل النزاع، يُحيل الطرفان الأمر إلى لجنة الرقابة المشتركة للوساطة. وتُنشئ الأطراف بموجب هذا لجنة رقابة مشتركة، يكون الأطراف أعضاء في اللجنة، ويدعون في غضون ثلاثة أيام الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية التالية للانضمام إلى لجنة الرقابة المشتركة: مُيسِّر الاتحاد الإفريقي، قطر، الولايات المتحدة الأمريكية، وتتولى اللجنة المهام التالية:

  • تلقي شكاوى الأطراف بشأن انتهاكات هذه الاتفاقية وحل النزاعات الناشئة عنها؛ اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الانتهاكات؛ رصد ودراسة ادعاءات الانتهاكات وحل النزاعات؛ يجوز للجنة تعيين ممثل آخر أو إنشاء آلية خاصة مناسبة للمساعدة في حل أيّ نزاع يتعلق بهذه الاتفاقية؛ تسعى اللجنة إلى اتخاذ القرارات وحل النزاعات بالتوافق. تسعى اللجنة الأولمبية المشتركة إلى وضع اختصاصاتها في أول اجتماع لها.
  • يُعقد أول اجتماع للجنة الرقابة المشتركة في أقرب وقت ممكن، على ألا يتجاوز 45 يومًا من تاريخ دخوله حيّز النفاذ. يبحث الطرفان إمكانية استضافة الاجتماع الأول للجنة في واشنطن العاصمة.
  • لا تُلزم هذه الاتفاقية أيّ دولة غير طرف عضو في لجنة الرقابة المشتركة بأي التزامات.
  1. الأحكام الختامية:
  • تظل هذه الاتفاقية سارية المفعول إلى أجلٍ غير مسمى، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
  • يجوز لأيٍّ من الطرفين إنهاء هذه الاتفاقية في أيّ وقت بموجب إشعار كتابي مُوجَّه إلى الطرف الآخر قبل ستة (6) أشهر.
  • يجوز تعديل هذه الاتفاقية بموافقة كتابية من الطرفين.
  • يُعتبر الملحق جزءًا لا يتجزأ من هذه الاتفاقية.
  1. دخول هذه الاتفاقية حيّز النفاذ:
  • تدخل هذه الاتفاقية حيّز النفاذ، وتسري الالتزامات الواردة فيها، اعتبارًا من تاريخ توقيعها.

ثالثًا: قراءة في البنود الاقتصادية

تمتلك الكونغو الديمقراطية احتياطيات هائلة غير مستغلَّة من الثروة المعدنية، تُقدَّر قيمتها بحوالي 24 تريليون دولار. وقد صرّحت بأنها تخسر ما يقارب مليار دولار من المعادن في تجارة غير مشروعة تسهّلها الحرب. وقد تم التوسط في الاتفاقية من خلال مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي وصهر ابنة ترامب، تيفاني، الذي عيّنه الرئيس الأمريكي مستشارًا أول للشؤون الإفريقية.([9])

وقد سبق وصرَّح بولس، أن واشنطن ترغب في توقيع اتفاق السلام وصفقات المعادن المصاحبة له في وقت واحد هذا الصيف. ومع ذلك، فإن الاتفاق الموقّع يوم الجمعة يمنح الكونغو ورواندا مهلة ثلاثة أشهر لإطلاق إطار عمل “لتوسيع التجارة الخارجية والاستثمارات المستمدة من سلاسل توريد المعادن الإقليمية الحيوية”. وتنصّ الاتفاقية أن الجارتين ستُقللان مخاطر سلاسل توريد المعادن، وستُنشآن سلاسل قيمة “تربط البلدين، بالشراكة، بحسب الاقتضاء، مع الولايات المتحدة والمستثمرين الأمريكيين”؛ وفقًا للنسخة الموقّعة بالأحرف الأولى. ([10])

 ونتيجةً للاتفاق، تُجري الولايات المتحدة حاليًّا مفاوضات بشأن اتفاقية معادن مع الكونغو الديمقراطية، واتفاقية منفصلة مع رواندا، والتي من المتوقع أن تجلب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأمريكية إلى المنطقة. التي يتدفق منها العديد من المعادن الأساسية للتكنولوجيا الحديثة. ولقد وضعت الأهمية الإستراتيجية لهذه الموارد الكونغو في قلب الحسابات الجيوسياسية الأمريكية في إفريقيا؛ حيث تمتلك الكونغو الديمقراطية 60% من احتياطيات الكولتان العالمية. كما أنها أكبر مُنتِج للكوبالت في العالم؛ حيث بلغت حصتها حوالي 70% من الإنتاج العالمي عام 2024م. ويُشكّلان العمود الفقري للاقتصاد الرقمي العالمي والبنية التحتية للطاقة النظيفة. كما تُوفّر رواسب الكولتان في البلاد معدن التنتالوم، وهو معدن أساسي لتصنيع المكثفات المستخدمة في جميع الأجهزة الإلكترونية تقريبًا. كما تمتلك احتياطيات كبيرة من العناصر الأرضية النادرة الأخرى التي تدعم تصنيع التكنولوجيا، وهي ذات أهمية كبيرة للولايات المتحدة.

 وفي الوقت الحالي، تُهيمن الشركات الصينية إلى حدّ كبير على قطاع التعدين هناك، وما يقرب من 80% من إجمالي إنتاج مناجم الكوبالت.

ومما يزيد هذا الوضع تعقيدًا اكتساب رواندا نفوذًا كبيرًا في مجال استخراج المعادن في شرق الكونغو من خلال دعمها لجماعة “إم23” المتمردة التي تُقاتل جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد احتكرت الجماعة تصدير الكولتان إلى رواندا، وتشير التقديرات إلى أن المتمردين في شرق الكونغو صدّروا ما لا يقل عن 150 طنًّا متريًّا من الكولتان إلى رواندا بشكل احتيالي العام الماضي.

 وقد سعت الولايات المتحدة جاهدةً لتعزيز مرونة سلسلة التوريد وضمان وصول الأمريكيين إلى هذه المعادن الحيوية. بل وتعهدت بتقديم حوالي 4 مليارات دولار لمشروع ممر لوبيتو، وهو مبادرة بنية تحتية تربط ساحل أنجولا الأطلسي بجمهورية الكونغو الديمقراطية عبر زامبيا.

 حتى قبل عودة ظهور حركة “إم23″، دفعت التحديات المالية وقصر النظر العديد من شركات التعدين الأمريكية الرائدة إلى تقليص وجودها في الكونغو. فمثلًا في أعقاب قرارات استثمارية سيئة في قطاع النفط، باعت شركة فريبورت-ماكموران، ومقرها أريزونا، وهي إحدى أكبر شركات التعدين الأمريكية، حصتها في منجم تينكي الكونغولي في عام 2016م إلى شركة الموليبدينوم، وهي شركة تعدين صينية. على الرغم من إدراكها لأهمية المعادن الحيوية في المنطقة، إلا أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت في توفير حوافز كافية لتشجيع الشركات الأمريكية على مواصلة نشاطها في المنطقة.

 إن إنهاء الحرب من شأنه أن يُزيل أحد أكبر العوامل المثبطة للاستثمار في المنطقة، مما يفتح الباب أمام استثمارات أكبر من القطاع الخاص الأمريكي في وسط إفريقيا. من بين الشركات التي تستعدّ للاستفادة شركة كوبولد للمعادن، التي أعلنت أنها ستُوسِّع عملياتها في الكونغو الديمقراطية. بل وتوصَّلت إلى اتفاق مبدئي لشراء حصة شركة تعدين أسترالية في رواسب الليثيوم الكونغولية.

 ويُعدّ اهتمام كوبولد بالكونغو مهمًّا لأن كبار المستثمرين فيها ساهموا في جهود ترامب السياسية. مارك أندريسن، الذي تمتلك شركته أكبر حصة في شركة كوبولد ميتالز والذي عمل مع وزارة كفاءة الحكومة التابعة لترامب، بالإضافة إلى مُموِّل آخر من شركة كوبولد، بن هورويتز، تبرَّع كلّ منهما بمبلغ 2.5 مليون دولار للجنة العمل السياسي الداعمة لترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وساهم داعمون أثرياء ومؤثرون آخرون لشركة كوبولد -مارك زوكربيرج من ميتا، وجيف بيزوس من أمازون، وسام ألتمان من أوبن إيه آي، وبيل جيتس من مايكروسوفت- بمليون دولار في حفل تنصيب ترامب.

 كما يوفر اتفاق السلام فرصة للترويج للصناعات الأمريكية التي تعتمد بشكل كبير على المعادن الحيوية. ومن شأنها أن تسمح لواشنطن بالرد على البصمة الاقتصادية العالمية المتزايدة لبكين، دون المخاطرة بتصعيد عسكري مباشر بينهما في وسط إفريقيا.

 وإدراكًا منها لذلك، لعب فريق ترامب دورًا مباشرًا في محاولة الحفاظ على الوجود الأمريكي في قطاع التعدين هناك. ففي مارس، عندما كانت جماعة “إم23” تشنّ هجومًا على منجم بيسي للقصدير، الذي ينتج حوالي 6% من إمدادات القصدير العالمية، وتديره شركة ألفامين المملوكة جزئيًّا للولايات المتحدة، وورد أن الحكومة الأمريكية تدخلت للتفاوض على صفقة، مما سمح لشركة ألفامين بمواصلة عملياتها دون خوف من أيّ هجوم. ومع ذلك، لم يكن هذا التدخل كافيًا للاحتفاظ بالحصة الأمريكية في أحد أكبر مناجم القصدير في العالم. ففي أوائل يونيو، ورد أن شركة ألفامين وافقت على بيع حصتها لشركة إماراتية.([11])

 كما يتضمن اتفاق السلام إطارًا اقتصاديًّا إقليميًّا يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتسهيل الاستثمار الأمريكي والإقليمي في الكونغو الديمقراطية ورواندا. وتُركّز الجوانب الاقتصادية للاتفاق على الاستثمار الأمريكي في جوانب المنبع والمصبّ لسلاسل توريد المعادن الحيوية لكل دولة. وقد أفاد موقع “أفريكا إنتليجنس” في أواخر مايو أن تشيسكيدي عرض على الولايات المتحدة صفقة معدنية بقيمة 3 تريليونات دولار. كما يتضمن الاتفاق استثمارات وتعاونًا أمريكيًّا بين الدول الثلاث في قطاعات مثل السياحة والطاقة الكهرومائية.([12])

حيث اشتمل على الخطوط العريضة لاتفاقية تكامل اقتصادي منفصلة بين البلدين، على أن تُبرم في غضون ثلاثة أشهر. كما أن مسودة الإطار الاقتصادي تتضمن خططًا لتقاسم عائدات المعادن، والبنية التحتية للنقل بالسكك الحديدية والطرق، وتطوير محطة للطاقة الكهرومائية بقيمة 760 مليون دولار على حدود البلدين. وقد يتعاون البلدان أيضًا في إنتاج الكهرباء من غاز الميثان داخل بحيرة كيفو، التي تمتدّ أيضًا عبر الحدود. بل وتراهن إدارة ترامب على أن تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، وجارتيهما بوروندي وأوغندا، سيزيد من فرص نجاح اتفاق السلام.([13])

وتُعلّق الولايات المتحدة استثمارات محتملة عبر وكالات مثل مؤسسة تمويل التنمية الدولية لتشجيع الطرفين على احترام الاتفاق. وأحد العناصر الرئيسية للاتفاق الاقتصادي هو تطوير محطة روزيزي 3 للطاقة الكهرومائية المتوقفة منذ فترة طويلة على الحدود المشتركة، والتي ستُوفّر لرواندا والكونغو وبوروندي 206 ميغاواط، يمكن استخدام جزء منها لمعالجة القصدير والتنتالوم والتنغستن والذهب. كما ينصّ الإطار على أن تُزوّد الكونغو رواندا بالمعادن للمعالجة؛ شريطةَ أن تحصل في المقابل على إتاوات وحقوق ملكية في المحطات. كما أن الدول ستساعد أيضًا في منع الجماعات المسلحة من الاستفادة من تجارة المعادن غير المشروعة، وستقدم إحصاءات التعدين في أوقات محددة. ([14])

رابعًا: تقييم البنود الاقتصادية… الفرص والتحديات

 اتُّهمت رواندا باستغلال معادن شرق الكونغو، وهو اتجاهٌ يرى المحللون أنه قد يُصعِّب على رواندا عدم التدخل بأيّ شكل من الأشكال في المنطقة. وزعم فريق من خبراء الأمم المتحدة في تقريرٍ صدر في ديسمبر أن “الاستخراج والتجارة والتصدير الاحتيالي للمعادن (الكونغو) إلى رواندا، أفاد كلاً من حركة تحرير الكونغو/حركة 23 مارس والاقتصاد الرواندي”.([15])

 يخشى بعض المحللين من بُعْدٍ استغلاليٍّ لاتفاق السلام. وقد وُجِّهَت انتقادات لضعف صياغة التعاون الاقتصادي بين الكونغو الديمقراطية ورواندا والولايات المتحدة؛ نظرًا لوفرة الثروة المعدنية في المنطقة. وأشارت إدارة ترامب إلى أنها تريد توسيع نفوذها في إفريقيا. كما يُقْصِي الاتفاق أطرافًا إفريقية رئيسية سعت مؤخرًا إلى التوسط وتحقيق الاستقرار في المنطقة. وكذا يستبعد كلًّا من جماعة شرق إفريقيا (EAC) وجماعة تنمية الجنوب الإفريقي (SADC) تمامًا من الاتفاق، بعد أن سحبتا قواتهما من المنطقة مؤخرًا في بعض الحالات.([16])

 تُعدّ هذه الصفقة أيضًا محور جهود أمريكا لمواجهة النفوذ الصيني في إفريقيا. ولطالما كانت الشركات الصينية من أبرز اللاعبين في قطاع المعادن في الكونغو. وتعتمد مصافي الكوبالت الصينية، التي تُشكِّل غالبية الإمدادات العالمية، اعتمادًا كبيرًا على الكونغو.([17]) وتُشكّل الاتفاقية تحديًا لنفوذ الصين في المنطقة. وتُختبر قدرتها على إدارة المنطقة والحفاظ على مصالحها الاقتصادية، ومِن ثَمَّ يتأثر موقف الصين بشكل غير مباشر باتفاقية السلام.([18])

وعلى الرغم من اعتبار اتفاقية السلام بمثابة تطوُّر يهدف إلى إخماد عقود من الصراع الوحشي في منطقة البحيرات العظمى، ويوفّر الوقف الفوري للأعمال العدائية هدنة تشتد الحاجة إليها؛ إلا أن الاتفاقية، تأتي بنبرة مُقلقة: شبح استغلال الموارد، مُموّهًا ببراعة انتصار دبلوماسي. إن صفقة “السلام مقابل الاستغلال” الناشئة هذه هي صفقة لا ينبغي أبدًا إجبار الدول الإفريقية، ولا سيما الكونغو الديمقراطية، على قبولها في نظام عالمي ما بعد الاستعمار.

 تُخاطر “اتفاقية السلام” هذه بأن تصبح أداة أخرى من أدوات الاستعمار الجديد. في هذا السياق، لا يُستخدم رأس المال الأجنبي للبناء، بل للاستخراج؛ ممَّا يُعمِّق الفجوة بين الدول الإفريقية الغنية بالموارد والاقتصادات الاستهلاكية الغنية. كما يُثير الطلب العالمي على المعادن الأساسية -من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية-، نهمًا لا يشبع، يتغلب بشكل روتيني على حقوق الإنسان، وحماية البيئة، والسيادة الوطنية.

بالنسبة للشعب الكونغولي، لا يقتصر السلام الحقيقي على مجرد نهاية الحرب، بل يجب أن يكون بدايةً لتقرير المصير؛ حيث تُدار موارد البلاد بشفافية وعدل لصالح مواطنيها، لا أن تُستخدَم كورقة مساومة في صراعات القوى العالمية.

إن تداخل السلام والمصالح المعدنية أمرٌ مثير للقلق البالغ؛ إذ يُعيد إلى الأذهان نمطًا مأساويًّا ومستمرًّا في تاريخ الكونغو الديمقراطية. فمن فظائع المطاط والعاج في عهد ملك بلجيكا ليوبولد الثاني، إلى الاستخراج المنهجي للكوبالت والنحاس واليورانيوم في ظل الحكم الاستعماري البلجيكي، ونادرًا ما استفاد الشعب الكونغولي من خيرات أرضه. بعد الاستقلال، ترأس “موبوتو سيسي سيكو” نظامًا فاسدًا حوَّل الثروة المعدنية إلى إثراء شخصي ونخبوي، مما زاد من إضعاف الحكم. وكانت حروب الكونغو، التي تُعرف غالبًا باسم “حرب إفريقيا العالمية”، مدفوعةً بالمثل بالسعي للسيطرة على الأراضي الغنية بالمعادن؛ حيث تنافست الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية على الوصول غير المشروع إليها. ([19])

خامسًا: تحليل البنود الأمنية

 تشمل الجوانب الأمنية للاتفاق خطةً لتفكيك الكونغو الديمقراطية لجماعات متمردة مقابل انسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو؛ حيث نشرت رواندا ما بين 4000 و12000 جندي، وقدَّمت الدعم المادي لدعم متمردي حركة 23 مارس في شرق الكونغو، جزئيًّا لمحاربة القوات الديمقراطية لتحرير رواندا؛ حيث كانت بينهما علاقة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كقوة بالوكالة لمواجهة رواندا والمتمردين المدعومين من رواندا الذين يعملون في شرق الكونغو.

 وينص اتفاق السلام على انسحاب قوات الدفاع الرواندية بعد أن تُحيِّد القوات المسلحة للكنغو الديمقراطية القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. وتتوافق هذه الخطة مع مفهوم العمليات (CONOP) وآلية التحقق السابقة التي توسطت فيها أنغولا، والتي لم يُطبِّقها الجانبان قط بعد انهيار محادثات السلام أواخر عام ٢٠٢٤. ويرتكز مفهوم العمليات على التزامات من الكونغو الديمقراطية بشنّ هجوم لتفكيك القوات الديمقراطية لتحرير رواندا وضمان إعادة الجماعة إلى رواندا والنازحين الآخرين إلى “أماكنهم الأصلية”. ويُلْزِم الاتفاق الكونغو الديمقراطية “بحَظْر واعتراض أيّ دعم مادي أو مالي، وطني أو أجنبي” للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا. ووافقت رواندا على “فك ارتباط قواتها”، وإعادة دمج مقاتلي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا السابقين في رواندا مقابل التزامات الكونغو الديمقراطية كجزء من مفهوم العمليات، ويُقال: إن الاتفاق سيسمح لعددٍ محدود من القوات الرواندية و”القوات العسكرية الأجنبية” بنشر “أفراد مراقبين” في شرق الكونغو الديمقراطية لتحقيق الأهداف العسكرية المحددة. ويلزم الاتفاق الكونغو الديمقراطية ورواندا بإنشاء آلية تحقق مشتركة تضم ممثلين من الكونغو الديمقراطية ورواندا والولايات المتحدة في غضون 30 يومًا من توقيع الاتفاق لمراقبة تنفيذ خطة العمليات المشتركة. ([20])

سادسًا: تقييم البنود الأمنية… الواقع والمتفق عليه

فشلت اتفاقات متعددة على مدى عقود في وقف العنف واسع النطاق في شرق الكونغو؛ حيث تنشط أكثر من 100 جماعة مسلحة، ونزح حوالي 6 ملايين شخص. مع نَفْي رواندا تمويلها للنسخة الحالية من حركة إم23 المتمردة التي تسيطر على مساحة شاسعة من شرق الكونغو، وتتهم بدورها جارتها الكبرى بدعم ميليشيا أخرى مرتبطة بمرتكبي الإبادة الجماعية عام 1994م. وقال أحد المصادر: إنه كجزء من اتفاق السلام، ستوافق الكونغو على “تحييد” الجماعة المعروفة اختصارًا باسم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR)، وستلتزم الدولتان بدعم محادثات منفصلة بين حركة إم23 والكونغو بوساطة قطرية.([21])

 وتتسم هذه الخطة بمعايير غير واضحة وجدول زمني مضغوط، مما قد يُعيق تنفيذها بنجاح. وتضمنت خطة العمليات المشتركة، التي وُضعت أواخر عام 2024م، أربع مراحل تُنفَّذ على مدار ثلاثة أشهر. أولاً، سيُجري المسؤولون العسكريون تحليلاً للتهديدات في منطقة عمليات القوات الديمقراطية لتحرير رواندا الحالية، والقدرة القتالية، والجماعات التابعة المعروفة. ويُطلَب من رواندا وقف “العمليات الحدودية المؤقتة”، وتقديم معلومات عن تقليص وضعها الدفاعي. ثانيًا، ستهاجم القوات المسلحة للكونغو الديمقراطية القوات الديمقراطية لتحرير رواندا و”قواتها المساعدة”، وستتولى رواندا “رفع تدابيرها الدفاعية”. ولا يوجد جدول زمني مُعلَن لكلتا العمليتين العسكريتين في المرحلة الثانية. ثالثًا، ستجري الدولتان مراجعة عامة لتنفيذ الخطة وتقييم نتائجها بشكل مشترك وأخيرًا، ستعملان على إعادة مقاتلي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا المسرحين وإعادة دمجهم في رواندا.([22])

 ولكن من المحتمل أن تتردد حركة “إم23” في الانسحاب من مناطق التعدين المتعددة التي تسيطر عليها، حيث تشحن خام التنتالوم إلى رواندا من أغنى مصدر لهذا المعدن في العالم. وفي شهر مارس الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مصفاة غاسابو للذهب في رواندا “لاستيرادها الذهب بشكل غير قانوني من المناطق التي تسيطر عليها حركة 23 مارس”. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، فإن رواندا في طريقها لتصدير ذهب بقيمة تزيد عن ملياري دولار هذا العام، ارتفاعًا من 363 مليون دولار في عام 2021م. فالحوافز الاقتصادية لا تتناسب مع ما قد تخسره رواندا. ([23])

 وتأمل الكونغو الديمقراطية أن تُقدِّم لها الولايات المتحدة الدعم الأمني ​​اللازم لمحاربة المتمردين، وربما دفعهم للانسحاب من مدينتي غوما وبوكافو الرئيسيتين، ومن كامل المنطقة. لكنّ متمردي حركة “إم23” أشاروا إلى أن الاتفاق لن يكون ملزمًا لهم. ولم تشارك الحركة بشكل مباشر في اتفاق السلام المُزمَع، رغم مشاركتها في محادثات سلام أخرى جارية. وقال كورنيل نانجا، زعيم تحالف نهر الكونغو -المعروف اختصارًا بالفرنسية AFC-، والذي يضم حركة “إم23″، لوكالة أسوشيتد برس في مارس: إن محادثات السلام المباشرة مع الكونغو لا يمكن أن تُعقَد إلا إذا اعترفت البلاد بمظالمها، وأن “أيّ شيء يتعلق بنا يتم بدوننا، فهو ضدّنا”. وغيرها من التصريحات.([24])

سابعًا: موقف الأطراف الثالثة من اتفاق السلام

الصين؛ ستراقب الصين، التي تحتكر صناعة الكوبالت في الكونغو الديمقراطية، هذه الصفقة عن كثب؛ نظرًا للطلب الهائل الذي تشهده هي الأخرى على المعادن الأساسية لصناعاتها التحويلية وللتطبيقات التجارية والدفاعية. وقد أفادت التقارير بأن الصين زودت كلًا من الكونغو الديمقراطية ورواندا بالأسلحة. فقد تُشكّل هذه الصفقة اختبارًا لقدرتها على إدارة المنطقة. كما أن لروسيا تاريخًا عريقًا مع الكونغو الديمقراطية، وستكون بالتأكيد على أُهْبَة الاستعداد لنشر معلومات مضللة حول نوايا الولايات المتحدة من هذه الصفقة.([25])

الجماعات المتمردة: التزم طرَفا الصراع في شرق الكونغو بنزع سلاح وكلائهما المزعومين وفك ارتباطهم. لكنّ هناك العشرات من الجماعات المسلحة غير الحكومية النشطة هناك، وليس من الواضح ما إذا كانت جميعها ستلتزم بوقف إطلاق النار. فقبل ساعات قليلة من توقيع الاتفاق، هاجمت إحداها، وهي ميليشيا كوديكو، مخيمًا للنازحين في مقاطعة إيتوري، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص. سيكون الحفاظ على تماسك هذه الجهات الفاعلة غير الحكومية مهمة شاقة. ويتضمَّن جزءًا من اتفاق السلام تهيئة الظروف للسماح لمئات الآلاف من النازحين بسبب النزاع بالعودة إلى ديارهم. ولن يكون ذلك ممكنًا دون وقف كامل للأعمال العدائية.

ونظرًا للموارد المعدنية الهائلة في شرق الكونغو؛ فإن الحوافز الاقتصادية للجماعات المتمردة مغرية للغاية، ولا يذكر هذا الاتفاق بدائل قد تقنع هذه الجماعات بوقف القتال على أراضٍ قيِّمة. ومن غير المرجّح أن يكون دمجهم في قوة مسلحة كونغولية تعاني من نقص الموارد دافعًا كافيًا. كما أنه لا يزال من غير الواضح ما هي الامتيازات التفضيلية، إن وُجِدَت، التي مُنحت للولايات المتحدة للوصول إلى معادن الكونغو الديمقراطية.([26])

 إن الافتقار إلى الوضوح فيما يتعلق بالتوقيت ومقاييس النجاح في المرحلتين الأولى والثانية من شأنه أن يُثير الخلافات بين أصحاب المصلحة. وصرَّح مسؤولون روانديون كبار مرارًا وتكرارًا بأن رواندا لن تسحب قواتها من شرق الكونغو إلا بعد أن تُضعف القوات المسلحة للكونغو الديمقراطية القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وليس قبل أو بالتوازي مع العمليات ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهو ما تأكَّد من أكثر من مصدر.

 ومن المرجَّح أن يتوقف النجاح طويل الأمد للاتفاق على محادثات منفصلة وأكثر هشاشة بوساطة قطرية بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس؛ حيث تتوسط قطر في محادثات سلام مباشرة بين الكونغو الديمقراطية وحركة “إم23” منذ أواخر مارس. هذه المحادثات منفصلة عن المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، ولكنها تُنسق بشكل وثيق. وقد أصدرت الكونغو الديمقراطية وحركة “إم23” بيانًا مشتركًا بوساطة قطرية في أواخر أبريل، والتزمتا بالعمل معًا من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع “وقف فوري للأعمال العدائية” لأول مرة علنًا.

كما قدَّمت قطر مقترح سلام إلى الطرفين في أوائل يونيو، وتسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة على مسودة اتفاق بحلول منتصف يوليو. ومع ذلك، لم تُحْرِز تلك المحادثات أيّ تقدُّم ملموس، ويرجع ذلك على الأرجح إلى المطالب المتطرفة من الكونغو الديمقراطية؛ حيث فشلت عدة جولات من المفاوضات التي توسطت فيها قطر منذ أواخر مارس؛ حيث طالبت الكونغو الديمقراطية بانسحاب حركة “إم23” دون قيد أو شرط من المناطق المحتلة في شرقها كشرط مسبق للمحادثات. ولا تعكس هذه المطالب الواقع العسكري نظرًا لأن إم23 تسيطر على عاصمتين إقليميتين، غوما وبوكافو، وأنشأت إدارة موازية تحكم منطقة تبلغ مساحتها نصف مساحة بلجيكا، ويبلغ عدد سكانها سكان إيرلندا، وحظيت بدعم محلي من مجموعة من جماعات المعارضة والميليشيات الكونغولية. اتهمت إم23 الكونغو الديمقراطية بعدم تقديم “أي تنازلات كبيرة” في المحادثات، ورفضت تسليم الأراضي، وأرسلت “وفدًا أدنى مستوى” إلى المحادثات في مايو مما فعلت في أبريل.([27])

وبالتالي من شبه المؤكد أن الصراع في شرق الكونغو سيستمر في غياب اتفاق سلام داخلي يشمل مجموعة من الأطراف الفاعلة، وليس فقط حركة إم23. وقد استنكر مقاتلو وازاليندو استبعادهم من المحادثات التي توسطت فيها قطر، وقالوا: إنهم سيواصلون القتال بغضّ النظر عن نتائجها. وقد شنَّت حركة إم23 حملة على المشتبه بهم من المتعاطفين مع وازاليندو في المراكز السكانية، وشنَّت عدة هجمات في شمال كيفو وجنوب كيفو لتطهير وازاليندو من الطرق الرئيسية منذ منتصف أبريل الماضي. ([28])

الأطراف المحلية:

 ووصف كابيلا والمعارضة الكونغولية محادثات السلام بأنها إقصائية وغير كافية “كأساس لحل نهائي ودائم” للأزمات السياسية والأمنية الداخلية في الكونغو الديمقراطية. وسوف يتسبَّب استبعادهم في استمرار عدم الاستقرار السياسي وتقويض التزام المعارضة بالاتفاقيات إذا تولوا السلطة في يوم من الأيام.

حيث استُبْعِدَت جهات محلية مختلفة في الكونغو الديمقراطية من عمليتي السلام اللتين ستُعالَج في حوار مستقبلي بين الأطراف الكونغولية. وقد كثَّفت المعارضة السياسية الكونغولية وقادة المجتمع المدني في جميع أنحاء الدولة دعواتهم لمعالجة القضايا العالقة في البلاد من خلال مؤتمر سلام شامل، من شأنه إعادة هيكلة السلطة السياسية.

وقاد تحالف من الزعماء الدينيين الكونغوليين جهود الحوار الوطني منذ تصاعد أزمة حركة 23 مارس في أوائل عام 2025م. وقد التقى الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو، برؤساء الدول والجهات الفاعلة السياسية الرئيسية في منطقة البحيرات العظمى خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ لمناقشة جهود السلام و”رسم معالم” الحوار بين الأطراف الكونغولية. ومن شأن الحوار المقترح أن يستلهم حوار صن سيتي عام 2002م، وأن يعمل على إنشاء حكومة انتقالية في الكونغو الديمقراطية. ومن المفترض أن يسعى إلى معالجة مظالم أكثر من 100 جماعة مسلحة في شرق الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك ميليشيات وازاليندو الموالية للحكومة الكونغولية التي حاربت حركة 23 مارس. يُلزم الاتفاق الذي تقوده الولايات المتحدة الكونغو الديمقراطية بالسماح لحركة “إم23” بالمشاركة في حوار وطني “على قدم المساواة مع الجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى في الكونغو الديمقراطية.

 ومع ذلك، لا ترغب جهات معنية مختلفة حاليًّا في المشاركة في حوار وطني. فقد أبطأت إدارة تشيسكيدي العملية، وانتقدت الإجراء ووصفته بأنه “تخريب سياسي” لإزاحته من السلطة. وقد دعمت المعارضة السياسية جهود الزعماء الدينيين، لكنها رفضت المشاركة تحت رعاية تشيسكيدي. وقد تعثرت مبادرة السلام إلى حد كبير منذ منتصف مايو بسبب عدم رغبة تشيسكيدي في المضي قدمًا في المحادثات. وقد التقى تشيسكيدي بالزعماء الدينيين في أواخر يونيو، وتعهَّد بدراسة المبادرة، لكنه ظل متشككًا، منتقدًا إياهم لاجتماعهم مع حركة “إم23” في أوائل عام 2025م، وورد أنه طالَب باستبعاد الحركة وكابيلا وحلفائه من المبادرة.

 إن عدم وجود اتفاق شامل يشمل حركة “إم23″، والجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى يزيد من خطر تقويض اتفاقيات السلام القائمة. وقد فشلت الكونغو الديمقراطية في الوفاء باتفاقات السلام السابقة مع حركة “إم23″، والتي تعكس التزاماتها الحالية لصالح الحل العسكري. وافق كابيلا في البداية على اتفاق سلام مع الحركة السابقة عام 2013م، لكنَّه لم يُنفّذه قط. نشأ الشكل الحالي لحركة “إم23” عندما رفضت الكونغو الديمقراطية مجددًا تنفيذ الاتفاق بعد توقف المفاوضات في نوفمبر 2021م. ويشترط الاتفاق الذي تقوده الولايات المتحدة على الكونغو الديمقراطية معالجة خلافات أساسية مماثلة، وتسهيل “فك الارتباط، ونزع سلاح الحركة، والاندماج المشروط” في القوات المسلحة للكونغو الديمقراطية، وانتقالها إلى حزب سياسي.

 لا يمكن تحقيق هذه الأهداف دون تنسيق الجهود لمعالجة مطالب حركة “إم23″؛ نظرًا لسيطرتها القوية على شرق الكونغو الديمقراطية. وقد استوعبت الحركة ما لا يقل عن 5000 جندي من الجيش الكونغولي ومقاتلي الميليشيات والشرطة المحلية منذ فبراير 2025م، واتخذت خطوات لتقليل اعتمادها على رواندا. وقد أنشأت الحركة هياكل قيادية خاصة بها، ووسَّعت إدارتها الموازية المنظمة جيدًا لتوفير الخدمات الأساسية، وإنشاء نظام مالي بديل، وتأمين المراكز السكانية الكبيرة ومراقبتها، والبتّ في الشؤون الاجتماعية والقانونية، وتسهيل النقل والتجارة في شرق الكونغو الديمقراطية، من بين تدابير أخرى.([29])

ختامًا:

 يُعدّ اتفاق السلام علامة فارقة في تاريخ طويل من الصراعات الحدودية التي حالت دون استفادة الكونغو الديمقراطية استفادة حقيقية من مواردها المعدنية الهائلة. مما جعلها واحدة من أفقر وأقل دول إفريقيا جنوب الصحراء.

 على الرغم من الفوائد المحتملة، يُواجه اتفاق السلام العديد من التحديات، فقد يُصرف التركيز على المعادن الانتباه عن الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك انتشار الميليشيات، والتوترات العرقية، ومطالبات الجنسية غير المُسوّية. كما وُجِّهت انتقادات للاتفاقية لعدم معالجتها قضايا العدالة والتعويضات. كما أن قدرة الولايات المتحدة على تقديم دعمٍ مُستدام لأهداف الاتفاقية غير مؤكدة، بالنظر إلى التزاماتها العالمية الأخرى.([30])

 ويمكن أن يُؤدي اتفاق السلام، في حال نجاحه، إلى سلامٍ دائمٍ ومستدام، وشراكةٍ وتعاونٍ اقتصاديين، وزيادةٍ في الاستثمار الأجنبي، وممارساتٍ تجاريةٍ أفضل في المنطقة.([31])

 وإذا لم تُدار هذه الصفقة بعناية، فإن أيّ استخراج جديد للمعادن الأساسية والوصول إليها تسعى إليه الولايات المتحدة قد يُفاقم العوامل التي مكَّنت الصراع من الاستمرار لفترة طويلة (مثل عمالة الأطفال، والفساد، والعنف المُدمّر، والنهب البيئي). ولا تزال طبيعة مشاركة الولايات المتحدة في التنفيذ الدبلوماسي والاقتصادي طويل الأمد للصفقة غير واضحة. وسيزداد الأمر صعوبةً بسبب التخفيضات الأخيرة في قدرة الولايات المتحدة على تقديم برامج المساعدة والتنمية، والتي من شأنها أن تُشكِّل أداةً حيويةً في المساعدة على بناء السلام. كما أن إشراك النساء، اللواتي عانين معاناةً بالغة في هذا الصراع، والفئات المُهمَّشة، سيكون حاسمًا لضمان سلام دائم.

 قد تُوفر هذه الاتفاقية منصةً للاستقرار والتعاون الإستراتيجي من خلال الحد من مخاطر سلاسل توريد المعادن الضرورية للطاقة النظيفة، وإضفاء الطابع الرسمي على الحوكمة في المناطق المتضررة من النزاعات في الكونغو الديمقراطية، وتمكين أصحاب المصلحة الأفارقة من صياغة خطاب عالمي حول تنمية الموارد. كما يُمكنها أن تُعزّز التزامات الولايات المتحدة بالشراكة المتبادلة كما هو مُبيَّن في إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه إفريقيا جنوب الصحراء.

 ومع ذلك، يجب أن يُخفّف أيّ تفاؤل من الواقعية. ستكون الاتفاقية عُرضة للخطر إذا ظلت التحديات النظامية دون معالجة. فهياكل الحوكمة الهشَّة في شرق الكونغو، وخاصةً ضعف القدرات المؤسسية وتشرذم السلطة المحلية، قد تُقوِّض إنفاذ القانون أو ثقة الجمهور. إذا بالغت الاتفاقية في التركيز على الاستخراج دون استثمار موازٍ في البنية التحتية، أو رأس المال البشري، أو الضمانات البيئية؛ فقد تُخاطر بتعميق الفوارق الاقتصادية بدلاً من حلّها. إضافةً إلى ذلك، قد يُعقِّد وجود الصين الراسخ في قطاع التعدين في الكونغو الديمقراطية عملية التنفيذ ويُفاقم التوترات الجيوسياسية. ولعلّ الأهم من ذلك كله، أن استبعاد المجتمعات المحلية أو منظمات المجتمع المدني من المفاوضات قد يُغذّي الاستياء ويُقوّض الشرعية، مما يُؤدي إلى عدم استقرار طويل الأمد.

 الفرصة هنا ليست مجرد تأمين المعادن، بل إرساء نموذج جديد للتعامل مع الدول الهشَّة والغنية بالموارد. يجب أن يُعطي هذا النموذج الأولوية للسلام كأساس، وليس نتيجة ثانوية، للنمو الاقتصادي. ولضمان أن يؤدي السلام إلى الرخاء، يجب على الكونغو الديمقراطية إعطاء الأولوية لسيادة القانون.

 في حين أن الالتزام الأساسي بالسلام وبالتعاون للقضاء على نشاط الميليشيات في شرق الكونغو يُمثل بلا شك ركيزة أساسية لهذه الاتفاقية، إلا أنه لا يمكن إغفال أهمية الالتزام المشترك بتعزيز فرص التجارة والاستثمار من خلال الأُطُر الإقليمية القائمة. فإذا ما ساد السلام بالفعل، ستجني الكونغو الديمقراطية ثمارًا عظيمة من تعزيز قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي. وتتوق الشركات متعددة الجنسيات والحكومات الأجنبية جاهدةً للوصول إلى الموارد المعدنية للبلاد، ومع ذلك، ومن أجل الاستفادة من هذه الفرصة لجذب الاستثمار الأجنبي وضمان استفادة الشعب الكونغولي منها، يجب على حكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي معالجة الفساد وإرساء سيادة قانون. وبالتالي، لا يمكن الاستفادة الكاملة من السلام الذي يَعِدُ به هذا الاتفاق التاريخي إلا من خلال الشروع في إصلاحات محلية جوهرية.([32])

 …………………………………

[1] ) Trade unions, Trade and AfCFTA, Rwanda Trad Fact Sheet.p.13.at: https://www.tradeunionsinafcfta.org/wp-content/uploads/2024/12/Rwanda-Trade-Fact-Sheet-1.pdf

[2] ) Uneca, Rwandan Trade with the Democratic Republic of Congo set to increase by USD 56 million under the AfCFTA..at: https://repository.uneca.org/handle/10855/44854

[3] ) World Trade Institute, Agreement Between the Government of the Democratic Republic of Congo (DRC) and the  Government  of the  Republic of  Rwanda on Investment Promotion and Protection.at: https://edit.wti.org/document/show/0e789a3a-2418-492f-a595-cf8949bb62d7

[4] ) Kinyanjui Mungai, Reaping the dollar benefits but bearing the costs of cash: Rwanda-DRC informal cross-border trade.4/8/2023.at: https://cenfri.org/articles/reaping-the-dollar-benefits-but-bearing-the-costs-of-cash-rwanda-drc-informal-cross-border-trade/

[5] ) Lindani Zungu, DRC’s peace deal with Rwanda risks swapping war for resource exploitation. 26 Jun 2025.at: https://www.aljazeera.com/opinions/2025/6/26/drcs-peace-deal-with-rwanda-risks-swapping-war-for-resource-exploitation

[6] ) Daphne Psaledakis, Sonia Rolley and Ange Adihe Kasongo, Rwanda, Congo sign peace deal in US to end fighting, attract investment.27/6/2025.at: https://www.reuters.com/world/africa/rwanda-democratic-republic-congo-set-sign-peace-agreement-washington-2025-06-27/

[7] ) Lindani Zungu,Op.cit.

[8] )US Department of stat, Peace Agreement Between the Democratic Republic of the Congo and the Republic of Rwanda. JUNE 27, 2025.at: https://www.state.gov/peace-agreement-between-the-democratic-republic-of-the-congo-and-the-republic-of-rwanda/

[9] ) Aljazeera, DR Congo, Rwanda sign peace deal in ‘turning point’ after years of conflict.27/6/2027.at: https://www.aljazeera.com/news/2025/6/27/dr-congo-and-rwanda-sign-peace-deal-in-turning-point-after-years-of-war

[10] ) Daphne Psaledakis, Sonia Rolley and Ange Adihe Kasongo, Op.cit.

[11] ) Dan M. Ford and Kenya Sanchez, Could Trump’s Congo-Rwanda mineral deals actually save lives?.27/6/2025.at: https://responsiblestatecraft.org/congo-rwanda-peace-deal/

[12] ) criticalthreats, US-DRC-Rwanda Peace Deal—A Beginning, Not an End: Congo War Security Review Special Edition.27/6/2025.at: https://www.criticalthreats.org/analysis/us-drc-rwanda-peace-deal-a-beginning-not-an-end

[13] ) Michael J Kavanagh, US Pushes for Economic Pact in Congo-Rwanda Peace Agreement.27/6/2025.at: https://www.bloomberg.com/news/articles/2025-06-27/us-pushes-for-economic-pact-in-congo-rwanda-peace-agreement

[14] ) Michael J Kavanagh,Op.cit.

[15] ) pbs, Wach: Rubio hosts peace deal signing ceremony between Rwanda and Democratic Republic of Congo.27/6/2025.at: https://www.pbs.org/newshour/politics/watch-live-rubio-hosts-peace-deal-signing-

[16] ) Sertan Sanderson, DRC-Rwanda peace deal: what you need to know.27/6/2025.at: https://www.dw.com/en/drc-rwanda-peace-deal-what-you-need-to-know/a-73067776

[17] ) pbs,Op.cit.

[18]) apnews, Congo and Rwanda sign a US-mediated peace deal aimed at ending decades of bloody conflict.at:https://apnews.com/article/congo-rwanda-drc-peace-deal-m23-trump-5e5b52100729ad6587a6f267c6c79ae0

[19] ) Lindani Zungu,Op.cit.

[20] ) criticalthreats, Op.cit.

[21] ) Michael J Kavanagh,Op.cit.

[22] ) criticalthreats, Op.cit.

[23] ) Michael J Kavanagh,Op.cit.

[24] ) pbs, Op.cit.

[25] ) Atlantic Council experts, Experts react: The DRC and Rwanda agreed to a US-backed peace deal. Can critical minerals help end this conflict?. June 27, 2025.at: https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/experts-react-the-drc-and-rwanda-agreed-to-a-us-backed-peace-deal-can-critical-minerals-help-end-this-conflict/

[26] ) Mayeni Jones, DR Congo-Rwanda ceasefire deal still faces many challenges.28/6/2025.at:

https://www.bbc.com/news/articles/c9dgjn7p24vo

[27] ) criticalthreats, Op.cit.

[28] ) Idem.

[29] ) criticalthreats, Op.cit.

[30] )Idem.

[31] ) Aljazeera.Op.cit.

[32] ) Atlantic Council experts, Op.cit.

كلمات مفتاحية: اتفاق السلامالصراعاتالمعادن
ShareTweetSend

مواد ذات صلة

قراءة في تقرير “ديناميات التحضر في إفريقيا لعام 2025م: التخطيط للتوسع العمراني”

قراءة في تقرير “ديناميات التحضر في إفريقيا لعام 2025م: التخطيط للتوسع العمراني”

يوليو 6, 2025
الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

الجمهورية الخامسة وأسباب الاحتجاجات العنيفة في توغو

يوليو 6, 2025
أنتاناناريفو.. “مدينة الألف”

أنتاناناريفو.. “مدينة الألف”

يوليو 3, 2025
الذكاء الاصطناعي والامن السيبراني

قراءة في كتاب: “العقل والثقافة والتكنولوجيا الإفريقية: رؤى فلسفية”

يوليو 3, 2025
المنتدى الاقتصادي العالمي: مستقبل واعد ينتظر إفريقيا في صناعة أشباه الموصلات

المساعي الفرنسية للسيطرة على المعادن النادرة في مدغشقر… بين الدوافع والمآلات

يوليو 2, 2025
أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

يوليو 2, 2025

ابحث في الموقع

لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
يشغل حاليا

تويتر

Follow @qiraatafrican

الأكثر قراءة (أسبوع)

أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

يوليو 2, 2025

حظر اتحاد “فيسي” الإيفواري.. واتارا يدهس “بيادق” غباغبو على رقعة الحرم الجامعي!

أكتوبر 22, 2024

المساعي الفرنسية للسيطرة على المعادن النادرة في مدغشقر… بين الدوافع والمآلات

يوليو 2, 2025

ترامب يستضيف 5 رؤساء أفارقة لمناقشة الفرص التجارية

يوليو 3, 2025

صدور العدد الخامس والستين من مجلة “قراءات إفريقية”

يوليو 1, 2025

قراءة في كتاب: “العقل والثقافة والتكنولوجيا الإفريقية: رؤى فلسفية”

يوليو 3, 2025

فيسبوك

‎قراءات إفريقية‎
  • قراءات تاريخية
  • متابعات
  • مكتبة الملفات
  • منظمات وهيئات
  • الحالة الدينية
  • حوارات وتحقيقات
  • أخبار
  • الحالة الدينية
  • المجتمع الإفريقي
  • ترجمات
  • تقارير وتحليلات
  • تقدير موقف
  • ثقافة وأدب

الأقسام

  • المجلة
  • كتاب قراءات
  • الموسوعة الإفريقية
  • إفريقيا في المؤشرات
  • دراسات وبحوث
  • نظرة على إفريقيا
  • الصحافة الإفريقية

رئيس التحرير

د. محمد بن عبد الله أحمد

مدير التحرير

بسام المسلماني

سكرتير التحرير

عصام زيدان

© حقوق الطبع محفوظة لدي قراءات إفريقية. تطوير شركة بُنّاج ميديا.

لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
  • الموسوعة الإفريقية
  • تقارير وتحليلات
  • تقدير موقف
  • دراسات وبحوث
  • ترجمات
  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الأخبار
    • الحالة الدينية
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • مكتبة الملفات
    • منظمات وهيئات
    • نظرة على إفريقيا
    • كتاب قراءات إفريقية

© حقوق الطبع محفوظة لدي قراءات إفريقية بواسطة بُنّاج ميديا.