شاحب الوجه، جاحظ العينين، لا يكاد يستطيع الوقوف على قدميه، هكذا ظهر زعيم المعارضة الأوغندية التاريخي الدكتور “كيزا بيسيجي”، أثناء مثوله أمام المحكمة العليا يوم 11 أبريل 2025م، والتي أمرت بإعادة الدكتور “بيسيجي” إلى السجن هو ومساعده الحاج عبيد لوتالي، ورفضت طلب الإفراج عنهما بكفالة؛ بحجة خطورة التُّهَم المُوجَّهة إليهما.
ويخضع الدكتور “بيسيجي” ومساعده للمحاكمة بتُهَم الخيانة العظمي، وتهديد الأمن القومي، وهي جرائم يُعاقَب عليها بالإعدام في أوغندا بموجب القانون العسكري.
ورغم قيام الدكتور “بيسيجي” بالإضراب عن الطعام؛ احتجاجًا على استمرار اعتقاله، مما أثَّر على صحته للغاية، فإن النظام الحاكم في أوغندا -بقيادة “يوري موسيفيني”-، يرفض الإفراج عنه، ويُصمّم على محاكمته، وذلك في تحدٍّ كبير لكافة النداءات الدولية والإقليمية والمحلية التي تطالب بالإفراج عن الدكتور “بيسيجي”، ووقف محاكمته، معتبرين أنها محاكمة ذات دوافع سياسية تهدف للتخلص من أكبر زعيم للمعارضة في أوغندا، وسط تصاعد القمع والتنكيل بكل صوتٍ معارضٍ يسعى أو يفكّر في وضع حد لنظام “موسيفيني” الذي يتولى السلطة منذ ما يقرب من أربعين عامًا حتى الآن.
ومن خلال هذه المقالة سوف نقوم بالتعريف بالدكتور “بيسيجي”، وأسباب محاكمته، والتُّهَم الموجّهة إليه، والمواقف المحلية والإقليمية والدولية من هذه المحاكمة، مع عرضنا للسيناريوهات المستقبلية لهذه المحاكمة، وما يمكن أن تسفر عنه، وذلك وفقًا للنقاط التالية:
أولاً: التعريف بزعيم المعارضة الدكتور “كيزا بيسيجي”:
وُلد الدكتور “بيسيجي” في منطقة روكونجيري، جنوب غرب أوغندا، في يوم 22 أبريل 1956م؛ حيث كان الابن الثاني لعائلة مكونة من ستة أفراد، وتوفي والده الذي كان يعمل شرطيًّا قبل أن يُنهي “بيسيجي” دراسته الابتدائية، وعقب إنهاء دراسته الثانوية التحق “بيسيجي” بجامعة ماكيريري عام 1975م، وتخرج في عام 1980م؛ حيث حصل على شهادة البكالوريوس من كلية الطب البشري.
وبعد تخرجه عمل “بيسيجي” لفترة وجيزة في مستشفى مولاجو الوطني، ثم ذهب إلى المنفى في كينيا؛ حيث عمل طبيبًا لفترة في مستشفى أغا خان، ثم في مستشفى كينياتا الوطني، قبل الانضمام إلى حركة المقاومة الوطنية المتمردة التابعة لـ”موسيفيني” (NRM) في عام 1982م.
وفي أثناء وجوده مع الحركة المتمردة في الأدغال، أصبح الطبيب الشخصي لزعيم التمرد “يوري موسيفيني”، وبعد تولّي حركة التمرد للسلطة بأوغندا في يناير 1986م تم تعيين الدكتور “بيسيجي” وزير دولة للشؤون الداخلية، ثم شغل فيما بعد منصب وزير دولة في مكتب الرئيس ومفوض سياسي وطني، وفي عام 1991م أصبح قائدًا للفوج الميكانيكي بالجيش، وفي عام 1993م عُيِّن رئيسًا للوجستيات والهندسة في الجيش، ورغم كونه جزءًا من النظام الحاكم، إلا أنه قام في عام 1999م بنشر وثيقة تنتقد النظام بعنوان “وجهة نظر من الداخل”، تتناول كيف فقدت الحركة الوطنية للمقاومة قاعدتها العريضة، واتهمت الوثيقة الحركة بالتحول إلى نظام حكم طائفي ودكتاتوري يحكمه شخص واحد، وهو ما جعله محلاً للطرد والعقاب مِن قِبَل النظام؛ حيث تم القبض عليه ومحاكمته عسكريًّا، وفي عام 2000م تم إبرام صفقة معه أسفرت عن إسقاط التُّهَم الموجهة إليه في مقابل اعتذاره عن نشر الوثيقة.([1])
وفي أكتوبر عام 2000م، أعلن الدكتور “بيسيجي” عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية -التي تم إجراؤها في 12 مارس 2001م- ضد “يوري موسيفيني”، كما قام بالتقاعد من الجيش الأوغندي بعد حصوله على رتبة عقيد في 2001م، وخلال حملته الانتخابية اتهم النظام الحاكم بالفساد، ودعاه إلى التحول السياسي واحترام الديمقراطية التعددية، وعقب خسارته في الانتخابات قام بالطعن على النتائج، وادعى حدوث عمليات تزوير واسعة النطاق، ودعا المحكمة العليا لإلغاء نتائج الانتخابات لكنها رفضت طلبه.
وفي يونيو 2001م تم اعتقال “بيسيجي” بتهمة الخيانة، والوقوف وراء جماعة متمردة تُسمَّى جيش الفداء الشعبي، وعقب إطلاق سراحه فرَّ من البلاد في أغسطس من نفس العام؛ خوفًا على حياته، وانتقل للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقل إلى جنوب إفريقيا لمدة 4 سنوات، وخلال تلك الفترة استمر في انتقاد حكومة “موسيفيني”، وفي ديسمبر 2004م أشرف على تأسيس منتدى التغيير الديمقراطي FDC))، الذي أصبح حزب المعارضة الرئيسي في أوغندا.
وفي 26 أكتوبر 2005م قرر العودة من المنفى للترشح للانتخابات الرئاسية، وتم استقباله مِن قِبَل آلاف الأشخاص المؤيدين له والداعمين لترشُّحه في الانتخابات، لكن عقب أسبوعين من عودته، وتحديدًا في 14 نوفمبر 2005م، تم القبض على “بيسيجي” بتهمتي الخيانة واغتصاب فتاة في عام 1997م تُسمَّى “جوانيتا كياكوا” وهي ابنة صديق –متوفَّى- لعائلته، لكن المحكمة العليا برَّأته من تهمة الاغتصاب.
ودافع عنه محاموه بأن الحكومة لفَّقت له تلك التُّهَم لمَنْعه من الترشح للانتخابات وتشويه صورته، كما تم تبرأته من تهمة الخيانة لاحقًا، وقد استطاع “بيسيجي” الترشح والمنافسة في انتخابات الرئاسة التي أجريت في 23 فبراير 2006م؛ حيث جاء في المركز الثاني، وحصل على نسبة 37% من الأصوات، وطعن في النتائج أمام المحكمة العليا ودعا لإلغائها، لكن المحكمة رفضت طلبه، كما حصل حزبه على 37 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية، وأصبح حزب المعارضة الرئيسي داخل البرلمان.([2])
وفي 18 فبراير 2011م شارك الدكتور “بيسيجي” في الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة على التوالي، لكنه خسر مجددًا؛ حيث لم يحصل إلا على 26% من الأصوات هذه المرة، كما حصل حزبه أيضًا على 34 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية، فاقدًا ثلاثة مقاعد كان قد حصل عليه في انتخابات 2006م.
وقد زعم “بيسيجي” أن نظام الرئيس “موسيفيني” استخدم الترهيب والتزوير والعنف للفوز بولاية رئاسية رابعة، كما دعا “بيسيجي” أعضاء حزبه المنتخبين للبرلمان بعدم المشاركة في البرلمان ومقاطعته، وهو ما أدى إلى حدوث انقسام داخل الحزب بعد رفض بعض النواب الامتثال لدعواته.
وفي أبريل 2011م تم القبض على “بيسيجي” مجددًا في أثناء مشاركته في الاحتجاجات الرافضة لارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، كما قامت قوات الشرطة بسحبه من سيارته ورشّه بغازات مثيرة للدموع، وهو ما أسهم في زيادة تأجيج الاحتجاجات التي قُتِلَ فيها شخصان على الأقل، فضلاً عن جرح نحو 120 شخصًا واعتقال ما يزيد عن 360 شخصًا، وفي أكتوبر 2012م تم اعتقال “بيسيجي” في أثناء محاولته إلقاء خطاب أمام الباعة في سوق كيسيكا في كامبالا، وتم الإفراج عنه لاحقًا.([3])
وفي 18 فبراير 2016م شارك “بيسيجي” للمرة الرابعة في انتخابات الرئاسة، وخلال الحملة الانتخابية تعرَّض “بيسيجي” وأنصاره للاعتقال أكثر من مرة، وتم تفريق أنصاره باستخدام الغاز المسيل للدموع مِن قِبَل الشرطة متّهمين لهم بانتهاك قواعد الحملة الانتخابية.
وفي اليوم التالي للانتخابات تم محاصرة مقر حزب “منتدى التغيير الديمقراطي” في كمبالا، واعتُقِلَ “بيسيجي” وبعض زعماء الحزب المعارضين، كما تم وضعهم لاحقًا تحت الإقامة الجبرية، وكذلك أمرت الحكومة بحظر منصات التواصل الاجتماعي عن البلاد، وخلال أسبوع الانتخابات اندلعت العديد من أعمال الشغب التي راح ضحيتها أكثر من قتيل وإصابة العشرات، وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز “موسيفيني” مجددًا، وحلول “بيسيجي” في المركز الثاني، وشكّك حزب المعارضة الرئيسي في النتائج داعيًا الشعب للاحتجاج، لكن الشرطة سيطرت على الأوضاع داخل البلاد.
ورغم تزايد القمع ضد المعارضة قام “بيسيجي” يوم 11 مايو 2016م بأداء اليمين الدستورية كرئيس لأوغندا معتبرًا نفسه الفائز في الانتخابات، مما جعل الشرطة تقبض عليه بعدها بدقائق، كما أسَّس لاحقًا حكومة موزاية أطلق عليها حكومة الشعب اعتقادًا منه أنه الفائز الشرعي في الانتخابات.([4])
وفي انتخابات يناير 2021م اختار “بيسيجي” عدم الترشح للانتخابات، مصرحًا بأنه سيقود المعارضة لخطة جديدة لإحداث التغيير في البلاد، واكتفى بالتحالف مع “بوبي واين” المرشح المعارض ل”موسيفيني” وقام بدعمه خلال ترشحه في هذه الانتخابات، ولكنّ “موسيفيني” استطاع الفوز بولاية رئاسية سادسة، وقد حل “بوبي وأين” زعيم المعارضة المدعوم من الدكتور “بيسيجي” في المركز الثاني؛ حيث حصل على نسبة 35% من أصوات الناخبين، لكنّ المعارضة انتقدت العملية الانتخابية، ووصفتها بأنها الانتخابات الأكثر تزويرًا في تاريخ أوغندا.
وفي مايو 2022م أُلقي القبض على الدكتور “بيسيجي” أثناء مشاركته في الاحتجاجات الرافضة لارتفاع أسعار السلع الأساسية في أوغندا، ولكنّه خرج بكفالة من السجن، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية، لكن بعد أيام من إطلاق سراحه استطاع الهروب من تحت الإقامة الجبرية، واستأنف الاحتجاجات في شوارع كمبالا في يونيو 2022م، ولكن تم القبض عليه مرة أخرى وإرساله إلى السجن بتهمة التحريض على العنف، وقد تم إخلاء سبيله بكفالة مرة أخرى بلغت قيمتها 2.5 مليون شلن كيني، أي ما يعادل 665 دولارًا أمريكيًّا كضمان لإطلاق سراحه.([5])
هذا وتأتي آخر محطات التنكيل بزعيم المعارضة الأوغندية متمثلة في عملية اختطافه هو وصديقه الحاج عبيد لوتالي كاموليجيا في نوفمبر 2024م في دولة كينيا، وذلك أثناء ذهابهم للمشاركة في حقل توقيع كتاب للسياسية الكينية المعارضة “مارثا كاروا”، وهي محامية، ووزيرة سابقة للعدل في كينيا، وكذلك عضوة سابقة في البرلمان، ومرشحة سابقة في انتخابات الرئاسة عام 2013م؛ حيث تم القبض عليهم وترحيلهم إلى أوغندا، ومحاكمتهم أمام محاكمة عسكرية.
ثانيًا: أسباب محاكمة زعيم المعارضة “كيزا بيسيجي”:
توجد مجموعة من الأسباب السياسية التي جعلت النظام الحاكم في أوغندا يقوم بمحاكمة زعيم المعارضة “كيزا بيسيجي”، ويمكن عرضها فيما يلي:
1-محاولة النظام الحاكم في أوغندا تصفية المعارضة قبل انتخابات 2026م:
من المقرَّر أن تشهد أوغندا انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية في شهر يناير المقبل 2026م، تسعى المعارضة فيها للتوحُّد من أجل التغيير ووضع حد للنظام الحاكم بقيادة “يوري موسيفيني”، الذي من المحتمل أن يسعى لإعادة ترشحه لولاية رئاسية سابعة رغم أن عمره الآن تخطى ثمانين عامًا، لكنه لا يزال متمسكًا بالبقاء في السلطة، ولهذا يسعى إلى قمع زعماء المعارضة واستخدام القضاء وأحكام المحاكم للتخلص منهم، من خلال اتهامهم بتُهَم كيدية مُلفَّقة، ويأتي على رأس هؤلاء المعارضين الذين يسعى نظام “موسيفيني” للتخلص منهم الدكتور “كيزا بيسيجي”؛ لكونه أحد أهم زعماء المعارضة المخضرمين الذين لا يُخفون رغبتهم في إنهاء نظام “موسيفيني”، فضلاً عن احتمالات ترشح الدكتور “بيسيجي” في الانتخابات الرئاسية المقبلة لمنافسة “موسيفيني”، مما قد يشعل المنافسة في الانتخابات، ويهدد بقاء “موسيفيني” في السلطة، وذلك إذا اصطفت المعارضة خلف “بيسيجي”، رغم أن عمر “بيسيجي” أيضًا 69 عامًا، وهو ما يعني أنه كبير نسبيًّا كذلك.([6])
2-سعي نظام “موسيفيني” إلى تنفيذ مخطط مشروع موهوزي لتوريث السلطة في أوغندا:
يدرك جميع اللاعبين داخل المشهد السياسي الأوغندي وجود رغبة لدى الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” في توريث السلطة إلى نجله الفريق أول موهوزي كينيروجابا البالغ من العمر 50 عامًا، وهو ما يطلق عليه “مشروع موهوزي” (MK)، وقد تولى الجنرال موهوزي منذ مارس 2024م منصب رئيس قوات الدفاع الشعبية الأوغندية (CDF) بعد تعيينه من والده في هذا المنصب المُهِمّ في الجيش، مما يُسهّل له مسألة التحكم في الجيش، ويُمكّنه أيضًا من عملية شراء الولاءات التي يستطيع من خلالها تمرير مشروع التوريث بسهولة، ونظرًا لرفض المعارضة مشروع التوريث، رغم أن موهوزي قد أعلن أنه لن يترشح في انتخابات الرئاسة 2026م، وأنه سيدعم والده للترشح للولاية السابعة؛ إلا أن المعارضة، وعلى رأسها الدكتور “كيزا بيسيجي”؛ لا تُصدّق تخلّي النظام الحاكم عن فكرة مشروع موهوزي للتوريث، وأن المشروع ما يزال متفقًا عليه داخل الأسرة الحاكمة بين الأب والابن، وأن عملية تأخير تنفيذه لا تعني التخلي عنه، متهمين النظام بأنه يريد فرض نظام مَلكي على أوغندا، ولهذا فإن المعارضة تسعى لتغيير النظام، وهو ما يجعل الرئيس “موسيفيني” يسعى للقضاء عليها لتأمين عملية انتقال السلطة إلى نجله موهوزي مستقبلاً، كما أن الجنرال موهوزي نفسه استخدم حسابه على منصة إكس في العديد من المرات لتهديد المعارضة دون حساب لردود الأفعال الداخلية والخارجية، وآخر تلك التهديدات تصريحه عبر حسابه على منصة إكس بأنه كان يريد قطع رأس زعيم المعارضة “بوبي وايني” لولا أن والده “موسيفيني” منعه من ذلك، كما صرح أيضًا بأنه سيقوم بقتل زعيم المعارضة “كيزا بيسيجي” مع خصيه والتنكيل به قبل إعدامه، لكنه قام بحذف هذه التغريدات لاحقًا.([7])
3-استمرار مساعي زعيم المعارضة الرامية إلى تغيير نظام “موسيفيني”:
رغم عمليات التنكيل المتوالية التي تعرَّض لها الدكتور “كيزا بيسيجي” منذ إعلان معارضته لنظام “موسيفيني” في أواخر التسعينيات، واعتقاله عشرات المرات، مع خضوعه لأكثر من محاكمة، إلا أنه لا يزال متمسكًا بفكرة تغيير نظام “موسيفيني”، معلنًا أنه يريد تفكيك الديكتاتورية المتجذرة في أوغندا، ورغم صعود نجم زعيم المعارضة الشاب “بوبي واين”؛ إلا أن الدكتور “بيسيجي” لا يزال هو صاحب الشخصية القوية التي تستطيع جمع المعارضة تحت مظلة واحدة؛ لكونه زعيم المعارضة المخضرم لسنوات، وبالتالي فإن تصاعد معارضته للنظام تُهدّد بقاء نظام “موسيفيني” الذي قضى في السلطة 40 عامًا حتى الآن، وقد تؤثر ترتيبات المعارضة على النظام في انتخابات الرئاسة المزمع عقدها في يناير 2026م، لذلك سعى من خلال عملية اختطافه ومحاكمته إلى تصفيته سياسيًّا وتشويه صورته أمام الرأي العام المحلي والإقليمي في شرق إفريقيا.([8])
ثالثًا: عملية اختطاف زعيم المعارضة والتُّهَم المُوجَّهة إليه ومسار المحاكمة:
أ-عملية اختطاف “كيزا بيسيجي” ومساعده من كينيا:
لقد بدأت عملية اكتشاف خطف زعيم المعارضة “كيزا بيسيجي” ومساعده الحاج عبيد لوتالي عندما قامت أخت “بيسيجي” بالتواصل مع زوجته المهندسة “ويني بيانيما”، والتي كانت موجودة في جنيف حينها، والتي شغلت منصب سفيرة أوغندا في فرنسا سابقًا، وكذلك عملت عضوة في برلمان أوغندا لولايتين متتاليتين، وتتولي الآن منصب المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز، اعتبارًا من أواخر عام 2019م؛ حيث قامت أخت “بيسيجي” بالاتصال عليها وسؤالها عن مكان زوجها؛ لأنه مُختفٍ وفقدت الاتصال به منذ يوم 16 نوفمبر 2024م، وهو ما جعل زوجته تتصل به لكنها وجدت هاتفه مغلقًا، وبعد إجرائها عدة مكالمات أخبرها أحد الصحفيين عن احتمالات اعتقاله داخل سجن عسكري في العاصمة الأوغندية كمبالا، وهو ما جعلها تتصل بشقيق الرئيس “موسيفيني”، وهو شخصية قوية للغاية، وكان قائدًا للجيش وسألته مباشرة هل تحتجز زوجي، وبعد ساعتين تم إبلاغها أنه سيمثل أمام محكمة عسكرية، وفي يوم 20 نوفمبر ظهر “بيسيجي” أمام المحكمة العسكرية نافيًا التُّهَم الموجهة إليه، وعقب علم زوجته بحقيقة الأمور، عادت مسرعة إلى أوغندا كاشفة عن عملية اختطاف غير قانونية تعرَّض لها زوجها في كينيا؛ حيث تقول: إنه تعرض للخداع مِن قِبَل شخصين أبلغاه أنهما قادران على تقديم الدعم لحزبه السياسي الجديد الجبهة الشعبية من أجل الحرية PFF))، لكن خلال الاجتماع بهم تم قطع الاجتماع واقتاده رجال الأمن الأوغنديون من كينيا بالسيارة ليلاً عبر الحدود، وصرح وزير الإعلام الأوغندي أن المحققين جمعوا معلومات استخباراتية كافية لاعتقاله أثناء وجوده في نيروبي.([9])
وقد أوضحت زوجة “بيسيجي” أنه كان قد ذهب إلى كينيا من أجل المشاركة في حضور حفل توقيع كتاب للسياسية الكينية المعارضة “مارثا كاروا”، لكن تم استدراجه مِن قِبَل خاطفيه الأوغنديين الذين تنكروا في صورة عملاء أمن كينين؛ حيث تم التجسس على “بيسيجي” وتعقُّبه منذ صعوده إلى الطائرة في مطار عنتيبي في أوغندا، متوجهًا إلى العاصمة الكينية نيروبي، فبعد وصوله إلى نيروبي صباح 16 نوفمبر 2024م، استقل سيارة هو ورفيقه الحاج عبيد لوتالي إلى الفندق، وبعد ساعات قليلة غادر الفندق وتوجه لحضور اجتماع خاص مع رفيقه لوتالي؛ حيث كان من المقرر أن يلتقيا بمواطن أوغندي ومواطن بريطاني مجهولا الهوية داخل إحدى الشقق الواقعة على طريق ريفرسايد درايف في نيروبي؛ حيث صرحت زوجته أن المواطن البريطاني أراد أن يقدم “بيسيجي” لمجموعة من رجال الأعمال الراغبين في تقديم دعم مالي للجبهة الشعبية من أجل الحرية (PFF) الحزب السياسي الجديد الذي لم تتم الموافقة عليه حتى الآن رسميًّا، والذي أنشأه “بيسيجي” بعد انفصاله قبل عدة أشهر عن منتدى التغيير الديمقراطي (FDC) الذي كان قد أسَّسه قبل عقدين من الزمان، لكن خلال اللقاء مع هؤلاء المجهولين، لُوحِظ أن أحدهما كان يحمل مسدسين، بجانب وجود صندوق مخبأ مخصص للأموال، وبعد حديث قصير معهم فوجئ “بيسيجي” ورفيقه بدخول ثمانية أشخاص يرتدون ملابس مدنية قالوا: إنهم من ضباط الشرطة الكينية، وأخبروا “بيسيجي” ورفيقه أنهم قيد الاعتقال، وقد حاول “بيسيجي” أن يُوضّح لهم أنه ليس له علاقة بالأشياء الموجودة في الغرفة، لكنهم لم يستمعوا إليه، وقاموا بالقبض عليهما، ووضعوهم في سيارة تحمل أرقام كينية وقادوهم ليلاً نحو الحدود مع أوغندا، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي شُوهِد فيها الرجلان؛ حيث تم القبض عليهما، ونقلهما إلى أوغندا بدون أمتعتهما بما في ذلك جوازات سفرهما؛ حيث تم ترحيلهما عبر معبر مالابا الحدودي دون توقف حتى لإجراء الفحوص الأمنية الروتينية، ولم يتم سوى تغيير المركبات فقط من مركبات كينية إلى أوغندية، وقد تلا ذلك تسليمهما إلى المحكمة العسكرية في أوغندا، بدون إجراءات تسليم رسمية من السلطات الكينية إلى السلطات الأوغندية، ليظهرا أمام المحكمة بعد 4 أيام من عملية اختطافهما؛ حيث أضافت زوجة “بيسيجي” أن هذه العملية كانت مخططة بشكل جيد للإيقاع بزوجها للتخلص منه وتلفيق التهم إليه.([10])
هذا وقد اتهمت زوجة “بيسيجي” الرئيس “موسيفيني” ونجله “موهوزي” برغبتهما في التخلص من زوجها؛ من خلال تقويض صحته وتعريضه للموت البطيء، من خلال احتجازه في ظل ظروف غير قانونية مشكوك في صحتها، واعتبرت أن إضراب زوجها عن الطعام واعتلال صحته خلال محاكمته أمام محكمة عسكرية، بمثابة الطريقة الوحيدة المتبقية له للاحتجاج على القمع المتواصل للنظام ضده؛ لأنه لا يملك إلا الاحتجاج بجسده ليقول “لا”؛ لأنه آخر سلاح لديه لمعارضة استبداد النظام داخل محبسه الذي أُسِرَ فيه؛ على حد تصريحات زوجته.
ب-التُّهَم المُوجَّهة إليهم:
تتمثل الاتهامات الموجهة إلى كل من الدكتور “كيزا بيسيجي” البالغ من العمر 69 عامًا، ومساعده الحاج عبيد لوتالي كاموليجيا البالغ من العمر 65 عامًا، والكابتن دينيس أولا، البالغ من العمر 48 عامًا”، وهو نقيب في لواء المدرعات بالجيش الأوغندي تم الزَّجّ باسمه في هذه القضية”، بجانب أشخاص معاونين لهم ما زالوا طلقاء، أنهم قد خططوا للإطاحة بالحكومة الأوغندية بقوة السلاح بين عامي 2023 و2024م، وقد سعوا لتنفيذ هذه المؤامرة ضد الحكومة وطلب الدعم العسكري من الخارج لزعزعة الأمن القومي، بحسب الاتهامات الرسمية عن طريق التخطيط لها خارج وداخل البلاد؛ من خلال عقدهم عدة اجتماعات في جنيف بسويسرا، وأثينا باليونان، ونيروبي بكينيا، ومدينة كمبالا العاصمة الأوغندية؛ حيث قاموا بتوفير الدعم اللوجستي للمواطنين الأوغنديين للسفر إلى مدينة كيسومو في كينيا لتلقي التدريب العسكري والاستخباراتي للإطاحة بالحكومة بالقوة المسلحة، بجانب طلبهم المساعدة المالية والعسكرية واللوجستية لتنفيذ خطتهم، كما تم توجيه عدة تُهَم أخرى إليهم؛ تتمثل في اتهامهم بالخيانة العظمى التي يُعاقَب عليها بالإعدام، والحيازة غير القانونية لسلاح ناري، والحيازة غير القانونية للذخيرة، وتهديد الأمن القومي، وقد نفى المتهمون هذه الاتهامات جملةً وتفصيلاً؛ معتبرين أن محاكمتهم ذات دوافع سياسية.([11])
ج-مسار المحاكمة حتى الآن:
1-المحكمة العسكرية:
لقد ظهر “بيسيجي” ومساعده الحاج عبيد لوتالي أمام المحكمة العسكرية في مقاطعة ماكيندي بكمبالا للمرة الأولى في تاريخ 20 نوفمبر 2024م؛ حيث تم نقلهم إلى المحكمة في موكب يضم ثلاث مركبات عسكرية برفقة عدد من الضباط العسكريين، وقد كان في انتظارهم أمام المحكمة عدد من أنصار “بيسيجي” ومجموعة من الصحفيين؛ حيث حدث توتر بعدما طلب الضباط منهم البقاء في الخارج، ولكن سرعان ما تم السماح لهم بالدخول، وقد وجهت لجنة مكونة من 7 عسكريين برئاسة رئيس المحكمة العميد فريمان موجابي التُّهَم إلى “بيسيجي” ومساعده، في حين أعلن اعتراضه على توجيه الاتهامات إليه أمام المحكمة العسكرية؛ لأنه ليس جنديًّا، بجانب اعتراضه على عدم تمثيله قانونيًّا وعدم تمكينه من التحدث مع محاميه، وبعد تعليق المحكمة لمدة ربع ساعة تم استئنافها، وقضت المحكمة أن التُّهَم الموجهة إلى المتهمين تجعلهما تحت اختصاص المحكمة العسكرية؛ حيث وُجِّهت لهما أربع تُهَم تتمثل في حيازة أسلحة نارية وذخائر حية، وعقد اجتماعات في الخارج لتقويض أمن الجيش، وقد أنكروا جميع الاتهامات المنسوبة إليهم، وقد طالب المدعي العام من المحكمة العسكرية حبس المتهمَيْن في سجنين منفصلين؛ إلا أن محاميهما قال: إن المتهمين بحاجة إلى أن يكونا معًا؛ لأنهما متهمان بشكل مشترك، وعليهما إعداد دفاعهما معًا، وكذلك رفض محامي المتهمين عملية المحاكمة؛ لأن ترحيلهم إلى أوغندا تم دون إجراءات رسمية، وكذلك التُّهَم الموجهة إليهما لا توضح القانون الذي تم انتهاكه هل قانون أوغندا أم كينيا.
وعقب انتهاء جلسة المحاكمة تم إعادة المتهمين إلى سجن لوزيرا، وقد استمرت عملية محاكمتهم أمام المحكمة العسكرية؛ حيث عدَّل المدعي العام العسكري لائحة الاتهام لتشمل الخيانة بجانب تهم حيازة أسلحة وذخائر مع إضافته لمشتبه به ثالث وهو الكابتن دينيس أولا، ونظرًا لتواصل الضغوط الدولية والإقليمية والمحلية على الحكومة، بجانب إضراب “بيسيجي” عن الطعام وخشية موته تحت الحبس الاحتياطي، فقد تم نقل ملف محاكمته هو ومساعده إلى قسم الجنايات بالمحكمة العليا استجابةً لحكم المحكمة العليا الرافض لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.([12])
2-المحكمة المدنية:
لقد مثل الدكتور “بيسيجي” للمرة الأولى أمام المحكمة المدنية لفترة وجيزة، وذلك في يوم الأربعاء الموافق 19 فبراير 2025م؛ حيث ظهرت عليه علامات الضعف بشكل واضح بسبب إضرابه عن الطعام؛ احتجاجًا على استمرار اعتقاله في سجن شديد الحراسة، ومحاكمته أمام محكمة عسكرية، رغم أنه شخص مدني، ولا يجوز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وفقًا لحكم المحكمة العليا في أوغندا الذي أصدرته يوم 31 يناير 2025م؛ حيث قال رئيس المحكمة العليا في أوغندا ألفونس أويني في أثناء قراءة الحكم الذي أصدرته لجنة من قضاة المحكمة العليا: إن محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية أمر غير دستوري، وأمر بوقف أيّ محاكمات جارية أو مُعلّقة للمدنيين أمام المحاكم العسكرية على الفور، مضيفًا أنه يجب تحويل كافة المحاكمات الجارية إلى محاكم مدنية.([13])
وقد حاول محامو الدكتور “بيسيجي” إطلاق سراحه، لكنّ القاضي علّق الجلسة محتجًّا بأنه لا يستطيع متابعة الإجراءات؛ لأن المتهم مريض للغاية، ونظرًا لشدة مرضه خلال المحاكمة فقد تم نقله إلى منشأة طبية خاصة بسيارة إسعاف تابعة للسجن بعد تدهور حالته الصحية؛ حيث أمضى فيها ليلة قبل أن تتم إعادته إلى السجن، وبعد أن تم عرضه للمحاكمة في يوم 20 فبراير 2025م أمام محكمة مدنية وتوجيه اتهامات رسمية إليه، أوقف عملية إضرابه عن الطعام، معربًا عن راحته بمحاكمته أمام محكمة مدنية، ووقف محاكمته عسكريًّا. وقد أمرت المحكمة بتعليق محاكمته لمدة 60 يومًا للسماح له بالتعافي، وعلى الرغم من أن المحاكم المدنية تُوفّر مظهرًا من مظاهر العدالة؛ حيث إن قضاة المحاكم المدنية مستقلون بينما يتم تعيين قضاة المحاكم العسكرية مِن قِبَل الرئيس الأوغندي، إلا أن النظام الحاكم بزعامة “موسيفيني” يسيطر على كل شيء في أوغندا، ويكفي أن تُهَم الدكتور “بيسيجي” كانت الخيانة وحيازة الأسلحة أمام المحكمة العسكرية، لكن التهم الجديدة تحولت إلى الخيانة العظمى!([14])
وفي آخر تطور لمسار المحاكمة؛ فقد سعى المدعي العام إلى الحصول على إذن من المحكمة للوصول إلى الهواتف المحمولة للدكتور “بيسيجي” وشريكه الحاج عبيد لوتالي، وذلك لإجراء التحليل الجنائي للهواتف؛ حيث يرى ممثل الادعاء أن الهواتف المحمولة للمتهمين فد تحتوي على أدلة حاسمة تتعلق بإخفاء أنشطة تثبت تهمة الخيانة العظمى ضدهم، ومن جانب أنصار “بيسيجي” يخشون من أن تكون الهواتف المحمولة للمتهمين التي كانت موجودة في عهدة السجن قد تعرضت للاختراق مؤخرًا؛ حيث إن الحسابات الموجودة على الهواتف كالواتس آب كانت نشطة رغم أن إدارة السجن لا تسمح بعدم وصول السجناء للهواتف الخاصة بهم، وهو ما يُوحي بأن الهواتف قد تعرضت لاختراق بهدف وضع أدلة مكذوبة عليها لإدانة المتهمين على خلاف الحقيقة.([15])
وكذلك رفضت رئيسة المحكمة العليا في كامبالا القاضية روزيت كومفورت كانيا، خلال ترأسها جلسة المحاكمة التي عقدت يوم 11 أبريل 2025م طلب الإفراج بكفالة عن الدكتور “بيسيجي” ومساعده الحاج عبيد لوتالي، رغم أن طلب الكفالة قدّم تسعة أسباب تدعو لقبول الطلب من بينها سوء الحالة الصحية بسبب تقدم المتهمين في السن، وظروف السجن القاسية، وطول فترة الحبس الاحتياطي دون محاكمة، وقد استندت رئيسة المحكمة في رفضها لطلب الكفالة إلى خطورة التهم الموجهة إلى المتهمين والخوف من تدخلهما في التحقيقيات الجارية؛ نظرًا لنفوذهما، في حالة الإفراج عنهما بكفالة، وذلك رغم أن هيئة المحكمة العليا رأت أن طلب الكفالة وشروطها التي قدمها “بيسيجي” ومساعده كافية، إلا أنه رغم مرور ما يزيد عن 165 يومًا منذ اعتقال “بيسيجي” ومساعده في كينيا، لا تزال رئيسة المحكمة مصمّمة على رفض طلب الافراج عنهما بكفالة بحجة أن الجرائم المتهمين بها ارتُكبت في مواقع مختلفة في أوغندا ودول أخرى، وهو ما يتطلب مزيدًا من الوقت والموارد لإكمال التحقيقات التي لا تزال جارية، مشيرة إلى أن مصلحة العدالة تقتضي رفض طلب الإفراج عنهما بكفالة في هذا التوقيت، وأن المحكمة لها سلطة تقديرية في قبول طلب الكفالة من عدمه بما يتفق مع مصالح الأمن القومي، ليظل الدكتور “بيسيجي” والمتهمون معه قابعين في السجن تحت الحبس الاحتياطي حتى هذه اللحظة، لكنّ محاميهم أعلنوا أنهم سيستأنفون قرار المحكمة؛ لأن استمرار حبس “بيسيجي” دون رعاية طبية من شأنه أن يُعرِّض حياته للخطر، ولذلك تقدموا بطلب إخلاء سبيل جديد لم يُفصَل فيه حتى الآن، مع تزايد الانتقادات الشعبية لرئيسة المحكمة لتعنُّتها، واتهام نقابة المحامين الأوغندية لحكمها بأنه غير شرعي.([16])
كما تعرض إيرون كييزا وهو محامي متخصص في حقوق الإنسان إلى الاعتقال والضرب والتعذيب على يد مجموعة من الجنود أثناء دخوله قاعة المحكمة العسكرية يوم 7 يناير 2025م؛ حيث كان سيمثل الدكتور “بيسيجي” ومساعده عبيد لوتالي أمام المحكمة؛ حيث أُدين محامي المتهمين بتهمة ازدراء المحكمة وحكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر في نفس اليوم، ونُقل على الفور إلى سجن كيتاليا، وهو ما جعل منظمات حقوق الإنسان تطالب بالإفراج الفوري عنه، وكذلك صرح زملاؤه المحامون الذين تمكنوا من زيارته في السجن بظهور علامات التعذيب النفسي والجسدي عليه؛ حيث كانت معظم أجزاء جسده وخاصة مفاصل الركبتين والأظافر والرأس متورمة، وبعد مكوثه لشهور خلف أسوار السجن، وسعي محاميه إلى محاولة الإفراج عنه، من خلال الطعن في الحكم الصادر ضده، فقد تم الإفراج عنه يوم 4 أبريل 2025م بكفالة قدرها 20 مليون شلن أوغندي أي ما يعادل 5 آلاف يورو مع تسليم جواز سفره؛ لضمان عدم هروبه للخارج، وانتظار إعادة محاكمته أمام محكمة الاستئناف.([17])
ثالثًا: ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية من المحاكمة:
أ-ردود الفعل المحلية:
1-موقف الحكومة الأوغندية:
من جانب الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” فقد رفض المطالبات العديدة التي تطالبه بالإفراج عن الدكتور “بيسيجي” ورفاقه، داعيًا إلى محاسبته على الجرائم الخطيرة للغاية التي يزعم أنه كان يخطط لارتكابها، معتبرًا أن إضراب “بيسيجي” عن الطعام بمثابة عملية ابتزاز، كما رفض الرئيس أيضًا حكم المحكمة العليا التي أصدرته في يناير 2025م، والذي قضى بأن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أمر غير دستوري، معتبرًا أن حكمها هذا كان قرارًا خاطئًا، وتعهد بالطعن فيه، كما أضاف الرئيس “موسيفيني” في بيان أن أوغندا لن تتخلى عن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية؛ لأنها أداة مفيدة للاستقرار وتعمل على حماية المجتمع من خطر المسلحين بالبنادق بصورة غير قانونية؛ وذلك على حد قوله([18])
ومن جانب نجل الرئيس “موسيفيني”، الجنرال موهوزي كينيروغابا، الذي يشغل منصب قائد قوات الدفاع الشعبية الأوغندية (UPDF)؛ فقد صرح خلال منشور له عبر حسابه الرسمي على منصة إكس بأن “بيسيجي” كان يخطط لاغتيال والده، مما يجعله يستحق الإعدام، كما صرح بأنه سيقوم بشنق الدكتور “بيسيجي” في يوم 9 يونيو المخصص للاحتفال بيوم الأبطال في أوغندا، لكنه قرر أن يسرع عملية شنقه لتكون يوم 9 مايو 2025م بسبب تدخل بعض نواب المعارضة في البرلمان المدافعين عن “بيسيجي”، واصفًا إياهم بالحمقى، وهو ما جعل الرأي العام يُدين هذه التصريحات من نجل الرئيس الذي يسعى أن يكون خليفته في السلطة، معتبرين ذلك توجيهًا واضحًا للمحاكم، ومنحها تعليمات بإصدار أحكام تقضي بإعدام الدكتور “بيسيجي”.([19])
وبجانب ما سبق؛ فقد صرّح المتحدث باسم الجيش الأوغندي بأنه لن يتم إطلاق سراح “بيسيجي” تحت أيّ ظرف من الظروف حتى يتم محاكمته على جرائمه، مؤكدًا على أن المحكمة العسكرية العامة ستواصل محاكمة أيّ شخص يتآمر لاغتيال الرئيس أو يسعى للقيام بتمرد مسلح ضد أوغندا، أو يتورط في أعمال إرهابية ضد شعب أوغندا، وقد اعتبرت هذه التصريحات مؤشرًا على انهيار سيادة القانون في أوغندا، وهيمنة الجيش على السلطة المدنية وإسقاط النظام الدستوري، والوقوع في فخ الحكم العسكري.
هذا، وقد أعلنت الحكومة الأوغندية في 18 أبريل 2025م عن اعتزامها تقديم قانون يسمح للمحاكم العسكرية بمحاكمة المدنيين في بعض الجرائم، وذلك رغم حكم المحكمة العليا الرافض لهذه الممارسات، وهو ما دفع نشطاء حقوق الإنسان وقادة المعارضة إلى اتهام الحكومة باستخدام المحاكم العسكرية لمقاضاة وسحق قادة المعارضة وأنصارهم بتُهَم ذات دوافع سياسية، وهو ما تنفيه الحكومة، وفي حالة تمرير هذا القانون يمكن أن تقوم الحكومة من جديد بإعادة محاكمة الدكتور “بيسيجي” ورفاقه أمام المحاكم العسكرية.([20])
وفضلاً عن ذلك، فقد طلبت الحكومة من المحكمة العليا في كامبالا رفض طلب الإفراج عن “بيسيجي” عندما طلب ذلك أكثر من مرة بحجة أنها تخشى خطر هروب المتهمين من البلاد؛ لأنهم يواجهون جرائم يُعاقَب عليها بالإعدام؛ حيث صرح مفتش الشرطة ويلبيرن باتورا وهو أحد المحققين الذين يتولون التحقيق في القضية أن التُّهَم المُوجَّهة إليهم خطيرة، وتمس الصالح العام، وتؤثر على الأمن القومي لأوغندا، بوصفها جرائم عابرة للحدود، كما أضافت الحكومة في معرض ردّها على طلب “بيسيجي” واتهامه للحكومة بالاضطهاد لشخصه رغم أنه مواطن ملتزم بالقانون، بأن كلامه مجرد مزاعم وادعاءات واصفة إياه بأنه شخص عدواني غير ملتزم بالقانون، وفي صراع دائم مع القانون على مر السنين؛ حيث أظهر استخفافًا متكررًا بالقانون والنظام، وسِجِلّه مليء بالاعتقالات والتُّهَم الجنائية.([21])
وفي ذات السياق فقد دعا بعض أنصار الحكومة الأوغندية إلى إعدام الدكتور “بيسيجي”، ومن بينهم المحلل السياسي الأوغندي أندرو مويندا المقرب من النظام؛ حيث اتهموا الدكتور “بيسيجي” بالسعي إلى قلب نظام الحكم والتخطيط لاغتيال الرئيس الأوغندي، مستدلين على دعواهم ببعض التسجيلات والمقاطع الصوتية التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يُزعم أنها بصوت الدكتور “بيسيجي”، ويناقش خلالها مع شخص بريطاني خططًا للاستيلاء على السلطة بالقوة وطلب شراء أسلحة وطائرات مقاتلة من الخارج، وهو ما يُهدّد الأمن القومي في أوغندا، غير أن هذه التسجيلات لم يتم تقديمها للمحاكمة كدليل ضد “بيسيجي”، لكنّ أنصار “بيسيجي” وزوجته أكدوا على أن هذه التسجيلات الصوتية مُزيَّفة، وتم صناعتها باستخدام الذكاء الاصطناعي لتشويه صورة زوجها واتهامه ظلمًا بالتآمر ضد الدولة.([22])
2-موقف البرلمان الأوغندي:
لقد تعاطف مجموعة من نواب البرلمان الأوغندي مع قضية الدكتور “بيسيجي”، وخاصةً النواب المؤيدين له؛ حيث قام أربعة نواب بتقديم أنفسهم كضامنين للدكتور “بيسيجي” في طلب الكفالة المُقدَّم للمحكمة من أجل الإفراج عنه، وأنهم مسؤولون عن تقديمه للمحكمة في حالة طلبها له، لكنّ المحكمة رفضت ذلك الضمان من هؤلاء البرلمانيين، كما انتقد مجموعة من المشرعين كلاً من حكومة كينيا وأوغندا بسبب اعتقاله وتسليمه ومحاكمته أمام محكمة عسكرية، رغم أنه مدني، وبعد ضغوط برلمانية تم نقل ملف “بيسيجي” إلى المحكمة المدنية في 19 فبراير 2025م.
وفي ذات السياق أعربت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوغندي عن مخاوفها بشأن ظروف احتجاز زعيم المعارضة “بيسيجي” ومرافقه، مبدية قلقها بشأن معاملتهم وسلامتهم، وقد قامت اللجنة بناء على توجيه من البرلمان بزيارة إلى سجن لوزيرا شديد الحراسة في 24 يناير 2025م عندما كان “بيسيجي” موجودًا فيه خلال محاكمته العسكرية، وذلك من أجل التحقيق في ظروف احتجاز المتهمين، وقد صرحت اللجنة أن “بيسيجي” أعرب خلال لقائه معها عن قلقه العميق بشأن سلامته الشخصية داخل السجن؛ حيث صرح أنه يخشى من التعرض للتسمم أو القتل داخل السجن، خاصةً في ظل وجود حوادث ليلية في السجن وعمليات حرب أعصاب يقوم حراس السجن بارتكابها ليلاً لترويع السجناء السياسيين، كما أبدى “بيسيجي” انزعاجه حينها من وضعه داخل السجن الانفرادي؛ حيث تم منعه من الحديث مع باقي السجناء، ومنعه من حضور صلاة الجماعة، وهو ما يُعتَبر انتهاكًا لحقوقه داخل السجن، وقد أعربت اللجنة المرسلة من البرلمان عن مخاوفها على صحة “بيسيجي”؛ لأنه لا يتناول وجبات الطعام التي يُوفّرها له السجن خوفًا على نفسه من عمليات التسمم المحتمل، وحذرت لجنة حقوق الانسان البرلمانية أيضًا من مسألة استمرار حبسه الانفرادي؛ لأنه ينتهك حقوقه، وقد يتسبَّب في حدوث أضرار لصحته العقلية.([23])
كما قامت مجموعة أخرى من نواب البرلمان بتقديم تقرير أعده السيد جوناثان أودور ممثل مقاطعة إيروت الجنوبية، أعربوا خلاله عن سخطهم من عملية اعتقال ومحاكمة “بيسيجي”، متضامنين مع مخاوفه من التعرض للقتل داخل السجن، كما حذر نواب آخرون الحكومة من العواقب المحتملة لظروف احتجاز الدكتور “بيسيجي”، محملين الحكومة المسؤولية عن أيّ سوء يتعرَّض له، كما اقترح نواب آخرون إخراجه من السجن ووضعه بدلاً من ذلك في بيته تحت الإقامة الجبرية.
ومن جانب زعيم المعارضة البرلمانية النائب جويل سينيوني فقد وصف محاكمة “بيسيجي” بأنها محاكمة عقابية وذات دوافع سياسية، منتقدًا سوء معاملتهم ورفض طلب الإفراج عنهم رغم عدم إدانتهم، معتبرًا أنهم سجناء سياسيون، وقد اعتمد البرلمان التقارير المقدمة أمامه بشأن ظروف احتجاز “بيسيجي”، مستثنيًا الاقتراح الوارد بوقف محاكمته أمام محكمة عسكرية.
وخلال جلسة استماع في البرلمان انتقد عدد من نواب المعارضة وزير العدل والمدعي العام بسبب المماطلة في إنهاء محاكمة “بيسيجي”؛ حيث يرى البعض -بما فيهم أنصاره ومحاموه- أن الحكومة تقوم بمناورات لعرقلة مسار المحاكمة بصورة سريعة وعادلة من أجل إبقاء “بيسيجي” داخل أسوار السجن، وقد رد وزير العدل الأوغندي خلال جلسة الاستماع في البرلمان على تساؤلات النواب متهمًا محامي “بيسيجي” بأنهم هم سبب عدم إنجاز الإجراءات الورقية بالسرعة الكافية، وذلك خلال فترة المحاكمة العسكرية، وهو ما أثار غضب النواب؛ لأن المدعي العام هو الذي استأنف القضية من أجل إطالة مدة المحاكمة وإبقاء “بيسيجي” في السجن.
3-موقف المعارضة الأوغندية:
لقد أعربت أحزاب وتيارات المعارضة المختلفة في أوغندا عن إدانتها ورفضها لعملية اختطاف ومحاكمة زعيم المعارضة التاريخي الدكتور “بيسيجي”؛ حيث أعلن المعارض الشاب “بوبي واين” زعيم حزب منصة الوحدة الوطنية NUP)) المنافس الرئيسي ضد الرئيس الأوغندي في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2021م، عن أن القضية التي يُحاكَم فيها الدكتور “بيسيجي” عبارة عن اضطهاد وليست محاكمة قضائية، مؤكدًا على وجود ضغوط تُمارَس على السلطة القضائية لمحاكمته والتنكيل به، بجانب قيامه بتنظيم زيارة إلى الدكتور “بيسيجي” برفقة مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان؛ إلا أن ضباط السجن لم يسمحوا لهم برؤيته ولقائه، ويذكر أن المعارض “بوبي واين” كان قد تعرَّض للمحاكمة سابقًا أمام محكمة عسكرية بتهمة حيازة أسلحة.([24])
كما اتهم نشطاء حقوق الإنسان وسياسيون معارضون حكومة “موسيفيني” باستخدام المحاكم العسكرية لمقاضاة زعماء المعارضة وأنصارهم بتُهَم ذات دوافع سياسية؛ حيث طالب زعماء حزب منصة الوحدة الوطنية (NUP) بالإفراج عن “بيسيجي” وكافة السجناء السياسيين بما فيهم فريد نيانزي الذي تم اختطافه في كامبالا على يد رجال مسلحين في فبراير الماضي، وهو أحد مسؤولي الحزب وشقيق زعيم المعارضة الشاب “بوبي واين”، مهددين بإطلاق موجة من الاحتجاجات الجماهيرية ضد ممارسات الحكومة القمعية التي تتبناها تجاه المعارضة، كما نظَّم مجموعة من زعماء الحزب السياسي المنتمي إليه “بيسيجي” مجموعة من الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عنه في العاصمة كامبالا، وهو ما جعل الشرطة تعتقل خمسة ناشطين على الأقل من بين هؤلاء المعارضين، لينضموا إلى آلاف المعارضين المعتقلين في سجون نظام “موسيفيني”، والذي يلقي بعضهم حتفه في السجن بسبب التعذيب المستمر، مثلما حدث للنائب البرلماني المعارض محمد سسيجيرينيا الذي مات في يناير 2025م بعد خروجه من السجن بشهور قليلة.([25])
وفي ذات السياق، قامت مجموعة من أحزاب المعارضة ونواب البرلمان والنشطاء المعارضين بتنظيم قداس في كنيسة جيمس الكاثوليكية في كامبالا، وإطلاق حملة صلاة وطنية من أجل التضامن مع السجناء السياسيين، والدعوة إلى إطلاق سراحهم، بما فيهم الدكتور “بيسيجي”، وقد أعلنوا خلال القداس أنهم أطلقوا حملة الصلاة من أجل تقديم مظالمهم إلى الله؛ لأنهم يعيشون في بلد جميل، لكن قادته سيئون للغاية، مما جعل الجميع يعيشون في سجن كبير يُدعى أوغندا، وقد دعا الأب الذي ترأس القداس جميع القادة السياسيين أن يتمتعوا بالنزاهة والصدق واحترام الحقيقة، والتوقف عن نموذج السياسي السيئ الذي يقول شيئًا ويفعل شيئًا آخر؛ حيث أصبح من الصعب استخراج الحقائق من السياسيين في هذا الزمان؛ على حد قوله. ([26])
4-موقف المنظمات الحقوقية المحلية:
أدانت العديد من المنظمات الحقوقية المحلية في أوغندا عملية اختطاف ومحاكمة الدكتور “بيسيجي”، ودعت إلى الإفراج عنه، كما قامت بعض المنظمات الأخرى بمراقبة اجراءات المحاكمة التي يخضع لها “بيسيجي” ومن بين تلك المنظمات لجنة حقوق الإنسان الأوغندية (UHRC)؛ حيث أرسلت لجنة إلى مقر المحكمة العسكرية لمتابعة عملية المحاكمة وظروف احتجاز “بيسيجي”؛ حيث التقت به وتواصلت معه، ونفى الاتهامات المنسوبة إليه أمام هذه اللجنة.([27])
5-المواقف الشعبية:
نظرا لأن “بيسيجي” يتمتع بشعبية كبيرة في أوغندا وخاصة في الأوساط الشبابية؛ فقد حظيت مسألة اختطافه ومحاكمته بمتابعة شعبية كبيرة؛ حيث نظّم مئات الأشخاص عددًا من الاحتجاجات في مختلف مناطق أوغندا للمطالبة بالإفراج عنه، كما تصدرت محاكمته النقاش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وطالب الآلاف بضرورة الإفراج عنه وتقديمه للرعاية الطبية العاجلة، كما أقيمت العديد من الصلوات الدينية من أجل الإفراج عن “بيسيجي” وكافة السجناء السياسيين، وذلك بحضور زوجة “بيسيجي” التي تَعتبر مسألة الإفراج عنه هي معركة حياتها؛ حيث صرحت في المحكمة أنها مُدمّرة ولكنها غير متفاجئة بمعاملة “موسيفيني” القاسية مع زوجها، كما انتقدت “موسيفيني” بشدة لافتقاره إلى الانسانية والرحمة.
ب-ردود الفعل الإقليمية:
نظرًا لأن زعيم المعارضة الأوغندية شخصية معروفة في إقليم شرق إفريقيا؛ فقد كان لعملية اختطافه من كينيا وترحيله إلى أوغندا ومحاكمته، صدًى إقليمي واسع النطاق، وتتمثل أبرز ردود الفعل الإقليمية فيما يلي:
1-إدانة الحكومة الكينية مِن قِبَل أنصار الدكتور “بيسيجي” والمنظمات الحقوقية؛ بسبب تنسيقها مع السلطات الأوغندية في عملية اختطاف “بيسيجي” داخل الأراضي الكينية وترحيله إلى أوغندا، وهو ما يُعدّ انتهاكًا مِن قِبَل الحكومة الكينية لالتزاماتها الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان وقوانين التسليم الدولية التي تتطلب اتخاذ إجراءات قانونية وإشراف قضائي قبل نقل الأفراد المطلوبين عبر الحدود من دولة لأخرى، وهو ما لم تلتزم به السلطات الكينية، وفي حين تُصِرّ الحكومة الكينية على أنها لم تلعب أيّ دور في هذه العملية، وأنها تحقق في الحادث، فإن الحكومة الأوغندية أكَّدت أن كينيا كانت على علم كامل بخطة استهداف “بيسيجي”، مستشهدة بالمراسلات الاستخباراتية المتبادلة التي كانت تهدف إلى تعقُّب “بيسيجي”، وهو ما أثار الخوف من وجود تبادل سري للمعلومات الاستخباراتية بين الدولتين، مما قد يستهدف المعارضة بصورة غير قانونية.([28])
2-تصاعد الانتقادات إلى الحكومة الكينية الحالية؛ بسبب دورها في تعقُّب المعارضين السياسيين وترحيلهم إلى دولهم، وتعريضهم لخطر الإعدام؛ حيث انتقد زعيم المعارضة “بوبي واين” الحكومة الكينية قائلاً: “إن كينيا التي كانت في السابق ملاذًا آمنًا للمعارضين الأوغنديين؛ أصبحت بشكل متزايد منطقة عمليات للنظام الديكتاتوري في أوغندا”. ويتصاعد النقد للحكومة الكينية بعدما قامت أيضًا في يوليو 2024م بالقبض على 36 عضوًا في حزب “منتدى التغيير الديمقراطي” كانوا موجودين في منطقة كيسومو غرب كينيا؛ حيث تم القبض عليهم وترحيلهم إلى أوغندا، وتمت محاكمتهم بتهم الإرهاب.
وبسبب هذه التصرفات من كينيا؛ فقد تم تصنيفها كعاصمة للاختطاف في العالم؛ نظرًا للعدد الهائل من الأجانب الذين يتم اختطافهم على الأراضي الكينية، وتسليمهم إلى بلدانهم لمواجهة المحاكمة، وهو ما جعل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعرب عن قلقها العميق بعدما قامت الحكومة الكينية باختطاف أربعة لاجئين معارضين أتراك، وتم ترحيلهم إلى الحكومة التركية مؤخرًا، وهو ما يُمثّل انتهاكًا للقانون الدولي.([29])
3-قيام إيرساس لوكواجو محامي الدكتور “بيسيجي” خلال إلقائه كلمة في حفل إعادة تسمية الحزب السياسي الذي تنتمي إليه وزيرة العدل الكينية السابقة “مارثا كاروا”، بمطالبة المشرعين وأعضاء البرلمان في كينيا بتوجيه السؤال إلى الحكومة الكينية للإفصاح عن عملية اعتقال وتسليم المعارض “بيسيجي” إلى أوغندا؛ حيث لم تعلق الحكومة الكينية على الأمر مطلقًا، وهو ما يشير إلى تورُّطها في عملية الاختطاف، والسماح لقوات الأمن الأوغندية بانتهاك سيادة كينيا وسلامة أراضيها، كما انتقد عدم اتباع الإجراءات والآليات الخاصة بقوانين تسليم المجرمين المتفق عليها بين البلدين وفقًا للمعاهدات المبرمة بينهما، وإساءة استخدام القوانين، داعيًا إلى محاربة عمليات الاختطاف العابرة للحدود الوطنية تحت مظلة مجموعة شرق إفريقيا، ويُذكَر أن مجلس الشيوخ الكيني ناقش عملية اختطاف “بيسيجي” بعد تشبيهها بعمليات المافيا.
4-قيام ما يزيد عن 12 منظمة من منظمات حقوق الإنسان والنقابات في كينيا بقيادة منظمة العفو الدولية في كينيا ومنظمة فوكال إفريقيا، ونقابات المحامين والأطباء وأطباء الأسنان في كينيا، بتنظيم مجموعة من الاحتجاجات تضامنًا مع الدكتور “بيسيجي”؛ حيث انطلقت مجموعة من المظاهرات السلمية في ممشى أغا خان بمنطقة الأعمال المركزية في العاصمة الكينية نيروبي، وقد حمل المتظاهرون لافتات ورددوا شعارات تدين حكومة “موسيفيني”، كما طالبوا بالإفراج عن “بيسيجي”، مدينين لحكومة “موسيفيني” واصفين إياها بأنها حكومة استبدادية وقمعية، كما قام المحتجون بالتوجُّه إلى مبنى البرلمان الكيني وسلموه عريضة لمطالبته بالتدخل للإفراج عن “بيسيجي”، محملين فيها حكومة كينيا المسؤولية عن عملية اختطاف “بيسيجي” وتسليمه دون احترام لقوانين التسليم الدولية، فضلاً عن توجههم إلى السفارة الأوغندية في كينيا لتقديم عريضة احتجاج على اعتقال ومحاكمة “بيسيجي”.
ومن جانبها، فقد حشدت الشرطة الكينية العشرات من أفراد شرطة مكافحة الشغب للتعامل مع هذه الاحتجاجات؛ حيث قامت بنشرها في أماكن الاحتجاجات، وخاصة أمام مقر السفارة الأوغندية في كينيا، وأمام مقر وزارة الخارجية وقصر الرئاسة والبرلمان في كينيا؛ حيث قامت بمنع المحتجين من دخول مقر السفارة الأوغندية بكينيا. كما قام مجموعة من أنصار “بيسيجي” بالتظاهر أمام السفارة الكينية في أوغندا أيضًا؛ بسبب دور كينيا المزعوم في اختطاف وترحيل “بيسيجي”، مهددين بمقاطعة البضائع الكينية الموجودة في أوغندا؛ ردًّا على دورها في تلك العملية.([30])
5-قيام المحامية الكينية المعارضة مارثا كاروا وزيرة العدل السابقة بالانضمام إلى فريق الدفاع القانوني عن “بيسيجي”؛ حيث سافرت جوًّا من كينيا إلى أوغندا من أجل حضور جلسات المحاكمة، وتقديم الدعم لصديقها “بيسيجي”، غير أن مجلس القانون الأوغندي الذي يعتمد المحامين كان قد رفض في البداية منحها تصريح مؤقت لتمثيل موكليها في هذه القضية بحجة أن طلب تمثيل المتهمين له دوافع سياسية، مما جعلها تهاجم المجلس وتنتقده معتبرة قراره هجومًا على شخصها وشخصيتها ويخلّ بالتعاون القانوني بين مجموعة دول شرق إفريقيا، كما هددت نقابة المحامين الكينية بتعليق قبول المحامين الأوغنديين العاملين في كينيا، وبعد تقديم طلب جديد من المحامية للحصول على الترخيص، اجتمع المجلس مرة أخرى؛ حيث سمح للمحامية “مارثا كاروا” بالحصول على التصريح اللازم لتمثيل المتهمين، ومؤخرًا دعت المحامية “كاروا” التي تدافع أيضًا عن زعيم المعارضة التنزانية توندو ليسو، مجموعة شرق إفريقيا إلى إظهار التضامن مع زعماء المعارضة المضطهدين في دول شرق إفريقيا، محذرةً من تزايد القمع الحكومي والسعي لإسكات أصوات المعارضة في المنطقة، وهو ما يُشكّل تهديدًا مباشرًا لمبادئ الديمقراطية، والاستقرار في المنطقة.([31])
6-قيام المحامي أندرو كارامانجي الذي يدافع عن الدكتور “بيسيجي” بتقديم التماس إلى محكمة العدل التابعة لجماعة شرق إفريقيا، والموجودة بمدينة أروشا التنزانية، للمطالبة بالإفراج عنه؛ وذلك لأن أوغندا بصفتها عضوًا في جماعة شرق إفريقيا EAC)) ملزمة بتنفيذ معاهدة احترام حقوق الإنسان الصادرة عن الجماعة؛ حيث أشار محامي “بيسيجي” أن عملية اختطاف موكله في كينيا وتسليمه إلى أوغندا تُعدّ انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية التي تنص عليها الاتفاقيات الإقليمية الصادرة عن الجماعة، مما يمثل جريمة عابرة للحدود الوطنية، تتورط فيها أكثر من حكومة، كما اتهم محامي “بيسيجي” الحكومة الأوغندية باستهداف الشخصيات المعارضة بشكل منهجي قبل انتخابات 2026م، متهمًا الرئيس الأوغندي بالسعي للبقاء في السلطة حتى الموت فيها، مستندًا إلى عمليات الاختطاف والرشوة والتلاعب بالدستور وقمع المعارضة.([32])
7-أعرب دافجي أتيلا الأمين العام لاتحاد الأطباء بكينيا عن أسفه لاختطاف ومحاكمة “بيسيجي”، مسلطًا الضوء على مساهمات “بيسيجي” السابقة في القطاع الطبي الكيني، مذكرًا بعمله طبيبًا في مستشفى أغا خان، ومستشفى كينياتا الوطني، مصرحًا بأنه لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي والسماح باستمرار الظلم الواقع على “بيسيجي”. كما حثّ النشطاء على اتخاذ مواقف ضد انتهاكات حقوق الإنسان في أوغندا، وحثّ المجتمع الدولي على قطع العلاقات التجارية، ووقف صفقات السلاح مع أوغندا؛ لأن الجنرال “موسيفيني” يستخدم تلك الأسلحة في قمع الشعب الأوغندي المطالب بالإصلاح والتغيير.([33])
8-أصدرت شبكة تضامن زعماء المعارضة في عموم إفريقيا بيانًا وصفت خلاله عملية اختطاف ومحاكمة “بيسيجي” بأنها مثيرة للقلق العميق؛ مضيفة أن هذا النمط الجديد من عمليات خطف المواطنين الأجانب على الأراضي الكينية، وما يتبعه من عمليات إعادة غير قانونية وقسرية، واحتجاز للمعارضين في بلدانهم الأصلية، لا يبشر بخير بالنسبة لحال المعارضة في دول شرق إفريقيا.
ج-ردود الفعل الدولية:
نظرًا لتصاعد القمع في أوغندا تجاه المعارضة، وخاصةً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي أصبحت بمثابة عملية شكلية لإعادة تمرير السلطة إلى الرئيس “موسيفيني”، وذلك لأن أوغندا لم تشهد أيّ عملية انتقال سلمي للسلطة منذ حصولها على الاستقلال من الحكم الاستعماري قبل ستة عقود من الوقت الحالي؛ ولذا فقد أعربت العديد من المنظمات الدولية والأممية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، عن قلقها العميق إزاء حملة القمع التي تتعرَّض لها المعارضة في أوغندا، وخاصةً قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في يناير 2026م، وتتمثل أبرز ردود الفعل الدولية المتعلقة بمحاكمة الدكتور “بيسيجي” فيما يلي:
1-موقف الأمم المتحدة: أعربت الأمم المتحدة عن تضامنها مع الدكتور “بيسيجي”؛ حيث أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن القلق البالغ بسبب وضع الدكتور “بيسيجي”، وما يتعرض له في أوغندا.
2-موقف الكومنولث: من جانبها حثَّت مجموعة دول الكومنولث، السلطات الأوغندية على إطلاق سراح الدكتور “بيسيجي” والمتهمين معه في هذه القضية؛ حيث دعت الأمينة العامة للكومنولث الحكومة الأوغندية إلى الإفراج الفوري عن “بيسيجي”، وغيره من السجناء السياسيين في أوغندا. وأضافت الأمينة العامة للكومنولث “باتريشيا سكوتلاند” أن اعتقال “بيسيجي” ومحاميه ومساعده أمر يُقوّض مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، كما صرحت في بيان بـ”أن الكومنولث كان له دائمًا علاقة قائمة على الثقة مع أوغندا، ويتطلع إلى عودة بيئة سياسية أكثر شمولًا وديمقراطية تتوافق مع ميثاق الكومنولث، وهو ما يُعبِّر عن انتقاد نادر لعضو من أعضاء مجموعة الكومنولث”.([34])
3-موقف منظمة العفو الدولية: لقد طالبت منظمة العفو الدولية أيضًا بالإفراج عن الدكتور “بيسيجي”، مشيرة إلى أن عملية اختطافه تنتهك بوضوح قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، وعمليات التسليم الدولية الخاصة بتسليم المتهمين، مع عدم توافر الإجراءات اللازمة للمحاكمة العادلة للدكتور “بيسيجي”، وقد صرح “تيغيري تشاغوتا” المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في شرق وجنوب إفريقيا بأنه يجب على السلطات الأوغندية احترام سيادة القانون ووقف الاحتجاز التعسفي لـ”بيسيجي” ومساعده ومحاميهم؛ لأن احتجازهم لا يستند إلى أيّ أساس قانوني، ويجب وضع حدّ لهذه المهزلة القضائية.([35])
4-موقف منظمة مراقبة حقوق الإنسان: لقد نددت منظمة هيومن رايتس ووتش HRW)) بعملية اختطاف ومحاكمة زعيم المعارضة الأوغندي “كيزا بيسيجي”، ووصفت المحاكمة بأنها أحدث مثال على إساءة السلطات الأوغندية لاستخدام المحاكم العسكرية لقمع المعارضة، ويذكر أن المنظمة في تقرير صادر لها في عام 2011م أشارت إلى أن المحاكم العسكرية الأوغندية تنتهك الحقوق الأساسية للمتهمين أثناء محاكمة المدنيين أمامها، وذلك من خلال استخدام الأدلة التي تم الحصول عليها تحت التعذيب ضد المتهمين.
رابعًا: السيناريوهات المستقبلية للمحاكمة:
1-السيناريو الأول:
تبرئة الدكتور “كيزا بيسيجي” والمتهمين معه، كما سبق في العديد من المحاكمات التي تعرض لها من قبل؛ وذلك لعدم وجود أدلة كافية ضده حتى الآن، والسماح له بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أو حتى انخراطه في العملية الانتخابية ودعم مرشح قوي ضد “موسيفيني” أو نجله موهوزي، وذلك في حالة تزايد الضغوط الدولية على نظام الرئيس “موسيفيني” للإفراج عن الدكتور “بيسيجي” والسماح له بممارسة حقوقه السياسية.
2-السيناريو الثاني:
إبقاؤه في السجن تحت الحبس الاحتياطي على ذمة القضية لأطول فترة ممكنة؛ لمنعه من الترشح للانتخابات أو الانخراط في المشهد السياسي المصاحب للانتخابات، وذلك لحين انتهاء العملية الانتخابية المقررة في يناير 2026م؛ بحيث يضمن الرئيس “موسيفيني” الفوز بولاية رئاسية سابعة دون وجود منافس قوي قد يؤثر على مستقبل بقائه في السلطة حتى الموت، أو حتى تخليه عن السلطة لصالح ولده الجنرال موهوزي وإتمام عملية التوريث.
3-السيناريو الثالث:
صدور حكم قضائي يدين الدكتور “بيسيجي” في التهم المنسوبة إليه، وبالتالي بقاؤه في السجن، وهو ما سيؤدي إلى منعه من تولي أيّ منصب سياسي لمدة عشر سنوات في حالة إدانته، وبالتالي سيستطيع النظام الحاكم عزله سياسيًّا من المشهد السياسي من خلال فكرة الاستخدام السياسي للقضاء.
خاتمة:
في نهاية هذه المقالة يمكن القول: إن محاكمة الدكتور “بيسيجي” توضّح استمرار حالة الانسداد السياسي التي تعيشها أوغندا منذ تولي نظام الجنرال “موسيفيني” مقاليد السلطة في أوغندا منذ ما يقرب من 40 عامًا حتى الآن، وهو ما يستبعد فكرة حدوث تناوب سلمي للسلطة في أوغندا في ظل استمرار آلة القمع والتنكيل بأيّ صوت معارض في أوغندا، بجانب تطلع الجنرال موهوزي نجل الرئيس “موسيفيني” لتولّي السلطة خلفًا لوالده، وهو ما يزيد الطين بلة، ويفتح المجال لصعود أفكار التغيير العنيف سواء كان هذا التغيير عن طريق الثورة الشعبية، أو الصراع المسلح، خاصةً مع تزايد المظالم الشعبية مع النظام الأوغندي، واستضعافه للعديد من أبناء الشعب الأوغندي.
وأخيرًا، فإن المخاوف تتصاعد محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا بشأن مستقبل تغيير النظام الحاكم في أوغندا، خاصةً أن “موسيفيني” لم يعلن صراحة عن خليفة معيّن ليحل محله في السلطة إذا ما قرّر تخلّيه عنها، رغم تصاعد الأحاديث عن رغبة ولده الجنرال “موهوزي” في الحلول محله في السلطة. وكذلك تتصاعد التوترات بين النظام الحاكم وأحزاب المعارضة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المنتظر عقدها في شهر يناير 2026م، بل إن عملية اعتقال ومحاكمة “كيزا بيسيجي” المعروف بلقب “أسد النضال” جعلت أحزاب المعارضة تتخبّط فيما بينها، ولم تستطع حتى الآن الإجماع على شخصية سياسية موحدة يمكنها الاصطفاف خلفه ودعمه في الانتخابات المقبلة، لتحقيق حلم الحرية والانعتاق وبناء أوغندا الجديدة التي تتسع للجميع.
…………………………………
([1])-” Uganda’s Kizza Besigye – veteran opposition leader profiled” , at , https://www.bbc.com/news/world-africa-12431180 , 17/2/2016.
([2])-” Uganda’s chief opposition leader cleared of rape charge ” , at , https://www.theguardian.com/world/2006/mar/08/uganda.mainsection , 8/3/2006.
([3])-David Smith : ” Uganda unrest gathers pace despite bloody government crackdown ” , at , https://www.theguardian.com/world/2011/apr/29/uganda-rebellion-crackdown-besigye-museveni?INTCMP=SRCH , 29/4/2011 .
([4])-” Ugandan opposition candidate briefly detained as voting delays criticized ” , at , https://www.theguardian.com/world/2016/feb/18/uganda-presidential-opposition-candidate-arrested-besigye-voting-delays , 18/2/2016 .
([5])-Elias Biryabarema ; ” Uganda arrests opposition’s Besigye again, breaks up price protests ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/uganda-arrests-oppositions-besigye-again-breaks-up-price-protests-2022-05-24 , 24/5/2022.
([6])-Grace Matsiko ; ” Fears Of ‘Mass Atrocities’ Around Uganda’s 2026 Election ” , at , https://www.barrons.com/news/fears-of-mass-atrocities-around-uganda-s-2026-election-42a30bdf , 17/1/2025.
([7])-Kristof Titeca ; ” The ‘Muhoozi Project’ in Uganda: Testing the water or preparing the ground?” , at , https://democracyinafrica.org/the-muhoozi-project-in-uganda-testing-the-water-or-preparing-the-ground .
([8])-Musaazi Namiti ; ” gye trial and why Uganda’s claim to democracy is nonsense ” , at , https://www.monitor.co.ug/uganda/oped/commentary/besigye-trial-and-why-uganda-s-claim-to-democracy-is-nonsense-4938432#story , 23/2/2025.
([9])-” From Kenya to Uganda: How Besigye was kidnapped ” , at , https://www.independent.co.ug/from-kenya-to-uganda-how-besigye-was-kidnapped/ ,21/11/2024.
([10])-Wycliffe Muia ; ” How a Ugandan opposition leader disappeared in Kenya and ended up in military court ” , at , https://www.bbc.com/news/articles/cp8x3vr6zj2o , 2/12/2024 .
([11])-” PHOTOS: Besigye, Lutale, UPDF Captain Oola Charged with Treason “, at , https://chimpreports.com/breaking-besigye-lutale-updf-captain-oola-charged-with-treason , 21/2/2025 .
([12])-” Uganda military court adjourns trial of opposition figure ” , at , https://www.enca.com/news/uganda-military-court-adjourns-trial-opposition-figure , 10/12/2024.
([13])-” Uganda’s top court bans military prosecution of civilians ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/ugandas-top-court-bans-military-prosecution-civilians-2025-01-31/ , 31/1/2025.
([14])-Nelson Naturinda ;” Ugandan opposition figure Kizza Besigye ends hunger strike but coast is not clear ” , at , https://www.theeastafrican.co.ke/tea/news/east-africa/ugandan-opposition-figure-kizza-besigye-ends-hunger-strike-4937348 , 22/2/2025.
([15])-” Besigye At Nakawa Court as DPP Seeks Access to His PHONE DATA ” , at , https://nilepost.co.ug/news/256002/besigye-at-nakawa-court-as-dpp-seeks-access-to-his-phone-data , 30/4/2025.
([16])-Kevin Sewe ; ” veteran Uganda opposition figure Dr Kizza Besigye denied bail ” , at , https://mwanzotv.com/veteran-uganda-opposition-figure-dr-kizza-besigye-denied-bail/?cn-reloaded , 11/4/2025.
([17])-” Uganda: Release on bail and ongoing judicial harassment of Eron Kiiza ” , at , https://www.fidh.org/en/issues/human-rights-defenders/uganda-release-on-bail-and-ongoing-judicial-harassment-of-eron-kiiza , 23/4/2025 .
([18])-Mohammed Yusuf ; ” Uganda’s Supreme Court bans military trials for civilians; government rejects ruling ” , at , https://www.voanews.com/a/uganda-s-supreme-court-bans-military-trials-for-civilians-government-rejects-ruling/7961182.html , 3/2/2025.
([19])-Sarah Johnson ; ” ‘No hope’: wife’s fears for Ugandan opposition leader facing trial for treachery ” , at , https://www.theguardian.com/global-development/2025/jan/30/ugandan-opposition-leader-kizza-besigye-yoweri-museveni-treason-trial-death-penalty-winnie-byanyima-military-court , 30/1/2025 .
([20])-Elias Biryabarema ; ” Uganda plans law to allow military prosecution of civilians ” , at , https://www.reuters.com/world/africa/uganda-plans-law-allow-military-prosecution-civilians-2025-04-18/ , 18/4/2025 .
([21])-Kenneth Kazibwe ; ” Besigye is capable of fleeing country if granted bail- State tells court ” , at , https://nilepost.co.ug/court/249704/besigye-is-capable-of-fleeing-country-if-granted-bail–state-tells-court , 24/3/2025.
([22])-” If I were in Museveni’s shoes, Besigye would be dead Mwenda ” , at , https://nilepost.co.ug/news/244134/if-i-were-in-museveni’s-shoes,-besigye-would-be-dead–mwenda , 21/2/2025.
([23])-” MPs raise concerns on prisoners’ conditions despite infrastructure improvements ” , at , https://www.parliament.go.ug/news/3533/mps-raise-concerns-prisoners-conditions-despite-infrastructure-improvements , 28/1/2025.
([24])-This regime is persecuting Dr. Besigye under the guise of prosecution, says Bobi Wine ” , at , https://nilepost.co.ug/news/243793/this-regime-is-persecuting-dr.-besigye-under-the-guise-of-prosecution,-says-bobi-wine ,19/2/2025.
([25])-” Makindye division speaker leads protest against alleged abduction of NUP’s Nyanzi ” , at , https://nilepost.co.ug/politics/243788/makindye-division-speaker-leads-protest-against-alleged-abduction-of-nup’s-nyanzi , 16/2/2025.
([26])-STEPHEN OTAGE ; ” Opposition parties to fast for Besigye’s release ” , at , https://www.monitor.co.ug/uganda/news/national/opposition-parties-to-fast-for-besigye-s-release , 3/3/2025 .
([27])-” UHRC Attends Court Martial to Monitor Dr. Besigye’s Conditions ” at , https://uhrc.ug/uhrc-attends-court-martial-to-monitor-dr-besigyes-conditions/ , 21/11/2024 .
([28])-” Uganda: Kizza Besigye’s Trial, Museveni’s Pressure “, at , https://allafrica.com/stories/202502240397.html , 24/2/2025 .
([29])-Christopher Kiiza ; ” Lukwago Challenges Kenyan Lawmakers to Demand Answers on Besigye’s Extradition ” at , https://chimpreports.com/lukwago-challenges-kenyan-lawmakers-to-demand-answers-on-besigyes-extradition , 28/2/2025.
([30])-CYRUS OMBATI ; ” Police brace for Nairobi protests demanding Kizza Besigye release ” , at , https://www.the-star.co.ke/news/2025-02-24-police-brace-for-nairobi-protests-demanding-kizza-besigye-release , 24/2/2025.
([31])-Steve Ireri ; ” Karua urges EAC countries to back each other’s opposition leaders ” , at , https://peopledaily.digital/news/karua-urges-eac-countries-to-back-each-others-opposition-leaders , 30/4/2025.
([32])-LINET WAITE ; ” Museveni’s Fear of 2026 Rivalry Behind Besigye’s Arrest, Activists Claim ” , at , https://www.capitalfm.co.ke/news/2025/02/ai-led-rights-coalition-links-besigyes-arbitrary-detention-to-2026-vote-rigging-plot/ , 25/2/2025.
([33])-Melita Ole Tenges ; ” Kenyan activists demand release of Ugandan opposition figure Kizza Besigye ” , at , https://citizen.digital/news/kenyan-activists-demand-release-of-ugandan-opposition-figure-kizza-besigye-n358172 , 24/2/2025.
([34])-” Statement by Commonwealth Secretary-General on Dr Kizza Besigye’s detention in Uganda ” , at , https://thecommonwealth.org/news/statement-commonwealth-secretary-general-dr-kizza-besigyes-detention-uganda , 17/2/2025 .
([35])-” Uganda: Authorities must respect court decision and immediately free Kizza Besigye and others ” , at , https://www.amnesty.org/en/latest/news/2025/02/uganda-authorities-must-respect-court-decision-and-immediately-free-kizza-besigye-and-others , 13/2/2025.