الأفكار العامة:
- اعتراف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بقرار انسحاب دُوَل تحالف الساحل من المجموعة بعد فشل محاولات إقناعها بالعدول عن قرار الانسحاب.
- إبقاء الباب مفتوحًا إلى جانب استمرار الاعتراف بوثائق السفر وبطاقات الهوية بشعار المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، ومواصلة معاملة السلع والخدمات بنفس النمط؛ تجنبًا لإلحاق الأضرار بمواطني تحالف دول الساحل الثلاث.
- منح الإيكواس مهلة ستة أشهر لتحالف دول الساحل لإعادة النظر في موقفها؛ إذا ما قررت إعادة انضمامها.
- تباين الرؤى في كيفية التعامل مع إشكالية ملف موظفي تحالف دول الساحل في مؤسسات إيكواس؛ فبينما ذهب البعض إلى إقصائهم عن مناصبهم، يرى الآخرون ضرورة الاحتفاظ بالكوادر ذات الكفاءة.
- إشكالية التوافق بين رؤى إيكواس المرتكزة على الديمقراطية والحوكمة من جهة، وبين توجُّه المجالس العسكرية، الذي يجعل الأمن ورخاء المواطن وسيادة البلاد أهمّ أولوياته، من جهة أخرى.
بقلم: أمادو ووري باري
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
فشلت المناشدات والمفاوضات وعروض التنازلات في تحقيق أيّ نجاح على خلفية تنفيذ دول الساحل الثلاث تهديدها -المُعلَن قبل عام- بالانسحاب من منظمة الإيكواس التي تأسَّست قبل نصف قرن من الزمان.
تقول مفوضية الإيكواس: إنها أنشأت هيكلًا لتسهيل المناقشات مع الدول الثلاث التي تقودها المجالس العسكرية، وهي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والتي غادرت التكتل رسميًّا في 29 يناير2025م.
وفي بيان أصدرته صباح الأربعاء الماضي، قالت المفوضية: إنها تعتزم تجنُّب الارتباك والاضطراب في حياة وشؤون شعوب الإيكواس ودول الساحل خلال الفترة الانتقالية.
“لقد أصبح انسحاب بوركينا فاسو وجمهورية مالي وجمهورية النيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ساري المفعول، من يوم 29 يناير 2025م. ورغم ذلك، وانطلاقًا من روح التضامن الإقليمي، ومراعاةً لمصلحة الشعوب؛ قررت هيئة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إبقاء أبواب المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مفتوحة، ويُطلَب من جميع السلطات المختصة داخل الدول الأعضاء في المجموعة وخارجها السماح لمواطني الدول الثلاث المتضررة بمواصلة التمتُّع بحقّ التنقل والإقامة والاستقرار دون تأشيرات وفقًا لبروتوكولات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا حتى إشعار آخر”؛ وفقًا للبيان.
هل ثمة تعليق للخدمات المقدَّمة خلال هذه الفترة؟
أوضحت المفوضية أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ستُواصل الاعتراف بوثائق السفر وبطاقات الهوية التي تحمل شعار المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي يحملها مواطنو بوركينا فاسو وجمهورية مالي وجمهورية النيجر، حتى إشعار آخر؛ وستُواصل أيضًا معاملة السلع والخدمات التي منشأها البلدان الثلاثة وفقًا لنظام المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لتحرير التجارة وسياسة الاستثمار.
وأشارت المفوضية إلى أن هذه الترتيبات ستظل سارية إلى أن تُحدّد هيئة رؤساء دول وحكومات الإيكواس آليات التعامل المستقبلي مع البلدان الثلاثة.
وتُعتبر هذه لحظة حاسمة بالنسبة لقادة التكتل الإقليمي الذي يشهد مغادرة ثلاثة أعضاء بعد خلافات سياسية غير مسبوقة؛ فقد كانت دول الساحل من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الاقتصادي الذي كان يضم 15 عضوًا، وتقلص الآن إلى 12 عضوًا.
وفي الوقت نفسه، دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى عقد اجتماعات مع مالي وبوركينا فاسو والنيجر اليوم، في محاولة أخيرة لإقناع الدول الثلاث بالبقاء في التكتل.
وفي يوم الثلاثاء الماضي، خرجت مسيرات للمتظاهرين المؤيدين للمجالس العسكرية في البلدان الثلاثة مع توقُّع خروج المزيد منها لاحقًا.
كما تُخطّط دول الساحل المجاورة أيضًا لإصدار وثيقة سفر جديدة ستدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من يوم 29 يناير 2025م، تزامنًا مع انسحابها لتحلّ محل جواز سفر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
وقال قادة التجمع، الذي ينضوي الآن تحت مظلة تحالف دول الساحل: إن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء.
وتقول الإيكواس: إن دول الساحل أمامها مهلة ستة أشهر حتى شهر يوليو 2025م لإعادة النظر في موقفها إذا ما قررت إعادة انضمامها.
النقاط العالقة بعد الانسحاب:
في الوقت الراهن، لا يوجد جدول زمني مُحدّد للمفاوضات، ولكن من الضروري أن يتفق أصحاب المصلحة على بعض النقاط، وأولها حرية حركة السلع والأشخاص.
وبعيدًا عن الصدفة في التقويم، ففي يوم 29 يناير الماضي، أطلق تحالف دول الساحل (AES) وثائق سفر جديدة لمواطنيها. ورغم ذلك، سيتمكن المعنيون من الاستمرار في استخدام جواز سفر إيكواس حتى انتهاء الصلاحية.
تبقى أيضًا المسألة الشائكة المتعلقة بموظفي المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من رعايا تحالف دول الساحل (AES)؛ حيث يرى المحامي أبودولاي ديالو أنه يجب إيجاد “إطار انتقالي” لتغييرهم ويحل محلهم غيرهم من مواطني دول المجموعة. ومِن ثَم، لم يَعُد من الممكن السماح لهم بالعمل في هذه المؤسسات. في المقابل فإن “آداما غاي” يؤيد الاحتفاظ بكوادر المؤسسات الأكفاء من مواطني الدول المنسحبة من المجموعة.
هل إيكواس ضعيفة؟
يرى الصحفي السنغالي أداما غايي الذي كان أول مَن تولى رئاسة قسم الاتصالات في الإيكواس بين عامي 1992 و1996م، أن هذه “مصادفة محزنة” للتكتل الإقليمي الذي يحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسه.
أولًا، وقبل كل شيء، للرمزية، وسرعان ما تحدث عن “صفعة على وجه” سمعة ومصداقية الكيان. ويتفق معه عبد الله ديالو، الباحث القانوني الذي كتب أطروحته في كلية الحقوق في جامعة “الشيخ أنتا ديوب” في داكار حول المواطنة داخل المنطقة الإقليمية. ويتأسَّف على أنه “قرار مؤسف”، و”سابقة سيئة” للتكامل الإفريقي.
ويستعرض تاريخ التكتل الإقليمي، الذي تأسَّس بموجب معاهدة لاغوس المُوقَّعة في 28 مايو 1975م، ويحدد العديد من العيوب الرئيسية “لا بد من القول: إن إيكواس فشلت في إحدى مهامها الرئيسية كجماعة اقتصادية: القضاء على الفقر في المنطقة. كما فشلت أيضًا في عملية التحول الديمقراطي التي بدأت في التسعينيات، ناهيك عن التوترات عبر الحدود”.
ويرسم المحامي “ديالو” أوجه التشابه مع الجغرافيا السياسية العالمية، ولا سيما عودة دونالد ترامب إلى السلطة، للتقليل من أهمية الوضع؛ فقال: “حان الوقت للانكفاء على الهوية والسيادة”.
ما سبب الخلاف بين تحالف دول الساحل والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؟
لقد تغيَّرت العديد من القضايا بين دول تحالف دول الساحل الثلاث (AES)، بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
وقد تدهورت العلاقات بين الإيكواس والدول الثلاث في أعقاب الانقلابات المختلفة في مالي في أغسطس 2020 ومايو 2021م، وفي بوركينا فاسو في 2022م والنيجر في 2023م، وتعليق المؤسسة الإقليمية عضوية هذه الدول في مؤسساتها، وفرض عقوبات اقتصادية عليها. بل وهدَّدت المنظمة دون الإقليمية بالتدخل عسكريًّا في النيجر إذا لم يُفرج المجلس العسكري عن الرئيس بازوم الذي كان محتجزًا كرهينة.
وأعلنت الدول الثلاث عن إنشاء قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب، وتقاربت مع شركاء جدد مثل روسيا. وأعلنت عن إنشاء بنك استثماري مشترك، بالإضافة إلى قناة تلفزيونية وجواز سفر بيومتري.
ووفقًا لبول أميجانكبو، مدير مركز الأبحاث في “معهد تامبرما للحوكمة ITG”؛ فإن تطرف تحالف دول الساحل في مواجهة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ناجم عن حقيقة بسيطة، وهي أن القادة العسكريين لهذه الدول أرادوا كسب الوقت من خلال التهرب من القواعد الديمقراطية التي تُروِّج لها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
“إن الموقف الراديكالي لزعماء الدول التي تمر بمرحلة انتقالية في تحالف دول الساحلAES) ) تجاه إيكواس ينبع من حقيقة أنهم فهموا أنه من أجل تحقيق انتقال أطول، وخاصة من أجل الحصول على قواعد اللعبة التي ستُمكّنهم من الترشح في الانتخابات القادمة، لمواصلة قيادة هذه الدول التي تمر بمرحلة انتقالية، سيكون من الضروري تجنُّب القواعد الديمقراطية المنصوص عليها في البروتوكول الإضافي للإيكواس”؛ يوضح التوغولي.
وأضاف أن هذا البروتوكول “يتطلب العودة إلى النظام الدستوري من خلال انتخابات حرة وديمقراطية يجب أن تُنظَّم في أجل قصير لا يتجاوز أربعة أشهر، ومن شأنها أن تسمح للمدنيين بالعودة إلى السلطة”.
“هذا يستثني منذ البداية قادة دول AES التي تمر بمرحلة انتقالية، والتي ترغب بطبيعة الحال في مواصلة قيادة بلادهم”؛ يقول بول أميجاكبو.
وأضاف أن “غريزة الحفاظ على السلطة هذه كانت متناقضة مع القواعد الديمقراطية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.”
وأردف: “في هذا الإطار، كان هناك مثال “تشاد”؛ حيث اضطر الرئيس إدريس ديبي إلى قيادة عملية، سريعة بالتأكيد، لكنها عملية مهَّدت الطريق لترشيحه وامكانية أن يواصل قيادة البلاد”
وتابع: “حاليًّا، هذا الموقف تدعمه الغابون؛ حيث من المرجَّح أن تستغرق المرحلة الانتقالية عامين كحد أقصى، لكن الرئيس الانتقالي لديه إمكانية أن يكون مرشحًا، وبالتالي سيتمكّن من مواصلة قيادة البلاد”.
في الختام، أشار المحلل التوغولي إلى عقبتين رئيسيتين: “أولًا، الحد الزمني لإجراء العملية الانتقالية، وثانيًا، القيود المرتبطة باستحالة ترشح القادة العسكريين للانتخابات المقبلة، على مستوى بلدان الإدارة الاقتصادية والاجتماعية.”
وقال أميغانكبو: إن “هذه المواقف لا يمكن التوفيق بينها وبين المنطق والمبادئ والقيم المحدَّدة على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/cr7emlvlpz1o