يقول المثل التركي: يدٌ تغسل الأخرى.. والاثنتان تغسلان الوجه. ويبدو أن هذا المثل يعكس المضمون الخطابي للسياسة التركية في منطقة القرن الإفريقي والصومال على وجه التحديد. فقد أصبحت منطقة القرن الإفريقي، وهي منطقة حيوية استراتيجيًا حيث يلتقي البحر الأحمر بالمحيط الهندي، بشكل متزايد نقطة محورية لطموحات السياسة الخارجية التركية.
ومن خلال مشاركاتها العسكرية الاستراتيجية واستثماراتها الاقتصادية وجهودها الدبلوماسية، تعمل تركيا على تأمين نفوذها في تلك المنطقة الحيوية بالنسبة للتجارة العالمية والاستقرار الإقليمي. وإذا كان في عالم الدبلوماسية، لا يوجد أصدقاء أو أعداء دائمون، وانما مصالح دائمة فقط، فإن تركيا قامت بتكييف مواقفها وتحالفاتها مع القوى الإقليمية الأخرى حتى أنها باتت أقرب إلى عضوية مجموعة البركس. ولعل ذلك قد يطرح في ظاهره مسحة من غموض على السياسة الأردوغانية وتوجهاتها العالمية.
ويسعى هذا المقال إلى مناقشة تطور السياسة التركية منذ العهد العثماني مع التركيز على ملامح البصمة الأردوغانية في إفريقيا وكذلك الأدوار الأمنية والدبلوماسية التي تمارسها تركيا وجعلت منها فاعلا رئيسيا في منطقة القرن الإفريقي.
أولًا: التاريخ والتطور
إن مسيرة العلاقات التركية الصومالية متجذرة بعمق في التاريخ، كما أنها تطورت بشكل كبير على مر القرون. وتعود هذه العلاقات إلى القرن السادس عشر عندما قدمت الدولة العثمانية المساعدات العسكرية والتنموية للأقاليم الصومالية، وساعدتها ضد التوغلات الإثيوبية والبرتغالية وبناء البنية الأساسية مثل المساجد وقنوات المياه.
وفي القرن التاسع عشر، وقعت حركة مقاومة الدراويش، بقيادة السيد محمد عبد الله حسن، اتفاقية مع الدولة العثمانية لتقديم المساعدة العسكرية للحركة الوطنية الصومالية المناهضة للاستعمار. امتدت العلاقات بين العثمانيين وإفريقيا إلى ما هو أبعد من التحالفات العسكرية، لتشمل أيضًا المشاركات الاقتصادية والجهود الدبلوماسية. على سبيل المثال، في ما يُعرف الآن بجنوب إفريقيا، عينت الدولة العثمانية محمد رمزي بك سفيرًا لها في عام 1914، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية. بالإضافة إلى ذلك، اتسم ارتباط العثمانيين بالقارة بالتبادلات الدينية والثقافية.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك في عام 1862، عندما أرسل العثمانيون الإمام أبو بكر أفندي إلى جنوب إفريقيا في مهمة تعليم المسلمين هناك بأمور دينهم. ولا شك أن هذه الفترة أسست لوجود روابط ثقافية ودينية لا تزال ملامحها شاخصة للأبصار حتى اليوم، حيث يمكن رؤية بعض المساجد التي تعود إلى العصر العثماني قائمة في أجزاء مختلفة من الصومال.
في أواخر القرن العشرين، بدأت العلاقات الدبلوماسية الحديثة رسميًا عندما أنشأت تركيا سفارة في مقديشو في عام 1979. ومع ذلك، تعمقت المشاركة بشكل كبير في القرن الحادي والعشرين، مدفوعة بـ “سياسة الانفتاح على إفريقيا” الاستراتيجية في عام 1998. وشهد هذا التحول في السياسة توسع تركيا في حضورها عبر القارة، وبحلول عام 2024، وصل عدد السفارات التركية في إفريقيا إلى 44، مما يدل على التزام كبير تجاه الدول الإفريقية، بما في ذلك الصومال. وقد قابل هذا التوسع ارتفاع كبير في أحجام التجارة، حيث ارتفعت من 5.4 مليار دولار في عام 2003 إلى 40.7 مليار دولار بحلول عام 2022.
كانت الزيارة التاريخية التي قام بها رجب طيب أردوغان بصحبة عائلته- عندما كان رئيسا للوزراء- إلى الصومال في عام 2011، أثناء المجاعة المدمرة والحرب الأهلية، بمثابة لحظة محورية في العلاقات المعاصرة.
لقد شكلت زيارة أردوغان، الذي كان أول زعيم غير إفريقي يزور مقديشيو خلال عشرين عاما، نقطة تحول، حيث وضعت تركيا كحليف رئيسي من خلال المساعدات الإنسانية المكثفة ومشاريع البنية التحتية ومبادرات بناء الدولة. وما لبث وأن عاد أردوغان- وهو رئيس للدولة- إليها مرتين في عام 2015 وعام 2016، حيث افتتح في زيارته الأخيرة أكبر مجمع للسفارة التركية على مستوى العالم.
وارتبط بذلك تدخل أنقرة بحزمة مساعدات شاملة، مع رؤية لتعزيز صورتها العالمية وتأمين موطئ قدم في منطقة القرن الإفريقي ذات القيمة الجيوسياسية. وقد أسهمت المنظمات التركية بدور فعال في استعادة قطاعي الصحة والتعليم في الصومال، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز العلاقات الاقتصادية، من خلال مشاريع مختلفة مثل بناء مطار وميناء مقديشو. كما كان التعاون الأمني مهمًا، حيث ساعدت تركيا في تدريب قوات الأمن الصومالية والمشاركة في عمليات مكافحة القرصنة.
ومن خلال تبني استراتيجية متعددة الأوجه – تقديم المساعدات الإنسانية، والاستثمار في البنية الأساسية، وتقديم الدعم العسكري – لم تكسب تركيا القلوب والعقول فحسب، بل وضعت نفسها أيضًا كصديق في وقت الحاجة للصومال. “أفضل وقت لزراعة شجرة كان قبل عشرين عامًا. وثاني أفضل وقت هو الآن”، هذا ما يذكرنا به المثل الصيني، الذي يعكس الاستثمار المبكر والمحسوب لتركيا في مستقبل الصومال.
ثانيًا: بصمة تركيا الناعمة
لقد مارست تركيا قوتها الناعمة في الصومال من خلال مجموعة واسعة من المبادرات الإنسانية والتنموية، التي تيسرها المنظمات الحكومية وغير الحكومية. وكانت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) محورية، حيث لم تعمل كمقدم للمساعدات فحسب، بل وأيضاً كمنظم ومنسق لمشاريع البنية الأساسية والتنمية. على سبيل المثال، قامت “تيكا ” ببناء مستشفى رجب طيب أردوغان التركي الصومالي للتدريب والبحث في مقديشو، والذي أدى إلى تحسين كبير في الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث يقدم العلاج لآلاف المرضى شهرياً. كما تعمل جنباً إلى جنب مع برامج التدريب المهني لدعم فرص العمل في قطاع الصحة المحلي.
وفي مجال التعليم، تبرز بصمة تركيا من خلال المنح الدراسية وإنشاء المدارس. وتدير مؤسسة المعارف العديد من المدارس في الصومال، في حين تعمل البرامج التي بدأتها منظمات مثل الهلال الأحمر على تدريب المهنيين في مجال الصحة، ومعالجة النقص الحاد في القوى العاملة. كما تتجلى القوة الناعمة الثقافية في أنشطة معهد يونس إمري، الذي يروج للغة والثقافة التركية، ويعزز الروابط بين الناس. وعلاوة على ذلك، تساهم المنظمات غير الحكومية مثل هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية، حيث تدير دور أيتام كبيرة وتنفذ تدخلات صحية، مثل عمليات إزالة المياه البيضاء من العيون لآلاف الصوماليين. كما تعكس استثمارات القطاع الخاص، مثل تشغيل مجموعة البيرق لميناء مقديشو، النهج الشامل الذي تتبناه تركيا في بناء الأمة، مما يوضح كيف تمتد مبادراتها عبر الإغاثة الطارئة والدبلوماسية الثقافية والتنمية الاقتصادية.
ثالثًا: الوجه الآخر والتحولات الكبرى
لقد سارعت تركيا إلى تعزيز تعاونها العسكري مع الصومال، مع التركيز على تعزيز الأمن البحري. وكانت اتفاقية الدفاع المبرمة في فبراير 2024 بين البلدين بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث تعهدت تركيا بتدريب وتجهيز البحرية الصومالية والمساعدة في دوريات ساحل الصومال الذي يبلغ طوله 3333 كيلومتراً.
ونظراً للمشهد المتقلب في الصومال، فإن التركيز الاستراتيجي لتركيا على العمليات البحرية عملي؛ وكما يقول المثل، “من يسيطر على البحر يسيطر على كل شيء”. إن هذا التركيز يسمح لتركيا بإبراز قوتها عبر الطرق البحرية الحيوية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. وعلاوة على ذلك، فإن التقارير التي تتحدث عن تخطيط تركيا لإقامة منشأة لاختبار الصواريخ والقذائف في الصومال تؤكد على البعد الدفاعي لهذه الشراكة.
إن الطائرات بدون طيار التركية الصنع، والتي تم نشرها بالفعل في صراعات إقليمية أخرى مثل ليبيا وإثيوبيا، تدل على التوسع السريع لتركيا كفاعل دفاعي وأمني مهم في إفريقيا. وعليه فإن مشاركة وكالة صناعة الدفاع التركية القوية، والتي تتبع مباشرة للرئيس أردوغان، جعلت التفاوض على اتفاقيات الدفاع وتنفيذها أكثر كفاءة. وكما أظهر التاريخ، غالبًا ما تستخدم الدول الدفاع كأداة لتعزيز نفوذها، وتركيا ليست استثناء.
وفي يوليو 2024، وقعت تركيا صفقة كبيرة لاستكشاف النفط والغاز مع الصومال. وتسلط هذه الاتفاقية الضوء على طموح أنقرة الطويل الأمد لتصبح مركزًا رئيسيًا للطاقة في المنطقة. وربما ينبع الاهتمام الاستراتيجي لتركيا بالطاقة من حاجتها إلى تنويع مصادر الطاقة وتأمين الإمدادات المستقبلية. إن الطاقة- كما يقولون – هي شريان الحياة للاقتصاد، وتركيا تدرك تمام الإدراك المزايا الاقتصادية والاستراتيجية التي قد يجلبها نجاح جهود استكشاف الطاقة في الصومال.
لا يتعلق اتفاق الدفاع في فبراير 2024 بتعزيز البحرية الصومالية فحسب، بل يشير أيضًا إلى استجابة تركيا للديناميكيات الإقليمية المتغيرة. فقد أدت الأحداث الأخيرة، مثل اتفاق يناير 2024 بين إثيوبيا وأرض الصومال، إلى تصعيد التوترات بين أديس أبابا ومقديشيو. لقد لجأت الصومال إلى تركيا طلباً للدعم، ليس فقط للدفاع عن سيادتها، ولكن أيضاً لمواجهة صراعات القوى الإقليمية.
ونظراً لأن “السياسة هي فن الممكن”، فإن استمرار مشاركة تركيا في الصومال قد يعيد تعريف توازن القوى في منطقة القرن الإفريقي. وتظل المنطقة ساحة رئيسية للنزال بالنسبة للقوى العالمية والإقليمية، من الصين والولايات المتحدة إلى القوى الأخرى مثل روسيا وإيران. وفي هذه الساحة المعقدة، يحمل انخراط تركيا مخاطر وفرصاً في الوقت نفسه. وقد يعمل تكامل الاستراتيجيات العسكرية والاقتصادية والإنسانية على رفع مكانة تركيا كفاعل رئيسي، ولكنه يعرضها أيضاً للطبيعة المتقلبة وغير المتوقعة للصراعات في المنطقة.
رابعًا: الوساطة التركية والصراع الصومالي الإثيوبي
تعود جذور الصراع الحالي بين الصومال وإثيوبيا إلى نقطة اشتعال في أوائل عام 2024. فقد وقعت إثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية حريصة على تأمين الوصول إلى البحر، اتفاقية مثيرة للجدل مع صوماليلاند التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عام 1991. ومن المتوقع في هذه الصفقة، أن تعترف إثيوبيا باستقلال صوماليلاند مقابل الوصول إلى الموانئ البحرية الحيوية. بالنسبة للصومال، لم يكن هذا الاتفاق أقل من انتهاك لسيادتها، وإعادة إشعال التوترات القائمة منذ فترة طويلة.
عندئذ برز الدور التركي، حيث استفادت أنقرة من أصول قوتها الناعمة والصلبة للتوسط في التوترات، وذلك على النحو التالي:
- تسهيل الحوار بين الطرفين: استضافت تركيا جولتين من محادثات السلام غير المباشرة بين الصومال وإثيوبيا في أنقرة. وفي حين أظهرت المناقشات الأولية نتائج واعدة، تم إلغاء جولة ثالثة مخطط لها، مما يعكس التعقيدات المعنية. ومع ذلك، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أهمية المثابرة، قائلاً: “إن الطريق إلى السلام ليس سهلاً أبدًا، لكن كل حوار يقربنا من التفاهم”.
- دبلوماسية القمة: تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصيًا، وتواصل مع كل من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. إن المشاركة النشطة لأردوغان تؤكد على المصلحة التركية الراسخة في حل هذا الصراع. ولعل ذلك يوضح وعي تركيا بالعواقب الأوسع نطاقاً للنزاعات المشتعلة والتي لم يتم تسويتها في المنطقة.
- إستراتيجية التكيف: إدراكاً منها للوضع المتقلب، أظهرت تركيا مرونة في تكتيكات الوساطة الخاصة بها. وعندما تعثرت المفاوضات المشتركة، تحول الدبلوماسيون الأتراك إلى عقد اجتماعات ثنائية منفصلة لمعالجة مخاوف كل جانب قبل استئناف المناقشات الجماعية.
إن مشاركة تركيا في التوسط في الصراع بين الصومال وإثيوبيا ليست مدفوعة بأغراض إنسانية بحتة بل مدفوعة كذلك بشبكة من المصالح الاستراتيجية.
أولًا: توسيع النفوذ الإقليمي: إذ يوفر القرن الإفريقي مسرحاً رئيسياً لطموحات تركيا الجيوسياسية. مع إنشاء أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، رسخت تركيا وجودها في الصومال. تسمح هذه البصمة لأنقرة بفرض قوتها في البحر الأحمر والمحيط الهندي، مما يعكس المثل الاستراتيجي القائل “من يسيطر على البحر يسيطر على التجارة”.
وثانيًا: الحوافز الاقتصادية: العلاقات الاقتصادية التركية بالمنطقة كبيرة. مع وجود أكثر من 200 شركة تركية تعمل في إثيوبيا، أصبحت أنقرة ثاني أكبر مستثمر أجنبي هناك. وعليه فإن الاستقرار ضروري لحماية هذه الاستثمارات، مما يخلق حافزًا قويًا لتركيا لتسهيل الوصول إلى تفاهمات وحلول سلمية. وكما يقول المثل الأفريقي، “البحار الهادئة لا تصنع بحارة ماهرين”، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى المرونة الاستراتيجية في خضم التحديات الإقليمية.
وثالثًا: النفوذ الجيوسياسي : من خلال التوسط في هذا الصراع عالي المخاطر، تهدف تركيا إلى تعزيز مكانتها العالمية. إن حل الصراع بنجاح من شأنه أن يعزز سمعتها كوسيط محايد وفعال. على حد تعبير هنري كيسنجر، “الدبلوماسية: فن كبح القوة”، وتسعى تركيا إلى إثبات قدرتها على تحقيق التوازن بين المصالح مع تعزيز السلام.
و على الرغم من دبلوماسيتها الاستباقية، تواجه تركيا سلسلة من العقبات الهائلة: فقد اتخذت حكومة الصومال موقفًا متشددًا، ورفضت إجراء المزيد من المحادثات ما لم تعترف إثيوبيا بسيادتها على صوماليلاند في نفس الوقت تصر إثيوبيا على حقها في الولوج إلى البحر. هذا المأزق يعقد جهود الوساطة التركية، حيث أن التسوية في جوهرها اتفاق يحصل بموجبه الطرفان على ما لا يريده أي منهما.
ومن جهة ثانية، أصبحت منطقة القرن الإفريقي بمثابة رقعة شطرنج جيوسياسية، مع قيام فاعلين مثل الصين وروسيا بتوسيع نفوذهم. وهنا يجب على تركيا أن تتنقل عبر هذا الواقع التنافسي بالغ التعقيد، حيث يمكن للجهات الفاعلة الخارجية المتعددة أن تقوض جهودها.
ومن جهة ثالثة، ولعل ذلك هو الأهم، تواجه كل من الصومال وإثيوبيا تحديات داخلية كبيرة. إذ تواصل الصومال التعامل مع تهديد حركة الشباب، في حين تكافح إثيوبيا مع الصراعات العرقية الداخلية، وخاصة في منطقة تيغراي. ولا شك أن هذه الأزمات الداخلية تقف عائقا امام فعالية أي وساطة خارجية.
وختامًا: يعكس التغلغل الدبلوماسي والاستراتيجي لتركيا في منطقة القرن الإفريقي، ولاسيما الصومال سياسة خارجية طموحة ومعقدة. ومن خلال موازنة جهود الوساطة مع المصالح الاستراتيجية، تسعى تركيا إلى ترسيخ دور أكبر على الساحة العالمية. بيد أنه مع استمرار تركيا في “السير على حبل مشدود” بين استعراض القوة وتسوية النزاعات، فإن النتائج في هذه المنطقة ستكون محورية لنفوذها الإقليمي وسمعتها العالمية. وسوف يكشف المستقبل ما إذا كانت تركيا قادرة حقا على الوفاء بتطلعاتها كوسيط سلام في واحدة من أكثر الساحات الجيوسياسية تحديا في العالم.