هشام قدري أحمد
باحث في العلوم السياسيَّة – كلية السياسة والاقتصاد- جامعة السويس
ملخص البحث:
شهدت منطقة غرب إفريقيا (المعروفة تاريخيًّا بإفريقيا الغربيَّة الفرنسيَّة)، خلال السنوات القليلة الماضية، عددًا من الانقلابات والتحولات السياسيَّة، نتج عنها سُقوط أربع حكومات موالية لفرنسا في بوركينا فاسو ومالي والجابون والنيجر، واستبدالها بأنظمة عسكريَّة مُعادية لها، واستتبع ذلك انسحاب القوات الفرنسيَّة وانتهاء مهامها في هذه الدول، بناءً على طلب مجالس الحكم الانتقالية التي أعلنت أنَّ الوجود الفرنسي على أراضيها لم يَعُد موضع ترحيب بعد الآن.
وقد اعتُبِرَت هذه التحولات -المُتسارعة في وتيرتها- مؤشرًا لتدهور النفوذ الفرنسي وتراجُعه في المنطقة وايذانًا بانتهاء الهيمنة الفرنسيَّة، ومِن ثَمَّ افساح الطريق أمام القوى الدوليَّة الأخرى التي ترغب في زحزحة فرنسا عن معاقل نفوذها.
ومن ثمّ، تُحاول هذه الورقة تسليط الضوء على إشكالية تراجع النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا، من خلال مُحاولة الإجابة عن عدة تساؤلات عن أهمية غرب إفريقيا بالنسبة للسياسة الفرنسيَّة، وأسباب تراجع النفوذ الفرنسي في هذه المنطقة، وأهم مظاهره، وإلى أيّ مدى سينعكس هذا التراجع على مكانة فرنسا الدوليَّة.
مقدمة:
تُواجه فرنسا، اليوم، تحديًا كبيرًا، لا يمسّ مصالحها الحيويَّة فحسب، بل ومكانتها الدوليَّة أيضًا. ينبثق هذا التحدي من تراجع نفوذها التقليدي في القارة الإفريقيَّة، بصفة عامة، وفي إفريقيا الغربيَّة -التي يُشار إليها تاريخيًّا بإفريقيا الغربيَّة الفرنسيَّة- بوجه خاص، وهي المنطقة التي ظلت لفرنسا فيها، دون غيرها، اليد الطولى لعُقود طويلة، استمرت حتى بعد انفراط عقد إمبراطوريتها الاستعماريَّة واستقلال مُستعمراتها عنها.
ولا ريب أنَّ هذا التراجع الفرنسي غير المسبوق، والذي تجلَّت مظاهره بصورة واضحة، خلال السنوات القلية المُنصرمة، في موجة الانقلابات العسكريَّة التي أطاحت بأربع حكومات موالية لفرنسا في غضون ثلاث سنوات (2020- 2023م) في بوركينا فاسو ومالي والنيجر والجابون، ومهَّدت لطرد القوات الفرنسيَّة وتقليص وجودها العسكري في المنطقة، سيُلقي بظلاله على مكانة فرنسا الدوليَّة كقوة كبرى في النظام الدوليّ، وسيُفسح الطريق أمام القوى الأخرى للتغلغل بهدف ملء الفراغ وسد الفجوة التي خلّفها انحسار النفوذ الفرنسي.
وارتباطًا بما تقدَّم، يسعى هذا البحث إلى تناول إشكالية تراجُع النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا، من خلال رصد وتحليل أسباب وعوامل هذا التراجع، وأهم مؤشراته، وأيضًا مدى تأثير هذا التراجُع وانعكاسه على مكانة فرنسا الدوليَّة، ولكن قبل ذلك، سيُحاول البحث الوقوف على أهمية إفريقيا الغربيَّة (اقتصاديًّا، وثقافيًّا، وعسكريًّا) بالنسبة للسياسة الفرنسيَّة.
أولاً: أهمية غرب إفريقيا في السياسة الفرنسيَّة
تستمدّ فرنسا مكانتها، كقوة كبرى وفاعلة في النظام الدوليّ، من ثلاث ركائز، تُشكِّل معًا زوايا المثلث الإستراتيجي للقوة الفرنسيَّة، وهي: تمتُّعها بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدوليّ التابع للأمم المُتحدة وامتلاكها لحق النقض “الفيتو”، وترسانتها من الأسلحة النوويَّة باعتبارها عضوًا في النادي النووي، بالإضافة إلى نفوذها السياسي والاقتصادي في إفريقيا، والذي يرتدّ بجذوره إلى حقبة بعيدة من الزمن، وظل قائمًا حتى بعد انفراط عقد الإمبراطورية الفرنسيَّة واستقلال مستعمراتها عنها.
ومن هنا تتضح أهمية إفريقيا، وما تمثله من ثِقَل ووزن كبيرين بالنسبة للسياسة الخارجيَّة الفرنسيَّة، ونعرض فيما يلي، بإيجاز، لأهم جوانب هذه الأهمية:
1- الأهمية الاقتصاديَّة
دأبت فرنسا منذ وقت مبكر من وجودها في إفريقيا على تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الثروات والموارد النفطيَّة والمعدنيَّة التي تكتنزها إفريقيا، ولا سيَّما منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
إذ تعتمد فرنسا على النفط الإفريقي، بما يصل إلى حوالي 70% من احتياجاتها، بالنظر إلى ما يتميز به النفط الإفريقي من انخفاض نسبة الكبريت، والتي تقلل بالتالي من تكلفة تكريره، كما تعتمد فرنسا على النيجر والجابون في الحصول على احتياجاتها من اليورانيوم([1]) الذي تعتمد عليه فرنسا في تشغيل مفاعلاتها النوويَّة المُستخدَمة في إنتاج الطاقة الكهربائيَّة بنسبة 75 في المائة، فيما تبيع فرنسا الكهرباء المُنتجة من مفاعلاتها بقيمة تصل إلى حوالي ثلاثة مليارات يورو سنويًّا([2]).
من ناحية أخرى، تُوفّر غينيا حوالي 90 في المائة من استهلاك فرنسا من البوكسيت، و76 في المائة من المنجنيز، و59 في المائة من الكوبالت، كما تحصل فرنسا على ثلُث حاجتها من الفوسفات من السنغال وتوغو ودول المغرب العربي، فضلاً عن 70 في المائة من النفط الذي تَستخرجه شركة ELF الفرنسيَّة من إفريقيا، وبخاصة من دول الكونغو والجابون والكاميرون([3]).
ولضمان ربط نظامها النقدي بالنظم النقديَّة للدول الناطقة بالفرنسيَّة، أنشأت فرنسا منطقة الفرنك الفرنسي، والتي أصبحت تضم 15 دولةً(*) تنتمي إلى غرب ووسط إفريقيا، مما يُتيح لأكثر من 90 مليون إفريقي التعامل بالفرنك الفرنسي، وقد سمح هذا النظام لفرنسا بالسيطرة على القدر الأكبر من التجارة البينيَّة مع الدول الإفريقيَّة([4]).
على ضوء ما تقدم، نستنتج أنَّ الأهمية الاقتصاديَّة لإفريقيا، ومنطقة الغرب الإفريقي على وجه خاص، بالنسبة لفرنسا تكمن في كونها المصدر الرئيس لتأمين حاجياتها من الموارد والمواد الأوليَّة اللازمة لمجالات صناعاتها المُختلفة، فضلاً عن اعتبار دول هذه المنطقة سوقًا ضخمة لتصريف وتصدير فائض المُنتجات والسلع الفرنسيَّة إليها.
2- الأهمية العسكريَّة والأمنيَّة
بفضل نفوذها المُتجذر في إفريقيا، والذي يرجع إلى قرنين من الزمن؛ تمكَّنت فرنسا من إقامة وإنشاء الكثير من القواعد العسكريَّة، ولا سيَّما في غرب إفريقيا، والتي تُمكّنها من حماية مصالحها الاقتصاديَّة، وتوفير الحماية للأنظمة الحليفة الموالية لها.
وحتى عام 1960م، احتفظت فرنسا بحوالي مائة قاعدة عسكريَّة في ربوع القارة الإفريقيَّة، لكنها اضطرت إلى تصفية هذه القواعد إلى الحد الأدنى؛ بسبب ارتفاع التكلفة والتطور التكنولوجي في مجال التسليح([5]).
جدير بالذكر أنَّ هذه القواعد العسكريَّة اضطلعت بدور مهم في صلب السياسة الفرنسيَّة تجاه إفريقيا، من خلال دورها في مواجهة الأزمات الخطيرة التي ترقى إلى مستوى تهديد المصالح الفرنسيَّة بصورة مباشرة. ونذكر في هذا الصدد بعض الأمثلة للتدليل على أهمية الدور الذي مارسته تلك القواعد العسكريَّة -ولا تزال- في إطار العلاقات الفرنسيَّة الإفريقيَّة.
ففي عام 1994م، أطلقت فرنسا عملية “تركواز” على خلفية اندلاع الحرب الأهليَّة بين التوتسي والهوتو في رواندا، وفي العام نفسه دفعت فرنسا بمروحيتين وعدد من جنود المظلات إلى الكاميرون لدعم حكومتها في نزاعها الحدودي مع نيجيريا([6]).
وفي عام 1996م، نقلت فرنسا بعض المُعدات العسكريَّة من قاعدتها في مدينة تولوز إلى تشاد، وكان دافعها إلى ذلك مُساندة رئيس الجمهورية “إدريس ديبى” ضد الاحتجاجات التي اندلعت ضد السفارة الفرنسيَّة في العاصمة إنجامينا([7]).
وأخيرًا، العملية العسكريَّة “برخان” التي أطلقتها فرنسا عام 2013م في مالي، والتي كانت تهدف، حسب ادعاءات الحكومة الفرنسيَّة، إلى مُحاربة الإرهاب وقطع الطريق أمام الجماعات المسلحة، ومنعهم من الوصول إلى العاصمة باماكو، وكانت باريس قد عوَّلت في إنجاح هذه العملية على قواعدها العسكريَّة المُنتشرة في مالي، وتشاد، والنيجر، وبوركينا فاسو.
وامتلكت فرنسا حتى عام 2022م -تاريخ مغادرتها لقاعدتها العسكريَّة في مالي- ست قواعد عسكريَّة، منها ثلاث قواعد في غرب إفريقيا، وتحديدًا في السنغال والجابون وكوت ديفوار، فضلاً عن قواعدها العسكريَّة المُنتشرة في جيبوتي وإفريقيا الوسطى وتشاد وموريتانيا([8]).
وبجانب القواعد العسكريَّة، شرعت فرنسا في إبرام اتفاقيات للتعاون العسكري والأمني مع عدد من حكومات دول الساحل الإفريقي، وتكمن أهمية هذه الاتفاقيات، أو بالأحرى خطورتها، فيما يترتب عليها من قانونية التدخل الفرنسي لحماية الأنظمة الحليفة([9]). كما تضمَّنت هذه الاتفاقيات مُساعدات للجيوش الإفريقيَّة ومِنَحًا دراسيَّة وتدريبية للضباط([10])، هذا إلى جانب ما تنطوي عليه هذه الاتفاقيات الأمنيَّة من صفقات لبيع وتوريد الأسلحة الفرنسيَّة إلى الحكومات الإفريقيَّة.
3- الأهمية الحضاريَّة والثقافيَّة
من المعلوم أنَّ قوة الدولة لم تعُد تُقاس فقط بما لديها من قدرات عسكريَّة وإمكانات اقتصاديَّة كما كان سائدًا في الماضي، بل أصبحت قوة الدولة ونفوذها يعتمدان على ما تحوزه من قوة ناعمة، دبلوماسيَّة أو ثقافيَّة. ولقد أدركت فرنسا هذا الأمر منذ تشظّي إمبراطوريتها خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ولذلك شرعت الحكومة الفرنسيَّة في الإبقاء على الروابط الثقافيَّة مع مستعمراتها السابقة لضمان استمرار نفوذها فيها، فكان إنشاء المُنظمة الدوليَّة للفرنكفونية(*) هو السبيل الرئيس لتحقيق ذلك، سيَّما وأنَّ اللغة الفرنسيَّة تنتشر بقوة في بلدان وسط وغرب إفريقيا، نتيجةً للموروث الاستعماري الفرنسي في هذه المنطقة، بل إنها تمثل ثاني أهم اللغات وأوسعها انتشارًا في إفريقيا بعد اللغة الإنجليزيَّة.
وعليه يمكن القول: إنَّ إفريقيا تمثل الضمانة الأساسيَّة للإبقاء على الموروث الحضاري والثقافي الفرنسي حيًّا، وأنَّ اللغة الفرنسيَّة ستحتفظ بأهميتها وانتشارها العالميين، طالما أنها ظلت لغةً للتعليم والتواصل بين الشعوب الفرنكفونية، وفي حال اتجهت هذه الشعوب، تحت وطأة موجة الكراهية المُعادية لفرنسا وبخاصة في غرب إفريقيا، إلى استبدال اللغة الفرنسيَّة باللغة الإنجليزيَّة كلغة رسمية للمُقرَّرات والمؤسسات التعليميَّة أو إحيائها للغات واللهجات المحليَّة، فإنَّ ذلك، لا شك، سيُهدِّد بفقدان فرنسا جانبًا كبيرًا من جاذبيتها الثقافيَّة، كأحد أهم مقومات قوتها الناعمة. ومِن المُلاحَظ أنَّ بعض الدول الإفريقيَّة قد مضت بالفعل في هذا الطريق؛ حيث اعتمدت مالي دستورًا جديدًا تخلّت بموجبه عن الفرنسيَّة كلغة رسمية للبلاد، وكانت رواندا قد سبقتها باستبدالها اللغة الفرنسيَّة باللغة الإنجليزيَّة في المدارس والمؤسسات التعليميَّة.
ثانيًا: أسباب ومظاهر تراجع النفوذ الفرنسي
يُواجه النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا تهديدًا غير مسبوق، في ظل استمرار تساقط حلفاء فرنسا وصعود أنظمة راديكاليَّة مُعادية لها. ففي السنوات الأخيرة تعرَّضت فرنسا لأربع ضربات مؤلمة في منطقة غرب إفريقيا، تمثلت في وقوع أربعة انقلابات عسكريَّة أطاحت بحكومات موالية لها واستبدلتها بأنظمة أخرى عسكريَّة مناهضة. جاء الانقلاب الأول في مالي في مايو 2021م، كان من أهم تبعاته سحب القوات الفرنسيَّة من البلاد بعد تسع سنوات من وجودها هناك في إطار عملية “برخان Barkhane” لمُحاربة الإرهاب في منطقة الساحل. أما الانقلاب الثاني، فقد شهدته جمهورية بوركينا فاسو في يناير 2022م، وفي 26 يوليو 2023م وقع الانقلاب الثالث في النيجر بعدما أطاح العسكريون هناك بالرئيس “محمد بازوم”، فيما وقع الانقلاب الرابع في الغابون بحلول نهاية أغسطس 2023م([11])، وهو الانقلاب الذي أطاح بحكم عائلة “بونغو” الذي دام قرابة 56 عامًا.
ويُعزَى تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا إلى مجموعة من الأسباب والعوامل، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
1- الفشل والإخفاق الأمني
أدَّى فشل الإستراتيجيَّة الفرنسيَّة في القضاء على التنظيمات المُسلحة والجماعات الإرهابيَّة التي تهدد مصالح فرنسا ومصالح الدول الإفريقيَّة، إلى بروز اتجاه إفريقي يؤكد على ضرورة أن تكون مواجهة تلك التنظيمات عن طريق تنمية المناطق التي تُشكِّل بيئات حاضنة لتلك التنظيمات، ومنع أبناء تلك المناطق من الالتحاق بهذه التنظيمات كمقاتلين في صفوفها، وهو ما لم تنتبه إليه فرنسا في مواجهة التهديدات الإرهابيَّة([12]). ولقد ساعد هذا الفشل الفرنسي في تفاقم الوضع الأمني في منطقة الساحل، وعزَّز اتساع الفجوات الاجتماعيَّة، مما أسهم بدوره في ازدهار الجماعات المُسلحة وتنامي أيديولوجيتها المتطرفة.
2- استفحال المشكلات الاقتصاديَّة
ثمة اعتقاد عام بين الإفريقيين، مفاده أنَّ فرنسا لم تَعُد تُمثّل حلاً للمشكلات الاقتصاديَّة التي تعاني منها منطقة غرب إفريقيا، بقَدْر ما أصبحت تُشكّل جزءًا أساسيًّا من المشكلة؛ إذ لم تستطع فرنسا تحقيق شروط التنمية المُستدامة التي تطمح إليها حكومات هذه الدول، بل على النقيض من ذلك، شرعت باريس في خلق أنظمة تنموية هجينة تحقق فقط مصالحها ومصالح المُتعاونين معها([13]).
ونُشير في هذا الصدد إلى تقارير الأمم المُتحدة الإنمائيَّة، والتي تفيد بأنَّ دول الساحل والدول الناطقة بالفرنسيَّة الأخرى هي من بين الدول الأقل نموًّا في العالم، وتضيف هذه التقارير أنه نتيجة للسياسات الفرنكوفونية على مدى عقود عديدة، أصبحت الأنظمة السياسيَّة في البلدان الناطقة بالفرنسيَّة في إفريقيا أكثر فسادًا، كونها محميةً بشكل رئيسي مِن قِبَل فرنسا، وتعكس معدلات الفساد المرتفعة هذه الوضع الاقتصادي الحرج في منطقة الساحل والبلدان الناطقة بالفرنسيَّة الأخرى([14]).
ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى نظام العملة الموحد -الفرنك الإفريقي- الذي أنشأته فرنسا عام 1945م، ويضم اليوم 15 دولةً إفريقيَّة، وهو النظام الذي يكرّس التبعية الاقتصاديَّة والنقديَّة لفرنسا، ولذلك يُشار إليه بالعملة الاستعماريَّة، ويسمح الفرنك الإفريقي لفرنسا بالاستفادة من الفائض التجاري لهذه البلدان، كما أنه يسمح للشركات الفرنسيَّة بوصول تفضيلي إلى الأسواق المحليَّة، ولقد أسهم ذلك في حرمان الدول الإفريقيَّة من فرص التنمية([15]).
2- ظهور فاعلين جدد
لم تعد فرنسا الفاعل الدوليّ الوحيد والمؤثر في القارة الإفريقيَّة، التي أصبحت منطقة جذب وتنافس كبير بين الأقطاب الكُبرى، التي أخذت تزاحم باريس في معقل نفوذها التاريخي، بدءًا من حلفائها الأوروبيين والأمريكيين، وصولاً إلى الروس، وليس انتهاءً بالصينيين الذين يحملون من النفوذ والاغراءات الاقتصاديَّة ما لا تقوى فرنسا، بموروثها الثقافي والحضاري، على مواجهته([16]).
وأهم ما يُميز السياسة الصينيَّة في إفريقيا عن نظيرتها الفرنسيَّة: أنها تقوم على براغماتية تغليب المصالح على القضايا السياسيَّة والأيديولوجيَّة المتعلقة بالديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان، كما أنها تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخليَّة للدول الإفريقيَّة، والامتناع عن بثّ أي أفكار سياسيَّة أو أيديولوجيَّة على غرار الفرنسة أو الأمركة، مما جعل الصين الحليف المقبول لدى الإفريقيين([17]).
3- سوء الإدارة وضعف الأداء الحكومي
يمكن القول: إنَّ إخفاق المسؤولين الحكوميين وعجزهم عن تلبية احتياجات مواطنيهم في مختلف القطاعات والمجالات الصحيَّة والتعليميَّة والتنمويَّة، فسَّره المواطنون الإفريقيون باعتباره نتيجةً للهيمنة الفرنسيَّة على صناع القرار، الأمر الذي زاد من كراهية الفرنسيين ومهَّد لرفع شعارات مُنادية بطردهم خارج البلاد([18]).
4- نمط الوصاية الأبوية
عبرَّت الأجيال الصاعدة عن استيائها الشديد من السياسة الفرنسيَّة التي تنتهج نمط الوصاية الأبوية في علاقاتها بالدول الإفريقيَّة، وهو النمط الذي يعكس نظرية تفوق الرجل الأبيض ودوره في النهوض بالمجتمعات المُتخلفة، مما زاد من كراهية فرنسا من جانب الأوساط الشعبيَّة والنُّخب السياسيَّة والمثقفة على السواء([19]).
ومما زاد من حالة الاستياء هذه: دعم فرنسا وتعاونها مع الأنظمة الاستبدادية، وعدم اكتراثها لما تُعانيه شعوب المنطقة، واستمرار سياستها الرامية إلى التدخل في شؤون القارة، الأمر الذي أثَّر على مصداقية فرنسا، وكشف للإفريقيين أنَّ التدخل الفرنسي في شؤونهم ينطوي على غموض إستراتيجي وأهداف غير معلنة([20]).
وتجلَّت مظاهر هذا الاستياء في الاحتجاجات والتظاهرات الشعبيَّة أمام مقارّ السفارات الفرنسيَّة، في النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وفي غيرها من الدول الأخرى ضمن المجموعة الفرنكفونية، وقد تخللت هذه الاحتجاجات المُعادية لفرنسا رفع شعارات تدعو إلى التعاون مع روسيا بدلاً من ذلك.
5- تعمق الوعي المجتمعي وظهور نُخب جديدة من المفكرين
تشهد المُجتمعات الإفريقيَّة ظهور نُخب جديدة من المفكرين والمثقفين على الصعد السياسيَّة والعسكريَّة، تأخذ على عاتقها مهمة قيادة الحركات والتيارات الإفريقيَّة الجديدة بعيدًا عن أفكار النُّخب القديمة، وتؤمن هذه النُخب بالدور السلبي الذي تمارسه فرنسا في مجتمعاتهم، وأنها -أي فرنسا- لا تقدم أيّ خدمات مجانية، بل هي على النقيض من ذلك تعمل على استنزاف مواردهم([21]).
6- التباين والاختلاف الثقافي والأخلاقي
يمثل التنافر الثقافي والأخلاقي بين فرنسا والمُجتمعات الإفريقيَّة عاملاً مهمًّا من عوامل تراجع النفوذ الفرنسي، وقد عبَّر عن هذا الأمر رئيس الوزراء السنغالي “عثمان سونكو” من خلال انتقاده للجهود التي تبذلها فرنسا بغرض إشاعة القيم التي تتعارض مع القيم السائدة في السنغال والدول الإفريقيَّة الأخرى، على غرار حقوق المثليين والزواج الأحادي، بينما تنتشر ظاهرة تعدُّد الزوجات على نطاق واسع في المُجتمع السنغالي([22]).
7- رفض الاعتذار عن الحقبة الاستعماريَّة
تواصل الحكومة الفرنسيَّة المكابرة والتمسك بنظرتها الاستعلائية تجاه الإفريقيين، وترفض الاعتذار عن حقبتها الاستعماريَّة في القارة أسوةً بالدول الاستعماريَّة الأخرى التي اتخذت خطوات فعليَّة في هذا الاتجاه، مما زاد من موجات الغضب الإفريقي تجاه فرنسا([23]).
ويمكن أن نستدل على تراجع النفوذ الفرنسي وانحساره في غرب إفريقيا، مؤخرًا، من خلال عدد من الشواهد والمؤشرات التي تجلَّت بوضوح خلال السنوات القليلة الماضية، والتي من أهمها:
1- تساقط الحلفاء وتأزم العلاقات الدبلوماسيَّة
لعل أهم مظهر لتراجع النفوذ الفرنسي وانحساره في غرب إفريقيا يتمثل في تساقط حلفاء فرنسا واحدًا تلو الآخر، على خلفية الانقلابات والتحولات السياسيَّة التي شهدتها منطقة غرب إفريقيا والساحل بين عامي 2020- 2023م في كلٍّ من: بوركينا فاسو ومالي والجابون والنيجر؛ حيث أدى موقف باريس، من خلال رفضها الاعتراف بسُلطة الانقلابيين، إلى تأزم العلاقات الدبلوماسيَّة مع قادة الحكومات الجديدة والذي وصل حد القطيعة.
2- تقلُص الوجود العسكري الفرنسي
حيث أكملت فرنسا سحب قواتها بالكامل من مالي بحلول أغسطس 2022م، بعد تسع سنوات من وجودها هناك في إطار عمليتي “سرفال” و”برخان” العسكريتين اللتين أطلقتهما فرنسا ابتداءً من عام 2013م بدعوى مُحاربة الإرهاب. وفي يناير من العام الماضي -2023م- أعلنت الحكومة الانتقاليَّة في جمهورية بوركينا فاسو رسميًّا انتهاء عمل القوات الفرنسيَّة على أراضيها، قبل أن يُعلن الجيش الفرنسي في ديسمبر من نفس العام سحب آخر قواته من النيجر بناءً على طلب حكومة الانقلاب.
وفي هذا الإطار أيضًا، تعتزم فرنسا تخفيض قواتها المنتشرة حاليًّا في وسط وغرب إفريقيا، فمن حيث المبدأ، ستحتفظ فرنسا بنحو 100 جندي فقط في الجابون (مقارنةً بنحو 350 جنديًّا اليوم)، ونحو 100 جندي في السنغال (مقارنةً بـ 350 جنديًّا)، ونحو 100 جندي في كوت ديفوار (مقابل 600 حاليًّا)، ونحو 300 في تشاد (مقارنةً بألف جندي حاليًّا)([24]). وكانت كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر تُشكّل جزءًا من تحالف مجموعة دول الساحل الخمس (G-5)(*) المناهض للجماعات المُسلحة؛ حيث استضافت هذه الدول قوات فرنسيَّة وأوروبيَّة كجزء من القتال ضد الجماعات الإرهابيَّة، لكن بعد استيلاء العسكريين على السُلطة قاموا بفضّ الشراكة الأمنيَّة واتفاقيات الدفاع التي تربطهم مع فرنسا([25]).
3- تصاعد المد الروسي/ الصيني
ويأتي تغلغل النفوذ الروسي في إفريقيا في سياق المُنافسة مع الغرب والولايات المُتحدة الأمريكيَّة، ويتجلى تصاعد النفوذ الروسي في وصول المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر(**)، وتوقيع موسكو لعدد من اتفاقيات التعاون في المجال الأمني والعسكري مع حكومات دول منطقة الساحل، سيَّما بعد انسحاب القوات العسكريَّة الفرنسيَّة من مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر([26]). أما الصين، فإنَّ نفوذها في غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسيَّة أخذ في التوسع، بعد أن تخلَّف في السابق عن أجزاء أخرى من القارة؛ فقد حلت الصين محل فرنسا باعتبارها المُصدّر الرئيسي لأغلب مُستعمراتها السابقة، كما زاد الإقراض الصيني لهذه البلدان بنسبة 332 في المائة في الفترة 2010-2017م مقارنةً بالفترة من 2000-2009م، وتضاعفت قيمة العقود الممنوحة للشركات الصينيَّة ثلاث مرات في نفس الفترة، ويدعم هذا النفوذ الاقتصادي حملة منسقة من جانب بكين لتعميق بصمة الصين في غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسيَّة، مع التركيز على السنغال باعتبارها بوابة المنطقة([27]).
وخلافًا لفرنسا والقوى الغربيَّة عمومًا، تقدم روسيا، كما الصين، مُساعدات أمنيَّة واسعة النطاق دون التدخل في الشأن الداخلي أو التعدي على سيادة الدول الإفريقيَّة واستقلالها، في حين أنها تعمل على تغذية المشاعر المُحلية المُناهضة للغرب، مما يجعل موسكو وبكين شريكين موثوقين للمجالس العسكريَّة التي استولت على السُلطة([28]).
4- التحول إلى الكومنولث
شهد العام 2022م، انضمام توجو والجابون، وهما عضوان في المنظمة الدوليَّة للفرنكفونية وتربطهما بفرنسا روابط تاريخيَّة وثقافيَّة قديمة، إلى عضوية الكومنولث البريطاني(*)؛ لرغبتهما في تعزيز فرص التجارة مع المملكة المُتحدة ودول الكومنولث الأخرى، سيَّما وأنَّ انسحاب لندن من الاتحاد الأوروبي قد حرّرها من الالتزام بالسياسات التجاريَّة للاتحاد الأوروبي([29])، في حين لا تزال فرنسا مُقيدةً بهذه السياسات التجاريَّة باعتبارها عضوًا في التكتل الأوروبي.
ثالثًا: أي مكانة دوليَّة لفرنسا بعد تدهور نفوذها في غرب إفريقيا؟
تشير المكانة الدوليَّة لأيّ دولة إلى موقعها ضمن تسلسل هرمي معين؛ بحيث إنَّ هذا الترتيب يتحدد وفقًا لمجموعة من القدرات الاقتصاديَّة أو العسكريَّة أو التكنولوجيَّة، ومِن ثَمَّ فإنَّ المكانة دالة على سمات الدولة([30]) وقوتها.
وتتنوع مقومات مكانة الدولة ما بين مقومات ثابتة، كالعوامل الجغرافيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة، وما بين مقومات متغيرة كالعوامل السياسيَّة والأيديولوجيَّة، لكن تظل هذه المقومات عاجزةً عن تحقيق المكاسب المرجوة منها، ما لم تكن الدولة قادرةً على توظيفها بالطريقة المُثلى من خلال اتباع الإستراتيجيات والأدوات المُناسبة([31]).
وتستمد فرنسا -كما ذكرنا في موضع سابق من هذا البحث- مكانتها الدوليَّة من ثلاث ركائز (حق الفيتو في مجلس الأمن، والسلاح النووي، ونفوذها في إفريقيا)، ولا ريب أنَّ تدهور النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقيَّة، وفي غرب إفريقيا على وجه خاص، سيحُدّ بصورة واضحة من الدور الفرنسي كفاعل مؤثر ومحوري في السياسة الدوليَّة، وسيُفسح الطريق أمام القوى الكُبرى الأخرى، وفي مقدمتها روسيا، والصين الشعبيَّة، والولايات المُتحدة بدرجة أقل، للتغلغل ومُحاولة ملء الفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا الفرنكفونية، في سياق المُنافسة الحادة بين الأقطاب الدوليَّة الكبرى لتعظيم نفوذها وانتزاع أكبر حصة مُمكنة من المكاسب السياسيَّة والاقتصاديَّة التي تُعدّ بمثابة المُحرك والدافع الرئيس لسياساتها تجاه القارة السمراء.
وإذا لم تنجح فرنسا في وقف خسارة نفوذها وإعادة تحديد إستراتيجياتها السياسيَّة والأمنيَّة في غرب إفريقيا، فإنها ستخاطر بخسارة ما هو أكثر من مجرد نفوذها في هذه المنطقة، ففي يناير 2022م، حذّر تقرير للحكومة الفرنسيَّة حول التخطيط الصناعي من أنه مع توجُّه الصناعات إلى إزالة الكربون للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإنَّ السيطرة على سلاسل توريد المعادن الحيوية ستكون ضروريةً للحفاظ على الطاقة والسيادة الاقتصاديَّة، وهو القطاع الذي تتخلف فيه فرنسا عن القوى الغربيَّة والآسيويَّة الأخرى العاملة في إفريقيا([32]).
علاوةً على ذلك، فإنَّ تدهور النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا قد لا يُمثِّل مشكلةً بالنسبة للعلاقات الفرنسيَّة الإفريقيَّة فحسب، بل قد تمتد آثاره خارج إفريقيا؛ حيث إنَّ فقدان النفوذ من المُمكن أن يُفضي إلى تآكل صورة فرنسا العالميَّة، وتهميش دورها في الاتحاد الأوروبي مما سيؤدي بالنتيجة إلى إضعاف صوت فرنسا في القضايا الدوليَّة الرئيسية([33]).
ولا يبدو أنَّ فرنسا سترضخ لسياسة الأمر الواقع، وتقبل بفك ارتباطها التاريخي بغرب إفريقيا، لكنها ستصارع، عوضًا عن ذلك، لاستعادة مكانتها في هذه المنطقة عبر تفعيل مجموعة من الأدوات الجديدة في سياستها الخارجيَّة تجاه إفريقيا. وبالنظر إلى التحديات التي ستواجه باريس في سياق جهودها لاستعادة نفوذها في هذه المنطقة، فإنَّ على الحكومة الفرنسيَّة أن تُعيد النظر في دبلوماسيتها وإستراتيجياتها تجاه البلدان والحكومات الإفريقيَّة، وأن تتخلى عن نهجها القديم الذي يقوم على الوصاية الأبوية وفرض الإملاءات من جانب واحد، لضمان عودة الدفء إلى العلاقات الفرنسيَّة الإفريقيَّة مرةً أخرى، ولعدم خسارة ما تبقَّى من نفوذها لصالح الأقطاب الأخرى التي أخذت تزاحم فرنسا في معقل نفوذها التاريخي، عبر انتهاج مقاربات جديدة.
ويجب أن تتضمن المُقاربة الإستراتيجيَّة الجديدة لمُعالجة عوامل تراجع النفوذ الفرنسي ما يلي([34]):
- تنويع النهج الدبلوماسي الفرنسي في التعامل مع إفريقيا، والانتقال إلى ما هو أبعد من النهج الذي يُركّز على الأمن البحت إلى نهج يُعالج أيضًا القضايا الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.
- العمل على بناء شراكات أقوى مع بلدان أخرى في إفريقيا، وكذلك مع المُنظمات الإقليميَّة مثل الاتحاد الإفريقي؛ حيث تستطيع فرنسا أن تساعد في معالجة بعض التحديات التي تواجه القارة، مثل الفقر، وعدم المساواة، وانعدام الأمن.
- مُعالجة الانتقادات الموجَّهة إلى أفعالها السابقة، ويشمل ذلك الاعتراف بالتأثير السلبي للاستعمار على القارة والعمل على مُعالجة إرث الاستعمار من خلال مبادرات مثل التعويضات وتخفيف الديون.
- تعزيز التكامل الإقليمي في إفريقيا، بما في ذلك المُبادرات التي يمكن أن تساعد في تقليل الحواجز التجاريَّة، وتشجيع الاستثمار عبر الحدود. وهذا من شأنه أن يُساعد في تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة، ويمكن أن يُساعد في الحدّ من بعض التحديات الأمنيَّة التي تواجهها فرنسا ودول أخرى.
ختامًا، وعلى ضوء ما تقدم، يمكن القول: إنه على الرغم مما قد يبدو، للوهلة الأولى، كأنه انهيار تامّ لوجود فرنسا واستنزاف لكامل رصيدها السياسي في معقل نفوذها التاريخي في إفريقيا الغربيَّة (الفرنكفونية)، ومِن ثمَّ تقزُّم دورها ومكانتها الدوليَّة؛ إلا أنه لا يمكن الجزم بنهاية الحضور الفرنسي وانحساره كليًّا في غرب إفريقيا، والسبب في ذلك -في تقديري- يرجع إلى أنَّ فرنسا لديها من أوراق الضغط السياسي، والجاذبية الثقافيَّة ما يُمكّنها من استعادة مكانتها كلاعب محوري على الساحة الإفريقيَّة؛ إذ لا تزال فرنسا تحتفظ بقوات وقواعد عسكريَّة، كما أنَّ انتشار اللغة الفرنسيَّة، بجانب استمرار العمل في إطار المنظمة الدوليَّة للفرنكفونية ونظام الفرنك الإفريقي، سيُسهم بلا شك في الإبقاء على النفوذ والحضور الفرنسي في المنطقة قائمًا دون قطيعة.
…………………………………………………..
([1]) زمن ماجد عودة، إفريقيا في السياسة الفرنسيَّة، مُحررًا في: مثنى فائق مرعي، خارطة التنافس الدوليّ في إفريقيا: متطلبات المصالح واختلاف الأهداف (المركز العراقي الإفريقي للدراسات الاستراتيجيَّة، 2021)، ص109.
([2]) مجموعة من المؤلفين، مالي عودة الاستعمار القديم (الدوحة، منتدى العلاقات العربيَّة الدوليَّة، 2014)، ص46.
([3]) راوية توفيق، السياسة الفرنسيَّة في إفريقيا.. الأداة العسكريَّة في خدمة المصالح الاقتصاديَّة ودعاوى المهمة الحضاريَّة، مجلة قراءات إفريقيَّة، العدد (20)، أبريل 2014م، ص26.
(*) تشمل هذه الدول كلاً من: بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغينيا- بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو (في غرب إفريقيا)، والكاميرون والكونغو والغابون وغينيا الاستوائية وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد (في وسط إفريقيا)، بالإضافة إلى جزر القمر التي تستخدم الفرنك القمري. المصدر: التعاون النقدي بين إفريقيا وفرنسا: فرنك الجماعة الماليَّة الإفريقيَّة، موقع الدبلوماسيَّة الفرنسيَّة، متاح على الرابط: https://www.diplomatie.gouv.fr/ar
([4]) محمد عبد العظيم الشيمي، دوافع التدخل الفرنسي والأمريكي في منطقة غرب إفريقيا: دولة مالي دراسة حالة، المجلة العلميَّة للبحوث والدراسات التجاريَّة، المجلد (37)، العدد الأول، 2023، ص17-18.
([5]) كفسي علي، التدخلات العسكريَّة الفرنسيَّة في إفريقيا من 2011 إلى 2016م، دراسة حالة: كوت ديفوار، مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسيَّة والعلاقات الدوليَّة، جامعة الجزائر-3، 2017م، ص44.
([7]) محمد عبد العظيم الشيمي، مرجع سابق، ص13.
([8]) فاطمة السويدي، وهاني البسوس، الدبلوماسية الدفاعيَّة: دور القواعد العسكريَّة الفرنسيَّة في القارة الإفريقيَّة، مجلة العلوم السياسيَّة، كلية العلوم السياسيَّة، جامعة بغداد، العدد (65)، 2023، ص343.
([9]) كفسي علي، مرجع سابق، ص47.
([10]) راوية توفيق، مرجع سابق، ص25.
(*) يعود مصطلح الفرنكفونية إلى الجغرافي الفرنسي أونسيم روكولو، حيث وصف الفرنكفونية عام 1880م بأنها فكرة لسانيَّة وعلاقة جغرافيَّة، وعرفها بأنها مجموعة من الأشخاص والبلدان تستعمل اللغة الفرنسيَّة بأشكال مختلفة، في حين يعرّفها القاموس الفرنسي بأنها “تجمُّع يضم شعوبًا متكلمة بالفرنسيَّة”. ويعود قيام المنظمة الدوليَّة للفرنكفونية إلى أواخر القرن التاسع عشر بفضل الجهود الفرنسيَّة، وفي عام 1969م، عُقِدَ أول تجمع فرنكفوني في العاصمة النيجرية “نيامي”، في حين انعقدت أول قمة للفرنكفونية في فبراير 1986م بدعوة من الرئيس الفرنسي “فرانسوا ميتران”، ومنذ هذا التاريخ أصبحت قمم الفرنكفونية تُعقَد كل سنتين. شمسة بوشنافة، دور فرنسا في ظل النظام الدوليّ الجديد (عمان، دار الحامد للنشر والتوزيع، 2016م)، ص302- 306.
([11]) هشام قدري، الدائمون الخمسة: مجلس الأمن بين هيمنة القوى الكبرى وفرص الإصلاح، (القاهرة، دار الفجر للنشر والتوزيع، 2024)، ص186.
([12]) مبارك أحمد، لماذا يتراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا؟، مقال منشور على الإنترنت بتاريخ 7/9/2023م، مُتاح على الرابط:
https://alqaheranews.net/news/42469
([13]) الهاشمي نويرة، أسباب تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا، مُتاح على:
https://www.albayan.ae/opinions/articles/2023-09-13-1.4725956
([14]) Onder Aytac Afsar, Abdelhafid El-Hayanı, The impact of French foreign policy towards Africa on the external migration policy of the European Union, Acta Politica Polonica, Uniwersytet SzczecińskI, 2023, P. 66.
([15]) حمدي عبد الرحمن حسن، معضلة النيجر: لماذا تخسر فرنسا نفوذها في غرب إفريقيا؟، مركز الأهرام للدراسات السياسيَّة والاستراتيجيَّة، متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/20971.aspx
([16]) هشام قدري، مرجع سابق، ص187.
([17]) محمد محياوي، التنافس الأمريكي والصيني في إفريقيا على ضوء المُتغيرات الدوليَّة الجديدة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسيَّة، جامعة أبوبكر بلقايد، 2022م، ص84.
([18]) سعيد ندا، تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا: الأسباب والآلات، مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجيَّة، يونيو 2024م، ص15.
([20]) هدير أحمد حسانين، تراجع النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل الإفريقي ودلالات انسحاب مالي وبوركينا فاسو من G5، مركز ايجبشن انتربرايز للسياسات والدراسات، فبراير 2024م، ص8.
([21]) سعيد ندا، مرجع سابق، ص15.
([22]) “رئيس وزراء السنغال الجديد ينتقد وجود فرنسا العسكري في بلاده، ويوجّه رسالة لمالي وبوركينا فاسو والنيجر”، موقع روسيا اليوم، بتاريخ: 18/5/ 2024، مُتاح على الرابط: https://arabic.rt.com/world/1565885
([23]) سيدي ولد عبد الملك، الحضور الفرنسي في غرب إفريقيا بين مُحفّزات الهيمنة ومنغّصات البقاء، مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجيَّة، أكتوبر 2022م، ص5.
([24])David Doukhan, The Decline of the Colonial Empire: France’s Declining Position in Africa, International Institute for Counter-Terrorism, Reichman University, July 2024, P. 8.
(*) تأسست مجموعة دول الساحل الخمس عام 2014م، وكانت تضم إلى جانب مالي وبوركينا فاسو والنيجر، كلاً من تشاد وموريتانيا.
([25]) حمدي عبدالرحمن حسن، فرانس/ أفريك… لماذا تخسر فرنسا نفوذها في إفريقيا؟، الموقع الإلكتروني لمجلة قراءات إفريقيَّة، بتاريخ 15 أبريل 2024، مُتاح على الرابط: https://qiraatafrican.com
(**) مجموعة فاغنر هي منظمة شبه عسكريَّة، أو شركة عسكريَّة خاصة تابعة لروسيا. تأسست عام 2014م في أوكرانيا، وتتولى تنفيذ المهام الخارجيَّة التي لا ترغب موسكو في تبنيها بصفة رسمية، وقد شهدت السنوات الأخيرة نشاطًا واسعًا لمجموعة فاغنر؛ إذ تنخرط في كثير من بؤر النزاع حول العالم، لا سيّما في النزاع السوري والليبي، ولذلك تخضع لعقوبات أمريكيَّة منذ عام 2016م. سحر عبدالرحيم، شركة فاجنر الروسية… آلية النفوذ الروسي في ليبيا، مُحررًا في: دلال محمود، الشركات العسكريَّة الخاصة تحدي جديد في العلاقات الدوليَّة (القاهرة، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجيَّة، 2021م)، ص111- 113.
([26]) هدير أحمد حسانين، مرجع سابق، ص10.
([27]) Tom Bayes, China in Francophone West Africa: A challenge to Paris, Mercator Institute for China Studies, May 28, 2020. Available on: https://merics.org/en/comment/china-francophone-west-africa-challenge-paris
([28]) David Doukhan, Op. Cit, P. 8.
(*) الكومنولث البريطاني هو رابطة سياسيَّة تتألف من دول التاج البريطاني التي تدين بالولاء لملك بريطانيا العظمى، مثل كندا وأستراليا، بجانب دول أخرى كانت جزءًا من مستعمرات الإمبراطوريَّة البريطانيَّة، لكنها تتمتع بالسيادة والحرية المطلقة في إدارة وتصريف شؤونها الخاصة، وكل منها عضو في منظمة الأمم المتحدة، ويضم الكومنولث البريطاني اليوم أكثر من خمسين دولةً.
Source: Stephen Jackson, British History is Their History: Britain and the British Empire in the History Curriculum of Ontario, Canada and Victoria, Australia 1930-1975, Espacio, Tiempo y Educación, Vol. 4, N.2, December 2017, P. 170.
([29]) حمدي عبد الرحمن حسن، مرجع سابق.
[30])) رياض بوزرب، المكانة في السياسة الدوليَّة: بين القدرات الماديَّة والاعتراف الجماعي، مجلة أبحاث قانونيَّة وسياسيَّة، كلية الحقوق والعلوم السياسيَّة، جامعة محمد الصديق بن يحيى، المجلد (6)، العدد (1)، يونيو 2021م، ص248.
([31]) أحمد مشعان نجم، مكانة الدولة وعلاقتها بمفهوم القوة في العلاقات الدوليَّة، مجلة العلوم السياسيَّة، كلية العلوم السياسيَّة، جامعة بغداد، العدد (53)، 2017م، ص231.
([32]) Alix Bouheddi, The future of French soft power in Africa, Available on: https://africapractice.com/the-future-of-french-soft-power-in-africa
([33]) David Doukhan, Op. Cit, P. 10.
([34]) France’s declining influence in Africa, Association of Accredited Public Policy Advocates to European Union, Available at the following link on 31 Aug 2023: https://www.aalep.eu/france%E2%80%99s-declining-influence-africa