د. آدم يوسف
باحث وأكاديمي، متخصص في الدراسات الإفريقية بمركز البحوث والدراسات الإفريقية- الخرطوم – السودان
اندلعت الحرب بين القوات السودانية المسلحة وقوات الدعم السريع بالمناورات والتوتر والتراشق الإعلامي في 12 أبريل 2023م.
وبدأت الاشتباكات في 15 أبريل 2023م، وتصاعدت المعارك حتى استُخدمت فيها أنواع الأسلحة الحربية الخفيفة والثقيلة في مناطق مختلفة من أجزاء السودان إلى أن ارتكزت في العاصمة المثلثة الخرطوم، بحري، أم درمان، ودارت الاشتباكات بشراسة بين الطرفين، يحاول كل فريق حَسْم المعركة لصالحه بانتصار سريع وأقل التكاليف، ممَّا أدَّى إلى خسائر كبيرة راح ضحيتها مئات الأرواح، وآلاف الإصابات، فضلاً عن تدمير ممتلكات تُقدَّر بملايين الدولارات.
وفي ظل هذا الصراع المرير، تباينت مواقف دول جوار السودان بين موقف مؤيد للجيش السوداني أو محايد، أو متحفّظ، وإن هذه المواقف تختلف من دولة إلى أخرى. وفي هذه الورقة سنناقش مواقف هذه الدول المتباينة لنخرج بالنتائج.
أولاً: موقف جمهورية مصر العربية
ظلت مصر منذ أول مراحل الاشتباك بجانب الجيش السوداني، وإن لم تُصرِّح أو تلفت انتباهًا؛ فقد بدأت قوات الدعم السريع بمهاجمة مطار مروي الذي يوجد فيه بعض الجنود المصريين واعتقالهم، وسرعان ما أُطلق سراحهم، وحاولت القيادة في الدعم السريع تفادي تدخُّل مصر في الصراع بشكل مباشر، وذلك بعد انتشار فيديوهات لجنود من الدعم السريع وهم يأسرون جنودًا مصريين بطريقة مُذِلَّة، وقد وعت قيادات الدعم السريع خطورة الموقف، وقامت بمعاملتهم بطريقة حسنة وتسليمهم إلى الصليب الأحمر.
وقد ورد في تقرير لشبكة الخبراء العرب تناول الموقف المصري من الأزمة؛ أن الفيديو الذي نشرته قوات الدعم السريع لجنود مصريين احتُجِزُوا في مدينة مروي أدَّى بشكل حاسم وعاجل لتحرير الجنود، وأنه لا داعي لتصعيد الموقف مع تفضيل اتباع الطرق الدبلوماسية[1].
وظلت مصر تؤكد بأن ما يجري هو شأن سوداني داخلي؛ لأنها كانت ترى أن الأمر كفيل أن يقوم الجيش السوداني بمعالجته، وهي الجهة الوحيدة المعنية به، وطرحت ذلك بطريقة موسعة في مقر الاتحاد الإفريقي.
كما أظهرت مصر في هذا الصراع تعاونًا كبيرًا مع الشعب السوداني، واستقبلت الفارّين من المعارك الدامية إلى داخل أراضيها، بالإضافة إلى أن الكُتّاب والخبراء في مصر كان دعمهم واضحًا للجيش السوداني من خلال الكتابات الداعمة للجيش، ووصفه بالمؤسسة النظامية.
وفي الحقيقة إن معظم كُتّاب الوطن العربي وإفريقيا كانوا سندًا للجيش السوداني؛ باعتباره قوات نظامية بموجب معايير فرضتها العلوم العسكرية والنظم الدولية.
بالإضافة إلى أن مصر استقبلت وفدًا رفيع المستوى، وعقد مؤتمرًا صحفيًّا في القاهرة، يوم الثلاثاء 2 مايو 2023م، لمبعوث «البرهان» السفير دفع الله الحاج الذي أفاد بأن زيارته إلى القاهرة تعكس استراتيجية علاقة الجيش السوداني مع مصر, كما استقبلت مصر موجة النزوح السودانية الكبيرة منذ اندلاع الحرب بدون توقف.
واستمرت زيارات المسؤولين السودانيين الرسمية إلى مصر للتشاور والتباحث؛ لأن مصر قدَّرت مدى خطورة هذه الحرب على المنطقة، التي وصفها الخبراء بأنها كبيرة، ولم تشهد الخرطوم مثلها إلا إبَّان صراع المهدية مع غوردون.
ثانيًا: موقف دولة تشاد
حدد النظام التشادي منذ أول وهلة انحيازه ودعمه للقوات المسلحة، وهذا ما دعا إلى عدم تبنّيه لأي قضية وساطة أو مبادرة من أجل التفاوض بين الطرفين؛ وقامت تشاد بإرسال أرتال من القوات التشادية إلى الحدود مع السودان تحسبًا لأي اقتحامات للحدود، وتم الإعلان عن كتيبة من قوات الدعم السريع دخلت الحدود التشادية بقوة قوامها 50 عربة تاتشر مُحمَّلة بالسلاح والعتاد وعلى متنها 350 جنديًّا سَلَّموا أنفسهم بعد أن حاصرهم الجيش التشادي، وأعلن عن ذلك في بيان رسمي.
ويؤكد الخبراء أن النظام التشادي بقيادة رئيس المجلس الانتقالي محمد إدريس ديبي على استعداد لإرسال قوات لدعم الجيش السوداني، وهذا ما يؤكده الدبلوماسي الأمريكي كاميرون هدسون: “تعمل مصر وتشاد على التنسيق للتصدي للأزمة في السودان، ومن جميع جيران السودان هما الدولتان اللتان حددتا خطوط حمراء واضحة حول انتصار الدعم السريع، ويمكنني أن أتوقع تدخلهما بطريقة تقليدية وواضحة إذا تم تجاوز تلك الخطوط الحمراء”[2].
إن النظام التشادي أكَّد دَعْمه للجيش السوداني عبر جميع قنواته الرسمية والإعلامية منذ أول يوم انطلقت فيه شرارة الحرب. وهذا ما دعا بعض فصائل المعارضة التشادية المسلحة إلى وصف هذه الخطوة بأنها خرق للأعراف الدبلوماسية.
فما هي مخاوف دولة تشاد من الحرب في السودان؟
لقد نشرت صحيفة le monde الفرنسية الشهيرة مقالاً بعنوان: “قلق تشاد من زعزعة الاستقرار في السودان: Le Tchad inquiry de la destabilisation du Soudan”؛ عرض كاتب المقال تقريرًا عن الحرب في السودان وتداعيات الصراع على دولة تشاد، ورد فيه أن تشاد تقف إلى جانب القوات المسلحة السودانية، وترى أن الاستيلاء على السلطة مِن قِبَل قوات غير نظامية من القبائل العربية يجعل العرب في المناطق الحدودية بين تشاد والسودان يشكلون خطرًا وتهديدًا على الاستقرار في تشاد، ويشجّع العشائر العربية على حكم تشاد؛ فالأوضاع في السودان جعلت الأمور خطرًا على حكم الزغاوة في تشاد[3].
كما أن انتصار قوات الدعم السريع سيشجّع المعارضة المسلحة، ويُعيد إليها الثقة والحماس لتعاود الكَرَّة مرَّة أخرى. وورد في تقرير صحيفة le monde تصريح أحد المسؤولين في الدولة التشادية، مفاده أنه في حالة سيطرة حميدتي على الوضع في السودان؛ فإن المعارضة التشادية ستحصل على مزيد من الدعم والسلاح.
ويتخوّف النظام التشادي من انسحاب حميدتي إلى معاقله في دارفور إذا خسر المعركة، مما يجعله الحليف الأقوى لفاغنر الروسية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصةً أن السفارة الأمريكية في تشاد قدمت معلومات للسلطات في إنجمينا حول محاولة تشكيل تمرد تشادي في شمال إفريقيا الوسطى. كما أن الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية “رولاند مارشال” يعضد مسألة العلاقات الروسية وقائد قوات الدعم السريع، وإن المواجهة في الخرطوم ستكون لها تداعيات على تشاد، وسيؤدي حتمًا إلى تدهور الأمن في المنطقة[4].
ثالثًا: موقف دولة إثيوبيا
إن التوترات والأزمات السابقة بين السودان وإثيوبيا جعلت كلاً من الدولتين تتحفظ في التعامل مع القضايا الداخلية لكل منها، (مشكلة الفشقة، وتمرد جيش التيجراي على النظام في إثيوبيا)، وعندما اندلع التمرد في إثيوبيا وقتها كتب بعض المتابعين بأن موقف السودان غير منحاز للنظام الإثيوبي، والأمر يتكرر وينطبق على إثيوبيا التي تنظر إلى الأزمة على أنها شأن سوداني داخلي، وأن عليها دعم القضية من منطلق إنساني بحت. وكان هذا هو الموقف الإثيوبي في الاجتماع الذي تم بمقر الاتحاد الافريقي بأديس أبابا في 2 مايو 2023م. وتضمَّن خطابها بضرورة التنسيق من أجل دعم الشعب السوداني في المساعدات الإنسانية.
من هنا فإن النظام الإثيوبي يُظهِر موقفًا متحفظًا ومحايدًا تجاه الأزمة؛ إلا أنه من المتضررين من تبعات ما يجري في المنطقة، ويرى الخبراء أن تفكك الجيش السوداني ليس من مصلحة النظام في إثيوبيا، ولا من صالح دول الجوار.
وقد أجرت إثيوبيا اتصالات بالقيادة السودانية العليا، وأبدت استعدادها للتعاون في المجال الإنساني؛ إلا أن علاقاتها السابقة مع قوات الدعم السريع (الذي لم يشارك مع الجيش السوداني في حرب الفشقة)، جعل بعض المتابعين يذهب إلى أن إثيوبيا تتعاطف مع الدعم السريع، وأن انتصار حميدتي سيجعل إثيوبيا تتمدد مرة أخرى في (الفشقة)، وتضمن تأييد السودان لها وانحيازه إليها في مشروع سد النهضة.
رابعًا: موقف دولة إريتريا
ركّز الخبراء على حديث الرئيس الإريتري عن الأزمة السودانية، وأشار بعضهم إلى أن موقف إريتريا من الأزمة لم يُعْلَن إلا بعد ثلاثة أسابيع من بداية الاشتباكات؛ فالوضع الإريتري يتشابه مع الواقع الإثيوبي؛ إلا أن إريتريا حددت موقفها بأنها مع الجيش؛ وذلك لأن الجيش هو المنظومة الرسمية بموجب القوانين والنظم الدولية.
ويرى فريق من الخبراء أن هناك غموضًا في الموقف الإريتري، خصوصًا وأن قائد قوات الدعم السريع حميدتي كان في زيارة لإريتريا في فترة الاستعداد للحرب، وقد تم تداول معلومات عبر وسائل الإعلام تفيد بأن حميدتي طلب من الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي المساعدة في مواجهته للجيش دون أن تؤكدها أو تنفيها إريتريا[5].
خامسًا: موقف دولة جنوب السودان
موقف جنوب السودان يتقارب مع كينيا؛ من حيث الحياد والسعي للوساطة بين الأطراف المتنازعة، فقد أعلنت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) رغبتها في إيفاد رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير، ورئيس كينيا ويليام روتو، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي للسعي في الصلح بين الطرفين.
وقد شرعت منظمة الإيغاد في اتصالاتها للتوسط لوقف الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتواصلت مع بعض دول الإقليم مثل الرئيس المصري ورئيس جنوب السودان وطلبت منهما التوسط لوقف النزاع.
إن قائد قوات الدعم السريع يحظى بتقدير لدى حكومة جنوب السودان بعد أن أدى أدوارًا سابقة في عمليات اتفاقيات سلام جوبا مع الحركات السودانية المسلحة الموقّعة على الاتفاقيات، وكان ذلك بتفويض من المجلس السيادي، وإن زياراته السابقة لجنوب السودان مكَّنته من أن يُؤسِّس علاقات جيدة مع جنوب السودان، وقد تم تداول معلومات تفيد بأن هناك مسؤولاً في النظام السوداني طلب من سلفاكير الاتصال بحميدتي لوقف إطلاق النار، كما تم تداول منشورات بأن حميدتي كان على تواصل مع المستشار الأمني لدى جنوب السودان بشأن ما يجري من أحداث في الخرطوم.
ومن خلال رصد وتتبع المعلومات نجد أن دولة جنوب السودان حريصة على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وتسعى بجد للتوسط بينهما في حال وافق المجلس السيادي على ذلك.
وعبَّر بعض المسؤولين في الأمم المتحدة عن أن بعض الدول المجاورة تقوم بنشاط دبلوماسي حقيقي يسعى للوصول لوقف إطلاق النار وإعادة السلام إلى السودان، ومنها جمهورية جنوب السودان وغيرها من الدول المجاورة[6].
وأثبتت التجارب أن التعاون بين الخرطوم وجوبا، أثمر في معظم الأوقات، وكانت نتائج تعاونهما ملموسة في عدة مجالات.
سادسًا: موقف دولة كينيا
تبنى الرئيس الكيني ويليام روتو فكرة الوساطة بين الطرفين، وأصدر بيانًا مقتضبًا -بحضور رئيس الوزراء السوداني الأسبق عبدالله حمدوك، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى الفكي مع رؤساء وكالات الأمم المتحدة- يدعو للبحث عن سبل لتقديم العون الإنساني للشعب السوداني، ووقف إطلاق النار بين الطرفين، كما أن هناك اجتماعًا تم من أجل وقف الاشتباكات، وتحدث عبدالله حمدوك في مؤتمر صحفي في كينيا يحثّ على ضرورة تدخل المنظمات الدولية، وأن يكون وقف إطلاق النار خاضعًا للمراقبة الدولية، مع فتح ممرات إنسانية آمنة للمدنيين بصورة دائمة.
وقد انعقد هذا الاجتماع لبحث الآليات الموسعة للتعامل مع الأزمة في السودان بمقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا يوم 2 مايو 2023م، وضمَّ أطرافًا عديدة، من أهمها: الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيغاد والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا والجامعة العربية ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات وتركيا. وكان من أهم نتائج الاجتماع الدعوة إلى وقف الاقتتال، والانتقال إلى الحوار السياسي بين الطرفين، وإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين والمحتاجين، واعتبار أن ما يجري في السودان شأن داخلي، والتأكيد على احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وكانت كينيا قد صرَّحت بأن الاتحاد الإفريقي لم يعتمد ما توصَّلت إليه قمة الإيغاد في 21 أبريل 2023م من تشكيل مجلس رئاسي ثلاثي يتولَّى التفاوض مع طرفي القتال في السودان، وطالبت اعتماد قرارات الاجتماع 2 مايو في أديس أبابا. إذًا من حيث المبدأ؛ فإن موقفها كينيا محايد، وتسعى من أجل الوساطة والدعوة للتفاوض بين الطرفين بهدف تحقيق السلام.
الملاحظات والنتائج:
من خلال استعراض مواقف دول الجوار نلاحظ ما يلي:
(١) إن معظم دول الجوار تقف بجانب القوات المسلحة السودانية، وهناك دول محايدة لأسباب تتعلق بالمبادرات، أو تحفظت على تقدير أن الأمر شأن داخلي.
(٢) إن دولة مصر وتشاد، حددتا موقفهما منذ أول وهلة، ودعمتا الجيش السوداني معنويًّا، وهما على استعداد لدعمه بما يحتاجه.
(٣) إن دولة إريتريا حددت موقفها بأنها مع الجيش السوداني لأسباب متعلقة بأنه القوات النظامية وفق قوانين ودستور البلاد، كما أنها تتعامل مع اللاجئين السودانيين كمواطنين، ورفضت تصويرهم أثناء تلقي المساعدات.
(٤) إن موقف كل من جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا يُعدّ موقفًا محايدًا، بما تحمله هذه الدول من مبادرات سواء الإيغاد أو الاتحاد الإفريقي أو دعوتها الطرفين إلى التفاوض.
وبذلك يتضح أن ثلاثًا من دول الجوار تشاد ومصر وإريتريا حددت موقفها بانحيازها للجيش السوداني. وثلاث دول أخرى، هي: جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا، تتخذ موقف الحياد من الأزمة.
وأخيرًا: إن من مصلحة دول الجوار وقف إطلاق النار واستتاب الأمن والاستقرار في السودان، وذلك يعود إلى الآتي:
1- البُعد الإنساني: إن هذه الدول تعاني من عدة أزمات مع ضعف في الاقتصاد، وإن توافد اللاجئين سيكون عبئًا إضافيًا ثقيلاً.
2- البعد الأمني: تفكك السودان وانهيار النظام سيؤدي إلى فوضى في المنطقة، في ظل انتشار السلاح والمنظمات المشبوهة، مما يوطّن المنظمات الإرهابية في المنطقة، ويجعلها حاضنة لجماعات العنف وأمراء الحرب.
3- استمرار القتال في المنطقة يعطي مساحة كبيرة للفوضى، ومن ثم عودة المعارضة المسلحة والمليشيات، ويصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها؛ بسبب المساحات الحدودية الشاسعة والكبيرة المفتوحة بين هذه الدول، مع تداخلها الإثني والقبلي الممتد.
4- توسع النزاع وتمدده، حيث يمكن أن ينتقل النزاع والحروب الأهلية إلى دول الجوار، وتتمدد المنظمات الخارجية وتصبح لها أذرع في المنطقة.
5- انتشار الهجرة غير الشرعية: وتطور الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر بسبب الفضاء المفتوح وغياب الرقابة والأمن.
6- خسائر اقتصادية عديدة لدول الجوار؛ بسبب توقف الصادرات التي تصلها من السودان من المواد الأولية، أو منع تصدير الثروة الحيوانية، وغيرها.
إن تجربة “قوات الدعم السريع” ستكون محل دراسة بالنسبة لكل دول الجوار وشعوب المنطقة، وستحرص جميع الدول على أن المؤسسة العسكرية يجب أن تبقى مؤسسة واحدة، ولا تقبل بأي حال من الأحوال أن تكون مُؤسّستين عسكريتين مهما كانت الدواعي والأوضاع.
وفي إطار المكاسب والأرباح، فإن أيّ دولة تتحرك في ملفات القضايا من منطق المصالح أولاً، وثانيًا: الاستفادة من الأحداث لصالح الدولة الصديقة أو الحليفة، مع حماية مصالحها وحدودها، والعمل على تأمين الأوضاع الأمنية من زوايا وأبعاد مختلفة.
وعليه، فجميع دول جوار السودان تتفق على ضرورة وقف إطلاق النار، وضرورة التعاون الإنساني. ومن هنا فإن هذا المؤشر دليل على تطور مستقبل العلاقات بين هذه الدول، وبوادر لتأسيس آليات تدعم الاستقرار في المنطقة.
أما عن موقف الدول تجاه قوات الدعم السريع فيتفق قادة دول الجوار على ضرورة دمجها في القوات المسلحة، ولا توجد دلائل واضحة تؤكد على أن دول الجوار تدعم وصولها لحكم السودان أو تساندها لتنتصر على الجيش السوداني.
إن القوات المسلحة السودانية، ظلت تتعامل مع الوضع بمهنية، ولم تُطلق أحكامًا في حق الدعم السريع، حتى ظهر تمردها واضحًا، وإن هذا يؤكد بأن الجيش مؤسسة نظامية تعتمد على قوانين ونظم صارمة.
من جهة أخرى، فإن الإساءة لقوات الدعم السريع -بقبائلهم وإثنياتهم وأقاليمهم- لا يخدم القضية والأزمة في الوقت الراهن؛ فالدعم السريع قوة تأسست من رحم القوات المسلحة السودانية برعايتها وإشرافها وفق نظم ولوائح وقوانين عسكرية؛ كما أنها ليست فردًا واحدًا، بل هي مكوّنة من جنود وأفراد من الجيش، وكتلة كبيرة تتحالف معها بعض القوى السياسية.
إن كل دول الجوار تجتمع وتتحرك بهدف وقف إطلاق النار من أجل استقرار المنطقة، وتأمل هذه الدول من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع حل الأزمة عبر المفاوضات والحوار.
[1] Arab Expert center for press services and public opinion studies, April 2023.
[2] www. rafiqinfo.com
[3] Cyril bensimon ,le monde. fr./afrique, 18 April. 2023
[4] le monde. fr./afrique, 18 April. 2023
[5] Arab Expert center for press services and public opinion studies,2 ,5,2023
[6] afropolicy؛com