المصدر: تي في 5 موند
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
بسطت الولايات المتحدة السجادة الحمراء في 12 من ديسمبر الجاري لعشرات من الزعماء الأفارقة؛ بهدف استعادة نفوذها في القارة، وخاصةً في مواجهة المنافسة الصينية، مع وعد الإدارة الأمريكية بتخصيص 55 مليار دولار للإنفاق على إفريقيا على مدى ثلاث سنوات.
وحرصت قمة واشنطن التي استغرقت ثلاثة أيام على السعي إلى تعزيز علاقات الولايات المتحدة بالقارة الإفريقية التي أهملها الرئيس السابق دونالد ترامب، بشكل أو بآخر، في وقت تسعى الصين وروسيا إلى تحقيق التقدم على حساب العلاقات الأمريكية مع القارة.
وخلال هذا الاستقبال المتميز الذي قدّمته الولايات المتحدة للشركاء الأفارقة، وعدت الولايات المتحدة بتقديم 55 مليار دولار إلى إفريقيا على مدى ثلاث سنوات.
وقد أكد المستشار بالرئاسة الأمريكية، جاك سوليفان، للصحافة في 12 ديسمبر 2022م أن هذه الأموال يتعيّن تكريسها بشكل خاص للإنفاق على الصحة ومواجهة التغيرات المناخية. وأضاف: إن هناك “تعبئة حقيقية للموارد من أجل تحقيق أهداف ملموسة”، مشيرًا إلى أن “التفاصيل ستُكْشَف خلال الأيام القليلة المقبلة”، مضيفًا “حال إجراء المقارنة بين وعود الولايات المتحدة على مدى السنوات الثلاث القادمة وبين نظيراتها من دول أخرى؛ أعتقد أن المقارنة ستكون لصالحنا”؛ على حد تعبيره.
كما أكد أن هذا التمويل هو التزام أمريكي بالمقام الأول، ولن يتم ربطه بمواقف الدول الإفريقية من الحرب في أوكرانيا -في وقتٍ يرفض فيه العديد من الدول الإفريقية إدانة روسيا علانيةً-، مضيفًا “نحن لا نَفرض رأينا بالقوة على أيّ شخص”.
وأعلن أيضًا عن تعيين جوني كارسون -الدبلوماسي الأمريكي البالغ من العمر 79 عامًا، والذي شغل في السابق منصب السفير الأمريكي في العديد من البلدان الإفريقية- “ممثلاً خاصًّا” لضمان تنفيذ هذه التعهدات المالية الكبيرة.
4 مليارات دولار لدعم المجال الصحي:
كما أعلنت إدارة بايدن في 13 من ديسمبر الجاري عن منح مبلغ يصل إلى 4 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2025م لتوظيف وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية في إفريقيا، واستخلاص الدروس من وباء كوفيد-19، وكيفية مواجهة الأوبئة والطوارئ الصحية.
وتم تناول موضوع استكشاف الفضاء الخارجي، في اليوم الأول من القمة، بالتوقيع على اتفاقية شراكة بين نيجيريا ورواندا تحت قيادة الولايات المتحدة، وهذه هي البلدان الإفريقية الأولى التي تقوم بذلك.
ويشارك في هذه القمة قرابة خمسين زعيمًا إفريقيًّا، يتعرض بعضهم لانتقادات واسعة بخصوص احترام حقوق الإنسان، وهي القمة الثانية من نوعها بعد تلك التي عُقدت في سنة 2014م في عهد باراك أوباما.
التمثيل الأقوى لإفريقيا على الصعيد الدولي:
أعرب الرئيس جو بايدن -الذي لم يقم بزيارة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ بداية فترة رئاسته- في القمة الأمريكية الإفريقية وتحديدًا خلال يومي الرابع عشر والخامس عشر من ديسمبر الجاري عن رغبته في تعزيز الدور الذي تضطلع به إفريقيا على الساحة الدولية، ودعمه لحصول الاتحاد الإفريقي على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وضمان تمثيل الاتحاد الإفريقي رسميًّا في مجموعة العشرين.
ففي اجتماع على هامش القمة مع الشتات الإفريقي في الولايات المتحدة أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين أن استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة تتلخَّص في كلمة واحدة “الشراكة”. وفي هذا الاجتماع أشار إلى أن الخطوة المعنية ناجمة عن “إدراكنا استحالة حلّ أولوياتنا المشتركة بمفردنا”، على حد تعبيره.
مواجهة الوجود الصيني الروسي:
خلال هذه القمة كشفت الإدارة الأمريكية عن استراتيجية جديدة توصلت إليها خلال الصيف الماضي لإصلاح السياسة الأمريكية في بلدان جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا؛ لمواجهة الوجود الصيني الروسي. وللتذكير تُعتبر الصين أكبر دائن عالمي للبلدان الفقيرة والنامية، وتستثمر بكثافة في القارة الإفريقية الغنية بالموارد الطبيعية.
وبالإضافة إلى الاستثمارات المالية ودعم الاقتصاد الإفريقي؛ فإن قضايا تغيُّر المناخ والأمن الغذائي الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا، والعلاقات التجارية، وسياسات الحكم الرشيد، كلها قضايا كانت في صميم لقاء القادة الأفارقة بالإدارة الأمريكية.
وكما توقعت الدبلوماسية الأمريكية؛ فقد كانت هناك “مناقشة قوية” بشأن قانون النمو في إفريقيا لعام 2000م -والذي يربط بين الإعفاء الجمركي والتقدم الديمقراطي في الدول الإفريقية- الذي تنتهي صلاحيته في عام 2025م.
لقاء مع تشيسكيدي:
كما أن مؤتمر القمة الذي عُقِدَ على هامش اجتماعات ثنائية أتاح الفرصة لمناقشة سلسلة من الصراعات، بدءًا من الصراع في إثيوبيا وحتى جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث كان من المتوقع أن تحتل قضية الأمن في إفريقيا حيّزًا كبيرًا في صميم جلسة العمل التي عُقدت في الثالث عشر من ديسمبر الجاري في حضور “أنتوني بلينكين”.
كما التقى وزير الخارجية الأمريكي بالرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي الذي ناضل ضد متمردي حركة 23 مارس التي استولت على مساحات شاسعة من الأراضي في شرق البلاد في الأشهر الأخيرة؛ علمًا بأن جمهورية الكونغو الديمقراطية وجّهت أصابع الاتهام إلى رواندا بدعم حركة إم 23 مارس، وهو ما تنفيه رواندا.
النزاعات في القرن الإفريقي:
أصبحت إثيوبيا على الطاولة في حضور رئيس الوزراء آبي أحمد بعد شهر من التوقيع على اتفاقية سلام في 2 نوفمبر الماضي بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي تيغراي، والتي تهدف إلى إنهاء الصراع المدمر الذي دام عامين.
كما التقى مسؤولون أمريكيون بالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وأشادوا بجهوده في محاربة جماعات الشباب المسلحة، وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: إن الولايات المتحدة “ترحب بالعمل إلى جانب القوات الصومالية الشجاعة، وستواصل دعم جهود حكومتكم”؛ على حد تعبيره.
________________
ربط المقال: https://afrique.tv5monde.com/information/sommet-pour-lafrique-washington