بقلم / بنيامين بول ، وجان سيبستيان جوسية (*)
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
إن قِلَّة إلمام ساكن البيت البيض الجديد بالقارة الإفريقية تثير تساؤلات عن تداعيات فوزه على إفريقيا حيث إن عدم الاهتمام إفريقيا شكَّل القاسم المشترك بينه وبين منافِسته هيلاري كلينتون، لكن المرشح الجمهوري تميز- بالإضافة لعدم الاهتمام – بالجهل التام بالقارة و بالسياسة الدولية بشكل عام.
هل من عودة أمريكية إلى الانعزالية؟
يشار إلى أن ترامب أطلق عنان تحليلات جيوسياسية مثيرة للمهزلة إبان حملته الانتخابية المثيرة ومنها اتهامه لأوباما في أغسطس بالوقوف وراء تأسيس داعش بينما يعجز عن نطق أسماء الدول الإفريقية بشكل سليم ومنها اسم تنزانيا.
على أنه ظل يشجب السياسة الأمريكية الخارجية في تدخلها في المغرب العربي وفي الشرق الأوسط مشيرا إلى أن الدبلوماسية الأمريكية ارتكبت أخطاء تلو الأخرى في العراق ومصر وليبيا إلى أن تورط أوباما في الأزمة السورية، مؤكدا بأن كل الخطوات التي تبناها أوباما دفعت بالمنطقة إلى مزيد من التدهور وإفساح المجال للمتطرفين، على حسب تصريحه.
ومن جانب آخر أبدى حسرة على صدام حسين ومبارك ومعمر القذافي على الرغم من تأييده للتدخل الذي أدى إلى الإطاحة بهم غير أنه يشاطر موقف بوتين حيال الأزمة السورية المؤيد لبقاء بشار على السلطة، لكن السؤال المطروح هو هل من المتوقع أن يضع ترامب حدا للتدخلات الأمريكية؟
إن من الصعوبة التوصل إلى جواب قاطع وذلك لتذبذب مواقف ترامب؛ فبينما وعد بعدم الانحياز في القضية الفلسطينية، شرع في ثناء على بنيامين نتانياهو.
لكن كثيرا من الزعماء الأفارقة أبدوا ارتياحهم بفوز ترامب توقعا من أن تخدم انعزالية مواقفه نواياهم في التلاعب للبقاء في السلطة واستيائهم عن تلقي الدروس من أوباما.
حلقة منفورت
يشار إلى أن دونالد ترامب عيَّن بول منفورت مديرا لحملته الانتخابية عدة أشهر وهو شخصية سياسية معروفة في إفريقيا لخدماته الاستشارية المقدمة إلى كل من مابوتو في زائير وباري في الصومال وأو بيانغ في غينيا الاستوائية.
وقد استغنى المرشح الجمهوري عن خدمات الأخير بعد فضيحة تورطه في الفساد في أوكرانيا واستبدله بجافْ سيسون السيناتور في ألباما منذ 1997م.
التصور الكاريكاتيري عن إفريقيا
لم تُدرج إفريقيا في أوليات حملة ترامب حيث ركَّز خطابه على الاقتصاد الأمريكي واستعادة المصانع الأمريكية من أمريكا الجنوبية ومن آسيا، ويكفي الرجوع إلى تغريداته على تويتر للاطلاع على ازدراءه الغير المشرف للقارة الإفريقية.
وفي عام 2013م عبَّر عن تصوره فيما يخص الإعانات المقدمة لإفريقيا في إطار التنمية وشكوكه عن مقدرة الأفارقة في حسن إدارتها” إن كل المليارات السبعة التي منحها أوباما إلى إفريقيا ستتلاشى نتيجة الفساد الإداري المزمن في القارة”، وصرح في العام نفسه عن إعجابه بنيلسون مانديلا بينما يرى جنوب إفريقيا معقلا للمجرمين، مطالبا بمنع المصابين بفيروس إبولا من الدخول إلى الأراضي الأمريكية.
لكن الاستنتاج الذي نتوصل إليه من الحملات الانتخابية لترامب هو أن إفريقيا مجرد منتزه سياحي لأبنائه حيث تداولت صور على الشبكات الاجتماعية يظهر فيها إيرك ودونالد جونيور – نجلا الرئيس المنتخب- أمام جثث صيد برية محظورة في زمبابوي عام 2012م.
منع الأفارقة المسلمين من الدخول على الأراضي الأمريكية
ومن وعود حملته الانتخابية في 7ديسمبر 2015م منع الملايين من المسلمين الأفارقة من الدخول إلى الأراضي الأمريكية حال فوزه حيث دعا المرشح الجمهوري إلى منع المسلمين منعا باتا من الدخول إلى أمريكا.
الاقتصاد في إفريقيا تتميز بحيازة إمكانات هائلة
يُتَّوقع من الرئيس الجديد تغيير تصوره الذي تضمنه خطاب حملته الانتخابية للشعب الأمريكي بعد وصوله إلى السلطة، وقد ذهب وليد الفارس -المستشار في البرلمان الأمريكي والمنضم إلى فريق ترامب المكون من عشرات المستشارين-إلى القول في شهر أغسطس في إذاعة صوت أمريكا “بأن أمريكا ستتضامن مع الدول الإفريقية”.
وفي مقابلة مع فرنس 24 في 24 أكتوبر ذكر الفارس أن ترامب رجل أعمال ومن دأبه إدارة الأزمات على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن الأخير تعامل مع كثير من المسؤولين السياسيين في مسيرته المهنية.
غير أن البرنامج السياسي للحزب الجمهوري-الذي ينتمي إليه دونالد ترامب الفائز في الانتخابات الأخيرة -أقرَّ بأن إفريقيا تتميز بحيازة إمكانات هائلة، داعيا إلى تعزيز الروابط مع الحلفاء الأفارقة من خلال الاستثمارات والتبادل التجاري وتعزيز السوق الحرة والديمقراطية، إلى جانب التعاون الاقتصادي والأمني لمكافحة الإرهاب.
يُذكر أن أوباما سعى في تمديد برنامج Agoa “الفُرص والتنمية في إفريقيا” حتى عام 2025م والذي بموجبه تُعطى التسهيلات لمجموعة من منتجات عشرات الدول الإفريقية جنوب الصحراء للاستفادة من السوق الأمريكية.
وفي القطاع الصحي أشار البرنامج إلى أن مبادرة أوباما PEPFAR “الخطة الطارئة للرئيس أوباما لمكافحة الإيدز” تساهم في إنقاذ الملايين.
غير أن البرنامج لم يتطرق إلى مبادرة أوباما لإنارة إفريقيا جنوب الصحراء مما يجعل من الصعوبة التكهن بالسياسة التي سيتبناها الرئيس الجديد تجاه إفريقيا…وعلى كل حال تظل الشكوك واردة.
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا