كيرون مونكس
ترجمة:عبد الحكيم نجم الدين
تمتدّ أصداء خيار بريطانيا المصيري إلى ما هو أبعد من أوروبا. إذ أن المملكة المتحدة تحتفظ بعلاقات عميقة مع العديد من الدول الأفريقية ، وقد تسبب الاضطراب الذي تعانيه بالقلق بدءا من بورصة جوهانسبرغ إلى ساحات القتال في الصومال.
– أين ذهبت كل الزهور؟
إن أكثر من ثلث الزهور التي تباع في الاتحاد الأوروبي تأتي من كينيا. وكانت المملكة المتحدة واحدة من أسواق التصدير الأكثر قيمة لبعض أكبر الاقتصاديات الأفريقية. فثلث الزهور الكينية يصل أوروبا،حيث المملكة المتحدة هي ثاني أكبر مشتر بعد هولندا. والآن بدلا من التفاوض مع الكتلة الأوروبية ،ستحتاج كينيا للتفاوض على صفقات جديدة مع المملكة المتحدة،إضافة إلى استيعاب الخسائر بينما يتراجع الاقتصاد البريطاني. وهي أيضا قصة مماثلة لنيجيريا –حيث الرقم المتوقع من التجارة الثنائية يبلغ20 مليار جنيه بريطاني بحلول عام 2020 إذ سيتم الآن إعادة النظر في الرقم بالنقص، وجنوب أفريقيا –التي ستحتاج تعويضا من النقص في صادرات النبيذ.
– الخروج بالقدوة
وجدت رسالة المؤيدين للاستقلال صدى في ولاية بيافرا بشرق نيجيريا ،حيث أطلق نشطاء حملة للمنطقة ذات أغلبية الإيبو للانفصال. كانت الحركة موجودة على الهوامش لعقود من الزمن، وذلك في أعقاب محاولة عنيفة للانفصال في أواخر الستينات،ولكن في حقبة الشك هذه الجديدة،تحظى الدعوة إلى ” Biafr exit ” – أي خروج وانفصال بيافرا من نيجيريا –زخما جديدا.
– التراجع عن تقديم المساعدات
تعتبر بريطانيا إحدى أكبر المساهمين في الصندوق الأوروبي للتنمية في كل من التمويل والتخطيط الاستراتيجي، وخروجها من الاتحاد الأوروبي أثار مخاوف من أن أوروبا ستقلص التزامها ببرامج التنمية. كانت تنزانيا حاليا واحدة من الدول المستفيدة الرئيسية، والتي تشهد تشييد طرق جديدة وترقيات في الزراعة من خلال التمويل من الصندوق. وفي حال توقف هذه الأعمال التنموية عن المنوال الذي تسير فيه، فسوف يعاني اقتصاد تنزانيا الأوسع،وكذلك شعبية الرئيس الجديد جون ماغوفولي.
– أسهم جنوب أفريقيا
تجدر الإشارة إلى أن المستعمرة البريطانية السابقة لها علاقات مالية وثيقة مع المملكة المتحدة. فالكثير من الشركات الجنوب أفريقية مدرجة في بورصات لندن وجوهانسبرغ في آن واحد, كما أن بنوك جنوب أفريقيا تعتمد بقوة على احتياطيات بريطانيا النقدية. لذلك أثّر خروج بريطانيا فورا على جنوب أفريقيا بانخفاض حاد في سعر صرف عملة البلاد “راند”, حتى وإن كانت العملة ارتفعت بعد ذلك,لكن الثقة في قوتها ستبقى ضعيفة.
– ارتياح لموغابي؟
إن عقوبات أوروبا على الأنظمة قد يعاد تقييمها دون مشاركة بريطانيا وفى بعض الحالات يدعو هذا للاحتفال. ولقد اقتنع حاكم زيمبابوى “روبرت موجابى” أن المملكة المتحدة مسؤولة عن القيود التي فرضت على بلاده مما كلف اقتصادها المتدهور عشرات المليارات من الدولارات, وأن الدول الأعضاء الأخرى كانت ستكون أكثر تعاونية لولا بريطانيا. كما أن الأنظمة الأخرى التي فرضت عليها عقوبات مثل ليبيا قد تسعى أيضا إلى إعادة التقييم.
– انتكاسة في الصومال
كانت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) مفتاح التحقق من التقدم ضدّ جماعة شرق أفريقيا المسلحة”حركة الشباب”في الصومال وخارجها. ويتم تمويل الهيئة من قبل الاتحاد الأوروبي ولكن الجهود البريطانية كانت الرئيسية ، مساهِمةً بالجنود والدعم اللوجستي في النضال. ولقد صوت القادة الأوروبيون في الآونة الأخيرة على خفض ميزانية البعثة، والذي قد يكون مؤشرا على سياسة التقشف. وهذا سيكون بمثابة دفعة للجماعة الإرهابية.
– تجارة أكثر عدلا
قامت بعض المجموعات الأفريقية في بريطانيا بحملة مؤيدة لترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي جزئيا على أساس كره السياسة الزراعية المشتركة, التي تسمح للمزارعين الأوروبيين المدعومين تفريغ البضائع الرخيصة في الدول الأفريقية ويفرض الاتحاد الرسوم لمنع تحرك البضائع الإفريقية إلى بلدانه. لقد وصفت هذه السياسة بالاستعمار الجديد, وعائق خطير للتنمية الزراعية عبر القارة. فعندما يكون الاتحاد الأوروبي ضعيفا فسيتصارع من أجل الحفاظ بالخناق على السوق, وقد ألمح مسؤولون بريطانيون إلى صفقة أكثر إنصافا للمزارعين الأفارقة خارج الاتحاد.
يمكن الإطلاع على المقال الأصلي من هنا