بقلم : فيسان هيجي
ترجمة: سيدي .م. ويدراوغو
أربع نقاط أساسية من دروس الهجمات الدامية على المنتجع السياحي العاجي غراند بسام.
هل كانت فرنسا مستهدفة؟
بكل تأكيد…وإن كان جل الضحايا الثماني عشرة من الأفارقة ؛فقد خلص إحصاء الضحايا إلى أن أربعا منهم يحملون الجنسية الفرنسية من أعضاء شركة متعاهدة ثانوية استشارية لمجموعة (BOLLORE ), وألمانية (مديرة معهد جوث في أبيدجان)، ورعايا كل من لبنان، وساحل العاج ،وبوركينا فاسو، ومالي ،وبنين.
إنها نسخة من هجمات 7 مارس 2015 م في مطعم “لاتيراس ” التي أسفرت عن مقتل ثلاثة من الماليين وفرنسي واحد وبلجيكي. غير أن التهديدات وإعلان تبني الهجوم و “لهجة الخطاب” التي صدرت من المسلحين تثبت ذلك.
وفرنسا تشكل هدفا اساسيا ؛ لتعهدها الثابت في منطقة الساحل وفي الشرق الأوسط بمحاربة الجماعات المسلحة.
على أن الهجمات على منتجع غرند بسام والفنادق المجاورة وتلك التي استهدفت فندق (راديسون )في 20 نوفمبر 2015 م في بماكو ،و15 يناير (اسبلنديد ومطعم كابشينو)في واغادوغو ،كلها تندرج تحت منطق تعزيز توجيه ضربات موجعة لباريس.
والغرض من ذلك هو توجيه ضربة للاستعمار القديم – والذي يعتبر رأس الحربة ضد ما تسعى له هذه الجماعات من تكوين دولة عالمية – ومعاقبة حلفاء فرنسا في القارة السمراء.
وتحاول الجماعات المسلحة إبراز أولئك الحلفاء و انحنائهم وتذللهم وخضوعهم لما يسمونه بـ”الصليبية الغربية” في الفيديوهات الدعائية التي يبثونها .
وفي مقابلة مع يحيى أبو الحمامة أحد زعماء ” القاعدة في المغرب الإسلامي Aqmi“التي نشرت على الشبكة الموريتانية “الأخبار ” هدد فيها ما سماهم بـ”حلفاء الصليبيين” علنا بانتقام دموي.
ما المبرر من استهداف ساحل العاج ؟
إن الشروط الموضوعية –حسب معيار الجماعات المسلحة- تتوفر في دولة الفيلة ، وتجعلها هدفا بالامتياز : وجود ما بين 15000 إلى 18000 مواطن فرنسي متجنس وغير متجنس على أراضيها ، إلى جانب الوحدات العسكرية الفرنسية البالغ عددها 600 جنديا.
كما تشارك في القوات المتعددة الجنسية المنتشرة في مالي ، وتلعب دور القاعدة الخلفية اللوجستية (نقل الوحدات العسكرية والمعدات الثقيلة لمجموعة باركان الفرنسية).
وبناء على اتفاقية ” التعاون الدفاعي ” المبرمة في 2012 م يأتي خبراء عسكريون من فرنسا لإعادة هيكلة قوات الدفاع والأمن الإيفواري.
على أن القاعدة في المغرب الإسلامي برهنت – عبر الاعتداءات البعيدة عن مكان نشأتها وللمرة الأولى 2012 م حيث أظهرت الهجمات قدرة المسلحين في غرب إفريقيا – تنفيذ هجمات خارج ساحة عملياتها الأولية .
والرسالة واضحة ؛فعلى الرغم من اتساع عملية سيفرال في صيف عام 2014 م تحت راية باركان التي شملت الدول الخمس : موريتانيا ، مالي ،نيجر ، بوركينافاسو ، تشاد – فهي تظل عاجزة عن الحيلولة دون تنفيذ عملياتهم.
وساحل العاج دولة متعددة المعتقدات وفي نصف جنوبها تكتظ فيه أقلية مسلمة تقدر بـ 38 % تقريبا. ورغم أن معظم تلك الفئة تمارس إسلاما تقليديا ، تظل الدولة غير محصنة ضد تسلل المتطرفين وتجنيد المتشددين.
تلك الدولة التي تعتبر قاطرة اقتصاد غرب إفريقيا تأثرت من سلسلة أزمات سياسية – عسكرية : انقلاب جنرال روبرت جيي الأسبق ،والانقلاب الفاشل 2002 م ، والحرب الأهلية التي اندلعت بعد انتخابات 2011 م إثر رفض لوران جباجبو –الخاسر في اقتراع الصناديق –تسليم السلطة إلى الحسن وتارا.
لكن تلك الانتفاضات أدت إلى سهولة التسلل عبر الحدود وهي عامل مساعد في تعزيز عملية تهريب الأسلحة ، وتدفق المرتزقة كما هو الوضع في الجهة الغربية (ليبريا وغينيا) وفي الجهة الشمالية (مالي وبوركينافاسو).
وفي العام المنصرم تم تعزيز الجهاز الأمني في شمال ساحل العاج بعد حدوث هجمات في مالي وعلى بعد عدة كيلو مترات من الحدود العاجية.
وتم الكشف عن خلايا “إرهابية نائمة” في أبيدجان وبواكي ، عاصمة شمال الوسط.
على أن هذه الحلقات كان يشتبه في أنها من “أنصار الدين ” التي أسسها القيادي الطارقي إياد آغ غالي ، وبالتأكيد أنه لم يعد ضروريا إرسال كومندوز من شمال مالي؛ لسهولة اكتشافهم لهيئتهم ولون بشرتهم ، وخاصة أن من المواطنين ما يفي بالغرض.
هل كانت هجمات غرند بسام مفاجأة؟
بالتأكيد.. لا…فقبل أشهر من الهجمات سبق أن أعربت الأجهزة الأمنية الإفريقية والغربية عن مخاوفها من هجمات وشيكة ضد كبريات العواصم مثل دكار ( السنغال) وأبيدجان العاصمة الاقتصادية الإيفوارية ؛ حيث إنهما من كبريات المدن العالمية.
وأثناء مقابلة مع جريدة إ كسبرس صرح ماكي سال الرئيس السنغالي :”أن لا توجد أية دولة إفريقية في مأمن “.
وقد سبق أن وجهت السفارات الأمريكية والفرنسية في السنغال وكوت ديفوار تحذيرات إلى رعاياها لتجنب الأماكن الأكثر ارتيادا ، وذلك نتيجة وجود مؤشرات متطابقة توحي باعتداءات وشيكة.
على أن اعتداء المسلحين على المنتجع حيث يكتظ فيه الأجانب والنخبة المحلية بدلا من مدينة أبيدجان يرجع ذلك إلى أن المنتجع ” هدف سهل ” لصعوبة حمايتها وطوقها بخلاف الحارات في قلب المدينة الحديثة.
قبل عدة أشهر قام وزير الداخلية العاجي “أحمد بكايوكو” بالتكليف لإجراء سلسلة من عمليات التفتيش للوقوف على مدى قدرة وجاهزية الأجهزة الأمنية لحماية الأماكن العامة (الفنادق ، المطاعم ، والمراكز التجارية خاصة ).
هل تبني القاعدة في المغرب الإسلامي الاعتداءات يتصف بالمصداقية ؟
نعم…ويتوقع صدور إعلان مفصل للكشف عن أسماء مرتكبيها الذين سقطوا في غرند بسام. أما اعتداءات واغادوغو وبماكو فقد تبناهما (المرابطون) وهي حركة يتزعمها الجزائري مختار بلمختار والتي أسست عام 2013 م بعد دمج جماعة ( الموقعون بالدم ) موزا و (حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا) ،أحد التنظيمات الرئيسية في مالي .
ويبدو أن المرابطين اليوم أكثر التنظيمات المرتبطة بالقاعدة فعالية. وفي العام المنصرم أكد بلمختار مرتين عن ولائه لحركة أسامة بن لادن التي يتزعمها المصري أيمن الظواهري ،وذلك ليتخلى عن أحد ملازميه الذي انضم إلى داعش عراق.
هذا ما يكشف عن طبيعة التنافس الحادة في ” سوق الإرهاب ” والمنافسة التي تفرزها الخلافات بين أطراف الجماعات المسلحة ، في حين تكابد فيه داعش خسائر في كل من ضواحي موصل (العراق) وفي سورية حتى اضطرت إلى إرسال بعض محاربيها إلى ليبيا؛ فإن القاعدة تحاول إثبات كفاءته في “الإيذاء”.
يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا