في ظل ما يشهده العالم من تطور رقمي وإلكتروني في شتى مجالات الحياة؛ ظهر موضوع الصحة الإلكترونية، وتقديم الرعاية الطبية عن بُعْد, خاصةً في ظل تداعيات انتشار فيروس كورونا، وما أعقبه من إجراءات التباعد الاجتماعي, ورغم أن موضوع الصحة الإلكترونية ما يزال في بدايته في إفريقيا جنوب الصحراء؛ إلا أنه في ظل تصاعد الاهتمام بالقطاع الرقمي والإلكتروني في القارة الإفريقية، يمكن أن يساعد ذلك في جعل النُّظم الصحية الإفريقية -التي لا تزال تواجه كثيرًا من التحديات- أكثر كفاءةً واستجابةً لاحتياجات الناس الصحية، ومن خلال هذه الدراسة, سوف نتناول موضوع الصحة الإلكترونية، ومستقبلها، في إفريقيا جنوب الصحراء من خلال المحاور التالية:
المحور الأول:الإطار النظري لموضوع الصحة الإلكترونية
أ- تعريف الصحة الإلكترونية:
عرّفت منظمة الصحة العالمية (WHO) مصطلح الصحة الإلكترونية بأنها: الاستخدام الآمن، والفعَّال من حيث التكلفة, لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT), لدعم المجالات الصحية والأمور ذات الصلة بها, بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية, والمراقبة الصحية, والتثقيف الصحي, والمؤلفات والكتب المتعلقة بمجال الصحة, بالإضافة إلى تبادل المعارف والبحوث التي تخدم المجال الصحي إلكترونيًّا([1]).
وبجانب هذا التعريف والمصطلح المختار لهذه الدراسة، وهو مصطلح الصحة الإلكترونية، يوجد عدد من المصطلحات المستخدَمة لوصف استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في قطاع الصحة, من بينها, مصطلح “الصحة الرقمية“، والذي يتم استخدامه مِن قِبَل البعض للتعبير عن مصطلح الصحة الإلكترونية، بينما يستخدمه آخرون للدلالة على معنى آخر، ويذكرون عدة فروق بين المصطلحين لسنا في صدد الحديث عنها، وكذلك يُستخدم مصطلح “تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الصحية“ للتعبير عن مفهوم الصحة الإلكترونية, بالإضافة إلى استخدام مصطلحات التخصصات الفرعية للصحة الإلكترونية مثل مصطلح “الطب عن بُعْد“، و“الصحة المتنقلة“، للدلالة على مصطلح الصحة الإلكترونية.
ب- أهداف الصحة الإلكترونية:
تسعى الصحة الإلكترونية إلى تحقيق 10 أهداف؛ تتمثل فيما يلي:
1- الكفاءة: أي زيادة الكفاءة في الرعاية الصحية, وخفض التكاليف.
2- تحسين الجودة: من خلال العمل على تحسين جودة الرعاية الصحية المقدَّمة للمرضى.
3- تقوم على الأدلة العلمية: أي يجب إثبات تدخلات الصحة الإلكترونية بالأدلة العلمية الصارمة.
4- تمكين المستهلكين والمرضى: من خلال جعل القواعد المعرفية للطب والسجلات الإلكترونية الشخصية في متناول المستهلكين عبر الإنترنت؛ حيث تركّز على المريض.
5- التشجيع: أي تشجيع العلاقة بين المريض والمهني الصحي لاتخاذ القرار بطريقة مشتركة.
6- تثقيف: أي تثقيف الأطباء بالمعلومات الجديدة من خلال الإنترنت والتعلم الطبي المستمر، وكذلك تثقيف المجتمع بالمعلومات الوقائية، ونشر فكرة التثقيف الصحي.
7- تبادل المعلومات: من خلال التواصل الفعّال بين مؤسَّسات الرعاية الصحية.
8- توسيع نطاق الرعاية الصحية خارج حدودها: وذلك من خلال الحصول على الخدمة الصحية عالميًّا.
9- الأخلاق: من خلال الحفاظ على القضايا الأخلاقية، والأمور الخصوصية بين المريض والطبيب.
10- العدالة: وذلك بأن تكون الصحة الإلكترونية في متناول الجميع، وليست للأغنياء فقط. ([2])
المحور الثاني:مجالات عمل الصحة الإلكترونية واستخداماتها
إذا تحدثنا عن مجالات عمل الصحة الإلكترونية واستخداماتها، نجد أنها تشمل الرعاية الصحية عن بُعْد، والتطبيب عن بُعْد، والصحة المحمولة التي يُستخدَم فيها الهاتف المحمول، وتطبيقات الجوال، والأجهزة اللوحية، والروبوتات، كما أن مجال عملها لا يتعلق فقط بالأمراض والمريض، وإنما يتعلق بالحالة الكاملة للرفاهية الجسدية والعقلية والاجتماعية، فهو مجال علميّ له روابط وثيقة بالمعلوماتية، لكنَّ قضاياه تختص بالمجال الصحي، ويمكن عرض أهمّ مجالات عمل الصحة الإلكترونية واستخداماتها فيما يلي:
1- المستشفيات الافتراضية على الإنترنت: حيث يكون نظام عملها من خلال إنشاء مواقع إلكترونية للمستشفيات الطبية، وربطها بالأجهزة والهواتف الذكية، ويتم توفير قاعدة بيانات للأطباء والخدمات الطبية, وحجز المواعيد، واختيار الطبيب المناسب للمريض، وكذلك يتم تشخيص حالة المريض عن بُعْد من خلال ملفّه الطبي، وهو ما يوفِّر الوقت والجهد على المرضى الذين لا يستطيعون الوصول للمستشفيات بسهولة.
2- البطاقة الرقمية الصحية: حيث تكون تلك البطاقة الرقمية تحتوي على شريحة ذكية، خاصةً لكل مواطن، وتضمّ تاريخه الصحي، ومشاكله الصحية التي عانَى منها على مدار حياته، ونوع فصيلة الدم الخاصة به، وهو ما يساعد الطبيب في التوصيف الصحيح والسريع لحالة المريض.
3- الملف الطبي الإلكتروني الموحد: حيث يتم عمل ملف طبي إلكتروني موحّد لكل مواطن في الدولة، يوضع على قاعدة بيانات، ويمكن لأيّ جهة طبية أخذ نسخة من الملف الطبي لمتابعة الحالة المرضية والعلاجات التي حصل عليها المريض سابقًا.
4- الصيدلة الذكية: حيث يتم من خلالها وضع أسماء الأدوية الموجودة بالصيدلية على الموقع الإلكتروني الخاص بها؛ بحيث إذا احتاج المريض علاجًا معينًا يمكنه الدخول على موقع الصيدلية وشراؤه عن بُعْد، ويتم إرساله إلى منزله دون ضياع الوقت والجهد، وكذلك البحث عن الأدوية الناقصة عبر المواقع الإلكترونية المتعددة للصيدليات.
5- تطبيقات الوقاية الأولية: والتي تقوم بتقييم مستوى النشاط البدني للفرد، وتقدم له نصائح ليقوم بها.
6- برامج إدارة الممارسات الطبية: حيث يستخدمه الأطباء لجدولة المواعيد عبر الإنترنت، وكذلك يستخدمه المرضى في اختيار الموعد المناسب لهم بدلاً من ضياع الوقت.
7- الجراحة بمساعدة الحاسوب: حيث يُستخدم الحاسوب في مساعدة الأطباء لإجراء العمليات الجراحية، وبالتالي تقلّ نسبة الخطأ، وصغر الجرح، وتقليل النزيف، مما يساعد على سرعة الشفاء([3]).
8- نظم معلومات المستشفيات: حيث يتم استخدام برامج إلكترونية تدعم نُظُم معلومات المستشفيات.
المحور الثالث:واقع الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء
من المعلوم أن قطاع الصحة في إفريقيا جنوب الصحراء يعاني مثل كثير من القطاعات الخدمية؛ حيث إن إفريقيا جنوب الصحراء تتحمل 24% من العبء العالمي للأمراض، ولمحاولة الصعود بقطاع الصحة في إفريقيا؛ فقد حاولت بعض الحكومات اعتماد بعض التقنيات الجديدة، والتي من بينها وضع سياسات لدعم الصحة الإلكترونية في بلدانهم, بالإضافة إلى وجود العديد من مبادرات الصحة الإلكترونية التي قام بها شباب ومبتكرون أفارقة, وذلك مساهمة منهم في التغلُّب على الظروف الصعبة للقطاع الصحي في بلدانهم، ويمكن أن نعرض لواقع حال الصحة الإلكترونية في بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء من خلال ما يلي:
أولاً: واقع الصحة الإلكترونية في دول إقليم غرب إفريقيا:
1- مالي: استخدام التطبيب عن بُعْد لفحص المصابين بالأمراض الجلدية:
تعد دولة مالي من بين الدول الإفريقية التي لجأت إلى مجال الصحة الإلكترونية للتغلب على مشاكل القطاع الصحي التقليدي؛ حيث تعاني مالي من نقص الأطباء المتخصصين في أمراض القلب، وأمراض العيون، وأمراض النساء والتوليد، والأمراض الجلدية، ولهذا تم استخدام التطبيب عن بُعْد لتعويض نقص الأطباء المتخصصين في تلك الأمراض.
وعلي سبيل المثال نجد أنه في نهاية عام 2015م؛ بسبب كون تخصُّص الأمراض الجلدية لا يوجد فيه سوى عشرات المتخصصين فقط في جميع أنحاء مالي؛ حيث يوجد لكل مليون نسمة تقريبًا طبيب واحد، كما أنه وفقًا للتقارير فإن أكثر من 30% من السكان في مالي مصابون بأمراض جلدية، فقد تم الاستعانة بتطبيق Bogou)) وهو عبارة عن تطبيق يسمح بإجراء الفحص الطبي عن بُعْد لفحص المصابين بأمراض جلدية، ويشير مصطلح “bogou” في لغة السونغاي التي يتم التحدث بها في مالي والنيجر، إلى مساهمة الجميع لمساعدة شخص لا يستطيع إنهاء زراعة حقله فيقوم أصدقاؤه وجيرانه البعيدون عنه بالقدوم إليه ومساعدته، كما تفيد العبارة أيضًا مساعدة الشخص الذي لا يستطيع عبور النهر، ولذلك تم اختيار هذه الكلمة وتسمية تطبيق التطبيب عن بُعْد بها؛ لتفيد أن هذا التطبيق سيساعد المرضى الذين يعيشون في قلب الصحاري الإفريقية والمناطق النائية، ويتم فحصهم عن بُعْد، ومنعهم من تحمل عناء السفر، والحصول على الرعاية الصحية، ولهذا يهدف التطبيق إلى مكافحة فكرة “الصحاري الطبية”، والتي تعني تركز جميع الأطباء المتخصصين في عواصم الدول الإفريقية وترك باقي أقاليم الدولة، مما يحرم قطاعًا كبيرًا من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة لهم.
كما أن الأطباء الموجودين في المقاطعات النائية يواجهون العديد من التحديات المتعلقة بنقص الأجهزة المطلوبة لفحص المرضى كأجهزة الأشعة، ورسم القلب، مما يجعلهم يشخّصون المرض بصورة غير صحيحة أحيانًا، ولهذا فقد ساهم هذا التطبيق في مساعدة الأطباء الممارسين الموجودين في المناطق النائية، على طلب المشورة من الخبراء الطبيين المتخصصين عن بُعْد، في فحص المرضى بمساعدة هذا التطبيق وإرسال الفحوصات إلى الأطباء عن بُعْد ليشخِّصوا الحالة بصورة دقيقة، ويصفوا العلاج اللازم لها.
ويُستخدم هذا التطبيق في العديد من التخصصات الطبية مثل أمراض القلب، وأمراض النساء والتوليد، والأمراض الجلدية، وطب الأطفال، وهذا التطبيق تم تطويره في عام 2016م ليناسب الهواتف الذكية؛ حيث كان مصممًا لأجهزة الكمبيوتر فيما قبل، وقد وصل عدد المستفيدين من هذا التطبيق نحو 4 آلاف شخص، طبقًا لتقديرات 2018م، وللاشتراك في هذا التطبيق يجب أن يكون الممارس الصحي أو الممرضة أو القابلة التي تقوم باستخدامه مسجلة في حلقة نقاش علميّ لمعرفة طريقة عمل التطبيق، كما أن هناك اشتراكًا شهريًّا يتم دفعه لاستخدام التطبيق يعادل 10 يورو شهريًّا.
وحاليًا يتم استخدام هذا التطبيق في أكثر من 15 دولة موزعين على 4 قارات، كما يحدث تبادل للمعلومات عليه بين المهنيين، بما يصل لمئات حلقات النقاش، كما أنه متاح بست لغات، وفي إفريقيا الناطقة بالفرنسية يتم علاج نحو 5 آلاف حالة عن بُعْد من خلال ذلك التطبيق وخاصة في مالي والنيجر والكاميرون، كما تم توفير نحو 65.4 مليون فرنك إفريقي نتيجة لاستخدامه، والتي كانت سيتم إنفاقها في تكاليف النقل والإقامة في المدن الكبيرة كعواصم الدول للسفر إليها للعلاج بها، وأخيرًا يوفّر ذلك التطبيق حلاً لمشكلة الفجوة الصحية الموجودة بين المدن الكبيرة والمناطق النائية، مما يساهم في تعزيز العدالة الصحية والإنصاف الاجتماعي([4]).
كما أن مؤسسة بيير فابر قامت بتقديم تمويل بلغ قدره 45 ألف يورو؛ لدعم مبادرة الكشف الطبي عن بُعْد لمصابي الأمراض الجلدية في مالي باستخدام تطبيق “Bogou“، واستمرت تلك المبادرة لمدة 18 شهرًا؛ حيث بموجبها تم الكشف على كثير من المرضى المصابين بأمراض جلدية عن بُعْد، في معظم مناطق مالي بعد نجاح التجربة في 10 مواقع صحية في البلاد، وخاصة المناطق المحرومة التي تعاني من نقص المتخصصين أو التي تعاني من حالة عدم الاستقرار مثل شمال مالي؛ حيث يتم الكشف في المراكز الصحية الموجودة في المقاطعات المختلفة عن بُعْد، وإرسال صورة الحالة المرضية عبر تطبيق “Bogou” إلى المختصين، ومِن ثَم تحديد العلاج بعناية للمرضى بصورة سريعة، وهو ما ساهم في حل مشكلة نقص أطباء الأمراض الجلدية، وكذلك ساهم في حل مشكلة عناء السفر من المقاطعات البعيدة إلى العاصمة باماكو للوصول إلى طبيب أمراض جلدية، كما وفّر نفقات السفر التي قام الفقراء باستخدامها في شراء العلاج الموصوف لحالتهم المرضية، وقد أسفرت تلك المبادرة عن الكشف على 3 آلاف مصاب بأمراض جلدية في عام واحد من بينهم 175 حالة إصابة معقدة([5]).
وتقوم منصة التعليم عن بُعْد التي تُعرَف باسم (Dudal) التي تم إطلاقها في عام 2008م، بتوفير التدريب الطبي المستمر للمهنيين الصحيين عن بُعْد، بغضّ النظر عن موقعهم، وهذه المنصة يُعرض عليها آلاف الدورات التدريبية التي ينتجها بشكل أساسي خبراء أفارقة تخدم الممارسين الصحيين في المناطق المعزولة.
بالإضافة إلى اتخاذ مالي خطوات مهمة في عملية بناء المهارات والقدرات اللازمة لخلق كوادر مُدرَّبة في مجال الصحة الإلكترونية، وذلك من خلال استحداث دبلوم مشترك بين الجامعات (DIU) متخصص في دراسات الصحة الإلكترونية، وهذا الدبلوم يُعرَف باسم ” الممارسات والابتكار في مجال الصحة”، ويتم تحت رعاية جامعة العلوم والتقنية والتكنولوجيا في باماكو (USTTB), بالتعاون مع جامعة “شيخ أنتا ديوب” في السنغال، وجامعة كوكودي في ساحل العاج، وبدعم من مؤسسة بيير فابر([6]).
2- السنغال: إنشاء أول منصة إلكترونية للتبرع بالدم في إفريقيا:
من بين مبادرات الصحة الإلكترونية في السنغال “مشروع الأمل“؛ حيث تم إنشاء تطبيق يُعرَف باسم Hope)), والذي قام بإطلاقه اثنان من رواد الأعمال الشباب، بهدف علاج مشكلة نقص الدم في القارة الإفريقية؛ حيث يموت كثير من المرضى بسبب عدم حصولهم على الدم اللازم للعلاج، ويعد أول تطبيق للهاتف المحمول في إفريقيا مخصّص للتواصل بين مراكز الدم والمتبرعين بالدم؛ حيث ييسر الحصول على المعلومات المتعلقة بالتبرع بالدم، وتكوين شبكات لنقل الدم مِن قِبَل المتبرعين المتطوعين، ويتيح ذلك التطبيق إجراء مكالمات طوارئ بعدة لغات محلية, عن طريق الرسائل النصية أو بالبريد الصوتي، كما يقوم بإرسال رسائل شكر للمتبرعين، ويقوم كذلك بإنشاء روابط دائمة مع المتبرعين بالدم لدعوتهم للتبرع لاحقًا في حالة الحاجة إلى ذلك، ويستخدم هذا التطبيق حاليًا من نحو 30 ألف مستخدم، كما تم مضاعفة التبرع بالدم ثلاث مرات في داكار خلال الأعوام التالية لتشغيل التطبيق([7]).
وفي السنغال كذلك يتم استخدام برنامج (Cellal e Kisal) في علاج أمراض النساء، وخاصة في جنوب السنغال؛ حيث إنها تعاني من قلة عدد أطباء أمراض النساء؛ حيث تم عمل حقيبة إلكترونية بها جهاز موجات فوق صوتية، وأدوات لإجراء عدد من الفحوصات الصحية الأخرى، وقد تم تدريب القابلات على استخدامها؛ حيث يتم فحص النساء عن بُعْد من خلال الأجهزة الموجودة في هذه الحقيبة بالموجات فوق الصوتية في منازلهن، ويتم إرسال بيانات الفحص إلى أحد أطباء أمراض النساء عبر الإنترنت للقيام بالتشخيص المناسب، كما يتم استخدامها في مساعدة النساء على متابعة حملهن بصورة منتظمة، وقد تم توفير هذه الحقيبة في العديد من المراكز الصحية، وخاصة التي تعاني من الحرمان من أطباء النساء والتوليد([8]).
بالإضافة إلى ما سبق فإنه في سبتمبر 2016م قام الشاب السنغالي مامادو سال، بتنفيذ مشروع يحمل اسم (Karangé)، والذي يتم من خلاله استخدام أصوات المشاهير في الدولة، لإيصال رسائل صوتية تحمل معلومات صحية عامة إلى المواطنين؛ حيث يقوم هذا التطبيق بإجراء مكالمات هاتفية باستخدام أصوات المشاهير في السنغال مثل بعض المغنيين المعروفين في البلاد أمثال “بابا مال، وسيمون سيني، وماري نغوني، والحاج ندياي”، وذلك للتذكير بمواعيد التطعيم، ومتابعة النساء الحوامل لحملهن مع الطبيب.
حيث يرى الشاب مامادوا سال أن السياق الثقافي مهمّ جدًّا لنقل هذا النوع من الرسائل الصحية إلى المواطنين؛ حيث إن عملية استخدام أصوات المشاهير سوف تجذب المتلقي للرسالة، ويقوم بالاستماع إليها، كما أن النساء الأُمّيات في المناطق الريفية يمكنهن متابعة التعليمات الصحية بسهولة من خلال تلك الفكرة. كما يرسل التطبيق كذلك رسائل إلى آباء المرضى للتوعية بأهمية رعاية أبنائهم، وتمتد تلك الفكرة إلى قضايا الصحة العامة، مثل تقديم نصائح للحوامل أثناء صيام شهر رمضان. وهذه الخدمة يتم تقديمها مجانًا في نحو 20 مركزًا صحيًّا في داكار، وقد استفادت نحو 10 آلاف امرأة من هذه الخدمة. كما ساهمت في زيادة تلقّي النساء الحوامل للتطعيم في موعده، مما قلل من معدل وفيات الأطفال الرضع والأمهات([9]).
كما يوجد في السنغال كذلك تطبيق يعرف باسم (JOKKOSANTÉ)؛ حيث تتمثل مهمة هذا التطبيق في توفير الأدوية من خلال فكرة الاقتصاد الدائري والتمويل المتبادل؛ حيث إن الأدوية تكون باهظة الثمن في كثير من الأحيان، ويعجز البعض عن شرائها، ورغم ذلك بعد انتهاء العلاج تترك عبوات أدوية كاملة في خزانة طب الأسرة حتى تنتهي صلاحيتها، وهو ما يمثل خسارة للفرد، وكذلك يُحْرَم كثير من أفراد المجتمع في الحصول عليها رغم حاجتهم لها وفقرهم في نفس الوقت، وبعد البحث في السنغال وُجِدَ أن نحو 52% إلى 73% من الإنفاق الصحي يكون على الأدوية، كما أن التأمين الصحي لا يوفّر كل الأدوية للسكان، ولذلك تم إنشاء ذلك التطبيق لحل تلك المشكلة.
3- نيجيريا: استخدام تطبيق إلكتروني للمساعدة في تشخيص مرضى التراخوما:
قام مجموعة من الشباب بابتكار تطبيق لمكافحة انتشار الأدوية المغشوشة والمقلدة، تحت مسمي (FD- Detector)؛ حيث يمكن من خلاله مكافحة الاتجار في الأدوية المغشوشة في البلاد، وهو ما يساعد في إنقاذ حياة آلاف الأشخاص من الموت؛ حيث إنه وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية يموت عشرات الآلاف من الأفارقة كل عام بسبب الأدوية المغشوشة، فمثلاً يوجد عديد من الأدوية المغشوشة وغير الفعالة التي تُباع لعلاج الملاريا، والتي يمكن أن تجعل طفيل الملاريا مقاومًا للأدوية، ولذا يموت المريض.
ويُذْكَر أن نيجيريا هي أكبر سوق للأدوية المزيفة في الدول النامية، وتأتي هذه الأدوية المزيفة إلى إفريقيا من الصين والهند، والتي يشتريها المرضى غير القادرين على شراء الأدوية الأصلية باهظة الثمن. كما يتم كذلك في نيجيريا استخدام تطبيق (TT TRACKER) لمساعدة الجراحين، ومساعدي الأطباء في جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بمرضى التراخوما، وسرعة علاجهم؛ منعًا لإصابتهم بالعمى، كما يتم استخدام هذا التطبيق في كلٍّ من بنين والسنغال وإثيوبيا([10]).
كما قامت نيجيريا كذلك باستخدام تطبيق يعرف باسم InStrat Global Health Solutions)) لتوفير المعلومات المتعلقة بفيروس كورونا للعاملين في المجال الصحي، كما يتوفر التطبيق باللغات المحلية في نيجيريا، وتساعد المعلومات التي يرسلها التطبيق للعاملين في المجال الطبي سرعة تحديد الحالات المحتملة للإصابة بفيروس كورونا ثم عزلها.
بالإضافة إلى استخدام نيجيريا ومعها الكاميرون لتطبيق يعرف باسم (GIFTEDMOM)، وذلك لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية للأم والطفل.
4- بوركينا فاسو: استخدام خدمة الرسائل القصيرة في نشر التوعية الصحية:
يتم استخدام خدمة AlloLaafia)) لإرسال رسائل قصيرة عبر الهاتف المحمول توضّح للسكان -خاصةً في منطقة غورما شرق بوركينا فاسو- العديد من المعلومات الصحية المختلفة([11]).
كما توجد أيضًا في بوركينا فاسو مبادرة تحمل اسم “ MOBILE- SANTÉ (MOS@N) ” ، تهدف إلى تحسين صحة الأمهات والأطفال، والمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وذلك من خلال تحسين فرص الوصول إلى العلاج، وتقليل عدد الأشخاص المتسربين من علاج فيروس الإيدز الذي يُقدّر عددهم بنحو 10% من المصابين.
كما يتم استخدام تطبيق يعرف باسم (DJANTOLI) في الحد من وفيات الأطفال الرضع، والتثقيف الصحي المتعلق بالأسرة، كما يوفر التطبيق كذلك نظام السجل الصحي الإلكتروني، ويمكن مطالعته عبر الهاتف المحمول([12]).
5- غينيا كوناكري: تشخيص مرضى الصرع باستخدام تقنيات تعتمد على الهاتف المحمول:
يوجد في غينيا كوناكري مشروع غينيا لعلاج الصرع؛ حيث يعد الصرع هو المرض العصبي الأكثر شيوعًا في غينيا، وللمساهمة في علاجه تم استخدام جهاز مخطط كهربية الدماغ (EEG) المعتمد على الهاتف الذكي، في تشخيص حالات الصرع بسهولة، كما يقوم الجهاز بتفسير نتائج مخطط كهربية الدماغ لمرضى الصرع بدقة، مما يساعد على وصف العلاج الصحيح للمرضى، كما أنه يقلل من تكاليف فحص مخطط كهربية الدماغ التي تُقدر بنحو 10 آلاف يورو عند إجرائها تقليديًّا، بينما يتم إجراؤها بمبلغ 300 يورو فقط؛ من خلال جهاز مخطط كهربية الدماغ إلكترونيًّا، كما يساهم في حلّ مشكلة نقص أطباء الأعصاب في غينيا؛ حيث تفيد المعلومات أن غينيا لا يوجد فيها سوى 10 أطباء أعصاب فقط يخدمون 12 مليون نسمة([13]).
6- بنين: استخدام تطبيقات إلكترونية لحجز مواعيد الكشف عن بُعْد:
في بنين أيضًا يوجد اهتمام بمجال الصحة الإلكترونية؛ حيث يتم استخدام تطبيق يعرف باسم (Go Medical)، وقد تم إنشاؤه في عام 2017م لتيسير الحصول على الرعاية الصحية؛ حيث يتوفّر لدى الشركة التابع لها التطبيق نحو 450 طبيبًا، ويحجز على التطبيق التابع لها ما بين 200 إلى 250 مريض يوميًّا، وقد وصل عدد مستخدمي التطبيق ما يزيد عن 22 ألف مريض، كما يتضمن التطبيق محفظة افتراضية تتيح الدفع عن بُعْد([14]).
7- ساحل العاج: استخدام سجل إلكتروني لمتابعة التطعيمات واللقاحات:
قام المهندس إيتشي نويل ندرين بابتكار تطبيق يحمل اسم OPI- SMS))، وهو عبارة عن سجل إلكتروني لمتابعة التطعيم؛ حيث يتعلق بالتذكير بمواعيد التطعيمات المخصصة للأطفال، وكذلك التذكير بمواعيد اللقاحات المختلفة للوقاية من الفيروسات مثل فيروس الإيبولا، وذلك يتم من خلال إرسال رسائل قصيرة أو رسائل عبر البريد الإلكتروني لمتلقّي اللقاحات، كما يمكن من خلال هذا التطبيق عرض سجل التطعيم الخاص بالمريض عبر الإنترنت, وفي حالة نسيان البطاقة الصحية التي تثبت تلقّي اللقاحات اللازمة قبل السفر يمكن مراجعة سجل الشخص عبر التطبيق، ومِن ثَم السماح له بعبور نقاط مراقبة الحدود الصحية في البلاد، كما يتيح ذلك التطبيق إنتاج بيانات إحصائية وعمل خرائط موضوعية وتحليلية لتطعيم السكان، وهذا التطبيق يتم استخدامه مِن قِبَل نحو 650 ألف مستخدم وفقًا لإحصاءات 2017م، كما أن التطبيق متاح في 160 مركزًا صحيًّا في ساحل العاج، كما يبلغ حجم مبيعات الشركة التي أطلقت التطبيق نحو 80 مليون فرنك إفريقي([15]).
بالإضافة إلى استخدام تطبيق يُعرَف باسم (E.DIABÈTE)، وهو يتم استخدامه في توفير التعليم المستمر للموارد البشرية المتعلقة بالرعاية الصحية، وهو ما يحل مشكلة نقص الممارسين العامين المتخصصين في البلاد، وخاصة ما يتعلق بعلاج مرض السكر([16]).
بالإضافة إلى تبنّي ساحل العاج مبادرة مهمة لبناء المهارات، والعمل على تخريج كوادر مُدرَّبة في مجال الصحة الإلكترونية؛ حيث تم إنشاء درجة الماجستير الدولية في الصحة الرقمية في إفريقيا (Misna)، والتي أنشأتها المدرسة الإفريقية العليا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ESATIC)، والموجودة في أبيدجان، وذلك بالشراكة مع عدة جهات داعمة لها، وهو ما يعزّز من الاستخدام المستدام لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نظم الرعاية الصحية الإفريقية، ودعم ثقافة الابتكار الصحي في إفريقيا([17]).
8- توجو: استخدام تطبيقات إلكترونية لزيادة الوعي بالصحة الجنسية:
في توجو يقوم تطبيق (eCentre Convivial) بتزويد السكان بمعلومات توعوية عن الصحة الجنسية والإنجابية، للمساعدة في الحد من انتشار الأمراض المنقولة جنسيًّا, خاصة بين الشباب وطلاب المدارس في توجو([18]).
كما أنه في عام 2015م تم البدء في استخدام تطبيق يُعرَف باسم (Dokita Eyes), وهذا التطبيق يسمح للمهنيين الصحيين بمتابعة مرضاهم في جميع الأوقات أينما كانوا، وهذا التطبيق يشبه السجل الصحي للمريض، ولكنه سجل صحيّ رقميّ، وهو يحتوي على جميع المعلومات الخاصة بحالة المريض الطبية واستشاراته سابقًا، وقد اشترك في هذا التطبيق نحو 80 ألف شخص في توجو.
وبالإضافة إلى ذلك يتم استخدام تطبيق يعرف باسم (Téléder Togo) في فحص المصابين بالأمراض الجلدية، وهو يساعد في الفحص عن بُعْد للمصابين لمواجهة مشكلة نقص أطباء الأمراض الجلدية في البلاد. كما يُذْكَر أن توجو تستخدم الطائرات بدون طيار في مجال الزراعة؛ حيث يتم رشّ المبيدات الزراعية اللازمة للأراضي الزراعية باستخدام الطائرات بدون طيار، وذلك بدلاً من قيام المزارعين برشّ تلك الأسمدة بأنفسهم، وهو ما قد يُعرّضهم لمخاطر صحية نتيجة للتعامل المباشر مع تلك الأسمدة؛ وذلك الأمر يتصل بمجال الصحة الإلكترونية، الذي يهدف لمنع الإصابة بالأمراض أيضًا([19]).
9- غانا, وسيراليون: استخدام تطبيقات إلكترونية لكشف الأدوية المغشوشة:
قامت غانا باستخدام برامج تقنية لكشف الأدوية المغشوشة مثل استعانتها بخدمات مؤسسة mPedigree))، وهي شركة عالمية تقوم باستخدام تقنيات الهاتف المحمول، والويب في تأمين المنتجات ضد التزييف من خلال تتبُّع سلاسل التوريد التي تنقل المنتجات الاستهلاكية إلى الأسواق؛ حيث إن تجارة المنتجات المقلدة بلغت قيمتها في العالم 700 مليار دولار كل عام، كما أن ما بين 30% إلى 60% من إجمالي الأدوية المباعة بالتجزئة في إفريقيا إما مزيفة أو دون المستوى المطلوب أو مقلدة، كما ينتج عن تناولها آثار صحية قاتمة؛ حيث تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 100 ألف حالة وفاة تتم سنويًّا في إفريقيا نتيجة لتجارة الأدوية المزيفة، ولذلك استعانت غانا والعديد من دول القارة الإفريقية بخدمات مؤسسة mPedigree)) لمكافحة الأدوية المزيفة، والعمل على توفير الأدوية ذات النوعية الجيدة في البلاد، وإن كان هناك مشكلة تتعلق بنقص الأدوية الجديدة الفعَّالة، وغلوّ ثمنها في معظم دول القارة دون استثناء.
كما يتم استخدام هذه الخدمة كذلك في كشف المدخلات الزراعية كالبذور, والكيماويات الزراعية المزيفة؛ حيث إن المدخلات الزراعية المزيفة والمقلدة يترتب عليها تدهور الإنتاج الزراعي، وهو ما يؤدي إلى فقر صغار المزارعين, بل وانخفاض الأمن الغذائي، وربما تفاقم المجاعات. ولتفادي الآثار السلبية للمنتجات المزيفة قامت مؤسسة mPedigree)) بالاستعانة بأدوات التحقق والشفافية التنظيمية، لمعرفة أصالة المنتجات التي يعتمد عليها الناس في صحتهم وسُبُل عيشهم؛ حيث يتم تصنيف المنتجات برمز مرور فريد مكون من 12 رقمًا يُستخدم مرة واحدة، يقوم المستهلك بإرساله إلى الخدمة من خلال الخط الساخن المجاني، ومِن ثَمَّ يتم تتبُّع سلسلة توريد المنتج، والكشف عن كونه أصليًّا أم مزورًا. وتسعي هذه المؤسسة إلى مساعدة 250 مليون شخص في إفريقيا وجنوب آسيا والشرق الأوسط على توثيق ما يقرب من ملياري منتج، والتأكد من أصالتهم، كما أنها تقيم شراكة مع الاتحاد الإفريقي، وتكتل الكوميسا؛ وذلك للتحقق من جودة البذور في 19 دولة إفريقية([20]).
بالإضافة لما سبق فقد وضعت غانا سياساتها للصحة الإلكترونية، كما أطلقت العديد من برامج التوعية الصحية إلكترونيًّا، بالإضافة إلى استخدام كل من غانا وسيراليون لتطبيق (Safe Delivery) الذي يقوم بتدريب القابلات للتغلُّب على مشاكل الولادة، وكذلك تقوم غانا باستخدام الطائرات بدون طيار في خدمات نقل الدم للمرضى المحتاجين له من خلال شركة Zipline التي يقع مقرها الرئيسي في سان فرانسيسكو، وتستثمر في أكثر من دولة إفريقية، وقد صرحت هذه الشركة أنها ستغطي 2000 مؤسسة صحية تخدم 12 مليون شخص في غانا، وقد تعاقدت حكومة غانا مع هذه الشركة لإجراء 600 عملية تسليم في اليوم لمدة 4 سنوات، وذلك بتكلفة 12.5 مليون دولار([21]).
ثانيًا: واقع الصحة الإلكترونية في دول إقليم شرق إفريقيا:
1- كينيا: استخدام تطبيق للحصول على خدمات التأمين الصحي عن بُعْد:
أدَّى نمو قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كينيا إلى تسهيل دخول الصحة الإلكترونية في البلاد؛ حيث تعمل الحكومة الكينية بالشراكة مع المستثمرين الأجانب على تعزيز نمو سوق الصحة الإلكترونية في البلاد، لمواجهة تحديات النظام الصحي بطريقة فعالة؛ كينيا قامت بنحو 69 مشروعًا في مجال الصحة الإلكترونية، وتعددت تلك المشروعات؛ حيث شملت مشروعات تخصّ الصحة المحمولة، ومشروعات لنظم المعلومات الصحية، وأخرى للتطبيب عن بُعْد، وقد خُصِّص البعض منها للرعاية الأولية، وعلاج الإيدز، وصحة الأم والطفل. كما نجد أن وزارة الصحة في كينيا أطلقت في عام 2011 أول استراتيجية وطنية للصحة الإلكترونية (2011- 2017)، وقد حددت هذه الاستراتيجية خمسة مجالات ركزت عليها في تنفيذ مشروعات الصحة الإلكترونية في الدولة، وتتمثل في الطب عن بُعْد، ونظم المعلومات الصحية، والصحة المتنقلة، والتعليم الإلكتروني، والثقافة الصحية للمواطنين. كما قامت كينيا بتطوير اهتمامها بمجال الصحة الإلكترونية؛ حيث قامت بوضع السياسة الوطنية للصحة الإلكترونية 2016- 2030م، وذلك لتتفق مع أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030([22]).
ومن بين خدمات الصحة الإلكترونية التابعة لشركة (Care Pay)، خدمة تعرف باسم (M- Tiba) وهي بمثابة محفظة إلكترونية مخصصة لتمويل الرعاية الصحية، ويتم الاشتراك فيها من خلال الهاتف المحمول، والهدف من هذه الخدمة تيسير الاشتراك في خدمات التأمين الصحي التي يحتاجها المريض، من خلال شبكة كبيرة من المستشفيات ودفع تكاليف رعايتهم الصحية عن بُعْد، باستخدام ذلك التطبيق، مقابل المواعيد الطبية التي يحصلون عليها، وقد بلغ عدد المستخدمين لهذه الخدمة نحو 4 ملايين شخص في البلاد([23]).
وفي كينيا أيضًا ومع بداية انتشار جائحة فيروس كوفيد- 19؛ قامت الحكومة الكينية بتدشين مركز طبي عن بُعْد مخصَّص لمكافحة كوفيد- 19، ومقره مستشفى كينياتا الوطني في العاصمة نيروبي؛ حيث يتم فحص الأشخاص باستخدام التصوير المقطعي المحوسب، وهو تقنية أكثر تقدمًا من أجهزة الأشعة العادية، تجمع بين الأشعة السينية، وتكنولوجيا الكمبيوتر؛ حيث تم استخدام المركز في إجراء الفحوصات في 47 منطقة في الدولة ويعمل على مدار 24 ساعة. بالإضافة إلى قيام وزارة الصحة في كينيا بإطلاق منصة تعليمية تحت مسمى LEAP)) تهدف إلى إبلاغ المجتمعات المحلية بالوضع الصحي في البلاد، ومكافحة المعلومات المكذوبة المتعلقة بفيروس كورونا([24]).
2- رواندا: استخدام طائرات بدون طيار لإرسال المستلزمات الطبية إلى المستشفيات:
تبنّت رواندا استراتيجياتها الوطنية للصحة الإلكترونية في عام 2008م، كما أنها تمتلك بنية تحتية وموظفين مخصصين لمختلف برامج الصحة الإلكترونية، كما أنها أنشأت منصة طائرات بدون طيار للسماح بإرسال المستلزمات الطبية المنقذة للحياة للمرضى مثل إرسال أكياس الدم بسرعة كبيرة إلى المستشفيات في شرق البلاد، من خلال شركة “Zipline“؛ وهي شركة طائرات بدون طيار يقع مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية. وتعد رواندا أول دولة في العالم تقوم بتوصيل الإمدادات الطبية المنقذة للحياة باستخدام الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى إنشائها تطبيقًا إلكترونيًّا يرسل رسائل تذكيرية للنساء الحوامل بمواعيد الزيارات الطبية، ومواعيد تطعيمات أطفالهن([25]).
3- أوغندا: استخدام قناة ميرا عبر الهاتف المحمول لرعاية صحة الأم والطفل:
يتم استخدام قناة تبث عبر الهاتف المحمول تعرف باسم MIRA))، في مساعدة النساء الريفيات على إدارة صحتهن بأنفسهن، مع تيسير التواصل بينهن وبين مراكز الصحة العامة، وذلك بهدف خفض معدلات وفيات الأمهات والأطفال الرضع؛ حيث توفر هذه القناة معلومات للنساء تتعلق بالرعاية اللازمة ما قبل الولادة، وتحصين الأطفال حديثي الولادة، كما يتم تحديد حالات الحمل عالية الخطورة من خلال متابعة هذه القناة، وتعمل هذه القناة في كل من أوغندا، والهند، وأفغانستان. وفي أوغندا أيضًا يتم استخدام الطائرات بدون طيار للمساعدة في خدمات نقل الدم إلى المستشفيات، والإمدادات الطبية من مستشفى إلى أخرى، بالإضافة إلى استخدام العاملين في المجال الصحي تطبيق mTrac)) لإرسال البيانات الأسبوعية عبر الرسائل القصيرة إلى نظام إدارة المعلومات الصحية الوطني بما فيها نسبة مخزون الأدوية، ومعدلات المرضى، والوفيات([26]).
4- إثيوبيا: استخدام تطبيق إلكتروني لتثقيف القابلات:
وفي إثيوبيا يتم استخدام تطبيق للهاتف المحمول يعرف باسم (Safe Delivery)، ويقوم هذا التطبيق بتثقيف القابلات الإثيوبيات، وإمدادهن بمعلومات الوقاية من مضاعفات الحمل، وتقليل مخاطر الوفاة أثناء الولادة، وذلك من خلال إرسال مقاطع فيديو تعليمية، ونصائح طبية، يقوم التطبيق بإرسالها إليهم. وقد أسفر هذا التطبيق عن خفض معدل وفيات الأطفال الرضع بنسبة 40%؛ حيث إن إثيوبيا تُعدّ من أعلى معدلات وفيات الأطفال في إفريقيا؛ حيث يموت 59 طفلاً رضيعًا من كل ألف حالة ولادة في البلاد، وترجع هذه النسبة المرتفعة غالبًا بسبب نقص تدريب العاملين الصحيين في مجال الولادة، كما أن هذا التطبيق يتم استخدامه باللغات المحلية في إثيوبيا كلغة الأمهرا، والأورومو، كما ينشر التطبيق كذلك فيديوهات تتعلق بطرق الوقاية من عدوى الأم والجنين، وللتغلُّب على مشكلة ضعف الإنترنت في البلاد، يتم نقل الفيديوهات عبر البلوتوث بين القابلات وبعضهن البعض، وقد قامت وزارة الصحة الإثيوبية، والاتحاد الإثيوبي للقابلات باعتماد التطبيق لديهن في العمل الطبي([27]).
بالإضافة إلى استخدام العاملين في مجال طبّ العيون بإثيوبيا لتطبيق يُعرَف باسم (TT TRACKER)؛ حيث يساعد هذا التطبيق جراحي العيون، ومساعديهم، والمشرفين الصحيين في مراقبة المرضى، وجمع وتحليل المعلومات حول نتائج العمليات الجراحية، ويهدف ذلك التطبيق إلى الحد من العمى والقضاء عليه، ويتم استخدام هذا التطبيق كذلك في كل من نيجيريا، والسنغال، وغينيا، وبنين([28])0
5- مدغشقر: استخدام التعليم عن بُعْد لشرح المناهج لطلاب كليات الطب:
وفي مدغشقر بسبب نقص أساتذة الجامعة المتخصصين في تدريس الطب؛ حيث يقوم نحو 70 أستاذ جامعي بتدريب نحو 7 آلاف طالب في 5 كليات الطب في مدغشقر، ولهذا فقد تم الاستعانة بالبدائل الرقمية لسد هذا العجز؛ حيث كان الطلاب والأساتذة يعانون بسبب ذلك العجز؛ حيث كان الأساتذة يقضون عددًا كبيرًا من الساعات في وسائل المواصلات للتنقل بين كليات الطب المختلفة لإعطاء المحاضرات للطلاب، ولهذا تم اقتراح بثّ المحاضرات لجميع لطلاب في الكليات الخمس عن بُعْد، وكذلك تقديم دورات تم تصويرها سابقًا وبثّها عبر الفيديو الكليات الخمس عن بُعْد، ثم عقد محاضرات تفاعلية عن بُعْد للإجابة عن تساؤلات الطلاب، كما تم السعي لرقمنة المناهج الدراسية لضمان حصول الطلاب على الكتب الدراسية([29]).
6- تنزانيا: استخدام تطبيق للتوعية بالأمراض حيوانية المنشأ التي تنتقل إلى الإنسان:
تشير المعلومات إلى أن الأمراض حيوانية المنشأ منتشرة في تنزانيا بصورة كبيرة، وتنتقل إلى البشر، ومن بين تلك الأمراض “داء الكلب، وداء البروسيلا، والجمرة الخبيثة، والسل”، ولكون تلك الأمراض لا يتم تشخيصها بشكل جيد؛ لكونها حيوانية المصدر؛ فإنه يتم التعامل معها بشكل خاطئ مما يزيد من معاناة المرضى المصابين بها؛ حيث يتم تشخيص حالات الحمَّى المالطية على كونها مرض ملاريا بسبب تشابه الأعراض، كما يتم تشخيص داء الكلب بأنها جروح طبيعية، وهو ما يؤدي إلى حدوث وفيات للمصابين بتلك الأمراض نتيجة للتوصيف الخاطئ فيحدث وفيات بدون داعٍ؛ بسبب نقص المعرفة بالأمراض حيوانية المصدر بين العاملين في مجال الرعاية الصحية، ولهذا تم استخدام تطبيق إلكتروني يُعرَف باسم Afya Data)) لتعزيز التشخيص الصحيح للأمراض حيوانية المنشأ؛ من خلال التدريب الصحي للعاملين في مجال الرعاية الصحية عبر هذا التطبيق، وهو ما يساعد في التقليل من تداعيات الأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان؛ حيث يتم تعزيز التثقيف الصحي وتوعية العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتمكينهم من سرعة التشخيص لتلك الأمراض، وحسن إداراتها بشكل صحيح خلال وقت قصير([30]).
ثالثًا: واقع الصحة الإلكترونية في دول إقليم وسط إفريقيا:
1- الكاميرون: فحص القلب عن بُعْد، وحاضنات أطفال إلكترونية:
هناك مبادرات لتطبيق الصحة الإلكترونية في الكاميرون, ومن بين برامج الصحة الإلكترونية في الكاميرون، برنامج (AFRICA CARDIAC CARE)، والذي يعني “رعاية القلب الإفريقي”، وهو عبارة عن برنامج صحي، تم تصميمه لرعاية الأفارقة ذوي الدخل المنخفض والمتوسط؛ حيث يوفر للمشتركين فرصة تلقي أربعة أنواع من فحوصات القلب والأوعية الدموية الشاملة سنويًّا بصورة غير محدودة، مقابل اشتراك سنوي يبلغ 48 دولارًا للمتابعة في المستشفى أو مقابل 60 دولارًا للمتابعة في المنزل، وهذا البرنامج متاح كخدمة في العديد من المستشفيات في المناطق الريفية وشبه الريفية، وبمجرد اشتراك المريض عبر الإنترنت في البرنامج يحصل على بطاقة ذكية تسمح له بالحصول على مراقبة كاملة للقلب لمدة عام كامل، كما يتم تشخيص كل فحص يتم إجراؤه عن بُعْد مِن قِبَل طبيب قلب مخصّص لمتابعة حالة المريض، وذلك باستخدام جهاز Cardio pad، وهو عبارة عن جهاز لوحي طبي بشاشة تعمل باللمس يقوم بإجراء فحوصات القلب، ويسجل البيانات ثم يقوم بإرسال النتائج عن بُعْد عبر شبكة الهاتف المحمول إلى طبيب القلب لتفسير نتائج الفحص، وتشخيص الحالة، ووصف العلاج، وذلك خلال 20 دقيقة فقط، وقد قام المهندس الكاميروني آرثر زانج البالغ من العمر 26 عامًا باختراع هذا الجهاز لمواجهة العجز في نقص أطباء القلب في الكاميرون؛ حيث إن الكاميرون يوجد بها 50 طبيب قلب فقط، رغم أن عدد سكانها يبلغ 22 مليون نسمة، وهؤلاء الأطباء موجودون في المراكز الحضرية فقط مثل العاصمة ياوندي، وبالتالي يعجز كثير من السكان عن الوصول إليهم، كما أن ما يقرب من نصف السكان يعيشون في المناطق الريفية، وبالتالي يوفر عليهم ذلك الجهاز عناء وتكاليف السفر إلى المدن للفحص الطبي، ولنجاح ذلك الجهاز يتم استخدامه حاليًا في كينيا وجزر القمر والجابون، لكونهم يعانون من نقص أيضًا في أطباء القلب، هذا وقد حصل المهندس الكاميروني مخترع الجهاز على جائزة إفريقيا للابتكار الهندسي مِن قِبَل الأكاديمية الملكية للهندسة في المملكة المتحدة في حفل أقيم في تنزانيا عام 2016م([31]).
وفي الكاميرون أيضًا تم تطوير حاضنة أطفال لحديثي الولادة، تعمل من خلال نظام العلاج بالضوء، وأجهزة الاستشعار والكاميرا، ومن خلالها يقوم الطبيب بمتابعة الحالة الصحية للرضيع، عبر تطبيق الهاتف المحمول، كما يقوم المتخصص بضبط الحاضنة عن بُعْد، وكذلك يتم عن بُعْد معرفة عدد الأجهزة المتاحة لتضم حديثي الولادة في المكان الأقرب لهم، وقد ساهمت تلك الحاضنة الإلكترونية في تقليل معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة؛ حيث كانت الكاميرون تمتلك أقل من 100 حاضنة تُستخدم لأكثر من 7 آلاف مؤسسة صحية، ويذكر أيضًا أن الشاب الكاميروني ستيفن موافو، قام بتطوير حاضنة أطفال تعمل بالطاقة الشمسية، كما أن هذه الحاضنة توفر معلومات عن وزن المولود، وتعالج الأطفال المصابين باليرقان، ويعد الهدف من هذه الحاضنة هو التغلب على مشكلة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في الكاميرون، والذي ينتج عنه ارتفاع معدل وفيات المواليد الموجودين في الحضانات، ولذلك قام مهندس الطب الحيوي ستيفن موافو بصناعة هذه الحاضنة لتعمل بالطاقة الشمسية لخفض معدل وفيات المواليد في الكاميرون، غير أن تكلفة تشغيل تلك الحواضن مرتفعة؛ حيث تبلغ تكلفة الحاضنة الواحدة 1.5 مليون فرنك إفريقي، أي ما يعادل 2300 يورو، ومن أجل تسويق الحاضنة للمستشفيات يوفّر المنتج لها إمكانية الدفع على مدى عامين([32]).
2- جمهورية الكونغو الديمقراطية: استخدام تطبيق إلكتروني لرعاية مرضى فقر الدم المنجلي:
ومن بين مبادرات الصحة الإلكترونية في الكونغو، تم عمل تطبيق يعرف باسم Anemi app)) للمساعدة في حلّ مشكلة رعاية مرضى فقر الدم المنجلي؛ حيث يقدم التطبيق للمرضى معلومات للتثقيف العلاجي, كما يحدد التطبيق للمريض الأماكن التي يتوافر فيها علاجه دون الحاجة إلى السفر لمناطق بعيدة، وكذلك يقوم الأطباء بمتابعة حالة المريض عن بُعْد من خلال التطبيق مع تقديم الاستشارة الطبية للمرضى، كما يساعد التطبيق الراغبين في التبرع بالدم لمساعدة مرضى فقر الدم المنجلي، ويحدد لهم المكان والوقت المناسب للتبرع([33]).
رابعًا: واقع الصحة الإلكترونية في دول إقليم جنوب إفريقيا:
1- جنوب إفريقيا: استخدام تطبيق إلكتروني لمتابعة النساء الحوامل:
تعد جنوب إفريقيا من بين دول القارة الإفريقية التي تشهد تقدمًا في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولذلك أطلقت جنوب إفريقيا استراتيجية الصحة الإلكترونية 2012- 2016م، الخاصة بها، بهدف تعزيز تطبيق هذا المجال في البلاد، للتغلُّب على مشكلات الرعاية الصحية التقليدية، وتعمل هذه الاستراتيجية على تحقيق نظام معلومات صحية وطني يعمل في كل البلاد، كما قامت جنوب إفريقيا بعمل العديد من مبادرات الصحة الإلكترونية, وخاصة في تخصُّص الصحة المنقولة عبر الهاتف المحمول؛ حيث قامت مؤسسة برايكلت في عام 2014م بتصميم تطبيق في جنوب إفريقيا يُعرَف باسم (Mom Connect)، وهو خاص بمتابعة النساء الحوامل؛ حيث يقدّم التطبيق لهم رسائل نصية وتعليمات أثناء الحمل وقبل الولادة، كما يوفر لهم معلومات الرعاية الصحية الموثوقة، ويرشدهن إلى ما يتعلق بكل مرحلة من مراحل الحمل، والنظام الغذائي المناسب أثناء الحمل، ومتابعة صحة الحمل، وكشف المخاطر الصحية المتعلقة بالحمل، بالإضافة إلى التعريف بالتطعيمات التي يجب أن يتلقاها الطفل بعد الولادة, كما يتيح التطبيق إمكانية طرح النساء أسئلة حول حملهن، كما يتم استخدام التعليقات الواردة من النساء على التطبيق لتحسين جودة الرعاية في العيادات الفردية. وقد نجح هذا التطبيق بصورة سريعة؛ حيث تستخدمه نحو 3 ملايين امرأة، كما أن ثلثي النساء الحوامل في جنوب إفريقيا اشتركن في هذا التطبيق؛ حيث أصبح بمثابة سجل حمل رقمي وطني، كما تم تكرار هذا البرنامج في أوغندا تحت رعاية اليونيسيف، ولكن تحت اسم (Family Connect)([34]).
وأعلنت شركة (Reco Med) أنها جمعت 105 ملايين دولار لتوسيع سوق الرعاية الصحية عبر الإنترنت في جنوب إفريقيا، وتقول الشركة -التي أُنشئت في عام 2013م-: إنها الأسرع نموًّا في جنوب إفريقيا والأكبر من حيث حجوزات الرعاية الصحية. وتضيف: إنها توفّر أكثر من 200 ألف حجز طبي عن بُعْد شهريًّا، ونمت بنسبة 700%. كما تسعى الشركة إلى إدخال نظام المدفوعات الطبية المتكاملة عبر الإنترنت، والصيدلة الإلكترونية لتقديم الأدوية الموصوفة للمستهلكين في جميع أنحاء البلاد([35]).
كما قامت وزارة الصحة الوطنية في جنوب إفريقيا بعمل بوابة صحية للشباب (B- Wise) توفر لهم الموضوعات الصحية التي تهمهم، كما تمكنهم من التواصل معها والاستفسار عن ما يحتاجونه من خدمات، بالإضافة إلى استخدام كثيرين لتطبيق (Hello Doctor)، والذي يسمح لهم باستشارة أطبائهم عبر هواتفهم الذكية. كما تم أيضًا في جنوب إفريقيا إطلاق برنامج صيدليات الخدمة الذاتية، والتي تقوم بصرف الأدوية عبر أجهزة الصراف الآلي, وخاصة الأدوية المتعلقة بعلاج الأمراض المزمنة مثل فيروس الإيدز الذي يعاني منه نحو 7.5 مليون شخص في جنوب إفريقيا([36]).
وقد تم اللجوء لهذا النظام بهدف توفير الوقت اللازم للمرضى للحصول على العلاج المطلوب؛ حيث تتوفر ماكينات صرف الدواء في المولات والأماكن العامة، وهو ما يُخفّف الضغط على النظام الصحي في جنوب إفريقيا، وبالفعل ساهم هذا الأمر في سرعة حصول مرضى الأمراض المزمنة على الدواء اللازم لهم.
كما أن جنوب إفريقيا أيضًا تقوم باستخدام فكرة الطائرات بدون طيار في نقل أكياس الدم اللازمة في حالات الطوارئ؛ حيث قامت منظمة خدمة الدم الوطنية في جنوب إفريقيا (SANBS)، وهي منظمة غير ربحية مسؤولة عن توزيع الدم في جنوب إفريقيا، بتمويل استثمارات كبيرة في شبكة الطائرات بدون طيار لنقل منتجات الدم إلى المستشفيات الريفية البعيدة في جنوب إفريقيا.
كما تحتوي هذه الطائرات على مرفق تبريد لتحتفظ منتجات الدم بدرجة الحرارة المطلوبة، وتعمل هذه الخدمة من أجل إنقاذ حياة الأمهات، والجرحى الذين يموتون بسبب النزيف ونقص الدم، وهو ما يقتضي إرسال الدم إليهم خلال ما يطلق عليه “الساعة الذهبية”، التي يمكن فيها إنقاذ حياة المريض، من خلال سرعة إمداده بالدم المحتاج إليه وعدم تأخيره([37]).
2- ليسوتو، وزامبيا: استخدام نظام معلومات إلكتروني لسلامة الدم:
حيث إنه في كلتا الدولتين تم استخدام تطبيق BSIS)) في مراكز الدم منخفضة الموارد لتحسين إدارة المعلومات، وتسهيل اعتماد وسائل جديدة مع المتبرعين بما يتفق مع الممارسات الدولية الجديدة الموصى بها عند التبرع بالدم، وكذلك يتوافق مع متطلبات الجمعية الإفريقية لنقل الدم (AfSBT)، وهو ما يؤدي إلى توفير وحدات دم تخضع لمعايير السلامة، ويمكن نقلها إلى المراكز الصحية التي تحتاجها، وإمدادها بالدم الآمن([38]).
3- زيمبابوي، وبوتسوانا: استخدام تطبيق للعناية بصحة العيون:
حيث تم استخدام تطبيق يعرف باسم (PEEK) يعمل من خلال تقنية الهواتف الذكية في فحص أمراض العيون، وخاصة للأشخاص الموجودين في المناطق النائية والمحرومة من وجود متخصصين، ويساعد ذلك التطبيق في حل مشكلة ارتفاع ثمن معدات تشخيص العيون التقليدية، كما أنها تحتاج مشغلين لها ذوي مهارات عالية، كما أنها حساسة في الاستخدام، ولذلك تغلب هذا التطبيق على كل تلك الأمور وساهم في العناية بصحة العيون في تلك الدول وغيرها([39]).
4- ناميبيا: استخدام نظام إلكتروني لإدارة معلومات الرعاية الصحية:
أطلقت وزارة الصحة في ناميبيا عام 2011م نظامًا شاملاً لإدارة معلومات الرعاية الصحية المتكاملة (IHCIMS)، وهو يُغطّي جميع جوانب إدارة المستشفيات والعمليات اليومية للمستشفيات، وبموجب هذا النظام تم تخصيص رقم خاص للسجل الصحي لجميع المرضى إلكترونيًّا، دون حاجة إلى حمل سجلات علاجية أو جوازات سفر طبية، كما يهدف هذا النظام إلى جعل المستشفيات الحكومية في البلاد بلا أوراق([40]).
5- أنجولا: استخدام تطبيق إلكتروني لجمع المعلومات المتعلقة بمرض الملاريا:
تعد الملاريا إحدى المشاكل الصحية الرئيسية في أنجولا؛ حيث ينتج عن الإصابة بها العديد من الوفيات، لا سيما بين النساء الحوامل، والأطفال دون سن الخامسة؛ حيث بلغت نسبة الوفيات المرتبطة بالملاريا في 2018م أكثر من 8 آلاف حالة وفاة، أكثر من نصفهم أطفال لا يزيد عمرهم عن 4 سنوات، ويعد غياب شبكات الصرف الصحي الجيدة، هو أحد الأسباب الرئيسية لمرض الملاريا في أنجولا، وللمحاولة للحد من هذا المرض ومكافحته فقد تم إطلاق تطبيق في عام 2015م يعرف باسم (KoBoCollect) يهدف إلى جمع البيانات والمعلومات الصحية المتعلقة بالمرض، ونشر الوعي الصحي من خلاله، لمنع انتشار الملاريا([41]).
خامسًا: واقع الصحة الإلكترونية في باقي دول إفريقيا جنوب الصحراء:
نستطيع أن نتحدّث في هذه النقطة عن واقع الصحة الإلكترونية في باقي دول إفريقيا جنوب الصحراء إجمالاً، وذلك لكون تجربة معظم الدول تكاد تكون متقاربة، وتسير على نفس المستوى؛ حيث نجد أن نحو 42 دولة إفريقية قامت بوضع استراتيجياتها للصحة الإلكترونية الوطنية، وذلك للتغلُّب على مشاكل نُظُم الرعاية الصحية التقليدية التي عادةً ما تكون سيئة التجهيز أو قليلة الموظفين أو لا يمكن الوصول إليها على الإطلاق في بعض المناطق، كما يوجد عدد آخر من الدول الإفريقية لم تقم بوضع استراتيجياتها للصحة الإلكترونية الوطنية حتى الآن من بينها كل من “جيبوتي، الصومال، إريتريا، سيشل، جمهورية إفريقيا الوسطى، ساوتومي وبرينسيبي، غينيا الاستوائية، غينيا بيساو“, ويذكر أن كثيرًا من مبادرات الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء، قد حصلت على جائزة مرصد الصحة الإلكترونية في الجنوب العالمي (ODESS) لما قدّمته من دور في تعزيز مجال الصحة الإلكترونية في تلك الدول.
وإجمالاً يمكن القول: إن مجال الصحة الإلكترونية قد دخل في معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء، مع وجود تفاوتات في استخدامه من حالة إلى أخرى تبعًا لظروف كل دولة، وسوف يكون له مستقبل مشرق في القارة خلال الفترة المقبلة ([42]).
المحور الرابع:تحديات ومستقبل الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء
نظرًا لكون مجال الصحة الإلكترونية ما يزال في بدايته في دول إفريقيا جنوب الصحراء؛ فإنه يواجه العديد من التحديات التي تؤثر على فاعليته وتوسُّعه وانتشاره, ويمكن عرض أبرز التحديات التي تواجه مجال الصحة الإلكترونية، ثم الحديث عن مستقبله في إفريقيا جنوب الصحراء فيما يلي:
أ- تحديات الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء:
1- ضعف البنية التحتية اللازمة:
حيث يُعدّ التحدّي الأول الذي تواجهه الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء، ضَعْف البنية التحتية المطلوبة بما تشتمل عليه من ضعف شبكات الكهرباء الموجودة في مرافق الرعاية الصحية في كثير من دول القارة، بل وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وهو ما يعوق عمل الأجهزة الإلكترونية, وكذلك ضعف شبكات الهاتف المحمول خاصة في المناطق الريفية البعيدة عن العواصم الإفريقية، والتي تسعى الصحة الإلكترونية للوصول إليها كأولوية لتطبيق الرعاية الصحية العادلة للجميع. بالإضافة إلى ضعف شبكات الاتصال بالإنترنت، مع ارتفاع أسعار الإنترنت في دول القارة مقارنة بغيرها؛ حيث إنه في حين أن 80% من الأفارقة يمتلكون هاتفًا محمولاً لا تزال خطوط البيانات من أغلى الخطوط في العالم، كما أنه لا يمتلك سوى 29% من الأفارقة إمكانية الوصول إلى الإنترنت، ومعظمهم لا يمتلكون هواتف ذكية([43]).
2- ضعف مصادر تمويل مشروعات ومبادرات الصحة الإلكترونية:
حيث إن كثيرًا من مشروعات الصحة الإلكترونية التي نُفِّذت في دول القارة، اعتمدت في تمويلها على المِنَح والمساعدات الخارجية، أو على تمويل بعض شركات القطاع الخاص الراغبة في الاستثمار, وأحيانًا أخرى يعتمد تمويل مبادرات الصحة الإلكترونية على الجهود الفردية لأصحاب تلك الأفكار رغبة منهم في تقديم حلول للمشاكل الصحية في البيئة المحيطة بهم، كما أن دور الحكومات الإفريقية في تمويل مشروعات الصحة الإلكترونية ليس على المستوى المطلوب؛ حيث إنه بالرغم من تعهُّد قادة الاتحاد الإفريقي في قمة أبوجا عام 2001م بإنفاق 15% من ميزانية كل دولة على قطاع الصحة لديها، لكن ذلك لم يتحقّق بصورة كاملة حتى الآن؛ حيث يوجد انخفاض في النسبة المخصصة لقطاع الصحة في الموازنة العامة لأغلب الدول الإفريقية، بل يوجد إهدار للموارد المالية المخصصة للقطاع الصحي في تلك الدول؛ حيث يصرف الكثير منها في غير موضعها الصحيح، وبالتالي في ظل اعتماد مبادرات ومشاريع الصحة الإلكترونية على التمويل الخارجي، فإنه في حالة توقُّف ذلك التمويل سوف تتوقف بالتبعية مبادرات الصحة الإلكترونية في إفريقيا، رغم اشتداد الحاجة إليها في ظل التحديات الصحية العالمية التي تفرض نفسها على الساحة، وتجعل الدول المانحة تتراجع عن تمويل غيرها، وتخصيص تلك المِنَح والمساعدات لدعم أنظمتها الصحية الخاصة بها، وهو ما يؤثر سلبًا على مجال الصحة الإلكترونية في دول إفريقيا جنوب الصحراء.
3- ارتفاع معدلات الأمية الرقمية:
حيث إن مجال الصحة الإلكترونية قائم على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال الرعاية الصحية، وذلك مِن قِبَل العاملين في مجال الرعاية الصحية من أطباء، وممارسين، وممرضين، أو من قبل المرضى أنفسهم؛ حيث إن كلا الطرفين يجب أن يكونوا على دراية كبيرة بكيفية التعامل مع الحواسيب الإلكترونية، والهواتف الذكية التي يتم التعامل من خلالها في مجال الصحة الإلكترونية، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا؛ حيث إن معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة التقليدية لا تزال منخفضة في إفريقيا؛ حيث لا تزيد عن 40%، وهو ما يستدعي وضع برامج لمحو الأمية العادية والرقمية داخل كل دولة؛ لعلاج مشكلة انخفاض مستوى المعرفة الرقمية في إفريقيا جنوب الصحراء، ويمكن الاستفادة من تجربة رواندا في هذا المجال؛ حيث قامت رواندا بالفعل بإطلاق برنامج تدريبي لمحو الأمية الرقمية في البلاد، ويعمل على التبنّي الجماعي للمبادرات الرقمية التي تدعو لها الحكومة، مثل الحكومة الإلكترونية، والصحة الإلكترونية، والخدمات المالية المتنقلة.
4- نقص الكوادر البشرية المُدرَّبة:
حيث يوجد نقص في القدرات البشرية المدربة، للتعامل مع الأجهزة والتطبيقات الإلكترونية الحديثة المستخدمة في مجال الصحة الإلكترونية، وكذلك نقص العاملين في مجال الرعاية الصحية المدربين جيدًا؛ حيث إن عدد الأطباء المدربين على تقنيات التطبيب عن بُعْد ما يزال قليلاً([44]).
5- غياب التسويق الدعائي لمشروعات ومبادرات الصحة الإلكترونية:
حيث يعد غياب التسويق الدعائي في الإعلام الإفريقي لفكرة الصحة الإلكترونية ككل من التحديات التي تواجه مبادرات الصحة الإلكترونية، فكثير من الناس لا يعرفون هذا المصطلح، فضلاً عن عدم درايتهم بمضمونه وفحواه، وما يحمله من أفكار إصلاحية لقطاع الصحة الإفريقي، وهو ما يتطلب وضع خطط فاعلة للتسويق الدعائي للصحة الإلكترونية، وتقديم الدعوة للاستثمار فيها، مع ضرورة رفع الوعي المجتمعي بأهمية استخدامها، وإقامة ندوات تعريفية بها، خاصة في ظل تفشي جائحة كوفيد- 19، وما يترتب عليها من عزل منزلي وتباعد اجتماعي يستدعي الفحص الطبي عن بُعْد، وتمكين مستخدمي الهاتف الجوال ليصبحوا مستهلكين للصحة الإلكترونية.
6- ارتفاع معدلات الفقر لدى المرضى:
حيث إنه بسبب ارتفاع معدلات فقر المرضى في الدول الإفريقية وعدم قدرتهم على دفع نفقات الرعاية الصحية العادية، فضلاً عن الرعاية باستخدام الصحة الإلكترونية، قد لا يُمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية باستخدام تقنيات الصحة الإلكترونية، خاصة إذا كانت مشروعات الصحة الإلكترونية تابعة للمستثمرين الأجانب, الراغبين في الكسب, وبالتالي سيُحْرَم قطاع كبير من ذوي الحاجة الصحية من مزايا الصحة الإلكترونية.
7- ارتفاع معدلات الفساد في القطاع الصحي:
حيث يعاني القطاع الصحي في إفريقيا جنوب الصحراء من ارتفاع معدلات الفساد, وخاصة الفساد الإداري والمالي، بجانب غياب الشفافية والمساءلة، والتراخي في إنهاء الإجراءات والتسويف فيها, وهو ما يعوق تنفيذ مبادرات الصحة الإلكترونية في كثير من الدول.
8- انخفاض دور القطاع الخاص في الاستثمار في الصحة الإلكترونية:
حيث ما يزال القطاع الخاص الإفريقي لا يتَّخذ خطوات فاعلة للاستثمار في مجال الصحة الإلكترونية، كما أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تزال ضعيفة أيضًا فيما يتعلق بالتعاون في دعم هذا المجال، وهو ما يشكل تحديًا لتوسيع وتطوير وتنفيذ مشروعات الصحة الإلكترونية، فمن الضروري وضع قواعد تنظيمية لحثّ القطاع الخاص على القيام بدور بناء في دعم مشاريع ومبادرات الصحة الإلكترونية في إفريقيا.
9- ترسخ ثقافة الفحص الطبي التقليدي لدى العديد من المرضى: حيث يوجد انخفاض في معدل الوعي بالصحة الإلكترونية وجدواها في إفريقيا، كما يوجد عدم قناعة لدى العديد من المرضى بالفحص الطبي عن بُعْد؛ بسبب الترسيخ الثقافي لفكرة الفحص الطبي المباشر مِن قِبَل الطبيب خاصةً مِن قِبَل كبار السن، وغير المتعلمين، وهو ما يمكن التغلب عليه من خلال عمل دورات توعية وتثقيف بأهمية الصحة الإلكترونية، وعرض التجارب الناجحة لها، وكيفية مساهماتها في علاج المرضى، كما أنه في حالة عدم وجود البديل في البيئة المحيطة للمريض كنقص الأطباء المتخصصين، سوف يجعل ذوي الحاجة منهم يلجأ إلى الفحص الطبي عن بُعْد، ومع الوقت سوف تتغير المفاهيم لديه، ويؤمن بدور التكنولوجيا في القطاع الصحي، كما أن مشاريع، ومبادرات الصحة الإلكترونية ستكون مناسبة أكثر للشباب الإفريقي المتطلع للمستقبل، ويتعامل مع الهواتف الذكية، والحواسيب، وإنترنت الأشياء، ويدرك أهميتها في الحياة.
10- وجود حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني في العديد من دول القارة:
بسبب انتشار عدم الاستقرار السياسي والأمني في العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء؛ فإن ذلك الأمر يؤثر بالسلب على قطاع الصحة عمومًا، والصحة الإلكترونية بصورة خاصة؛ نظرًا لأنها تحتاج بيئة آمنة ومستقرة تشجّع الاستثمار في ذلك القطاع الحيوي والمهم.
11- وجود تحديات تتعلق باللغة المستخدمة في مبادرات الصحة الإلكترونية:
حيث إن العديد من مبادرات الصحة الإلكترونية تصدر باللغات المستخدمة عالميًّا كالإنجليزية، والفرنسية، وهو ما يُعِيق الاستفادة منها في بعض البيئات الإفريقية التي تنتشر فيها اللغات المحلية، ولا تستوعب تلك اللغات، ولذلك من المهم أن تصدر برامج وتطبيقات التوعية الصحية باللغات المحلية للشعوب الإفريقية حتى تُؤتي ثمارها المرجوة، ولا تزيد الفجوة الصحية بين المناطق الحضرية، والريفية في إفريقيا جنوب الصحراء([45]).
12- ضعف أنظمة جمع البيانات الصحية:
حيث تعد مشكلة جمع البيانات الصحية، من بين التحديات التي تعوق إنشاء السجل الصحي الإلكتروني (EHR) في معظم دول القارة، رغم ما له من أهمية في رَفْع معدلات الرعاية الصحية في الدولة, وإمداد الخبراء بالمعلومات المتعلقة بالمرضى والسكان والأمراض, وهو ما يساهم في رسم السياسات الصحية بصورة علمية لكل دولة، كما أنه يوجد بطء فيما يتعلق بسجل المريض الإلكتروني EPR))؛ حيث لا تزال العديد من الدول تتعامل بالبطاقة الصحية الورقية للمريض، كما أنه يوجد قطاع كبير من المرضى لا يمتلك بطاقات صحية من الأساس، ولا يمتلك بيانات تحدّد تاريخه المرضي، فضلاً عن تراخي العديد من الدول في إصدار بطاقة صحية إلكترونية لكل مواطن حتى الآن، أو حتى إنشاء سجل تطعيم إلكتروني يحتوي على التطعيمات التي حصل عليها الشخص طيلة حياته، خاصة في ظل حملات التطعيم العالمي للفيروسات، وما قد ينتج عنها مستقبلا من آثار صحية على الإنسان. بالإضافة إلى عدم وجود نظام مشترك لدمج أنظمة الرعاية الصحية المتعددة داخل كل دولة([46]).
ب- مستقبل الصحة الإلكترونية في إفريقيا جنوب الصحراء:
استنادًا إلى ما تم عرضه لواقع الصحة الإلكترونية في العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، نرى أن مستقبلها سيكون واعدًا للغاية، وذلك رغم ما تواجهه من تحديات؛ حيث إنه في ظل ما يشهده العالم من تقدم تقنيّ وتكنولوجيّ، وتصاعد استخدام شبكات الإنترنت، ووسائل الاتصالات في شتَّى مجالات الحياة كإنترنت الأشياء، والميتافيرس، بالإضافة إلى انتشار الهواتف المحمولة بصورة كبيرة في إفريقيا؛ حيث نجد أن 63% من حسابات الهاتف المحمول النشطة تقع في إفريقيا جنوب الصحراء، كما أن معدل انتشار الإنترنت عالميًّا وصل من 6% إلى 43% بين عامي 2000م، 2014م، مما أدَّى إلى ربط 3.2 مليار شخص ببعضهم البعض، ومع تصاعد الاستثمارات العالمية في القطاعات الرقمية في إفريقيا جنوب الصحراء، وخاصة من قبل الصين، والعمل على تيسير الحصول على خدمات الإنترنت والاتصالات بتكاليف منخفضة، وخدمات جيدة في ظل شبكات الجيل الثالث، والجيل الرابع، بل وخطوط الألياف الضوئية، وهذه الأمور السابقة سوف ينتج عنها ارتفاع معدلات المعرفة الرقمية داخل القارة الإفريقية، وهو ما سيعزّز من فرص إطلاق مشاريع ومبادرات جديدة ومتعددة للصحة الإلكترونية، تتفق مع تطلعات ورغبات الشعوب الإفريقية الباحثة عن رعاية صحية ذات مستوى جيد تحقق لهم العدالة الصحية.
وفي نفس الوقت مع وجود دواعٍ صحية عالمية تفرض على الحكومات والشعوب اتباع إجراءات العزل الصحي، والتباعد الاجتماعي، ومنع التجمعات وتقليل الانتقالات؛ فإن كل ذلك سوف يعزّز من فرص اللجوء إلى استخدام الصحة الإلكترونية كأداة فعَّالة في الوقاية من انتقال الأمراض، والفحص الطبي، والرعاية الصحية عن بُعْد. كما أن تجارب الواقع الإفريقي التي ذكرناها، تفيد في التوصل إلى تلك النتيجة؛ حيث من المنتظر أن يكون هناك العديد من مبادرات الصحة الإلكترونية المتعددة في شتَّى دول القارة، خاصةً في ظل تجدد المخاطر الصحية المتعلقة بفيروس كوفيد- 19، وظهور متحور أوميكرون داخل دولة جنوب إفريقيا، وهو ما يزيد من القلق الإفريقي؛ بسبب هشاشة نُظُم الرعاية الصحية التي تعاني بطبيعتها، ولا تتحمل تلك المخاطر، ولهذا يمكن اللجوء إلى مجال الصحة الإلكترونية كمساعد قويّ وفعَّال، للتغلُّب على تلك المخاطر الصحية في الأيام القادمة.([47])
خاتمة:
في ختام هذه الدراسة, يمكن أن نذكر مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى مواجهة العوائق التي تتحدَّى توسُّع وانتشار ذلك المجال، وكذلك إعطاء مزيد من الاهتمام على كافة المستويات الرسمية والشعبية لمجال الصحة الإلكترونية كأحد المجالات المرجو منها إصلاح أنظمة الرعاية الصحية وتحقيق العدالة الصحية في إفريقيا جنوب الصحراء، ويمكن أن نعرض تلك التوصيات فيما يلي:
أ- توصيات مقدَّمة إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي:
1- إنشاء مؤتمر قارّي سنوي للصحة الإلكترونية في إفريقيا:
وذلك من خلال قيام مفوضية الاتحاد الإفريقي بدعوة الحكومات الإفريقية لعقد مؤتمر لمناقشة موضوع الصحة الإلكترونية، والعمل على تعزيزها في دول القارة؛ حيث يمكن عقد هذا المؤتمر على المستوى الوزاري، من خلال اجتماع وزراء الصحة الأفارقة، ومناقشة ذلك الموضوع بكافة أبعاده وتفاصيله ومستقبله، في دول القارة الإفريقية، كما يقترح أن يكون هذا المؤتمر سنويًّا بصورة دورية لمتابعة المستجدات في هذا المجال.
2- وضع استراتيجية إفريقية موحدة للصحة الإلكترونية:
حيث إن العديد من دول القارة قامت بوضع استراتيجياتها للصحة الإلكترونية، لكنها لا تزال بعيدة عن التنفيذ العملي نوعًا ما، وهو ما يتطلب توحيد الرؤى على المستوى القارّيّ من خلال وضع استراتيجية قارية موحدة تعمل على سدّ الخلل في الاستراتيجيات الفردية، ووضع آليات تنفيذية، ومؤشرات متابعة ومراقبة، ومصفوفة أهداف، حتى يمكن الوصول إلى إنجازات ملموسة في هذا المجال على أرض الواقع، وكذلك مساعدة الدول التي لم تضع استراتيجياتها للصحة الإلكترونية حتى الآن في وضعها، كما يمكن عند وضع هذه الاستراتيجية الإفريقية القارية، الاستعانة بالاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن الصحة الرقمية 2020- 2025م، من أجل توافق الرؤى، وتوحيد المواقف.
3- إنشاء صندوق قارّيّ مادّي وآخر فنيّ لتمويل مشروعات ومبادرات الصحة الإلكترونية:
حيث يمكن إنشاء “صندوق قارّي مادّي” لتمويل مشروعات ومبادرات الصحة الإلكترونية في دول القارة الإفريقية؛ بحيث تكون موارد هذا الصندوق قائمة على مساهمات الحكومات الإفريقية, والمانحين, والقطاع الخاص, ورجال الأعمال الأفارقة، وغيرهم من الراغبين في التبرع, مع إقامة أسبوع سنوي للتعريف بهذا الصندوق, وعمل فاعليات دعائية لجمع التبرعات والمساهمات اللازمة لتنفيذ مبادرات الصحة الإلكترونية, بحيث يتم الإعلان عن خطة تنفيذ هذه المشروعات، وكذلك الإعلان عن المبلغ المالي المطلوب لتنفيذها، ومن ثم العمل على جمع تلك المبالغ من راغبي التبرع والمساهمة في تمويل الصندوق. كما يمكن أيضًا إنشاء “صندوق قارّي فنيّ” لتقديم الدعم الفني لمبادرات ومشروعات الصحة الإلكترونية, وإزالة العوائق الفنية التي تحول دون تنفيذها, مع إقامة لجنة استشارية فنية، وأمانة عامة، ومجموعة من الخبراء المتخصصين لمتابعة ذلك الصندوق.
4- التنسيق مع التكتلات الإقليمية الإفريقية بشأن الصحة الإلكترونية:
حيث يمكن أن تقوم مفوضية الاتحاد الإفريقي بوضع خطط للتعاون والتنسيق مع التكتلات الإقليمية الإفريقية فيما يتعلق بمجال الصحة الإلكترونية؛ من خلال وضع استراتيجيات موحدة لكل تكتل، وعقد مؤتمر سنوي لكل تكتل، وكذلك إنشاء صندوق إقليمي لكل تكتل لتمويل مبادرات الصحة الإلكترونية داخل دول الإقليم التابع له التكتل.
5- إنشاء جائزة سنوية للصحة الإلكترونية في إفريقيا:
بحيث تُمنَح لأفضل مبادرة تم تنفيذها في دول القارة الإفريقية, وكان لها دور مشهود في دعم وتحسين الرعاية الصحية في مكان تنفيذها.
6- إنشاء مرصد، ومنصة إفريقية للصحة الإلكترونية:
حيث يمكن إنشاء المرصد الإفريقي للصحة الإلكترونية، تكون مَهمته حصر ومتابعة مبادرات ومشروعات الصحة الإلكترونية في دول القارة، مع تقديم الدعم اللازم لها فنيًّا أو ماليًّا، وكذلك القيام بعملية نقل الخبرات، وتعميم التجارب والمبادرات الناجحة في الصحة الإلكترونية في كل دول القارة، بما يخدم صالح الشعوب الإفريقية. كما يمكن أيضًا إنشاء منصة إلكترونية تابعة للاتحاد الإفريقي تكون مَهمتها تلقّي المبادرات الفكرية المتعلقة بالصحة الإلكترونية المقترحة مِن قِبَل المبتكرين، وروّاد الأعمال، وأصحاب المصلحة الأفارقة، والقيام بدراسة وبحث هذه المبادرات والأفكار مِن قِبَل خبراء مختصّين، والعمل على تنفيذ المناسب منها.
ب- توصيات مقدَّمة إلى المؤسسات الأكاديمية، والتوعوية الإفريقية:
1- إنشاء جامعة للصحة الإلكترونية:
بحيث تكون هذه الجامعة متخصّصة في كل ما يتعلق بالصحة الإلكترونية وعلومها، ويمكن أن تكون هذه الجامعة على المستوى القارّيّ تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، مع عمل فروع لها داخل كل دولة إفريقية.
2- إنشاء كليات ومعاهد للصحة الإلكترونية:
حيث إنه في حالة العجز عن عمل جامعات مستقلة للصحة الإلكترونية، يمكن إنشاء كليات متخصّصة أو معاهد علمية لدراسة ما يتعلق بالصحة الإلكترونية من علوم، وتقوم بتخريج كوادر علمية مدرَّبة قادرة على ممارسة كلّ ما يتعلق بالصحة الإلكترونية والتطبيب عن بُعْد، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات الصحية.
3- إنشاء شبكات علمية متخصصة في الصحة الإلكترونية:
حيث يمكن عمل شبكات إقليمية متخصصة في الصحة الإلكترونية، تجمع بين العلماء والباحثين في هذا المجال لمناقشة البحوث والدراسات العلمية المتعلقة بهذا التخصص؛ حيث يمكن إنشاء 5 شبكات توزع على أقاليم القارة الخمسة، وتكون تحت مسمى (الشبكة العلمية للصحة الإلكترونية “بغرب، شرق، شمال، جنوب، وسط” إفريقيا).
4- إضافة مقرر دراسي عن الصحة الإلكترونية في المناهج العلمية:
وضع مادة علمية أو مقرر دراسي مخصّص لموضوع الصحة الإلكترونية، يتم تدريسه على طلبة الجامعات والمدارس الإفريقية، بهدف صناعة الوعي بمجال الصحة الإلكترونية، وما لهما من أهمية في تحسين الرعاية الصحية، كما يمكن أن تدرس هذه المادة في كليات الطب الإفريقية، مع التوسُّع في دراستها، والتدريب العملي على تطبيقات الصحة الإلكترونية، وكل ما يتعلق بهذا المجال ومستجداته؛ بحيث يتم تخريج طبيب إفريقي يواكب التطورات العلمية والعملية في تخصصه.
5- إنشاء هيئة علمية إفريقية للصناعة والابتكار الطبي:
بحيث تكون هذه الهيئة العلمية متخصصة في ابتكار وصناعة كل ما يتعلق بمجال الصحة الإلكترونية من أجهزة ومستلزمات وأدوات وتطبيقات إلكترونية، تخدم مجال الصحة الإلكترونية, كما يكون من مهام هذه الهيئة العلمية تبنّي الأفكار الإبداعية المتعلقة بخدمة مجال الصحة الإلكترونية، والعمل على تبنّيها، ودعمها, وتطويرها، وتنفيذها، وتحويلها إلى واقع.
6- إقامة دورات توعية وتثقيف وتدريب متخصصة في المعرفة الرقمية والصحة الإلكترونية:
حيث تهدف تلك الدورات إلى رفع معدلات المعرفة الرقمية، والتعريف بالصحة الإلكترونية وفوائدها، وخاصة في المناطق النائية والمحرومة, والتي يُراد لها الحصول على رعاية صحية جيدة من خلال مبادرات الصحة الإلكترونية، وهو ما يستلزم معرفة سكان تلك المناطق بطرق التعامل مع أجهزة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما يمكن عمل نقاط مركزية داخل كل منطقة نائية، يتم تعيين عدد من المتخصصين فيها لتلقّي خدمات الراغبين في الحصول على الصحة الإلكترونية، ولا يجيدون مهارات المعرفة الرقمية. أو حتى عمل دورات للمعرفة الرقمية مخصصة لأبناء هذه المناطق ليخدموا أهاليهم ومجتمعاتهم المحلية.
ج- توصيات مقدمة إلى الحكومات الإفريقية:
1- تخصيص موارد مالية من الموازنة العامة للدولة للصحة الإلكترونية: وذلك من أجل تنفيذ مشروعات ومبادرات الصحة الإلكترونية، وضمان استمراريتها في حالة توقف المنح والمساعدات الأجنبية.
2- عمل مرصد للصحة الإلكترونية داخل كل دولة: بحيث تكون مهمة ذلك المرصد حصر مبادرات، ومشروعات الصحة الإلكترونية داخل كل دولة، من خلال عمل قوائم تضم اسم كل مبادرة، والمستفيدين منها، ومواصفات الإقليم الجغرافي التابع له، والممولين لها، مع تقديم الدعم اللازم لتلك المبادرات؛ سواء كان دعمًا ماليًّا أو فنيًّا، ونقل وتعميم التجارب الناجحة والملائمة للبيئات الصحية الإفريقية داخل كل دولة، مع استمرار المتابعة ونقل الخبرات والدعم المتبادل، مع وضع برامج لبناء شراكات متعددة.
3- دعم روّاد الأعمال الشباب العاملين في ذلك المجال:
حيث من خلال الدراسة نجد أن العديد من المبادرات التي نُفِّذت في ربوع القارة قام بها رُوّاد أعمال شباب، وهو ما يتطلب دعمهم لإكمال مبادراتهم، وإزالة كل العوائق التي تعترض طريقهم، وتيسير الإجراءات المتعلقة بالتراخيص اللازمة لإقامة مبادراتهم.
4- إنشاء بوابة إلكترونية لكل دولة تحت مسمى “بوابة الصحة الإلكترونية”:
بحيث يكون الهدف من تلك البوابة نشر المحتوى الرقمي والمعرفي المتعلق بمجال الصحة الإلكترونية، وبث ندوات ودورات التثقيف الطبي سواء كانت ندوات توعوية, أو أفلامًا وثائقية، أو غيرها من مواد مقروءة أو مسموعة أو مرئية، كما يمكن عمل حساب شخصي لكل مواطن عبر هذه البوابة يتم من خلاله عمل بطاقة صحية إلكترونية يُدوّن عليها تاريخه المرضي ليتم استخدامها في حالة الطوارئ الصحية للشخص، كما يتم فتح حساب عبر هذه البوابة لكل مولود داخل الدولة مع استخراج شهادة الميلاد الخاصة به، ليكون ملازمًا له من بداية حياته.
5- إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية للصيدليات المرخصة داخل كل دولة:
بحيث يتم وضع اسم كل صيدلية تعمل داخل نطاق الحدود الجغرافية للدولة على قاعدة البيانات، مع وضع أسماء العاملين فيها، ومؤهلات كلّ منهم موثقة بالأوراق والصور الشخصية والرقم القومي، وذلك للقضاء على ظاهرة عمل غير المتخصصين في القطاع الصيدلي، وما ينتج عنها من آثار سلبية، ومن الممكن إنشاء دبلوم فني متخصص في تخريج مساعدي الصيادلة؛ ليكونوا مؤهلين للعمل في ذلك المجال بعد اكتسابهم الخبرات والمهارات اللازمة لذلك، وكذلك ضرورة مكافحة الصيدليات غير المرخَّصة التي تبيع الأدوية المغشوشة والمزورة، مع أهمية إدخال برامج كشف الأدوية المزورة في كل منطقة من مناطق البلاد، من خلال عمل منافذ متخصِّصة للكشف عن الأدوية المزيفة والمقلدة، وتكون قريبة من المستهلك ليقوم بفحص ما يحصل عليه من أدوية حتى يكون متأكدًا من صحتها، وضمان عدم تقليدها، وذلك للحفاظ على صحة المواطن الإفريقي.
د- توصيات مقدمة إلى المؤسسات الصحية الإفريقية:
1- إنشاء شبكات صحية إفريقية متخصصة:
بحيث يتم عمل شبكة للمتخصصين الأفارقة في كل تخصُّص طبيّ تجمع بينهم لتبادل العلوم والمعارف في تخصصاتهم الطبية؛ حيث يمكن عمل الشبكة الإفريقية لعلاج أمراض القلب، والشبكة الإفريقية لعلاج الأمراض الجلدية، وهكذا بحيث تجمع كلّ أصحاب تخصُّص واحد في شبكة واحدة للتعاون العلمي والبحثي فيما بينهم بما يخدم الواقع الإفريقي.
2- عمل حصر للتخصصات الطبية التي يوجد بها نقص في كل دولة:
وذلك من أجل العمل على حلّ ذلك العجز أو النقص في المتخصصين من خلال مبادرات الصحة الإلكترونية، فنجد مثلاً أن دولة الكاميرون يوجد بها عجز في أطباء القلب، ودولة مالي يوجد بها عجز في أطباء الأمراض الجلدية، وغينيا كوناكري بها عجز في أطباء الأعصاب، وهكذا يمكن من خلال كشف ذلك العجز مبكرًا، إنشاء مبادرات في تلك الدول لسدّ ذلك العجز من خلال الصحة الإلكترونية، بل يمكن انتقال الأطباء الشباب من الدول الإفريقية التي بها فائض في تخصص طبي ما إلى دولة أخرى يوجد بها عجز في هذا التخصص كنوع من التكامل على المستوى الصحي.
3- إنشاء شركة مستلزمات طبية إفريقية لدعم مجال الصحة الإلكترونية:
حيث يمكن إنشاء شركة متعددة الجنسيات الإفريقية، برأس مال إفريقي، تكون مهمتها صناعة التطبيقات الإلكترونية الصحية، وأجهزة الفحص الطبي عن بُعْد، وكافة التقنيات والمستلزمات المطلوبة لدعم مجال الصحة الإلكترونية، وذلك للعمل على الاكتفاء الذاتي داخل دول القارة، بل يمكن بيع تلك التطبيقات المبتكرة، والأجهزة إلى شتَّى دول العالم فيما بعد، وتوفير موارد مالية يتم ضخها في دعم نظم الرعاية الصحية داخل القارة ورفع كفاءتها.
4- إنشاء منصات إلكترونية للتبرع بالدم داخل كل دولة:
حيث تعد مشكلة نقص الدم من المشاكل التي تواجه كثيرًا من نظم الرعاية الصحية في القارة، ولهذا يمكن أن تنقذ تلك المنصة أرواح الكثيرين.
ه- توصيات مقدّمة إلى مؤسسات التعاون العربي الإفريقي:
يمكن أن تقوم مؤسسات التعاون العربي الإفريقي بدور في دعم مجال الصحة الإلكترونية، وخاصة من قبل دول الخليج التي قدمت أكثر من مبادرة لدعم أكثر من قطاع في إفريقيا جنوب الصحراء، وتتمثل تلك التوصيات فيما يلي:
1- تقديم تمويل خليجي لدعم الطلاب الأفارقة الراغبين في دراسة العلوم الطبية:
حيث يمكن أن تقوم دول الخليج بدفع النفقات المالية المطلوبة لدراسة الطلاب الأفارقة للعلوم الطبية في داخل أو خارج القارة، وخاصة الراغبين في دراسة ما يتعلق بمجال الصحة الإلكترونية؛ بحيث يقوم هؤلاء الطلاب بسدّ العجز في التخصصات الطبية التي تعاني مجتمعاتهم المحلية من عجز فيها، مع تقديم معونات مالية لهم بعد التخرج في فتح مستشفيات متخصصة في مناطقهم المحلية.
2- إرسال قوافل طبية من المنظمات الدولية العربية إلى إفريقيا:
بحيث يتم عمل قوافل طبية متخصصة في الصحة الإلكترونية بدعم من المنظمات الدولية العربية والإسلامية، مثل جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمات الإغاثة العربية إلى المناطق الإفريقية المحرومة.
([1]) eHealth , at , http://www.emro.who.int/health-topics/ehealth , 8/12/2021.
([2]) Gunther Eysenbach ; ” What is e-health? ” , at , https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/article , 18/1/2001.
([3]) Chirurgie assistée par ordinateur (CAO) L’informatique révolutionne le bloc opératoir , at , https://www.inserm.fr/dossier/chirurgie-assistee-par-ordinateur-cao , 18/8/2017.
([4]) Cheick Oumar Bagayoko ; Bogou, l’application africaine qui permet de désenclaver les déserts médicaux , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2018/11/09/bogou-l-application-africaine-qui-permet-de-desenclaver-les-deserts-medicaux_5381270_3212.html , 9/11/2018 .
([5]) Anthony Fouchard ; Au Mali, la télémédecine pour compenser le manque de specialists , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2017/06/02/au-mali-la-telemedecine-pour-compenser-le-manque-de-specialistes_5138041_3212.html , 2/6/2017.
([6]) Cheik Oumar Bagayoko ; ” Santé et numérique, une association gagnante pour l’Afrique ” , at , https://www.lepoint.fr/economie/sante-et-numerique-une-association-gagnante-pour-l-afrique-06-11-2018-2268990_28.php , 6/11/2018.
([7]) Dorian Cessa ; ” A Dakar, des textos pour donner son sang ” , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2017/07/10/a-dakar-des-textos , 10/7/2017.
([8]) e-Santé en Afrique: les 9 projets à suivre , at , https://www.susu.fr/e-sante-en-afrique , 14/1/2021.
([9]) KARANGUÉ ; Améliorer la santé maternelle et infantile en utilisant les TIC , at , https://www.odess.io/initiative/karangue.html , 5/12/2021.
([10]) The TT Tracker: improving trachoma eye care using a mobile app , at , https://www.sightsavers.org/protecting-sight/ntds/tt-tracker , 9/12/2021.
([11]) AlloLaafia: un service de téléphonie mobile pour améliorer la santé maternelle et infantile , at , https://www.gret.org/projet/allolaafia/ , 9/12/2021.
([12]) DJANTOLI , ” Combining mobile technologies, health micro-insurance and preventive monitoring to fight against preventable deaths among young people ” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/djantoli.html , 9/12/2021.
([13]) GUINEA EPILEPSY PROJECT , To characterize the clinical utility of an artificially intelligent smartphone-based electroencephalogram to diagnose patients with epilepsy in the Republic of Guinea , at , https://www.odess.io/initiative-detail/guinea-epilepsy-project-154.html
([14]) Le digital pour améliorer l’accès aux soins de santé au Bénin , at , https://www.uncdf.org/fr/article/4544/le-digital-pour-amliorer-laccs-aux-soins-de-sant-au-bnin , 13/5/2019 .
([15]) Noufou KINDO ;” Un carnet de vaccination électronique sauve des vies en Côte d’Ivoire ” , at , https://www.burkina24.com/2017/07/14/un-carnet-de-vaccination-electronique-sauve-des-vies-en-cote-divoire , 14/7/2017 .
([16]) E.DIABÈTE , ” Providing continuing education for healthcare-related human resources ‘ , at , https://www.odess.io/initiative-detail/e-diabete.html , 9/12/2021.
([17]) Santé et numérique, une association gagnante pour l’Afrique , at , https://www.lepoint.fr/economie/sante-et-numerique-une-association-gagnante-pour-l-afrique-06-11-2018-2268990_28.php , 6/11/2018.
([18]) ECENTRE CONVIVIAL ;” Promote access to sexual and reproductive health information and health care and services ” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/ecentre-convivial.html , 9/12/2021.
([19]) Implementation of the Téléder Togo teledermatology programme , at , https://www.fondationpierrefabre.org/en/our-programmes/tropical-dermatology/implementation-of-the-teleder-togo-teledermatology-programme , 9/12/2021.
([20]) MPEDIGREE , at , https://skoll.org/organization/mpedigree , 9/12/2021.
([21]) An ambitious drone delivery health service in Ghana is tackling key logistics challenges , at , https://qz.com/africa/1604374/ziplines-drone-delivery-launches-in-ghana-with-vaccines , 29/4/2019.
([22]) KENYA NATIONAL eHEALTH POLICY 2016-2030 , REPUBLIC OF KENYA , MINISTRY OF HEALTH .
([23]) M-TIBA FAQs , at , https://m-tiba.co.ke/m-tiba-faqs , 9/12/2021.
([24]) Marlène Panara ; ” Covid-19: l’Afrique joue la carte de l’e-santé ” , at , https://www.lepoint.fr/afrique/covid-19-l-afrique-joue-la-carte-de-l-e-sante-03-04-2020-2369964_3826.php , 3/4/2020.
([25]) ARYN BAKER ; ” U.S. startup Zipline has teamed up with the Rwandan government to deliver blood supplies by drone ” , at , https://time.com/rwanda-drones-zipline , 20/7/2017.
([26]) MIRA CHANNEL ; ” Reducing Maternal Mortality Rates and Infant Mortality Ratios ” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/mira-channel.html , 9/12/2021.
([27]) Samir Abdelkrim ; ” En Ethiopie, l’application mobile qui sauve des nouveau-nés ” ,at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2017/07/11/en-ethiopie-l-application-mobile-qui-sauve-des-nouveau-nes_5159197_3212.html , 11/7/2017.
([28]) The TT Tracker: improving trachoma eye care using a mobile app , at , https://www.sightsavers.org/protecting-sight/ntds/tt-tracker , 9/12/2021.
([29]) Adrien Barbier ; ” Cours en ligne, classe inversée et visioconférences au secours des étudiants de médecine à Madagascar ” , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2016/10/28/cours-en-ligne-classe-inversee-et-visioconferences-au-secours-des-etudiants-de-medecine-a-madagascar_5021987_3212.html , 28/10/2016.
([30]) Travis Sanchez ; ” A Smartphone App (AfyaData) for Innovative One Health Disease Surveillance from Community to National Levels in Africa: Intervention in Disease Surveillance ” , at , https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5748470 , 18/12/2017.
([31]) Cameroon’s Cardiopad inventor wins African engineering award , at , https://www.bbc.com/news/world-africa-36397164 , 27/5/2016.
([32]) Inès Magoum ; ” CAMEROUN: Stephen Mouafo fabrique son 3e prototype de couveuse alimentée au solaire ” , at , https://www.afrik21.africa/cameroun-stephen-mouafo-fabrique-son-3e-prototype-de-couveuse-alimentee-au-solaire , 11/11/2020.
([33]) ANEMIAPP ; ” Digital application to assist in the monitoring and management of sickle cell disease ” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/anemiapp-1247.html , 9/12/2021.
([34]) MomConnect: Connecting Women to Care, One Text at a Time , at , https://www.jnj.com/our-giving/momconnect-connecting-women-to-care-one-text-at-a-time , 31/1/2017.
([35]) South Africa’s RecoMed raises $1.5M to scale its online healthcare marketplace , at , https://techcrunch.com/2021/10/27/south-africas-recomed-raises-1-5m-to-scale-its-online-healthcare-marketplace , 27/10/2021.
([36]) Gugulethu Mhlungu ; ” South Africa’s drug ATMs offer formula to treat chronic illness” , at , https://www.ft.com/content/b2e4c07c-0392-11e9-bf0f-53b8511afd73 , 24/1/2019.
([37]) South Africa to Start Delivering Blood by UAV , at , https://www.uasvision.com/2019/05/31/south-africa-to-start-delivering-blood-by-uav/ , 31/5/2019.
([38]) BLOOD SAFETY INFORMATION SYSTEM ; ” Develop and effectively implement an open source Blood Safety Information System in low resource settings” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/blood-safety-strengthening-programme.html , 9/12/2021.
([39]) PEEK ; ” Create technology & health intelligence that empowers healthcare providers to deliver sustainable eye care to everyone ” , at , https://www.odess.io/initiative-detail/peek.html , 9/12/2021.
([40]) Ministry launches E-Health system , at , https://www.namibian.com.na/index.php?id=83762&page=archive-read , 9/8/2011.
([41]) Angola: 2020 Digital Health Factsheet , at , https://m.reliefweb.int/report/3718394/angola/angola-2020-digital-health-factsheet?lang=ru , 2/3/2021.
([42]) Wayan Vota ; ” Every African Country’s National eHealth Strategy or Digital Health Policy” at , https://www.ictworks.org/african-national-ehealth-strategy-policy/#.YbJwL71BzIW , 4/12/2019.
([43]) Mehdi Lahdidi ; ” Santé: la télémédecine gagne du terrain en Afrique ” , at , https://afrique.latribune.fr/africa-tech/e-business/2017-01-12/sante-la-telemedecine-gagne-du-terrain-en-afrique.html , 12/1/2017.
([44]) How Can Digital Health Technologies Contribute to Sustainable Attainment of Universal Health Coverage in Africa? A Perspective , at , https://www.frontiersin.org/articles/10.3389/fpubh.2019.00341/full , 15/11/2019
([45]) Sub-Saharan Africa—the new breeding ground for global digital health , at , https://www.thelancet.com/journals/landig/article/PIIS2589-7500(20)30027-3/fulltext , April, 2020 .
([46]) Use of Electronic Health Records in sub-Saharan Africa: Progress and challenges , at , https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4167769/ , 14/1/2012.
([47]) Pierre Lepidi ; ” L’e-santé, le grand espoir de l’Afrique ” , at , https://www.lemonde.fr/afrique/article/2017/07/09/l-e-sante-le-grand-espoir-de-l-afrique_5158182_3212.html , 9/7/2017.