يُعَدُّ اتحاد علماء إفريقيا مرجعية علمية ودعوية بارزة تخدم قضايا الأمة الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء. ومنذ تأسيسه عام 2011م، عمل على توحيد جهود العلماء وتعزيز العمل الإسلامي رغم التحديات المختلفة.
وفي هذا التقرير من “قراءات إفريقية” نستعرض أهم الإنجازات خلال الدورة الخمسية الثانية والمقدم إلى المؤتمر العام الثالث والذي عقد في داكار في الفترة من 28-29شوال 1446هـ الموافق 26-27 إبريل 2025.
التعريف باتحاد علماء إفريقيا:
اتحاد علماء إفريقيا هو مرجعية علمية شرعية لقضايا الأمة الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء، يقف معها ويؤصلها، ويبذل كل جهده في سبيل الحلول الممكنة.
ولم يكتف الاتحاد ببيان المواقف من جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال عشرات البيانات فحسب، وإنّما قام الاتحاد بأعمال جليلة في خدمة مسلمي القارة.
التأسيس:
تم تأسيس الاتحاد في باماكو عاصمة جمهورية مالي في الفترة 9-7 شعبان 1432هـ الموافق 2011/7/10-8م، بحضور132 شخصا يمثلون تسعة وثلاثين بلدًا من الأعضاء المؤسسين من إفريقيا والمراقبين من الهيئات والجهات الإسلامية من خارج القارة وعلى رأسها وفد منظمة التعاون الإسلامي؛ وكان شعار المؤتمر ” دور العلماء في تعزيز السلم ” وأقيمت ندوات حول هذه القضية .
وقد وقع الاتحاد اتفاقية المقر مع حكومة جمهورية مالي ممثلة في وزارة الخارجية والتعاون الدولي مما يعطي الاتحاد امتيازات المنظمات الدولية..
السياسات العامة:
1. مرجعية الكتاب والسنة على فهم أئمة الهدى القائم على الوسطية.
2. ترسيخ البعد المحلي الإفريقي للاتحاد من حيث التأسيس والتسيير مع إيجاد التمثيل الحقيقي لأطراف القارة.
3. الاستقلالية والبعد عن الوصاية من الدول أو الهيئات.
4. الارتباط الوثيق بالمجتمع من خلال تعزيز مكانة الأعضاء في التجمعات المحلية ذات التوجهات المشابهة.
5. اعتماد الآلية العلمية والمهنية في اتخاذ القرارات، وإبراز المواقف والرؤى.
6. اعتماد استراتيجية عملية في التعامل مع الهيئات والمؤسسات الرسمية وكذا الاتجاهات المخالفة
7. اعتماد سياسة إعلامية تعزز رسالة الاتحاد في توجيه القارة.
8. يفتح الاتحاد أبوابه للرجل والمرأة للعمل وفق الضوابط الشرعية.
أهداف اتحاد علماء إفريقيا:
يهدف اتحاد علماء إفريقيا إلى إيجاد مرجعية علمية دعوية لتوجيه وتنسيق الجهود العلمية والدعوية في إفريقيا، وإيجاد مرجعية إسلامية تعبر عن المسلمين في القارة أمام المؤسسات والهيئات العلمية والأكاديمية والرسمية والدولية، إضافة إلى تعزيز جهود العلماء في توجيه وقيادة المجتمعات الإفريقية، وضبط الفتوى في القضايا العامة في إفريقيا، وتعزيز التعايش السلمي بين أطياف المجتمعات الإفريقية، وفتح قنوات اتصال وتفاعل مع التجمعات الإسلامية الأخرى لدمة قضايا المسلمين العامة.
الوسائل:
1. تنسيق الجهود العلمية والدعوية والتربوية في القارة.
2. إقامة المشروعات العلمية والدعوية والتربوية ورعايتها.
3. إصدار البيانات حول القضايا العامة ونشرها عبر وسائل الإعلام.
4. تقديم النصح والتوجيهات والاستشارات للجهات المحتاجة إليها.
5. القيام بجهد مؤثر في فض النزاعات التي يكون فيها طرف مسلم.
6. إصدار الفتاوى في الشأن العام والنوازل.
7. العناية بالمسجد وتأهيل القائمين عليه.
8. عقد اللقاءات والمؤتمرات العلمية والدعوية وتنظيم الندوات والمحاضرات العامة.
9. إقامة الدورات التدريبية لتطوير القدرات وتنمية المواهب.
10. إيجاد قاعدة بيانات عن الإسلام في إفريقيا بما يسهل القيام بالدراسات اللازمة.
11. إعداد البحوث والدراسات ونشرها.
12. إنتاج البرامج السمعية والمرئية باللغات الرسمية والمحلية في القارة.
13. إنشاء واستخدام وسائل الإعلام بكافة أنواعها.
الرؤية والرسالة:
وقد تمثلت رؤية اتحاد علماء إفريقيا في أن يكون الاتحاد مرجعية علمية للنهوض بالأمة الإسلامية في إفريقيا، بينما تجسدت رسالته في تعزيز جهود العلماء وتوحيد صفوفهم لقيادة الأمة وفق المنهج الإسلامي الوسطي.
أهم الإنجازات خلال الدورة الخمسية الثانية:
وقد أصدر اتحاد علماء إفريقيا تقريرًا عن أهم الإنجازات خلال الدورة الخمسية الثانية والذي قدم إلى المؤتمر العام الثالث والذي عقد في داكار في الفترة من 28-29شوال 1446هـ الموافق 26-27 إبريل 2025، وتمثلت تلك الانجازات في عدة محاور منها:
أولًا: العمل الإداري والتنظيمي:
حيث تم عمل ما يزيد على مائتي اجتماع دوري للأمانة العامة، إضافة إلى حفظ الوثائق والبيانات إلكترونيًا وتنظيمها، وتحديث بيانات الأعضاء وجمع صورهم وجوازات سفرهم.
ثانيًا: الأنشطة الإعلامية والمراسلات:
في هذا الجانب تم إرسال واستقبال أكثر من 1700 خطاب رسمي، إضافة إلى مراسلات للتهنئة، الدعم، التعزية، والتعاون مع الحكومات والمنظمات.
ثالثًا: المؤتمرات والمشاركات الدولية:
كانت هذه الفترة حافلة بالأحداث الهامة، وكان الاتحاد دائما مشاركا وممثلا في المحافل الدولية بكل ما استطاع من ذلك سبيلا وقدر الإمكانات المتاحة حتى يستكمل الاتحاد دوره الريادي في توجيه الأمة الإسلامية في إفريقيا، والأخذ بيد أبنائها نحو الوسطية ومنهج الإسلام القوي.
وشارك الاتحاد في فعاليات داخل وخارج إفريقيا مثل: مؤتمر تعليم البنات في نيجيريا. إضافة إلى ملتقيات دعوية وعلمية في السودان، السنغال، موريتانيا، وغيرها، وحضور ملتقيات دولية في مكة، تركيا، جنيف، الدوحة، والقاهرة.
رابعًا: مشاريع علمية ودعوية:
استطاع الاتحاد خلال الدورة الخمسية الثانية بفضل الله وتوفيقه أن ينجز بعض المشاريع الهامة مثل: وضع الخطة التشغيلية السنوية موافقا للخطة الخمسية الثانية، وأيضا البحث عن معلومات حول الباحثين وطلبة الدراسات العليا في الجامعات الإسلامية، و بتوزيعها على الجامعات والكليات والمعاهد الوطنية والخاصة قصد استقطاب الباحثين وتسجيل اختصاصاتهم.
وفي هذا الجانب تم إنجاز التالي:
- إنشاء لجان محلية للاتحاد في أكثر من 27 دولة.
- إطلاق نداء رمضان السلام لوقف النزاعات المسلحة في رمضان وقد وُجه هذا النداء مرتين خلال الدورة الخمسية الثاانية: الأول في العام 1440هـ لوقف شامل لإطلاق النار وكل العمليات القتالية وقد تمت ترجمته إلى 15 لغة، والثاني في العام 1443هـ وهو دعوة لتعليق العقوبات المفروضة على مالي وهدنة لوقف إطلاق النار وإتاحة الفرصة للحلول السلمية وتمت ترجمتها إلى الفرنسية والسواحلية والهوسا.
- رصد ومتابعة أنشطة العلماء الذين لهم جهود وتجارب شخصية في المجال الدعوي والعلمي والثقافي وقد تم إعداد قاعدة بيانات بـ 41 كتاباً وبحثاً علمياً.
- تنظيم ندوات ودورات ومحاضرات على النحو التالي:
-
- مشروع تنظيم 10 محاضرات في 5 دول إفريقية.
- تنظيم 4 ندوات في أربع دول
- تنظيم دور علمية عن بعد بعنوان “مبادئ التمويل الإسلامي”.
- تنظيم ثلاث دورات تدريبية للأعضاء والتعامل الأمثل مع وسائل الأعلام المختلفة حيث تم أختيار أكثر الوسائل استخداماً وهي Zoom وFacebook وGoogle Meet.
- تنظيم الملتقيات الدعوية بالتعاون مع لجنة الدعوة في إفريقيا: حيث تم عقد اجتماع بين اتحاد علماء إفريقيا ولجنة الدعوة في إفريقيا يوم الاثنين 16/12/1439هـ في رحاب المدينة النبوية لمناقشة آلية انتقال الإشراف على الملتقيات الخارجية من لجنة الدعوة في إفريقيا إلى اتحاد علماء إفريقيا نظراً لانتشار أعضائه في سبعة وأربعين بلداً إفريقيا وليكون ذلك سبباً في التعريف بالاتحاد وتوسيع دائرة العضوية فيه وانتشار نفعه.
- إقامة المسابقة الثقافية بالتعاون مع لجنة الدعوة في إفريقيا (المسابقة الثقافية الكبرى الحادية عشر عن الآل والأصحاب) للعام1440هـ: وهي مسابقة ثقافية تتركز حول ترسيخ مبادئ الإسلام السمحة لا سيما ما يتعلق بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته، وقد أقيمت عشر دورات للمسابقة وفاز فيها الآلاف في إفريقيا بجوائز قيمة، منها رحلات حج وأجهزة كمبيوتر محمولة ولوحات وجوالات وغيرها، ويترقبها المسلمون في إفريقيا لاسيما طلبة المدارس والجماعات بشغف قبل شهر رمضان في كل سنة منذ انطلاقها.
- توحيد رؤية هلال رمضان والعيدين:
سعى الاتحاد منذ دورته الخمسية الأولى إلى تقريب الموافق فيما يتعلق بدخول رمضان وانتهائه؛ فالأمانة العامة تتلقى الشهادات من الأعضاء في دول الاتحاد حول ثبوت رؤية الهلال في بلدانهم ؛ ثم يصدر من خلال لجنة الإفتاء والإرشاد بيانا بثبوت الرؤية للاعتماد عليه من قبل المسلمين في الدول ذات الأغلبية المسلمة أو الأقليات.
هذا وقد وضعت الأمانة العامة خطة سنوية منبثقة من الخطة الاستراتيجية الخمسية من الدورة الخمسية الثانية ليتم تنفيذها؛ ففي إطار تنفيذ الخطة التفصيلية لعناصر الخطة السنوية لعام 1442هـ رفعت الأمانة العامة استبانة إلى السادة العلماء – أعضاء الاتحاد – بصفة فردية تتعلق بإيجاد حلول للسعي إلى توحيد الرؤية الشرعية للأهلة في دول الاتحاد فيما يخض رمضان والعيدين راجيا منهم التعاون في التعبئة، بغية الروج بنتيجة من شأنها اتخاذ طريق عملي يوصل إلى الهدف المرجو.
- بطاقة العضوية: وضع مكتب الأمانة العامة خطة لإصدار بطاقة العضوية لكل عضو حسب رقم تسلسل العضوية مع نوعية العضوية، وقد عرض على مجموعة مكتب إدارة الاتحاد لإبداء الملحوظات والاعتماد، وبحمد الله تم إصدار المائة الأولى خلال العام 1445هـ، كما تم إرسال بعضها إلى أصحابها في دولة المقر عبر اللجنة المحلية، وبعضها في موسم الحد واللقاءات العامة.
- الترجمات: حيث تم ترجمة العديد النشرات والمصطلحات والبيانات واللوحات التعليمية والكتب العلمية لسبع لغات إفريقية.
- الطباعة وتوزيع المصاحف وكتب التفاسير والكتيبات و المنشورات المترجمة على الفنادق والسجون.
- مشروع المجلة العلمية: وهي مجلة علمية محكمة تصدر عن الاتحاد باللغة العربية تُعنى بنشر البحوث والدراسات العلمية في مجالات العلوم الشرعية، والاستراتيجية، واللغوية ، والأدبية، والسياسية، والاقتصادية، والإنسانية، وغيرها مما يسعى في خدمة العالم الإسلامي في ضوء رسالة الإتحاد ورؤيته وأهدافه، حيث تم في هذا العام 1445هـ إصدار العدد الأول في نسخة إلكترونية مجانية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
- مشروع جمع المعلومات عن الكتب الشرعية المترجمة إلى اللغات الإفريقية في قاعدة بيانات بينات إلكترونية وقد بلغ ما تم جمعه 319 كتاباً خلال الأعوام 1443هـ، 1444هـ، 1445هـ.
خامسًا: الإعلام والتواصل
تركزت الأنشطة الإعلامية للاتحاد في مجالين رئيسيين:
1-وسائل الإعلام التقليدية:
ومن خلالها اشرف الاتحاد عبر بعض أعضائه على شبكة قنوات السنة التي تبث بلغات غرب إفريقيا من النيجر، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين الاتحاد ومالك القنوات (النائب البرلماني عيسى صالح من بنين).
2-الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي:
وتمثلت أنشطة الاتحاد في هذا الصدد في:
-الموقع الرسمي للاتحاد باللغات: العربية، الهوسا، السواحلية، الإنجليزية، والفرنسية.
-صفحات تعريفية بالاتحاد على ويكيبيديا بنفس اللغات.
-صفحة رسمية على الفيسبوك بكل هذه اللغات.
-حساب رسمي على ( X).
-قناة على يوتيوب وقناة أخرى على تلغرام، بالإضافة إلى مجموعة على تلغرام وواتساب مخصصة للأعضاء.
ويقوم مسؤول الإعلام والمعلوماتية بالأمانة العامة بمتابعة هذه الوسائل بشكل يومي لضمان تفعيل الرسائل الإعلامية وتواصل الاتحاد مع الأعضاء والمجتمعات.
سادسًا: العضوية والانتشار:
انضم إلى الاتحاد خلال هذه الدورة الخمسية 230 عضوًا من 47 دولة من دول إفريقيا جنوب الصحراء من بينهم ثلاث نساء، ويتبوأ كثير منهم قيادة العمل الإسلامي في بلدانهم ، وبهذا يكون العدد الإجمالي للأعضاء 617 شخصًا.
سابعًا: قضايا الأمة
يعالج اتحاد علماء إفريقيا القضايا العامة والخاصة من خلال إصدار الفتاوى عبر لجنة الإفتاء والإرشاد برئاسة الشيخ محمد أحمد لوح، وقد أصدرت اللجنة عدة فتاوى مهمة تتعلق بقضايا معاصرة، مثل:
- فتوى حول رؤية هلال رمضان (22 مايو 2018).
- فتوى حول حديث «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله» (9 يوليو 2018).
- تصريح حول تنظيم الحج لعام 1441هـ (7 ديسمبر 2020).
- فتوى حول ميراث دار وقف لمسجد القرية (5 يوليو 2022).
أما عن البيانات: فقد أصدر الاتحاد بيانات متعددة حول القضايا الكبرى في إفريقيا والعالم الإسلامي، لمواكبة الأحداث وتوضيح موقف الإسلام منها، ناهيك عن تُرجمة البيانات إلى الفرنسية، الإنجليزية، وبعض اللغات الإفريقية (الهوسا، السواحلية)، مما وسّع أثرها الإعلامي.
أبرز التحديات:
هناك عدة تحديات تواجه اتحاد علماء إفريقيا في مسيرته، ولعل أبرزها : ضعف التعاون من بعض الأعضاء في تحديث المعلومات، إضافة إلى تأثير جائحة كورونا على الأنشطة المالية والميدانية، وصعوبات في تغطية كافة الفعاليات بسبب نقص الموارد.
وختامًا:
فقد أكد الاتحاد الذي يمثل مرجعية علمية معتبرة في القارة الإفريقية، أنه مستمر في جهوده لتقوية مكانة العلماء وخدمة قضايا المسلمين في إفريقيا، رغم التحديات المحلية والدولية.