مقدمة:
تطورات متسارعة يشهدها الصراع المحتدم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ إعلان متمردي حركة 23 مارس “23M ” الكونغولية –المدعومة من قبل رواندا المجاورة- الأسبوع الماضي سيطرتها على “جوما” أكبر مدينة شرقي البلاد، وتلويحها بنقل القتال إلى العاصمة كينشاسا، وسط تأهب الجيش الكونغولي وإعلان الرئيس فيليكس تشيسيكيدي التعبئة العسكرية لمقاومة التمرد.
وبالتوازي مع تحركات ودعوات إقليمية إلى وقف فوري لإطلاق النار في شرق الكونغو، ودفع كينشاسا إلى التفاوض مع “23 مارس”، طالب مجلس الأمن الدولي بوقف هجوم المتمردين، مع تحذير رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، رواندا، من دفع بلاده لـ”إعلان الحرب”؛ بعد سقوط جنود جنوب إفريقيين يعملون كجزءٍ ضمن بعثة سلام إقليمية، خلال اجتياح المتمردين مركز التجارة في جوما، الاثنين الماضي[1].
وبعد يومين من تقدم القوات الكونغولية المدعومة من الجيش البوروندي، وتصديها السبت الماضي (الأول من فبراير 2025) للمتمردين واستعادة السيطرة على بعض الأراضي، طالبت الحكومة الكونغولية بفرض عقوبات دولية على رواندا؛ للحد من صراع المتمردين والحفاظ على السلام الإقليمي، ومن المرتقب أن يجتمع الرئيسان الرواندي والكونغولي في قمة مشتركة لـ”مجموعة تنمية الجنوب الإفريقية” (سادك) و”مجموعة شرق إفريقيا” (إياك)، يومي 7 و8 فبراير الجاري في دار السلام بتنزانيا[2].
وفي أحدث تطورات الصراع، أعلن تحالف المتمردين المعروف باسم “تحالف نهر الكونغو” الذي يضم حركة 23 مارس، في بيان يوم الإثنين وقف النار -من جانب واحد- اعتبارًا من يوم الثلاثاء (4 فبراير 2025)؛ “استجابة للأزمة الإنسانية”، مشيرًا إلى أنه لا يعتزم السيطرة على مدينة بوكافو عاصمة إقليم جنوب كيفو أو أية مناطق أخرى، وذلك بعد سيطرته الأسبوع الماضي على جوما[3].
إن الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية أكبر من تمرد أو حرب أهلية، إذ يعد أزمة أمنية إقليمية معقدة متعددة الأبعاد والفواعل، تعود جذورها إلى مظالم إثنية وتوترات عرقية نشأت من إرث الاستعمار الغربي، وتأثرت بأحداث تاريخية مفصلية أبرزها الإبادة الجماعية في رواندا المجاورة في تسعينات القرن العشرين، والتي امتدت تداعياتها إلى مختلف بلدان منطقة البحيرات العظمى، وسط القارة.
وقد ازدادت تعقيدات الأزمة في السنوات الأخيرة؛ بسبب الثروة المعدنية الهائلة التي تمتلكها الكونغو الديمقراطية، التي جذبت أطرافًا إقليمية ودولية ودفعتها إلى لعب أدوار مختلفة في سبيل تعزيز مصالحها على حساب الاستقرار واستدامة العنف الأهلي والأزمات الإنسانية والنزوح الجماعي للسكان.
تسعى هذه الورقة إلى تقديم قراءة في جذور الصراع المعقد في شرق الكونغو الديمقراطية ومستجداته، وأطرافه المتداخلة، ومساراته المستقبلية، بالتطبيق الوصفي والتجريبي على “نظرية مُرّكب/ مجمع الأمن الإقليمي” (Regional Security Complex Theory)؛ إذ تساهم هذه النظرية في تقديم نهج شامل للأمن الإقليمي في العلاقات الدولية، خاصة في المناطق المتضررة من الصراع، مثل منطقة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تؤثر المظالم التاريخية والديناميات العرقية بشكل كبير على المشهد الأمني الإقليمي.
ولتحقيق هذا الغرض، تم تقسيم الورقة إلى ثلاثة محاور رئيسية، الأول يتناول جذور الصراع في شرق الكونغو ومستجداته حتى 5 فبراير 2025، والثاني يتناول إطارًا نظريًا وتحليليًا، والثالث يتناول صراع شرق الكونغو وإعادة تشكيل المرّكبات الأمنية الإقليمية.
أولاً: جذور ومستجدات الصراع في شرق الكونغو
جذور الصراع:
منذ السنوات الأولى لاستقلالها عن بلجيكا عام 1960، تعاني جمهورية الكونغو الديمقراطية من غياب الاستقرار السياسي والاجتماعي، ففي عام 1965 استولى القائد العسكري جوزيف موبوتو على السلطة -لمدة 32 عامًا- بعد انقلاب أبيض على يوسف كاسا فوبو أول رئيس بعد الاستقلال، وغيَّر لاحقًا اسم البلاد إلى زائير واسمه إلى موبوتو سيسي سيكو.
وفي منتصف التسعينات شهدت رواندا المجاورة إبادة جماعية نفذها متطرفون من عرقية الهوتو أدت إلى مقتل ما يقدر بنحو مليون شخص من أقلية التوتسي العرقية والهوتو المعتدلين، وفي أعقاب هذه الإبادة عَبرَ ما يقدر بنحو مليوني لاجئ من الهوتو الحدود الكونغولية، استقر معظمهم في مخيمات اللاجئين في مقاطعتي شمال كيفو وجنوب كيفو، لاحقًا شكلَّ متطرفون روانديون من مرتكبي الإبادة ميلشيات مسلحة داخل الكونغو، وخططوا لشن هجمات ضد حكومة ما بعد الإبادة في رواندا، التي كان يقودها -الرئيس الحالي- بول كاجامي، وهو من إثنية التوتسي.
وفي ضوء اتهامات متبادلة –مكررة حتى اليوم- بإيواء المتمردين، مهدت الحرب الأهلية في رواندا والتي امتدت إلى بوروندي، للإطاحة بحكم موبوتو عبر انقلاب عسكري عام 1997، دعمته كل من رواندا وبوروندي وأوغندا وأنجولا، كان قائده لوران كابيلا -زعيم جماعة متمردة من التوتسي- الذي أعاد تسمية البلاد إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وواجه كابيلا بعد عام واحد تمردًا عسكريًّا ثانيًا دعمته رواندا وأوغندا أيضًا، فيما تدخلت قوات من أنجولا (التي انقلبت على التحالفات السابقة) وتشاد وناميبيا والسودان وزيمبابوي لدعم نظامه.
ومطلع 2001 اغتيل كابيلا، وتولى ابنه جوزيف إدارة البلاد -حتى عام 2018- وفي أواخر 2002 تم الاتفاق على انسحاب القوات الرواندية التي غزت واحتلت شرق بلاده، وبعدها بشهرين تم التوقيع على اتفاق بريتوريا للسلام من قبل جميع الأطراف المتحاربة لإنهاء القتال مع تشكيل حكومة وحدة وطنية في الكونغو الديمقراطية.
وفي عام 2018 أُعلن فيليكس تشيسكيدي فائزًا في انتخابات الرئاسة الكونغولية، وعند تنصيبه، ورث تشيسكيدي -الذي فاز بولاية ثانية في ديسمبر 2023- عدة أزمات، بما في ذلك تفشي فيروس إيبولا واستمرار العنف شرقي البلاد، وعلى الرغم من أن المناطق الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية هي الأكثر عنفًا، إلا أن العنف السياسي الذي تفاقم بسبب انتخابات ديسمبر 2023 ساهم في حالة من الفوضى السياسية وانعدام الأمن.
مع ذلك، لم تتوقف أعمال العنف في الكونغو الديمقراطية -خاصة في الشرق- ترتكبها أكثر من 120 جماعة مسلحة نشطة في المنطقة، بما في ذلك حركة 23 مارس والقوات الديمقراطية المحتالفة التابعة لتنظيم داعش، والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وحركات أخرى محلية متنوعة تُعرف باسم ميليشيا ماي ماي، في حين تعمل بعثة أممية في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 1999[4].
مستجدات الصراع:
تعود مستجدات الصراع إلى صيف 2022، وذلك بعد نحو عقد من الهدوء النسبي، حين سيطرت حركة 23 مارس على مساحات شاسعة في مقاطعة شمال كيفو وتقدمت نحو عاصمتها جوما[5]، طلبت على إثرها كينشاسا دعمًا من جماعة شرق إفريقيا، التي نشرت قوة متعددة الجنسيات تعرف اختصارًا بـ (EACRF)، قبل أن تنهي الحكومة الكونغولية تفويضها في ديسمبر 2023[6].
في وقت كانت تسمح فيه للجيش الأوغندي بدخول أراضيها لملاحقة متمردي حركة القوات الديمقراطية المتحالفة (ADF) المرتبطة بتنظيم داعش[7]، وبالتوازي تصاعدت التوترات بين كينشاسا وكيجالي بسبب حركة 23 مارس، إذ كررت الحكومة الكونغولية اتهاماتها لرواندا بدعم الحركة، في وقت دعم فيه محققو الأمم المتحدة هذا الاتهام مع نفي رواندي متكرر[8].
ونهاية 2022، توسط قادة المنطقة على هدنة تقضي بانسحاب المتمردين ووقف النار في عملية تعرف بـ”عملية لواندا”، ورغم أن حركة 23 مارس لم تكن طرفًا فيها، إلا أنها وافقت عليها دون أن تنحسب من الأراضي التي احتلتها، متهمة كينشاسا بمواصلة دعم ميليشيات الهوتو، في مقابل توجيه تشيسكيدي اتهامات مرة أخرى لرواندا بتأجيج الصراع من خلال دعم المتمردين[9].
لم تدم الهدنة طويلاً، بعد أن استهدفت رواندا، مطلع 2023، مقاتلة كونغولية من طراز سوخوي 25، قالت إنها انتهكت المجال الجوي الرواندي، وهو ما اعتبرته كينشاسا عملاً “يرقى إلى عمل حربي”، في وقت تجاوز فيه عدد النازحين من شرق الكونغو قرابة 400 ألف شخص[10]، واعتبارًا من أكتوبر 2023، وصل عدد النازحين داخليًا قرابة 7 ملايين نازح 81% منهم في المقاطعات الشرقية في شمال كيفو وجنوب كيفو وإيتوري وتنجانيقا، وأفادت المنظمات الأممية المعنية أن الصراع بين الحكومة والمتمردين هو السبب الرئيسي للنزوح[11].
وفي أواخر 2023، أرسلت الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (سادك) قوة عسكرية لمساعدة الحكومة الكونغولية في طرد المتمردين[12]، لكنها لم تفلح هي الأخرى في وقف التمرد حتى الآن، في وقت تثار حولها انتقادات رواندية متكررة بكونها بعثة حرب بدلاً من السلام.
وبعد سحب عدة آلاف من قوات حفظ الأممية، أرجأت بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية رحيلها الذي كان مقررًا نهاية العام الماضي 2024 دون تحديد جدول زمني؛ بسبب ما أسمته الحكومة الكونغولية التدخل المتزايد من جانب رواندا في المقاطعات الشرقية، وبالتزامن انهارت محادثات “عملية لواندا” التي استضافتها أنجولا عام 2022 بعد أن تجاهلت حركة 23 مارس –مجددًا- اتفاق وقف إطلاق النار[13].
وفي يناير 2025 سيطر متمردو 23 مارس على جوما كبرى مدن شرق الكونغو الديمقراطية، وهددوا بالتقدم صوب العاصمة كينشاسا مقابل تأهب عسكري كبير للجيش الكونغولي، أدى إلى تعقد المشهد الإقليمي وتوجيه اتهامات من قبل الكونغو الديمقراطية وجنوب إفريقيا لرواندا بدعم المتمردين وإعلان الحرب، لحقه إعلان تحالف المتمردين وقف النار والتراجع عن السيطرة على مزيد من الأراضي.
وفي هذه الأيام، تعيش المنطقة “هدوءً حذرًا”، إذ تنتظر ما ستسفر عنه قمة دار السلام الجمعة والسبت المقبلين، حين يجتمع قادة مجموعتي جنوب وشرق إفريقيا بحضور زعيمي رواندا والكونغو الديمقراطية.
ثانيًا: الإطار النظري والتحليلي
طورَّ الباحثان باري بوزان وأولي ويفر في عملهما المشترك[14]: Regions and Powers: The Structure of International Security، نظرية “مرَّكب الأمن الإقليمي”، التي قد تساهم في تقديم نهج شامل لتقييم الأمن الإقليمي وأبعاده المحلية والإقليمية والدولية المرتبطة بالصراع في منطقة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويقصد بالمرَّكب الأمني الإقليمي: مجموعة من الدول ترتبط مخاوفها الأمنیة ارتباطًا وثیقًا فیما بينها، مما یجعل من غیر الممكن النظر واقعیًا لأمن الدول بمعزل عن أمون الدول الأخرى”، حيث یشتمل مرَّكب الأمن على الاعتماد المتبادل في مجال التنافس، مثله مثل المصالح المشتركة، أما العامل الأساسي في تعریف مركب الأمن فهو عادة مستوى عالي من التهديد أو الخوف الذي یُشعر به بشكل متبادل بین دولتین أو أكثر[15].
ويجادل المؤلفان أنه في إطار نظرية مركب الأمن الإقليمي (RSCT)، لا تُحدد المناطق بناءً على الجغرافيا أو الثقافة أو أنماط الأحداث الجارية، أو وفقًا لتحليلات عشوائية للباحثين، أو بناءً على خطابات محلية حول الإقليمية، بدلاً من ذلك، يتم بناء مركبات الأمن الإقليمية (RSCs) اجتماعيًا من قبل أعضائها، سواء كان ذلك بوعي أو -في أغلب الأحيان- بشكل غير واعٍ من خلال أنماط التفاعل الأمني (الأمننة ونزع الأمننة) التي تتداخل مع بعضها البعض، وبالتالي، يمكن أن تتغير هذه المركبات نتيجة للتغيرات في تلك العمليات، على الرغم من أن نطاق التغيير قد يكون مشروطًا بمدى عمق أو سطحية استيعاب الفاعلين للهيكل الاجتماعي للأمن في المنطقة[16].
وتقوم نظرية مركب الأمن الاقليمي على مجموعة من القواعد أهمها:
- إن أكثر التهديدات تنتقل بصورة أسهل في المسافات القصيرة عكس المسافات الطويلة.
- تعتبر أن قدرات ونوايا الدول الأمنية تعلقت تاريخيا بجيرانها، لذا فدرجة الاعتماد الأمني المتبادل يكون أكثر حدة بين الدول الفاعلة داخل المركب الأمني وآخرين خارجه.
- تعتبر أن مركب الأمن قد يكون مخترقًا من قبل القوى الدولية، إذا كان ذو نطاق واسع.
- أن مركبات الأمن الإقليمي هي المكون الأساسي والرئيسي للأمن الدولي.
- تشكيل مركب الأمن الإقليمي يشتق من التفاعل بين البيئة الفوضوية، ونتائج ميزان القوى في النظام الدولي، وبفعل الضغوط التي يولدها التقارب الجغرافي المحلي[17].
وتفترض النظرية أن الأمن الإقليمي يتشكل من خلال التفاعل بين الدول المتجاورة، حيث لا يمكن فهم التهديدات الأمنية لدولة بمعزل عن محيطها الإقليمي، وتحدد أربعة مستویات للتحليل[18]:
1- المستوى الداخلي للدول المشكلة لمركب الأمن الإقليمي: يركز على نقاط ضعف الدولة التي تنشأ محليًا، والتي قد تجعل دولة أو مجموعة دول تشكل تهديدًا هيكليًا، حتى لو لم تكن لديها نوايا عدائية.
وفيما يخص جمهورية الكونغو الديمقراطية، يتبين مدى الضعف المؤسسي للدولة الكونغولية ومعاناتها من السيطرة على كافة أراضيها في ضوء وجود ما يزيد عن 120 حركة متمردة مسلحة، خاصة في المناطق الشرقية الغنية بالموارد الطبيعية والمعادن، تسيطر على مساحات شاسعة منها الجماعات المتمردة، وعلى رأسها حركة 23 مارس، مما زاد من تعقيدات المشهد الأمني الهش بالأساس، وأدى إلى نزوح مئات الآلاف من السكان مع فرار العديد منهم إلى رواندا.
2- علاقات دولة بدولة أخرى: تحدد ملامح الإقليم ككيان قائم بحد ذاته.
وعادة ما تتسم علاقات الكونغو الديمقراطية وجيرانها بالتوتر، حيث تتهم كينشاسا رواندا بدعم المتمردين لتحقيق مصالح جيوسياسية واقتصادية، وفي المقابل، تتهم كيجالي الكونغو الديمقراطية بدعم متمردي الهوتو المناوئين للحكومة الرواندية.
ورغم عدم ابتعادها لعقود، دخلت مؤخرًا جنوب إفريقيا بشدة على خط الأزمة، عبر قواتها المشاركة في بعثة المجموعة الانمائية للجنوب الإفريقي العاملة في شرق الكونغو الديمقراطية، والتي كان من تداعيات مشاركتها حدوث مناوشات دبلوماسية بين بريتوريا وكيجالي.
3- تفاعل الإقليم مع الأقاليم الأخرى المجاورة.
امتدت أزمة شرق الكونغو لتشمل أقاليم إفريقية تتماس مباشرة مع منطقة البحيرات العظمى، على غرار مناطق جنوب ووسط وشرق القارة.
4- دور القوى الدولية في المنطقة: أي التفاعل بين الهياكل الأمنية الدولية والإقليمية.
تلعب القوى الكبرى دورًا هي الأخرى في صراع شرق الكونغو، حيث تمتلك الصين استثمارات ضخمة في قطاع التعدين الكونغولي، مما يجعلها أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين في البلاد، في المقابل، تسعى الولايات المتحدة وفرنسا إلى الحد من النفوذ الصيني في المنطقة، من خلال دعم الحكومة الكونغولية والمشاركة في الجهود الدبلوماسية، كما أن الشركات الغربية والصينية تتنافس على استغلال الثروات المعدنية، مما يزيد من التوترات السياسية والأمنية.
إجمالاً، تشكل المستويات الأربعة السابقة مجتمعة ما يُعرف بـ “التشكيل الأمني” (Security Constellation)، الذي يمكن أن يشمل مركبات فرعية Sub complex، والتي تشترك في التعريف ذاته مع المركبات الأمنية الإقليمية، ولكنها تكون جزءًا متأصلاً في مركب أمني إقليمي أكبر[19].
تأسيسًا على ما سبق، فإن تشكيل نطاق المركب الأمني الإقليمي المرتبط بالصراع في شرق الكونغو الديمراطية، يمكن اعتباره يشمل الكونغو الديمقراطية ورواند وبوروندي وأوغندا وأنجولا ويتمدد ليشمل فواعل أمنية وتكتلات إقليمية تحديدًا الجماعة الانمائية للجنوب الإفريقي مجموعة شرق إفريقيا.
متغيرات مرَّكب الأمن الإقليمي:
ترتكز البنیة الجوهرية لمركب الأمن الإقليمي، على أربعة متغیرات رئيسية هي؛ الحدود التي تميز مركب الأمن الإقليمي عما يجاوره، والبنية الفوضوية، وتعني أن مركب الأمن الإقليمي يجب أن یتكون من وحدتين مستقلتين أو أكثر، والاستقطاب الذي یغطي توزیع القوى بین الوحدات، والبنية الاجتماعية التي تحدد أنماط التحالف والعداء بین الوحدات، إلى جانب المركبات الفرعية داخل المركب الأمني الإقليمي الواحد[20].
وبالنظر إلى هذه المتغيرات الأربعة، فإن الصراع في شرق الكونغو يتطابق بشكل كبير مع الإطار النظري لمركب الأمن الإقليمي، إذ يتمحور الصراع حول تفاعلات وديناميات أمنية وسياسية ومجتمعية واقتصادية بين جهات محلية وإقليمية ودولية مختلفة، مما يجعله مثالًا نموذجيًا لتطبيق نظرية المركب الأمن الإقليمي.
أنواع المرَّكبات الأمنية
تتنوع المركبات الأمنية الإقليمية، ومنها: المركبات المعيارية، التي تتميز بغياب أية قوة دولية داخله، أي أن الدول المشكلة للمركب الأمني هنا إما تتساوى أو تتفاوت بشكل طفيف في القوة والمكانة على المستوى الدولي ولا تمثل قوة عالمية.
في حين تتكون المركبات الأمنية المركزة من قوة عالمية أو بعض المؤسسات الجماعية، وإذا تشكلت من الوجود المؤسساتي فإنه يشار إليها بـ المركب الأمني المؤسساتي، أما إذا كانت خاضعة لسيطرة قوة إقليمية فإنها تصبح مركبًا أمنيًا أحادي القطبية، إلى جانب مركب القوى العظمى، وهو المركب الأمني الذي يكون مشكلا من مجموعة من الدول ذات المكانة الكبرى في المجتمع الدولي[21].
ثالثًا: صراع شرق الكونغو وإعادة تشكيل المرَكبات الأمنية الإقليمية
حتى أواخر التسعينات، لم يكن من السهل تحديد أي نمط أمني إقليمي واضح للصراع في شرق الكونغو؛ إذ لم تكن هناك ملامح واضحة لمركبات أمنية ناشئة، حيث بدا أن كل دولة تتمركز حول تفاعلاتها الأمنية الخاصة، التي غالبًا ما كانت تنبع من اضطراباتها الداخلية.
المركب الأمني المعياري في صراع شرق الكونغو:
منذ أواخر التسعينيات شهدت بلدان المنطقة تغيرًا جذريًا، حيث أصبحت النزاعات في الكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي مترابطة بشكل أوثق، فقد برزت أوغندا كلاعب إقليمي رئيسي، حيث لعب يوري موسيفيني دورًا مهمًا في السودان بدعم المتمردين الجنوبيين، وفي رواند بدعم الجبهة الوطنية الرواندية التوتسية، وفي الكونغو الديمقراطية بدعم الاستيلاء على السلطة من قبل لوران كابيلا، ثم محاولة الإطاحة به لاحقًا، وفي هذا السياق، أصبح مصطلح “توتسية وسط إفريقيا” Tutsification شائعًا، حيث حكمت الحكومات التوتسية في رواندا وبوروندي، كما لعب التوتسي أدوارًا بارزة في أوغندا والكونغو الديمقراطية[22].
يمكن القول إنه منذ أن شنت حركة 23 مارس هجومها على شرق الكونغو عام 2022، أعيد تشكيل مركب أمني إقليمي معياري جديد، في وقت تصاعدت فيه التوترات بين كينشاسا وكيجالي بعد مواصلة رواندا دعم المتمردين، وهو ما دعمته تحقيقات الأمم المتحدة رغم نفي رواندا المتكرر.
منذ ذلك الحين، لم يكن أمام الكونغو الديمقراطية ورواندا سوى الدخول في علاقة قائمة على التهديد والاتهامات المتبادلة، وقد تطور هذا المركب المعياري إلى تشكيل صراعي أكثر منه توافقي، فقد بدا أن الآلية الرئيسية التي ترتبط بالمركب الأمني هذه هي الدعم المتبادل للمتمردين المسلحين داخل بعضها البعض والتلويح بدخول الحرب، فيما لا تزال تداعيات عدم الاستقرار الداخلي في الكونغو الديمقراطية هي المحرك الرئيسي للتفاعلات الأمنية المحلية والإقليمية على السواء.
على مدار هذه الفترة الزمنية، ظل المركب الأمني المعياري لصراع شرق الكونغو مستقرًا نسبيًا ومقتصرًا على دول الجوار المتفاعلة معه، بيد أن تقدم 23 مارس عسكريًا مؤخرًا (يناير 2025) قد ساهم في تطوره سريعًا ليضم جنوب إفريقيا وفواعل إقليمية ودولية أخرى، وذلك عبر مسارات أمنية ودبلوماسية أوسع نطاقًا.
علاوة على ذلك، أثار مقتل 13 جنديًا جنوب إفريقيًا على يد متمردي 23 مارس مخاوف من توسع الصراع، خصوصًا بعدما حذر الرئيس رامافوزا نظيره الرواندي كاجامي من أن الفشل في وقف هجوم المتمردين “المدعومين من بلاده” سيكون له عواقب، وسيعتبر “إعلان حرب”، في الوقت الذي أكدت فيه بريتوريا تعزيز قواتها التي تشكل جزءًا من مهمة إقليمية في شرق الكونغو[23].
وفي المقابل، اتهم كاجامي، رامافوزا بـ”تشويه الحقائق على الأرض”، قائلاً: إن “جنوب إفريقيا ليست في وضع يسمح لها بتولي دور صانع السلام أو الوسيط.. إذا كانت جنوب إفريقيا تفضل المواجهة، فإن رواندا ستتعامل مع الأمر في هذا السياق في أي يوم”[24].
ولم يتوقف الأمر عن هذا الحد، فقد زادت التحذيرات الإقليمية والدولية من توسع الصراع في شرق الكونغو إلى حرب إقليمية، بعدما نددت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وزراء خارجية دول مجموعة السبع بهجوم 23 مارس الأخير.
كما حذر رئيس بوروندي –التي لديها ما لا يقل عن 10 آلاف جندي في شرق الكونغو- إيفاريست ندايشيميي من أن الصراع يهدد بحرب إقليمية أوسع نطاقا، وشدد على أن هذا الخطر لن يقتصر على بوروندي فقط، بل تنزانيا وأوغندا وكينيا والمنطقة بأكملها، في وقت تتهم فيه رواندا القوات البوروندية بالانخراط بنشاط في القتال المفتوح شرق الكونغو.
التنديدات الدولية وتهديدات جنوب إفريقيا على ما يبدو وضعت ضغوطًا شديدة على رواندا ومتمردي 23 مارس، وهو ما يمكن تلمسه في إعلان الحركة المنخرطة في تحالف الجماعات المتمردة “تحالف نهر الكونغو” وقف إطلاق النار لـ”أسباب إنسانية” اعتبارا من يوم الثلاثاء الرابع من فبراير 2024.
مع ذلك تظل احتمالية تورط جنوب إفريقيا في الصراع الدائر بين رواندا والكونغو قائمة لعدة اعتبارات: العلاقات الدبلوماسية المتوترة بالفعل بين كيجالي وبريتوريا، وبين البلدين نوايا عدائية متبادلة تعود لعقود سابقة، ترتبط ببعثات السلام وبإيواء معارضين واغتيال لاجئين رواندين في الأراضي الجنوب إفريقية[25].
وبذلك تعد المركبات الأمنية المعيارية الأكثر ارتباطًا بصراع شرق الكونغو، في ظل غياب سيطرة/ دور واضح لأية قوة دولية/ إقليمية، فرغم اعتبار جنوب إفريقيا قوة إقليمية ناشئة، إلا أن انخراطها الأمني والدبلوماسي في صراع شرق الكونغو لا يوحي بجديتها في التعاطي الجيواستراتيجي معه أو التورط في حروب إقليمية هي في غنى عنها، وإن يظل انخراطها في الأزمة محتملاً لكن ليس بالدرجة الكبيرة.
المركب الأمني المؤسسي في صراع شرق الكونغو:
إلى جانب الانخراط المؤسسي للاتحاد الإفريقي عبر آلياته وأجهزته المختلفة “دبلوماسيًا” في صراع شرق الكونغو، والأممي عبر بعثات حفظ السلام التي يعود وجودها هناك إلى قرابة ربع قرن، يمكن القول إن المركب الأمني المؤسسي في صراع شرق الكونغو يتشكل من تكتلين إقليميين بارزين: مجموعة شرق إفريقيا (إياك)، والمجموعة الانمائية للجنوب الإفريقي (سادك)، وجميع هذه المؤسسات كان مخول لها أن تلعب أدوارًا في إدارة النزاعات وحل الصراعات من خلال آليات التدخل العسكري أو عمليات حفظ السلام أو المساعي الدبلوماسية الحميدة.
وبالنسبة للبعثة الأممية العاملة في الكونغو الديمقراطية –التي تعد من أكبر بعثات حفظ السلام في العالم- سبق أن قرر مجلس الأمن الدولي سحبها مع نقل مهامها تدريجيًا إلى الحكومة الكونغولية اعتبارًا من يونيو 2024، لكن دون وضع جدول زمني.
في حين لعبت البعثات الإفريقية أدوارًا متباينًا في شرق الكونغو، بالنسبة لبعثة مجموعة شرق إفريقيا فقد تم نشرها في نوفمبر 2022، قبل أن يتم سحبها هي الأخرى في ديسمبر 2023، بعد أن أضعفت الخلافات الداخلية بين دول المجموعة خاصة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا من فعاليتها.
وفي وقت كان ينظر إليها كبديل محتمل لبعثة “إياك”، نُشرت بعثة مجموعة الجنوب الإفريقي في مايو 2023، هذه البعثة تتبنى على ما يبدو مقاربة عسكرية لدعم الحكومة الكونغولية، وجرى تفويض هذه البعثة -التي تضم قوات من جنوب أفريقيا وملاوي وتنزانيا- بموجب ميثاق الدفاع المتبادل لعام 2003، الذي ينص على أن “أي هجوم مسلح يرتكب ضد إحدى الدول الأطراف يعتبر تهديدًا للسلام والأمن الإقليميين، ويجب الرد عليه بعمل جماعي فوري”[26].
مع ذلك، لم يقدم المركب الأمني المؤسسي دورًا إيجابيًا ملموسًا في صراع شرق الكونغو دبلوماسيًا أو أمنيًا؛ لأسباب يمكن تحديدها في: غياب الدور الفعال والملموس للاتحاد الإفريقي وأجهزته المختلفة، وغياب التنسيق وتضارب مصالح الدول الإقليمية، وغياب الثقة المحلية –سواء من قبل الحكومة الكونغولية أو الحركات المتمردة- في قوات حفظ السلام، وهو ما يتضح في انسحاباتها المتكررة.
مّركب القوى العظمى في صراع شرق الكونغو:
تركز الرؤية الأمريكية في صراع شرق الكونغو الديمقراطية على زاوية مكافحة الإرهاب، لا سيما مع تصاعد تهديدات القوات الديمقراطية المتحالفة المرتبطة بداعش، ففي إبريل 2019 أعلنت الولايات المتحدة انضمام الكونغو الديمقراطية رسميًا إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش، آنذاك عرضت واشنطن على الرئيس الكونغولي التدريب وتبادل الخبرات بشأن العمليات المدنية العسكرية والتخطيط الاستراتيجي والرسائل والحرب غير المتكافئة، مؤكدة في الوقت ذاته على أهمية حقوق الإنسان وقانون الصراع المسلح في عمليات مكافحة الإرهاب[27]، على الجانب الآخر وفي إطار الضغط على رواندا لإجبارها على إنهاء دعمها لمتمردي 23 مارس، أوقفت واشنطن تعاونها العسكري مع كيجالي[28].
وفي حين كانت الشركات الأمريكية تمتلك مناجم كوبالت شاسعة في الكونغو، فقد تم بيع معظمها لشركات صينية خلال إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب (الأولى)، تسيطر الشركات الصينية المرتبطة ببكين -حاليًا- على غالبية مناجم الكوبالت واليورانيوم والنحاس المملوكة للأجانب في الكونغو الديمقراطية.
وسبق أن اعترفت إدارة بايدن بأن احتكار الصين لصناعة التعدين في الكونغو الديمقراطية يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الميزة النسبية لبكين في ساحات الطاقة والتكنولوجيا ويعيق تطلعات الطاقة النظيفة الأمريكية، علاوة على ذلك، تشارك الصين في الصراع الداخلي في الكونغو وكذلك في اقتصادها، حيث تقاتل الحكومة الكونغولية متمردي حركة 23 مارس بمساعدة الطائرات المسيرة والأسلحة الصينية، كما سبق أن اشترت أوغندا أسلحة صينية لتنفيذ عمليات عسكرية داخل حدود الكونغو الديمقراطية[29].
وقبل أيام، حذرَّ تقرير نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية من أن تفاقم الصراع الحالي بين الكونغو الديمقراطية ورواندا يحمل تداعيات سلبية على الشركات العالمية التي تؤَمن لها هذه المنطقة معدنا ضروريًا في صناعة الإلكترونيات العالمية، مشيرًا إلى أن الكونغو الديمقراطية تتمتع بحوالي 80% من احتياطيات معدن الكولتان في العالم، وهو معدن مهم في صناعة جميع الأجهزة الإلكترونية، ولا يعزى التصعيد في النزاع إلى ثروة الكولتان فحسب بل أيضًا الذهب والألماس والكوبالت والمعادن النادرة الأخرى[30].
وقد جلب القرن 21 تعقيدات إضافية لجهود السلام في الكونغو الديمقراطية مع انتشار عمليات التعدين، إذ تحتوي على بعض من أكبر احتياطيات العالم من المعادن النادرة المستخدمة في إنتاج الإلكترونيات المتقدمة، ومع تزايد اعتماد العالم على الكوبالت والنحاس والزنك والمعادن الأخرى، ازدادت حوافز الجماعات المحلية والخارجية للانخراط في الصراع الكونغولي، وقد عولمت الموارد الطبيعية الوفيرة—خاصة المعادن الثمينة—الموجودة في تربة الكونغو الصراع على المناطق الشرقية في البلاد[31].
خاتمة:
وفي الأخير، ثمة ضرورة ملحة في معالجة المظالم الإثنية لمختلف الحركات المتمردة المنخرطة في صراع شرق الكونغو، خصوصًا حركة 23 مارس، التي عادة ما تقول إنها تقاتل ضد تهديد وجودي، وأنها تحمي الكونغوليين الناطقين باللغة “الكينيارواندية”، خاصة التوتسي الكونغوليين، ممن تعرضوا للاضطهاد من قبل الحكومات المتعاقبة، وحرموا من حقهم في المواطنة.[32]
وباستدعاء ما تطرحه النظرية -محل الدراسة- من تطورات محتملة لأي مركب أمني إقليمي، بناءً على تكوينه في لحظة معينة[33]، ثمة ثلاثة سيناريوهات محتملة ترتبط بصراع شرق الكونغو وإعادة تشكيل المرَكبات الأمنية الإقليمية، وهي:
أولا: الحفاظ على الوضع الراهن: يعتمد هذا السيناريو على عدم حدوث تغييرات جوهرية في هيكل المركبات الأمنية المعيارية والمؤسسية ومركبات القوى العظمى، وبالتالي بقاء أزمة شرق الكونغو معلقة في الهواء، مع تزايد عسكرة الأزمة من جهة، وارتفاع معدلات النزوح والأزمات الإنسانية، والغياب الفعلي لسيطرة الدولة الكونغولية على أراضيها من جهة أخرى.
ثانيًا: التحول الداخلي، عبر حدوث تغييرات في الهيكل الأساسي داخل حدود المركبات الأمنية الحالية، قد يشمل ذلك تغييرات في الهيكل الفوضوي، نتيجة للتكامل الإقليمي وهو أمر مستبعد في إفريقيا عمومًا في ضوء تجارب تاريخية سابقة على غرار ضعف أداء المنظمة القارية أو التجمعات الإقليمية المختلفة، أو نتيجة للاستقطاب بسبب التفكك، أو الاندماج، أو الغزو، أو تفاوت معدلات النمو، أو في أنماط التحالفات والعداءات السائدة بسبب التحولات الأيديولوجية، أو الإرهاق من الحروب، أو تغيير القيادات، وجميعها يستبعدها الباحث على الأقل في المستقبل المنظور.
ثالثًا: التحول الخارجي، وهو يعني أن الحدود الخارجية للمرّكب تتوسع أو تنكمش، مما يؤدي إلى تغيير في عضويته، ومن المحتمل أن يؤثر ذلك على هيكله الأساسي بطرق أخرى، ويتمثل السيناريو الأكثر وضوحًا لهذا التغيير في اندماج مركبين أمنيين إقليميين، وعلى نحو أقل شيوعًا يمكن أن ينقسم مركب أمني واحد إلى مركبين منفصلين، وهذا السيناريو يبقى مطروحًا في صراع شرق الكونغو في ظل مراوحة الأطراف الفاعلة المختلفة في علاقاتها البينية بين التحالف والعداء.
ومع ترجيح الورقة السيناريو الأول، بقاء الوضع الصراعي في شرق الكونغو على ما هو عليه، وبالنظر إلى رواسبه التاريخية ودينامياته، يمكن القول إن الصراع الأهلي والإقليمي في شرق الكونغو أكبر من مجرد صراع بين دولتين أو حركات متمردة، إذ أثبتت تجاربه السابقة وتطوراته ومستجداته أنه يشكل في جوهره شبكة معقدة من المرّكبات الأمنية الإقليمية (معيارية ومؤسساتية وقوى عظمى)، تغزيها التحالفات/ الصراعات البينية، وتحفزها عولمة الموارد الطبيعية، الأمر الذي قد يقلل من فرص حسم الصراع لصالح أحد الأطراف أو حلحلته في المستقبل المنظور على أقل تقدير، وبالتالي استمرار المعاناة الإنسانية والفوضى الإقليمية.
………………………………..
[1] قراءات إفريقية، جنوب إفريقيا تحذّر رواندا من دفعها لـ”إعلان الحرب”، 30 يناير 2025
https://bit.ly/3EjyiLq
[2] المصدر السابق، الكونغو الديموقراطية تطالب بفرض عقوبات دولية “لوقف رواندا”، 4 فبراير 2025
https://bit.ly/4aKDHr2
[3] Reuters, Eastern Congo rebel alliance declares ceasefire starting on Feb. 4, 3 February 2025
https://bit.ly/4gv7WDH
[4] – اعتمد الباحث في قراءة جذور الأزمة على المصادر التالية:
– Council on Foreign Relations, Conflict in the Democratic Republic of Congo, Updated January 29, 2025
https://bit.ly/3Ep2g0I
– Council on Foreign Relations, Eastern Congo: A Legacy of Intervention.. 1960: 2025
https://bit.ly/3Q2RAqX
-Central Intelligence Agency (CIA), World Factbook, Democratic Republic of the Congo, last updated: 16 January 2025
https://bit.ly/4hlVcjT
[5] Voice of America, Fresh Clashes as M23 Rebels Make Gains in East DR Congo, 26 January 2023
https://bit.ly/3WIJtnp
[6] EAC, East African Community Regional Force (EACRF)
https://www.eac.int/eac-regional-force
[7] Julius Barigaba, Uganda and Congolese army review joint operation against ADF, Monitor, 24 April 2022
https://bit.ly/3EjA2UY
[8] Aljazeera, Rwanda backing M23 rebels in DRC: UN experts, 4 Aug 2022
https://bit.ly/40Ycazc
[9] Ibid, DRC president says M23 rebels yet to withdraw as agreed, 18 Jan 2023
https://bit.ly/3CDKwhs
[10] Anne Soy and Cecilia Macaulay, Rwanda-DR Congo tension: Shooting of plane an ‘act of war’, BBC, 25 January 2023
https://www.bbc.com/news/world-africa-64397725
[11] International Organization for Migration, Record High Displacement in DRC at Nearly 7 Million, 30 October 2023
https://www.iom.int/news/record-high-displacement-drc-nearly-7-million
[12] Sadc, Deployment of the SADC Mission in the Democratic Republic of Congo, 4 Janvier 2024
https://www.sadc.int/fr/node/5230
[13] Philippe Asanzi, The revived Luanda Process – inching towards peace in east DRC?, ISS Africa 21 October 2024
https://bit.ly/4hlp2Fq
[14] Barry Buzan and Ole Wæver, Regions and Powers: The Structure of International Security, (Cambridge: Cambridge University Press, Vol 226, 2003)
https://bit.ly/40YcC0m
[15] الموسوعة السياسية، مركب الأمن الإقليمي – Regional Security Complex، 12 نوفمبر 2020
https://bit.ly/3Q37WA0
[16] Barry Buzan and Ole Wæver, op. cit, P 485.
[17] الموسوعة السياسية، م س ذ.
[18] Barry Buzan and Ole Wæver, op. cit, P 51.
[19] Barry Buzan and Ole Wæver, op cit, P 51.
[20] Barry Buzan and Ole Wæver, ibid, P 53.
[21] ibid, P55
[22] ibid, P244
[23] قراءات إفريقية، م س ذ.
[24] بول كاجامي يرد على تصريحات نظيره الجنوبي إفريقي رامافوزا حول تطورات الصراع في شرق الكونغو، 29 يناير 2025، متاح على:
https://bit.ly/4jLX0oc
[25] Hannah Atkins, Tug of war: Rwanda-SA tensions over the DRC, 17 April 2024
https://africapractice.com/tug-of-war-rwanda-sa-tensions-over-the-drc/
[26] Hannah Atkins, ibid.
[27] الموقع الرسمي لحكومة الولايات المتحدة، تقارير البلدان حول الإرهاب 2019: جمهورية الكونغو الديمقراطية
https://bit.ly/3Q0H5Vk
[28] قراءات إفريقية، واشنطن توقف دعمها للجيش الرواندي وتعلن دعمها لاستعادة الثقة بين كينشاسا وكيغالي، 26 فبراير 2024
https://bit.ly/3Q2fCT4
[29] Council on Foreign Relations, op cit
[30] قراءات إفريقية، تقرير: مذبحة الكونغو الديمقراطية تهدّد الأجهزة الإلكترونية في العالم، 30 يناير 2025
https://bit.ly/4gqSSqG
[31] Council on Foreign Relations, op cit
[32] Josephine Kalembe, DRC: Southern African bloc’s troops boost aggravates security crisis, 7 July 2024
https://bit.ly/4gn51gp
[33] Barry Buzan and Ole Wæver, op cit, P 53.