د. زيبورا مورين تشيبكيموي كيبرونو(*)
ترجمة: أحمد محمد أحمد إسماعيل
مستخلص:
تبحث هذه الدراسة في أزمة الثقة العميقة في المؤسسات الديمقراطية الكينية، بالتركيز على انتخابات العامين 2017 و2022م، وآثارها المتصلة، وخصوصًا التي تم التعبير عنها خلال الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، التي يُشار إليها شعبيًّا بحركة (جيل Z)(*).
تشكلت ملامح الساحة السياسية الكينية بتقاطعات الفساد الممنهج، والسياسات العرقية، والموروثات التاريخية التي أدَّت إلى تآكل الثقة الشعبية. وإن هذه القضايا التي تراكبت مع خيبة أمل الأجيال، قادت إلى موجة الاحتجاجات الشبابية المُطالبة بالمساءلة والشفافية والإصلاح الديمقراطي.
وتسعى الدراسة، عن طريق تحليل العلاقة بين الفساد والتلاعب الإثني والشرعية الانتخابية، للكشف عن كيفية تأثير تلك الديناميكيات، التي لم تُؤثِّر على الانتخابات فحسب، بل أجَّجت أيضًا التوترات الجارية وسط الأجيال الشابة.
وتدعو الدراسة إلى تصحيح مسار الحكم الديمقراطي في كينيا، وتُركّز على الإصلاح المنهجي ومعالجة المظالم الثقافية والاجتماعية لاستعادة الثقة الشعبية.
مقدمة:
تُعدّ الثقة هي حجر الزاوية للمجتمعات الديمقراطية؛ لأنها تدعم شرعية الحكم، وتُعزّز التماسك الاجتماعي، وتُرقّي الإذعان الطوعي للقانون والسياسات. وهي عنصر أساسي لسلاسة عمل المؤسسات ولسائر العمليات الديمقراطية.
في كينيا، على أيّ حال، تآكلت هذه الثقة الأصلية بشكل كبير عبر الزمن، في المقام الأول بسبب استمرار قضايا الفساد الممنهج والسياسات القائمة على أساس العِرْق. وأصبح تآكل الثقة في الإطار الديمقراطي الكيني منظورًا بشكل متزايد من خلال الدوائر الانتخابية، خاصةً خلال انتخابات 2017م و2022م.
أثارت تلك الانتخابات مخاوف محددة حول النزاهة الانتخابية، والحوكمة، والفساد، وكانت بمثابة لحظة محورية في تاريخ السياسة الكينية. وقد كانت انتخابات 2017م، على وجه الخصوص، نقطة تحوُّل في الأحداث، اتسمت بكثرة اتهامات التزوير الانتخابي، كما تميَّزت بتدخُّل قضائيّ ألغى نتائج الانتخابات. وعلى الرغم من أن انتخابات 2022م أظهرت بعض التقدُّم في الشفافية واستقلال القضاء، لكنها أيضًا شُوِّهت باستمرار قضايا الفساد والتأثير السياسي العِرْقي.
وعلى الرغم من انتهاء النزاع الانتخابي رسميًّا، إلا أن الاستياء بين الكينيين، خاصةً الشباب، لم ينتهِ. فخلال السنوات القليلة الماضية، برَز شكل جديد وقوي من المعارضة: الاحتجاجات المتجددة التي يقودها الشباب، التي يُشار إليها بـاسم حركة “جيل “Z” Gen.
هذه الديمغرافيا، التي خابت آمالها بالفساد الممنهج، والنِّسب العالية من البطالة، والآثار المستمرة للسياسات المبنية على العِرْق، اتخذت من الشارع سبيلًا للتعبير عن إحباطاتها وللمطالبة بالتغيير. لم تكن تلك الاحتجاجات مجرد ردّات فعل لسياسات أو حوادث بعينها، ولكنها كانت انعكاسًا لأزمة ثقة عريضة وعميقة في بنية الحكم الكيني.
تهدف هذه الدراسة إلى التنقيب داخل العلاقة المعقَّدة بين الفساد، والسياسات العرقية، وانهيار الثقة في المؤسسات الديمقراطية الكينية. كما تكشف كيف أن هذه العوامل؛ تميزت، بشكل مبدئي، خلال العمليات الانتخابية، وأسهمت في خلق استياء اجتماعي واسع، خصوصًا بين الأجيال الشابة.
وتسعى الدراسة، من خلال تحليل تطور الأحوال من (الاستياء الانتخابي إلى الاحتجاجات المتواصلة بقيادة الشباب) إلى توفير فهم شامل لأزمة الثقة الحالية، وللاحتياجات العاجلة للإصلاح.
سياق تاريخي: الإرث الاستعماري والسياسات القائمة على أساس العِرْق
تأثَّر المشهد السياسي في كينيا المعاصرة تأثرًا عميقًا بماضيها الاستعماري، الذي شكَّل إلى حدّ كبير أُسُس الحكم فيها، كما شكَّل حراكها الاجتماعي. وكانت إستراتيجية الإدارة السياسية الاستعمارية البريطانية “فَرِّق تَسُد” أداة تأسيس واستدامة للانقسامات العِرْقية بين المجتمع المتنوع في كينيا. وقد عزَّز هذا الأسلوب التنافس والتوتر بين المجموعات العِرْقية، وخلَق مجتمعًا يتَّسم بالتشظي؛ حيث أصبحت الإثنية أداةً للسيطرة السياسية وراحة البال الإدارية لدى المستعمِر وأذنابه.
لقد أرست المحاباة العرقية، الموروثة من الاستعمار، الأساس للتحيُّز والإقصاء الممنهجين، الأمر الذي تواصل ليترك آثاره في الحكم بعد الاستقلال. ومثلما لاحظ (بيتر إيكيه (Peter Ekeh (1975)، فقد قادت الإستراتيجية الاستعمارية إلى ما أسماه بـ”تنمية شعبين” في كينيا: فهناك شعب الدولة الرسمي، وآخر يدور في فلك الإثنية الخاصة غير الرسمي. هذا التقسيم رسّخ الازدواجية في الحكم؛ حيث أصبح الوصول إلى المؤسسات العامة خدمة تُقدَّم فقط لمجموعات عِرْقية بعينها، وبالمقابل كان الولاء والدعم مضمونًا بشكل دائم من خلال شبكة المحسوبية المتجذّرة على أساس الهوية العرقية.
عقب استقلال كينيا في عام 1963م، ورثت النخبة السياسية، حديثة المنشأ، البنية الاستعمارية، بل وعزّزتها في كثير من الأحيان! وأصبح النظام السياسي لما بعد الاستقلال متشكِّلًا على منهج يقوم على المحاباة؛ حيث كانت الهويات العرقية تُستخدَم لحشد الدعم وضمان الولاء.
وكثيرًا ما أدَّى هذا النظام إلى تقويض الوحدة الوطنية وإضعاف المبادئ الديمقراطية؛ حيث استغل القادة الانتماءات العِرْقية للجمع بين القوة وتوزيع الموارد (تشيزمان Cheeseman،2015). وأوجدت عملية استغلال الإثنية لغرض سياسي، دائرة من الإقصاء والمحاباة، ورسَّخت الفساد في المستقبل، وقوّضت النزاهة الديمقراطية.
الفساد بوصفه عائقًا بنيويًّا:
ترسّخ الفساد في كينيا بشكل عميق في النظام السياسي، ليس فقط في قضايا عارضة، ولكن كعائق بنيوي أصولي يُؤثّر في الحوكمة والثقة الشعبية. إن مفهوم “سياسات البطن” الذي وضَّحه جين فرانسيس بايارت (Jean-François Bayart (1993، يُوفّر إطارًا مفيدًا لفهم “الكيفية التي تستغل من خلالها الصفوة السياسية في كينيا والدول الإفريقية الشبيهة، الوظيفة العامة لتكديس الثروة الشخصية وتوزيع الموارد بصورة انتقائية”. هذا النموذج يُوضّح كيف يرتبط الفساد، بشكلٍ مُعقَّد، بتوزيع السلطة والموارد، ويُعزّز دائرة المحسوبية التي تتخلل كل مستويات الحكم.
في كينيا، كانت مفوضية الناخبين والحدود المستقلة (IEBC)، وهي الجسم المسؤول عن الإشراف على الانتخابات، مرارًا وتكرارًا في قلب فضائح الفساد! اتُّهمت الانتخابات العامة في 2017م بدعاوى خطيرة عن التزوير الانتخابي. وأدَّى القلق بشأن نزاهة النقل الإلكتروني للنتائج بزعيم المعارضة رايلي أودينغا Raila Odinga إلى تحدّي نتائج الانتخابات، واتهام مفوضية الانتخابات والحدود المستقلة بالتحيُّز والتزوير. وقاد ذلك إلى صدور قرار تاريخي مِن قِبَل المحكمة العليا بإلغاء نتائج الانتخابات؛ وهذا يُعدّ حدثًا مركزيًّا في تاريخ الانتخابات في إفريقيا، وقد نُظِرَ إليه، ولو جزئيًّا، بوصفه نصرًا مهمًّا لاستقلال القضاء (Cheeseman، 2018).
وعلى الرغم من ذلك التدخل القضائي والتعهد بالإصلاح؛ فإن انتخابات 2022م لم تحُل كليًّا قضية الفساد والتلاعب الانتخابي. ومع أنه كان هناك تحسُّن بارز في الشفافية الانتخابية، فإن المشكلات الكامنة استمرت. وتواصلت دعاوى الفساد لتزعج المفوضية المستقلة للناخبين والحدود IEBC، وبقيت السياسات العرقية قضية مركزية. وأمام النصر الضئيل لوليام روتو على رايلي أودينغا، والتحديات القانونية المتلاحقة في المحكمة العليا، وإلقاء الضوء على الشكوك العامة وفقدان الثقة في العملية الانتخابية؛ (Omollo، 2023) بالنسبة للعديد من الكينيين، خصوصًا الأجيال الشابة، فإن تلك الانتخابات أظهرت حتى الآن نموذجًا آخر؛ حيث يتقاسم الفساد والتلاعب الإثني نتائج العمليات الديمقراطية.
استمرار الفساد كملمح بنيوي في النظام السياسي الكيني له نتائج بعيدة المدى؛ فهو يُقوِّض فاعلية المؤسسات الديمقراطية، ويؤدي إلى تآكل الثقة الشعبية، وإلى استدامة حرمان الحقوق والإحباط وسط الجماهير. وهذا يتطلب إصلاحًا شاملًا، لا يتناول فقط الجوانب الإجرائية لإدارة الانتخابات، وإنما، أيضًا، الدينامكيات العميقة للثقافة المجتمعية التي تساند الفساد وتدمر النزاهة الانتخابية.
وتُمثِّل السياسات العرقية في كينيا ديناميكية معقدة، بل متناقضة في الغالب. ويمكن للهوية العرقية أن تعمل كمبدأ تنظيمي قويّ، يُوفّر الوعي المجتمعي والتمثيل. وعمومًا، فإن هذه الهوية المتشابهة قد تم التلاعب بها بواسطة الصفوة السياسية لتعميق الانقسامات وحشد الدعم، وفي مرات عديدة، كانت التكلفة هي التماسك القومي والنزاهة الديمقراطية.
وكان العنف الذي أعقب انتخابات 2007م مثالًا صارخًا للأثر المدمّر للسياسات المبنية على أساس العرق. عقب نتائج الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها، اندلع عنف واسع الانتشار، أجَّجته المنافسات العرقية. ونجم عن العنف أكثر من 1000 قتيل، ومئات الآلاف من المشردين، وسجل واحدة من أكثر الحِقَب مأساوية في تاريخ كينيا الحديث. (Höglund، 2009) وكشفت هذه الحادثة كيف أنه يمكن للسياسات العرقية أن تقود إلى عواقب شديدة السوء عندما تقترن بالخلافات الانتخابية وفقر الحكم.
مقدمة دستور عام 2010م كانت تحديدًا استجابة لهذه التحديات؛ فقد هدف الدستور الجديد لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع العرقي بإلغاء مركزية السلطة وابتداع مؤسسات أكثر متانة صُمِّمت لترقية العدالة والشمولية. بالرغم من تلك الإصلاحات، فإن السياسات القائمة على أساس عرقي استمرت بملاحقة الانتخابات، بما فيها انتخابات 2017م و2022م. واستمرت الحملات الانتخابية في التأطُّر حول الانتماءات العرقية، بمرشحين يستهدفون تكتلاتهم العرقية الخاصة لضمان التصويت. هذه المنهجية لم تقوِّض فقط مبادئ المنافسة الديمقراطية، لكنها أيضًا عززت عقلية المعادلة الصفرية في السياسة؛ حيث تفهم الانتصارات الانتخابية على أنها فتوحات للهيمنة العرقية أكثر من كونها نقاشات حول السياسة والحكم. (Mamdani، 2009).
في انتخابات 2017م و2022م، بقيت السياسات العرقية هي القوة المسيطرة. ويعتمد المرشحون غالبًا على شبكات عرقية لكسب الدعم، ويستديمون دائرة الانقسام والإقصاء. وبالنسبة للعديد من الكينيين، خصوصًا أولئك الذين ينتمون إلى فئات مُهمَّشة أو مجتمعات أقليات، فقد قادت هذه الديناميكية إلى إحساس عميق بالحرمان من الحقوق. وأسهَم استمرار استخدام النداءات العرقية خلال الحملات السياسية في استمرار تآكل الثقة في كلٍّ من العملية الانتخابية وتوسيع بنيات الحكم. إن فهم الانتخابات على أنها تنافس بين الجماعات العرقية أكثر من كونها منافسة ذات دفع أيديولوجي أو سياسي، أبعد شرائح من الشعب وقوَّض جهود بناء نظام ديمقراطي مُوحَّد وشفاف. (Barkan، 2008; Kanyinga، 2017).
هذا الاعتماد المستمر على السياسات العرقية فاقَم أزمة الثقة في كينيا. بالنسبة للكثيرين، خاصةً بين الشباب الذين أصبحوا يجهرون بسخطهم بشكل متزايد، فإن العملية الانتخابية أصبح يُنْظَر إليها كمظهر للغبن الاجتماعي والفشل العميق. الإحباطات والاحتجاجات بين الأجيال الكينية الشابَّة أظهرت الاحتياج العاجل للإصلاحات التي تعمل خلف التغييرات السطحية، وتعالج العوامل الثقافية الاجتماعية الضمنية التي تستديم الانقسامات العرقية والفساد.
صعود احتجاجات الجيل Z: موجة جديدة من السخط
شهدت كينيا في الأشهر الأخيرة، من يونيو إلى أغسطس 2024م، ارتفاعًا كبيرًا في الاحتجاجات التي يقودها الشباب، مع وجود الجيل Z في طليعة هذه الحركات. تمتد هذه الاحتجاجات إلى ما هو أبعد من معارضة السياسات الفردية، مما يشير إلى استياء شديد عميق من الهياكل السياسية والاقتصادية للبلاد.
بالنسبة للعديد من الشباب الكينيين، تتشابك القضايا القديمة مثل الفساد الراسخ، وارتفاع معدلات البطالة، ونُدْرة الفرص مع الإخفاقات النظامية التي خنقت التقدم لعقود من الزمن. وتعكس هذه الموجة من النشاط وعيًا متزايدًا بين الشباب بأن هذه المشاكل البنيوية ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من دورة مستمرة أعاقت تنمية كينيا والمساواة الاجتماعية. يمثل صعود احتجاجات “الجيل Z” تحولًا كبيرًا في التعبير السياسي. على عكس الأجيال السابقة، التي غالبًا ما انخرطت في السياسة القائمة على العِرْق أو تأثرت بها.
يرفض الشباب الكينيون هذا النموذج بشكل متزايد. إنهم يدافعون عن نظام سياسي يتميز بالكثير من الشفافية والشمول. ويعكس هذا التحول الجيلي إحباطًا متزايدًا تجاه المشهد السياسي الذي يبدو، بالنسبة للعديد من الشباب، منفصلًا عن واقعهم واحتياجاتهم (2021، Maina ؛ 2022م، Githinji).
الاحتجاجات مهمة لعدة أسباب:
1- التحول الجيلي: تمثل احتجاجات الجيل Z انحرافًا عن المشاركة السياسية القائمة على العرق للأجيال الأكبر سنًّا. يطالب الشباب الكينيون بنظام سياسي يتجاوز الانقسامات العرقية، مما يعكس الرغبة في بنية حكم أكثر إنصافًا وشفافية (2023، Nyakundi). ويُسلّط هذا التحول الجيلي الضوء على الأولويات المتغيرة للشباب، الذين يركِّزون بشكل متزايد على المساءلة والإصلاح بدلًا من الولاء العرقي.
2- الانفصال عن النُّخَب السياسية: تؤكد الاحتجاجات، أيضًا، الانفصال المتزايد بين النخبة السياسية والجيل الأصغر سنًّا؛ حيث يشعر العديد من الشباب الكينيين بأن النظام السياسي الحالي يفشل في معالجة مخاوفهم، مما يدفعهم إلى التعبير عن إحباطهم من خلال الاحتجاج.
إن هذا الانفصال واضح بشكل خاص في مجال التوظيف والفرص الاقتصادية؛ حيث يواجه العديد من الشباب حواجز كبيرة (2022، Ochieng).
3- التركيز على المساءلة: على عكس المشاركات السياسية التقليدية التي تدور غالبًا حول الهوية العرقية، تؤكد احتجاجات الجيل Z على قضايا الفساد وعدم المساواة والعدالة الاجتماعية. يمثل هذا التركيز تحديًا للنظام الراسخ للسياسة القائمة على العرق، ويشير إلى المطالبة بخطاب سياسي يركز على الوحدة الوطنية والإصلاح النظامي (2024، Karanja).
كما تشير الاحتجاجات التي يقودها الشباب إلى الرغبة في المشاركة السياسية التي تعطي الأولوية للمُساءَلة، وتعالج القضايا النظامية بدلًا من إدامة الانقسامات القائمة. بشكلٍ عامّ، تُوضّح احتجاجات الجيل Z تحولًا حاسمًا في السياسة الكينية؛ حيث تتحدى الأجيال الأصغر سنًّا بشكل متزايد الوضع الراهن، وتدفع نحو تغيير هادف. لا تُسلّط هذه الموجة الجديدة من السخط الضوء على الإحباطات المستمرة تجاه الحكم فحسب، بل تعكس أيضًا مطلبًا أوسع لنظام سياسي أكثر شمولًا ومساءلة.
دور وسائل التواصل الاجتماعي في التعبئة:
كانت احتجاجات الجيل Z في كينيا ملحوظة لاستخدامها الإستراتيجي لوسائل التواصل الاجتماعي كأداة قوية للتعبئة السياسية. وأصبحت منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام مساحات حاسمة للتنظيم ونشر المعلومات وتضخيم أصوات الشباب الكينيين. لقد أدخل هذا الشكل من النشاط الرقمي طريقة لامركزية للاحتجاج تتجاوز التسلسلات الهرمية التقليدية، وتسمح للحركات الشعبية باكتساب الزخم والقوة.
وقد أدَّى انتشار الهواتف الذكية والوصول إلى الإنترنت على نطاق واسع إلى تسهيل استخدام هذه المنصات، مما أتاح التواصل السريع والفعَّال بين الناشطين والجمهور الأوسع.
التعبئة اللامركزية والنشاط الشعبي:
لقد غيَّرت وسائل التواصل الاجتماعي الطريقة التي يتم بها تنظيم الاحتجاجات في كينيا من خلال تمكين نهج لامركزي للنشاط. وعلى عكس الاحتجاجات التقليدية، التي تعتمد غالبًا على القادة السياسيين أو المنظمات أو الأحزاب الراسخة، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تُمكِّن الناشطين الشعبيين من بدء وتنسيق الإجراءات مع الاعتماد بشكل ضئيل على الهياكل الهرمية. ونتيجة لذلك، يتمكَّن الشباب الكينيون من تنظيم الاحتجاجات بسرعة وبطريقة أكثر عفوية. ويشير موانغي (2021، Mwangi) إلى أن الطبيعة المرنة واللامركزية لمنصات التواصل الاجتماعي كانت فعَّالة بشكلٍ خاص في المعالجة الفورية للمظالم الاجتماعية والتحفيز السريع للعمل الجماعي.
يسمح هذا الشكل من التعبئة اللامركزية لمجموعات مختلفة بالتنظيم بشكل مستقل والتقارب حول قضايا مشتركة، مثل الفساد ووحشية الشرطة والبطالة. وإن الناشطين قادرون على تبادل المعلومات حول مواقع الاحتجاج وأوقاته والمعلومات الإستراتيجية دون المرور عبر القنوات الرسمية التي قد تُؤخّر أو تعوق جهود التعبئة. ولا يعمل هذا النهج على تسريع عملية التنظيم فحسب، بل يجعل الحركة أكثر مرونة، لأنها أقل اعتمادًا على القيادة المركزية، ويمكنها التكيُّف بسرعة مع الظروف المتغيرة.
نشر المعلومات وتوسيعها:
كان أحد الوظائف الرئيسية لوسائل التواصل الاجتماعي في احتجاجات الجيل “زد” هو دورها في نشر المعلومات وتضخيم الأصوات المُهمَّشة. لقد وفَّرت منصات مثل تويتر وفيسبوك للناشطين القدرة على الإبلاغ عن الأحداث في الوقت الفعلي، متجاوزة قنوات الوسائط التقليدية التي قد تكون مقيَّدة أو خاضعة للرقابة مِن قِبَل الحكومة. كان هذا واضحًا أثناء الاحتجاجات؛ حيث استخدم النشطاء وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة التحديثات المباشرة، وتسليط الضوء على حالات وحشية الشرطة، وكشف الفساد الحكومي. وسمحت سرعة ومدى وصول هذه المنصات للمحتجين بإبقاء تحركاتهم مرئية والحفاظ على الضغط العام على الحكومة (كينيانجوي، 2023).
وتعد القدرة على مشاركة المعلومات في الوقت الفعلي جانبًا مهمًّا آخر لدور وسائل التواصل الاجتماعي في احتجاجات الجيل زد. من خلال توفير منصة للتحديثات المباشرة والإبلاغ الفوري، وتسمح وسائل التواصل الاجتماعي للمحتجين بمشاركة تجاربهم وتوثيق الأحداث أثناء تطورها. وتتحدى هذه القدرة في الوقت الفعلي السرديات الإعلامية التقليدية، والتي قد تكون عرضة للرقابة أو التحيز. ويؤكد جيكاندي (2023) أن هذا أدى إلى زيادة الشفافية ومَكَّن الناشطين من تقديم وجهات نظر بديلة ومواجهة الروايات الحكومية الرسمية. على سبيل المثال، اكتسبت عمليات البثّ المباشر للاحتجاجات والتفاعلات مع الشرطة اهتمامًا دوليًّا، مما وضع ضغوطًا إضافية على السلطات وحشد الدعم العالمي.
كما لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا فعالًا في مكافحة المعلومات المضللة. خلال أوقات الاضطرابات السياسية، اتُّهمت وسائل الإعلام التقليدية في كينيا أحيانًا بالتحيز أو الخضوع لسيطرة الحكومة. باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للمحتجين التواصل بشكل مباشر مع منصات الجمهور، وضمان أن رسائلهم لم تُدمر أو تُكبت. ولاحظ كينيانجوي (Kinyanjui،2023) أن النشر السريع للمعلومات عبر السوشال ميديا سمح لحركة الاحتجاج بالبقاء نَشِطَة، ذات ردود حاضرة على أفعال الحكومة، محافظة على وحدة الصوت في وجه محاولة إبطال مشروعية أسبابها.
تأثير الوسوم (هاشتاق) والحملات الرقمية:
لقد برزت الوسوم كأداة قوية لتعزيز رسالة الاحتجاجات وجعلها في متناول الجمهور العالمي. فقد اكتسبت حملات مثل #EndPoliceBrutality و#YouthsAgainstCorruption قوة جذب كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث وحَّدت المتظاهرين تحت قضية مشتركة، وساعدت في زيادة الوعي بقضايا محددة. لا تعمل هذه الحملات الرقمية على حشد الدعم المحلي فحسب، بل تجذب أيضًا الانتباه الدولي، مما يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة الكينية لمعالجة المخاوف التي أثارها المحتجون.
كما تُسهّل الوسوم على المشاركين والمراقبين متابعة التطورات، ومشاركة المحتوى ذي الصلة، والمشاركة في المناقشات حول الاحتجاجات. ويتماشى هذا الشكل من النشاط الرقمي مع الاتجاهات العالمية؛ حيث يتم استخدام الوسوم والمحتوى الفيروسي بشكل متزايد لتحدّي هياكل السلطة الراسخة وخلق التضامن عبر الحدود (2012، Castells). ومن خلال تبنّي هذه الإستراتيجيات، قام الناشطون الكينيون بتضخيم أصواتهم المعارضة للنظام، وربط نضالاتهم بحركات عالمية أوسع نطاقًا من أجل العدالة والإصلاح.
الاتجاهات العالمية والتداعيات المحلية:
إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتعبئة السياسية في كينيا هو جزء من اتجاه عالمي أكبر؛ حيث تعمل المنصات الرقمية على إعادة تشكيل مشهد النشاط والمعارضة. في جميع أنحاء العالم، ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة حاسمة للمشاركة السياسية، مما يُتيح للأصوات المُهمَّشة تحدّي هياكل السلطة الراسخة وتنظيم العمل الجماعي ضد أنظمة القمع. من الربيع العربي إلى حركتي #BlackLivesMatter و#MeToo، أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي قدرتها على تضخيم القضايا وتوحيد المجموعات المتباينة والمطالبة بالعدالة والإصلاح (2012، Castells). وتعكس احتجاجات الجيل Z في كينيا هذه الأنماط العالمية؛ حيث تستفيد من المنصات الرقمية للدعوة إلى المساءلة والشفافية والتغييرات الهيكلية العميقة في الحكم.
الاتجاهات العالمية
1- تمكين الأصوات المُهمَّشة في جميع أنحاء العالم:
أصبحت منصات التواصل الاجتماعي حاسمة في نشر ورفع أصوات الفئات المُهمَّشة، مما يمنحها وصولًا غير مسبوق إلى أدوات الاتصال والتنظيم. لقد أظهرت حركات مثل #BlackLivesMatter و#MeToo قوة النشاط الرقمي؛ حيث أظهرت كيف يمكن للأفراد والمجتمعات التي تم إسكاتها أو تجاهلها ذات يوم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدفع المحادثات العالمية وحشد العمل (2017م، Tufekci). في كينيا، تنعكس هذه الديناميكية في احتجاجات الجيل Z؛ حيث يستخدم الشباب منصات مثل Twitter وFacebook لمعالجة الفساد والبطالة والظلم الاجتماعي، والمطالبة بإصلاحات ومساءلة حكومية أكبر.
2- النشاط اللامركزي:
إحدى السمات المميزة للنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي هي طبيعتها اللامركزية، والتي تسمح للحركات الشعبية بتجاوز التسلسلات الهرمية التقليدية والحواجز. وعلى الصعيد العالمي، أدَّى هذا التحول إلى تمكين الناشطين من تنظيم المعلومات ونشرها بسرعة، كما رأينا في حركات مثل (احتلوا وول ستريت) و(الربيع العربي) (2012.Kavanaugh et al).
في كينيا، استفادت احتجاجات الجيل Z على نحو مماثل من الطبيعة اللامركزية لوسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن للناشطين الشباب بَدْء الاحتجاجات وحشد المؤيدين وتنسيق الإجراءات بسرعة وكفاءة دون الاعتماد على المنظمات الرسمية أو الأحزاب السياسية، مما يجعل الحركة أكثر ديناميكية ومرونة ضد سيطرة الدولة.
الآثار المحلية:
1- بناء مواطنة أكثر اطلاعًا:
يتجاوز دور وسائل التواصل الاجتماعي دعم احتجاجات الجيل Z التعبئة؛ حيث أصبحت، أيضًا، توفر مساحة للتثقيف السياسي، وتعزيز الحوار حول القضايا الحرجة، مثل: الفساد والحوكمة والعدالة الاجتماعية. وبالنسبة للشباب الكينيين، تُوفّر منصات مثل تويتر وإنستغرام إمكانية الوصول إلى المعلومات التي غالبًا ما تكون غير متاحة أو خاضعة للرقابة في وسائل الإعلام التقليدية، مما يسمح لهم بالانخراط في مناقشات تتحدى السرديات السياسية السائدة (2023، Gikandi). ويساعد هذا الوصول في تنمية جيل أكثر اطلاعًا ووعيًا سياسيًّا، وهو أمر ضروري للمطالبة بالإصلاحات ومحاسبة القادة.
2- إعادة تشكيل المشهد السياسي:
في الأشهر الأخيرة (يونيو ويوليو وأغسطس 2024م)، شهدت كينيا زيادة في الاحتجاجات التي يقودها الشباب، والتي يقودها في المقام الأول الجيل Z. وتعكس هذه الاحتجاجات إحباطات عميقة الجذور ليس فقط تجاه سياسات محددة، ولكن تجاه الأنظمة السياسية والاقتصادية الأوسع في البلاد. وتشمل القضايا الرئيسية التي تُغذِّي السخط: الفساد، وارتفاع معدلات البطالة، والفرص المحدودة، والتي يرى العديد من الشباب الكينيين أنها مرتبطة بمشكلات نظامية طويلة الأمد.
جاءت لحظة محورية عندما دفعت هذه الاحتجاجات الرئيس ويليام روتو إلى وقف التوقيع على مشروع قانون المالية المثير للجدل 2023-2024م. وأثار مشروع القانون، الذي يهدف إلى زيادة الضرائب وفرض رسوم جديدة، احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء البلاد، وبلغت ذروتها باقتحام البرلمان في 25 يونيو الماضي. وسط تصاعد التوترات والاضطرابات واسعة النطاق، وقرَّر روتو في النهاية عدم التوقيع على مشروع القانون. وفي خطاب عام، أقر بأن الاحتجاجات تُشكّل نقطة تحوُّل حاسمة، ودعا إلى مشاركة متعددة القطاعات لمعالجة مخاوف الشباب، وإدخال تدابير التقشف للحد من الإنفاق الحكومي (brando 2024; Makhulo 2024; Muhangi 2024).
إن رفض مشروع القانون هذا، الذي تُحرّكه النشاط الشعبي والتعبئة الرقمية للشباب، يُعيد تشكيل المشهد السياسي في كينيا، مما يشير إلى التحول بعيدًا عن السياسة العرقية التقليدية نحو حوكمة أكثر شمولًا وشفافية.
حركة عالمية ذات تأثير محلي:
لا تحدث احتجاجات الجيل Z في كينيا بمعزل عن غيرها؛ فهي جزء من حركة عالمية أكبر حيث تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتعطيل هياكل السلطة التقليدية. لقد مكنت وسائل التواصل الاجتماعي الشباب الكينيين من ربط نضالاتهم بالحركات العالمية من أجل العدالة، ورسم أوجه التشابه بين مطالبهم ومطالب النشطاء في جميع أنحاء العالم. من خلال الاستفادة من نفس الأدوات والتكتيكات، مثل حملات الهاشتاج والتقارير في الوقت الفعلي والمحتوى التقني، وضع الشباب الكينيون أنفسهم في إطار عالمي من النشاط الرقمي، مؤكدين على الدعوة العالمية للعدالة والمساواة والإصلاح. ومن ثم، أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تحولًا جذريًّا في التعبئة السياسية في كينيا، من خلال ربط احتجاجات الجيل Z بالاتجاهات العالمية الأوسع للنشاط الرقمي.
إن القدرة على نشر المعلومات بسرعة، وتنظيم الاحتجاجات، وتضخيم الأصوات المُهمَّشة، قد مكنت جيلًا جديدًا من الناشطين الذين عزموا على تحدي الأنظمة السياسية الراسخة. من خلال تعزيز المواطنين الأكثر اطلاعًا، وإعادة تشكيل الخطاب السياسي في كينيا، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًّا في النضال من أجل قَدْر أكبر من الشفافية والمساءلة والإصلاح المنهجي. تُمثّل احتجاجات الجيل Z لحظة حاسمة في التطور الديمقراطي في كينيا، مما يدل على امتلاك المنصات الرقمية إمكانات إعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد بطرق عميقة ودائمة.
بناء الوعي السياسي والتأييد:
يمتد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في كينيا إلى ما هو أبعد من مجرد التعبئة؛ فقد عزَّز مستوى جديدًا من الوعي السياسي بين شباب البلاد. من خلال المشاركة في المناقشات الرقمية وتبادل الخبرات الشخصية، والمشاركة في حملات التوعية عبر الإنترنت، يكتسب الشباب الكينيون رؤى أعمق في القضايا السياسية والاجتماعية، بينما يدفعون بنشاط من أجل التغيير المنهجي. يتضح هذا التحول من خلال صعود حركات الهاشتاج والحملات الرقمية التي تعالج قضايا حرجة مثل الفساد والبطالة وإخفاقات الحكم (Mwangi،2021). وبالتالي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكانًا حاسمًا للتعليم السياسي، مما يسهل على المواطنين أن يكونوا أكثر وعيًا وصوتًا وانخراطًا.
لم تعمل منصات التواصل الاجتماعي على إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى المعلومات فحسب، بل مكَّنت الشباب أيضًا من تحدّي السرديات التقليدية التي تُروّج لها وسائل الإعلام السائدة. من خلال توفير مساحة؛ حيث يمكنهم التعبير عن مظالمهم والدعوة إلى الإصلاح، تساعد هذه المنصات في تنمية الوعي السياسي القائم على القضايا بشكل أكبر، والابتعاد عن السياسة القائمة على العرق التي هيمنت تاريخيًّا على الحياة السياسية الكينية.
التثقيف السياسي والحوار:
بالإضافة إلى التعبئة؛ تعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تعزيز التثقيف السياسي والحوار. وتوفر منصات مثل تويتر وإنستغرام وفيسبوك مساحة ينخرط فيها الشباب الكينيون في مناقشات حاسمة حول القضايا النظامية مثل الفساد والحوكمة والمساءلة. وتُستخدم هذه المنصات الرقمية ليس فقط لكشف المخالفات، ولكن أيضًا لاقتراح الحلول، مما يسمح للمستخدمين بالتفاعل مع وجهات نظر متنوعة وبناء إستراتيجيات جماعية للإصلاح. إن المحادثات التي تجري عبر الإنترنت تعمل على توسيع المشهد السياسي، مما يخلق شكلًا جديدًا من أشكال المشاركة المدنية التي تعطي الأولوية للعدالة والمساواة والشفافية على الولاءات العرقية (2023 Gikandi).
ساعد هذا الشكل من التعليم السياسي في إعادة تعريف دور الشباب في الفضاء السياسي في كينيا. فبدلًا من كونهم مراقبين سلبيين للعمليات السياسية، أصبح الشباب الكينيون الآن مشاركين نشطين يُسهمون في الخطاب حول الحكم والإصلاح. وكما يشير جيكاندي (Gikandi،2023)، فإن هذا يمثل تطورًا مهمًّا في المشاركة السياسية في كينيا، مما يمثل تحولًا من الولاءات العرقية إلى النشاط القائم على القضايا، مع التركيز على العدالة والشمول.
تحديات وقيود النشاط الرقمي:
على الرغم من قدرتها على إدارة التغيير، إلا أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي جاء في ظل تحديات موروثة؛ فقد ظل التقسيم الرقمي حاجزًا مهمًّا، فليس جميع الشباب الكينيين لديهم فرص متساوية للوصول إلى الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي من شأنه أن يَحُدّ من شمولية الحركة. فالذين يعيشون في مناطق ريفية أو في مجتمعات متدنية اقتصاديًّا، قد يجدون أنفسهم مُستبعَدين من المحاورات الرقمية التي تُشكِّل الفاعلية السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، يُشكّل انتشار المعلومات المضللة تهديدًا كبيرًا لمصداقية وفعالية النشاط الرقمي. ويمكن أن تؤدي الوتيرة السريعة لوسائل التواصل الاجتماعي، جنبًا إلى جنب مع سهولة مشاركة المعلومات غير المؤكدة، إلى اكتساب الروايات الكاذبة قوة، مما يُقوِّض الثقة في الحركة. كما تنتشر المضايقات عبر الإنترنت والتنمر الإلكتروني، مما يُثبِّط عزيمة بعض الناشطين عن المشاركة الكاملة في المناقشات عبر الإنترنت (Kinyanjui،2023).
إدارة المخاطر:
يجب معالجة هذه التحديات، من أجل تعزيز تأثير الفاعلية الرقمية؛ حيث إن جهود تجسير الانقسام الرقمي من خلال تمديد القدرة على الدخول للإنترنت وبرامج محو الأمية الرقمية، سوف تضمن مشاركة عريضة، خاصة من قِبَل المجتمعات المُهمَّشة. علاوة على ذلك فإن آليات فحص الحقائق والتعليم على السلوك المتسم بالمسؤولية على الإنترنت يمكن أن تساعد في مكافحة المعلومات المضللة والتحرش. وسوف تساعد هذه المعايير على الاستقامة والشمولية في الحركة، وتضمن أن يظل الفضاء الرقمي منتدى مثمرًا للعمل السياسي (Omanga،2022).
وخلاصة القول: إن شبكات التواصل الاجتماعي برزت كأداة قوية في احتجاجات الجيل Z في كينيا، مكَّنت الشباب من سرعة التنظيم، ونشر الحقائق والاطلاع على معلومات حديثة، والانخراط في التعليم السياسي. زوّدت هذه المنصات الشباب بوسائل لتحدي نظام الفساد الراسخ وعدم المساواة، ومكَّنتهم من تجاوز التسلسل الهرمي التقليدي، وتمكين حركة ذات قاعدة شعبية. وعلى كلٍّ، فإن قدرة وسائل التواصل الاجتماعي قيادة الفاعلية جاءت، أيضًا، بتحديات، مثل الانقسام الرقمي، المعلومات المضللة، والتحرش على الإنترنت، هذه التحديات التي يجب التعامل معها بحذر للمحافظة فاعلية الحركة وشموليتها.
وكما استمرت الفاعلية الرقمية في تشكيل المشهد السياسي الكيني، فإنه من الواضح أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أوجد منافذ جديدة للترابط المدني، ومنح الأولوية للعدالة، والشفافية، والإصلاح المنهجي. وبمعالجة محدودية الفاعلية الرقمية واستغلال قوتها، سيُعيد الشباب الكينيون تعريف المشاركة السياسية ويدفعوا بالوطن نحو مزيد من العدالة، والإنصاف، والمستقبل الشامل.
الطريق إلى الأمام: استرجاع الثقة عبر الإصلاح والشمول
تظهر أزمة الثقة الحالية في المؤسسات الديمقراطية الكينية، الحاجة الماسَّة لإجراء إصلاحات شاملة ولتغيير نحو مزيد من الشمول، والشفافية، والنظام السياسي القائم على المساءلة. وتتطلب إعادة بناء الثقة معالجة كلٍّ من الضعف المؤسسي والقضايا الثقافية والاجتماعية عميقة الجذور. وستكون هذه المنهجية متعددة الأوجه حاسمة في استعادة الثقة الشعبية في الديمقراطية الكينية.
الإصلاح الانتخابي:
1- من المهم جدًّا، تقوية الاستقلال المؤسسي لاستعادة مصداقية الانتخابات، وتعزيز الهيئات الرئيسة مثل المفوضية المستقلة للناخبين والحدود (IEBC)، وتقوية الأطر القانونية حول المفوضية للحيلولة دون التدخل السياسي، وتعزيز استقلال أعمالها بما يضمن نزاهتها وبقاءها جديرة بالثقة، وإعادة بناء الثقة الشعبية في الانتخابات المستقبلية (Muriithi،2023).
2- إن تنمية الشفافية الإجرائية في العلميات الانتخابية هي أمر حيوي للمحافظة على نزاهة الانتخابات الكينية. ويمكن لمعايير مثل التكنولوجيا المتقدمة في نقل النتائج وإتاحة إمكانية الوصول العلني للمعلومات الانتخابية، أن تَحُول دون دعاوى التزوير. كما أن الشفافية في الاقتراع وعمليات فرز الأصوات تبني الثقة وسط الناخبين وتُعزّز نزاهة النتائج (Kenya Electoral Commission،2024).
3- من الضروري فرض آليات للمساءلة وتعزيزها، لمعالجة سوء التصرفات الانتخابية السيئة. كما أن إنشاء أجسام للتحقيق في الشكاوى بما يضمن إمكانية المساءلة، من شأنه أن يردع التزوير وسوء التدخلات الانتخابية. تلك المعايير سوف تقوّي الثقة الشعبية عندما توضّح أن الانتهاكات سوف يتم التعامل معها فوريًّا وبعدالة (Mutunga،2021).
الإصلاحات الثقافية الاجتماعية:
1- تعزيز الشمولية:
يعتبر الابتعاد عن التعبئة السياسية القائمة على العِرْق، أمرًا جوهريًّا لتحقيق الوحدة الوطنية. تستطيع كينيا تقوية تماسكها الاجتماعي وتعزيز الهوية الوطنية فوق سياسات الشقاق العرقي، وذلك بإنشاء بيئة سياسية لا يعبأ المواطنون فيها بالعرقية، ويشعرون فيها بقيمتهم وتمثيلهم (Ochieng،2023).
2- توسيع التعليم المدني:
إن مبادرة توسيع التعليم المدني هي قضية جوهرية لتعزيز وجود مزيد جمهور الناخبين المطلعين، وسوف تدرِّس البرامج التعليمية مبادئ الديمقراطية، والحوكمة، والمسؤولية المدنية، وتساعد المواطنين على تجاوز الولاءات العرقية والانخراط في السياسة الموضوعية. وسيقود ذلك إلى مزيد من المشاركة السياسية الرشيدة (Gikonyo،2022).
3- جذب الشباب إلى السياسة:
ربط الأجيال الشابة بالعمل السياسي هو أمر حساس، من أجل معالجة الاستياء الشبابي المتنامي. وتشجيع انخراط الشباب في صناعة السياسة وعمليات اتخاذ القرار سوف ينفذ إلى طاقتهم وأفكارهم الجديدة، ويفتح مجالًا لاهتماماتهم ووجهات نظرهم لتشكيل مستقبل الحكم في كينيا (Kariuki،2023).
مكافحة الفساد الممنهج:
معالجة مشكلة الفساد الممنهج هي مسألة مصيرية بالنسبة لاستعادة الإيمان بالديمقراطية الكينية. يدمر الفساد الثقة الشعبية، ويُضعف المؤسسات، مما يجعل من المُلِحّ مُعالَجة هذه القضية من جذورها. كما أن إيجاد نهج متعدد المناهج يقوِّي وكالات مكافحة الفساد، ويدعم الاستقلال القضائي، وهو أمر ضروري لمكافحة الفساد المترسخ.
تقوية وكالات مكافحة الفساد:
1- بناء القدرات:
نقطة البدء في ذلك هي تنمية أجهزة مكافحة الفساد، مثل مفوضية الأخلاق ومكافحة الفساد (EACC) وإدارة التحقيقات الجنائية (DCI). ويشمل ذلك؛ ضمان التمويل الجيد، ووجود قدر كافٍ من التدريب، وتأهيلها للقيام بالتحقيقات بفعّالية ونزاهة (Wambua،2022).
2- الاستقلال التشغيلي:
تأمين الاستقلال التشغيلي لهذه الوكالات هو من الأهمية بمكان لمنع التدخل السياسي. ويجب أن يحمي الإصلاح القانوني مفوضية مكافحة الفساد (EACC) وإدارة التحقيقات الجنائية (DCI)، وتأهيلهم للقيام بالتحقيقات بدون خوف من الانتقام السياسي. فذلك سوف يُحسِّن من مصداقيتهم وفعاليتهم معالجة مشكلة الفساد. (Wambua،2022).
استقلال القضاء:
1- حماية العدالة:
العدالة المستقلة القوية هي عامل حيوي لإسناد حكم القانون. ووقاية القضاة من التأثير السياسي يضمن حكم قضاء مُنصِف في حالات الفساد. والإصلاح الذي يركز على التعيينات المبنية على الجدارة والترقي المهني للقضاة سوف يصون استقلال القضاء، ويساعد على استرجاع الإيمان الشعبي بالنظام القانوني (Omondi،2023).
2- تعزيز المساءلة القضائية:
رغم أن استقلال القضاء يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية، إلا أن المساءلة القضائية تساويه في أهميتها. والعمليات التي تتسم بالشفافية في معالجة سوء السلوك القضائي وضمان معالجة فورية وعاجلة لحالات الفساد سوف تبني الثقة في نزاهة النظام القانوني (Omondi،2023).
الشفافية والحوكمة:
1- تحسين عمليات التحصيل:
زيادة الشفافية في ممارسات التحصيل سوف تقلل من فرص الفساد في العقود الحكومية. وإن إنجاز نظام تحصيل إلكتروني ووضع سياسة لبيانات التحصيل سهلة الوصول سوف تضمن أن تلك العقود قد تم منحها بطريقة منصفة ومعتمدة على الجدارة والاستحقاق (Kibera،2021).
2- شفافية المراسلات العامة:
من الخطوات المهمة أيضًا لتقليل الفساد: جعل الإنفاق الحكومي متسمًا بالشفافية؛ حيث إن نظام الميزانية المفتوحة والتدقيق المالي الروتيني سوف يتتبع كيفية تخصيص المال، ويساعد على ضمان استخدام الموارد بفاعلية وأمانة (Kibera،2021).
استغلال طاقة الجيل Z
يشير ارتفاع احتجاجات جيل Z في كينيا إلى تحول أجيال في العمل السياسي. ويطالب هذا الجيل الشاب بالمساءلة، والشفافية، والشمولية، ويجب أن يتم تصريف طاقتهم بصورة بنّاءة لقيادة إصلاح ذي معنى وجدوى.
دعم المبادرات التي يقودها الشباب
1- تمكين حركات الشباب:
إن توفير الدعم للمبادرات التي يقودها الشباب هو أمر حاسم، إذا تم توفير الاستشارات، والمنصات، والموارد، فإن الحركات الشبابية سوف تُصعِّد تأثيرها ومساهمتها إلى تغيير اجتماعي واجتماعي ذي معنى وجدوى (Ngugi،2023).
2- خلق فرص للمشاركة:
فتح مجالات يتمكن فيها الشباب من المشاركة في الحكم، مثل مجالس الشباب أو اللجان الاستشارية، بما يكفل أن يكون صوتهم مسموعًا في عمليات اتخاذ القرار. وذلك سيؤدي إلى دمج اهتماماتهم داخل الحوارات السياسية (Ngugi،2023).
توحيد وجهات نظر الشباب
1- تضمين السياسة:
إن دمج وجهات نظر الشباب داخل صناعة القرارات السياسية يُعدّ أمرًا جوهريًّا بالنسبة لنظام حكم يحظى بالقبول والجماهيرية. وإن كفالة تمثيل وجهات نظر الشباب سوف يشجّع الحكومة على مزيد من التناغم مع احتياجاتهم وطموحاتهم (Kilonzo،2022).
2- الدور الاستشاري للشباب:
تعيين ممثلي الشباب في الوظائف الحكومية الرئيسة سوف يساعد على تجسير الهوة بين المواطنين الشباب وصُنّاع السياسة، ويضمن أن اهتمامات الشباب قد تم دمجها بفاعلية داخل القرارات السياسية (Kilonzo،2022).
تشجيع الابتكار في المجال السياسي:
1- ترقية الأدوات الرقمية:
من خلال ترقية الأدوات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي لاستخدامات صحيحة يمكن أن نُحسِّن من انخراط الجيل Z في العمل. من خلال دعم ابتكار أساليب رقمية يمكن معالجة التحديات المنهجية وجعل المشاركة السياسية أكثر سهولة بالنسبة للأجيال الشابة (Mutiso،2024).
2- تشجيع ابتكار الحلول:
بتشجيع ابتكار الحلول للتحديات السياسية والاجتماعية، يمكن للشباب اقتراح إصلاحات لمعالجة الفساد، وقضايا الحوكمة، والشفافية، من خلال التكنولوجيا المدنية وتنظيم المشروعات (Mutiso،2024).
يتطلّب استرجاع الثقة في الديمقراطية الكينية مناهج شاملة لمعالجة الضعف المؤسسي والانقسام الاجتماعي الثقافي. ويُعتبر الإصلاح الانتخابي، وتحسين الشفافية، والالتزام بمحاربة الفساد، وتضمين انخراط الشباب في العمل، عناصر مفتاحية بالنسبة لهذه الإستراتيجية. إذا تمت معالجة هذه المنطقة بفاعلية، يمكن لكينيا أن تُعيد بناء الثقة الشعبية، وإنشاء نظام سياسي يتسم بالمسؤولية، والعمل من أجل مزيد من العدالة والمساواة المجتمعية لجميع المواطنين.
الخلاصة:
تمرُّ كينيا بلحظة محورية في رحلتها الديمقراطية، تُواجه فيها تحديات عميقة تُهدِّد استقرارها وسلامة ديمقراطيتها. وإن تآكل الثقة في المؤسسات الديمقراطية الكينية، الذي يُغذّيه الفساد المستمر، والسياسات القائمة على العرق، والموروثات التاريخية، يُمثّل خطرًا جديًّا على مستقبل البلاد. كما أن الضعف الذي كشفت عنه انتخابات 2017م و2022م، إذا قرنّاه بالاندفاع الأخير لاحتجاجات جيل Z، يُلقي الضوء على الحاجة الماسّة للإصلاح الشامل.
أدت دائرة الفساد والتلاعب السياسي المبني على العِرْق، إلى تقويض عميق للثقة في نظام كينيا السياسي. كما أن دعاوى التزييف الانتخابي، والدور المتفشّي للسياسات المبنية على العِرْق في الانتخابات الأخيرة، تسبَّبت في تفاقم مشاعر حرمان الحقوق بين المواطنين، خاصةً بين أجيال الشابة. وإن احتجاجات الجيل Z المدفوعة بالإحباطات الناجمة عن الفساد الممنهج والبطالة والإقصاء، تمثّل نقلة كبيرة في العمل السياسي، تعكس قوة مطلب التغيير المنهجي.
وتتطلب معالجة تلك التحديات أساليب متعددة الأوجه، ويجب في الإصلاح المؤسسي إعطاء الأولوية لتعزيز الاستقلال والشفافية بالنسبة للمفوضية المستقلة للانتخابات والحدود (IEBC) لضمان انتخابات تتسم بالإنصاف والمصداقية. بالإضافة إلى ذلك تعتبر مكافحة الفساد عبر اتخاذ تدابير قوية، وحراسة استقلال القضاء، وزيادة الشفافية في الحكم العام، خطوات أساسية نحو بناء الثقة.
في نفس الوقت تحتاج كينيا إلى تحول ثقافي لتجاوز السياسات المبنية على العرق، وتعزيز بيئة سياسية أكثر شمولًا. وتتضمن هذه النقلة الثقافية؛ إعلاء الوحدة الوطنية فوق الانقسام العرقي، وإعطاء أولوية الرعاية للمحاسبة والمساءلة السياسية. ومن العناصر الحاسمة في هذه النقلة: التعليم المدني والانخراط النشط للشباب في العمل، مثل أن يساعدوا على صقل تماسك الهوية القومية، ويشجعوا المشاركة ذات المغزى في العمليات الديمقراطية.
رسمت احتجاجات الجيل Z لحظة تحوُّل في المشهد السياسي الكيني. وأشارت هذه الاحتجاجات إلى مطالبة الجيل الجديد بنظام سياسي أكثر عدالة وإنصافًا، يتجاوز الحدود العرقية، ويعالج احتياجات جميع المواطنين. وإن شحذ طاقة الشباب وتقدير وجهات نظرهم يمكن أن يدفع بإصلاحات مهمة، ويسهم في مزيد من الشفافية والديمقراطية الشاملة.
وأخيرًا، يعتمد مستقبل الديمقراطية الكينية على قدرتها على استرجاع الثقة في مؤسساتها ومعالجة الأسباب الجذرية للاستياء الشعبي. ورغم أن هذه المهمة كبيرة، ولكنها حاسمة بالنسبة لتأسيس نظام سياسي يعكس بصدق طموحات جميع الكينيين، ويكفل الاستقرار، والإنصاف، والمستقبل العادل.
………………………………………………….
*– نُشرت هذه الدراسة بتاريخ: October 2024، على موقع: https://www.researchgate.net/
* أستاذة مُحاضِرة بكلية علم الاجتماع، الجامعة الأسقفية الغريغورية في روما، إيطاليا.
* جيل زد (Gen Z)، حرف (Z) هو الحرف الأخير في الأبجدية الإنجليزية، في إشارة إلى أن الجيل الذي يقود الاحتجاجات الأخيرة في كينيا هو أصغر الأجيال في المجتمع الكيني (من المترجم).
المصادر:
- Barkan، D. (2008). Kenya: Toward a New Constitutional Order. In Political Reform in Africa: Democracy and Governance (pp. 149-166). Lynne Rienner Publishers.
- Bayart،-F. (1993). The State in Africa: The Politics of the Belly. Longman.
- 2024. ‘Kenya: la protesta della Gen Z punta in alto’. Nigrizia. Retrieved 1 July 2024 (https://www.nigrizia.it/notizia/kenya-protesta-della-gen-z-punta-alto).
- Castells، (2012). Networks of Outrage and Hope: Social Movements in the Internet Age. John Wiley & Sons.
- Cheeseman، (2015). African Elections: Electoral Politics in Africa since 1990. Zed Books. ______. (2018). The Politics of the Kenya Elections: A Comparative Analysis. Cambridge University Press.
- Ekeh، P. (1975). Colonialism and the Two Publics in Africa: A Theoretical Statement. Comparative Studies in Society and History، 17(1)، 91-112.
- Gikandi، (2023). Social Media and Political Consciousness in Kenya: The Role of Digital Platforms in Youth Mobilization. Nairobi: University of Nairobi Press.
- Gikandi، (2023). Digital Activism and Political Change: The Role of Social Media in Kenya’s Gen Z Protests. Journal of African Media Studies، 15(2)، 104-120.
- Gikandi، (2023). Political Consciousness in the Digital Age: The Role of Social Media in Kenya’s Gen Z Protests. Journal of Digital Activism، 8(1)، 22-37.
- Gikonyo، (2022). Civic Education and National Identity: Bridging Ethnic Divides in Kenya. Journal of East African Studies، 16(2)، 45-60.
- Githinji، (2022). Youth Movements and Political Change in Kenya: An Analysis of Gen Z Protests. East African Journal of Social Sciences، 8(1)، 45-63.
- Höglund، (2009). Electoral Violence in Kenya: An Analysis of the 2007 Elections. In The Politics of Violence in Africa (pp. 118-142). Palgrave Macmillan.
- Kanyinga، (2017). The Politics of Ethnicity and Democracy in Kenya: A Case Study of the 2017 Elections. Journal of Eastern African Studies، 11(2)، 229-245.
- Karanja، (2024). Reclaiming the Public Sphere: The Role of Youth in Kenyan Political Reforms. Journal of Contemporary African Studies، 12(2)، 95-113.
- Kariuki، (2023). Engaging Kenya’s Youth: New Strategies for Political Inclusion. Journal of Youth and Politics، 5(1)، 42-58.
- Kavanaugh،، et al. (2012). Social Media and Political Mobilization: A Global Perspective. International Journal of Communication، 6، 1593-1608.
- (2012). Social Media Use by Government: From the Routine to the Critical. Government Information Quarterly، 29(4)، 480-491.
- Kenya Electoral Commission. (2024). Report on Electoral Reforms and Transparency. Nairobi: Government Printing Office.
- (2024). Report on Electoral Transparency and Technology Adoption. Nairobi: Kenya Electoral Commission.
- Kibera، (2021). Transparency in Government Procurement Processes in Kenya. Journal of Public Administration، 13(2)، 60-77.
- Kibera، (2021). Public Spending Transparency and Governance in Kenya. Journal of African Policy Studies، 6(3)، 112-124.
- Kilonzo، (2022). Youth Perspectives and Policy Making in Kenya: A New Frontier. East African Policy Review، 13(3)، 65-79.
- Kilonzo، (2022). Integrating Youth Perspectives into Policy-Making in Kenya. African Journal of Policy Studies، 19(4)، 100-115.
- Kinyanjui، (2023). The Digital Divide: Social Media and Political Mobilization in Kenya. African Journal of Communication، 9(1)، 56-73.
- (2023). Digital Activism and Political Engagement in Kenya: The Role of Social Media. Journal of Social Media Studies، 5(2)، 15-29.
- (2023). Social Media and Political Mobilization in Kenya: A New Era of Activism. African Communication Research، 18(1)، 45-63.
- Lynch، (2019). Kenya: The Struggle for Democracy. Palgrave Macmillan.
- Maina، (2021). Generational Shifts and Political Participation: Understanding the New Wave of Youth Activism in Kenya. African Political Review، 7(3)، 67-82.
- Makhulo، 2024. ‘Taking Charge: Gen Z Leads Historic Protests in Kenya’.
- Mamdani، (2009). Saviors and Survivors: Darfur، Politics، and the War on Terror. Pantheon Books.
- Mazrui، A. (1986). The Political Sociology of the African State. Heinemann Educational Books.
- Muhangi، 2024. ‘Kenya’s President Sends Back Controversial Tax Hike Bill That Sparked Widespread Deadly Protests’. June 26.
- Muriithi، (2023). Electoral Reforms and Institutional Independence in Kenya. African Law Review، 10(4)، 78-91.
- Muriithi، (2023). Institutional Independence and Electoral Integrity: Lessons from Kenya. Journal of African Politics، 14(2)، 89-102.
- Mutiso، (2024). Digital Innovation and Political Engagement Among Kenyan Youth. Nairobi: TechGov Press.
- Mutiso، (2024). Political Innovation and Gen Z: Reimagining Governance in Kenya. Journal of Political Innovation، 7(1)، 20-34.
- Mutua، (2008). Kenya’s Quest for Democracy: Taming Leviathan. Lynne Rienner Publishers.
- Mutunga، (2021). Accountability Mechanisms in Kenyan Electoral Processes: Lessons and Recommendations. East African Law Journal، 8(4)، 25-42.
- Mwangi، (2021). The Evolution of Political Mobilization in Kenya: Social Media and Youth Activism. East African Journal of Political Science، 12(3)، 45-62.
- Mwangi، (2021). Youth Activism and Social Media in Kenya: A New Era of Political Engagement. East African Journal of Political Science، 12(4)، 88-101.
- Nabongo، (2022). Electoral Integrity and Public Confidence: The Case of the IEBC. Kenyan Governance Review، 16(2)، 91-110.
- Nabongo، (2022). Corruption and Electoral Integrity: The Case of Kenya’s IEBC. African Governance Review، 14(1)، 88-102.
- Ngugi، (2023). Harnessing Youth Energy: The Future of Political Engagement in Kenya. Journal of Social Change، 12(4)، 112-126.
- Ngugi، (2023). Supporting Youth-Led Movements for Political Change in Kenya. Journal of Youth and Society، 22(2)، 30-47.
- Nyakundi، (2023). The Dynamics of Youth Protests in Kenya: From Ethnic Politics to Generational Change. Journal of African Development Studies، 16(4)، 134-150.
- Ochieng، (2023). Promoting Inclusivity in Kenyan Politics: Beyond Ethnic Mobilization. African Journal of Political Science، 20(2)، 75-90.
- Ochieng، (2022). Economic Discontent and Youth Activism in Kenya: A Study of Employment and Opportunity Challenges. Kenyan Economic Journal، 11(2)، 78-94.
- Ochieng، (2023). Ethnicity and Inclusivity in Kenyan Politics. African Sociological Review، 19(1)، 12-28.
- (2023). Inclusive Politics and National Unity: Moving Beyond Ethnic Divisions. African Political Studies، 15(1)، 77-92.
- Ochieng، R.، & Ogot، B. A. (Eds.). (1995). Decolonization and Independence in Kenya، 1940-93. East African Educational Publishers.
- Omanga، (2022). Social Media and Grassroots Mobilization: A Study of Recent Protests in Kenya. African Journal of Political Communication، 17(4)، 55-73.
- Omollo، (2023). Kenya’s 2022 Election and the Persistence of Corruption: An Analysis of Electoral Integrity. Journal of African Politics، 31(2)، 110-126.
- Omondi، (2023). Judicial Independence and the Rule of Law in Kenya. Kenyan Law Review، 17(3)، 85-102.
- Omondi، (2023). Judicial Independence and Corruption in Kenya: Challenges and Solutions. Nairobi: University of Nairobi Law Press.
- Tufekci، (2017). Twitter and Tear Gas: The Power and Fragility of Networked Protest. Yale University Press.
- Wambua، (2022). Corruption and Institutional Weaknesses in Kenya’s Anti-Corruption Framework. Policy Studies Journal، 5(2)، 66-81.
- Wambua، (2022). Strengthening Anti-Corruption Agencies in Kenya. Journal of African Governance، 12(2)، 45-61.