نشرت مؤسسة “روزا لكسمبورج” البحثية الألمانية مقال رأي بقلم “Ndumba J. Kamwanyah”، وهو مُحاضر في قسم العلوم الإنسانية بجامعة ناميبيا في ويندهوك، والذي طرح في مقاله تساؤلًا حول مستقبل حزب “سوابو” الحاكم الذي ظل متربعًا على السلطة في ناميبيا على مدار عقود، وإمكانية أن تحلّ المعارضة محل الحزب الحاكم، للمرة الأولى، في واحدةٍ من أكثر الانتخابات إثارةً للاهتمام في القارة خلال العام الجاري. ومن المُنتظر أن يعكس المناخ التنافسي لهذه الانتخابات مدى سلامة التطور الطبيعي لمناخ سياسي متعدّد الأحزاب.
بقلم: ندومبا ج. كاموانيا
ترجمة وتقديم: شيرين ماهر
منذ استقلالها عن جنوب إفريقيا في عام 1990م، شرعت ناميبيا في اتخاذ مسار يتميّز بالاستقرار السياسي والحكم الديمقراطي. وقد هيمنت المنظمة الشعبية لجنوب غرب إفريقيا (سوابو)، الحزب الحاكم وحركة التحرير السابقة، على المشهد السياسي وصاغت مبادئه. ومع ذلك، ومع الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة في 27 نوفمبر 2024م، تقف ناميبيا عند مفترق طرق؛ حيث تتبادر أسئلة تتعلق بالحكم والاستقرار الاقتصادي وعدم المساواة والعدالة الاجتماعية.
على طريق الاستقلال:
يتميز تاريخ ناميبيا السياسي بالنضال من أجل الاستقلال، والذي اتسم بالدور القيادي الذي لعبته منظمة “سوابو” في تحقيق التحرير الوطني من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وقد اتسم النضال المسلح طويل الأمد بإحساس قويّ بالوحدة الوطنية، والالتزام المشترك بإنهاء نظام الفصل العنصري.
في الأيام الأولى للاستقلال؛ أسَّست منظمة “سوابو” نظامًا حزبيًّا مؤثرًا لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا. في البداية، كان يُنظَر إلى هيمنة الحزب باعتبارها عامل استقرار في تعزيز الديمقراطية في ناميبيا. في السنوات الأولى من الاستقلال، كان التركيز السياسي على التعامل مع الإرث الاستعماري، والتفاوت الاقتصادي، والفصل العنصري، والبنية الأساسية المتهالكة. لقد ركزت الحكومة التي تقودها منظمة “سوابو” على المُصالحة، وتمكين المجتمعات المحرومة اقتصاديًّا، وتأسيس دولة ديمقراطية.
كما استمر المشهد السياسي في التطور، وظهرت أحزاب جديدة، وكانت هناك دعوات متزايدة للشفافية والمساءلة في مواجهة الاستياء المتزايد من حكم منظمة “سوابو”، الذي لم يُعالِج الفساد وسوء الإدارة وعدم المساواة في إتاحة الفرص بشكلٍ كافٍ. لقد أرادت الأحزاب الجديدة تحدّي سلطة منظمة “سوابو”، وتقديم نموذج بديل للقيادة وإدارة الحُكم.
ورغم أن الديمقراطية في ناميبيا ظلت مستقرة، إلا أن وتيرة تشابُك التحديات وتعقيدها تزايدت. فقد أدَّى التحول من الجيل المؤسِّس إلى النخبة السياسية الجديدة، بالتبعية، إلى خلق تحوُّلات في الأولويات وأساليب القيادة. علاوةً على ذلك، فقد أثَّرت الاتجاهات الإقليمية والعالمية على الوضع الاجتماعي والسياسي، بما في ذلك الاقتصاد العالمي، والشعبوية المتنامية، والأهمية المتزايدة لوسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيراتها على الرأي العام.
علاوةً على ذلك، أخذت تعمل أحزاب مثل: الحركة الديمقراطية الشعبية (PDM)، وحركة شعب بلا أرض (LPM)، وحزب الوطنيين المستقلين من أجل التغيير (IPC)، وحزب إعادة التموضع الإيجابي (AR)، وغيرها من الكيانات والتحالفات على توفير زخم جديد. راحت هذه الأحزاب تتحدَّى هيمنة حزب “سوابو”، وتُشكّك في سياسات الحكم والاقتصاد والمساواة بين الجنسين. وبالتالي، تُمثّل انتخابات هذا العام لحظة حاسمة في مسيرة التنمية الديمقراطية في ناميبيا.
الأزمة الاقتصادية والفساد:
في السنوات الأخيرة، حدثت تطورات سياسية واجتماعية مؤثرة في ناميبيا؛ فلقد تضرَّر الاقتصاد، الذي يعتمد، بشكل كبير، على صناعات التعدين وغيرها من المواد الخام، بشدة؛ نظرًا للركود العالمي، ممَّا أدّى إلى انخفاض الإيرادات وتزايد معدلات البطالة، وارتفع الدّين العام. بالإضافة إلى ذلك، فرضت جائحة كورونا ضغوطًا على الاقتصاد؛ وتغلغل العجز في أنظمة التعليم والصحة، واتسعت هوة التفاوتات القائمة بالفعل عن ذي قبل. ففي عام 2021م، بلغ معدل البطالة 33.4 في المائة، وتجاوزت نسبة البطالة بين الشباب 46 في المائة. كما أدى الركود العالمي، الناجم عن عوامل خارجية مثل التقلبات في أسعار السلع الأساسية، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، إلى تراجع معدلات التنمية. وبالتزامن مع الجائحة والركود الاقتصادي العالمي، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في ناميبيا بنسبة 8.5 في المائة في عام 2020م. وبفضل ارتفاع إنتاج قطاع التعدين، وخاصة الماس واليورانيوم، كان هناك انتعاش طفيف في عام 2023م، مع نموّ في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة، على الرغم من أن تلك الزيادة كانت لا تزال أقل من مستويات ما قبل الأزمة.
وبخلاف التحديات الاقتصادية، كانت هناك أيضًا العديد من الفضائح التي هزَّت ثقة الجمهور في الساسة ومؤسسات الدولة. من بين هذه الفضائح: فضيحة فيشروت، وهي مؤامرة تورَّط فيها مسؤولون رفيعو المستوى ورجال أعمال اختلسوا ملايين الدولارات الأمريكية من صناعة صيد الأسماك في البلاد. وكان الفساد المستشري واضحًا وضوح الشمس. كما أبرزت هشاشة الهياكل الحكومية أمام الفساد مدى الحاجة المُلِحَّة إلى الشفافية وتعزيز الضوابط والتوازنات.
وقد أدى عدم الرضا عن أداء الحكومة إلى اندلاع احتجاجات حاشدة ودعوات إلى الإصلاح. وحشدت حركة شعب بلا أرض وحزب إعادة التموضع الإيجابي وغيرهما من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التجمعات والكيانات المحلية للمطالبة بإصلاح الأراضي وتحسين الخدمات الاجتماعية وزيادة الفرص الاقتصادية للشباب.
وقد أدَّى حراك وتفاعُل وسائل التواصل الاجتماعي إلى تعزيز هذه الأصوات وزيادة الضغوط على صُناع القرار السياسي لمعالجة مخاوف المواطنين. كما أثرت هذه التطورات على إستراتيجيات كلٍّ من الحكومة والمعارضة، الأمر الذي أدَّى إلى قبول حزب “سوابو” التحدّي ودَفعه إلى أن يحاول تقديم نفسه باعتباره حزب الاستقرار والاستمرارية. وعلى صعيد آخر، تسعى أحزاب المعارضة إلى تقديم نفسها كـ”دُعاة”
للتغيير، ويطالبون بالانفصال عن الماضي، ويقدّمون وعودًا بحُكم أكثر شمولًا وشفافية.
قوة حزب “سوابو”:
على الرغم من ديمقراطية التعددية الحزبية في البلاد، إلا أن الانتخابات الأخيرة كانت أُحادية الجانب. لقد تمكَّن حزب “سوابو” من ترسيخ نفسه، بينما تراجع الدعم لأحزاب المعارضة، التي غالبًا ما تكون منقسمة على أُسُس عرقية وإقليمية.
في عام 1994م، حصل حزب “سوابو” على أغلبية الثلثين في الانتخابات البرلمانية؛ وفي عام 2014م تمكَّن من تأكيد هيمنته بحصوله على نحو 80 في المائة من الأصوات. لقد حقَّق الرئيس “حاجي جينجوب”، الذي تُوفِّي في فبراير من هذا العام، رقمًا قياسيًّا بلغ 87 في المائة من الأصوات في ذلك الوقت، وهو أحد أعلى الأرقام على الإطلاق التي حصدها مرشح رئاسي؛ إذ تمتع “جينجوب” بقبول واسع النطاق؛ نظرًا لزعامته للجمعية التأسيسية التي صاغت الدستور الناميبي، فضلًا عن سُمعته كرجل تكنوقراطي يتمتع بالنفوذ، والتي اكتسبها باعتباره أول رئيس وزراء لناميبيا الديمقراطية.
ويُعزَى نجاح منظمة “سوابو” إلى نشأتها في حركة الاستقلال، التي يُنسَب إليها الفضل في تحرير ناميبيا. ولا تزال أهميتها التاريخية ودورها في التحرير من العوامل التي تصوغ السياسة الناميبية. ولكن الآن أصبحت الحقائق الأكثر حداثة ووضوح مثل البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم الرضا الشعبي عن أداء الحكومة وفضائح الفساد، فضلًا عن قضايا إصلاح الأراضي والمرافق العامة، هي التي تؤثر على مشاعر وتوجهات الناخبين.
ونتيجة لذلك، يُواجه حزب “سوابو” انتقادات متزايدة من أحزاب المعارضة. وقد استغلت هذه الأحزاب حالة السخط الشعبي، وراحت تشنّ حملات من أجل المزيد من الشفافية والإصلاحات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. ورغم بقاء حزب “سوابو” في الحكومة بعد انتخابات عام 2019م، إلا أن النتائج كانت بمثابة تحوُّل في دفَّة السلطة. فقد أُعِيد انتخاب مرشح الحزب الرئاسي بنسبة 56% فقط من الأصوات، بينما حصل الحزب على 65%؛ وهو بمنزلة انخفاض ملحوظ مقارنة بالنجاحات الانتخابية السابقة في تاريخ الحزب الحاكم.
كما خسر حزب “سوابو” أغلبية الثلثين التي كان يتمتع بها في البرلمان منذ عام 1994م. وانخفض الدعم في الانتخابات الإقليمية من 83٪ في عام 2015م إلى 57٪ في عام 2020م، ومن 73٪ إلى 40٪ في الانتخابات المحلية. وخسر حزب “سوابو” السيطرة على مناطق رئيسية مثل منطقتي “هارداب” و”أو كاراس” الجنوبيتين، و”إيرونجو” ومنطقة “كونيني” الشمالية الغربية لأول مرة. واكتسبت أحزاب المعارضة مثل حركة “شعب بلا أرض”، وحزب “الوطنيين المستقلين من أجل التغيير” السلطة، بينما خسر حزب “سوابو” نفوذه حتى في معاقله الشمالية. وذهبت المراكز الحضرية الكبرى مثل “والفيس باي” و”سواكوبموند” و”ويندهوك” إلى المعارضة، مما كشف عن الفجوة المتزايدة بين الحزب الحاكم والناخبين الحضريين.
ويعكس انهيار هيمنة حزب “سوابو” استياءً متزايدًا، وخاصة بين الناخبين الحضريين والشباب، الذين يشعرون بالإحباط من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب والفساد والحكومة المتقدمة في السن. ويشعر كثير من المواطنين بأن ناميبيا فشلت في تحقيق الرخاء والحرية التي وعدت بها ذات يوم، وخاصة للأجيال الأصغر سنًّا، منذ الاستقلال.
لقد كان طول فترة حكم منظمة “سوابو” وبقاؤها في السلطة ميزة ومسؤولية في الوقت نفسه. فقد ضمنت جذورها العميقة في النضال من أجل الحرية ودورها القيادي في تشكيل الاستقلال الولاء لها، وخاصةً بين الناخبين الأكبر سنًّا وفي المجتمعات الريفية. ولكنّ مكوثها الطويل في السلطة جلب لها أيضًا انتقادات جراء الثقة الزائدة بالنفس، وشيوع الفساد، والجهل بمخاوف واحتياجات الشباب.
لقد تطورت أيديولوجية منظمة “سوابو” بمرور الوقت. فقد تأسست كحركة استقلال اشتراكية ذات توجُّه يساري واضح. ولكن في حين احتفظت بخطاب يساري محدَّد، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الرعاية الاجتماعية أو معالجة الظلم التاريخي، فإن نهجها العملي في الأداء الحكومي، وخاصةً فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، أصبح أقرب إلى المواقف البرجوازية أو مواقف يمين الوسط. ويعكس هذا التحوُّل تكيُّفها مع العراقيل القيادية التي يَفرضها الاقتصاد الحديث الموجَّه نحو السوق.
لقد أعادت الحركة الديمقراطية الشعبية (PDM) تموضعها كحزب حديث ومعتدل يجذب الناخبين في المناطق الحضرية والشباب، في حين تركزت حركة شعب بلا أرض (LPM) على إصلاح الأراضي والعدالة الاجتماعية، وخاصة في المناطق التي يكون فيها التفاوت في توزيع الأراضي صارخًا. وقد وضع حزب الوطنيين المستقلين من أجل التغيير (IPC)، بقيادة الدكتور “باندوليني إيتولا”، نفسه كبديل، وفاز بدعم أعضاء منظمة “سوابو” المُحبَطين.
ثِقَل وأهمية الناخبين الشباب:
إن أحد أهم العوامل التي قد تُغيِّر المشهد السياسي في ناميبيا هو صوت الشباب. فأكثر من 60% من سكان ناميبيا هم دون سن الثلاثين. وكما أعلنت اللجنة الانتخابية الناميبية مؤخرًا، فإن أغلبية الناخبين المسجلين (900 ألف من أصل 1.4 مليون) وُلِدُوا بين عامي 1982 و1996م. وخاصة في المدن، وتشعر هذه الفئة السكانية بخيبة أمل إزاء الحزب الحاكم، الذي يُواجه نظرات الاتهام بالفساد، بسبب ارتفاع معدلات البطالة باستمرار ونقص فرص العمل.
بالنسبة للعديد من الشباب الناميبيين، ظلت وعود الرخاء بعد الاستقلال مُعلَّقة دون تحقيق. وقد انعكس هذا الإحباط في الاحتجاجات والحركات والأحزاب مثل حزب إعادة التموضع الإيجابي، وحركة شعب بلا أرض، وحزب “مقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية الناميبية”، التي حشدت الشباب بشأن قضايا الإصلاح الزراعي والمساواة. وبفضل هذه الحركات، تغيَّر الانخراط السياسي؛ حيث تحوَّل الشباب إلى مساحات غير تقليدية لإيصال مخاوفهم.
إن أصوات الشباب قادرة على تغيير موازين القوى، بشكل كبير، في انتخابات السابع والعشرين من نوفمبر؛ حيث إن الشباب المنخرطين سياسيًّا والمتحمسين قادرون على تقويض الهيمنة التقليدية لحزب “سوابو”، وخلق بيئة سياسية أكثر ديناميكية وتنافسية.
التشكيك في نمط القيادة الحالي:
لقد جرى تحديد تاريخ ناميبيا السياسي، بقدر كبير، مِن قِبَل الرجال. لقد تحدَّت المرشحات لانتخابات عام 2024م مثل؛ نوتامبو ناندي ندايتواه (حزب “سوابو”)، و “آلي أنجولا” و “روزا ناميسيس” (كلتاهما مستقلتان) هياكل ما يصفنه بالسلطة الأبوية علنًا، وتحدين التوقعات المجتمعية للقيادة وأدوار الجنسين. وعلى الرغم من أن “أنجولا” و”ناميسيس” لم تَعُدا في السباق؛ لأنهما لم تتمكنا من استيفاء متطلبات التوقيعات الخاصة بمفوضية الانتخابات، إلا أن جهودهما لا تزال مهمة. لقد حفَّزت حملاتهما النساء على الانخراط في السياسة وممارسة الضغط على الأحزاب السياسية لإعادة هيكلة قيادات الحزب ودفع المزيد من النساء إلى مناصب صُنع القرار.
بالإضافة إلى ذلك، تميل المرشحات الرئاسيات إلى الدفاع عن قضايا المرأة والمجموعات المهمَّشة. ويظل العنف القائم تجاه النوع الاجتماعي مشكلة رئيسية في ناميبيا؛ حيث يحتل مرتبة عالية باستمرار في التصنيف العالمي للهجمات العنيفة ضد النساء. ومن المرجَّح أيضًا أن تكون المرشحات أكثر صراحةً بشأن تحسين فرص الحصول على الرعاية الصحية للنساء، والتحديات الاقتصادية التي تُواجه النساء، مثل عدم المساواة في الأجور والافتقار إلى الدعم لبدء الأعمال التجارية.
لقد أدَّى وجود أصوات نسائية قوية، بما في ذلك أولئك الذين لم يعودوا في السباق، إلى دفع المرشحين إلى تضمين قضايا حساسة تتعلق بالنوع الاجتماعي في برامجهم الانتخابية. على سبيل المثال، أدخل حزب “سوابو” منذ فترة طويلة مسألة التكافؤ بين الجنسين، مما يضمن تمثيل الرجال والنساء على قدم المساواة في الهياكل الحزبية. وبما أن نائبة الرئيس الحالية، نوتامبو ناندي ندايتواه، هي أيضًا المرشحة الرئاسية الحالية لحزب “سوابو”، ربما تنتخب البلاد رئيسة دولة، لأول مرة. كما استخدمت “روزا ناميسس” حملتها لوضع قضايا مثل العنف القائم ضد النوع الاجتماعي والعدالة الاجتماعية على جدول الأعمال. وسعت “آلي أنجولا”، التي تُركّز على التنمية الاقتصادية، وتدعو إلى دعم الدخل الشامل، إلى الحدّ من الحرمان الذي تعاني منه النساء والفئات السكانية المُهمَّشة، وبالتالي تغيير السياسة الاقتصادية.
تُظهِر هذه المواقف أن قضايا النوع الاجتماعي والسياسة الاجتماعية تلعب دورًا أكبر في الانتخابات الحالية. لقد خرج بعض المرشحين بالفعل من السباق، لكنَّ تأثيرهم على السرديات السياسية لا يزال قويًّا. ومن المرجح أن يضطر حزب “سوابو” والحركة الديمقراطية الشعبية والأحزاب الأخرى إلى توسيع نطاق برامجها. وقد يؤدي هذا إلى زيادة الاهتمام بأهداف التنمية المستدامة، وخاصة تلك المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والحد من الفقر.
المرشحون المستقلون:
كان صعود المرشحين المستقلين مثل: “باندوليني إيتولا” بمثابة تحوُّل في السياسة الناميبية في عام 2019م، وأثبت أن المستقلين قادرون على تحدّي قبضة حزب “سوابو” على السلطة منذ فترة طويلة. ولكن، هذه المرة يُمنع المرشحون الرئاسيون المستقلون من الترشح؛ لأنهم لم يتمكنوا من تلبية المبادئ التوجيهية الصارمة للجنة الانتخابية بالحصول على توقيعات من جميع المناطق الأربع عشرة. يَحُدّ هذا التطور من خيارات الناخبين لأولئك المرشحين الذين ينتمون إلى أحزاب سياسية ولديهم موارد كبيرة.
غالبًا ما تركز حملات المرشحين المستقلين على القضايا الشعبية مثل؛ مكافحة الفساد أو البطالة أو سوء الإدارة. في حال حصولهم أو الأحزاب الأصغر على المزيد من الأصوات، يمكن تشكيل حكومة ائتلافية لأول مرة. ومن شأن ذلك أن يُتيح نظامًا سياسيًّا أكثر توازنًا، ومِن ثَم تُؤخَذ وجهات نظر الأحزاب المختلفة المستقلة والأصغر في الاعتبار في عملية صنع القرار.
كما ذكرنا، يتعين على المرشحين المستقلين التغلُّب على عقبات كبيرة. على سبيل المثال، يجب أن يحصل كل مرشح رئاسي مستقل على 500 توقيع، على أقل تقدير، من كل منطقة من مناطق ناميبيا الـ14، بإجمالي 7000 توقيع. وبالمقارنة، يحتاج مرشح الحزب فقط إلى 3500 توقيع من سبع مناطق. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المرشحين المستقلين جمع 10000 دولار ناميبي (أكثر بقليل من 500 يورو)، في حين يدفع مرشحو الحزب 20000 دولار ناميبي (أكثر بقليل من 1000 يورو)، والتي لا يتم سدادها إذا أخفقوا. مثل هذه العراقيل المالية واللوجستية تجعل مسألة الترشح محفوفة بالمخاطر بالنسبة للمُرشحين المُستقلين، حتى لو كانت برامجهم تحظى بقبول جيد، خاصةً لدى الناخبين المُحبَطين.
ومع ذلك، أظهر ترشيح “إيتولا” في عام 2019م أن المُستقلين يمكنهم إحداث فارق. ولكن في ظل الوضع الحالي، يعني استبعاد المستقلين أن المشهد السياسي لا يزال تهيمن عليه السياسة الحزبية. وتميل المرشحات والمستقلات إلى استقطاب الدعم من الشباب والنساء، وهي فئات سكانية تشعر بأنها غير مُمَثَّلة بشكل كافٍ في النظام السياسي التقليدي. وستكون قضايا مثل البطالة حاسمة إستراتيجيًّا لهؤلاء المُرشَحين.
من ناحية أخرى، قد يؤدي زيادة إقبال الناخبين الشباب والمهتمين بقضايا المساواة بين الجنسين إلى إعادة تعريف السُّبل التي تُدار بها الحملات الانتخابية، مع التركيز بشكل أكبر على المشاركة الرقمية والحركات الشعبية، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية. سيحتاج المرشحون إلى جذب ناخبين أكثر دراية بالتكنولوجيا وتركيزًا على القضايا، ولا يمكنهم الاعتماد بعد الآن على الولاء الحزبي والانتماءات التاريخية فقط. بمساعدة الحلول الرقمية الحديثة وربما شجَّع ذلك الابتكار السياسي إيجاد حلول لمشاكل ناميبيا.
الاستعمار الجديد لاستغلال الموارد:
من المرجَّح أن يلعب الهيدروجين الأخضر دورًا مهمًّا في ناميبيا. فهو يمثل النمو الاقتصادي والتوتر السياسي على حدّ سواء، وخاصة فيما يتعلق بقضايا مثل إدارة الموارد والتنمية المستدامة. ومن المتوقَّع أن تجلب صناعة الهيدروجين الأخضر في ناميبيا ما يقرب 4.1 مليار دولار أمريكي سنويًّا. وبمجرد ظهور ناميبيا كلاعب عالمي في مجال الطاقات المتجددة، فإن هذا يعني فرص عمل جديدة وتطوير البنية الأساسية. ومع الإدارة الجيدة، يمكن تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على التعدين وتعزيز التنمية المستدامة.
ولكنْ هناك أيضًا العديد من الأصوات الناقدة التي تُشكّك في إمكانية الوصول إلى الوظائف الجديدة المحتملة وتوزيع الأرباح. لقد بدأ تركيز ناميبيا على تطوير الهيدروجين الأخضر في عام 2020م، وتم إحراز تقدُّم كبير في البداية. ظهرت المناطق الجنوبية من البلاد، وخاصة منطقة “كاراس” بالقرب من منتزه “تساو خاب” الوطني، كمناطق مفضَّلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع. ولكن، ترى المنظمات والناشطون البيئيون في ذلك تهديدًا للتنوع البيولوجي والنظم البيئية.
يمتلك الهيدروجين الأخضر القدرة على إحداث طفرة في الاقتصاد الناميبي، وهو موضوع مُهِمّ للنقاش السياسي. سوف تتنافس الأحزاب السياسية على السيطرة على المناقشات التي ستدور حول هذه الموارد المعدنية المكتشفة حديثًا. ويبدو أن منظمة “سوابو” ترى أن الهيدروجين الأخضر قطاع تحويلي من شأنه أن يخلق النمو الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه والوظائف التي تأتي معه. وهي، بدورها، تريد تشجيع الاستثمار على نطاق واسع ووضع ناميبيا كلاعب عالمي في مجال الطاقة، بما يتماشى مع تركيز الحملة على الاستقرار والاستمرارية.
من ناحية أخرى، سارعت أحزاب المعارضة إلى إدانة سوء إدارة منظمة “سوابو” للموارد الطبيعية، ولفت الانتباه إلى فضائح الفساد السابقة مثل فضيحة فيشروت، زاعمون أن الوعود الاقتصادية التي قدَّمتها منظمة “سوابو” من خلال الهيدروجين الأخضر ستُغذِّي مرة أخرى الآمال الكاذبة، لطالما لم تتم إدارة هذا المورد بشكل صحيح. يمكن لأحزاب مثل “حركة شعب بلا أرض”، والحركة الديمقراطية الشعبية، وغيرها التركيز على إدارة الموارد والمساءلة والشفافية، والمطالبة بحماية أقوى ضد الفساد وضمان ذهاب الإيرادات مباشرة إلى ناميبيا وليس فقط إلى نُخبة مختارة.
كما تتصدر قضايا الاستعمار الجديد واستغلال الموارد الخطاب الانتخابي، وخاصة فيما يتعلق بمشاريع الهيدروجين الأخضر. من جهته، يؤكد المجتمع المدني والمعارضة ومجموعات المصالح المختلفة على استبعاد المجتمعات المحلية من عمليات صُنع القرار واستخدام القضية لحشد الناخبين الذين يشعرون بخيبة أمل إزاء المشاريع التي تقودها جهات أجنبية، والتي لا تُنفَّذ لصالح السكان المحليين بشكل عام.
تُعارِض بعض منظمات المجتمع المدني أن تُصبح ناميبيا مجرد مُصدِّر للمواد الخام إلى أوروبا، وتصف هذا بأنه أحد أشكال الاستعمار الحديث. وبدلًا من ذلك، ينبغي للبلاد أن تُركّز على السيطرة على مواردها من الطاقة والأرباح المتولدة عنها كجزء من النضال من أجل الاستقلال الاقتصادي.
وإذا ظلت منظمة “سوابو” في السلطة، فيمكنها الدخول في شراكات واسعة النطاق مع الحكومات والشركات الأجنبية، وتعزيز التجارة في الهيدروجين الأخضر والنفط. وهذا يعني أنها ستتعرض لانتقادات متزايدة من أحزاب المعارضة والمجتمع المدني التي تطالب بمزيد من الشمول والشفافية.
وإذا وصل ائتلاف معارض إلى السلطة، فمن المرجّح أن يدعو إلى إعادة التفاوض على هذه الصفقات بما يصبّ في الصالح المحلي والسياسة الحمائية. وهذا من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على المسار السياسي والاقتصادي في ناميبيا، وخاصةً إذا أصبحت أحزاب المعارضة أكثر صراحة في مطالبها فيما يتعلق بتوزيع الموارد والثروة.
وكانت هناك تطورات ملحوظة في الفترة التي سبقت الانتخابات فيما يتعلق بتحالفات المعارضة المحتملة. لقد دعت الحركة الديمقراطية الشعبية، بقيادة ماك هنري فيناني، إلى اتخاذ إجراءات مشتركة لتحدي هيمنة “سوابو”. وهو يعتقد أن مثل هذا الائتلاف يمكن أن يُحسِّن، بشكل كبير، من فرص المعارضة؛ لأنه سيكون لديه مجموعة مشتركة من الموارد والآفاق للتغيير. ومع ذلك، فإن كلاً من حزب الوطنيين المستقلين من أجل التغيير، وحركة شعب بلا أرض يُقلِّلان من أهمية فكرة توحيد القوى وتشككان في أن مثل هذا التحالف سيكون متوافقًا مع مصالحهما المختلفة.
ورغم عدم وجود إعلانات ملموسة حول إعادة التفاوض على اتفاقيات الموارد؛ فإن الضغوط المتزايدة من أحزاب المعارضة التي تسعى إلى السيطرة المحلية على الموارد وإعادة توزيع الثروة تشير إلى أن مثل هذه التغييرات قد تحدث إذا تولت السلطة. وهذا يتماشى مع الاتجاه العام نحو التيارات القومية أو الحمائية في إدارة الموارد.
هيمنة شعب أوفامبو:
يتأثر سلوك التصويت لدى سكان ناميبيا بتفاعل معقَّد بين العوامل الإقليمية والإثنية والاجتماعية والاقتصادية. تاريخيًّا، حظيت منظمة “سوابو” بدعمٍ قويّ من الناخبين الريفيين والأجيال الأكبر سنًّا، وخاصة من جماعة أوفامبو العرقية. تُشكّل جماعة أوفامبو أكبر جماعة عرقية في ناميبيا؛ حيث تُشكّل أكثر من 50% من السكان. ساعدت هذه الهيمنة الديموغرافية في ترسيخ نفوذ منظمة “سوابو” بعد خروجها من نضال التحرير، مدفوعة إلى حد كبير بزعامة أوفامبو.
لقد عززت القوة السياسية لـ”أوفامبو” القاعدة الانتخابية لمنظمة “سوابو”، وساهمت في الشعور بالاستبعاد بين الأقليات العرقية. وحتى مع محاولة منظمة “سوابو” أن تكون أكثر استجابة لمصالح المناطق الفردية والجماعات العرقية والدعوة إلى الوحدة الوطنية، فلا يزال الشعور العام بالمحسوبية تجاه أوفامبو قائمًا. تثير الأقليات العرقية مثل (الهيريرو) و (الناما) و (الدامارا) و(السان) بانتظام قضية التهميش السياسي والاقتصادي. ويتجلَّى هذا في عدم المساواة في الوصول إلى الموارد أو المناصب السياسية أو مشاريع التنمية، وخاصةً في المناطق خارج الشمال، التي يسكنها في الغالب شعب “أوفامبو”.
ونتيجة لذلك، وجدت العديد من أحزاب المعارضة الدعم بين هذه الأقليات. على سبيل المثال، تتلقَّى حركة شعب بلا أرض (LPM)، التي تتمتع بقوة خاصة في جنوب ناميبيا، دعمًا كبيرًا من شعب الناما. يُركّز برنامج الحزب على قضايا مثل إعادة الأراضي والتفاوت الاقتصادي والمظالم التاريخية، وخاصة تلك المتعلقة بإرث التهجير الاستعماري. من ناحية أخرى، شكَّل حزب الوطنيين المستقلين من أجل التغيير (IPC) تحالفًا متنوعًا من الناخبين الحضريين المنعزلين، وخاصةً الشباب، وأولئك غير الراضين عن حكومة “سوابو”. كما دعمت الأقليات العرقية مثل (هيريرو) و(دامارا) ذات يوم أحزاب المعارضة مثل الحركة الديمقراطية الشعبية (PDM)، التي تجذب الناخبين في وسط ناميبيا. تشعر هذه المجموعات بالتهميش بسبب مركزية السلطة في “سوابو”؛ حيث تتركز التنمية وصنع القرار في المناطق الشمالية؛ حيث تعيش مجتمعات أوفامبو.
الاستعمار والإبادة الجماعية:
علاوة على ذلك، تظل الإبادة الجماعية التي تعرض لها شعب “هيريرو” و”ناما” (1904 إلى 1908م) تحت الحكم الاستعماري الألماني قضية حسَّاسة للغاية في ناميبيا. وقد خلَّفت الإبادة الجماعية، التي قُتل فيها عشرات الآلاف من شعب هيريرو وناما، صدمة ليست طي النسيان، ولا تزال هناك مطالبات بالتعويضات. وفي السنوات الأخيرة، تفاوضت الحكومتان الناميبية والألمانية على “إعلان مشترك”، يعترف بالإبادة الجماعية، ويُوفّر مساعدات التنمية كأحد أشكال التعويضات. ولكنْ تعرَّض الإعلان لانتقادات، في الأساس، من أحفاد ضحايا الإبادة الجماعية، الذين يزعمون أنه لا يذهب إلى حد الاعتراف بالفظائع وتقديم تعويضات مباشرة.
إن الإبادة الجماعية والإعلان المشترك، الذي لم يُعتمَد بعدُ، يُشكّلان قضية مهمة، وخاصةً بين أحزاب المعارضة وأنصارها. هم ينتقدون أسلوب التفاوض الذي تنتهجه منظمة “سوابو”، ويتَّهمونها باستبعاد المجتمعات المتضررة والتركيز، بدلًا من ذلك، على عمليات التنمية الحكومية التي لا تأخذ في الاعتبار الظلم التاريخي. وتتفاقم التوترات العرقية تحديدًا خلال الحملات الانتخابية، عندما تبرز قضايا مثل إصلاح الأراضي، والاعتراف بالتاريخ، وتمثيل المصالح العرقية إلى الواجهة.
في الوقت الذي همَّشت فيه منظمة “سوابو” من أهمية الانقسامات العرقية لتعزيز الهوية الوطنية على أساس نضالات التحرير، تناولت أحزاب المعارضة قضايا الإبادة الجماعية التي ظلت مُعلَّقة دون حلّ؛ حيث لا تزال هذه الجروح مفتوحة. وبما أن قضية الإبادة الجماعية لا تزال دون حلّ بالنسبة للعديد من الناخبين، فإن المناقشات حول الظلم التاريخي والانتقادات المستمرة لفشل الحكومة الناميبية في التوقيع على الإعلان المشترك تلعب أيضًا دورًا ينبش الجِراح في الحملة الانتخابية.
وأخيرًا، غالبًا ما يتجلى التهميش في ناميبيا في شكل عدم المساواة الاقتصادية والتنمية غير المتكافئة وعدم المساواة في الوصول إلى الأراضي. هذه الحقائق متجذرة بعمق في التاريخ وتعود إلى الاستلاب الاستعماري. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت الحكومة أقل في المناطق التي تقطنها الأقليات، مما أدَّى إلى إحباط متزايد، وخاصة بين المجموعات التي تشعر بالإقصاء والاستبعاد من الفرص الاقتصادية والنفوذ السياسي. تستغل أحزاب المعارضة هذا التهميش لكسب الدعم من خلال قطع الوعود بتوزيع أكثر عدالة للموارد ومعالجة الاختلالات التي كانت موجودة منذ الاستقلال.
الانقسام الاجتماعي والاقتصادي:
تهيمن قضايا مثل البطالة وعدم المساواة والفقر على الخطاب السياسي في ناميبيا اليوم. وتستغل أحزاب المعارضة هذه المظالم، وتعلن برامج شعبوية تقدم وعودًا بإصلاحات اقتصادية وسياسات مناهضة للتمييز. وسوف تحتاج منظمة “سوابو” إلى إقناع الناخبين بأنها قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية مع الحفاظ على الاستقرار السياسي. ولمعالجة مستويات البطالة المرتفعة والتمييز والفقر، تقترح أحزاب المعارضة ما يلي:
1- خلق فرص العمل: تدعو العديد من أحزاب المعارضة إلى خلق فرص العمل؛ من خلال تشجيع المشاريع الصغيرة والزراعة والصناعة المحلية. وهم ينتقدون الحكومة بانتظام لعدم توفير فرص عمل كافية للشباب. وتشمل الحلول المقترحة: تسهيل الحصول على قروض أو منح لأصحاب الأعمال الصغيرة ودورات تدريبية.
2- إصلاح نظام ملكية الأراضي: تظل ملكية الأراضي قضية مُلِحَّة؛ إذ إن معظم ملكية الأراضي في أيدي مجموعة صغيرة من الناس. وتواصل أحزاب المعارضة الدعوة إلى سياسات إعادة توزيع أكثر جذرية لتوزيع الأراضي على المحتاجين من أجل تعزيز الزراعة والاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.
3- الإصلاح الضريبي: تقترح بعض أحزاب المعارضة إصلاحات ضريبية لفرض ضرائب أكبر على الأفراد الأثرياء والشركات الكبرى. ويمكن استخدام الإيرادات الإضافية لتمويل برامج مكافحة الفقر والبطالة والحد من عدم المساواة.
4- مزايا المساعدة الاجتماعية: هناك مجال آخر مُهِمّ، وهو توسيع المساعدات الاجتماعية بما في ذلك المعاشات التقاعدية، وإعانات البطالة، وإعانات الإسكان. وتدعو أحزاب المعارضة الحكومة إلى الاستثمار في الإسكان الميسّر والرعاية الصحية، ومكافحة الفقر، وتحسين مستويات المعيشة.
5- التعليم والتدريب الإضافي: من أجل السيطرة على البطالة، ينبغي تعزيز نظام التعليم، وخاصة التدريب الفني والمهني. ومن وجهة نظر أحزاب المعارضة، يمكن للمواطنين تحسين آفاقهم المهنية ووضعهم الاقتصادي من خلال التدريب المكثف.
6- الرعاية الصحية: هناك مطلب سياسي مشترك يتمثل في توفير رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة. وتدعو أحزاب المعارضة إلى تحسين الرعاية الصحية، وخاصة في المناطق الريفية النائية، وترغب في تقديم رعاية صحية جيدة لجميع الناميبيين.
7- الإسكان: يُعدّ الإسكان الميسر مطلبًا سياسيًّا مهمًّا، ويتعلق أيضًا بخطط الدعم الحكومي لمشاريع الإسكان التي تستهدف المواطنين ذوي الدخل المنخفض. ويشمل ذلك زيادة بناء المنازل، وإنشاء برامج لمساعدة المواطنين على تمويل ملكية المنازل.
8- مكافحة العنف والاضطهاد ضد التمييز الاجتماعي: تُعتبر مكافحة العنف ضد التمييز الاجتماعي وتعزيز الأخلاق الاجتماعية من القضايا الانتخابية أيضًا. وتدعو أحزاب المعارضة إلى سَنّ قوانين أكثر صرامة وإجراءات أكثر اتساقًا ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلًا عن حملات تثقيفية لرفع مستوى الوعي. والدعوة إلى مجتمع قائم على الاحترام والكرامة الإنسانية من أجل مكافحة العنف المتزايد ضد النساء والأطفال.
وتُمثّل المقترحات السياسية لأحزاب المعارضة مجتمعة نهجًا تنمويًّا شاملًا يهدف إلى تقليص هياكل عدم المساواة وخلق مجتمع يتمتع فيه الجميع بفرصة إحراز التطور.
ناميبيا لديها خيار:
إن الانتخابات تُواجه تحديات مختلفة هذا العام، مثل اللامبالاة من جانب الناخبين، والمشاكل اللوجستية، والمخاوف بشأن نزاهة اللجنة الانتخابية. إن مؤشرات عدم رضا الناخبين مرتفعة للغاية بين الشباب الذين يشعرون بالاستبعاد من العملية السياسية. ولضمان الوصول إلى التصويت وعملية سلسة، وخاصة في المناطق النائية، يجب أيضًا معالجة القضايا اللوجستية.
ستُجرى انتخابات هذا العام على أساس الاقتراع مرة أخرى بعد المخاوف السابقة بشأن إمكانية التحقق من أنظمة التصويت الإلكترونية. ومع ذلك، فإن المخاوف الحالية تتعلق باستقلال اللجنة الانتخابية. وقد انتقد المعارضون، بشكل خاص، الدعوة الرسمية الأخيرة للجنة الانتخابية مِن قِبَل الرئيس “نانجولو مبومبا”. كما تمت دعوة الأمين العام لــ”سوابو” إلى الاجتماع، في حين استُبعِدَت مجموعات المصالح السياسية الأخرى. وقد أدى ذلك إلى مخاوف من التأثير غير اللائق والافتقار إلى الحياد. ومن أجل تعزيز الثقة العامة في الانتخابات، من الأهمية أن تعمل اللجنة الانتخابية بشكل مستقل وشفَّاف.
إن الافتقار إلى البرامج التفصيلية المنشورة في الوقت المناسب يمثل إشكالية بالنسبة للناخبين الذين يريدون مقارنة البرامج وتقييمها بطريقة نقدية. وقد يؤثر مثل هذا التأخير سلبًا على العملية الديمقراطية؛ لأن الناخبين لا يملكون الوقت الكافي لتقييم الأحزاب التي تمثل مصالحهم ورؤاهم لمستقبل ناميبيا على النحو الأفضل.
إن الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للتنمية الديمقراطية في البلاد. وفي طريقها إلى المستقبل، قد تتخذ ناميبيا، اعتمادًا على نتائج الانتخابات، اتجاهًا جديدًا في مجالات الحكم والسياسة الاقتصادية والمساواة بين الجنسين في السنوات المقبلة. والتحديات كبيرة بقدر ما توجد فرص للتغيير الإيجابي. إن التزام ناميبيا بالديمقراطية والمشاركة النشطة للمواطنين يُشكّلان مفتاحًا للانتخابات الناجحة والسلمية. وفي هذا الصدد، سوف تضع الانتخابات الحالية المؤسسات الديمقراطية في ناميبيا ومرونة ثقافتها السياسية على المحك.
وختامًا، ربما اتسمت الانتخابات في ناميبيا بفضائح الفساد والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والدعوات المتزايدة إلى الإصلاح والشفافية. والسؤال: مَن سيكون قادرًا على نيل ثقة الجمهور للفوز بالمرحلة التالية من تنمية البلاد؟
ـــــــــــــــــــــــ
رابط التقرير: