تمهيد:
بدايةً من عام 2017م، دأبت مؤسسة بيل وميليندا جيتس على إصدار تقرير سنويّ (غولكيبرز) في شهر سبتمبر من كل عام. وقد أشار تقرير عام 2024م إلى تدني المساعدات المقدَّمة إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وخاصةً بلدان إفريقيا جنوب الصحراء التي تدنَّى فيها مستوى المساعدات إلى مستوى قياسي لم تشهده منذ عقدين مع توجُّه تلك المساعدات إلى أوكرانيا؛ على الرغم من ارتفاع مستويات الديون في القارة، والتي لم تتعافَ بعدُ من آثار تفشي جائحة كوفيد، بالإضافة إلى تأثُّرها بالحرب الروسية الأوكرانية، والتغيُّرات المناخية التي تضرب أركان القارة.
وأضاف التقرير أن تلك المساعدات غابت في الوقت الذي كانت إفريقيا في حاجة إليها للإنفاق على الخدمات الأساسية من صحة وتعليم، وغيرهما، مع ذهاب جزء كبير من ميزانياتها إلى خدمة الديون. الأمر الذي أثَّر بالسلب على تلك القطاعات، وأدَّى إلى ارتفاع معدلات الفقر.
وقد حثَّ التقرير قادة العالم على زيادة الإنفاق العالمي على الصحة؛ حيث تشتد الحاجة إلى رعاية الأطفال وتغذيتهم، بالإضافة إلى مواجهة آثار تغيُّر المناخ. ولذا جاء عنوان تقرير هذا العام بعنوان “سباق لرفع مستويات التغذية في العالم في ظل تزايد ظاهرة الاحترار“.
وتحاول الدراسة بشكلٍ مُوجَز الوقوف على فحوى التقرير، وخاصةً ما يتعلق بقارة إفريقيا، وتحليل تصريحات “جيتس” المتعلقة ببلدان إفريقيا من خلال النقاط التالية:
- أولاً: قراءة موجزة في تقارير مؤسسة بيل وميليندا جيتس بشأن إفريقيا.
- ثانيًا: تدني المساعدات المقدمة إلى إفريقيا جنوب الصحراء وأسبابها.
- ثالثًا: تزايد الدَّيْن العام وخدمته في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
- رابعًا: إفريقيا تخدم الديون ولا تخدم التنمية.
- خامسًا: تزايد معدلات الفقر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
- سادسًا: لمحة عامة عن تداعيات سوء التغذية في إفريقيا.
أولاً: قراءة مُوجَزة في تقارير مؤسسة بيل وميليندا جيتس بشأن إفريقيا
دعا بيل جيتس العالم إلى مساعدة إفريقيا التي تشهد نموًّا سكانيًّا كبيرًا، وذلك من خلال الاستثمار بطاقاتها البشرية، جاء ذلك في تقرير سنوي نشرته مؤسسته بشأن التقدُّم المُحقَّق على صعيد التنمية خلال الفترة ما بين عام 2018م وحتى عام 2030م؛ حيث بدأت معدلات الفقر في القارة تُسجّل انحسارًا. وحذَّر التقرير من أن النمو السكاني الكبير قد يُوقِف هذا المنحى، أو يقلبه في حال عدم بذل أيّ جهود للتصدي لهذا الوضع المتدني.([1])
وفي عام 2022م، وخلال أول رحلة له إلى إفريقيا منذ جائحة كوفيد-19، أعلن “جيتس” أن مُؤسسته ستنفق أكثر من 7 مليارات دولار –بزيادة قدرها 40% عن السنوات الأربع الماضية- على مدى السنوات الأربع المقبلة لدعم البلدان والمؤسسات الإفريقية التي تعمل على تطوير وتنفيذ آليات مُبتكَرة لمواجهة الجوع والمرض، وعدم المساواة بين الجنسين، ومواجهة الفقر. إضافة إلى التمويل الحالي لمؤسسته للمنظمات متعددة الأطراف، بما في ذلك جافي، تحالف اللقاحات، والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. وأشار إلى أنه حتى قبل أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى التأثير على النظام الغذائي العالمي، كانت البلدان الإفريقية تُواجه صدمات مناخية شديدة، بما في ذلك الجفاف وانتشار الجراد والفيضانات. وعانى 278 مليون شخص في جميع أنحاء إفريقيا من الجوع المزمن، وواجه أكثر من 37 مليون شخص الجوع الحادّ في منطقة القرن الإفريقي وحدها. كما تسبّب كوفيد-19 في انتكاسات كبيرة في التحصين وتوقف عقود من التقدُّم المُحرَز في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والملاريا والسل.([2])
ونبَّه بيل جيتس إلى أن أزمة أوكرانيا تُقلِّص المساعدات إلى القارة. وتُواجه منظمات المساعدات الإنسانية في إفريقيا صعوبات بعد تحوُّل أموال المساعدات إلى أوكرانيا، وبعد أن زادت أسعار السلع على مستوى العالم بسبب الحرب؛ مما يؤثر على عمليات الإغاثة. وتعاني كينيا وجزء كبير من شرق إفريقيا من أسوأ موجة جفاف تشهدها منذ أربعة عقود. والذي تفاقم بسبب الصراع وانتشار فيروس كوفيد-19، ما دفَع أكثر من عشرة ملايين شخص في المنطقة “إلى حافة أزمة جوع”. وقدمت المؤسسة عام 2021م دعمًا خيريًّا بقيمة 6.7 مليار دولار، وتعهدت في عام 2022م بتقديم 1.4 مليار دولار لمساعدة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في العالم على التكيف مع تغيُّر المناخ([3]).
يعتقد بيل جيتس، أن الحكومات الأكثر ثراءً يجب أن تزيد من دعمها للدول الإفريقية؛ حيث طغى على الدول المانحة التركيز على تمويلات التنمية التي تذهب نحو الاستجابة الإنسانية للحرب في أوكرانيا، فضلاً عن دعم اللاجئين في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. وقال جيتس في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس: “هناك أموال أقل تذهب إلى إفريقيا في الوقت الذي تحتاج إليه”، سواء كان ذلك لتخفيف الديون أو التطعيمات أو للحد من سوء التغذية. وقال: إن الأموال التي تذهب إلى أوكرانيا “كبيرة” كجزء من أموال المساعدات. وفي أبريل، أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى بيانات أولية من عام 2023م أظهرت أن المساعدات الإنمائية الإجمالية من أغنى البلدان زادت كل عام منذ عام 2019م -حتى باستثناء الأموال المخصصة للاجئين، وكوفيد-19 وأوكرانيا-، لكن الجزء الذي ذهب إلى الدول الإفريقية انخفض في عام 2022م إلى أدنى مستوى له في عشرين عامًا عند حوالي 25٪.([4])
ثانيًا: تدني المساعدات المُقدَّمة إلى إفريقيا جنوب الصحراء وأسبابها
في عام 2023م، بلغ إجمالي المساعدات المُقدَّمة إلى كافة مناطق العالم 223.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 1.8٪ عن العام السابق. واستثمرت الجهات المانحة في لجنة المساعدة الإنمائية 0.37٪ من دخلها القومي الإجمالي كمساعدات. وكانوا أقل بمقدار 197 مليار دولار من التزامهم بإنفاق 0.7٪ من الدخل القومي الإجمالي. وبلغ إجمالي المساعدات المقدَّمة للدول الإفريقية 53.5 مليار دولار في عام 2022م، أو 25.6٪ من المساعدات. والواقع أن نسبة المساعدات الموجَّهة إلى الدول الإفريقية في أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقدين من الزمان([5]).
والشكل التالي يبيّن تطور المساعدات المقدَّمة إلى قارة إفريقيا. والواقع أن نسبة المساعدات الموجَّهة إلى الدول الإفريقية (25.6%) في أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقدين من الزمان([6]).
شكل (1) المساعدات المقدَّمة إلى إفريقيا خلال الفترة 2015-2022م
بالمليار دولار (أسعار 2022) ونسبتها إلى المساعدات العالمية
Sara Harcourt, Jorge Rivera, Official Development Assistance (ODA),at: https://data.one.org/topics/official-development-assistance/
وفي العامين الماضيين، أثَّرت الحرب في أوكرانيا بشكل كبير على تدفقات المساعدات الإنمائية الرسمية، من خلال ارتفاع قياسي في “تكاليف اللاجئين داخل الدولة المانحة”، وكذلك المساعدات المقدَّمة لأوكرانيا. باستثناء هاتين الفئتين، واستبعاد الإنفاق المتبقي على المساعدات المتعلقة بكوفيد-19، وانخفض إجمالي المساعدات الإنمائية الرسمية من دول لجنة المساعدة الإنمائية بنسبة 3.6٪ في الفترة 2019-2022م (مقارنة بزيادة بنسبة 31.5٪ بما في ذلك الإنفاق على كوفيد-19 واللاجئين). وتمثل المساعدات المقدمة لأوكرانيا الآن أكثر من 10% من إجمالي المساعدات الإنمائية الرسمية من بلدان لجنة المساعدة الإنمائية. ومن حيث القيمة الحقيقية، قدَّم المانحون مساعدات أكثر بـ11 مرة لأوكرانيا في عام 2022 مقارنة بعام 2021م. في عام 1970م، اتفقت أغلب البلدان على هدف الأمم المتحدة المتمثل في تخصيص 0.7% من الدخل القومي كمساعدات (المساعدات الإنمائية الرسمية/الدخل القومي الإجمالي). ومع ذلك، لم تُحقّق سوى بلدان قليلة للغاية نسبة 0.7% منذ ذلك الوقت، بل إن عددًا أقل منها حافظ على هذه النسبة.([7])
ثالثًا: تزايد الدَّيْن العام وخدمته في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
تنفق العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في إفريقيا، المزيد من الأموال لسداد الديون. وفي تقرير صدر في يونيو 2024م، قالت الأمم المتحدة: إن عبء سداد الديون يَحُدّ ممَّا يمكن للدول أن تنفقه على الخدمات الحكومية الأساسية؛ مثل: الرعاية الصحية والتعليم ومواجهة آثار تغيُّر المناخ. ووجد التقرير أن الفائدة على الدَّيْن العام قفزت أيضًا؛ حيث زادت تكلفة الاقتراض في العديد من أنحاء العالم العام الماضي. وطالب جيتس تكرا قرار اتخذ في عام 2005م عندما ألغى زعماء العالم 40 مليار دولار من الديون المستحقة على 18 من أفقر دول العالم للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.([8])
وقد ارتفع الدين العام العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 97 تريليون دولار العام الماضي -بزيادة قدرها 5.6 تريليون دولار عن عام 2022م-، وبلغت ديون البلدان النامية نحو ثلث هذا المبلغ؛ مما يَحُدّ من قدرتها على دفع تكاليف الخدمات الحكومية الأساسية. وقالت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة: إن قيمة الأموال المستحقة على الحكومات ارتفعت بمقدار 5.6 تريليون دولار اعتبارًا من عام 2022م. وفي تقريرها بعنوان “عالم الديون”، قالت الوكالة: إن مدفوعات الفائدة المرتفعة تفوق النمو في الإنفاق العام الأساسي. وقال التقرير: “يجب ألا تُجبر البلدان النامية على الاختيار بين خدمة ديونها أو خدمة شعوبها”. وأضافت: “يجب أن يتغير الهيكل المالي الدولي لضمان مستقبل مزدهر لكل من الناس والكوكب”. في العالم النامي، الذي يضم 3.3 مليار شخص، تنفق دولة واحدة من كل 3 دول نسبة كبيرة من دخلها لدفع فوائد الديون، مقارنة بتمويل البرامج الاقتصادية في المجالات الحيوية للتنمية البشرية، مثل: الرعاية الصحية والتعليم ومواجهة آثار تغير المناخ. ([9])
تمثل إفريقيا 7% من الدين العالمي، وفي الوقت الذي انخفض الدين العام فيه في أكثر من نصف البلدان النامية، في المقابل، تعثر الأداء الاقتصادي في إفريقيا بسبب الصدمات العالمية، مما أدى إلى زيادة أعباء الديون؛ حيث استمر متوسط نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي في الارتفاع، ليصل إلى 61.9% في عام 2023م. ونتيجة لذلك، يتركّز عدد متزايد من البلدان النامية ذات مستويات الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي المرتفعة في إفريقيا، وقد زادت حصة المنطقة من البلدان ذات نِسَب الدَّيْن إلى الناتج المحلي الإجمالي فوق 60% من 25% إلى 46% بين عامي 2013 و2023م.([10])
وكنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفعت حصة إفريقيا من الديون الخارجية من حوالي 19٪ في عام 2010م إلى ما يقرب من 29٪ في عام 2022م. وفي الوقت نفسه، ارتفعت ديونها الخارجية كنسبة من الصادرات من 74.5٪ إلى 140٪ خلال نفس الفترة. هذه النقطة الأخيرة مهمة في إفريقيا؛ لأن العديد من البلدان تعتمد على الصادرات، وخاصة الصادرات من الصناعات الاستخراجية ذات القيمة المضافة القليلة.
وقد أدى الخلل بين الديون والصادرات إلى زيادة صعوبة خدمة ديون إفريقيا الخارجية؛ حيث نمت قدرتها على الحصول على العملات الأجنبية بمعدل أقل من تكاليف خدمة ديونها. كما أصبحت تركيبة دائني إفريقيا أكثر تعقيدًا. في حين كانت حصة كبيرة من الديون الإفريقية تاريخيًّا في حوزة دائنين متعددين أو ثنائيين، مثل نادي باريس، فإن حصة الدائنين من القطاع الخاص الذين يحملون ديونًا إفريقية نمت اليوم بشكل كبير. في عام 2010م، كان 30٪ فقط من الديون الإفريقية في حوزة دائنين من القطاع الخاص. وبحلول عام 2021م، ارتفع هذا الرقم إلى 44٪ من ديونها. وشهدت حصة الدائنين من القطاع الخاص نموًّا أسرع في إفريقيا مقارنةً بالمناطق النامية الأخرى، وتنعكس المخاطر في تكاليف الاقتراض المرتفعة في إفريقيا؛ حيث يبلغ متوسط تكلفة التمويل على مستوى القارة 11.6%، وهو معدل أعلى بنحو 8.5 نقطة مئوية من المعدل الخالي من المخاطر في الولايات المتحدة. وفي حين تعكس أسعار الاقتراض إلى حد ما الوضع الفردي لكل بلد، فإن بعض البلدان مثل تونس ومصر ونيجيريا تواجه تكاليف باهظة للتمويل، مما يمنعها من الوصول إلى الأسواق المالية، ويجعلها أكثر عرضة لمزيد من الصدمات والاعتماد على الحوار العالمي حول استدامة الديون وإعادة الهيكلة ([11]).
شكل (2) الديون الخارجية في إفريقيا خلال الفترة 2010-2021م
https://unctad.org/publication/world-of-debt/regional-stories
ووفقًا للتقرير نصف السنوي لصندوق النقد الدولي فإن مستويات الديون السيادية في إفريقيا جنوب الصحراء من المقرر أن تنخفض بعد سلسلة من حالات التخلف عن سداد الديون السيادية، لكن التمويل الجديد لا يزال مكلفًا، ويصعب الحصول عليه، مما يجبر على خفض الإنفاق ويعرض النمو للخطر؛ حيث إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة بلغت ذروتها عند 60.1٪ العام الماضي، ومن المقرر أن تتراجع إلى 58.5٪ في عام 2024م و56.8٪ في عام 2025م. ([12])
وفي مايو 2024م، حثَّ الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الكيني ويليام روتو الاقتصادات في جميع أنحاء العالم على الحد من أعباء الديون الهائل الذي يسحق الدول النامية، مثل الحد من حواجز التمويل وتنسيق تخفيف الديون من خلال المؤسسات المالية المتعددة الأطراف. وقال بايدن: “إن العديد من الدول مجبرة على الاختيار بين التنمية والديون، بين الاستثمار في شعوبها وسداد ديونها”. كما كان الاتحاد الإفريقي، العضو الدائم الجديد في مجموعة العشرين، صريحًا بشأن هذه القضية.([13])
شكل (3) ديون الحكومة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة 2009-2024م
IMF, Government Debt (% of GDP).at:
https://www.imf.org/external/datamapper/GGXWDG_GDP@AFRREO/SSA/OEXP/OIMP/COM
وتظل تكاليف الدَّيْن العام الخارجي مرتفعة. وتكافح البلدان النامية مع قواعد ومؤسسات مالية دولية؛ حيث تعمل القواعد الراسخة للديون على تفاقم تأثير الأزمات المتتالية على التنمية المستدامة. ويزيد هذا النظام من أعباء ديونها من خلال الحد من القدرة على الوصول إلى التمويل التنموي بأسعار معقولة، ودفعها إلى الاقتراض من مصادر خارجية أكثر تقلبًا وتكلفةً كالديون من القطاع الخاص. والواقع أن الحجم المحدود للأسواق المالية المحلية والمستويات الأعلى من الدين العام الخارجي تجعلها أكثر عُرضة للصدمات الخارجية وعدم الاستقرار المالي.
كما بلغ الدين العام الخارجي للدول النامية 3.2 تريليون دولار في عام 2022م. وبالنسبة لنصف هذه الدول، بلغ الدين العام الخارجي ما لا يقل عن 28.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي و92.4٪ من صادراتها. وتظل متطلبات خدمة الدين العام الخارجي مرتفعة؛ حيث بلغت 365 مليار دولار في عام 2022م. وتخصّص نصف البلدان النامية ما لا يقل عن 6.3% من عائدات صادراتها لخدمة الدين العام الخارجي. وهذا العبء المتزايد للديون على التنمية يُعدّ نتيجة لتطور تمويل الديون على مدى العقد الماضي. هذا وتقترض الحكومات في البلدان النامية من مصادر مختلفة؛ حيث تقترض بلدان إفريقيا 44% من القطاع الخاص، و34% من الدائنين متعددي الأطراف، و23% من الدائنين الثنائيين. هذا الاعتماد المتزايد على الدائنين من القطاع الخاص يطرح ثلاثة تحديات رئيسية: التعقيد المتزايد، والتقلب الدائم، وارتفاع التكلفة.([14])
رابعًا: إفريقيا تخدم الديون ولا تخدم التنمية
بحثت Nosakhare Liberty Arodoye 2024م في التأثيرات الديناميكية وكذلك التأثيرات الحدية لتدابير أعباء الدين الخارجي على النمو الاقتصادي لـ25 دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى؛ خلال الفترة من عام 2000 وحتى عام 2018م. وكشفت نتائج البحث عن تأثيرات كبيرة قصيرة الأجل وطويلة الأجل للديون الخارجية على النمو الاقتصادي. وهناك علاقة سلبية ومهمة بين مؤشرات عبء الدين الخارجي والنمو الاقتصادي. وأظهرت الدراسة أن نقاط التحول لنِسَب الدَّيْن الخارجي إلى الدخل تتراوح بين 50٪ -90٪، بينما تتراوح نسبة الدين الخارجي إلى الصادرات بين 180٪ -240٪. وأوصت الدراسة بأن دول جنوب الصحراء الكبرى التي تعاني من ارتفاع مفرط في مخزونات الديون الخارجية تحتاج إلى تبنّي إستراتيجيات موثوقة وجديرة بالثقة لتحقيق انخفاض في مخزون الدَّيْن الخارجي المتزايد ومدفوعات خدمة الدين حتى لا يكون لمؤشرات المديونية الخارجية الساحقة تأثير ضارّ على النمو الاقتصادي. ([15])
وتواجه 23 دولة إفريقية منخفضة الدخل على الأقل أزمة ديون مع تجاوز فاتورة خدمة الديون الخارجية 68 مليار دولار. وإلى جانب ارتفاع إجمالي الديون، ارتفعت فوائد الديون بشكل كبير؛ مما أثَّر على قدرة الحكومات على تمويل احتياجات الحقوق الأساسية لشعوبها. وفي عام 2022م، أفادت منظمة إنقاذ الطفولة بأن الديون هي أحد المخاوف الرئيسية فيما يتعلق بقدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها بشأن الحق في التعليم والصحة؛ وإن أعباء الديون المتزايدة على الحكومات تزاحم الإنفاق المطلوب بشدة في مجالات مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. وإن القواعد الضريبية المنخفضة مع الأنظمة الرجعية والفساد وارتفاع التضخم وضعف أسعار الصرف والنمو الاقتصادي البطيء تزيد من تكاليف الفائدة المرتفعة. كما أن التعافي المطول من كوفيد-19، والتكاليف المتزايدة المتعلقة بتغيُّر المناخ تزيد من تفاقم مشكلة الديون. ويُغطّي الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (من 17) التعليم، وتقدر (اليونسكو) أن الفجوة التمويلية السنوية الحالية لتحقيق هذا الهدف مِن قِبَل جميع البلدان بحلول عام 2030م تبلغ 100 مليار دولار أمريكي، منها 70 مليار دولار لإفريقيا جنوب الصحراء.([16])
إن إعلان إنشيون لعام 2015م عن تنفيذ الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة؛ يُلزم جميع الدول بزيادة تعبئة الموارد المحلية، وتحديدًا تخصيص ما بين 4 و6٪ من الناتج المحلي الإجمالي و/أو 15 إلى 20٪ من إجمالي الإنفاق العام لتمويل التعليم. ودعمًا لهذه العملية، أعادت الدول المتقدمة أيضًا تأكيد التزامها الأصلي بالأهداف الإنمائية للألفية بتوفير 0.7٪ من الدخل القومي الإجمالي للمساعدات الإنمائية الخارجية للدول النامية و0.15 إلى 0.2٪ من الدخل القومي الإجمالي لأقل البلدان نموًّا. وقد تم الاتفاق على ذلك أيضًا في المؤتمر الثالث لتمويل التنمية في يوليو 2015م.
وفي السابق، التزم إطار عمل داكار لدعم التعليم (2000م) -والخاص بحكومات دول جنوب الصحراء- بتخصيص 7% من الناتج المحلي الإجمالي في غضون 5 سنوات من الإعلان، و9% في غضون 10 سنوات لدعم التعليم. وتشير تقديرات عام 2023م إلى أن المتوسط السنوي الحالي لدول جنوب الصحراء في إفريقيا هو 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي، ويرتفع إلى ما يُقدَّر بنحو 4.6% بحلول عام 2030م.([17])
شكل (4) الإنفاق على التعليم في إفريقيا كنسبة من الناتج المحلي خلال الفترة 2014-2022م
https://data.worldbank.org/indicator/SE.XPD.TOTL.GD.ZS?locations=ZG
إن تأثير الديون على حقوق الإنسان كبير للغاية، وخاصة في منطقة شرق وجنوب إفريقيا؛ فالعديد من بلدان الاقليم تعاني بالفعل من أزمة ديون، أو تقترب من ضائقة الديون، وهي ليست ظاهرة جديدة في المنطقة؛ حيث كانت 15 من أصل 25 دولة في شرق وجنوب إفريقيا جزءًا من مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وأدَّت جائحة كوفيد إلى تفاقم قدرة العديد من البلدان على خدمة الديون وتلبية الاحتياجات الصحية المتزايدة لمواطنيها.
وتُظهر الأبحاث أن بعض الحكومات في المنطقة اختارت اقتراض المزيد من الأموال لدعم الفئات المعرَّضة للخطر، وتنفيذ مشروعات البنية التحتية الصحية للاستجابة للجائحة. ومع ظهور اهتمام متزايد بالاستثمار في المنطقة من جانب الحكومات والشركات والأفراد -وخاصة في قطاع الموارد الطبيعية-؛ أصبحت الديون العامة في القارة مملوكة لمجموعة من المقرضين المختلفين، بالإضافة إلى مؤسسات التنمية التقليدية متعددة الأطراف. وهذا يجعل من الصعب على الدائنين التوصل إلى إجماع بشأن إعادة هيكلة الديون أو إلغائها.
وكان لوباء كوفيد-19 تأثير ملحوظ على توفير الخدمات الصحية في البلدان الإفريقية، في ظل انخفاض عائدات الضرائب، وزيادة سداد الديون، وارتفاع متطلبات الإنفاق. وذكرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن الدول مُلْزَمة باحترام الحق في الصحة والوفاء به وحمايته. وهذا الحق مضمون بموجب العديد من المعاهدات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الدول الإفريقية، بما في ذلك المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، التي تلزم الدول بضمان أعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية. ولكنَّ تنفيذ هذه الالتزامات أعاقته القيود المالية، والفساد، والافتقار إلى الإرادة السياسية، حتى في بلدان مثل مالاوي وزامبيا وأوغندا وبوروندي التي صادقت على هذه الاتفاقيات. وعلى الرغم من أن الدول الأطراف مُلزَمة بتوفير خدمات صحية كافية وبأسعار معقولة، ويمكن الوصول إليها؛ حيث يتطلب إعلان أبوجا تخصيص 15٪ من الميزانية للصحة؛ إلا أن عددًا قليلاً جدًّا من البلدان الإفريقية قد التزم بهذا الالتزام بنسبة 15٪؛ حيث أنفقت المزيد من عائداتها على خدمة الديون، وخاصةً في السنوات الأخيرة.([18])
شكل (5) الإنفاق على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة 2014
-2021م
https://data.worldbank.org/indicator/SH.XPD.CHEX.GD.ZS?locations=ZG&most_recent_value_desc=true
وقد عرَّضت أزمة الديون التقدُّم الهادف إلى القضاء على الإيدز في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء التي تحوي أكبر عدد من المصابين به في العالم بحوالي 25.9 مليون شخص من إجمالي 40 مليون شخص تقريبًا. وإذا لم يتم معالجة مدفوعات الديون في السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة؛ حيث يتجاوز سداد الديون السيادية نصف الإيرادات الحكومية في أنجولا وكينيا ومالاوي ورواندا وأوغندا وزامبيا.
وقالت منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز: إنه حتى بعد تدابير تخفيف الديون، ستظل زامبيا تدفع ثلثي ميزانيتها لخدمة الديون بين عامي 2024م و2026م. فالأمن الصحي العالمي مُعرَّض للخطر عندما تكون البلدان غير قادرة على تلبية احتياجات الرعاية الصحية بسبب سداد الديون. كما في غرب ووسط إفريقيا؛ حيث كان هناك انخفاض ملحوظ في الإنفاق على الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية منذ عام 2017م. فغرب ووسط إفريقيا ستحتاج إلى تعبئة 4.18 مليار دولار لتمويل الاستجابة لفيروس نقص المناعة البشرية بالكامل في عام 2024م. سيرتفع هذا إلى 7.9 مليار دولار بحلول عام 2030م ما لم يتم تكثيف الجهود اليوم لوقف الإصابات الجديدة.
ولمكافحة الفيروس في عام 2024م، تحتاج منطقة شرق وجنوب إفريقيا إلى 12 مليار دولار، وهو ما سيرتفع إلى 17 مليار دولار بحلول عام 2030م؛ ما لم تنخفض حالات الإصابة الجديدة.([19])
خامسًا: تزايد معدلات الفقر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
خلال العام الجاري 2024م، يعيش نحو 429 مليون شخص في إفريقيا في فقر مدقع؛ حيث يبلغ خط الفقر 2.15 دولار في اليوم. وقد زاد عدد الفقراء في القارة مقارنةً بالسنوات السابقة. ولكن من المتوقع أن ينخفض الفقر في إفريقيا قليلاً في السنوات القادمة، ومن المتوقع أيضًا أن ينخفض عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع إلى 402 مليون بحلول عام 2030م.([20])
وفي عام 2020م، تسبَّبت جائحة كوفيد في ارتفاع معدلات الفقر المدقع في العالم بنسبة 0.85 نقطة مئوية، لتصل إلى 9.7%. وكان هذا الارتفاع مدفوعًا إلى حد كبير بمنطقة جنوب آسيا؛ حيث زاد الفقر المدقع بنسبة 2.4 نقطة مئوية، وبنسبة 1.27 نقطة مئوية في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء.([21])
من جهة أخرى، قال البنك الدولي في تقريره نصف السنوي (نبض إفريقيا) لعام 2024م: “إن النمو الاقتصادي من المقرر أن يرتفع خلال العامين المقبلين في إفريقيا جنوب الصحراء، لكن ليس بما يكفي لإحداث تأثير كبير في الفقر. وإن اقتصاد المنطقة من المقرر أن يتوسع بنسبة 3.4٪ هذا العام و3.8٪ في عام 2025م؛ حيث يعزز انخفاض التضخم الاستهلاك الخاص، ارتفاعًا من 2.4٪ في عام 2023م؛ حيث تضررت العديد من البلدان في المنطقة بشدة من صدمات كوفيد_19، وحرب روسيا في أوكرانيا، مما دفع التضخم إلى الارتفاع في نفس الوقت الذي جعلت فيه أسعار الفائدة العالمية المرتفعة الاقتراض باهظ التكلفة. كما أدَّى الجفاف إلى الصراع على الموارد في مساحات شاسعة من المنطقة. وإن نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1% يرتبط بخفض الفقر بنسبة 1% فقط في المنطقة، مقارنة بنحو 2.5% في بقية العالم”.([22])
سادسًا: لمحة عامة عن تداعيات سوء التغذية في إفريقيا
توصل التقرير إلى أنه بدون تَحرُّك عالمي فوري، سيحكُم تغيُّر المناخ على 40 مليون طفل آخَر بالتقزم، وسيُعاني 28 مليون طفل آخرين من الهزال بين عامي 2024 و2050م. وسلَّط التقرير الضوء على الأدوات التي أثبتت فعاليتها، والتي تساعد في حلّ مشكلات سوء التغذية، وبناء قدرة البشر على الصمود في مواجهة أسوأ آثار تغيُّر المناخ، وتقليل الوفيات في مرحلة الطفولة.([23])
في منطقة إفريقيا، كان هناك تقدم متواضع نحو تحقيق أهداف التغذية العالمية. الهدف العالمي لزيادة الوزن بين الأطفال دون سن الخامسة؛ حيث إن هناك 28 دولة في طريقها لتحقيقه، والرضاعة الطبيعية الخالصة بين الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 5 أشهر هناك 20 دولة في الطريق الصحيح، والهزال بين الأطفال دون سن الخامسة هناك 19 دولة في الطريق الصحيح، في حين التقزم بين الأطفال دون سن الخامسة هناك ست دول في الطريق الصحيح. ومع ذلك، لا يوجد بلد واحد في المنطقة في طريقه لتحقيق الأهداف المتعلقة بفقر الدم لدى النساء في سن الإنجاب (من سن 15 إلى 49 عامًا)، وانخفاض الوزن عند الولادة، ومرض السكري بين الرجال، ومرض السكري بين النساء، والسمنة بين الرجال، والسمنة بين النساء. 26 دولة في المنطقة ليس لديها بيانات كافية لتقييم تقدمها نحو هذه الأهداف العالمية.([24])
وتظهر أحدث البيانات أن فقر الدم يؤثر على ما يُقدَّر بنحو 40.4٪ من النساء في سن الإنجاب. وحوالي 13.7٪ من الرُّضَّع لديهم وزن منخفض عند الولادة. وتشير التقديرات إلى أن متوسط انتشار الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و5 أشهر، والذين يرضعون رضاعة طبيعية يبلغ 44.4%، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 43.8%. وعلى الرغم من أن أداءها جيّد نسبيًّا مقارنةً بالمناطق الأخرى؛ إلا أن إفريقيا لا تزال تعاني من عبء سوء التغذية بين الأطفال دون سن 5 سنوات. ويبلغ متوسط انتشار زيادة الوزن 5.3% – وهو ثاني أدنى معدل بين جميع المناطق. ويبلغ معدل انتشار التقزم 30.7%، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 22.0%. وعلى العكس من ذلك، يبلغ معدل انتشار الهزال في منطقة إفريقيا 6.0%، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 6.7%. ويواجه سكان المنطقة البالغون أيضًا عبء سوء التغذية؛ حيث يعيش في المتوسط 10.0% من النساء البالغات (18 عامًا فأكثر) مع مرض السكري، مقارنةً بنسبة 9.8% من الرجال. وفي الوقت نفسه، يعيش 20.8% من النساء و9.2% من الرجال بالسمنة ([25]).
خاتمة:
يبدو أن تصريحات بيل جيتس المبنية على تقرير مؤسسته السنوي متطابقة مع حالة التنمية بشكل عام في بلدان إفريقيا؛ تلك القارة التي تكافح من أجل الخروج من فخّ الديون الذي نُصِبَ لها منذ عقود، والتي لم تفلتها الأزمات والأوضاع العالمية غير المستقرة، والتغيرات المناخية والجوائح. جاء الغرب ليُمْسِك يده عنها -تلك اليد التي لا تعود بالطبع فارغة-، ولكن يبدو أن أوكرانيا حاليًّا هي الأهم بالنسبة للغرب. الذي انتقص من نصيب مساعدات القارة، تاركًا إياها تخدم ديونه على حساب حاجاتها الأساسية. وقد دعا جيتس وتقرير مؤسسته لهذا العام إلى زيادة الإنفاق الصحي العالمي، ويبدو أن بلدان إفريقيا ليس لديها حيلة إلا الانتظار لإخراجها من المستنقَع الذي أوقعتها فيه التبعية وعدم سيادة القرار والفساد.
………………………………..
[1]) مونت كارلو الدولية، بيل غيتس يدعو لمساعدة إفريقيا في الاستثمار بطاقاتها البشرية، 18 سبتمبر 2018. متاح على الرابط: https://www.mc-doualiya.com/articles/20180918
[2] (gatesfoundation, Bill & Melinda Gates Foundation Reaffirms Commitment to African Countries to Help Accelerate Progress in Health, Agriculture, Gender Equality, and Other Critical Areas.at: https://www.gatesfoundation.org/ideas/media-center/press-releases/2022/11/gates-foundation-commits-7-billion-to-african-countries
[3] ) سكاي نيوز عربية، مؤسسة جيتس تتعهد بتقديم 7 مليارات دولار لهذه الدول، 17 نوفمبر 2022. متاح على الرابط: https://www.skynewsarabia.com/business/1572499
[4] ) Thalia Beaty, Bill Gates calls for more aid to go to Africa and for debt relief for burdened countries, September 17, 2024.at: https://apnews.com/article/bill-gates-foundation-melinda-french-gates-sdgs-malnutrition-c8722de0439128ed2816e74738b77593
[5] ) Sara Harcourt, Jorge Rivera.Op.cit.
[6] ) Idem.
[7] ) OCED,Oced data Explorer,at:
https://data-explorer.oecd.org/vis?df[ds]=DisseminateFinalDMZ&df[id]=DSD_DAC1%40DF_DAC1&df[ag]=OECD.DCD.FSD&dq=DAC…1140%2B1160..Q.&lom=LASTNPERIODS&lo=10&to[TIME_PERIOD]=false
[8] ) Thalia Beaty.Op.cit
[9] ) Jamey Keaten, The UN says global public debt hit a record $97 trillion in 2023. Developing countries are hard hit.at: https://apnews.com/article/public-debt-un-trade-development-developing-countries-dd20efa94d0bc493fa41b95f0dd9a46d
[10] ) Un Trade and Development, A world of debt Report 2024 A growing burden to global prosperity.at:
https://unctad.org/system/files/official-document/osgttinf2024d1_en.pdf
[11] ) https://unctad.org/publication/world-of-debt/regional-stories
[12] ) Rachel Savage and Karin Strohecker, Sub-Saharan Africa debt levels to fall but new funding scarce, says IMF.at: https://www.reuters.com/world/africa/sub-saharan-africa-debt-levels-fall-new-funding-scarce-says-imf-2024-04-19/
[13] ) Aamer Madhani and Seung Min Kim, Biden thanks Kenya’s Ruto for sending police to Haiti and defends keeping US forces from the mission.at: https://apnews.com/article/biden-ruto-kenya-state-visit-debt-africa-e27be0b4a8c4bd54e4a30b3c5a9c1e34
[14] ) idem.
[15] ) Nosakhare Liberty Arodoye, 2024. “External debt burden and economic growth in Sub-Saharan Africa countries: are there evidence for nonlinearity and sustainability?,” International Journal of Economic Policy in Emerging Economies, Inderscience Enterprises Ltd, vol. 20(1), pages 57-76.
[16] ) amnesty, Financing constraints on the right to education – what is the role of debt?, March 18, 2024.at: https://www.amnesty.org/en/latest/education/2024/03/financing-constraints-on-the-right-to-education-what-is-the-role-of-debt/
[17] ) Hdem.
[18] ) amnesty, How does public debt affect the right to health: Case studies in East and Southern Africa, May 29, 2023.at: https://www.amnesty.org/en/latest/campaigns/2023/05/how-does-public-debt-affect-the-right-to-health-case-studies-in-east-and-southern-africa/
[19] )UN, UNAIDS: Rising debt in sub-Saharan Africa costing lives.AT: https://news.un.org/en/story/2024/09/1154521
[20] ) https://www.statista.com/statistics/1228533/number-of-people-living-below-the-extreme-poverty-line-in-africa/
[21] ) https://blogs.worldbank.org/en/opendata/september-2024-global-poverty-update-from-the-world-bank–revise
[22] ) Rachel Savage, Sub-Saharan Africa growth not enough to dent poverty, says World Bank.AT: https://www.reuters.com/world/africa/sub-saharan-africa-growth-not-enough-dent-poverty-says-world-bank-2024-04-08/
[23] ) https://www.gatesfoundation.org/goalkeepers/report/2024-report/
[24] ) globalnutritionreport, Africa, The burden of malnutrition at a glance.at: https://globalnutritionreport.org/resources/nutrition-profiles/africa/
[25] )Idem.