نشرت مؤسسة العلوم والسياسة الألمانية (SWP) مقالاً تحليلياً بعنوان “الحوار الوطني في إثيوبيا.. آفاق محدودة ونتائج مجهولة” لـ“جيريت كورتز”، دكتور وخبير سياسي في مجموعة أبحاث إفريقيا والشرق الأوسط بالمعهد، خلص من خلاله إلى أنه من غير المُنتظَر أن يقدم الحوار الوطني الحالي في إثيوبيا الكثير من أجل معالجة المشاكل البنيوية التي تواجهها البلاد.
بقلم: جيريت كورتز
ترجمة وتقديم: شيرين ماهر
منذ فترة طويلة، تشهد إثيوبيا مرحلة من الاضطرابات تتسم بتصاعُد وتيرة العنف على نطاق واسع. كما تبدو العلاقات بين أكبر المجموعات العرقية في تغيُر مستمر، وكذلك علاقتها مع الحكومة. علاوة على ذلك، تفتقر الدولة إلى الشرعية في المناطق الوسطى من البلاد، كما أن احتكارها للعنف إشكالية مثيرة للجدل، فيما لا تكاد تملك أي موارد مالية لتوفير الرعاية الشاملة للسكان. وبالنظر إلى الحوار الوطني في البلاد، فقد جاءت هذه المبادرة بهدف مواكبة التغيير في إثيوبيا وزيادة فرص دعم الدولة بين شرائح السكان. لكن الأجواء اللازمة لإجراء مناقشات جادة من أجل بناء الثقة غير متوفرة، نظراً للانتفاضات المسلحة في الولايتين الأكثر اكتظاظاً بالسكان، أمهرة وأوروميا، علاوة على تضييق الخناق على وسائل الإعلام وحرية التعبير، وهيمنة الحزب الحاكم في البرلمان والمجتمع. وتنعقد الآمال أن يحد إجراء المزيد من جلسات الحوار المُنظم على مستوى اللاعبين السياسيين الرئيسيين من أوجه القصور ونقاط الضعف الرئيسية. ولكن يتعين على الجهات الفاعلة الدولية التي تدعم الحوار الوطني، مثل ألمانيا، أن تحرص على عدم السماح لنفسها بالانقياد إلى ترسيخ الاستبداد.
في 4 يونيو 2024، اُختتِمَت في أديس أبابا، أولى جلسات الحوار الوطني، التي تجري على مستوى الولايات الفيدرالية والبلديات المستقلة. والهدف منها تحديد القضايا الرئيسية التي تُسبِب الانقسامات في البلاد، وتحديد الحلول المُمكنة وتعيين ممثلين لإدارة الجزء الأخير من المشاورات على المستوى الوطني. لقد حضر الحدث الذي أُقيم في أديس أبابا أكثر من 2000 شخص، بوصفهم مندوبين عن التجمعات المحلية السابقة في مدينة أديس أبابا. كما يُعد الحوار الوطني مشروعًا مركزيًا لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، فيما تأمل الحكومة أن يُسهِم الحوار، بشكل حاسم، في إحلال السلام في البلاد، وتعضيد شرعية الدولة في المجتمع الإثيوبي، ومن ثم تحفيز التنمية الاقتصادية أيضًا. ويتمثل الهدف العام للحوار الوطني في حشد السكان خلف رؤية آبي أحمد حول مفهوم الوحدة الوطنية. وبالتالي لن يدور الحوار إلا في فلك الآفاق الضيقة والمحدودة لهيمنة الحكومة المستمرة.
الدولة والمجتمع.. كلاهما تحت الضغط:
في السنوات الأخيرة، لم ينجح آبي في توحيد إثيوبيا. بل أن أسلوبه في الحكم، وطريقة مكافحته للتمرد وتباطؤ الإصلاحات الاقتصادية، تسببت، بشكل أو بآخر، في توسيع دائرة العنف والصراعات والأزمة الوجودية التي تشهدها أجزاء من البلاد. لقد تفاقمت الأزمة في إثيوبيا بسبب بعض ممارسات آبي أحمد. وخلافًا لخطابه القومي الإثيوبي، لا تزال البلاد تتسم بتوجهها نحو الجماعات العرقية، بقيادة رواد الأعمال السياسيين القوميين العرقيين. كما لا تزال الفيدرالية العرقية، المنصوص عليها في دستور عام 1995، تلعب دوراً هاماً في الوصول إلى الدولة، فيما لم يتمكن الخطاب الوطني الجديد من ترسيخ نفسه بعد. بل إن الاستقطاب ومفهوم المحصلة الصفرية هما اللذان يسيطران على السياسة، بحسب ما أفاد به مجلس الأمن القومي في إثيوبيا. ومن الواضح أن الدور الأكبر تلعبه مجموعة عرقية واحدة. ويتجلى ذلك بالتحديد في صعود أعضاء الأورومو في السياسة بعد تولي آبي مهام منصبه، وهو الأمر الذي تنتقده النخب التقليدية من أمهرة وتيغراي.
لكن أسلوب آبي أحمد في الحكم لا يعتمد، نسبيًا، على هيمنة مجموعة عرقية واحدة (على الرغم من أن البعض يتهمه بتفضيل الأورومو في الحكومة والشركات المملوكة للدولة)، وإنما يعتمد، بالأكثر، على تغيير الشراكات، بما يتماشى مع فهمه سياسات القوة البراجماتية. ولكن في ظل عقلية المحصلة الصفرية والافتقار إلى الهوية الوطنية، تؤدي سياسة الصفقات التجارية التي ينتهجها آبي إلى تنفير المؤيدين السابقين، وخاصة في أمهرة وأوروميا. كما أنها تؤجج الصراع داخل المجموعات العرقية بين أولئك الذين يتعاونون مع الحكومة وأولئك الذين يتراجعون بسبب الإحباطات. وفي مطلع يوليو، اتهم آبي أحمد قوى المٌعارَضة بالتخطيط لانقلاب.
من جهة أخرى، ترى الحكومة وأطياف من المعارضة أن العنف وسيلة مشروعة لحل النزاعات. وتجلى هذا الموقف ليس فقط في الحرب الدائرة في شمال البلاد بين عامي 2020 و2022، ولكن أيضًا في الانتفاضات الواقعة في أوروميا وأمهرة. لقد أدركت الحكومة أيضًا أن عليها الاعتماد على المفاوضات مع الجماعات المسلحة؛ لكنها تريد دائمًا أن تفعل ذلك من موقع أفضلية عسكرية. لقد تم توقيع اتفاق بريتوريا مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في نوفمبر 2022، عندما اقترب الجيش بالفعل من ميكيلي، عاصمة تيغراي.
وفي الوقت نفسه، تميل الطريقة التي تتصدى بها الحكومة للمتمردين إلى تأجيج الصراع. ففي الحرب ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، قاتلت الحكومة بالاشتراك مع القوات شبه العسكرية ووحدات فانو غير النظامية من أمهرة. وعندما تقرر تسريح ونزع سلاح ميليشيات إقليم أمهرة في أعقاب اتفاق بريتوريا، رفضت العديد من الوحدات ذلك، لأنها شعرت أن الاتفاق بمثابة خيانة لمصالحهم. وشهد متمردو فانو تدفقًا كبيرًا لهؤلاء المقاتلين شبه العسكريين المدربين جيدًا، مما سمح لهم بالصمود في مواجهة الجيش الحكومي. ومنذ ذلك الحين، سيطر المتمردون على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية. وفي بعض الأحيان تمكنوا من التوغل في مدن مثل بحر دار، عاصمة إقليم أمهرة، أو موقع التراث العالمي لليونسكو في مدينة لاليبيلا.
كذلك تٌشكِل الوحدات الحكومية تهديداً كبيراً للسكان المدنيين في مناطق النزاع، إذ تٌحمِلها المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مسؤولية 70% من انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة في إثيوبيا خلال عام 2023. تنتقد اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان عمليات القتل الخارجة عن القانون والتي ترتكبها قوات أمن الدولة، وكذلك الاعتقالات التعسفية الجماعية في أمهرة وأوروميا وأديس أبابا، فضلاً عن انتقادها استخدام الطائرات بدون طيار، التي تتسبب، أحيانًا، في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين. وتشير التقارير إلى أن الجيش يقتل المدنيين، بشكل عشوائي، عندما يعجز عن السيطرة على المتمردين في قبيلة فانو في أمهرة. وكل هذا من شأنه أن يُغذي روح المُقاومة لدى السكان المُتضررين.
وعلى الرغم من أن الحكومة تستثمر في مشاريع مرموقة في أديس أبابا، لكنها تتجاهل مصالح شرائح عريضة من السكان، إذ يعتمد أكثر من 21 مليون شخص في إثيوبيا على المساعدات الإنسانية. وتعاني بعض أجزاء البلاد من انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة للجفاف والصراع وسوء أوضاع الاقتصاد الكلي. ورغم تراجُع التضخم منذ العام الماضي، إلا أنه لا يزال مرتفعاً عند مستوى يصل إلى 22.7 في المائة، خاصة بالنسبة للسلع الغذائية (19.9 في المائة في المجمل). كما ارتفع معدل انتشار الجريمة والعنف بسبب ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات البطالة والقيود المفروضة على حرية التَنقُل. لقد انسحبت بالفعل مؤسسات الدولة من بعض مناطق النزاع. ولكن هناك خطر محدق بشأن وقوع حوادث اختطاف في منطقة أديس أبابا لدرجة أن الكثيرين لم يعودوا يجرؤون على مغادرة العاصمة برًا.
وربما تمثلت الإغاثة الاقتصادية في اتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يتضمن الدعم المباشر وتخفيف أعباء الديون من جانب الجهات المانحة. ولكن على الرغم من مُضي سنوات من المفاوضات، لم تتمكن الحكومة والمنظمات الدولية بعد من الاتفاق على حزمة الدعم المخطط لها بقيمة 10.5 مليار دولار. كذلك يعد تعديل سعر الصرف بمثابة نقطة الخلاف الرئيسية، إذ تخشى الحكومة أن يؤدي تحرير سعر الصرف بسرعة كبيرة إلى تنامي معدلات التضخم. كما أن تراجع النقد الأجنبي سيؤدي بدوره إلى إضعاف القدرة الإنتاجية المحلية. وفي الوقت نفسه، فإن المستوردين الحكوميين هم المستفيدون الرئيسيون من نظام سعر الصرف الموازي.
الحوار الوطني.. وطموحات مُبالغ فيها:
من حيث المبدأ، يمكن أن يُصاحب الحوار الوطني عمليات التغيير السياسي العميق ويدفعها إلى الأمام. وفي ظل أجواء العنف والقمع، يمكن أيضًا للحوار أن يتيح وسيلة تفاوض سلمية بشأن الخلافات. كما إنه يصاحب عملية الانفتاح الديمقراطي من خلال تمكين مشاركة المجتمع المدني على نطاق أوسع دون الاقتصار على مفاوضات النخبة. ولكن، الهدف المنشود هنا يلعب دورًا مهمًا. فهل يتعلق الأمر بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن القضايا الشاملة أو إنشاء آلية لحل الخلافات المتجذرة في التاريخ والهوية بشكل بناء أو سلمي؟ إن إقامة حوار وطني من شأنه أن يساعد المجتمع على إيجاد إطار لإدارة الصراعات، وليس بالضرورة أن يستطيع حلها.
لقد دللت المبادرات الأولى لإجراء مثل هذا الحوار بعد تولي آبي أحمد منصبه في أبريل 2018 على اتباع مسار بَناء، حيث أُطلِق سراح السجناء السياسيين، وخُفِفَت القيود المفروضة على التشريعات الخاصة بالمنظمات غير الحكومية، وعاد الساسة المعارضون من المنفى بدعوة من الحكومة. كما بذل المجتمع المدني جهودًا لتنظيم حوار شامل. وتحقيقًا لهذه الغاية، عُقِدت ندوات وورش عمل غير رسمية وتحضيرية في عام 2019 ومطلع عام 2020. وكانت هناك أنشطة أخرى حظيت بدعم حكومي. ففي أكتوبر 2020، تشكلت مبادرة متعددة الأطراف للحوار الوطني (MIND)، والتي جمعت مبادرة مصير إثيوبيا، التي تقلدت دور الأمانة العامة، وعدد من مبادرات الحوار مع المجتمع المدني، ولجنة المصالحة الإثيوبية، ووزارة السلام كـ “ممثلين” للحكومة، والمجلس المشترك للأحزاب السياسية (أي أحزاب المعارضة).
وفي مطلع نوفمبر 2020، اندلعت الحرب في تيغراي. وكان الصراع العسكري مصحوبًا باستقطاب كبير في المجتمع وقيود على الفضاء العام. ومع ذلك، واصلت الحكومة جهودها في دفع عملية الحوار الوطني إلى الأمام. وفي 29 ديسمبر 2021، أصدر مجلس ممثلي الشعب، الغرفة الأدنى في البرلمان، إعلانًا ينص أيضًا على تفويض لجنة الحوار الوطني الإثيوبية (ENDC). وقد بدأت اللجنة أعمالها في فبراير 2022. وتستمر فترة ولايتها لمدة ثلاث سنوات، وتتمثل أهدافها الثلاثة الرئيسية في: التوصل إلى “إجماع وطني” حول “القضايا المتجذرة” في البلاد، وبناء الثقة بين المجموعات السكانية وبينها وبين الدولة، وتمهيد الطريق لثقافة الحوار. فلا يمكن أن يأخذنا الطموح إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أن “المشاكل الداخلية التي ظلت تختمر لقرون من الزمن”، بحسب ما أعلنه البرلمان، يجب حلها عن طريق إرساء ثقافة حوار جديدة في البلاد.
من جانبها، تؤكد الحكومة على التغيير الذي قد يُحدِثه الحوار الوطني الناجح في الطريقة التي تم التعامل بها مع الخلافات السياسية والاجتماعية الأساسية حتى الآن. وتحدث آبي أحمد عن الكيفية التي يمكن بها لثقافة الحوار أن ترأب الصدع الحاد بين فصيلي “الفائزين والخاسرين” الذي ظل قائمًا في إثيوبيا حتى الآن. ومع ذلك، فإن الصورة التي يرسمها آبي عن نفسه كصانع سلام حريص على مصالح الأمة لا تتوافق مع أداء حكومته.
عمل اللجنة:
لقد كانت لجنة الحوار الوطني بحاجة إلى بعض الوقت لتقف على قدميها وتحدد إطار عملها وتبني الثقة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين، فضلاً عن التحدي اللوجستي المتمثل في عقد جلسات استماع في جميع أنحاء البلاد. ووفقًا للمشاركين، كانت هذه أيضًا بمثابة عملية تعليمية تُسهم في بلورة عمل اللجنة. ففي النهاية، مطلوب من اللجنة إصدار تقرير ختامي عام، فضلاً عن قيامها بتطوير نظام لمراقبة تنفيذ التوصيات المتوقعة. ويتكون عمل اللجنة الأساسي من ثلاث مراحل. أولاً، إقامة فعاليات في جميع المقاطعات الـ 769، ثم إقامتها على مستوى الولايات الاثنتي عشرة والمدينتين المتمتعين بالحكم الذاتي (أديس أبابا ودير داوا)، وأخيراً بدء الحوار الفعلي على المستوى الوطني. وستحظى اللجنة الوطنية للحوار الوطني بدعم لجنة استشارية وأمانة عامة. علاوة على حضور خبراء في القضايا الدستورية الفعاليات لتمكين المشاركين من إجراء مناقشة جادة ومستنيرة.
لقد اتبعت جلسات الاستماع على مستوى المقاطعات نمطًا موحدًا، حيث دعا شركاء التعاون قطاعات عريضة من السكان، حوالي 3000 شخص، لتبادل الأفكار في غُرف تضم كل منها 50 مشاركًا. وبعد الاستهلال والتعريف، قررت هذه المجموعات الصغيرة بنفسها من سيدير الجلسة، ومن سيقدم تقريره، ومن سيتم ترشيحه للمستوى الأعلى الذي يليه. لقد قُسِمَت المجموعات وفقًا لعشرة معايير ديموغرافية واجتماعية واقتصادية، على سبيل المثال، وفقًا لتصنيفهم كنساء، شباب، نازحين، معلمين، ممثلين عن القطاع الخاص، القطاع العام أو اقتصاد الكفاف (الرعاة والمزارعين). وقد حضر أعضاء اللجنة هذه الاجتماعات، والتي سُجِل فحواها في محاضر جلسات لإخضاعها إلى مزيد من المعالجة.
وبهذه الطريقة، تزعم لجنة الحوار الوطني إنه أمكنها الوصول إلى حوالي مائة ألف شخص (كان من المُخطَط، في الأصل، أن يصل عدد المشاركين إلى 1.5 مليون). وقد جرى تمثيل كافة الولايات الفيدرالية باستثناء أمهرة وتيغراي. ووفقًا للحكومة، تم ترشيح 12294 مشاركًا من 679 منطقة للمشاركة في المؤتمرات الإقليمية. ولا تفيد هذه الموائد المستديرة على المستوى المحلي والإقليمي إلا في إحصاء بنود جدول الأعمال وترشيح ممثلي المجموعات الاجتماعية والاقتصادية للحوار الفعلي على المستوى الوطني. إن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها لجنة الحوار الوطني هي أن القضايا التي لا يمكن تناولها بالفعل في الصيغة الأدنى هي التي يجري رفعها إلى المستوى الإقليمي أو الوطني. بالإضافة إلى ذلك، تَستمِع اللجنة أيضًا إلى أعضاء الشتات الإثيوبي عبر مؤتمرات الفيديو وتقييم المذكرات المكتوبة.
إن أحد التحديات التي تواجه اللجنة الوطنية الإثيوبية للحوار الإقليمي هو فصل الغَث عن الثمين. وفي مقابلة تليفزيونية ، صرح رئيس اللجنة الوطنية الإثيوبية للحوار الإقليمي، مسفين أرايا، قائلاً: “في بعض الأحيان لا نعرف حتى من أين نبدأ.. فهناك عدد هائل من البنود المُدرجة على جدول الأعمال”. ولم يتمكن أحد من تحديد وتعيين آلية شفافة لكيفية فلترة وتجميع هذه الموضوعات العديدة. ومع ذلك، ينصب التركيز على القضايا الجدلية ذات الأهمية الأساسية. على سبيل المثال، قامت اللجنة الوطنية للحوار الإقليمي بتلخيص الموضوعات العشرة الأكثر أهمية من الحوار الإقليمي في أديس أبابا. وشملت هذه الموضوعات: الفيدرالية، والعَلم الوطني، والنزاعات حول مطالبات الأراضي، والوضع الدستوري لأديس أبابا.
شروط النجاح لم تتحقق بعد:
تتضاءل فرص نجاح الحوار الوطني في تحقيق أهدافه في الوقت الراهن. وإذا طبقنا معايير نجاح مثل هذه الصيغ والمبادرات التي طورها البحث المقارن، يتضح أن إثيوبيا لا تستوفي معظمها. ومن العوامل الأساسية اللازمة لنجاح الحوار الوطني دعم المبادرة من قِبل السكان والنُخب السياسية. ولتحقيق ذلك، ينبغي أن تكون العملية شاملة وشفافة، وينبغي أن يُنظَر إلى اللجنة على أنها مُحايدة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون قادرة على إجراء الحوار في بيئة تسمح بتبادل انتقادات مباشرة وعلنية، بقدر معقول، للدولة والحكومة دون الحاجة إلى الترهيب من القمع.
في الواقع، تضررت مصداقية الحوار الوطني في إثيوبيا من عدم مشاركة وغياب القوى السياسية المؤثرة، والتي تشمل: جبهة تحرير أورومو (OLF) ومؤتمر أورومو الفيدرالي (OFC) بالإضافة إلى جبهة تحرير شعب تيغراي. وبشكل أو بآخر، تتعاون غالبية أحزاب المعارضة الصغيرة جدًا مع الهيئة الوطنية للديمقراطية، لكن آخرين يقاطعونها. وفي مايو 2024، اتهم ائتلاف مكون من أحد عشر حزبًا معارضًا المجلس الوطني للديمقراطية باستخدامه “لأغراض مُسَيسة”. كما شكك العديد من المراقبين في نزاهة لجنة الحوار الوطني وانتقدوا إجراءات تعيين المُفوضين. وعلى الرغم من إمكانية تقديم مقترحات لهذه المناصب إلى البرلمان، إلا أن شرط التأهيل الأكاديمي يَستبعد بطبيعته الزعماء المحليين والدينيين والشباب والعديد من النساء. على سبيل المثال، أشارت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي، وهي منظمة إقليمية لحقوق المرأة، إلى هذه النقطة باعتبارها أحد أوجه القصور في عمل اللجنة.
من جهة أخرى، يُهيمن حزب الازدهار، وهو الحزب الحاكم لرئيس الوزراء آبي، على كافة أركان الدولة بجميع مستوياتها. لقد كان هدف تأسيس حزب الازدهار في عام 2019 من ثلاثة من الأحزاب الأربعة (كافة الأحزاب باستثناء الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي) التابعة لائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية، الذي حكم إثيوبيا منذ عام 1991، بالإضافة إلى أحزاب من ولايات فيدرالية أخرى، هو مواجهة إشكالية تَفتُت السكان. كما يعد حزب الازدهار أكثر مركزية من الجبهة الأثيوبية الشعبية الثورية الديمقراطية. وبحسب تصريحاته الخاصة، يعد حزب الازدهار أكبر حزب في إفريقيا، حيث يبلغ عدد أعضائه 14 مليون عضو – وقد تردد إن العديد من أعضاء الحزب قد سيطروا على المشاورات في جلسات الحوار الوطني. ويستأثر حزب الازدهار بأكثر من 96% من جميع مقاعد البرلمان. ويتعاون بعض قادة فصائل المعارضة الصغيرة في البرلمان أيضًا مع الحكومة، وليس بالضرورة على نحو يرضي أعضائهم.
في المقابل، يساور المعارضة قلق شديد إزاء إمكانية استخدام الحكومة الحوار الوطني كأداة للمُضي قدماً في إجراء تغييرات دستورية أو لاستقطاب أجنحة أكثر اعتدالاً في أحزاب المعارضة. إن الحقوق الفيدرالية للجماعات العرقية والولايات الفيدرالية يمكن تقييدها، ويمكن للنظام الرئاسي أن يحل محل النظام البرلماني الحالي. ونظراً لوضع الأغلبية، فمن الواضح أن البرلمان، باعتباره الهيئة الإشرافية على اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، لا يمكن اعتباره مُستقلاً. ولذلك رَحب ممثل إحدى منظمات حقوق الإنسان بالخطط الخاصة بالنظام الرئاسي، لأن ذلك من شأنه أن يخلق مسافة أكبر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للحكومة.
في الواقع، لا يكاد يوجد أي مناخ مفتوح لتبادل الآراء في البلاد، إذ تتعرض حرية الصحافة لقيود مشددة، فيما يعاني الجمهور الإعلامي من الاستقطاب وعُرضة لحملات التضليل. كما يتعرض الأشخاص الذين لديهم آراء غير مُرحَب بها من ساسة وإعلاميين إلى الاعتقال أو حتى قتلهم.
ورغم أن منظمات المجتمع المدني انتزعت المزيد من الحقوق منذ تغيير القانون في عام 2019، إلا أنها لا تزال تواجه قيودًا كبيرة على عملها. لقد أعلنت الوكالة الفيدرالية المسؤولة عنها في مايو 2024 أنها تخطط لإلغاء تراخيص ما يقرب من نصف المنظمات المسجلة سابقًا لأنها لم تستوفِ الشروط القانونية أو لم تقدم تقارير عن عملها. وتنتقد منظمات حقوق الإنسان القيود والتهديدات التي تفرضها قوات الأمن، بما في ذلك أثناء السفر إلى الخارج.
كما تؤثر أعمال العنف المستمرة في أمهرة وأجزاء من أوروميا وعواقب الدمار الذي خلفته الحرب في تيغراي على مٌخرجات ونتائج الحوار الوطني. لقد دعت لجنة الحوار الوطني الجماعات المسلحة مثل جيش تحرير أورومو (OLA) وفانو في أمهرة إلى المشاركة، إذا لزم الأمر عبر وكلاء أو من خلال اجتماعات في بلدان ثالثة. ومع ذلك، يبدو الاتصال المباشر صعبًا. من جانبه، حدد جيش تحرير أورومو شروطًا ملموسة للمشاركة في الحوار الوطني، ولا سيما منح المزيد من الحريات السياسية، ومفاوضات السلام وتشكيل لجنة أكثر استقلالية. ومثلها مثل قوى المعارضة الأخرى، تشعر الجماعة المسلحة بالانزعاج من حقيقة أن المؤسسات التي يهيمن عليها حزب الازدهار من المفترض أن تراقب الحوار وتنفذ أي نتائج. ولطالما طالبوا بتشكيل حكومة انتقالية. لكن آبي رفض هذا الأمر ووصفه بأنه غير ديمقراطي في الحدث الأخير للحوار الإقليمي في أديس أبابا الذي انعقد في أوائل يونيو 2024.
ولعل الثغرة الكبرى في الحوار الوطني هي عدم وجود حوار مصاحب على المستوى السياسي (النخبة). وكان بوسع الحكومة أن تبادر بإطلاق عملية موازية مع أهم ممثلي الجماعات أو الأحزاب السياسية العرقية، لتحديد المعايير الخاصة بإجراءات التشاور في الحوار الوطني. وكان من الممكن أن يسهم ذلك في بلورة أهداف أكثر وضوحًا للحوار، وهو أيضًا شرط لنجاح مثل هذا النوع من المبادرات.
وحتى لو عالجت جلسات الحوار الوطني مشكلات حقيقية، ومن وجهة نظر المعارضة، تضمنت توصيات فعالة لحلها في تقرير اللجنة الختامي، فإن العملية برمتها تفتقر إلى الشرعية وآليات فعالة لضمان تنفيذها. ومن غير المرجح أن يعمل الحوار الوطني على تقليص مساحة تراجُع الثقة لدى قطاعات كبيرة من السكان والنُخب في الحكومة بشكل كبير. ومن غير المرجح أيضًا أن تخلق المبادرة قدرًا كبيرًا من الثقة بين السكان، لأنها مصممة، في الأساس، لمعالجة العلاقة الرأسية بين الدولة والفئات الاجتماعية، ولكنها لا تجمع ممثلي المجتمع بأطيافه المختلفة على المستوى المحلي.
وفي ظل غياب إجماع شامل، هناك خطر محدق بشأن استخدام الحكومة الحوار الوطني لتجاوز أو حتى عزل قوى المعارضة الرئيسية. فعلى سبيل المثال، هناك مزاعم بأن آبي أحمد يسعى إلى تقسيم المزيد من الولايات الفيدرالية، الأمر الذي من شأنه أن يُضعِف المجموعات العرقية الأكبر. وبدلاً من خلق مناخ من النقاش الديمقراطي، يمكن للحوار، على هذا المِنوال، أن يُغذي مناخ الاستبداد في البلاد.
المخاطر وفرص بناء السلام:
أشار بعض المحاورين الإثيوبيين الذين انتقدوا الحكومة إلى أوجه القصور التي ينطوي عليها الحوار الوطني، لكنهم أعربوا أيضًا عن قلقهم بشأن احتمال فشل العملية برمتها، مما قد يؤدي إلى مزيد من العنف في البلاد. ولذلك دعا البعض إلى الاستفادة القصوى من هذه الفرصة. وفيما يتعلق بهدف التعايُش السلمي في المستقبل، من المهم للغاية عدم خسارة الحوار كأداة سياسية فاعلة والحد من تفاقم حالة انعدام الثقة الاجتماعية.
يشير مرصد إثيوبيا للسلام، وهي منصة بحثية دولية، إلى أن الحوار الوطني لا يزال بإمكانه تحقيق نتائج بناءة على صعيد بعض جوانب بناء السلام. وباعتباره عملية تشاور وطنية، فإن الحوار الوطني يمكّن حزب الازدهار من جمع المعلومات حول المظالم المحلية والإقليمية، وبناءً على هذه المعرفة، يساعد على تحسين الثقة بين أعضاء الحزب ومع الإدارة المعنية. وقد يحقق ذلك للحكومة وضعية أفضل تُمكِنها من معالجة النزاعات على أرض الواقع. والوضع مماثل في المناطق الأصغر حجمًا في أطراف البلاد، حيث أصبحت الأمور أكثر سلامًا مما كانت عليه لفترة طويلة. لقد كانت هناك عمليات سلام ناجحة مع الجماعات المسلحة هناك، لكنها لا تزال هشة. وفي مناطق مثل بني شنقول جوموز، وعفر، وإقليم الصومال، يمكن أن تصاحب أشكال الحوار الوطني الموازية أو المتتابعة عملية إعادة هيكلة العلاقات السياسية والاجتماعية التي بدأت هناك. وفي جنوب إثيوبيا، يمكن أن تساعد الصيغ الإضافية المناسبة الناتجة عن مشاورات لجنة الحوار الوطني المناطق التي تشكلت حديثاً في السنوات الأخيرة على زيادة شرعيتها وحقن الصراعات.
في أمهرة وأوروميا وتيغراي، يمكن للحوار الوطني أن يسهم في حل النزاعات إذا كانت هناك مفاوضات سلام ذات مصداقية (مع فانو وجبهة تحرير أورومو) أو إذا تم تنفيذ بنود أساسية من اتفاق بريتوريا الخاصة بإقليم تيغراي. على الأقل هذا ما شرعت جبهة تحرير شعب تيغراي والحكومة مؤخرًا في القيام به، بما في ذلك العودة المُنظَمة لمئات الآلاف من النازحين داخليًا إلى المناطق الواقعة غرب وجنوب تيغراي التي احتلتها وحدات أمهرة أثناء الحرب. يمكن أن توفر المشاورات منتدى للمجموعات العرقية في المناطق المتضررة من الصراع لطرح أفكارها حول التعايش على المستوى الوطني. بالطبع، لن ينجح هذا المَسعى إلا إذا وثقت الجماعات السياسية والمسلحة المعنية باستقلال عمل لجنة الحوار الوطني، على سبيل المثال من خلال تعيين مفوضين إضافيين في المرحلة الثانية.
وأخيرًا، ينبغي تنسيق الحوار الوطني، بشكل وثيق، مع مبادرات بناء السلام الأخرى. ففي أبريل 2024، تعهد مجلس الأمن القومي، الذي يرأسه آبي أحمد، بتنسيق مناهج الحكومة المختلفة لإدارة الصراع. بالإضافة إلى الحوار الوطني، تشمل هذه القضايا التعامل مع إرث الظلم السابق (العدالة الانتقالية)، وتسريح المقاتلين السابقين ونزع سلاحهم وإعادة دمجهم، وإعادة بناء البنية التحتية في مناطق النزاع، وتعزيز سلطات إنفاذ القانون ومكافحة التضليل. وفي ذلك السياق، ذكر مجلس الأمن القومي أيضًا أنه من الضروري، في بعض الأحيان، استخدام القوات العسكرية “للحفاظ على السلام”. ومن بين مهام المؤسسات المَعنية بمعالجة إرث الماضي، والتي لم يتم إنشاؤها بعد، دراسة التفسيرات والمنظورات التاريخية المختلفة التي ربما ظهرت بالفعل في سياق مشاورات جلسات الحوار الوطني.
إن تسريح المقاتلين، وحل الميليشيات، والتصالح مع المظالم المُرتكَبة، يتطلب قدر لا بأس به من الثقة في مؤسسات الدولة. وينبغي أن تكون كل هذه التدابير جزءًا لا يتجزأ من هيكل السلام المتكامل الذي يتضمن أيضًا أشكال الحوار على المستويين المحلي والإقليمي. إن أولئك الذين يرفعون سقف التوقعات بين الضحايا، بشكل متكرر، من خلال المشاورات والمبادرات والإعلانات، إنما يزيدون أيضًا من الضغوط من أجل تحقيق تحسينات ملموسة في ظروف المعيشة. من ناحية أخرى، من المرجح أن يؤدي بناء السلام الظاهري دون الولوج إلى جوهر الإصلاح الحقيقي إلى تأجيج الغضب والإحباط وإشاعة حالة من خيبة الأمل بين السكان.
في نهاية الأمر، تواجه كافة أدوات بناء السلام تحديات مماثلة كالتي يواجهها الحوار الوطني. إن الحكومة، التي تعمل ممارساتها على تعزيز الصراع بشكل كبير (وإن لم تكن وحدها)، وتزرع بذور عدم الثقة وتُعرِض المدنيين للخطر، لا تستطيع ضمان استقلالية وفعالية مثل هذه المبادرات. وهناك نقاط انطلاق واشتباك للجهات الفاعلة الدولية في هذا السياق.
تداعيات تَدخُل الجهات الفاعلة الدولية:
تقدم الجهات الفاعلة الدولية بالفعل دعماً كبيراً لعملية الحوار الوطني، إذ يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بتنسيق المساعدة المالية والتقنية كجزء من برنامج أكبر لبناء السلام. ويقوم الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك ألمانيا، وكذلك النرويج، بتمويل عمل لجنة الحوار الوطني الإثيوبي من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بسبعة ملايين يورو. بالإضافة إلى ذلك، هناك الخبرة الفنية والتدريب الذي تقدمه مؤسسة بيرغوف نيابة عن وزارة الخارجية الألمانية وشركاء دوليين آخرين، والذي بدأ قبل عدة سنوات من إنشاء لجنة الحوار الوطني الأثيوبية.
كذلك تحاول الأطراف الدولية تحقيق توازن صعب. فمن ناحية، يريدون استخدام الحوار الوطني لتعزيز تحقيق السلام في سياق غالباً ما يتم الرد فيه على الصراعات بالعنف والقمع. ومن ناحية أخرى، يمنح الدعم الخارجي العملية شرعية إضافية، بحسب ما أكده المحاورون الإثيوبيون. ويجب أن يدرك الشركاء الدوليون أنهم يتحملون أيضاً قدراً من المسؤولية عن مدى فعالية الحوار الوطني.
إن إقناع الحكومة الأثيوبية بالمشاركة بشكل بناء في الحوار الوطني وغيره من آليات المصالحة وحل الصراعات يتطلب نهجاً حساساً ومدروساً للغاية. ينبغي على ألمانيا الضغط على الحكومة الإثيوبية لدفع مفاوضات السلام في أمهرة وأوروميا قٌدمًا. ويجب أن تكون مثل هذه الجهود من جانب أديس أبابا، وكذلك إحراز تقُدم في تنفيذ اتفاق بريتوريا في تيغراي، وجعله شرطًا أساسيًا لمزيد من الدعم الدولي للحوار الوطني في هذه المناطق. على أية حال، لا ينبغي أن تتدفق الأموال المخصصة للحوار وبناء السلام بشكل مباشر إلى الحكومة، بل يجب توجيهها بشكل محدد وشامل إلى المؤسسات ذات الصلة مثل لجنة تطوير الحوار الوطني وأنشطتها.
وينبغي لشركاء إثيوبيا الدوليين أن يراقبوا، عن كثب، الحوار الوطني الجاري. وفيما يتعلق بموقفهم تجاه العملية، ينبغي عليهم الحفاظ على تبادل وثيق مع ممثلي المعارضة وحقوق الإنسان الذين لديهم وجهة نظر مختلفة حول العملية. كما يطالب بعض المراقبين بالفعل بإيقاف عملية الحوار من أجل إصلاحها وإضافة حوار نخبوي. وتُظهِر التجارب مع بلدان أخرى مثل السودان واليمن أن الدعم الخارجي المفرط للحوار الوطني المَعيب يمكن أن يُضفي الشرعية على الإدارة الاستبدادية للصراع. وينبغي على المروجين والمانحين الدوليين للحوار الوطني أن يهتموا بالتمييز بوضوح بين العملية والنتائج المُحتملة الناتجة عنها. ولا ينبغي لهم أن يسمحوا للقيادة الإثيوبية بإشراكهم في مشاريع لا تعمل على تحسين الظروف المعيشية للسكان، بل تهدف فقط إلى تحسين صورة الحكومة.
………………………..
رابط التقرير:
https://www.swp-berlin.org/publikation/die-engen-grenzen-von-aethiopiens-nationalem-dialog