إيمان الشعراوي
باحثة في الشؤون الإفريقية
في الوقت الذي تخوض فيه الولايات المتحدة الأمريكية والصين صراعًا على النفوذ السياسي والاقتصادي في إفريقيا، يُشكِّل الذكاء الاصطناعي محورًا جديدًا للمنافسة بينهما، في ظل تدافع الدول الإفريقية لوضع سياسات خاصة بها في مجال الذكاء الاصطناعي من جهةٍ، وظهور تطبيقات تكنولوجية جديدة للصين وأمريكا قادرة على الانتشار في إفريقيا؛ بحيث أصبحت تُشكِّل نقاط دخول إستراتيجية في سعيهما للهيمنة الاقتصادية العالمية من جهة ثانية.
ووفقًا لتقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي الصادر عن معهد الذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان بجامعة ستانفورد، كانت الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الرئيسي لنماذج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في عام 2023م، بواقع 61% مقارنة بـ15% للصين. ومع ذلك، أكَّد التقرير أن الصين تفوَّقت عالميًّا من حيث عدد براءات اختراع الذكاء الاصطناعي بنسبة 61.1%، في حين بلغت حصة الولايات المتحدة 20%([1]).
كما تُشكّل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حوالي 38.6% من الناتج المحلي الإجمالي للصين. في ظل التزام بكين بوَضْع نفسها في طليعة الابتكار التكنولوجي العالمي، كما يتَّضح من خطتها الخمسية الرابعة عشرة (2021-2025م)، وخطاب الرئيس “شي جين بينغ” في مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الذي أكَّد على أهمية التوسُّع التكنولوجي، والذي يُمثِّل جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية الصين في أن تصبح أكبر دولة في العالم.([2])
وقد احتلت التقنيات الرقمية مركز الصدارة في الصراع العالمي الجديد بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في إفريقيا؛ حيث إن التوسع الرقمي للصين من خلال مشروع طريق الحرير الرقمي (DSR) يُعزِّز أجندتها الجيوسياسية في الدول الإفريقية.
في الوقت الذي تقوم المؤسسات المالية الصينية بتمويل مشاريع البنية التحتية الرقمية في الدول الإفريقية، والتي تُنفِّذها الشركات الصينية، تحرص على وضع معايير تكنولوجية جديدة تتحدَّى النظام الرقمي العالمي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أدركت أن التوسع الرقمي الصيني يُشكِّل تحديًا خطيرًا للمصالح الجيوسياسية لها في إفريقيا، لذلك قامت بشن حملة عالمية ضد التوسع الرقمي الصيني، وفرضت حظرًا على الشركات التكنولوجية الصينية، واعتمدت شراكة الاتصال الرقمي والأمن السيبراني (DCCP)، وأطلقت مخطط الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار (PGII)؛ وذلك لمواجهة التوسُّع الرقمي الصيني على المستوى العالمي بشكل عام، وإفريقيا بشكل خاص.([3])
وبينما تتنافس الصين والولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز حضورهما الرقمي في إفريقيا، يُثار تساؤلان رئيسيان؛ أولهما: ما مدى قدرة القارة الإفريقية على الاستفادة من هذا التنافس في تطوير بنيتها التحتية التكنولوجية؟ والآخر: هل تستطع الدول الإفريقية الحفاظ على توازنها في علاقتها مع كلا البلدين، والتنقل في هذا النظام البيئي الرقمي المعقّد محافظةً على عدم انحيازها في نظام بيئي للإنترنت مقسم بشكل كبير بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين؟
لماذا إفريقيا؟
تبرز القارة الإفريقية لاعبًا مهمًّا في المنافسة الأمريكية الصينية على الذكاء الاصطناعي، وتعزيز النفوذ الرقمي في القارة، ويكمن ذلك في عدة أسباب، من أهمها ما يلي:
1- المعادن الإفريقية المهمة المُستخدَمة في التكنولوجيات الناشئة، مثل الكوبالت والليثيوم والجرافيت ومعادن البلاتين، وما إلى ذلك، والتي تُعدّ موادّ أساسية للتكنولوجيا اليومية، مثل المنتجات الإلكترونية الاستهلاكية، وهي سوق غير مستغلَّة حتى الآن لتشغيل النظام البيئي التكنولوجي العالمي الناشئ.
بالإضافة إلى ذلك، تُوفّر الموارد الطبيعية لإفريقيا الفرصة لجعل القارة الإفريقية لاعبًا رائدًا في التحول الأخضر العالمي إلى تقنيات السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات. بالشكل الذي يمكن معه القول: إن استحواذ أيٍّ من الدولتين على معادن إفريقيا سيجعلها رائدةً في صناعة الرقائق الإلكترونية.
2- بحلول عام 2050م سيكون هناك 2.5 مليار مستهلك إفريقي، مما يجعل إفريقيا سوقًا واعدةً للاستثمارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى ذلك؛ فإن فرصة توسيع نطاق ابتكارات البحث والتطوير المتوافقة مع احتياجات المنطقة لها أهمية خاصة؛ نظرًا لوجود مجتمع شبابي سريع النمو. سيكون واحد من كلّ خمسة شباب في العالم إفريقيًّا في غضون ثلاثين عامًا، لذلك إذا أرادت دولة ما أن تكون أول مَن يصل إلى السوق الإفريقي، فإن وجودها المحلي سيكون ضروريًّا لتلبية احتياجات هذا السوق الديموغرافي المتنامي.([4])
3- إفريقيا أرض اختبار للأفكار الجديدة التي لن تنجح في الأسواق المتقدمة، ومنها على سبيل المثال: الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي؛ حيث تُعدّ المناطق الاستوائية في إفريقيا موطنًا للعديد من الأمراض الناشئة التي تُشكِّل خطرًا على الصحة العالمية.
وتشهد هذه المناطق أيضًا ارتفاع معدلات الفقر، مما يَحُدّ من الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة، ونتيجة لذلك، يتم تجربة تقنيات طبية جديدة في إفريقيا لمعرفة مدى قدرتها على الوقاية من الأمراض الحالية والقادمة وتشخيصها وعلاجها، ثم بيعها بعد ذلك للدول النامية بأسعار مرتفعة.([5])
4- الحد من الوجود الإستراتيجي للقوى المُنافِسَة؛ حيث يعكس الحضور الصيني والأمريكي في إفريقيا الاهتمام المُتزايد مِن قِبَل القوتين بهذه المنطقة ذات الأهمية الجيوإستراتيجية لكليهما، وذلك بالنظر إلى ارتباطهما بمصالح عديدة ومتشابكة. وبالتالي، فإنه يمكن تفسير حرص بكين وواشنطن على زيادة حضورهما الرقمي برغبتهما في الحدّ من وجود القوة الأخرى المُنافِسة لهما في المنطقة، ومحاولة الانفراد بالسيطرة والنفوذ. وهو ما لا ينفصل عن محاولاتهما لفرض نفوذهما على العديد من مناطق العالم الأخرى، في سياق تنافسهما على الزعامة والهيمنة على النظام الدولي.
ومن المتوقع أن يتزايد هذا التسابق، بسبب نظر البلدان إلى التقنيات الرقمية كأدوات ذات أهمية إستراتيجية وأمنية، على غرار ما كانت عليه الموارد الطبيعية في القرنين التاسع عشر والعشرين، ولن تُعيد هذه التكنولوجيات تعريف سلوك السياسة الدولية فحسب، بل إنها أصبحت أيضًا ساحات رئيسية للمصالح الجيوسياسية والاقتصادية.([6])
5- 39٪ فقط من الأفارقة لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، مقارنةً بنحو 89٪ في أمريكا الشمالية، وذلك في ظل اعتبار المناطق التي لم يصلها الإنترنت من أهم مناطق النفوذ للدول التكنولوجية الكبرى؛ لأنه يمكن التحكم في مواطني هذه المناطق بسهولة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والذي يُعدّ أساسًا للمستقبل.([7])
6- تكلفة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية أقل من الاستثمار الرأسمالي في البنية التحتية المادية، مثل الطرق والجسور والسكك الحديدية التي يترتب عليها الكثير من التكلفة الاجتماعية والبيئية بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية؛ حيث تُواجه الشركات الصينية اتهامات بانتهاك المعايير البيئية ومعايير العمل في أعمالها داخل إفريقيا وحصار إفريقيا بالديون. كما أوضح “هوارد فرينش” في كتابه “قارة الصين الثانية”؛ أن الحكومات الإفريقية تتعرض للكثير من التهديدات إذا فرضت لوائحها التنظيمية أو تصرَّفت ضد رغبات الشركات الصينية.([8])
مظاهر السباق في الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا في إفريقيا:
تعددت مظاهر السباق الرقمي بين القوتين العظميين في إفريقيا؛ بحيث اتخذت مجموعة من الأشكال تمثل أبرزها فيما يلي:
1- زيادة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي:
قامت الولايات المتحدة الأمريكية، بالعديد من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا؛ حيث افتتحت شركة “جوجل” في وادي السليكون أول مختبر لها في مجال الذكاء الاصطناعي في غانا، في حين تمتلك شركة “آي بي إم” مرافق بحثية في كينيا وجنوب إفريقيا. وفي قمة الأعمال التي عقدتها غرفة التجارة الأمريكية في نيروبي أبريل 2024م، أعلنت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو عن شراكة لتمكين الشركات الأمريكية من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في كينيا، كما تعتزم شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة “مايكروسوفت” وشركة “جي42” للذكاء الاصطناعي التي تتخذ من الإمارات مقرًّا لها، استثمار مليار دولار لبناء مركز بيانات في كينيا.([9])
كما اهتمت الصين أيضًا بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا. فلأكثر من عقد من الزمان، ظلت الصين تستثمر في البنية التحتية للإنترنت والاتصال في القارة من خلال مبادرة الحزام والطريق، وفي أبريل 2024م، عُقد منتدى صيني-إفريقي للتنمية والتعاون في مجال الإنترنت في مدينة شيامن الساحلية بجنوب شرقي الصين وحضره ممثلون عن حوالي 20 دولة إفريقية.([10])
وقد أصبح جزء كبير من القارة يعتمد على الشركات الصينية في اتصالاتها وخدماتها الرقمية. وتخطط شركة China Telecom لإنشاء شبكة ألياف ضوئية بطول 150 ألف كيلو متر تُغطّي 48 دولة إفريقية. وقد تفوقت شركة Transsion Holdings، وهي شركة مقرّها في شنتشن، على شركة Samsung لتصبح الشركة الرائدة في مجال توفير الهواتف الذكية في إفريقيا. كما قامت شركة هواوي، شركة الاتصالات الصينية العملاقة، ببناء 70% من شبكات الجيل الرابع ومعظم شبكات الجيل الثاني والثالث في القارة، متفوقة بشكل كبير على منافسيها الأوروبيين. وقد عيَّنت الحكومة الكينية شركة هواوي كمستشار رئيسي بشأن “خطتها الرئيسية” لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات. وتُزوّد شركة ZTE، مجموعة الاتصالات الصينية، الحكومة الإثيوبية بالبنية التحتية؛ لتمكينها من مراقبة اتصالات نشطاء المعارضة والصحفيين. وفازت شركة صينية أخرى (هي H3C)، بعقد لبناء شبكة اتصالات جديدة لإثيوبيا. وأنشأت شركة Hikvision مكتبًا في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، ومن خلال مزود محلي للمراقبة بالفيديو، قامت بنشر 15000 كاميرا في جميع أنحاء منطقة العاصمة في عام 2019م.([11])
وتلعب الشركات الأمريكية والصينية دورًا واضحًا في تطلعات دولهما للهيمنة على الاتصالات العالمية. ورغم أن بعض هذه الشركات هي في الظاهر مؤسسات خاصة تُحرّكها قوى السوق؛ إلا أنها تظل جميعها مسؤولة أمام الحكومة، وعلى سبيل المثال تتمتع شركة Hikvision الرائدة في العالم في مجال تصنيع معدات كاميرات المراقبة، بعلاقات قوية مع الحكومة الصينية.
وكشفت الشركة في تقريرها السنوي لعام 2018م أن الحكومة الصينية كانت المساهم المسيطر، وتم تعيين رئيس الشركة في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في عام 2018م. كما أن مُؤسِّس هواوي هو رن تشنغفي، ضابط سابق في “قسم التكنولوجيا العسكرية” بجيش التحرير الشعبي. واستمرت العلاقات القوية بين إدارة هواوي وأجهزة الأمن والمخابرات الصينية؛ حيث تتلقى الشركة مليارات الدولارات من الإعانات الحكومية.
2- إطلاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي (ChatGPT) و(Chat Xi PT):
أطلقت الدولتان العديد من التطبيقات المتسقة مع الرؤية السياسية للنظام الأمريكي والصيني؛ حيث أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية تطبيق (ChatGPT) في نهاية عام 2022م، وهو أحد أنواع تطبيقات المحادَثة القائمة على تكنولوجيات الذكاء الصناعي التوليدي، والذي انتشر في عدد كبير من الدول الإفريقية. وتظهر الأبحاث التي أجراها مؤشر ستانفورد للذكاء الاصطناعي لعام 2024م أن 27% من الكينيين يستخدمون ChatGPT يوميًّا، ليحتلوا المرتبة الثالثة بعد الهند وباكستان.([12])
وأعلنت أكبر هيئة تنظيمية للإنترنت في الصين في 24 مايو 2024م، عن إطلاق تطبيق (Chat Xi PT) وهو نموذج لغوي كبير (LLM) يمكنه الإجابة عن الأسئلة، وإنشاء التقارير وتلخيص المعلومات، والترجمة بين اللغتين الصينية والإنجليزية، وهو نموذج طوَّره معهد أبحاث الفضاء السيبراني التابع لإدارة الفضاء السيبراني الصينية، ويرتكز على الفلسفة السياسية للرئيس “شي جين بينج”، وموضوعات الفضاء السيبراني الأخرى التي أقرَّتها الحكومة الصينية، ووصفته بأنه نظام ذكاء اصطناعي “آمِن وموثوق”؛ حيث إنه يتوافق مع أهداف الحكومة الصينية ورؤيتها لدور الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة تمكينية تساهم في تعزيز نموذجها السياسي.([13]) وعلى الرغم من أن التطبيق الصيني لم ينتشر بعدُ في القارة الإفريقية، مثل (ChatGPT) بسبب حداثة إطلاقه؛ إلا أنه من المتوقع أن يتزايد انتشاره خلال الفترة القادمة في العديد من الدول الإفريقية.
3- استخدام الدول الإفريقية كمختبرات لتحسين تقنيات المراقبة:
تسعى كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى أن يصبحا رائدين عالميين في مجال الذكاء الاصطناعي، ويتم ذلك جزئيًّا من خلال استخدام البلدان النامية، ومنها الدول الإفريقية، كمختبرات لتحسين تقنيات المراقبة الخاصة بهما. وفي مارس 2018م، وقَّعت شركة CloudWalk Technology الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، اتفاقية مع حكومة زيمبابوي لنشر تكنولوجيا التعرُّف على الوجه هناك؛ حيث ستُتاح لشركات الذكاء الاصطناعي الصينية الفرصة لتدريب خوارزمياتها على الوجوه الإفريقية لتنويع مجموعات البيانات الخاصة بها وتحسين دقة منتجاتها.([14])
المُحدِّدات التي تُعيق استفادة الدول الإفريقية من المنافسة الصينية الأمريكية:
تظل الاستثمارات غير الكافية في البنية التكنولوجية إحدى المحددات الرئيسية التي تحول دون الاستفادة من مميزات الذكاء الاصطناعي. فوفقًا للبنك الدولي، فإن تحقيق الوصول الشامل والجيد إلى الإنترنت في جميع أنحاء إفريقيا سيتطلب استثمارات بقيمة 100 مليار دولار أمريكي، 80% منها مطلوب للبنية التحتية الأساسية لإنشاء وصيانة شبكات النطاق العريض. ويشمل ذلك 250.000 محطة قاعدة جديدة لتقنية G4، وما لا يقل عن 250.000 كيلو متر من الألياف والانتقال إلى شبكة G5، وهو ما يمكن بدَوْره أن يزيد بشكل كبير من الحاجة إلى مراكز البيانات.([15])
وعلى الرغم من تصدُّر الدول الأكثر تقدمًا مثل جنوب إفريقيا وكينيا ومصر ونيجيريا في التحول الرقمي. إلا أن الكثير من الدول في إفريقيا بحاجة إلى تعزيز تنسيق أُطُر التحوُّل الرقمي، ومواءمة السياسات وتنظيم القطاع لتسهيل استخدام التكنولوجيا الرقمية وتوسيع نطاق الاستثمار في الموارد والبنية التحتية.([16])
ويعتمد النظام البيئي الرقمي بشكل كبير على كهرباء ثابتة وبأسعار معقولة، بدءًا من اتصالات الإنترنت المنزلية إلى المحطات الأساسية التي تدعم الشبكات الخلوية إلى مراكز البيانات التي تخزن محتوى الإنترنت. وهذا يعني أن معظم الدول الإفريقية ذات البنية التحتية الضعيفة للطاقة ستظل تعاني من الفجوة الرقمية والاستبعاد الرقمي، مما يؤثر على القدرة التنافسية الرقمية للمنطقة.
وبينما يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانات كبيرة لحل العديد من الأزمات التي تُواجه إفريقيا؛ إلا أنه نظرًا للطبيعة الاقتصادية والسياسية لإفريقيا فإنه قد يترتب عليه مجموعة من المخاطر، ومنها أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى إدامة التحيزات، وتفاقم الظلم، وانتهاك حقوق الإنسان، فضلًا عن آثاره السلبية على الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية؛ حيث يستفيد المجرمون من هذه التكنولوجيا لمهاجمة مجموعات البيانات والتطبيقات الشخصية وانتحال الشخصية للابتزاز أو الاحتيال. ففي جنوب إفريقيا، زادت عمليات الاحتيال بانتحال الشخصية بنسبة 356% بين أبريل 2022م وأبريل 2023م بسبب الذكاء الاصطناعي.
ويتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على التأثير على الرأي العام؛ من خلال نشر معلومات مضللة. على سبيل المثال، تم نشر مقطع صوتي مُسرَّب على نطاق واسع عبر واتساب وفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى خلال الانتخابات العامة في نيجيريا لعام 2023م. ويُصوّر هذا التسجيل الصوتي الذي ثبت أنه مُزيَّف محادثة سرية بين قادة أكبر حزب معارض، حزب الشعب الديمقراطي، يُخطّطون فيه للسيطرة على نتائج الانتخابات. وهو ما قد أثار مشكلات اجتماعية وتقنية حول الانتخابات الديمقراطية.([17])
كما أن طرح المزيد من برامج الرعاية الصحية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في إفريقيا مهمّ؛ إلا أن له الكثير من التحديات، سواء تلك التحديات المتمثلة في البنية التحتية المحدودة، كما ذكرنا سابقًا، أو التحدي المتعلق بالبيانات نفسها؛ حيث يتم تدريب معظم خوارزميات التعلم الآلي على مجموعات البيانات المُخزَّنة خارج إفريقيا، مما يَحُدّ من استخدامها في معالجة قضايا الرعاية الصحية الخاصة بالسكان الأفارقة. ومن الأمثلة المعروفة في علم الوراثة؛ حيث تأتي 95% من البيانات من الجينومات الأوروبية، مما يَحُدّ من استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الجينومات من الأشخاص غير الأوروبيين والكشف عن الأمراض. لكن مع ذلك أصبحت هناك برامج كبيرة جارية في الجامعات الإفريقية والشركات الخاصة التي تجمع بيانات الرعاية الصحية في إفريقيا، مما يسمح للشركات المحلية بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي باستخدام بيانات خاصة بالمنطقة.([18])
هل سيتحوّل الذكاء الاصطناعي لأداة للاستعمار الجديد؟
على الرغم من النهج الحمائي الذي تتخذه الدولتان للحدّ من تأثير تقنيات الطرف الآخر، والتخوُّفات إزاء العواقب التي قد تترتب على الأمن القومي نتيجة لاعتماد أيٍّ منهما المتبادل على تكنولوجيات كلٍّ منهما، ففي السنوات القليلة الماضية، فرضت واشنطن عقوبات صارمة على شركات التكنولوجيا الصينية -بما في ذلك الحدّ من وصولها إلى التكنولوجيات الأمريكية الحيوية مثل أشباه الموصلات؛ حظر بيع واستيراد الخدمات أو المنتجات من Huawei وZTE؛ والتدقيق الأخير لتطبيق TikTok، وحظر استخدامه على الأجهزة المملوكة للدولة في الولايات المتحدة. ومن جانبها، فإن بكين مُغلَقة أمام كافة أشكال المنافسة الأجنبية، وليس فقط مع الولايات المتحدة؛ كما هو واضح في نظام الاستيراد المقيَّد للخدمات الرقمية، ومساحة الإنترنت شديدة التنظيم، وقوانين توطين البيانات القوية.([19])
إلا أنه مع ذلك تسعى الدولتان لمزيدٍ من النفوذ في السوق الإفريقية من خلال وجود شركات كبيرة متعددة الجنسيات في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي ستفرض أنظمتها في جميع أنحاء القارة، ولا تترك مجالًا لخلق أنظمة محلية، في ظل أن معظم البيانات التي يتم إنشاؤها حاليًّا في إفريقيا تم تطوير بنيتها التحتية خارج القارة. هذه الشركات تُعيد صورة الشركات متعددة الجنسيات في إفريقيا العاملة في المجال الاقتصادي على مدار سنوات، والذي نظريًّا من المفترض أن تُساعد على تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية من خلال خَلْق فُرَص وظيفية أكثر وزيادة القدرات الإنتاجية؛ إلا أنها عمليًّا اعتُبرت امتدادًا للاستعمار التقليدي في القارة الإفريقية؛ لاستنزاف موارد القارة إلى الخارج.
كما أنه في سياق الثورة الصناعية الرابعة تسعى الدولتان إلى استخدام قوة الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع التقدم في التكنولوجيا الحيوية؛ بحيث تكون إفريقيا المكان الذي يتم فيه اختبار كل هذه الحلول الجديدة بشكل غير مُعلَن، بالشكل الذي قد يصل إلى إجراء اختبارات على البشر باستخدام الرقائق أو حتى عناصر التكنولوجيا الحيوية المتكاملة. خاصةً أنه من الناحية التنظيمية، فإن اللوائح والقوانين الحالية ليست فعَّالة وغير قادرة على حماية حقوق الإنسان الإفريقي، بالشكل الذي يُشكِّل تهديدًا كبيرًا على القارة.([20])
ويمكن القول: إن التكنولوجيا الأساسية تعكس هيمنة الشركات الغربية والآسيوية التي أنشأتها، بدلًا من أن تعكس قيم ومعايير ومصالح البلدان الإفريقية؛ حيث يتم استخدامها، ومثال ذلك أنه في نيجيريا، اجتذبت الشركات الناشئة تمويلًا بقيمة 1.2 مليار دولار في عام 2022م، تستورد ما يقرب من 90٪ من جميع البرامج المستخدمة في البلاد. وذلك في الوقت الذي كانت فيه الشركات النيجيرية الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، أو التكنولوجيا الزراعية، أو تكنولوجيا التعليم تبني نماذج أعمالها على أدوات الذكاء الاصطناعي التي تم تخطيطها عبر المحيط الأطلسي، مما يُعيق أن تتمتع نيجيريا بأيّ سيادة رقمية ذات دلالة وأهمية.([21])
وبالنسبة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإنه مع نقص تمثيل إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي؛ تم تدريب ChatGPT على مجموعات بيانات ضخمة من النصوص الواردة من الدول المتقدمة ممثلة بشكل كبير في مجموعات بيانات التدريب، مع وجود عدد صغير فقط من إفريقيا، وتمثل منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا 1.06% فقط من إجمالي منشورات مجلات الذكاء الاصطناعي في العالم. وفي المقابل، تمثل شرق آسيا وأمريكا الشمالية 42.87% و22.70% على التوالي. هذا النقص في تمثيل إفريقيا ومحدودية بيانات التدريب التي تتوافق مع الواقع الثقافي والاقتصادي الإفريقي، له آثار كبيرة على القارة؛ حيث تميل نتائج ChatGPT نحو تعزيز الهيمنة الثقافية والأيديولوجية الغربية؛ لأن هذا هو كل ما تعلمته.([22])
وبالمثل فإنه تمَّ توظيف التطبيق الصيني الجديد Chat Xi PT في الترويج لأفكار الرئيس الصيني؛ حيث تم تدريبه على الفلسفة السياسية وأفكار الرئيس الصيني “شي جين بينج” المعروفة باسم “فكر شي جين بينج حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد”، والأدبيات الرسمية الأخرى التي تُقدِّمها إدارة الفضاء السيبراني الصينية. ويأتي إنشاء نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديد عقب جهود مكثَّفة بذلها المسؤولون الصينيون لنشر أفكار “شي” حول السياسة والاقتصاد والثقافة، باستخدام كافة الوسائل التقليدية والتكنولوجية. وفي حين أن الإصدار النهائي للنموذج على نطاق أوسع لا يزال غير مُؤكّد، فإن سعي الحكومة الصينية لتضمين ونشر أيديولوجية “شي جين بينج” قد تدفعها نحو سرعة التوسع في إطلاق التطبيق ونشره في إفريقيا لتعزيز هيمنتها الثقافية.([23])
هل تستطيع إفريقيا الاستفادة من المنافسة الرقمية بين أكبر قوتين في العالم؟
تتعدد احتياجات القارة الإفريقية ومطالبها الذي يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في حلّها، مثل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة، والتكيف مع تغير المناخ، والمساعدة في التنبؤ بتفشّي الأمراض والكوارث الطبيعية، وتسهيل حماية الحياة البرية من الصيد غير المشروع، والمساعدة في جعل المراكز الحضرية المزدحمة أكثر ملاءمة للعيش.
إن الإقبال المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي والمنافسة الشديدة في إفريقيا بين الصين وأمريكا تستدعي التساؤل حول ما إذا كان ينبغي للدول الإفريقية أن تمارس سيادتها وتضع قيودًا تنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، أم تترك هذه المنافسة على أراضيها لاكتساب المعرفة حول الذكاء الاصطناعي من جهة والاستفادة من الاستثمارات في هذا الإطار من جهة ثانية؟
ويفرض الوضع الراهن داخل القارة الإفريقية للاستفادة من هذه المنافسة أن تسير في أربعة مسارات متوازية؛ المسار الأول: إعطاء الأولوية لاعتماد قوانين خاصة بالذكاء الاصطناعي، والتركيز على تعزيز القواعد التنظيمية الأساسية لإدارة البيانات؛ حيث توفر قوانين حماية البيانات، إرشادات بشأن معالجة البيانات الشخصية مثل القياسات الحيوية، واستخدام أدوات التوصيف والمعالجة الآلية، ومدى أنشطة هذه المعالجة. وتعد اتفاقية مالابو -اتفاقية الاتحاد الإفريقي بشأن الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، والتي دخلت حيز التنفيذ- أداةً مهمةً لتنظيم جوانب الذكاء الاصطناعي مثل المعالجة الآلية للبيانات الشخصية. ومع ذلك، لكي تكون قوانين حماية البيانات مؤثرة في تنظيم الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، هناك حاجة إلى إصدار القوانين الوطنية ذات الصلة في الدول الإفريقية التي ليس لديها قوانين لحماية البيانات. علاوةً على ضرورة أن تدعم قوانين حماية البيانات وجود عقوبات صارمة في حالة عدم الامتثال لأُطُر سياسات البيانات؛ وذلك لأنه إذا كانت الغرامات الإدارية ضئيلة، فسيشجع ذلك الشركات الأجنبية اختبار منتجاتها دون الامتثال لقوانين حماية البيانات المحلية.([24])
المسار الثاني: إنشاء هيئات تنظيمية للبيانات ذات كفاءة لفرض الامتثال، مثل مكتب مفوض حماية البيانات في كينيا (ODPC) وهيئة تنظيم المعلومات في جنوب إفريقيا. ويجب تصميم الإطار القانوني بطريقة تجعل منظمي البيانات يتمتعون بمستويات أعلى من الاستقلال المالي والمؤسسي والسياسي لتجنُّب الخضوع لتأثير القطاعين السياسي والخاص، كما أنه ينبغي لمنظمي البيانات أيضًا الانضمام إلى شبكة سلطات حماية البيانات الإفريقية (NADPA). ومن خلال الجهود الجماعية والخبرات التي يتمتع بها أعضاء NADPA، يمكن تطوير ونشر اللوائح التنظيمية التي تتناول استخدام البيانات الشخصية بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي المختلفة (مثل التعرف على الوجه)؛ للنظر فيها على مستوى الحكومة الوطنية.([25])
المسار الثالث: التركيز على مفهوم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والذي يعتمد معظم الخطاب حوله على السياقات الغربية، على الرغم من أنه في بعض الحالات الإفريقية، تهتم الحكومات بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الرقابة والمراقبة وتعزيز سلطتها، أكثر من ضمان حقوق وخصوصية مواطنيها، لذلك فإنها تلجأ إلى الدول التي تنتج أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تسمح لها بالتحكم بشكل أكبر، لذلك فإنه ومن أجل الحماية من الاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، ومن أجل درء النفوذ الذي قد يسعى إلى جعل إفريقيا تخضع للمعايير والأخلاق الأجنبية، فمن الضروري أن يعمل صُنّاع السياسات في إفريقيا والأوساط الأكاديمية والجهات الفاعلة في الصناعة والمجتمع المدني بشكل متضافر لبناء الذكاء الاصطناعي. الأساس الذي سترتكز عليه لوائح وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي الحالية والمستقبلية. وينبغي أن يكون تطوير الأدوات شبه القانونية، بما في ذلك القرارات والمبادئ التوجيهية، كافيًا بينما يستمرّ الذكاء الاصطناعي في التطور، ويستمر تأثيره في الظهور. ومن المهم أيضًا مراجعة هذه الصكوك بشكل متكرر.([26])
المسار الرابع: الاستفادة من المعادن التكنولوجية المهمة، وقد بدأت الدول الإفريقية مؤخرًا في حظر استخدام السلع الخام غير المُعالَجة في التقنيات الناشئة. على سبيل المثال، فرضت زيمبابوي حظرًا على تصدير الليثيوم الخام. فعلى الدول الإفريقية اغتنام الفرصة لخوض المنافسة الجيوسياسية بين القوى الصناعية في العالم للاستفادة من معادنها الحيوية من أجل تنميتها.([27])
وختامًا… عكس الذكاء الاصطناعي تجدُّد التنافس بين القوتين الكبريين على النفوذ والهيمنة في إفريقيا ذات الأهمية الجيوإستراتيجية، عبر توظيف كل طرف منهما لما يمتلكه من آليات وأدوات، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، بما يصبّ في صالح زيادة نقاط القوة لطرف على حساب الآخر.
ومع ذلك، فإن الواقع يُشير إلى أنه بينما تتزايد حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين لتعزيز العمل الرقمي في إفريقيا؛ إلا أنه تسير الدولتان في اتجاه عدم دعم العمل مع الدول الإفريقية لتعزيز ابتكارات الذكاء الاصطناعي المحلي، والحرص على استمرار اعتماد الدول الإفريقية على التكنولوجيا الرقمية الخاصة بهما، والذي بدَوْره يَحُدّ من قدرات نمو الشركات المحلية، ويُعزّز “الاستبداد الرقمي”، و”استعمار البيانات”، في ظل تزايد دور الشركات متعددة الجنسيات التابعة لهما، وامتلاكها أدوات وقدرات التلاعب بالسوق الإفريقي.
وعلى جانب آخر، فإنه على الرغم من مُواجهة الولايات المتحدة الأمريكية للنفوذ الصيني التكنولوجي في إفريقيا؛ إلا أن الصين استطاعت ترسيخ وُجُودها الرقمي، وزيادة حضورها في القارة من بوابة قيادتها لما يسمى الجنوب العالمي.
……………………………………………………..
[1] Kate Bartlett, AI becomes latest frontier in China-US race for Africa, voanews, May 09, 2024, available at
https://n9.cl/6l3jub
[2] Willem H. Gravett, Survival December 2020–January 2021: A World After Trump (London: Informa UK Limited, 2021) ,PP154-155.
[3] Suneel Kumar, China’s Digital Expansionism in Africa and the US Counter-Strategie (Berlin:Research Gate,2024),PP5-7.
[4] Generation 2030 Africa 2.0, unicef, November 25, 2017, available AT
https://n9.cl/x83b4
[5] Nii Simmonds, Why US technology multinationals are looking to Africa for AI and other emerging technologies: Scaling tropical-tolerant R&D innovations, atlanticcouncil, April 27, 2023, available AT
https://n9.cl/7p6a8
[6] Wang Lei, China and the United States in Africa: Competition or Cooperation? (Berlin: Research Gate, 2020), PP5-8.
[7] Leo Komminoth, Chat GPT and the future of African AI, african.business, January 27th, 2023, Avaiable At
https://n9.cl/o8pqi
[8] Mark Pittman How An Investment In Infrastructure And Technology Can Create A More Equitable Future, forbes, Aug 25, 2021, Avaiable At
https://n9.cl/qda7p
[9] Kate Bartlett, Op.Cit, Internet Source.
[10] Idem.
[11]Amodani Gariba, Enter the dragon: The impact of China’s digital authoritarianism on democracy in Africa, The Africa Governance Papers (Acrra: The Africa Governance Papers, Volume 1 , Issue 4 , 2023).
[12] Charles Asiegbu and Chinasa T. Okolo, How AI is impacting policy processes and outcomes in Africa, brookings, May 16, 2024, available at
https://n9.cl/agfsk
[13]– Chat Xi PT: أبعاد إطلاق الصين تطبيقًا جديدًا للذكاء الاصطناعي (أبو ظبي: مركز إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، العدد 371، 2024م)، ص2.
[14] Willem H. Gravett, Op.Cit, PP157-158.
[15] Africa’s digital infrastructure transformation, whitecase, 26 May 2022, Avaiable AT
https://n9.cl/4j579
[16] Kate Bartlett, Op.Cit, Internet Source.
[17] Charles Asiegbu and Chinasa T. Okolo, Op.Cit, Internet Source.
[18] Fred Schwaller, Could AI transform health care in Africa?, dw, 1 December 2023, available at
2023 https://www.dw.com/en/could-ai-transform-health-care-in-africa/a-67597556
[19] Ayantola Alayande, US and China compete for influence in Africa’s digital future, dataphyte, April 17, 2024, available at
https://n9.cl/58l6c
[20] Interview: AI expert warns of ‘digital colonization’ in Africa, United Nations, 2 January 2024, available at
https://n9.cl/q4ioc
[21] Leo Komminoth, Chat GPT and the future of African AI, African Business, January 27th, 2023, available at
https://n9.cl/o8pqi
[22] Idem.
[23]– Chat Xi PT: أبعاد إطلاق الصين تطبيقًا جديدًا للذكاء الاصطناعي، مرجع سبق ذكره، ص3.
[24] Melody Musoni, Looking into the crystal ball: Artificial intelligence policy and regulation in Africa, ecdpm, 18 September 2023, available at
https://n9.cl/c887zm
[25] Idem.
[26] Francis Hook, The ethical considerations of AI in Africa,28Feb2024, available at
https://n9.cl/1c6tns
[27] Charles Asiegbu and Chinasa T. Okolo, Op.Cit, Internet Source