لا شك أن تاريخ إفريقيا الحديث مليء بفصول عن الحركات النضالية والثورية في ستينات القرن إلى منتصف الثمانينات, والتي كانت مهمتها مكافحة العنصرية والظلم وغيرهما مما جاء به الاستعمار بعد تقسيمه لبلدان المنطقة على أساس القبلية وترسيمه للحدود (1) .
غير أن بعض هذه الحركات التحررية التي لجأت إلى العمل المسلح كأداة للوصول إلى غاياتها ولتحقيق العدالة والحكم الرشيد , صارت اليوم أحزابا سياسية وذلك بعد سقوط الأنظمة التي يحاربونها, وبعد تحقيق الأهداف التي يسعون وراءها بالمصالحة الوطنية.
وبما أن تلك الحركات التحررية استخدمت العمل المسلح في بعض مراحلها, فقد حدث أن صنف بعضها كجماعات أو حركات إرهابية, غير أن هذا التصنيف غالبا ما يرفع بعد انضمامها إلى السلك السياسي وقبولها لخطط التصالح وعملية السلام.
لم تتعرف أفريقيا جنوب الصحراء بشكل عام في العقدين الماضيين بالمنظمات “الإرهابية” العابرة للحدود, حتى وإن كان يوجد العديد من حركات التمرد, لكن غالبيتها هي مجموعات منشقة عن أخرى داخل بلد معين. إلا أن هذا الاتجاه تغير بشكل ما، حيث باتت بلدان جنوب صحراء القارة تعاني على مدار السنوات القليلة الأخيرة ارتفاعا حادا في العنف المسلح أو ما يعرف اليوم بالإرهاب كالذي حدث أو يحدث في نيجيريا والنيجر ومالي وتشاد و الكاميرون والصومال وأوغندا وكينيا. غير أن ما يعنينا هنا هو الحركات العنفية في غرب القارة.
أسباب ظهور حركات العنف في غرب إفريقيا:
كثيرة هي الدراسات حول عوامل وأسباب لجوء المواطن إلى العنف وتبني الأفكار المتطرفة ضد بلده ومجتمعه, إلا أن كلّ هذه الدراسات تتفق على أن أي دولة تكثر فيها مشكل اقتصادية (2) ويشعر أبناؤها بفقدان العدالة الاجتماعية والمساواة؛ من السهل أن يلجأ شبابها إلى العنف والانضمام إلى أي حركة تتبني أفكارا راديكالية. فمن السهل أن يلجأ الأفراد إلى تبني الأفكار المتشددة, ما داموا لم يشعروا بالرضا في نشاطات وإدارات حكامهم. فظهور الحركات المسلحة يعود إلى العامل الاجتماعي والاقتصاد, وفقدان الثقة في الحكومة وهشاشة هذه الدول في المجال الأمني, إضافة إلى التطرف الفكري والديني.
إن النظر في أداء جل دول غرب إفريقيا في السنوات الأخيرة يشعر بخيبة أمل, حيث حكام بعض هذه الدول لم يقدموا نصف ما تتطلبه بلدانهم من البناء والتنمية, مما تسبب بارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وتفاقم الأزمة الاقتصادية لهذه البلدان بسبب سوء الإدارة مما تؤدي إلى لجوء الشباب للانضمام مع الجماعات المسلحة أو الفرار إلى دول أخرى كلاجئين.
كما أن سوء الإدارة التي تعاني منها هذه الدول يؤدي إلى انتشار الفساد وهشاشتها وضعف مؤسساتها الأمنية مما يخلق خللا في حدودها مع دول أخرى. كما أن الأحزاب السياسية في جل دول غرب إفريقيا هي أحزاب تسعى وراء مصالحها فقط ولايهمها تقدم وتطور البلاد. فضعف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى خلق ظروف سياسية ضعيفة والذي بدورها يؤدي إلى فشل الدول.
وقد استخدمت هذه الجماعات المسلحة الموجودة اليوم، كجماعة بوكو حرام ومتمردي الطوارق حججا دينية وعناوين شرعية لتبرير أفعالها الشنيعة, مما ينبئ بمدى الفجوة بين الوزارات الدينية لهذه الدول وبين رعاياها, وعدم قيامها بالمهام الموكلة إليها في القيادة والأمور الدينية. إضافة إلى إهمال حكومات هذه الدول لحدودها ومعابرها بحيث تستخدمها الجماعات لنقل الأسلحة واستيراد الأفكار المتطرفة بالتواصل مع الجماعات الأخرى بمنطقة الساحل.
وبعبارة أخرى، فإن النزعة الانفصالية هي المحرك الرئيسي للحركات المسلحة في غرب إفريقيا في السنوات الأخيرة, غير أن هذه الحركات تظهر النزعة الدينية وتخفي في بعض الأحيان السبب الرئيسي والذي هو الانفصال.
هل جماعات العنف صناعة غربية ..؟
منذ أكثر من قرن من الزمان احتلت القوى الاستعمارية إفريقيا تحت شعار حماية افريقيا من التخلف ونشر الحضارة لكن الهدف الحقيقي هي حماية المصالح والشركات الأوربية العاملة في إفريقيا وعلى الرغم من رحيل القوات الاستعمارية من البلدان الإفريقية إلا أنه استمر نفوذها وسيطرتها على هذه الدول ، وكانت أحد أبرز أدوات السيطرة هي نشر الفتن والخلافات في البلد الواحد لتبقى الصراعات الدائرة فيها بابا مفتوحا لتدخلها في أي وقت بدعوى الحفاظ على مصالحها في بلاد تعتبرها مناطق نفوذها.
لذلك فإن “الحملات والتدخل العسكري الغربي الاستعماري في إفريقيا يثير العديد من علامات الاستفهام هل هو للقضاء على الجماعات المسلحة وإيصال الأوضاع إلى الاستقرار أم محاولة لإعادة السيطرة على منطقة كانت تحتلها من قبل والبحث عن موطئ قدم لها في القارة بعد دخول لاعبين جدد كالصين والهند والبرازيل”(3).
جماعات العنف سواء عن قصد أو غير قصد تعطي مبررا للقوى الغربية للتدخل من جديد في إفريقيا مثلما حدث من تدخل عسكري فرنسي في مالي وتدخل أمريكي في الصومال ، والحديث عن تدخل غربي للقضاء على بوكو حرام في نيجيريا.
الأمر الذي يثير الشكوك عن علاقة هذه الحركات بالقوى الغربية وهل هي صناعة غربية أم مخترقة لتنفذ أجندات لا تخدم إلا مصالح القوى الاستعمارية فقط؟
تظل هذه الشكوك تدور في أذهان المراقبين خاصة في ظل حالة فوضى العنف الغير ممنهجة العابرة للحدود والتي شهدتها منطقة الغرب الإفريقي ، ولا يعرف من ورائها هدف أو مصلحة .. لكنها جميعها تمهد الطريق لإعادة قوى الاستعمار من جديد بحجة تحقيق الأمن لدول القارة !!
حركات العنف في غرب إفريقيا:
لم تكن الحركات التي تتبنى أفكارا “إسلامية جهادية” هي وحدها حركات “إرهابية”, إذ سبق أن وجدنا في غرب إفريقيا الجبهة المتحدة الثورية في سيراليون التي حصلت على دعم من ليبيريا، وقد أدخلت هذه الجماعة المسلحة سبراليون في حرب أهلية من عام 1991 إلى عام 2002, وسيطرت على أراضي واسعة غنية بالألماس، إضافة إلى الطرق الإرهابية التي سلكتها لمواجهة الحكومة ونشر الفوضى.
وفي السنوات الأخيرة, ظهرت جماعات أخرى لجأت إلى الأساليب الأكثر عنفا وهمجية, كتفجير الأماكن العامة والمواقع الحكومية والسفارات, واختطاف الرهائن الأجنبية ومهاجمة الفناديق, كي تحقق غاياتها التي هي بث الرعب في المواطنين وإخضاع الحكومات لتستجيب لرغباتها وأهدافها السياسية.
وأهم هذه الجماعة كالتالي:
1- جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد (بوكو حرام):
كانت أول بداية مسجلة عن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد في عام 2002, عندما اتخذت إحدى مساجد ميدوغوري مقرا لها, وكانت الجماعة مكونة من الشباب يتدارسون فيما بينهم تعاليم إسلامية برؤية أكثر تشددا حتى وإن كانوا غير مسلحين, وكان يرأسهم وقتذاك “محمد عليّ” والذي يعزى إليه تأسيس الجماعة.
التسمية والأيديولوجية:
تشير الدراسات إلى أن الجماعة المعروفة عالميا بـ”بوكو حرام” ليست بالفعل ضد التعليم الغربي كما يشاع عنها(4) . بل إن الاسم “بوكو حرام” ليس الاسم الحقيقي للجماعة لأن الاسم الذي تتسمى به هو “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد” , فـ “بوكو حرام” اسم أطلقه عليها السكان المحليون الذين لا يريدون الانضمام إليها. وكأنهم يقولون فيما بينهم “..الجماعة التي تقول كذا وكذا عن الغرب وتعليمه”. وإلا لما استخدمت هي نفسها الأدوات والتقنيات الغربية, كصناعة المفجرات وقيادة السيارات الحربية الفاخرة وهواتف المحمول وغيرها (5) .
ليست مناهضة التعليم الغربي هي هدف “بوكو حرام” بالذات, ولكن مناهضة الأشخاص الذين “انحرفوا” عن التعليم الإسلامي وفضّلوا التعليم الغربي عليه. فأمثال الذين تريد الجماعة محاربتهم هم المعروفون في شمال نيجيريا بـ”Yan Boko” أي “أطفال الكتب” , وهم النخبة الذين “اغتروا” بما جاء به الغرب وبالتالي صاروا أداة تستخدمهم الغرب لاستعمار وإدارة البلاد (6) .
إن قضية “بوكوحرام” لم تختلف كثيرا عن قضية شباب البلاد والحركات الأخرى المتمردة, والتي سئمت أصحابها من سياسات الحكام التي لا تلبي احتياجاتهم, وخاصة وأن شمال نيجيريا التي نشأت فيها “بوكو حرام” تعاني من قلة التنمية والتطورات.
خريطة رقم1: توضح أماكن نفوذ بوكو حرام.
المصدر: اليوم السابع
هذا, وقد مرت “بوكو حرام” في تأريخها بعدّة مراحل, وهي كاتالي:
المرحلة الأولى: أعلنت الجماعة عن هجرتها من “ميدوغوري” بولاية “بورنو” إلى قرية في ولاية “يوبي” تسمى “كاناما”, وتوجد هذه القرية بالقرب من الحدود مع جمهورية النيجر, وقد أرادت بهذه الهجرة إقامة منطقتها الخاصة لتطبيق الشريعة, ومن بدأ رئيسها بدعوة الشباب للانضمام إليها. وفي كل هذه المراحل كانت الحكومة تنظر إليها على أنها كجماعات دينية موجودة في البلاد.
كانت المواجهة الأولى بين الجماعة والحكومة هي عندما تدخلت الشرطة لإنهاء صراع بين الجماعة وأهالي قرية “كاناما”, لكن الجماعة تمكنت من الاستيلاء على أسلحة الشرطة, مما أدى إلى تدخل الجيش حيث طاردوا أفراد الجماعة وقتلوا منهم منهم حوالي 70 أفراد, ومن بين القتلى مؤسس الجماعة “محمد علي”.
بعد المواجهة السابقة, بدأت الجماعة تجذب انتباه إعلام البلاد ومؤسساتها الأمنية, مما جعل أهالي القرية حينها يطلقون عليها “طالبان نيجيريا” , ومع ذلك, فالمؤسسات الأمنية لا ما زالت تنظر إلى الأمر بالبساطة واللامبالاة, كما أنها تنفي علاقة الجماعة بـ”طالبان” وأنها جماعة محلية فقط.
المرحلة الثانية: عادت أفراد الجماعة الناجون من المواجهة مع الشرطة إلى مدينة ميدوغوري, غير أن اسم زعيمها هذه المرة بعد هو “محمد يوسف”, وحاولوا بناء مسجد خاص لهم دون أي إزعاج من الحكومة حتى تمددوا إلى مدن وولايات أخرى مجاورة. ومن هنا جاء الاسم “بوكو حرام” والذي أطلقه عليهم السكان.
المرحلة الثالثة: في عام 2007, تم اغتيال أحد الوعاظ المشهور بإنكاره أفكار الجماعة الناقصة عن الإسلام ودعواتها المتشددة, لكن المعلومات لم تؤكد إذا كانت بوكو حرام هي المسئولة عن العملية. وكان هذا الاغتيال بمثابة نقطة تحول في تأريخ بوكو حرام (7).
– في 2009 تبنت الجماعة عدة هجمات (8) استهدفت مراكز الشرطة في باوشي ويوبي, وأصدر زعيمها سلسة من الفيديوهات التي يهدد فيها حكومة الولاية بمواجهات عنيفة.
– بعد مداهمات مكثفة لميدوغوري واعتقال المئات من المنتمين للجماعة والمتعاطفين معها, تم اعتقال “محمد يوسف” من قبل الجيش وسلموه للشرطة, لكنه تم تصفيته بعد ساعات فقط بدون محاكمة, مما أجبر أفراد الجماعة الناجون إلى الخارج.
– هناك عدة تقارير تفيد بأن “أبو بكر شيكاو”, زعيم الجماعة بعد مقتل “محمد يوسف”, والذي كان معروفا بهمجيته ودمويته كان من بين الفارين أثناء المداهمة الأخيرة, إلى إحدى مراكز التدريب في منطقة الساحل (9) .
– في يونيو عام 2011, تمّ تفجير مقر الشرطة الوطنية في أبوجا بسيارة مجهزة بالمفجرات (10) . وفي أوغسطس من العام نفسه, هاجم انتحاري مبنى الأمم المتحدة وأسفر عن مقتل حوالي 23 شخص وإصابة آخرين (11) . وبعد تحليل سياق ومواد التفجيرين, أفادت تقارير إلى أن المواد المستخدمة في الحادث الأول هي نفسها مستخدمة في الحادث الثاني, مما جعلت الهيئات الغربية والعالمية تصنف بوكو حرام كجماعة إرهابية (12) .
– في أبريل عام 2014 ، تم اختطاف 276 طالبة من المدارس الحكومية الثانوية في بلدة “شيبوك” بولاية بورنو(13) . وقد أعلنت بوكو حرام عن مسؤوليتها عن الخطف وأن البنات اعتنقن الإسلام (14)، ومع كل المحاولات المبذولة لإنقاذ البنات إلا أنه لم يتم العثور عليهن.
الجهود المبذولة للقضاء على الجماعة:
– هناك محاولات للتفاوض مع الجماعة, غير أن جل هذه المحاولات باءت بالفشل, إذ بعضها يأتي من داخل بوكو حرام نفسها, وبعضها الآخر يأتي من الحكومة النيجيرية.
– كما أن الجيش النيجيري في الشهور الأخيرة سجل سلسلة من الانتصارات ضد الجماعة, وذلك بعد تغييرات قام بها الرئيس محمد بخاري في المؤسسات الأمنية, إضافة إلى المساعدات والمعاونات من الدول المجاورة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش عثر على حوالي 200 من النسوة المختطفات بعد معاركها مع الجماعة في إحدى معاقلها, غير أن الآباء يؤكدون على عدم وجود بناتهم ضمنهن (15) .
2- أنصار الدين:
في مارس 2012 سيطر متمردو الطوارق بعض أجزاء من شمال مالي, وكان من بينهم أعضاء جماعة أنصار الدين الإسلامية. تعتبر هذه الجماعة متشددة وكان قائدها “إياد أغ غالي” ، أبرز أحد قادة تمرد الطوارق في التسعينات, وأحد وسطاء التفاوض بين الحكومة وتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” من أجل إطلاق سراح الرهائن, وكان أقرب إلى اليساري القومي الوطني قبل اعتناقه التوجه “السلفي الجهادي”. وهناك تقارير تشير إلى أن للجماعة علاقات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وفروعها (16) .
لقد اشتعل صراع بين حكومة مالي والطوارق مرارا وتكرارا في شمال البلاد منذ عقود, ولعل الفرق بين أنصار الدين والجماعات الأخرى في المنطقة كونها جماعة محلية. وكان جل أتباعها من طوارق إيفوغاس وعرب شمال مالي البربر. كما أن تغييرها المستمر للتحالفات مع جماعات مختلفة يجعل من الصعب تقدير عدد أتباعها.
ومع ذلك، فقد فقدت الكثير من أعضائها بسبب انضمامهم إلى مجلس وحدة أزواد (HCUA) وغيرها من الميليشيات الجديدة. ويرى خبراء أن جماعة أنصار الدين التي كان لها آلاف من الأعضاء، ليس لديها اليوم سوى بضع مئات من الأفراد, حتى وإن كان زعيمها “إياد أغ غالي” ما زال يحتفظ ببعض النفوذ (17) .
الخريطة رقم2: توضح المدن التي سيطرعليها المسلحون في مالي.(آخر تحديث للخريطة عام 2015). المصدر: بول جيو نو
3- حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا:
حركة مسلحة نشطة بقيادة “حمادة ولد محمد” الملقب بـ “أبو قمقم”. كانت الجماعة منشقة عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي, وما زال الغموض يكتنف حقيقتها وأهدافها وعدد أفرادها، ومصادر تمويلها وعلاقاتها مع الجماعات المسلحة الأخرى في شمال مالي والسكان المحليين.
أعلنت الجماعة عن أولى عملياتها المسلحة عبر الفيديو في 12 ديسمبر 2011، بقصد نشر الجهاد في جميع أنحاء غرب أفريقيا، حتى وإن كانت عملياتها مقتصرة على جنوب الجزائر وشمال مالي (18) .
في عام 2012 فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مجموعة من العقوبات على الجماعة بعد إعلانها التحالف مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي 2 يونيو 2014 صنفت الحكومة الكندية الجماعة كجماعة إرهابية.
4- القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي:
كانت لهذه الجماعة المسلحة جذورها من الحرب الأهلية في الجزائر، ولها وجود في الصحراء ومنطقة الساحل، حيث أعلنت أنها تسعى إلى تخليص شمال أفريقيا من النفوذ الغربي والموالين له من الأنظمة وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية وإقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الإسلامية (19) .
كانت إسبانيا وفرنسا هما ضمن أعدائها الرئيسية. وقد تبنت الجماعة مسؤوليتها عن هجمات فندق راديسون بلو في مالي في نوفمبر الماضي، والتي حصرت فيها مئة شخص كرهائن وقُتل أثناءها 19 شخص, إضافة إلى هجمات فندق بوركينا فاسو في يناير هذا العام.
ومما سجل عنها أن لديها نحو ألف أعضاء في الجزائر ومؤيدين في بعض الدول الإفريقية كتشاد وليبيا ومالي وموريتانيا وتونس. وفي عام 2013 طردهم الجنود الفرنسيون من مالي.
في 13 مارس عام 2016, هاجمت القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بلدة “غراند بسام” في ساحل العاج، مما أسفر عن مقتل 16 شخصا على الأقل، بينهم جندين و 4 سياح أوروبيين. إضافة إلى مقتل 6 من المهاجمين الذين قاموا بالعملية (20) .
5- المرابطون (جماعة مسلحة):
هي جماعة مسلحة، تتمركز في الصحراء الكبرى بشمال مالي, وكان مقاتلوها هم الموالين للقائد الجزائري المخضرم “مختار بلمختار”. ومنذ 4 ديسمبر عام 2015 صارت الجماعة فرعا من جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا (21) .
في مايو عام 2015، صدرت رسالة صوتية من أحد قيادات الجماعة يطالب فيها مبايعة “الدولة الإسلامية في العراق والشام”, غير أن “بلمختار” رفض هذا الطلب، وهذا يشير إلى وجود انقسام في الجماعة (22) .
ومما ينسب للجماعة, هجوم مطعم في باماكو يوم 6 مارس عام 2015, حيث خلف 5 قتلى بينهم أوروبيون، وأصيب فيه نحو 8 أشخاص بينهم عسكريان سويسريان.
6- حركة أزواد الإسلامية:
كانت حركة أزواد الإسلامية المتمردة من نتائج الانقسام في أنصار الدين في يناير عام 2013، وذلك في أعقاب التدخل الفرنسي في مالي. فبرأت الجماعة نفسها من أنصار الدين وتبنت فكرة التفاوض للتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في مالي, مشيرة إلى أنها مستعدة للمشاركة في محاربة “التطرف” و “الإرهاب”.
وبقيادة “الغباس آغ” , حثت الجماعة في بيان علني كلا من فرنسا وحكومة مالي على وقف عمليات القتال في مناطق كيدال و ميناكا, دون التطرق إلى مناطق تمبكتو وغاو التي تسيطر عليهما تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا.
كما أنها تذهب إلى أنها تدافع عن قضية شعب شمال مالي، الذين يشعرون بأنهم مهمشون من قبل الحكومة التي اتخذت باماكو النائية مقرا لها منذ الاستقلال في عام 1960.
وأخيرا, يتضح مما سبق أن جل العوامل التي ساهمت في انتشار حركات العنف في غرب إفريقيا, منها سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية. وعليه, فليس التركيز على استخدام القوة العسكرية هو الحل الوحيد, إذ سيكون بدون جدوى إذا لم يتم حل المشاكل الرئيسية الباقية المتعلقة بإدارة الحكومات ووضع خطط ذات طويلة المدى للأمن ومراقبة الحدود وتحقيق التنمية المستدامة للتقيل من البطالة, وكذلك جذب المعتدلين وسدّ الفجوة بين المواطنين والوزارات الدينية للتأثير والترشيد بالأساليب والأفكار الصحيحة المعتدلة من أجل الحصول على النتائج المرجوة.
الإحالات والهوامش:
(1) جماعات العنف في أفريقيا, بقلم منى عبدالفتاح, تأريخ التصفح 18-3-2016
http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2014/10/13/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%91
(2)Martin Maximino, Denise-Marie Ordway, The relationship between terrorism andeconomic growth: Research http://journalistsresource.org/studies/international/conflicts/relationship-between-economic-growth-terrorism-new-research
(3) جذور العنف في الغرب الإفريقي ، عايدة العزب موسى ، دار البشير، مصر، ص 122.
(4)A Walker, What Is Boko Haram? United States Institute of Peace:www.usip.org/sites/default/files/SR308.pdf
(5)Jacob, J.U.U. and Akpan, I 2015. Silencing Boko Haram: Mobile Phone Blackout and Counterinsurgency in Nigeria’s Northeast region. Stability: International Journal of Security and Development 4(1):8, DOI: http://dx.doi.org/10.5334/sta.ey
(6) مصدر سابق : A Walker, What Is Boko Haram? United States Institute of Peace
(7) مصدر سابق : A Walker, What Is Boko Haram? United States Institute of Peace
(8) http://www.rte.ie/news/2009/0727/120030-nigeria/
(9)Bartolotta, Christopher (19 September 2011). “Terrorism in Nigeria: the Rise of Boko Haram”. The World Policy Institute. التصفح 20 – 2016.
(10) http://www.bbc.com/news/world-africa-13805688
(11) http://www.nytimes.com/2011/08/27/world/africa/27nigeria.html?_r=0
(12) مصدر سابق : A Walker, What Is Boko Haram? United States Institute of Peace
(13) http://www.aljazeera.net/news/international/2014/5/6/%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D9%86%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%81-%D9%81%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%86%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7
(14) http://www.aljazeera.net/news/international/2014/11/1/%D8%A8%D9%88%D9%83%D9%88-%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%B7%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%AA%D8%B2%D9%88%D9%8A%D8%AC%D9%87%D9%86 تاريخ التصفح: 1/2/2016
(15) مصدر سابق : A Walker, What Is Boko Haram? United States Institute of Peace : http://www.rte.ie/news/2009/0727/120030-nigeria/
(16) http://www.aljazeera.net/encyclopedia/movementsandparties/2014/2/12/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A3%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86
(17) http://www.dw.com/en/ansar-dine-radical-islamists-in-northern-mali/a-18139091
(18) Belmokhtar’s militants ‘merge’ with Mali’s Mujao”. BBC. 22 August 2013. تاريخ التصفح: 18-3 -2016.
(19) http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/world_news/newsid_6551000/6551999.stm ، لمحة عن “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” مقال من BBC.
(20) http://www.telegraph.co.uk/news/worldnews/africaandindianocean/cotedivoire/12192667/Ivory-Coast-hotel-shooting-Gunmen-open-fire-and-kill-11-in-beach-resort-Grand-Bassam-latest.html
(21)Mali extremists join with al-Qaida-linked North Africa group”. Associated Press. 4 December 2015. التصفح بتاريخ : 1/1 2016.
(22)Confusion surrounds West African jihadists’ loyalty to Islamic State”. The Long War Journal. التصفح بتاريخ : 18 /3 /2016