عرض وتقديم: عصام زيدان
بيانات الدراسة:
– إعداد: زماعرة، ولاء سعيد.
– التاريخ: 2018م.
– الدرجة العلمية: رسالة ماجستير.
– الجامعة: جامعة بيرزيت.
– الكلية: معهد إبراهيم أبولغد للدراسات الدولية.
– الدولة: فلسطين.
ملخص الدراسة:
تهدف هذه الرسالة إلى البحث في أسباب نشأة وانتشار الحركات الإسلامية المُسلَّحة في منطقة الساحل الإفريقي, وردود الفعل الدولية تجاه هذه الحركات.
وقد أجرت الدراسة مراجعة شاملة لتاريخ الدولة النيجيرية في مختلف المراحل, وصولاً إلى مواجهتها لحركة بوكو حرام, عبر استعراض التركيبة الديموغرافية القَبَلِيَّة والإثنيَّة، والمكانة السياسيَّة، والموارد الطبيعيَّة، والخصوصيَّة الجغرافيَّة التي يتمتع بها الاتحاد الفيدرالي النيجيري, وطبيعة النظام السياسي الذي يحكم البلاد, إلى جانب قدراتها العسكرية التي ساهمت في الكثير من مسؤوليات حفظ السِّلْم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتعرَّضت الدراسة إلى تحوُّلات الخطاب الديني في إفريقيا, الذي تميَّز بانتشار الطرق الصوفية، ونمط الخطاب الدينيّ التقليديّ، وانحسار مهامّ رجال الدِّين في المجال الأخلاقي العامّ وكيفيَّة أداء الشعائر الدينية, وصولاً إلى نشأة الحركات والتنظيمات الإسلامية التي طرحت رؤًى مختلفة .
وشرحت الدراسة أيديولوجية جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد لمعروفة باسم “بوكو حرام”، وهيكلها التنظيمي، ومناهضة الأشخاص الذين فضّلوا التعليم الغربي على تعاليم الإسلام، وصولاً إلى فرض التطبيق المباشر لتعاليم الشريعة؛ في محاولة من التنظيم لفرض رؤيته على النظام السياسي السائد في نيجيريا، إلى جانب التهديدات الأمنية التي تسبّبت بها بوكو حرام في منطقة الساحل الإفريقي ومناطق نفوذ القوى الدولية.
وانتقلت الدراسة لقراءة خارطة انتشار وولاءات الحركات المُسلَّحة في منطقة الساحل الإفريقي, وكيف شكَّلت إفريقيا بيئة حاضنة للجماعات المُسلَّحة ومنطقة خصبة لعمل تلك الجماعات بمختلف أطيافها وأسباب وجودها.
وعالجت الدراسة أدوات الدولة النيجيرية التي وظَّفتها في مواجهة تنظيم بوكو حرام، واعتبرت الدولة في معالجة هذه الظاهرة مفتاحًا لمعالجة مختلف القضايا التي تواجه الدولة والمجتمع النيجيري بمختلف مكوناته الإثنيَّة والقَبَلِيَّة والعِرْقِيَّة.
وانتقلت الدراسة إلى مراجعة الجهود الإقليمية ودول الجوار النيجيري في المواجهة مع بوكو حرام. وشرحت استراتيجية ومبادرات الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الحركات المُسلَّحة في منطقة الساحل من منظور العائد الاستراتيجي على الولايات المتحدة، وإعادة رسم الخارطة السياسية في إفريقيا، والوصول إلى مناطق الأزمات، ومشاركة الدول الإفريقية في التحالف لمواجهة الإرهاب.
كما بحثت الدراسة في الدور الفرنسي العائد إلى المنطقة من بوابة المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة التي تراهن عليها فرنسا من خلال نشاطها الاستراتيجي في إفريقيا؛ لحماية مصالحها الحيوية والاستراتيجية.
كما وقفت الدراسة عند مختلف ردود الأفعال الصادرة عن الأمم المتحدة تجاه الأحداث المتصاعدة في نيجيريا، والتعرُّف على الأدوات والآليات التي ترسم الأمم المتحدة من خلالها سياستها في المنطقة، ومع مختلف الأطراف الفاعلة في مواجهة الأزمات الإنسانية المتلاحقة، والسياسة التي تتبعها المنظمة الدولية في معالجة تلك القضايا.
وتناولت الدراسة دور الاتحاد الإفريقي في مواجهة تنظيم بوكو حرام، من خلال توفير استراتيجية إقليمية لمكافحة الإرهاب ومساعدة الدول الأعضاء من أجل وضع خطة لمحاربة الجماعات المُسلَّحة.
محتويات الدراسة:
احتوت الدراسة على ستة فصول: تناول الفصل الأول منها منهجية الدراسة وأهميتها، وأهدافها وإشكالياتها، والأدبيات السابقة. وجاء الفصل الثاني بعنوان “نيجيريا والحركات الجهادية”، وتحدث عن المكانة والطبيعة الجغرافية لنيجيريا, والتركيبة الديموغرافية، والمصادر الطبيعية والنظام السياسي, والقدرات العسكرية, وحركات التحرر والمقاومة الوطنية في نيجيريا.
وتحدث الفصل الثالث عن بوكو حرام، وتناول الاسم والأيديولوجيا، والهيكل التنظيمي، وأنماط العمليات العسكرية، ومناطق السيطرة والنفوذ، والحضور الإعلامي للقيادات، ومصادر التمويل، وأدوات الدولة النيجيرية في مواجهة بوكو حرام, وكذلك دول الجوار.
وجاء الفصل الرابع بعنوان “الحركات الجهادية في الساحل الإفريقي”، وتحدث عن الحركات الجهادية, كقراءة في الجذور وتحوّل الخطاب الديني في المجتمع الإفريقي وخارطة الحركات الجهادية في الساحل والتحالفات ومظاهر التنافس.
أما الفصل الخامس فكان بعنوان “بوكو حرام وردود الفعل الدولية”، وتحدث عن النشاط الأمريكي في منطقة الساحل والمبادرات الأمريكية, وكذلك النشاط الفرنسي في منطقة الساحل, وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة, ودور الاتحاد الإفريقي في مواجهة بوكو حرام. والفصل السادس والأخير جاء للتحليل والاستنتاجات الختامية.
النتائج والتوصيات:
توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج؛ أبرزها:
1- وَجد تنظيم بوكو حرام وسط حالة من الصراع على السلطة مَن يدعمه ويموّله ويفتح الطريق أمام هجماته التي تستهدف الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها.
2- عدم فعالية السياسات الدولية المتّبعة في معالجة أسباب نشأة الحركات المُسلَّحة مما أدَّى إلى تفاقم حدَّة الأزمات الإنسانية التي تعاني منها الدول والمجتمعات الإفريقية .
3- لم تقدّم ردود الأفعال الدولية الحلول الشافية التي تبحث عنها مجتمعات دول الساحل الإفريقي، وفي كثير من الأحيان ساهمت تلك التدخلات في تعزيز خطاب الجماعات المُسلَّحة في رفضها لتلك التدخلات، وإثبات صحة روايتها بأن تلك التدخلات لا تهدف إلا لتعزيز نفوذ ومكانة تلك الدول التي لا تهتم إلا بالحفاظ على أمن مصالحها، والوصول إلى الثروات التي تتمتع بها إفريقيا.
4- المبادرات الأمنية التي قامت بها الولايات المتحدة لمواجهة الحركات المُسلَّحة بمنطقة الساحل اقتصرت على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتقديم الدعم اللوجستي لجيوش دول الساحل الإفريقي.
5- الولايات المتحدة لم تدخل في مواجهة مباشرة مع تنظيم بوكو حرام، وتركت تلك المهمة لاستنزاف الجيش النيجيري وجيوش المنطقة في التعامل مع التنظيم.
6- منظمة الأمم المتحدة وقفت فقط عند عقد المؤتمرات، وإصدار بيانات الشجب والاستنكار والتضامن، ولم تستطع اتخاذ إجراءات على الأرض تضع حدًّا من خلالها للعمليات المتصاعدة التي ينفّذها التنظيم.
7- عدم معالجة ظاهرة الحركات المسلَّحة في إفريقيا يُشكّل تهديدًا للأمن والسِّلْم الدوليين والتنمية المجتمعية والتحول الديمقراطي في إفريقيا، ويعود ذلك إلى هشاشة العديد من الأنظمة الإفريقية، وعدم تقديم حلول علاجية لتلك الظاهرة؛ إلا من خلال الحلول الأمنية المؤقتة.
8- سيؤدي غياب استراتيجية دولية لمعالجة القضايا الإفريقية إلى فشل الدولة الإفريقية، والعودة بها إلى العهد الديكتاتوري والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية وسباق التسلح؛ مما سيتسبب بموجات هجرة جماعية عبر الحدود، من شأنها أن تُشكّل تهديدًا للأمن الدولي.
وأوصت الدراسة بضرورة تبنّي مراجعة إصلاحية شاملة لمختلف مناحي الحياة، وتبنّي استراتيجية تنموية وإصلاح الأنظمة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية، والاستجابة للاحتياجات المجتمعية بمختلف مكوناتها، وإجراء مصالحات مجتمعية شاملة.