د. فاطمة على محمد البتانوني (*)
لقد مرَّ الإعلام بشكل عامّ في القارة الإفريقيَّة بمراحل متعدِّدة، ولكنَّ الإعلام الاجتماعي بصفة خاصة كان مختلفًا في الانتشار؛ نظرًا لكون العالَم أصبح قرية كونية صغيرة بفعل العولمة؛ فيمكن للأفراد -عبر أنحاء العالم، ومن خلال وسائل الإعلام- التواصل فيما بينهم وتبادل الرسائل، ومشاركة المعرفة، والتفاعل مع بعضهم البعض، بغضِّ النظر عن المسافة التي تفصلهم.
وقد ظهرت قوة الإعلام الاجتماعي في العام 2011م؛ حيث ثورات الربيع العربي، والتي كانت سببًا من أسباب لفت الانتباه لتلك الوسائل المهمة؛ نظرًا لما لها من آثار على الرأي العام، وتغيير القرار السياسي في الدول، وأصبح رؤساء الدول لا يستهينون مطلقًا بهذه الوسيلة الخطيرة.
ويسعى هذا البحث إلى توضيح أن الإعلام الاجتماعي أصبح بمثابة الفلتر الذي ينقِّي من الشوائب في فضح الفساد والتزوير، سواء على مستوى الانتخابات التشريعية، أو الرئاسية في الدول، وإثارة الرأي العام، ليس فقط المحلي بل الدولي أيضًا.
كما يسعى البحث لتوضيح الإيجابيات والسلبيات لتلك الوسيلة الخطيرة، وهل إيجابياتها أكثر من سلبياتها أم العكس؟ ومدى تأثيرها على المجتمع بالإيجاب أو السلب خاصة المجتمع الأوغندي.
ويُلاحَظ أن غلق وسائل الإعلام الاجتماعي في أوغندا حدث أثناء انتخابات عام 2015م، وأن السبب غير المقنع أيضًا لفرض الضرائب على تلك الوسائل هي أنها تساعد على نشر الإشاعات والنميمة، ولكن الحقيقة أن ذلك يحدث لتكميم حرية المعارضين في التعبير.
وأخيرًا يسعى البحث لمعرفة هل سوف تنتهي تلك الوسائل بفعل التطور السريع أم أن هناك ما هو أخطر ينتظرنا.
أولًا: مراحل تطوُّر الإعلام الاجتماعي في القارة السمراء
1- تاريخ انتشار الإعلام في القارة السمراء
يعتبر الإعلام الإفريقي له وَضْع مختلف عن باقي قارات العالم؛ فلا يزال الإعلام تحت السيطرة الحكومية، فظاهرة الخصخصة ظاهرة جديدة في إفريقيا؛ نظرًا لعدم تشجيع الحكومات على ذلك؛ حيث تعتبرها تهديدًا لنفوذها ومكانتها، ولكننا نجد أن هناك بعض مظاهر التحسُّن النسبي، فرغم أن سكان القارة الإفريقية 636 مليون نسمة، يعيش 32% منهم في المدن، بينما يعيش في الريف الإفريقي 68% من سكان القارة، ونسبة الأمية في إفريقيا 80% ، منهم 18% من السكان يمتلكون الراديو، ويعتمد الغالبية العظمى من شعوب القارة على الراديو كوسيلة أولى للأخبار، وهناك 3.5% من سكان القارة يمتلكون التليفزيون و03% يمتلكون الكمبيوتر(1).
فهناك بعض العادات التي تنفرد بها القارة الإفريقية؛ كالقراءة الجماعية للصحف، والاستماع والمشاهدة للإعلام المسموع والمرئي، خصوصًا في الريف الإفريقي، فقد تركَّز الإعلام الإفريقي في العواصم والمدن الكبرى، مما يعني اقتصار الخدمات الإعلامية على سكان المدن، وحرمان الريف الإفريقي منها، كما أن السياسات الإعلامية في معظم الدول الإفريقية تركزت على الجوانب السياسية والدعائية للحُكَّام(2).
إلا أننا نجد أن بعض الدول يوجد فيها تميُّز في الإعلام الفضائي، ممثلة في مصر في الشمال، وجنوب إفريقيا في الجنوب؛ فالقناة الفضائية الإخبارية الموجودة في جنوب إفريقيا تقتصر على النُّخَب القادرة على اقتناء الفضائيات. فمنذ عام 1998م بدأت بعض الدول الإفريقية في استقبال قنوات النايل سات أول قمر إفريقي يديره اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري يوفر الخدمات المعلوماتية في 27 دولة إفريقية أغلبهم في المنطقة الفرنكوفونية؛ حيث بدأ استخدام المينيتل قبل أن تصبح خدمات الإنترنت متاحة في القارة، والتي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة؛ حيث أصبحت معظم الدول الإفريقية متصلة بشبكة الإنترنت ومعظمها يتم عن طريق الأقمار الصناعية(3).
وانتشر البريد الإلكتروني وتزايد عدد المشتركين فيه، خصوصًا في الهيئات العامة، مثل المستشفيات والشرطة؛ حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 22 مليون و870 ألف، منهم 13 مليون مستخدم في جنوب إفريقيا.
ولكن يتدنَّى معدل الخدمة التليفونية في دول الساحل التي تضم النيجر ومالي والكونغو، بينما تزداد الكثافة التليفونية في كل من الشمال والجنوب الإفريقي، وتصبح أكثر تدنيًّا في غرب وشرق القارة؛ فقد قامت 25 دولة إفريقية بخصخصة هيئة الاتصالات السلكية الوطنية، من بينها ساحل العاج وغانا والسنغال، وغينيا وجنوب إفريقيا، وأوغندا، كما أقامت 20 دولة إفريقية نظامًا مستقلًا أو شبة مستقل في الاتصالات، وبدأت 15 دولة إفريقية، منها الكاميرون ومدغشقر وتنزانيا وملاوي في إجراءات الخصخصة لقطاع الاتصالات(4).
وهنا نجد أن ضعف الأداء الإعلامي، وغياب البنية التحتية للاتصالات والمعلومات، وعدم وجود كوادر بشرية مؤهَّلة ولا قُدُرَات تمويلية، في معظم أنحاء القارة، ما عدا المدن والعواصم الكبرى قد حالَ دون الاستفادة من الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال والمعلومات، مما أدَّى إلى اتساع الفجوة بين إفريقيا وسائر القارات من ناحية، وداخل القارة من ناحية أخرى.
ليس ذلك فحسب، بل تُرِكَتْ الساحة الإفريقية أمام شبكات الاتصال الدولية، مثل سي إن إن، وال بي بي سي، والشبكة الفرنسية، وأصبح الإعلام الإفريقي يعتمد على المصادر الغربية التي تشمل الفضائيات وشبكات المعلومات، مثل الإنترنت، كما أدَّت القفزة المفاجئة في استخدام شبكات المعلومات واقتناء الهوائيات؛ مما أدَّى إلى حدوث خلل، وعدم توازن في الممارسات الإعلامية في إفريقيا(5).
وقد مرَّ الإعلام الاجتماعي بمراحل تطوُّر عدة حتى يومنا هذا:
فقبل السبعينيات بدأت وسائل التواصل الاجتماعي مع بدء ظهور الهاتف منذ عام 1950م، حيث ظهرت مجموعة (Phone Phreak)، ولكن بسبب ارتفاع تكلفة إجراء المكالمة الهاتفية، قاموا باختراق خطوط الهاتف لإجراء وعقد المجموعة الافتراضية(6).
وخلال فترة السبعينيات والثمانينيات ظهر شكل جديد من وسائل التواصل الاجتماعي في السبعينيات، وأطلق عليه (BBS) أو “نظام لوحة الإعلانات” (بالإنجليزية: Bulletin Board System)، ومنذ بداية ظهورها كانت عبارة عن خوادم صغيرة تعمل بالطاقة عبر جهاز حاسوب شخصي متصل بمودم هاتف، واعتُبِرَ عملها شبيهًا بعمل المدوّنات والمنتديات حاليًا؛ حيث تمكَّن المستخدمون من المشاركة في المناقشات، والألعاب عبر الإنترنت، وتحميل الملفات وتنزيلها، وبما أن الحاسوب كان حجمه كبيرًا ومكلفًا وبطيئًا وغير فعَّال، فأدى ذلك إلى التقليل من عدد المستخدمين الذين شاركوا في هذا النظام(7).
وفي أوائل السبعينيات ظهرت برامج البريد الإلكتروني والدردشة، بينما لم تظهر أيّ برامج غيرها، وتم إنشاء نظام اليوزنت “نظام المستخدمين” (بالإنجليزية: Usenet) عام 1979م، وهو نظامٌ استُخْدِمَ للمراسلة بين جامعتي ديوك ونورث كارولينا، ومن ثَمَّ تَمَّ استخدامها مِن قِبَل الجامعات والوكالات الحكومية الأخرى، وقد سَمَحَ موقع اليوزنت للمستخدمين بنشر وتلقِّي الرسائل داخل مجموعات أطلق عليها اسم “مجموعة الأخبار” (News Group)، وقد نمت هذه المجموعات خلال فترة الثمانينيات، ولم تكن هناك أيّ اتفاقية معيارية لتسمية هذه المجموعات، مما سبَّب ارتباكًا؛ بسبب ارتفاع عددها، وفي عام 1987م نفَّذ العديد من مطوِّري اليوزنت تغييرات في هذه المجموعات لتحويلها إلى تسلسلات هرمية واسعة لتشمل الأخبار، والأحاديث، والمنوعات المختلفة(8).
وفي فترة التسعينيات أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أكثر انتشارًا، وتزامن ذلك مع ظهور شبكة الإنترنت العالمية، وانتشارها بين الجماهير، ومن أول المواقع التي شهدت انخراطًا في الثقافات المنتشرة: موقع (CompuServe) وموقع (Prodigy)، ولكن هذه المواقع كانت بطيئة ومكلِّفة، ومن ثَمَّ مع انتشار الإنترنت وتوافر الخدمات الإلكترونيَّة بدأ انتشار أنظمة الدردشة بين المستخدمين مثل نظام (AOL)، وبعدها ظهر موقع (Napster) الذي ساهم في تسهيل تبادل المعلومات والموسيقى المجانية عبر الإنترنت، وأصبح هذا الموقع المصدر الرئيسي لتوزيع وسائل الإعلام(9).
وبعد إطلاق متصفِّح “موزايك ويب” في العام 1993م، تم دمج نظام هذا المتصفح مع واجهة جرافيكية تُسَهِّل الاستخدام بشكل كبير؛ وساعدت بنية شبكة الويب العالمية في التنقل من موقع إلى آخر بنقرة واحدة؛ وكذا ساهمت السرعة الكبيرة للإنترنت على الوصول إلى محتوى الوسائط المتعددة(10).
وتم تأسيس أول الشبكات الاجتماعية التي تعتمد على تقنية الويب، وهي “موقع كلا سميث”، وموقع “سيكس دجريز”؛ حيث أقامت شركة “كلا سميث” منذ تأسيسها عام 1995م حملة إعلانية لجذب متصفحي الويب إلى مواقعها، واستند مفهوم شبكتها على العلاقة القائمة ما بين أعضاء المدرسة الثانوية وخريجي الجامعات وأماكن العمل، وفروع القوات المسلحة، بينما أنشأت شركة “سيكس ديجريز” أول موقع تواصل اجتماعي حقيقي عام 1997م؛ حيث شمل هذا الموقع العديد من الميزات مثل تمكين الأعضاء من إنشاء ملف تعريف شخصي، وإنشاء قائمة الأصدقاء، والاتصال بهم من خلال الرسائل، وتمكَّن هذا الموقع من جَذْب ثلاثة ملايين بحلول عام 2000م ولكنَّ الإيرادات لم تكن عالية، مما أدَّى إلى انهياره(11).
أما في بداية القرن الواحد والعشرين فقد تم إنشاء موقع فريندستر Friendster عام 2002م، وهدُف هذا الموقع للتنافس على خدمات المواعدة الشهيرة القائمة على رسوم الاشتراك، مثل موقع ماتتش.
وتم إنشاء موقع (My Space) في عام 2003م، وركَّز هذا الموقع على الفئة الشابَّة، وأصبح مكانًا للتواصل بين فناني الروك والمعجبين، وامتلك هذا الموقع بنية داعمة لها لمساعدته على النمو، مما ساعَد على انضمام ملايين المتصفحين إليه، ولكن في عام 2005م، قامت شركة نيوزكوربشن بشراء الموقع، وبسبب انتشار هذا الموقع بدأت السلطات القانونية بالتدقيق إزاء التفاعلات غير السليمة ما بين البالغين والقاصرين(12).
ثم تم إطلاق موقع فيسبوك الذي استولى على صيغة عمل موقع كلاسميث، واعتبر موقع فيسبوك منذ إطلاقه عام 2004م شبكة مفتوحة لجميع طلاب الجامعات والمدارس الثانوية بديلًا عن موقع (My Space) مع ملايين المستخدمين(13).
وفي النهاية كان لا بد من معرفة ماهية الإعلام الاجتماعي؛ فهو مصطلح يشير إلى استخدام تكنولوجيا الإنترنت والتقنيات المتنقلة (الهاتف) لتحويل الاتصالات إلى حوار تفاعلي. وعرف أندرياس كابلان ومايكل هاثلين وسائل الإعلام الاجتماعي بأنها “مجموعة من تطبيقات الإنترنت التي تُبنَى على أُسُس أيديولوجية وتكنولوجية من الويب، والتي تَسْمَح بإنشاء وتبادل المحتوى الذي ينشئها المستخدمون، ويستخدمها الناس للتواصل والتفاعل مع بعضهم البعض، وقد تطور مصطلح “مواقع التواصل الاجتماعي” ليُحْدِثَ ضجَّة كبيرة، ويشمل كل أدوات التواصل الإلكتروني الموجودة خلال القرن الحادي والعشرين؛ فنجد أن هناك بعض الأشخاص استخدموا عبارة وسائل الإعلام الاجتماعي؛ حيث إنها تَصِف جميع أنواع الظواهر الثقافية، وليس تقنيات التواصل فحسب(14).
ففي كثير من الأحيان يستخدم الأشخاص كلمة “وسائل الإعلام الاجتماعي لوصف الـ user) generated content)، أو المحتوى المقدَّم مِن قِبَل المستخدمين، وهو المحتوى الذي يقوم المستخدمون بكتابته ونشره ومشاركته باستخدام أدوات النشر الإلكتروني؛ من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر، والهواتف الذكية، والإنترنت، والشبكات الاجتماعية، مثل فيسبوك وتويتر، وهي إحدى وسائل الإعلام الاجتماعي(15).
ولا يصعب تحديد ماهية مواقع التواصل الاجتماعي؛ لما لها من استخدام واسع، فهي المحتوى الذي يتم إنشاؤه باستخدام أدوات مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما “المحتوى الذي يقدمه المستخدم”، والذي يتم إنشاؤه بواسطة الأفراد على المواقع الإلكترونية التي تُشجِّع على إنشاء وتبادل المحتوى. ويتراوح المحتوى ما بين رسائل نصية إلى صور يتم تبادلها، ومقاطع فيديو تحظى بمشاهدات عديدة.
2- أهمية الإعلام الاجتماعي في القارة السمراء، وهل يساهم في التمكين للديمقراطية؟
أصبحت تكنولوجيا المعلومات والتواصل اليوم مقياسًا لتقدُّم الدول، ومصدرًا للتنمية، ورافعة اقتصادية كبيرة، وقد أدرك كثير من الدول الإفريقية هذه الحقيقة، لذا تتناوب الشركات العالمية على إفريقيا من أجل الاستثمار في هذا القطاع، فهي القوة الدافعة التي يمكن أن تُعزِّز بشكل كبير من النمو الاجتماعي والاقتصادي في القارة الإفريقية.
ففي الوقت الحاضر، أصبحت تكنولوجيا المعلومات والتواصل، حتى في الدول النامية، ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية، فهي بمثابة الغذاء على مستوى المؤسسات أو الأفراد.
ولذا تزداد أعداد مستخدمي تكنولوجيا المعلومات عامًا بعد عام، وتشير الإحصاءات إلى أن استخدام الإنترنت ما يزال ينمو باطراد بنسبة 6.6% على مستوى العالم في عام 2014م، بينما يُمثِّل النمو في الدول المتقدمة نسبة 3.3%، وتوجد النسبة الأعلى في الدول النامية 7.8%، ورغم هذه الإحصاءات إلا أن هناك 4.3 مليار شخص لم يستخدموا الإنترنت قط في حياتهم، معظمهم في الدول النامية(16).
وتحتل إفريقيا المرتبة الثانية من حيث استخدام تلك الوسائل في الوقت الراهن، وبفعل الانفجار المعرفي والثورة التكنولوجية أصبح الشباب في إفريقيا يتابع كافة المتغيرات السياسية والاجتماعية، وذلك عبر الوسائل المعلوماتية المعاصرة التي أصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها والتحكم بها من طرف الأنظمة السياسية القائمة.
إن الإعلام الاجتماعي بالنسبة لإفريقيا أصبح يُمثِّل بشارات يجب التنويه بها، ولكنه في الوقت نفسه يُمثِّل تحديًا كبيرًا بالنسبة لها في إيجاد أرضية مناسبة تلبِّي احتياجات الشباب من حيث التربية والصحة والعمل.
ففي السابق تخلفت إفريقيا في الثورة الصناعية، أما الآن فيجب ألا تتخلف أيضًا عن الثورة المعلوماتية والتكنولوجية لتكون في مصافّ الدول القوية؛ حيث أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (TIC) تُمثِّل دورًا مهمًّا ومتزايدًا في زيادة الإنتاجية من خلال الاقتصاد الرقمي، وتحسين الخدمات العامة والخاصة، وتنفيذ الأهداف الاجتماعية والاقتصادية العامة، في مجال التعليم والصحة، والعمل، والتنمية الاجتماعية، وتعزيز القدرة على المنافسة، وتحويل الفرص لدعم النمو في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية(17).
فهذه الوسيلة خلقت نوعًا من الابتكار والإبداع؛ فها نحن نرى أفكارًا من خلال الشباب المتطوِّع لتوحيد القارة الإفريقية، والاستفادة من الإعلام الاجتماعي في نشر ثقافات القارة السمراء، وتداول وعرض الأفكار والتسوُّق عبر هذه المواقع، وإنشاء موقع للتوعية بحقوق الشباب في قارة إفريقيا، وتعريف الشباب بكيفية المحافظة على حقوقهم، وذلك من خلال مواقع على الإنترنت لها حسابات أيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل: انستجرام، فيسبوك، توتير.
كما تم اقتراح عمل مشروع عبارة عن قناة إخبارية تضم مجموعة من المجالات (أخبار سياسية، رياضية، ثقافية، حضارية، أفلام تكنولوجية)، بالإضافة إلى وجود موقع إلكتروني وصفحة على الإعلام الاجتماعي يمكن من خلالها تقديم خدمة التسويق الإلكتروني بين الدول الإفريقية، الأمر الذي يؤدي إلى التحرُّر من سيطرة الغرب، وتفعيل التعاون المشترك والدائم بين الدول الإفريقية كافة، والاكتفاء الذاتي داخل حدود القارة(18).
ويمكن عن طريق “الإعلام الاجتماعي” الاستفادة من إقامة مشروعات خاصة بالشباب، وتشجيعهم على الخروج من بوتقة النظام الحكومي، والانطلاق نحو السوق المفتوح بعمل موقع أشبه بسوبر ماركت أون لاين على شبكة الإنترنت، يستهدف تلقِّي الطلبات على المنتجات الإفريقية المعروضة على الموقع، وتوحيد طريقة الدفع من خلال عملة موحدة، هذا بالإضافة إلى نشر المنتجات الإفريقية، وإتاحتها على مستوى جميع الدول الإفريقية(19).
كما كان من ضمن تلك الأفكار موقع وموبايل أبلكيشن الذي يعمل كحلقة وصل بين العمالة الفنية والعملاء من أجل توفير وقت العميل في عملية البحث عن عامل فنِّي ماهر في مختلف المجالات، يتضمن الموقع قيام مجموعة من المتخصصين في مختلف المجالات بوضع بياناتهم الشخصية، ومهاراتهم وخبراتهم، وإمكانياتهم وتخصصاتهم، والمبالغ التي يتقاضونها نظير أداء هذه الأعمال، فهي وسيلة لتوفير الوقت، وكذلك حصول تلك العمالة على وظائف من خلال تلك المواقع بطريقة سهلة دون وجودها تحت قيادة شركات بمعنى “عمل حر”.
ليس ذلك فحسب، فقد سمحت تلك الوسائل بالمشاركة الشبابية في الحياة السياسية والاجتماعية بعد ما كانوا بعيدين كل البعد عن هذه الحياة، كما أنها خلقت نوعًا من تكوين الرأي، ووجود ثقافة وإن كانت ثقافة افتراضية، لكنها استطاعت أن تجعل الشباب مُلِمًّا ببعض الأخبار حول العالم، فيما يعتبر نوعًا من الانفتاح الثقافي على العالم الآخر، وترك العالم المنغلق الذي كانوا يعيشون فيه في السابق.
ومن خلال ذلك الإعلام الجديد، كثرت صور تبادل الآراء؛ فقد كانت هذه المواقع مصدرًا للإلهام والابتكار والإبداع من بعض الشباب مع وجود الشفافية، وتمت المشاركة في العملية الانتخابية، والحد من التزوير، واستطاعت هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة فك الحصار عن الشباب في إفريقيا للمشاركة في العملية السياسية، وقد أدَّى ذلك إلى دعم الدول الإفريقية للحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية؛ لعلمها أن هذا هو الخيار الوحيد أمامها لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي(20).
كما أنها تُتيح للشعوب آليَّات مهمة لممارسة حقوقها السياسية، والتي هي من أهم آليَّاتها: التخاطب والحوار والتعبير عن الرأي، والتصويت في الانتخابات التشريعية والاستفتاءات، واستطلاع الرأي العام، والتنظيم السياسي الميداني.
فأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي الظاهرة المعلوماتية الأبرز في عالمنا التكنولوجي؛ لكونها تستقطب شريحةً كبيرةً من شرائح المجتمع، وبخاصة شريحة الشباب، بوصفهم الفئات الأكثر تأثيرًا بما يمثلونه من طاقةٍ وقابليةٍ لتغيير أيِّ ظاهرة، وقد خلصت دراسة حول «فيس بوك أفريك»، إلى أنّ عدد المستخدمين في جنوب إفريقيا ونيجيريا وكينيا يُمَثِّل ربع مجموع المستخدمين الأفارقة. وأشارت الدراسة كذلك إلى أنَّ عدد المستخدمين للفيس بوك في إفريقيا جنوب الصحراء نما بنسبة 20% ما بين عامي 2014م و2015م(21).
وهنا نحن نرى بعض المواقع التي تم تدشينها مِن قِبَل الشباب الإفريقي؛ فها هو موقع اشهاهيدي Ushahidi ابتكره الشاب أوري أوكولو Ory Okolloh، وهو مُصمَّم باللغتين الإنجليزية والسواحلية، وقد أدَّى هذا الموقع دورًا كبيرًا خلال انتخابات 2008م بكينيا؛ حيث سمح لآلاف الكينيين بالتواصل من أجل الحدِّ من عملية التزوير التي كانت مَعْلَمًا لتلك الانتخابات.
وبعد الأهمية التي اكتسبتها مواقع التواصل الاجتماعي في المشاركة الإفريقية؛ فقد أنشأ الفيس بوك نُسَخًا باللغات السواحلية والهوساوية ولغة زولو، ودشَّن موقع جوجل كذلك –منذ أكتوبر 2010م- خدمةً أسماها: بارازا Baraza، وتعني بالسواحلية: «موقع التواصل»، وتهدف هذه الخدمة إلى تبادل الآراء، وطرح أسئلة تمسُّ الشأن المحليّ والإجابة عنها.
وقد ساهم هذا الانفجار لمواقع التواصل الاجتماعي في إتاحة الفرصة لجميع الشباب في إفريقيا-سياسيين أو باحثين أو أكاديميين- لعرض أفكارهم، ومناقشة قضاياهم السياسية والاجتماعية؛ متجاوزين الحدود المادية والطبيعية إلى فضاءاتٍ جديدةٍ لا حدود لها.
ليس ذلك فحسب؛ فقد ساعدت تلك الوسيلة كثيرًا من دول إفريقيا في التعلُّم عن بُعْد، وأصبح الإعلام الاجتماعي بمثابة مُعَلِّم خاصّ، فتم عمل مشروع كيلاسي، وهو تطبيق رقمي في خدمة التعليم، يضمن العناصر الأساسية للنجاح الدراسي، كما ساعد المعلِّمين في إعداد الدروس والتمارين التدريبية، وتوزيعها على طلابهم، وبهذا يستطيع الطلاب مواصلة تعليمهم بالمنزل من خلال التعلُّم عن بُعد، والسماح للطلاب غير القادرين بتكملة تعليمهم، فأصبح لا حاجة لإملاء الدروس على الطلبة في الفصول الدراسية(22).
وهذه التجربة تم تطبيقها في كينيا، وتم الاستفادة منها بالفعل في كينيا عام 2010م بعد عمل إحصائية عن حجم التسرُّب من المدارس، ليس فقط مِن قِبَل الذكور، ولكن أيضًا الفتيات اللواتي يتم حرمانهن من التعليم ويتزوجن في سنّ مبكرة؛ فقد كان سبب ذلك بُعْد المدارس عن محل إقامة الفتيات، كما أن التعليم النظامي مكلِّف ماديًّا لذويهن، فكان لتلك الوسيلة الفضل في إكمال هذه الفئة غير القادرة على مواصلة تعليمهم بشكل غير مكلِّف.
وبعد انتشار الهاتف المحمول وبفضل التكنولوجيا أصبح هناك تعليم عن بُعْد، فيمكن سؤال المدرس والحصول على الإجابة من خلال تلك الوسيلة التي سميت، وتم وصفها بالمُعلِّم الخاص الافتراضي بحسب ما تضمنه تقرير موقع “بي بي سي”؛ فقد تم عمل موقع “إنزا إديوكشن” والذي انتشر اللغة السواحلية يخدم قضايا المعرفة ومجالات التعليم والتكنولوجيا، والغرض منه نشر التعليم عبر الوسائل التكنولوجية؛ فقد وصل عدد مستخدمي “إنزا” إلى نحو خمسمائة ألف مستخدم، يعتمدون كليًّا على الرسائل النصية القصيرة للحصول على المحتوى التعليمي مقابل اشتراك أسبوعي يبلغ عشرة شلنات كينية، أي: ما يعادل 0.15 من الدولار يُخْصَم من اشتراك الهاتف المدفوع مسبقًا(23).
فلقد ساعدت تلك الوسيلة بشكل كبير في توفير التعليم عن بُعد، ومحاولة محاربة الأمية بشكل من أشكال التكنولوجيا ليس ذلك فحسب، بل إننا نجد أن تلك الوسيلة ساهمت بشكل كبير في التمكين والانتقال إلى الديمقراطية، ولكن قبل أن نركِّز الضوء على القارة الإفريقية نوضِّح مدى خطورة تلك الوسيلة؛ فتأثيرها كبير على دول العالم في شتى المجالات.
وهذا ما خلصت إليه الكثير من الآراء والدراسات سواء ما تعلق منها بالدول ذات التاريخ العريق في الممارسة الديمقراطية، أو ما تعلق منها بالدول التي تمر بمرحلة انتقالية إلى الديمقراطية.
وسوف نعرض حالتين لتأثير تلك الوسيلة الخطيرة على العالم أجمع:
الحالة الأمريكية في الجانب الأول، وحالة دول الربيع العربي في الجانب الثاني.
بالنسبة للحالة الأمريكية، فقد أجمع العديد من الخبراء أن الحملة الرئاسية الأمريكية بين دونالد ترامب وهيلاري كلينتون لا تشبه أيّ حملة قبلها؛ فقد شهدت اتهامات عنصرية ومهينة للنساء ومعادية للأجانب، وعرفت زوال الحدود بين ما هو خاصّ وما هو عامّ، وسيطر فيها بشكل كبير ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، واكتسبت تغريداته المثرة للجدل شهرةً واسعةً.
فالإعلام الاجتماعي له يد بالفعل تهدِّد الديموقراطية وتتحكم فيها، فها نحن نرى كيف تحكمت روسيا عن طريقه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016م، فقد استهدفت تقريبا 126 مليون أمريكي، أي: 40% من سكان أمريكا، ولا بد من ذكر أيضًا الاتهامات التي وجَّهتها روسيا للغرب باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي لإثارة نزعات الانفصال بكل من أوكرانيا وجورجيا؛ فقد أصبح العالم الافتراضي يمثل ساحة حرب أخرى بين القوى الدولية بهدف التأثير على الرأي العام بطريقة أو بأخرى، بل والتحكم أيضًا في المسار الديموقراطي الدولي(24).
أما بالنسبة لحالة دول البيع العربي؛ فقد أكدت عدة دراسات أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في تقويض التحول الديموقراطي فيها، وساهمت هذه الوسائل في استقطابات سياسية عنيفة، ونشر الخوف والعداوة بين المجموعات ذات الانتماء السياسي المختلف، وتعزيز الانقسام بينها، وهنا نخصُّ بالذكر الحالة المصرية بعد عزل الرئيس الأسبق حسني مبارك.
فلا نستطيع أن نجزم بأنَّ الإعلام الاجتماعي هو أداة مؤثرة في التحكم بالديمقراطية من خلال تسريع وتكثيف نزعات خطيرة ونشر الاستقطاب والخوف؛ فهي تؤثر على الاستقطاب الاجتماعي والسياسي لجعله أكثر تدهورًا بسبب قدرتها على نشر صور عنيفة وشائعات مخيفة بسرعة فائقة وبكثافة عبر مجموعة منغلقة نسبيًّا لأفراد ذوي تفكير متماثل(25).
ثانيًا: دوافع استخدام الإعلام الاجتماعي ومدى تأثيره على المجتمع سواء بالإيجاب أو السلب:
1- نشر الأخبار بطريقة سريعة
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي هي من أكثر الوسائل سرعةً في نقل الأخبار وتداولها، واتساع مساحات نشرها عبر الفضاء الإلكتروني، وهذا جانبٌ إيجابيّ جدًّا لها يجب الحفاظ عليه وتنميته وتشجيعه، في سبيل حقّ الجميع في سرعة الحصول على المعلومة والمعرفة في أيّ وقت، وأينما كان(26) ؛ فأصبحت وسائل الإعلام الاجتماعي هي إحدى إفرازات التقدُّم التكنولوجي السريع الذي شهده عالمنا مؤخرًا، فهو مقصد الكثيرين في الحصول على الأخبار والمعلومات، سواء المحلية منها أو العالمية، ولم يقتصر الأمر على هذا الحدّ، بل تعدَّى ذلك إلى اعتماد الصحف التقليدية، والمواقع الإخبارية، والفضائيات على تلك الوسيلة أيضًا(27).
لكنَّ السؤال المهم: هل يمكن أن تتحوَّل وسائل التواصل الاجتماعي، أو هل تحولت بالفعل إلى إعلام بديل موثوق لصناعة الأخبار أو المعلومات؟ أم ستبقى وسائل الإعلام بكافَّة أشكالها صاحبة السيادة كمصدر ذي مصداقية أعلى للمعلومة والخبر والصورة الثابتة والمرئية لا مجال لمنافستها لإمداد الجمهور بالأخبار والأحداث والصور، بل وأيضًا إمداد وسائل التواصل الاجتماعي وتغذيتها، وليس العكس؟(28)
وهناك دراسة أمريكية حول مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف أصبحت أكثر انتشارًا وتصفحًا من الجرائد والصحف الرسمية. ويقرِّر أحد الباحثين أنه إنْ كان البحث عن المعلومات هو الإنجاز الأهم في العقد الفائت؛ فإن مشاركة المعلومات قد تكون أحد أهم الإنجازات في العقد المقبل”؛ كما أفادت الدراسة أن موقع CNN سجل زيادة عدد زوار ومتصفحي وسائل الإعلام الاجتماعي بنسبة 18%، ويليه موقع فوكس نيوز بنسبة 16%؛ حيث إن تلك الوسائل تردّ على أسئلة المتصفحين بشكل سريع(29).
وأيضًا هناك دراسة نشرتها مؤسسة “ديجيتال بوليسي كونسل” تبيِّن ما تتميز به تلك الوسيلة في سرعة النقل والانتشار السريع للأخبار فتقول الدراسة بأن “123” رئيس دولة أو حكومة باتوا يستخدمون موقعي “تويتر” و”فيسبوك” بانتظام في نهاية عام 2013م بارتفاع كبير بنسبة 78% مقارنة بالأعوام السابقة، وإن معظم هؤلاء يبثون رسائل سياسية وأخبارًا عبر حساباتهم.
ونرى كذلك أن المواطنين يتَّجهون إلى مواقع الإعلام الاجتماعي كالفيس بوك لكي يحصلوا على الأخبار أو متابعتها بشكل عام، فأصبحت هي مصدر الأخبار لديهم عن متابعة التلفاز؛ حيث إنها الأسرع والأسهل في نشر الأخبار قبل الوسائل التقليدية، وفي اعتقادي أن هذه الوسائل من الممكن الاستغناء عنها إلا في مناسبات معينة، خاصة أن تلك الوسيلة “الفيسبوك” متوافرة لدى الغالبية العظمى في أي وقت عكس الوسائل التقليدية من خلال جهاز محمول أو لاب توب، أو حتى جهاز كمبيوتر في العمل؛ فتلك الوسيلة متاحة في كافة الأوقات، ولذلك يقرر المواطنون استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي كمصدر رئيسيّ للحصول على المعلومة أو الخبر؛ وذلك لسرعتها في التغطية أو النقل(30).
لكننا نجد آراء لبعض الأشخاص الذين يتابعون الأخبار التي تنشر عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، لكنهم يتابعونها بحذر؛ حيث إنه ليست كل الأخبار صحيحة، بسبب مواقف عدة، لذا لا بد أن يتم النظر في مصدر الخبر أو الجهة التي نشرته على صفحتها.
فالسبب الرئيسي في عدم وثوق البعض في الأخبار المتداولة عبر صفحات “الفيسبوك” أنه لا توجد قوانين ضابطة لتنظيم النشر، فيتم نشر الأخبار أو المعلومات على صفحات بعض الأشخاص دون التأكد من مصداقيتها؛ مما قد يصيب ويبثّ الهلع في المجتمع، خاصة لو كان الخبر يخصُّ الدولة أو المواطنين في لقمة عيشهم و”قوت يومهم”.
ونخلص في النهاية إلى أنه رغم الكمّ الهائل من المعلومات والأخبار التي يتم تبادلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “الإعلام البديل”؛ إلا أنها تفتقر أحيانًا إلى المهنية والموضوعية والشفافية التي تُعتبر أساس العمل الصحفي المهني، وتظل الوسائل التقليدية متربعة على عرش الحصول على المعلومة من وجهة نظر البعض؛ نظرًا لأنها مصدر موثوق فيه يخلو من الإشاعات التي يتم تداولها عبر مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي التي تنقلها البعض، مما يسبب البلبلة والتضليل للجمهور كما أنها يمكن الرجوع إليها وقت ما تريد، لكن ما يُنْشَر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يتحكم فيه بعض الأحيان شخصٌ واحد، يمكنه محو ما تم نشره في أي لحظة، حيث لا أرشيف لتلك الوسيلة حتى يومنا هذا(31).
ولكني لست مع هذا الرأي؛ فبعض المحطات قد تذكر خبرًا ثم تُكذِّبه فقط لمجرد السبق الصحفي؛ حتى تصبح أول مَن ينشر أو يذيع الخبر، ولكن هذا يعتبر خطأ أيضًا؛ فقد يفقد المواطنون أيضًا الثقة بمرور الوقت في تلك الوسيلة التقليدية.
2- فوائد وأضرار استخدام الإعلام الاجتماعي على المجتمع
يتَّصف عصر التواصل الاجتماعي التقني الذي يعيشه العالم حاليًا بانتشار “الشعور بالذاتية”، وقدرة الفرد على التأثير في عالم مفتوح؛ من خلال وسائل تُعتبر منخفضة التكاليف وواسعة الانتشار، كما تتسم بالتنوع اللامتناهي في الرسائل الإعلامية والمحتوى الإعلامي، فهي تشجِّع الروابط العابرة للحدود، فالفرد على اتصال بالعالم الخارجي دون أن ينتقل من مكانه، وعندما تختفي المسافة يصبح للأفكار ضجَّة؛ حيث يسهل مشاركة الآخرين في الأفكار، فبعدما كان المجتمع والعالم بعيدين كلّ البعد عن بعضهم أصبح بفعل تلك الوسيلة قرية كونية صغيرة، يستطيع من خلالها تبادل المعلومات بكل سهولة، رغم اختلاف الثقافات؛ فقد ساعد الإعلام الاجتماعي في تثقيف أفراد المجتمع، ونقل الأخبار، وتبادل الأفكار والمعلومات، ومحو الأمية السياسية، بل وتكوين وتوجيه الرأي العام؛ الأمر الذي ينعكس على السلوك الفردي والجماعي(32).
كما أن الفضاء الإلكتروني يزيد من فُرَص الإبداع والابتكار، سواء في النواحي الإيجابية أو السلبية، ويدفع الفرد إلى بناء منظومة التفاعلية بلا حدود زمنية ومكانية، ومن ثَمَّ ينتقل عبر الزمان والمكان دون مغادرة محل إقامته وكأنه (رحَّالة افتراضي)، يُبْحِر في مختلف الاتجاهات والثقافات، ويُرَى على بُعْد مسافات تربو على ملايين الكيلومترات.
وقد برزت سمات وخصائص ومميزات لعصر التواصل الاجتماعي التقني بمختلف وسائله، التي أسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في إحداث تغييرات بنيوية أفقيًّا ورأسيًّا في مجالات عدة(33).
فنجد ازدياد الوعي السياسي بين المواطنين بصورة غير مسبوقة؛ حيث إن التواصل بين مستخدمي المواقع يوفِّر الفرص للنقاش، ويتيح مزيدًا من الفهم للقضايا والموضوعات السياسية المثارة، وخاصة في ظل وجود خبرات متنوعة بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من مثقفين وسياسيين وأكاديميين وأناس عاديين(34).
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لها أثر واضح في تشجيع المواطنين على المشاركة السياسية؛ حيث تُوفِّر هذه الوسائل الفرصة لمزيد من الفهم لحقوق المواطنة، وتُعمِّق إدراك المواطنين لقضاياهم.
كما زادت من قوَّة المجتمع المدني؛ حيث اتَّخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منصة للانتشار وممارسة دوره العابر للقيود المحلية التي تضعها بعض الحكومات والسلطات على أنشطة هذه المؤسسات داخل الدول، فساعد على ارتباط الشباب بهذه المؤسسات، ورغبتهم في بناء علاقات معها للدفاع عن قضاياهم وتبنِّي وجهات نظرهم(35).
كما ساعد الإعلام الاجتماعي على رفع مستوى الوعي القانوني وتحسينه وتطوير أساليبه، مما زاد من الثقة بسيادة القانون ودعوة الناس إلى التقيد بالقانون والاحتماء به، بل أيضًا معالجة الاعتداء على تلك الحقوق.
ولا يخفى أيضًا أنه كما للإعلام الاجتماعي إيجابيات على المجتمع، فله أيضًا سلبياته وأضراره الصحية التي تصل إلى حدّ الانتحار فهو سلاح ذو حدين.
وهناك توقعات بأنه كلما تزايد استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي أدَّى ذلك إلى التأثير على حياة الأفراد، خاصة المراهقين(36) ؛ حيث إنها ظاهرة غير فردية تتأثر بالعوامل الاجتماعية والبيئية؛ فهي تؤدِّي إلى خلق نوع من التوحُّد والاكتئاب، بل في بعض الأحيان -وبناء على بعض الدراسات- قد تؤدي إلى الانتحار، وهي ظاهرة جديدة نسبيًّا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية؛ حيث تشير الدراسة إلى أنه في عام 2020 ربما يموت حوالي 1.53 مليون شخص(37).
وها هو “فيني برنس” والذي يُعتقد أنه انتحر بسبب التسلط عبر الشبكة العنكبوتية.
فقد خلصت دراسة جديدة إلى توضيح مدى الارتباط بين “الإعلام الاجتماعي” والاكتئاب وأثره على صحة الجسم، العقل، الصحة النفسية؛ حيث إن الاستخدام المُفْرِط لها قد يضع الشخص تحت ضغط وتوتر زائد ليصبح بذلك أكثر عرضة للإصابة بنوبات الاكتئاب والقلق؛ وذلك وفقًا لدراسة في جامعة بيتسبرغ الأمريكية.
كما أكد أستاذ في جامعة بيتسبرغ للعلوم الصحية ومساعد نائب رئيس الجامعة، أن تعدُّد منصات التواصل الاجتماعي تؤثِّر سلبًا على القدرات العقلية، والصحة النفسية والمعرفية للشخص، ويمكن حصر تلك السلبيات المتعددة في مجموعة من النقاط الآتية:
– بثّ الأفكار الهدامة، والدعوات المنحرفة، والتجمعات الفاسدة: مما يُحدِث خللاً أمنيًّا وفكريًّا، وخاصة أن أكثر روَّاد الشبكات الاجتماعية من الشباب مما يُسَهِّل إغراءهم وإغواؤهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح شيئًا، بل هي للهدم والتدمير، وقد تكون وراء ذلك منظمات وتجمعات، بل ودول لها أهداف تخريبية.
– التشهير والفضيحة والمضايقة والتحايل والابتزاز والتزوير: وهي أخلاقيات تظهر على الشبكة بشكل عام لسهولة التدوين والتخفي، وهي أخلاقيات لا تحتاج بالضرورة إلى معرفة تامة بالبرمجة والبرمجيات، ولا تستند في الغالب إلى مستند شرعي حقيقي، فلا يحتاج صاحبها للتدليل أو التعليل أو الإثبات.
– التزوير من أكثر الجرائم انتشارًا على الإطلاق في تلك المواقع.
– أنها قادرة على انتهاك حقوق النشر والملكية الفكرية.
وفي النهاية فكل تقنية علمية كانت أو تكنولوجية في حياتنا لها أضرارها وفوائدها، لكن علينا استخدامها بالطريقة المثلى، وكما يقال: “ما زاد عن حده يُقلب لضده”.
ثالثًا: أوغندا والإعلام الاجتماعي وصراع مع الحكومة:
أ- الاستخدامات المتعددة للإعلام الاجتماعي وأكثر الفئات استخدامًا له في أوغندا ومدى تأثيرها:
لم يكن من المتوقع عندما تم إنشاء هذه المواقع أن تُصبِح هي المسيطر الأول والأخير في حياتنا اليومية؛ فهي مصدر التواصل مع الآخرين، سواء على المستوى الأُسَرِيّ أو الأصدقاء الجدد والقدامى، أو زملاء العمل، أو رجال الأعمال، وما إلى ذلك؛ فأصبحت هي المنصة الأولى التي تبنَّاها الأوغنديون اليوم من خلال فيسبوك، تويتر، واتساب(38).
ففي عام 2017م، نما وضع أوغندا الاجتماعي بطرق عديدة، وكانت تلك الوسيلة “الإعلام الاجتماعي” هي الطريقة التي أثَّرت على الحياة الأوغندية فتبنَّى الأوغنديون تقنيات جديدة أدَّت إلى إزالة الحواجز والحدود التي تُستخدَم لتمييز التفاعلات الشخصية والاتصالات داخل مجال العمل العام(39).
فتم الاعتماد على استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي في غياب سياسة تنظيمية، فكان الغرض إلقاء الضوء على مدى تأثير الإعلام الاجتماعي في الأُسَر الأوغندية بهدف تحديد كيف يتم استخدامها، وما هي الطريقة المثلى في الاستخدام؛ فلقد أصبح الإعلام الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، ويمكن اعتباره أسلوبًا سائدًا للتواصل، وهذا ينطبق على جميع الأعمار على الرغم من أن الغالبية المستخدمة هم من الشباب؛ حيث يستخدمونها في الشات، وتبادل الموسيقى والفاشون، والتحدُّث عن الفنانين المفضلين لديهم، وفي بعض الأحيان يتم التطرق إلى السياسة، ولكنها ليست هي محور الحديث.
ولكن الملاحظ أنه ليس هناك فرق في الاستخدام بين الإناث والذكور عكس دول كثيرة داخل القارة الإفريقية؛ فالنسبة في التعامل مع الإعلام الاجتماعي متساوية في الاستخدام، أما الفئة الأكبر عمرًا فيكون التعامل مع الإعلام الاجتماعي بشكل مختلف؛ إما للتسلية أو المشاركات السياسية، وتبادل الحوارات والأفكار، أو الترويج للأعمال والأنشطة التجارية؛ كما أنها تُسَهِّل عملية التواصل مع العملاء المستهدفين مجانًا؛ فهي الأرخص، رغم ما تفرضه الحكومة من ضرائب؛ إلا أنها تُعتَبر الأرخص على الإطلاق في التواصل مقارنة بالرسائل النصية، سواء في الإعلان عن المنتج، وهي الأسرع في التسويق، كما أنها توفِّر الكثير من الوقت في حالة تبادل الملفات التي يمكن إرسالها عبر تلك الوسائل دون التقابل وجهًا لوجه؛ فقد يكون من الصعب نقلها حال عدم وجود هذه الوسائل نظرًا لوجود الشخصين في بلدين مختلفين.
لقد كان لوسيلة الإعلام الاجتماعي الفضل في اتخاذ الحكومة موقفًا في صالح العمالة التي يتم تصديرها إلى المملكة العربية السعودية، فقد عقدت الحكومة الأوغندية مع المملكة اتفاقًا على تصدير عمالة أوغندية من خريجي الجامعات للعمل هناك، وهي وسيلة لمعالجة ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب في الدول الإفريقية عامة، وفي أوغندا خاصة؛ لكن ما حدث من سوء المعاملة لتلك العمالة عقب انتشار فيديو لعاملين عبر وسائل الإعلام الاجتماعي ذكروا أنهم تعرضوا للتعذيب، فقامت الحكومة بإيقاف إرسال العمالة المنزلية إلى المملكة، وهنا نجد أن الطريقة التي تم بها عرض الفيديو كانت سببًا في تحريك الحكومة بشكل إيجابي، على الرغم من أن الحكومة قد تلقت الشكاوى من قبل، لكنها لم تتحرك بإيجابية إلا بعد انتشار الفيديو عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، وهي طريقة استخدمها الشعب الأوغندي للتعبير عن عدم رضائه عن مثل هذه الانتهاكات التي تُرتَكب في حقه، وكان لها رد فعل إيجابي(40).
وعلى الرغم من الاستخدام الصحيح لبعض الفئات عبر تلك الوسائل إلا أنه في أحيان أخرى قد تُستخدم بطريقة خاطئة تؤثر على المجتمع كله، فها هو يُستخدَم في إثارة الفتن ونشر الإباحية عبر وسائل الإعلام الاجتماعي “فيسبوك”، ليس ذلك فحسب، بل أصبح هناك استشارات ونصائح عبر تلك الوسائل لتحسين الحياة الجنسية عن طريق إرسال تسجيلات مصورة لمن يريدون، وفي اعتقادي الشخصي أن مثل هذه الأشياء تؤثِّر بالفعل على المجتمع، وأضم رأيي إلى رأي الوزير “سيمون كولودو” بضرورة إصدار القوانين التي تكافح وتَحُدُّ من الجرائم التي تُرتَكب في حق المجتمع، ولها أثر ضارّ بالفعل على مجتمع، ليس داخل أوغندا فقط، بل أيضًا في القارة الإفريقية بصفة عامة.
ولا بد من التوعية مِن قِبَل الحكومات للمجتمع والأسرة ومؤسسات التعليم حول خطر تلك المواد وانتشارها في المجتمع.
ب- الشائعات والنميمة سبب فرض الضرائب ووضع القوانين
لا شك أن الهواتف المحمولة والمنصات الاجتماعية لها آثار إيجابية في إحداث التغيير بإفريقيا؛ حيث أعطت العوام فُرَص المتابعة والمشاركة في السياسة، والتحركات الاجتماعية، والنقاشات حول القضايا الوطنية المهمة(41).
فقد أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعي في عصرنا هذا مادة خطرة لتناول الأحاديث والتأثير على الرأي العام، وإثارة البلبلة في المجتمع؛ فمنذ عام 2015م شهدت العديد من الدول الإفريقية محاولات حكومية لإصدار قوانين تتعلق بتنظيم استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، غير أن النقاد يقولون: إن هذه القوانين قد تُستخدَم للقضاء على “حرية التعبير” والأصوات التي تروِّج للحكم الرشيد، ومشاركة المواطنين.
وقد سبق وحاولت كلٌّ من نيجيريا وجنوب إفريقيا وضع قوانين لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي، ونجحت أنجولا عام 2016م في سنّ قوانين الصحافة والوسائل الاجتماعية، إلا أن ما أثار انتباه الجهات الدولية مؤخرًا: إجبار السلطات التنزانية المدونين على دفع مبلغ مالي كل سنة، ثم فرض أوغندا ضريبة على استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي(42).
فقد تم بالفعل إغلاق الدخول إلى منصات الإعلام الاجتماعي في أوغندا خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2015م؛ لوقف انتشار الأكاذيب، لكن معارضي القانون يرونها خطوة لخنق الانتقادات الموجهة للرئيس يوري موسيفيني الذي يحكم البلاد منذ عام 1986م، والذي أشار إلى أن وسائل الإعلام الاجتماعي تشجِّع “الشائعات والنميمة”، وعلى إثر تصريحاته تلك شرَع البرلمان الأوغندي بتشريع قانون جديد يفرض الضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث ورد في التقارير الإحصائية (وفقًا لبيانات هيئة الاتصالات الأوغندية) أن 40% من سكان أوغندا (البالغ عددهم 40 مليون نسمة) أصبحوا يستخدمون الإعلام الاجتماعي، فأقرَّ البرلمان الأوغندي قانونًا جديدًا يفرض الضرائب على خدمات وسائل التواصل الاجتماعي مثل واتساب، فيسبوك، تويتر، جوجل، انستجرام، وغيرها من المواقع التي تساعد في التواصل بين أفراد المجتمع؛ ودخلت الضريبة حيِّز التنفيذ في السنة المالية 2018 -2019م، وعليها يدفع كل مستخدم مبلغ 200 شلن أوغندي يوميًّا، وهذه الضريبة ليست إلا أداة جديدة لقمع حرية التعبير، وتنظيم مشاركات المواطنين التي كانت خارج سيطرة الدولة(43).
كما أنها تقلِّص الدور المركزي المتزايد لوسائل الإعلام الاجتماعي في التنظيم السياسي؛ حيث يرى منتقدي الرئيس موسيفيني أن حكومته توظِّف عددًا من التكتيكات للحدِّ من الحوار السياسي، وتدوس الحقوق المدنية وتخنق المعارضة؛ هكذا قال نيكولاس اوبيو محامٍ مقيم في كمبالا ورئيس منظمة حقوقية دولية. في حين أن الحكومة بالفعل وجَّهت لبعض معارضيها تهمة الإهانة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي “فيسبوك”، وأنها تستخدم هذه المنصات بالفعل لتعبئة الاحتجاجات ضدها.
وهناك حادثة أحدثت ضجة كبيرة على مواقع الإعلام الاجتماعي ما بين الصور على تويتر، ووضع إشارات ساخرة تخصُّ الرئيس الأوغندي؛ حيث شُوهِدَ الرئيس الأوغندي أثناء إجراء مكالمة طويلة بينما يجلس على كرسي محمول على جانب الطريق بعد إيقافه لموكبه لإجراء تلك المكالمة وذكَر تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني كان في طريقه إلى مشاركة الجمهور في منطقة جنوب غرب اسنجيرو عندما توقف موكبه على جانب الطريق، وأفرد كرسيًّا محمولاً وأجرى مكالمة استمرت حوالي ثلاثين دقيقة، وتم نشرها عبر وسائل الإعلام الاجتماعي “فيسبوك”.
فلم يمر الكثير من الوقت حتى انتشرت الصورة بين الأوغنديين الذين قضوا يتكهنون من هو الطرف الثاني لتلك المكالمة المهمة تحت وسم “UOT#” مع مَن كان يتحدث، وضاعف المواطنون الأوغنديون من التهكُّم حول هذه الواقعة من خلال الهاشتاج، وتساءلوا عن برتوكول الرئاسة الذي يقضي بإيجاد بقعة تصلح للجلوس والتحدث في الهاتف، وتحدوا الآخرين في القيام بنفس الشيء في إشارة ساخرة تحت اسم مستوحًى من الاسم المستعار للرئيس موسيفيني M7 بعنوان # M7 (44) challenge.
وفي اعتقادي أن ذلك أيضًا كان سببًا من الأسباب وراء فرض الضريبة على تلك الوسائل الإعلامية؛ إذ اعتبر الرئيس الأوغندي أن ذلك نوع من هتك الخصوصية والتشهير؛ نظرًا لأنها متاحة للجميع، وأن تلك الضريبة تعتبر نوعًا من أنواع العقاب للشعب الأوغندي للحدِّ من استخدام تلك الوسيلة التي أصبحت أكثر فاعلية في نشر الأخبار بطريقة سريعة تثير الرأي العام.
ولدينا حالة واقعية من اثنين من المواطنين الأوغنديين عن رأيهم حول وسائل الإعلام الاجتماعي لديهم، ومدى تأثيرها على الشعب الأوغندي؛ سواء بالإيجاب أو السلب.
يقول بورونجو روجرز من أوغندا: أرى أن لكل شيء في العالم مميزات وعيوبًا أيضًا، وهذا ينطبق على الإعلام الاجتماعي في أوغندا، فمن عيوبه من وجهة نظري أن الناس تسيء استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية؛ عن طريق نشر الصور العارية، والفيديوهات الفاضحة بين الشباب في المجتمع.
– كما يستخدم آخرون وسائل التواصل الاجتماعي للخداع، أو للإعلان عن أعمال مزورة أو وظائف غير موجودة في نهاية المطاف تؤدي إلى أن يخسر الشباب المال أو ما هو أكبر مثل الاختطاف؛ فيخسرون أرواحهم من الغرباء.
– كما تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لإشاعة العنف السياسي بين المواطنين.
ويضيف روجرز: أما عن مزايا الإعلام الاجتماعي فيمكن تلخيصها في أنها ساعدت الناس في أوغندا على التواصل بسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الزمن الماضي عندما كانت الوسائل المتاحة هي فقط كتابة الرسائل أو المكالمات الهاتفية.
– كما تتيح لنا وسائل التواصل الاجتماعي تحديث الأخبار حول العالم؛ فنبقى على علم تام بجميع المستجدَّات السياسية والاقتصادية حولنا.
– وأخيرًا، فقد ساعدت الناس على الإعلان عن أعمالهم بطريقة سهلة وسريعة تحقِّق أهدافهم الاقتصادية.
وفي هذا الشأن يقول دينيس أوتينو مواطن أوغندي يعمل في مصنع للمواد الغذائية في كمبالا:
في الواقع، فإن الإعلام الاجتماعي له تأثير كبير على مجتمع أوغندا؛ فهو يعتبر الوسيلة الرئيسية للاتصال بين الشباب الآن، سواء عبر الفيس بوك أو الواتساب.
وفي رأيي إنها منصة تنويرية يستطيع من خلالها جميع الأشخاص من مختلف الأعمار الوصول إلى الأخبار حول ما يحدث في البلاد وخارجها.
كما أنها الوسيلة التي يرتبط بها الأوغنديون الآن بالعالم الخارجي، بعد أن كنا في عزلة تامة عنه. وهي الوسيلة الشعبية الأولى للتعبير عن وجهات النظر حول المنبر السياسي والاجتماعي؛ حيث يمكن لجميع الناس من مختلف الأعمار الوصول إلى الأخبار حول ما يحدث في البلاد.
ولكن في نفس الوقت هناك من يسيء استخدام هذه الوسائل بنشر العديد من الشائعات الكاذبة التي تثير البلبلة في البلاد.
النتائج والتوصيات:
من أهم النتائج التي تم التوصل إليها:
– وسائل الإعلام الاجتماعي لها آثار خطيرة على الدول والمجتمعات؛ لأنه لا توجد قوانين تحكمها، رغم أن هناك بعض الدول حاولت تحجيمها وفرض الضرائب عليها؛ إلا أنها ما تزال الأقوى في التأثير والاستخدام.
– هذه الوسيلة تُعَدُّ الأكثر خطورة على المجتمعات النامية؛ نظرًا لانتشار الأمية في تلك الدول.
– تلك الوسائل قد تؤدِّي إلى التوحُّد والاكتئاب والانتحار، وبالتالي تؤثر على المجتمع والأُسَر.
– كانت تلك الوسيلة سببًا من أسباب الطلاق والتفكك الأُسَرِيّ في الآونة الأخيرة بشكل متزايد.
– تُظْهِر تلك الوسيلة دائمًا عكس ما هو موجود حقيقة لدى البعض؛ بمعنى أن البعض يتجمل عبر تلك الوسيلة.
التوصيات:
– ضرورة وجود الرقابة الأُسَرِيَّة أولاً من جهة؛ كما أنه لا بد من حَظْر بعض المواقع التي تُعَدُّ هي الأخطر على المراهقين وصغار السنِّ لما يُتَاح في تلك الوسائل من أخبار وصور ومواقع غير مسموح لتلك الفئة العمرية بمتابعتها.
– توعية الأُسَر بخطر تلك الوسائل، وعرض الأضرار الصحية من ورائها بل، والانتباه للمخاطر النفسية أيضًا.
الإحالات والهوامش:
(*) كاتبة وباحثة مصرية
(1) د. عواطف عبد الرحمن، “الإعلام الإفريقي في عصر المعلومات” المكتبة الأكاديمية، 2011م، ص23.
(2) د. عواطف عبد الرحمن، مرجع سبق ذكره، ص23.
(3) د. عواطف عبد الرحمن، مرجع سبق ذكره، ص24.
(4) د. عواطف عبد الرحمن، مرجع سبق ذكره، ص25.
(5) د. عواطف عبد الرحمن، مرجع سبق ذكره، ص26.
Ken Sondheim (5-8-2011 ),”Where They Started, The Beginning Of Facebook and Twitter: A Brief History Of
(6) Social Media” www.business.com Retrieved 7 -4 – 2018 Edited
(7) Ken Sundheim,op,cit
(8) Michael Ray,” Social Network “ www.britannica.com Retrieved 7 -4 – 2018 Edited
(9) Ken Sundheim,op,cit
(10) Michael Ray,op,cit
(11) Michael Ray,op,cit
(12) Michael Ray,op,cit
(13) Michael Ray,op,cit
(14) لها أون لاين “مواقع التواصل الاجتماعي ما هي ومتى بدأت؟ ومتي ستنتهي؟ 2013م، على الرابط التالي: www.lahaonline.com/articales/view/43682.htm http://
(15) لها أون لاين، مرجع سبق ذكره.
(16) د. خضر مصباح الطيطي “إدارة تكنولوجيا المعلومات” الطبعة الأولى، 1433هـ- 2012م، دار الحامد للنشر والتوزيع.
(17) http://www.ita.int/pressoffice/press_releases/2014/68-fr.aspx#,wdlporlhdiu
(18) Ministry Of Youth And Sports In Egypt
(19) http://www.jeuneafrique.com/263587/society/facebook-limmense-majorite-utilisateurse-africains-privilegie-mobile
(20) http://www.jeuneafrique.com/op.cit
(21) http://www.jeuneafrique.com/op.cit
(22) مؤسسة شبكة زير التعليمية:
http://www.scidev.net/mena/education/scidev_net_at_large/elearning-africa-development-pillar.html
(23) د. فاطمة علي محمد، “الأوضاع التعليمية وحال اللغة العربية مع وجود أقلية مسلمة في كينيا” مجلة دراسات إفريقية.
(24) فؤاد القبلي، “شبكات التواصل الاجتماعي والتمكين الديموقراطي .. أية علاقة”، هل تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تمكين الديموقراطية؟ http://www.m.machahid.info/175516.html
(25) فؤاد القبلي، مرجع سبق ذكره.
(26) الإصلاح نيوز 10/5/2016م: http://www.islahnews.net/385797.html
(27) http://www.alwalanvoice.com
(28) الإصلاح نيوز 10/5/2016م.
(29) أحمد الجناحي.
(30) رامي الديس، “المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي سرعة على حساب أصول المهنة”، دنيا الوطن، 2015م.
(31) رامي الديس، مرجع سبق ذكره.
(32) جمال سند السويدي، “وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية من القبيلة إلى الفيسبوك” الطبعة الأولى، مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 2013م، ص38.
(33) جمال سند السويدي، مرجع سبق ذكره، ص41- 93.
(34) جيهان حسن أمين، “دور شبكات التواصل الاجتماعي في تنمية الوعي السياسي: دراسة حالة الشباب ثورة 25 يناير 2014م”.
(35) ويكبيديا: الانتقادات في وسائل الإعلام الاجتماعي والآثار الإيجابية.
(36) فاطمة عبد القادر عبد العزيز، “مخاطر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي علي المراهقين وكيفية مواجهتها” رسالة ماجستير غير منشورة 2016م.
(37) إسراء محمد محمد إبراهيم، “تأثير تعرُّض الشباب الجامعي للأخبار السيئة على مواقع التواصل الاجتماعي واتجاهاتهم نحو العنف دراسة تحليلية”.
(38)Back, A., Halonen, M., Heinonen, S (2008). “Social media roadmaps exploring the futures triggered by social media”. VTT Tiedotteita – Valtion Teknillinen Tutkimuskeskus.
(39)Dr. Sarah Kaddu (Phd),” Social media and Social Transformation in Uganda‘s families” Uganda Christian University.
(40)Dr. Sarah Kaddu op.cit
(41) أستاذ حكيم نجم الدين، “قوانين وسائل التواصل الاجتماعي في دول إفريقيا.. للصالح الوطني أم لإسكات المنتقدين” 2018م ، موقع قراءات إفريقية ، على الرابط : http://cutt.us/DNl9G .
(42) أستاذ حكيم نجم الدين، مرجع سبق ذكره.
(43) http://www.emiratesvoice.com
(44) http://www.eremnews.com/entertainment/arts-celebrities/525094