إعداد/ حسناء تمام كمال
باحثة في دراسات السلام والصراع
يشهد إقليم أرض الصومال توترات واسعة، وذلك على خلفية اشتباكات بين عشائر محلية وحكومة أرض الصومال، مصحوبة بتباينات في مواقف القوى الداخلية المختلفة.
لم تفتأ أرض الصومال أن تطوي صفحة الخلافات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، حتى اندلع فيها توتر آخر، وذلك في منطقة سول في مدينة لاسعانود، الواقعة بالقرب من إقليم بونت لاند؛ ففي مطلع ديسمبر 2022م اندلعت اشتباكات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن، بعد أن أعلن زعماء أقاليم سول وسناج وكاين في أرض الصومال -التي أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991م-؛ عزمهم على الانضمام مرة أخرى إلى الصومال.
الأمر الذي يَطرح تساؤلات عديدة حول أسباب تصاعد المواجهات المسلحة في لاس عنود، والمسارات المحتملة التي يمكن أن تتَّجه إليها خلال المرحلة القادمة.
أولًا: أسباب جذرية وأخرى ظاهرية
منذ أواخر ديسمبر 2022م اندلعت أزمة في أرض الصومال بين بعض العشائر المحلية وحكومة أرض الصومال؛ هذه التوترات تتجلَّى مظاهرها في اشتباكات مسلحة متواصلة بين قوات إقليم صومالي لاند، وبين عشائر مدينة لاسعانود، وذلك على خلفية تبنّي قادة العشائر مطالب انفصالية؛ حيث يسعون إلى الانضمام إلى إقليم بونتلاند، هذه التوترات تقف وراءها أسباب جذرية وأخرى ظاهرية ساهمت في تفاقمها، ومن أهمها ما يلي:
1- تعارض حدود الأقاليم مع امتدادات القبائل:
على غرار أزمة الحدود الموروثة من الاستعمار في إفريقيا، التي لم تُراعِ التركيبات الاجتماعية تُعتبر لاسعانود نموذجًا مصغرًا لهذا النوع من الأزمات، فتشهد لاسعانود إشكالية رئيسة تسبَّبت في هذه التوترات، وهي عدم تطابق حدود تقسيم الأقاليم في الصومال مع التركيبات الاجتماعية. وتجادل أرض الصومال بتبعية لاس عنود لها، وذلك وفقًا للحدود الموروثة من الاستعمار، فيما يرى سكان المدينة وإقليم بونت لاند أن المدينة يتبع امتدادها العشائري إلى بونت لاند؛ إذ يسكن مدينة لاسعانود عشائر: دولبهنتي Dhulbahante المنتمية إلى عشيرة هارتي Hartiذات الأغلبية السكانية في إقليم بونتلاند؛ الأمر الذي يترتب عليه ضم المناطق التي تقطنها عشائر دولبهنتي، ومنها مدينة لاسعانود إلى الإقليم.( ([1]
تقطن أرض الصومال -إلى حدّ كبير- عشيرة إسحاق المؤثرة التي تُشكّل أقلية في المناطق المُتنازَع عليها. وقبل عام 2007م، عندما سيطرت صوماليلاند على لاسعانود، كانت تُديرها بونتلاند. ومع ذلك تأجج الصراع بسبب تحكُّم المكونات الاجتماعية في الوضع السياسي والأمني، ولعدم تناغم هذه العشائر مع التقسيم، وفي الدرجة التالية بسبب وجود خلاف بين إدارتي الإقليم حول منطقة حدودية.
2- رغبة الاستقلال وتشكيل SSC:
في 6 فبراير 2023م، أعلن شيوخ عشيرة دولبهانتي في سول عن رغبتهم في الاستقلال عن كل من صوماليلاند وبونتلاند، وفي تشكيل دولتهم الاتحادية في ظل الصومال، المسماة SSC-Khaatumo، كما تعهدوا بدعم وحدة جمهورية الصومال الفيدرالية وسلامة أراضيها، وطالبوا سلطات أرض الصومال بسحب قواتها من المدينة، ويُعدّ إعلان الانفصال تصعيدًا من جانب العشائر الصومالية، وكيان SSC المُعلَن هو بالأساس تحالُف من عشائر لاسعانود، وجبهات معارضة لانفصال أرض الصومال.
3- تصاعد الاغتيالات السياسية:
تُعدّ الاغتيالات شرارة أكثر إلحاحًا لأعمال العنف؛ إذ تم اغتيال سياسي معارض محلي، هو عبدالفتاح عبدالله عبدي، على يد مهاجمين مجهولين في 26 ديسمبر 2022م، ما أدى إلى احتجاجات مناهضة للحكومة في جميع أنحاء المدينة، بجانب اغتيالات واسعة سواء لسياسيين أو تجاه السكان تُنفّذها قوًى خفية، تؤدّي إلى تصاعد احتجاجات سكان المنطقة؛ التي تواجهها حكومة أرض الصومال بالقوة والعنف، وهو ما أدَّى إلى تفاقم العداء بين الحكومة والعشائر، ولعل تفاقم الاغتيالات السياسية هي أحد الأسباب الحديثة نسبيًّا التي أدَّت إلى تأزم الوضع مجددًا، وإعادة طرح النظر في تبعية لاسعانود([2]).
4- ضعف التنمية في لاسعانود:
وذلك يرجع بشكل أساسي إلى عدم موالاة القبائل الموجودة فيها لأرض الصومال، وبالتالي كانت تُعطيها الحكومة قدرًا أقل من التنمية مقارنةً بالمناطق الأخرى الموالية لها، ولم تُقدّم أرض الصومال قدرًا جيدًا من الدعم المستحقّ إلى عشائر لاسعانود، وهو ما أدّى بطبيعة الحال إلى تعزيز حالة الحنق من العشائر تجاه أرض الصومال، نتيجة عدم قيام حكومة أرض الصومال بدَوْرها المأمول في تحقيق التنمية.([3])
5- تراجع شريعة رئيس أرض الصومال:
لقد تزامنت الاشتباكات المسلحة مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي في 19 ديسمبر 2022م، وتمديد البرلمان المحلي ولايته لعام إضافي، لكنَّ المعارضة ترفض هذا التمديد، وتطالب بإجراء الانتخابات. وأعلن حزبا المعارضة وداني Waddani والرفاه UCID أنهما لم يعودا يعترفان بإدارة بيهي رئيس حكومة أرض الصومال، وجرت اشتباكات بين قوات أرض الصومال والمعارضة. الأمر الذي أعقبه محاولة عقد مصالحة بين الأطراف المحلية، في محاولة لرأب الصدع بينها، والحيلولة دون تكرار الاشتباكات المسلحة([4])، وندّدت المعارضة بالحكومة، ووصفتها بأنها غير شرعية. وتُعدّ تحركات عشائر لاسعانود امتدادًا لحالة عدم الرضا عن سياسات رئيس أرض الصومال، وعدم قدرته على إعادة بسط الشرعية على بقائه في الحكم.
ثانيًا: غياب الثقة بين الأطراف يؤخر احتواء التوتر
بالرغم من تعدد الدعاوى لتسوية الأوضاع في لاسعانود؛ إلا أن الاتهامات المتعدد المتبادَلة بين الأطراف تدل على نقص حقيقي في الثقة بين أطراف الأزمة، انعكست في المواقف الآتية:
1- اتهامات بين رئيس مجلس إدارة لاسعانود وأرض الصومال:
في 9 فبراير 2023م عقد عمدة لاسعانود عبد الرحيم علي إسماعيل، ومعه أعضاء المجلس المحلي للمدينة مؤتمرًا صحفيًّا اتَّهم فيه قوات أرض الصومال بالقصف العشوائي على المدينة. مستنكرًا محاولات إدارة أرض الصومال وَصْم سكان لاسعانود بأنهم إرهابيون. وطالَب سلطات أرض الصومال بسَحْب قواتها من لاسعانود.
2- تشكيك في مواطنة بعض السكان:
في أواخر العام 2021م هجّرت سلطات صوماليلاند المئات من سكان المناطق الجنوبية في لاسعانود إلى الصومال الفيدرالية، وبرَّر قائد شرطة الإقليم ذلك بأنّهم “أجانب وليسوا من سكان أرض الصومال”. وأشار إلى أنّ المُرَحَّلين ليسوا من سكان لاسعانود الأصليين.([5])
3- بين مجلس نواب أرض الصومال ورئيس أرض الصومال:
اتهم رئيس مجلس النواب في أرض الصومال عبد الرزاق خليف أحمد، الرئيس موسى بيهي بعرقلة جميع الجهود المبذولة لإحلال السلام في مدينة لاسعانود. وقال رئيس مجلس النواب: إن ادعاء الحكومة بأنها تحارب جماعات إرهابية في لاسعانود جعل الأمور تخرج عن السيطرة، وإن الجيش قصف المدينة بشكل عشوائي، متهمًا إياه بارتكاب جرائم حرب، وذكر أن قصف المدينة تمَّ بأوامر من رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي.
4- تباين في موقف مسؤولي حكومة الصومال:
بحسب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود فهو يرحّب بحلّ المشكلات دون عنف، فيما أبدى وزير الداخلية الصومالي تفهُّمه لمطالب سكان لاسعانود، الأمر الذي يشير لتباين في مواقف المسؤولين في حكومة الصومال.
من جهة أخرى؛ فقد دأب رئيس أرض الصومال على تسطيح الأزمة بصورة فجَّة في لاسعانود؛ وذلك من خلال الادعاء بأن القوات تحارب جماعات إرهابية في لاسعانود، أو أن الأمر متعلق بشكل كليّ بمعارضيه، وهو بمثابة محاولة لتفريغ مطالب العشائر من مضمونها.
ثالثًا: محاولات متعثرة للوساطة والتهدئة
لقد تعددت محاولات الوساطة لوقف هذا العنف، قال رئيس بونتلاند سعيد عبد الله ديني في 31 ديسمبر 2022م: إن بونتلاند تقف إلى جانب سكان لاسعانود، وحثّ قوات أرض الصومال على وقف القمع، غير أن التوترات مازالت قائمة منذ ذلك الحين، بالرغم من تعدُّد محاولات الوساطة والتهدئة([6]).
وفي 10 فبراير 2023م أعلنت هرجيسا عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، والذي انهار على الفور وسط قتال جديد، واستمر العنف طوال الشهر بقصف بقذائف الهاون في المدينة نفسها، فوقف إطلاق النار هذا لم يستمر لأكثر من أسبوعين، وسرعان ما تجدَّدت الاشتباكات مرة أخرى، وفي 18 مارس 2023م دعا رئيس الصومال –حسن شيخ محمود- إلى وقف «فوري» غير مشروط لإطلاق النار في بلدة لاسعانود وسط اشتباكات عنيفة.( ([7]
لقد توسطت هذه الأزمة محاولات وساطة متعددة؛ إذ عرض الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، خلال مشاركته في اجتماع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) الذي عُقِدَ في مقديشو، في أول فبراير 2023م، ممارسة دور الوسيط للوصول إلى توافق بين الطرفين؛ إلا أن ذلك لم يُقابَل بردود فعل إيجابية من جانب العشائر، وكذلك عرضت إثيوبيا الوساطة، كما دعت الولايات المتحدة إلى إنهاء الاشتباكات في المدينة، وهددت بمحاسبة المسؤولين عن تفجير الوضع.
بصفة عامة؛ توجد اهتمامات من القوى الإقليمية بالتدخل للوساطة، وهذا لاعتبار الجوار والخوف من عدوى انتشار التوترات من ناحية، بجانب أن هذا يتناسب مع حالة التكاتف الإقليمي التي تسعى إليها قوى القرن الإفريقي مؤخرًا.
وتوجد تجارب سابقة لكل من إثيوبيا وجيبوتي في رعاية مفاوضات أرض الصومال، ورغم ذلك هناك اتهامات لجيبوتي بدعمها وانحيازها لأرض الصومال، رغم أنها نَفت المزاعم بأنها تزوّد حكومة أرض الصومال بالأسلحة. من ناحية أخرى، تتَّهم إثيوبيا بدعم بونتلاند والمتمردين المحليين.
كما طالبت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في الصومال، بـ”وقف فوري” وغير مشروط لإطلاق النار في بلدة لاسعانود شمالي الصومال. وبحسب الأمم المتحدة؛ فإن هذه الأحداث تسببت في نزوح أكثر من 185 ألف شخص من منازلهم.
وفي هذا الصدد نلاحظ اهتمامًا أمريكيًّا برعاية مساعي التهدئة في أرض الصومال، والاهتمام الأمريكي انعكس أيضًا في زيارة رئيس أرض الصومال إلى الولايات المتحدة في مارس 2022م التي أسفرت عن توقيع الرئيس الأمريكي قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2023م، وبناءً عليه مُنِحَت أرض الصومال الحق في المشاركة في البرامج العسكرية الأمريكية، ومن ناحية ثالثة فإن استقرار الأوضاع في لاسعانود وفي أرض الصومال، هو دَعْم لمهمة قوات الولايات المتحدة في مكافحة حركة الشباب، وغلق لبابٍ قد يكون فيه متنفس لحركة الشباب، وتشتيت لاتجاهات عمل قوات مكافحة الإرهاب.
رابعًا: الانعكاسات المحتملة
1- أرض الصومال:
لا شك أن أرض الصومال هي الخاسر الأكبر من هذه الاشتباكات، فتفاقم التوترات وتتابعها يقوّض صورة الدولة المتماسكة لأرض الصومال، وما تحاول تقدمه دومًا بأنها نجحت في القضاء على التوترات، وأنها الأكثر استقرارًا منذ الحرب الأهيلة 1991م مقارنةً بالصومال، وامتلاكها لمؤهلات الدولة المستقرة التي تساعدها على أن تحظى بالاعتراف الدولي، وهي الصورة التي بَذلت جهودًا واسعة في ترسيخها من خلال إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية.
يتزامن مع هذه التوترات ضغط بيئي آخر ووضع إنساني صعب وهو المتعلق بارتفاع مستويات الجفاف، والأزمة الغذائية التي تعاني منها؛ إذ تصنّف الصومال بأنها واحدة من ٥ دول، تعاني أزمة غذائية حادة.(([8]
من ناحية ثالثة يزداد عدد الفارّين من لاسعانود؛ فقد قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: «إن عدد الأشخاص الذين غادروا منطقة لاس عنود في أرض الصومال، ووصلوا إلى مناطق في بإثيوبيا في الشهر الماضي قد يصل إلى 80 ألف شخص. وإن ما معدله 1000 شخص يعبرون الحدود إلى إثيوبيا كل يوم فارّين من العنف. وقد أدّى ذلك إلى زيادة الاحتياجات الإنسانية في المناطق المضيفة التي تعد نفسها من بين الأكثر تضررًا من الجفاف الشديد الذي أصاب شرق إفريقيا بعد خمسة مواسم غير مطيرة متتالية. بالإضافة إلى ذلك، يُعتقد أن أكثر من 180.000 شخص نزحوا داخليًّا، واستقروا في 66 مخيمًا داخل أرض الصومال(([9].([10])
2- الصومال:( ([11]
ترى مقديشيو أن العلاقة الفيدرالية هي الحل الأمثل لشكل العلاقة بين الأقاليم والحكومة المركزية، وفي هذا الاتجاه يوجد طرحان فيما يتعلق بموقف حكومة الصومال؛ الأول: إن ذلك سيؤثر على سير التفاوض بين الحكومة المركزية وأرض الصومال التي اعتزم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود على مواصلته عقب تنصيبه، وكان قد وجَّه هو ورئيس وزرائه دعوة للقيادة السياسية والمجتمعية في أرض الصومال للانخراط في الحوار السياسي والحفاظ على الاستقرار والسلام والوحدة.
في حين يرجّح الطرح الآخر أن دعوات لاسعانود بدعم الفيدرالية تدعم موقف الحكومة المركزية، ومِن ثَم تحركت بشأن تسخير هذه الأوضاع لصالحها، وهو طرح غير مستبعَد، بل ذهب مراقبون آخرون لأبعد من ذلك؛ إذ يرون أن حسن شيخ محمود يقف وراء اندلاع هذه التوترات، لكنَّ هذا الطرح يصعب تأييده.
من ناحية أخرى؛ وإن كان هناك حساسيات بين رئيس إقليم بونت لاند ورئيس الحكومة المركزية حسن شيخ ومحمود على خلفية المنافسة في الانتخابات الرئاسية السابقة؛ إذ كان رئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني واحدًا من المتنافسين على انتخابات الرئاسية في الصومال لعام 2022م، وكان ينتظر أن يتم تعيينه رئيسًا للوزراء بعد خساراته الانتخابات وفوز شيخ حسن محمود، وهو ما خلق حالة من الحساسية تجاه الطرفين بسبب ذلك، فإن هذه الأزمة قد تدفع الطرفين إلى النظر في علاقتهما ببعضها البعض، وربما تسوية هذه الحساسيات الكامنة نحو مزيد من التقارب.
3- حركة الشباب:
تستفيد حركة الشباب من هذا الوضع بالأساس، بل وتعتبر هي المستفيد الأكبر، بجذب عدد من سكان أرض الصومال؛ حيث إن حركة الشباب ساعدت في تنفيذ عدد من الهجمات التي تساهم في إحداث الوقيعة بين العشائر وبين حكومة أرض الصومال، وربما تكون وراء الهجمات والاغتيالات المجهولة، وذلك في سبيل بحثها عن مخرج لحالة الحصار التي يُفْرَض عليها في الصومال جراء الحرب التي تشنّها الحكومة الصومالية ضدها، وهو ما يجعل توترات أرض الصومال مساحة جيدة لتحركات حركة الشباب.
خامسًا: السيناريوهات
السيناريو الأول: القبول بالوساطة:
ويتوقع هذا السيناريو أن تنجح الوساطات في تقريب وجهات النظر، وذلك استنادًا على الاستجابة إلى مبادرة وقف إطلاق النار، وكذلك الضغوط الدولية للوصول إلى تهدئة. وهذا لأن أرض الصومال لن يكون من مصلحتها تفاقم هذا الانقسام، كما أن الصومال لا تسمح بأن يكون هذا التوتر مساحة لدعم تحركات حركة الشباب.
والمرجّح للتدخل بالوساطة في هذا السيناريو هو الحكومة الصومالية في مقديشيو، والولايات المتحدة، والاتحاد الإفريقي، وربما يكرر دول الجوار محاولات الوساطة.
سيناريو التسوية في هذا الاتجاه قد يشمل بعض المقترحات، ومنها:
-قبول الانضمام لبونتلاند، وهي تصورات مناسبة بشكل كبير للعشائر الداعية إلى الانضمام إلى الصومال، لكن غير مضمون أن ترحّب أرض الصومال بالانفصال عنها.
-أو ربما طرح الفيدرالية مجددًا، بمعنى أن تقبل أرض الصومال بأن تكون إقليمًا فيدراليًّا، وتتخلى عن مطالب الانفصال عن الصومال، على أن تحظى أرض الصومال بصلاحيات واسعة، وبتقاسم مُرْضٍ في السلطة.
-ويدخل في الوساطة محاسبة المتسببين في الاغتيالات السياسية وأعمال العنف التي أعادت تأزم المشهد، وأَخْذ المطالب العشائرية في الاعتبار، مع إبقاء الوضع كما هو عليه في تبعية لاسعانود لأرض الصومال.
– القبول بإعلان ssc إقليمًا جديدًا ضمن الصومال.
السيناريو الثاني اندلاع صراع:
وفي ظل حالة غياب الثقة بين الطرفين، وفي ظل عدم نضج الأزمة للتسوية، وعدم وجود أرضية ممهدة، خصوصًا في ظل تمسك كل طرف من أطراف النزاع بمطالبه، بجانب عدم وجود وسيط ترتضيه كافة الأطراف، هذا السيناريو قد ينتج عن إعاقة عملية التقدم والاستقرار في أرض الصومال، وهذا في أحسن حالاته سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وفي أسوأها ربما يؤدي وقوع حرب أهلية.
يمكن القول: إن الموقف في لاسعانود هو تأزم محكوم بدوافع وأسباب قديمة أعادت بعض الحوادث إحياءه وتفاقمه، وهو قابل لأن يكون مساحة لصراع الأهداف الدائر بطبيعة الحال في الصومال بين مختلف الفاعلين، قد تدفع مواقف الأطراف المتعارضة في تدهوره، خصوصًا في ظل عدم وجود وسطاء مقبولين وندرة المبادرات التي تحمل حلولاً توافقية حتى الآن.
وإن حالة التوتر في أرض الصومال تَستحق إنذارًا مبكرًا لمنع اندلاع صراع وشيك؛ فالأمر لا يهدّد الصومال، ولا يساعدها على الالتئام فحسب؛ بل يهدّد الإقليم والقرن الإفريقي بشكل كامل، وكذا يهدّد مصالح القوى المختلفة المرتبطة به.
[1] -Somaliland and Ethiopia faceoff over Las Anod jeopardizes regional cooperation, ethiopia insights, available via this link https://is.gd/YOs54w
[2] – نعمان حسن باحث صومالي، مقابلة شخصية أجرتها الباحثة، في القاهرة، بتاريخ 25 مارس 2023م.
[3]– نعمان حسن، مرجع سابق.
[4]– أزمة سياسية واستقطاب ومصالحة وإرهاب.. ماذا يحدث جنوب غرب الصومال؟، الصومال اليوم، نشر بتاريخ 29 يناير 2023م، الاطلاع بتاريخ 15 مارس، متاح عبر الرابط: https://is.gd/2ntwk5
[5]– ما جذور الأزمة بين صومالي لاند ومقديشو في لاسعانود؟، حفريات، تم النشر بتاريخ 10 يناير 2023م، تم الاطلاع بتاريخ 17 مارس 2023م، متاح عبر الرابط: https://is.gd/Ap5VNe.
[6] -Tracking Conflict Worldwide, international crisis group, available via this link, https://is.gd/XjGshs
[7]– مرجع سابق.
[8] -Somalia/Somaliland: the differences and issues explained,ActionAid,served at 23, available via this link, https://is.gd/eNSqhW
[9]– الآلاف يفرون إلى إثيوبيا وسط أعمال العنف في أرض الصومال، قراءات إفريقية، نشر بتاريخ 23 فبراير، تم الاطلاع بتاريخ 28 فبراير 2023م، متاح عبر الرابط: https://is.gd/4RgKVF
[10] -Over 100 Reported Killed in Contested Somaliland Regio,africa, 24 feb, available via this link, https://is.gd/qEXREz
[11]– الصومال.. حرب مفتوحة ضد الإرهاب، أميرة عبد الحليم، 27 يناير 2023، تم الاطلاع بتاريخ 14 مارس، متاح عبر الرابط، https://is.gd/jqvGEw