دينا فتحي جمعة عبدالعظيم
باحثة في الشؤون السياسية، جامعة بني سويف
تقديم:
إفريقيا قارة المستقبل التي تُعدّ بمثابة بيئة خصبة للاستثمار الأجنبي؛ لما تتميز به من أسواق ناشئة غاية في الضخامة، ناهيك عن الثروات المعدنية والنفطية، والمواد الخام التي تتمخض عن أرضها الخصبة، وتمثل مرتكزًا للعديد من الصناعات الخارجية.
أضف إلى ذلك أنها تضم أحد أبرز الاقتصادات الناشئة في العالم، وتحديدًا دولة جنوب إفريقيا، كما تضم القارّة ما يزيد عن الخمسين دولة، وحاضنة لقرابة 1.3 مليار شخص بداخلها، بالإضافة إلى أنها تجمع قرابة ثلاثة آلاف قبيلة بلُغَات تتجاوز الألفي لغة، الرسمية منها والمحلية، إلا أنه في هذا السياق، فإن تلك القارة مازالت تقف حائلة أمام ملف الهوية القبلية والهوية الوطنية في بلدانها، أو بمعنى أدقّ تقف حائلًا بين مصطلح إفريقيا الدولة أم القبيلة، وما يترتب على هذا الموضع من ظروف راهنة قد تؤدي إلى عدم تحقق الاستقرار السياسي من جانب، أو التفكك الاجتماعي من جانب آخر، أو انفراط عقد الهوية الوطنية لصالح الهوية القبلية في بعض الدول من جانب آخر.
وعليه، ومن هذا المقام؛ سيتم الإسقاط على موقع القبيلة في إفريقيا، وسجالها مع الدولة حول انتصار الهُويَّة القَبَلِيَّة على حساب الهُويَّة الوطنيَّة؛ وذلك لرصد مدى تأثيرها السياسي على الدولة الوطنية، وذلك تحت مسمى من الذي استوعب الآخر؟، ثم بالتطرق إلى دراسة الحالة لتناول التركيبة القبلية في إثيوبيا، وتقاطعها مع الدولة، في ظل ظروف مرتبكة، وإشكالية العلاقة بين الدولة والقبيلة في إثيوبيا تاريخيًّا، وأخيرًا إلى رصد مستقبل الدولة وحدود القبيلة في إثيوبيا المضطربة.
أولًا: القبيلة والدولة في إفريقيا.. خريطة مرتبكة:
شهدت القارة الإفريقية على مدار تاريخها العديد من الأزمات والتحديات المرتبطة بالخريطة المرتبكة للقارة ما بين هوية دولة القبيلة من جانب، وهوية الدولة الوطنية على منحى آخر، ولعل السبب الرئيس لتلك الظاهرة يتمثل في حقبة الاستعمار الأجنبي التي شهدتها القارة الإفريقية، والذي عمد -وفقًا لمؤتمر برلين- إلى التقسيم السياسي لمناطق النفوذ الاستعماري، أي التقسيم وفقًا للحدود الجغرافية دون الاكتراث للتباينات الاجتماعية التي تشهدها القارة؛ فقد تعمَّد المستعمر تجاهل فكرة التمايز العرقي والإثني والقبلي الذي تنطوي عليه إفريقيا، وتم الاكتراث للجغرافيا السياسية باعتبارها المرتكز الرئيس لتشكيل الدول الإفريقية.
ومن هذا المنطلق تشكّل هيكل الدولة الإفريقية المتماسك جغرافيًّا والهشّ داخليًّا جراء عملية إعادة توزيع العرقيات والقبائل على كافة الدول، وانتشارها بها، وهو ما أدى إلى نسيج اجتماعي مشتَّت بتصدعات قَبَليَّة وعرقيَّة لا تتسم بالتجانس والتكامل، بل بالتنافر والتناحر، لذلك اتسمت خريطة إفريقيا -وفقًا لهذا المطاف- بأنها مرتبكة ما بين دولة تسعى لتكريس الهوية الوطنية متجاوزة بذلك الهوية القبلية، وبين قبائل تسعى لتمكين هوية القبيلة بتجاوز الهوية الوطنية غير القادرة على استيعاب تبايناتها وتمايزها، وعليه يمكن الإشارة إلى أبرز القبائل التي تضمنتها القارة والدول الحاضنة لها من جانب، والتصدع الذي تعانيه حدود تلك الدول، وثِقلها السياسي من جانب آخر.([1])
تمخَّض عن الصورة الحديثة للدولة الإفريقية العديد من القبائل التي تتسم بالثِّقل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني داخل القارة، والتي لا تقتصر على إقليم دولة معينة، بل إنها عابرة لحدود الدولة إلى الجوار الإقليمي داخل القارة، وبالإشارة إلى أهمها -دون الإسهاب في ذلك- نجدها تتمثل في الآتي ([2]):
– قبائل الهوسا؛ يأتي امتداد تلك القبائل ليتمخض من جبال “الهواء” في النيجر، وصولًا إلى منطقة “جوس بلانو” في نيجيريا، وبالتتابع من بحيرة تشاد إلى جمهورية مالي، ويأتي مسمى تلك القبيلة ليشير إلى النطاق الجغرافي الشاسع الذي تقطنه وتنتشر في حيّزه، والذي يطلق عليه الأقاليم الكبرى لشمال نيجيريا. وأشارت بعض الدراسات أن تلك القبائل قد هاجرت وتأصلت في الجنوب وتحديدًا جنوب الصحراء الكبرى، وعقب دخول الإسلام؛ اعتنقت الإسلام، وانتشر في غمارها، وخاصة في منطقة “زاريا” التي كانت تمتد إلى نطاق بلاد النوبة، و”الجوكون” في الجنوب. ومن جانب آخر يجمعها بقبائل “الفولاني” صلات عميقة ومتجذرة منذ نشأة تلك القبيلة؛ حيث إنه من عمق الروابط التي تجمعها، فقد تم دمجها في قبيلة واحدة. وأبرز اللغات التي اشتهرت بها: لغة الهوسا، وهي مصنّفة ضمن اللغات الأفروآسيوية، وعن نشاطها السياسي فقد اتسمت بالفاعلية الكبيرة في التأثير على النظم السياسية للدول الحاضنة لها بعد الاستقلال، إلا أنه مع دخول الإسلام بها فقد أضعف من ثِقلها السياسي في ظل محاولات لكبح الدين الجديد في بعض الدول الإفريقية التي كانت تحتويها.
– قبائل “البانتو”؛ تضم بدورها الزنوج، الموزعين في العديد من النطاقات الجغرافية المختلفة داخل القارة، والتي تبلغ نحو ثلثي القارة، والجدير بالذكر أن تلك القبائل تقسم إلى العديد من الفئات، أولًا البانتو الشرقيين؛ ممتدين من أوغندا في جهة الشمال إلى كينيا، ومن تنزانيا مرورًا بزامبيا وموزمبيق وصولًا لنهر “الزمبيري”. ثانيًا البانتو الغربيين؛ امتدادًا من شمال نهر “الكونتي” إلى غرب زيمبابوي، ومن نطاق البحيرات العظمى، حتى غرب إفريقيا، وجنوب الكاميرون، والغابون، وجنوب السودان، والكونغو برازفيل. ثالثًا البانتو الجنوبيين؛ يقيمون في نطاق نهر كونتي ونهر الزمبيري؛ حيث الأول يقع في نطاقه كل من بوتسوانا، ناميبيا، جنوب إفريقيا، موزمبيق. كما اتسمت تلك القبيلة بالنشاط الاقتصادي الواسع والنفوذ الاجتماعي والسياسي داخل الدول الحاضنة لها، جرَّاء الاندماج مع العديد من القوميات والقبائل المناظرة، ويبلغ النفوذ الأقوى سياسيًّا في دولة جنوب إفريقيا التي تُعدّ قبائل الزولو امتدادًا للبانتو في تلك الدولة، ويُقدّر حجم المنتمين لتلك القبائل بما يزيد عن 24 مليون نسمة وفقًا لتقديرات سالفة، ومن الدول كذلك التي تتمتع بنفوذ داخلها، موزمبيق، زيمبابوي، أوغندا، كينيا، مما جعلها تتخطى نطاق الهوية الوطنية لتأثيرها الفعَّال على صعيد القارة، وهويتها القوية في مواجهة الدول الحاضنة لها.
– قبائل الفولا([3]) أو الفولاني؛ تلك القبائل التي -كما سبقت الإشارة- يجمعها صلات بالهوسا، وتمتد الفولا من شمال نيجيريا إلى نهر السنغال، وتمارس تلك القبائل نفوذًا سياسيًّا بمختلف درجاته في شمال نيجيريا؛ حيث إنها تُمثّل الحكم السياسية في تلك المنطقة، وكان يطلق على تلك القبيلة الحاميين الشماليين الممتدين من السودان غربًا إلى السنغال، وبالأخير تأصلت في شمال نيجيريا، وتقسم ما بين فئتين: الأولى تمثل الفولا المستقرين والذين يضمون فئات الزنوج، والفولا رعاة الماشية الذين يعتنقون الإسلام ويتمركزون في الشمال النيجيري، وأضف إلى ذلك تمتعها بتأثير سياسي واجتماعي واقتصادي مهم للغاية في العديد من الدول الإفريقية التي تنتشر بها، كالكاميرون، نيجيريا، تشاد، السودان، وإفريقيا الوسطى.
– قبيلة النوير: تلك التجمعات البشرية التي تقطن منطقة أعالي النيل، وتحديدًا في دولة الصومال، بالامتداد كذلك إلى الداخل الإثيوبي، تُطوّق تلك القبيلة العديد من المستنقعات، مما يفرض على طبيعة المنتمين لها العزلة، والنزوح نحو الاستقلال، والفخر كل الفخر بالكينونة الداخلية للقبيلة، وتُعد من القبائل التي كانت متأصلة في جنوب السودان، ولكن جراء التقسيم الحدودي غير المنظم، أصبحت إثيوبيا حاضنة لجزء منها، ولكنَّ المنتمين لها داخل إثيوبيا لا ينتمون للهوية الوطنية الإثيوبية، بل لهوية القبيلة الأم الحاضنة لهويتها القبلية، وتُعدّ النوير من أكثر القبائل نفوذَا في جنوب السودان، وبلغ تأثيرها حد إثارة القلاقل والتوترات داخل الدولة، وانتهت بالحروب الأهلية تجاه القبائل المناظرة.
– قبيلة سان: تُعد من أعرق القبائل القاطنة صحراء إفريقيا الجنوبية والبالغ عددها قرابة الـ100 ألف نسمة، يتمركزون في نحو أربع دول منها بوتسوانا، ناميبيا، جنوب إفريقيا، أنجولا، ويلقبون كذلك باسم “بوشمن”، يميلون للعيش في قفار إفريقيا، يعتمدون على الصيد وجمع الثمار لتأمين بقاء النوع لديهم، كما ينطقون الفرنسية، وتتسم تلك القبيلة بالبدائية والحياة التقليدية غير المتأثرة بالحداثة([4]).
– قبيلة الماساي: أحد أشهر القبائل في إفريقيا تتمركز في تنزانيا وكينيا، وأهم السمات التي تميزها ثقافتها المميزة التي تعبّر عن تكوينها، ومعتقداتها، فينتهجون أساليب خاصة للتعامل مع المنتمين لقبائل أخرى، والجدير بالذكر أن تلك القبيلة تشتهر بكثرة خوض الحروب الأهلية مع قبائل مناظرة للحفاظ على بقاء النوع، كما يجمعها صلات وروابط متأصلة مع قبيلة “سامبورو” المتمركزة في شمال كينيا.
– قبيلة الزولو، قبيلة نديبيلي الجنوبية؛ تقعان في جنوب إفريقيا التي تُعدّ إحدى الدول الإفريقية التي عانت من التنوع القبلي بداخلها، وسياسات الفصل العنصري، والصراعات الأهلية؛ نتيجة هشاشة البينة الاجتماعية، وعدم تحقق الانسجام.
– قومية الأورومو: أحد أبرز القوميات المتمركزة في دولة إثيوبيا، وبخاصة في الجنوب والتي تشكل نحو 34% من إجمالي التكوين السكاني لتلك الدولة، ويدين أفرادها بالإسلام في غالب الأمر بنسبة تخطت الـ80% من إجمالي التكوين السكاني لتلك القومية، والفئة المسلمة لتلك القومية تعاني تهميشًا وهشاشة في أدوارها السياسية، والاجتماعية، وذلك بالتزامن مع تمركز قومية الأمهرا على قمة هرم السلطة السياسية داخل الدولة، والتي تدين بالمسيحية. لذا عمدت الأورومو إلى تشكيل جبهات ضد الأمهرا، لتنحيتها عن الحياة السياسية، ومن أجل ممارسة دور فعَّال في المعترك السياسي يتفق والحجم الديمغرافي لها من جانب، وتمكين الإسلام في الدولة على منحى آخر، والجدير بالملاحظة أن تلك القومية تمارس حركات تمرد ضد الدولة الإثيوبية، وذلك لإخفاقها في استيعاب تلك الفئات، واتباع سياسات غير عادلة معها، تتضمن تنحيتها من ممارسة دور فعّال سياسيًّا، اجتماعيًّا، وهو ما أدَّى إلى فقدان الولاء والاحترام للهوية الإثيوبية لتلك القومية، في مقابل تمجيد هوية قبيلة الأورومو، والسعي نحو برهنة ثقلها وتأثيرها في تغيير الخارطة السياسية للدولة، والتأثير على تفاعلات الدولة الإقليمية كذلك.
ويُخلَص مما سبق، ومن خلال الاطلاع على خريطة إفريقيا القَبَلية عقب الاستقلال، إلى أن الدولة الإفريقية تم تقسيمها وفقًا لمنظور سياسي وجغرافي يخدم مصالح الدول المستعمرة، ويضمن تدفقات المواد الخام والنفط من دول القارة بأبخس الأسعار، بانتهاج سياسة التفتيت من الداخل، وضرب النسيج الاجتماعي، بتصدعات عِرقية وقَبَيلة لا تتفق في عاداتها، تقاليدها، ثقافتها، وأهدافها، فسلفًا تمت الإشارة إلى عدد من القبائل التي تمثل امتدادًا في العديد من الدول الإفريقية، ويبلغ انتماء أفرادها للقبيلة العابرة للقوميات والحدود، وبالتالي فمخططات التقسيم الفجَّة، أربكت الخريطة الإفريقية، وحمّلتها بتصدعات غاية في الخطورة، تمثل قنبلة موقوتة في حال انفجارها لن تصيب الدول الحاضنة لها فقط، بل إن شظاياها ستمتد لتشمل مختلف انحاء القارة، من عدم الاستقرار، والسيولة، وانفراط عقد الأمن، والحروب الأهلية، فنتاج هذا البند أن خارطة برلين للتقسيم أطلقت إفريقيا ذات الحدود المتماسكة في دولها والهشَّة في تكوينها وبنيتها الاجتماعية، فتشكلت دول غير مكتملة الأركان؛ لأنها بالإضافة لوجود الإقليم، والسلطة والاعتراف الدولي، والسيادة، فإن الشعب لا يشكّل هيكلها، ولا يعترف بانتمائها، ولا يولي أهمية للهوية الوطنية لما للهوية القبلية من ثِقَل وقدسية لديه، فموقع القبيلة داخل إفريقيا تَفوّق في ثقله السياسي والاجتماعي والاقتصادي عن الدولة الوطنية في بعض الدول، ولعل أهمها: الصومال، حيث انفراط عقد الدولة، وشدة الصراعات الأهلية.
إذن فإفريقيا القبيلة متقدّمة على إفريقيا الدولة في نيف من الملفات؛ أهمها: ملف الهوية والانتماء لصالح القبيلة. ثانيها: التأثير والنفوذ السياسي. ثالثها: التجانس داخل القبيلة والتباين داخل الدولة.
ثانيًا: القبيلة والدولة في إفريقيا؛ من الذي استوعب الآخر؟
بيد أن إشكالية العلاقة بين الدولة والقبيلة في إفريقيا ستظل بمثابة تصدّع يعوق تلك القارة نحو التنمية والتقدم خطوة نحو الحياة الكريمة، ففي ظل سعي الدولة نحو تكريس الهوية الوطنية، برزت أزمة الهوية القبلية التي تصادمت مع مرتكزات وأُسُس الهوية الوطنية التي تستدعي الانتماء والولاء للدولة وتغليب مصالحها حتى وإن تعارضت مع القبيلة، وفي ظل مناوشات بين الطرفين، فيكمن التساؤل الجوهري، مَن الذي استوعب الآخر، هل استطاعت الدولة أن تسهم في تمكين القبيلة وكسب انتمائها أم أنها انتهجت آليات وسياسات متعنتة ضد التباينات الاجتماعية التي تحتضنها الدولة، وعلى الجانب الآخر هل استجابت القبيلة لمبادرات الدولة نحو دمجها ومزجها في الهوية الوطنية مع الحفاظ على الهوية القبلية الخاصة بها، أم انتهجت التمرد على سياسات الدولة في ظل أحوال خلَّفت صراعات انتهت بالحروب الأهلية؟
بالرجوع لحقبة ما بعد الاستقلال، وتشكُّل الدول القومية الإفريقية، برزت العديد من الدعوات والنداءات غير المستهان بتأثيرها لتطالب بأهمية تغليب الهوية الوطنية؛ وذلك لتحقيق التجانس في المجتمع الإفريقي، وعدم الاهتمام بالولاءات ما دون القومية، أي تلك التي تقبع في مستوى القبيلة أو العرق أو الإثنية، وما إلى ذلك، وكان الهدف في تلك الظرفية، محاولة التغلب على الهويات المتشعبة في القارة، ودرء تطلعاتها وكبح جماحها تحت مظلة الهوية الوطنية للدولة، ولكن بالنظر لحقيقة الأمر يتضح أنه كيف لدولة تشكلت في ظل سياقات موجهة توجيهًا غربيًّا وبتشعبات اجتماعية مختلفة كل الاختلاف عن بعضها البعض، تجمع في داخلها هويات غير متجانسة وغريبة عن بعضها في توجهاتها، ثقافتها، واحتياجاتها، ومنظورها كذلك للهوية الوطنية للدولة، أن يتم توحيدها تحت مظلة شعار واحد، وانتماء واحد لدولة حديثة العهد، ومطالبتها بتغليب هوية الدولة على عصبيتها وهويتها المتأصلة في كينونتها الداخلية في فِترة زمنية قصيرة، ودون آليات تدعم من سياقات الثقة لتلك الإجراءات والتدابير، اتضح من ذلك أنها كانت بداية النهاية لمفهوم الدولة الإفريقية المستقلة شكليًّا ذات السيادة منطقيًّا([5])؛ فالخبرة الإفريقية في هذا السياق كشفت عن عوار في منهجيات بعض دولها في استيعاب القبيلة بداخلها، منها:
أولًا: أن الدولة دعت لتفعيل الانتماء والهوية الوطنية لقبليات تم تقسيمها لتنضوي داخل العديد من الدول، وبالتالي فكرة تكريس هوية الدولة، ومحو هوية القبيلة؛ يتطلب بالتضمين قطع ارتباط الفئات القبلية التي تحتضنها الدولة والقبيلة الأم الواقعة خارج نطاقها، وهو أمر غير منطقي في ظل عدم الثقة المتبادلة بين الدولة والقبيلة والهوة بينهما.
ثانيًا: السياسات التي انتهجتها بعض تلك الدول التي اعتمدت على التمييز الطبقي وإبراز التباينات القبلية بين المواطنين، كانت من أبرز المسببات التي أدت لاتساع الهوة بينها وبين القبيلة، ولعل أهمها: التصنيف العرقي والقبلي في الوثائق الرسمية للدولة. ثالثًا: ولعلها الأهم هو التقسيم الداخلي لأقاليم الدولة وفقًا للتوصيف العرقي، الإثني، القبلي، وانعكاس ذلك على تعامل الرأي العام ومؤسسات الدولة وفقًا لهذا التوصيف، وحتى فيما يتعلق بتوزيع الوظائف داخل الدولة، فإنه يتم وفقًا لهذا التمايز، بل وفقًا للقبيلة أو القومية التي يتشكّل منها النظام الحاكم، فينعكس على تمكينها وتفوقها على مختلف القوميات والقبائل حتى وإن كانت الثانية تتسم بالتوزيع السكاني الأكبر داخل الدولة.
رابعًا: سياسات الإقصاء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي التي اتبعتها بعض الدولة تجاه العديد من القبائل على حساب الأخرى، مما انتهى بها لارتفاع سقف التطلعات نحو المطالبة بالانفصال والحكم الذاتي، ناهيك عن الاضطرابات التي تنشأ بين القبائل وبعضها بعض؛ وذلك للشعور بالاستياء تجاه السياسات غير العادلة التي مكَّنت أبناء فصيل على حساب الآخر. ولعل النموذج الأوضح على مطالبات الانفصال والاستقلال عن الدولة القومية، “جنوب السودان”، ومطالبتها بالانفصال عن الشمال السوداني؛ وذلك بسبب الاضطهاد الحكومي وسياسات التهميش التي كانت متبعة ضدها، وعن التناحر بين القبائل فتمثل في النموذج الصومالي وخاصة بعد انهيار حكومة سياد بري، والنموذج الحديث للاضطرابات القبلية والصراعات بين تلك الفئات والدولة، في الدولة النموذج؛ أي إثيوبيا والتناحر بين الأورومو والأمهرا والحكومة الإثيوبية، والصراع العنيف في إقليم تيغراي([6]).
وعلى الجانب الآخر، فيما يتعلق بتحركات القبيلة داخل الدولة، والتي تبرز عملية الترسيخ للهوية القبلية وتأصيلها في مواجهة الهوية الوطنية، كأنْ تسعى لتبنّي البرامج التي تسعى خلالها لأن تدعم الروابط الداخلية للقبيلة، وتقديمها على كافة الروابط حتى وإن كانت رابطة الدولة، لذا ينعكس على عدم استجابتها لأي برامج تنموية وسياسية قد تنتهجها الدولة، أو أن تسعى نحو اتباع برامج من شأنها أن توسع من قاعدة الانتماء لها، من مختلف الطوائف لتتخطَّى بذلك قوة الدولة، أو أن تسعى لتشكيل الوعي لدى الفرد بأبعاد الانتماء القبلي، وأهميته في تشكيل هوية الفرد، وانعكاسها على تطلعاته واحتياجاته مستقبلًا.
لذا ومن خلال ما سبق طرحه وبالاطلاع على الخبرة الإفريقية في هذا الشأن؛ يتضح أن الدولة الإفريقية قد أخفقت في استيعاب القبيلة بداخلها، من خلال سياسات ساذجة، تتضمن الإقصاء أكثر منها التمكين، تستهدف التهميش أكثر منها الاندماج، وهو ما ترتب عليه العديد من السياقات التي تصاعدت وتيرتها، واتجهت نحو العديد من السيناريوهات منها ما انتهى بصراعات وحروب أهلية، وإبادات عنصرية داخل دول كجنوب إفريقيا، ومنها ما انتهى بالانفصال والاستقلال والحكم الذاتي كجنوب السودان، وأخرى انتهت بصراعات دامية انتهت بالدولة إلى التداعي كالصومال، وإفريقيا الوسطى في الطريق لذلك،
ومنها ما تجاوزت طور التشكل نحو تأجج الأزمة كما في إثيوبيا -التي سيتم تناولها تفصيلًا في موضع لاحق-.
فحتى وإن استعصت القبيلة داخل الدولة؛ فإن الدولة إذا امتلكت قيادات رشيدة تستطيع أن تحتوي تلك العرقيات والقبليات بداخلها؛ من خلال اتباع سياسات تتضمن التمكين العادل لكافة الفئات، والانتهاء من أي برامج تتعامل مع المواطن وفقًا لتصنيفه الإثني أو العرقي أو القبلي، والتقسيم الإداري للدولة وفقًا للجغرافيا وليس وفقًا للإثنية، مع إطلاق برامج إعلامية تنبذ العنف وتشجّع التضامن تحت مظلة الدولة وهويتها القومية، مع كامل الاحترام للهوية القبلية كانتماء أصيل للفرد كذلك.
لكن من خلال سياسات بربرية نهضت تلك الفئات وخرجت عن طورها وانتهجت العنف في مواجهة الدولة، وهو ما انعكس بدوره على الصراعات المسلحة والتمرد في العديد من الدول، والانقلابات العسكرية التي تُعدّ السمة الغالبة على تلك القارة، فالقبيلة استوعبت الدولة وانتقصت من سيادتها، والدول همَّشت القبيلة وفقدت حليفًا مهمًّا في سياسات التنمية الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، الدولة رفضت ميزة التنوع لتحوّلها لنقمة في حين أن القبيلة عظَّمت العصبية والانتماء إليها، وانتقصت من مدلول الهوية الوطنية، وهو ما انعكس على دورها المتصاعد في مختلف المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفيما يلي توضيح للدور السياسي للقبيلة في إفريقيا، والذي يُعدّ بمثابة حُجَّة على إخفاق الدولة في استيعاب القبيلة، واستيعاب الثانية للأولى.
تمخض عن الاستعمار الأجنبي أقليات وقبائل متناثرة في العديد من الدول الإفريقية، بل اشتد عضدها لتسيطر على النفوذ السياسي والاجتماعي في العديد من الدول؛ من خلال انتهاج نيف من الظواهر الشائعة التي اتسمت بها إفريقيا على مدار تاريخها، وخاصة الحديث عقب موجة الاستقلال وإجراءات التحول الديمقراطي التي انتهجتها كثير من الدول.
ولعل أهم تلك الظواهر: أولًا: سيطرة عدد من القوميات والقبائل على مناطق النفوذ السياسي في بعض الدول، كما سيطرت الأمهرا القومية المسيحية على مقاليد الحياة السياسية في مناطق تجمعات الفصائل المسلمة، مع العلم أن الأورومو تعدادها السكاني يتجاوز الأمهرا بعدة أضعاف، مما ترتب عليه الاضطرابات الداخلية والعداء الاجتماعي بين القبائل بعضها بعض.
ثانيًا: سيطرة القبائل على مجرى وسير عملية الاستحقاق الانتخابي في العديد من الدول من خلال زعماء القبائل، ولعل أبرز الدول الفاعلة في ذلك دولة سيراليون؛ حيث كان يتم الاعتماد على الزعامات لتوجيه المواطنين لانتخاب أفراد بعينها، وحزب الشعب هناك كان يعتمد على السلطة الأدبية لرئيس أو زعيم القبيلة من أجل حشد المواطنين ولتجميع الأصوات الانتخابية([7]).
ثالثًا: برز دورها كذلك في مزاحمة النظام الحاكم على السلطة والوصول إلى سُدَّة الحكم، ولعل أبرز تلك الدول كينيا؛ حيث إن الحزب المعارض للسلطة كانت تعتليه القبيلة، كما أن قبيلة الحاكم كانت تتمتع بامتيازات في إدارة الدولة ومؤسسات على حساب الفئات الأخرى، فيرتبط نفوذ القبيلة بوصول أحد أفرادها لرأس السلطة، وكذلك عندما استعان عيدي أمين بقبيلتي “نوبيا”، والباجندا، لاعتلاء السلطة، وما ترتب عليه من الصراع العرقي والحروب الأهلية داخل الصومال، وتفكك نسيج الدولة الاجتماعي، وتداعي مؤسساتها عن تلبية احتياجات المواطنين، وفرض الأمن والاستقرار المزعزع.
رابعًا: انتشار ظاهرة الانقلابات العسكرية التي تعد السمة الأولى للقارة الإفريقية، والناجمة بشكل أو بآخر عن التدخل القبلي والعرقي في الحياة السياسية، والنفوذ القبلي داخل الدولة، ولعل من أبرز الدول التي تنتشر فيها تلك الظاهرة، دولة نيجيريا؛ حيث تم الانقلاب الأول بها على يد ضابط في الجيش ينتمي لقبيلة “الآيبو”، وتولى السلطة أحد زعماء تلك القبيلة، والذي عمد لتمكين قبيلته من مؤسسات الدولة والمناصب العليا، مما أدَّى إلى اضطرابات داخلية للقضاء على تلك الزعامة ومنه لزحزحة القبيلة من الحكم([8]).
ثالثًا: السياق التاريخي لإشكالية العلاقة بين القبيلة والدولة في إثيوبيا:
يأتي هذا المقام تطبيقًا للبنود السابقة المرتبطة برصد دور القبيلة في إفريقية وتتبُّع مسار تطورها بدءًا من كونها قوميات وقبليات متسقة ومتحدة إلى تلك الموزعة في عدة أقاليم داخل دول متباينة وفقًا لأجندات غربية، لذا وبالتطرق إلى الدولة الأنموذج يتعين أن يتم تتبُّع مسار خارطة التشكيلات العرقية، والقومية والقبيلة داخلها، ثم الانتقال إلى السياق التاريخي لإشكالية العلاقة بين الدولة والقبيلة في إثيوبيا، للتعرف على منشأ النزاعات والتصدعات القبيلة التي تشهدها تلك الدولة في الآونة الأخيرة.
1- تتبع مسار خارطة التشكيلات القومية والقبلية في إثيوبيا:
بتتبع خارطة إثيوبيا القبلية يتضح أنها تتشكل من تسعة أقاليم، تتسم بالحكم الذاتي، متباينة اللغة، وتعد تلك أبرز سمات الاختلاف بين تلك الأقاليم وفقًا لدائرة المعارف البريطانية؛ حيث تتضمن نحو 100 لغة مقسمة إلى أربع فئات تتمثل في: السامية، الكوشية، الأومية المتصلة بالأفرو آسيوية، والنيلية المتصلة بالنيل وجزء من الصحراء الغربية.
وعن أبرز القوميات التي تنضوي عليها إثيوبيا ما يلي:
أولًا: الأورومو: التي –كما سبقت الإشارة إليها- تسيطر على جزء من الوسط الإثيوبي، ولغتها الرسمية الأورومية، وتمتهن الزراعة والرعي، كما أنها تُعد الأكبر من حيث التكوين العرقي، وتنهض ضد سياسات الدولة التهميشية من مدة زمنية ليست بالقليلة، لذا تمثلت الإرهاصات الأولى للصراعات بين تلك القومية والدولة عام 2015م، وهو بالتاريخ الأول للنزاع على ملكية الأراضي الزراعية بين القومية والحكومة الإثيوبية، وتصاعدت حدة الاحتجاجات ضد النظام إلى الحد الذي أدَّى لسقوط رئيس الوزراء في ذلك التوقيت، وقدوم “آبي أحمد” خلفًا لرئيس الوزراء السابق الذي ينتمي لتلك القومية، لكن سرعان ما عاودت الصراعات بين تلك القومية والنظام السياسي عقب مقتل المطرب “هونديسا” يوليو 2020م([9]).
ثانيًا: الأمهرا: تحتل المرتبة الثانية بعد الأورومو من حيث التكوين القَبَلي والعرقي، ولغتها الرسمية “الأمهرا” التي تُعد اللغة الرسمية في إثيوبيا، كما تبلغ حجم نحو 27% من إجمالي العدد الكلي للسكان، في حين تعود الجذور المتأصلة لتلك القومية إلى سام الابن الأكبر لنوح عليه السلام كما ورد ذكرها في العهد القديم، يتميزون بالمأكولات الحارة، واستهلاك نِسَب مرتفعة من القهوة.
ثالثًا: التيغراي: تشكل نحو 6.1% من إجمالي التعداد السكاني في إثيوبيا، كما تمثل الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي أقوى الائتلافات الموالية للأنظمة الحاكمة في إثيوبيا سابقًا، ولكن سرعان ما تم تهميشها، والانتقاص من نفوذها عقب تولي آبي أحمد مقاليد السلطة 2018م، وقد تأزمت العلاقة بين الطرفين ووصلت لذروتها عندما أقدم آبي أحمد على حلّ الائتلاف الحاكم الذي كان يتضمن تلك الجبهة، وعمد لضم الأحزاب الناتجة من حل الائتلاف تحت مسمى حزب واحد يسمى حزب الرخاء، ولكن الجبهة رفضت ذلك، كما أنها عمدت للتصويت الانتخابي في إقليمها، منتهكة بذلك الحظر الذي كان قد فُرض على إجراء الانتخابات وعقدت انتخابات في الإقليم ولم تعترف بها حكومة إثيوبيا.
رابعًا: القوميات الصومالية: تشكل نحو 6.1% من التعداد السكاني لإثيوبيا، ويتموقعون في منطقة أوغادين، وتُقسم إلى عشائر، وتعتنق الإسلام، في حين توجد العديد من القوميات الأخرى كالغوراغ والولياتا وعفار وهادييا وغامو([10]).
2- السياق التاريخي لجدلية العلاقة بين الدولة والقبيلة في إثيوبيا:
بالعودة إلى تاريخ الدولة الإثيوبية؛ يتضح أنه مُلبَّد بالاضطرابات والصراعات المتمحورة حول التشكيلات العرقية والقبلية، وفي ظل عدم قدرة الدولة على استيعاب واحتواء تلك التباينات؛ مما أدى في نهاية الأمر إلى تصدعات في أركان الدولة من جانب، والمجتمع الإثيوبي من جانب آخر، فبالإسقاط على حقبة السبعينيات من القرن المنصرم يتضح أنه التاريخ الذي شهد الانطلاقة الفعلية لنشاطات جبهة تحرير تيغراي، وذلك عقب تنحية الإمبراطور “هيلا سيلاسي” من قِبل الجيش، وتمخض عن تلك الحالة بزوغ أنظمة حكم تسلطية – مستبدة، ونجم عنه نهوض جبهة تحرير تيغراي لمجابهة تلك الأنظمة القمعية؛ من خلال تنظيم عدد من الاحتجاجات، وذلك من خلال حشد فئات عريضة من المواطنين، الرجال والنساء، الأطفال.
كما تمت الاستعانة بالطلاب في الاستعداد للحرب ضد تلك الأنظمة، وترتب على تلك الاحتجاجات والصراعات بين الجبهة وتلك الأنظمة، أن أنشأت الأولى المراكز التعليمية في المناطق الخاضعة للحماية، وقامت بالعديد من الخدمات التي تصبّ في صالح المواطن واحتياجاته، ثم في عام 1991م قامت تلك الجبهة بالتحالف وتكوين ائتلاف مع الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، وتم تحقيق تقدم في ثورة شعبية من نفس العام.
وكان الهدف منها: توحيد الدولة الإثيوبية التي أنهكتها الحروب الأهلية بين العرقيات والقبليات المختلفة، والتي تمخض عنها خسائر مدوية في الأرواح والممتلكات، لذا جاء البند الرئيس للدولة الفيدرالية الإثيوبية وفقًا لنص المادة 39 أن يكون لكل إقليم ومنطقة الحقُّ في تقرير مصيرها، بل والانفصال إذا ما ارتأت ذلك وفقًا لدستور 1995م([11])، وهي المنهجية والحُجَّة التي تستند إليها تيغراي في مطالبها الحالية بالحق في انتخابات مستقلة تمهيدًا للانفصال وفقًا لما أقرَّه الدستور؛ وذلك لاتهامها الحكومة الإثيوبية بأنها مدعاة للتفرقة بين القبليات والعرقيات الإثيوبية، وأنها تتسبب في زيادة الهُوَّة بين المواطنين مما يُنْبِئ بحروب أهلية إذا ما استمرت سياساتها على النحو المُتَّبع حاليًا.
في حين يشير التطور التاريخي لقومية الأورومو في إثيوبيا للعديد من السياقات الحرجة؛ حيث إنها شاركت الجبهة الديمقراطية الثورية وجبهة تيغراي في تشكيل حكومة انتقالية تدير شؤون البلاد لحين عقد الاستحقاقات الانتخابية، ثم إنها انسحبت من تلك الجبهة عقب انتخابات 1992م، وهو ما ترتب عليه اتباع سياسات مناهضة من الحكومة ضد القومية ترتب عليها التهجير القسري لأبناء القبيلة من المناطق التابعة لنفوذهم، وبلغ إجمالي الفئات التي تم تهجيرها نحو 75% من إجمالي سكان القومية.
وأعقب ذلك في عام 1993م مشاركة الجبهة الإسلامية لتحرير الأورومو في كفاح مُسلح ضد النظام السياسي الإثيوبي، وترتب عليه تنحيتها من المعادلة السياسية وتوفيقها بالمنظمة الديمقراطية لشعب الأورومو، التي احتلت المقاعد المتقدمة في ركاب السلطة في إثيوبيا، بالإضافة لثِقلها في المجالس النيابية، مما جعلها المتصدر للمشهد السياسي باحتكار كافة المناصب العليا المرتبطة به في الإقليم الذي توجد فيه قبيلة الأورومو.
أضف إلى ذلك أن فئات تلك القبيلة تعرضت للإقصاء والتهميش والتمييز العرقي والإثني؛ حيث إنها تم إقصاؤها من المشاركة السياسية على عكس ما ينص عليه الدستور بالانتخابات الحرة النزيهة وبمشاركة كافة الطوائف، كما مُنعت من التعبير عن توجهاتها من خلال منبر الصحافة والإعلام؛ وذلك لأن الحكومة الإثيوبية قامت بإصدار قانون الصحافة 1992م، والذي منع إصدار الصحافة وإشهارها، وهو ما ترتب عليه بشكل أو بآخر أنه في عام 1998م حدث انخفاض في أعداد الصحف والمجلات إلى معدلاتها الأدنى، فضلًا عن حرمان أبناء الأورومو من التعليم باستخدام اللغة الرسمية لهم، بل فُرضت عليهم اللغة الأمهرية والتي اعتبروها لغةً ليست متأصلة من الطبيعة الإثيوبية، بل إنها غريبة، وهو ما ترتب عليه انتشار الأمية في نحو 80% من الإقليم([12]).
وتصاعدت حدة التوترات وبلغت ذروتها بين تلك القومية والحكومة عقب انتخابات 2005م والتي تمخض عنها فوز المعارضة بها، وقيام السلطة في أديس أبابا باعتقالات موسعة لأعضاء المعارضة، وتم اتهامهم بالعمالة، واندلعت إثر تلك الحملات موجات من العنف والاضطرابات في المدن الإثيوبية؛ في أوغادين وأجزاء من أوروميا وأمهرة وغامبيلا جراء احتكار السلطة واضطهاد المعارضة.
وأعقبها في عام 2009م إصدار الحكومة لقانون لمكافحة الإرهاب قامت على إثره باعتقالات فجَّة للصحفيين والمعارضين المنتمين للمنظمات التي أعلنت أنها إرهابية ومن ضمنها جبهة تحرير أورومو، ثم أتى عام 2012- 2013م ليمثل الاحتشاد من قبل مسلمي الأورومو ضد النظام السياسي، ليعبروا عن رفضهم للمنهجيات العنصرية التي يتم اتباعها ضدهم، وأسفرت تلك التظاهرات عن سقوط عدد من الضحايا لارتفاع وتيرة العنف حد استخدام الأسلحة.
وفي عام 2016م نُظمت احتجاجات مِن قِبَل تلك القومية؛ وذلك لمناهضة الحكومة الإثيوبية في سياساتها المتعمدة ضد القومية لإقصائها، ونجم عنه تعيين “آبي أحمد” المنتمي لتلك القومية رئيسًا للوزراء 2018م، ولكن ما لبث أن تولى مقاليد السلطة واندلعت التوترات مرة أخرى مع تلك القبيلة أو القومية؛ نتيجة انتزاع ملكية الأراضي منها. بالإضافة للمطالبة بتفعيل الحقوق السياسية، واتباع سياسات تتضمن الإنصاف بين القبائل والعرقيات، ولا تميز فصيل عن آخر، كما بلغت ذروة تلك الاحتجاجات محاولة الانقلاب على سلطة آبي أحمد عقب مقتل المغني المنتمي لتلك القومية، كما تمت الإشارة آنفًا، وانتهت المحاولة بأن باءت بالإخفاق، ولكنها تسببت في اغتيال رئيس أركان الجيش الإثيوبي “سيري مكونن” المنتمي لتيغراي، على يد الجنرال “تسيجي” رئيس جهاز الأمن في أمهرا ([13]).
3- الحكومة الإثيوبية والصراع في تيغراي:
باستمرار التصعيد من قومية الأورومو ضد رئيس الوزراء الإثيوبي والحكومة على حد سواء، تمخض عنه العديد من القرارات التي أشعلت فتيل الصراعات الداخلية ليس فقط من خلال قبيلة الأورومو، ولكن كذلك بدخول إقليم تيغراي إلى المعادلة السياسية، واتهم الإقليم الحكومة الإثيوبية بأنها تسعى إلى تفرقة الشعب الإثيوبي جراء السياسات العنصرية، والذي ترتب عليها دعوات من بعض القوميات بالانفصال عن الدولة.
أضف إلى ذلك أنه عقب اعتلاء آبي أحمد رأس السلطة، فإنه وقَّع اتفاقية سلام مع الجانب الإريتري، وأنهى بذلك سنوات من النزاعات المسلحة وانعدام الثقة بين الطرفين، ولكن اعترض إقليم تيغراي على تلك الاتفاقية؛ لأنها تمت بالانتقاص من أراضي الإقليم التابع لها لصالح إريتريا على اعتبار أن هذا الإقليم المجاور الحدودي لتلك الدولة هذا من جانب([14])، ويتمثل الجانب الآخر في إقدام آبي أحمد على تشكيل تحالف يسمى حزب الرخاء، وقيامه بحل الجبهة القائمة التي كانت تسيطر على مقاليد السلطة والمناصب العامة، وتمثلها بشكل أو بآخر جبهة تحرير تيغراي التي استمرت قرابة الـ20 عامًا في ممارسة العمل السياسي داخل الدولة، ثم قام بإنشاء قوات الحرس الجمهوري المختصة بالدرجة الأولى بحماية شخص رئيس الوزراء، وتنظيمها يقع خارج إطار التنظيم الدستوري والقانوني، وعن السبب الآخر لاتساع الهوة بين الحكومة والإقليم، هو الإقدام على إعلان تأجيل الاستحقاقات الانتخابية سبتمبر 2020م بداعي جائحة كورونا. في المقابل قام إقليم تيغراي بعقد انتخابات، واعتبروا أن آبي أحمد فقد شرعيته السياسية لانتهاء المدة الانتخابية له بنهاية سبتمبر، وهو الأمر الذي أدَّى إلى تسارع وتيرة الصراع وتأزمه على النحو الذي اعتبره آبي أحمد بأنه تمرُّد على الدولة([15]).
وأعلن الحرب على الإقليم، ومن ثم اندلعت الحرب الأهلية بين جبهة تحرير تيغراي وقوات الجيش الإثيوبي الذي تغلب عليه الانتماءات القبلية والعرقية، ويصنّف جنوده وفقًا لهذا الأمر، وقد أشارت بعض التقارير إلى أنه عقب إعلان حالة الحرب ضد الإقليم فقد دبَّت الخلافات والانشقاقات داخل الجيش، بل إن عناصر منه انشقت وانضمت لجبهة تحرير تيغراي، وترتب على أعمال العنف المسلحة أن فقدت الدولة الإثيوبية مئات الآلاف من مواطنيها وبالأخص المنتمين لتيغراي، وتزايدت أعداد النازحين داخل الدولة وخارجها، وارتفعت معدلات التحذيرات المُنذرة بكوارث إنسانية؛ حيث بلغ إجمالي الأفراد الذين يحتاجون لمساعدات نحو 600 ألف فرد داخل الإقليم، وما يزيد عن هذا العدد باللجوء الخارجي.
ومن جانب آخر ترتب على حالة الفوضى والسيولة في الداخل الإثيوبي، أن تسلل العديد من العناصر المنتمية لحركة الشباب الصومالية، وذلك عن طريق القوميات الصومالية الموجودة داخل الدولة، ومنه إلى ارتكاب الجرائم التي أربكت الوضع الداخلي من جانب ثالث، كما أن مما أثار حفيظة الجانب الإثيوبي التحركات الإريترية في تلك الأزمة، وخاصةً أنه أفادت مصادر أنها تعتزم التدخل في الصراع لصالح الجيش الإثيوبي؛ لأنه يدخل ضمن مصالحها أن يظل الوضع مرتبك داخليًّا؛ لأنه سيُكْسِبها ميزات تدعم ملفها المرتبط مع إثيوبيا([16]).
رابعًا: مستقبل الدولة وحدود القبيلة في إثيوبيا المضطربة:
في غمار ما سبق طرحه، وبالإسقاط على ملامح التأزم في مسألة علاقة الدولة بالقبيلة في إثيوبيا؛ يتضح أن الواقع الإثيوبي مُثقل بالعديد من الملفات الحرجة، والرابط بينها يتمثل بالتكوين العرقي والقبلي للدولة، فبالعودة للتاريخ الإثيوبي، وبخاصة في تناوله لملف التشكيلات العرقية والقبلية، يتضح أن الدولة لم تتسم بالحكمة والتعقل في التعامل مع هذا الملف الذي يقود بالتبعية إلى مختلف الملفات المُلِحَّة في الدولة، كالتنمية، التمكين، المساواة، الرفاه الاجتماعي، والثقل الإقليمي والدولي، والنمو والتنمية المستدامة، فعلى مدار التاريخ اتسمت إثيوبيا بالصراعات والاضطرابات المرتبطة بالجانب القبلي، وذلك لعدم إمكانية الدولة أن تستوعب القوميات المختلفة ما بين الأمهرا، وتيغراي، والأورومو وغيرها من القوميات والقبليات، فالنظام السياسي الذي كان يعتلي السلطة والمنتمي لقبيلة بعينها، كان يزكيها في المناصب العليا، والممارسة الفعلية لعملية صنع السياسات العامة، على حساب تهميش وإقصاء الطبقات الأخرى، وما أشبه البارحة باليوم، وبخاصة عقب قدوم أبي أحمد المنتمي لأورومو، والذي استهل فترة حكمه بنيف من الإجراءات والتدابير التي كانت في ظاهرها تستهدف توحيد الصف الإثيوبي، واتباع سياسة الاحتواء، وباطنها انتهى بالاستقطاب الفئوي والقبلي لعدد من القوميات التي عانت من سياسات التعنت والإقصاء، والتهميش العمدي، وكان على رأسها الأورومو على الرغم من أن رئيس الوزراء ينتمي لهذا الفصيل إلا أنه نهض ضد سياساته، أضف لذلك إقليم تيغراي الذي سيطر لأعوام عدة على مقاليد السلطة، بيد أن آبي أحمد كان محمل منذ مجيئه بأجندة ضد تلك القومية أو هذا الإقليم، وهو ما انعكس على الإجراءات التي تم اتخاذها ضده، لإقصائه من الحكم، وانتهت بإعلان حالة الحرب ضده، والتعقيدات التي باتت عليها تلك القضية، لذا فالتكهن بمستقبل الدولة وحدود القبيلة في إثيوبيا، ينضوي على العديد من الاعتبارات الجلية في الواقع الإفريقي عامة والإثيوبي بخاصة.
فإثيوبيا الدولة الفيدرالية، ذات القوميات المتعددة والأقاليم المختلفة، أضحت دولة قبيلة يتحكم في مصير أمنها واستقرارها نزاعات داخلية مرتبطة بالتوصيف العرقي والقبلي لسكانها، وبسياسات اتسمت بالمحاباة وعدم تحقق معايير الانصاف وتكافؤ الفرص، والمساواة، نجحت القبيلة في استيعاب مؤسسات الدولة، والسيطرة على كافة منافذها، وهو ما يمكن أن يتم رصده من سيطرة إقليم تيغراي لأعوام على حدود ومنافذ السلطة في الدولة، وعقب قدوم آبي أحمد، تركز السلطة في يد الأمهرا، والتهميش الذي عانت منه الأورومو، والقوميات الصومالية، وغيرها، فمصير دولة مرتبط بأهداف وتطلعات القوميات بها، فالدولة عجزت أن تكون الوحدة الحاضنة لتلك التباينات، بل إنها أضحت الموقد الذي يشعل نيران الاضطراب في ظل ظروف راهنة قد تؤدي إلى كوارث إنسانية واجتماعية واقتصادية للداخل الإثيوبي، فمستقبل الدولة مرهون بعقلانية ورشادة القائمين على السلطة فيها، ومدى استيعابهم لما قد تؤول إليه الدولة جراء بركان الحرب الأهلية الذي قد يثور بين حين وآخر.
وعليه ومن هذا المنطلق يمكن التطرق لرصد سيناريوهات مقترحة لمستقبل القبيلة في إثيوبيا، على النحو الآتي بيانه:
أولًا: انتصار دولة القبيلة: بمعنى نجاح جبهة تحرير تيغراي في السيطرة على المناطق الحيوية في الدولة، والتمكن من مظاهر الحكم بها، وإعلانها الانتخابات لفقدان رئيس الوزراء لصلاحياته الدستورية والتشريعية، وتغيير خارطة التفاعلات السياسية داخل الدولة، وهو ما سيترتب عليه تعزيز فكرة إفريقيا القبيلة ذات التموقع والتأثير الجوهري على الممارسة السياسية في معظم دولها، فقومية نجحت في تغيير مسار الحكم بنفوذها وثقلها، ووجودها الحاضر منذ عقود عدة في النمط السياسي، مما يؤكد على فكرة أن هوية القبيلة تتجاوز هوية الدولة في الانتماء والولاء.
ثانيًا: انتصار الدولة الوطنية: بمعنى نجاح قوات الجيش الإثيوبي في السيطرة على كافة منافذ إقليم تيغراي، من خلال وسائل الإكراه التي يشرعها لها القانون والدستور، وكبح جماح حركات التحرر وجبهة تحرير تيغراي، وبسط نفوذها على كافة زمام الأمور، ظاهرها وباطنها، وهو ما يرسّخ ويعزّز من فكرة إفريقيا الدولة ذات السيادة ضمن الحدود السياسية والطبيعية المقررة لها، ونجاحها في الحفاظ على هوية الدولة والانتماء لها، وتجاوزها قسرًا لهوية القبيلة ذات الانتماء وفقًا للعصبية.
ثالثًا: انفراط عقد الدولة: وهو السيناريو المتأزم الذي يعني تصاعد وتيرة الاستقطاب ليس فقط بين النظام السياسي وقبيلة بعينها، بل وبين مختلف القبائل، وتنامي الدعوات المطالبة بالاستقلال وتحقيق الحكم الذاتي، وبالتالي يقود لسيولة الدولة وانقسامها إلى نحو ثلاثة أو أربع دول ذات سيادة، دولة تضم تيغراي، دولة تضم الأمهرا، دولة تضم الأورومو، وأخريات في حال انتفضت القوميات الأخرى سعيًا للاستقلال، وهذا السيناريو يُعدّ راديكاليًّا؛ لأنه يترتب عليه تداعي وتهاوي الدولة الإثيوبية إلى رفات وتغير ملامحها، وإعادة تشكيل مناطقها على الخريطة لتضحى دولًا بدلًا من أقاليم تابعة، وتنهار الهوية الوطنية وتتداعى.
رابعًا: الاحتواء: وهذا السيناريو تفاؤلي كونه ينطلق من سياسة الاحتواء والدمج لكافة القوميات في إدارة الدولة الإثيوبية، بمعنى أنه سيتم اتباع سياسات من شأنها أن تهدئ من روع تلك الفئات، وتشعرها بأن الدولة تعمل على توحيد الصفّ، بين مختلف أبنائها، وأن الدولة تحقق الوفاق مع الهويات الأخرى، بمعنى أنها لا تتجاوزها، ولكنها تُفعل من فكرة تشكيل الهوية الوطنية باتحاد الهويات القبلية في ظل منظومة واحدة تتضمن العدالة والمساواة، والإنصاف، وتكافؤ الفرص، والتكامل داخل الدولة، وهو سيناريو الحكم الرشيد والاتجاه العقلاني الذي يخدم مصالح الدولة بشكل عامّ، ويحافظ على وحداته المتنوعة ويراعي مصالحهم وتطلعاتهم على نحو خاص، مما يعزّز من فكرة انصهار القبيلة في بوتقة الدولة، وتشكل الهوية الوطنية من عناصر الهوية القبيلة.
أما عن السيناريو المرجح، فالباحثة تتمنى تحقق السيناريو الرابع؛ رغبةً في تحقيق الاستقرار والأمن للشعب الإثيوبي، تجنبًا لفقد الأرواح والدماء، ولكن بالعودة إلى واقع الأمر، وبالاطلاع على السياقات المختلفة للأزمة وتداعياتها، فإن دولة القبيلة ستنتصر في إثيوبيا، إذا ما انتبهت الحكومة الإثيوبية لعواقب الأمر، فعقد الدولة بدأ في الانفراط، وإذا لم تسعَ الدولة لاحتواء تلك الأزمات والملفات، فسيترتب عليه تلاشي الهوية الوطنية للدولة، وتأكيد تأثير الهوية القبيلة على منافذ السلطة، لذا ربما يرجح السيناريو الأول والمتمثل في انتصار دولة القبيلة، وبالتبعية يقود لتحقق السيناريو الثالث وهو تهاوي الدولة.
[1]– إيمانويل فالرستين، المرتبة، العرق، الطبقة في إفريقيا، متاح على الرابط للاطلاع؛ https://bidayatmag.com/ ، تاريخ الدخول؛ 18.8.2021.
[2]– نجم الدين السنوسي، دور القبيلة في الدولة، المنتدى الإسلامي، يونيو 2011، دار المنظومة، ص ص85، 86، متاح على الرابط للاطلاع؛ http://www.mandumah.com/record/187193 ، تاريخ الدخول؛ 18.8.2021.
[3]– المرجع السابق.
[4]– هشام مدخنة، لقبائل الإفريقية.. الغوص في ثقافات خارجة عن المألوف، مايو 2021م، متاح على الرابط؛ https://www.alkhaleej .ae/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86 ، تاريخ الدخول؛ 18.8.2021.
[5]– آدم بمبا، صراع الهويّة في إفريقيا.. التأرجح بين القبيلة والدولة، قراءات إفريقية، متاح على الرابط للاطلاع؛ https://www.qiraatafrican .com/home/new/%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A-%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA% D8%A3%D8%B1 ، تاريخ الدخول؛ 18.8.2021.
[6]– عبد الوهاب بن خلیف، البناء الاجتماعي والثقافي في إفريقيا وتجاذبات القبيلة والدولة، المجلة الجزائرية للسياسات العامة، فبراير 2014م، ص ص 87.
[7]– عبد العزيز راغب عزيز، الصراع القبلي والسياسي في مجتمعات حوض النيل، (القاهرة؛ الهيئة العامة للكتاب، 2011)، ص ص 15-17.
[8]– أحمد مفتاح فلاق، هويات ما بعد الحداثة في إفريقيا، مجلة دراسات الاقتصاد والأعمال، ديسمبر 2015، ص ص 100، متاح على الرابط؛ http://www.mandumah.com/serach/813564 ، تاريخ الدخول 19.8.2021.
[9]– سهير محمود الشربيني، جدلية العلاقة بين الدولة والقبيلة، قومية الأورومو الإسلامية والصراع من أجل الانفصال عن إثيوبيا، 2017م، متاح على الرابط للاطلاع؛ http://africansc.iq/index.php?analyses ، تاريخ الدخول؛ 19.8.2021.
[10]– من بينها الأورومو والأمهرة والتيغراي، تعرف على أبرز القوميات في إثيوبيا، نوفمبر 2020م، متاح على ارابط للاطلاع؛ https://www .bbc.com/Arabic/topics/c8y94kx9gwvt ، تاريخ الدخول؛ 19.8.2021.
[11]– ياسمين عبد اللطيف زرد، تاريخ إثيوبيا المضطرب يشير إلى احتمالية اندلاع حرب أهلية شاملة، جريدة الشروق، 2020، متاح على الرابط للاطلاع؛ https://www.shorouknews.com/columns، تاريخ الدخول؛ 20.8.2021.
[12]– سهير محمود الشربيني، جدلية العلاقة بين الدولة والقبيلة، قومية الأورومو الإسلامية والصراع من أجل الانفصال عن إثيوبيا، مرجع سابق.
[13]– إثيوبيا والعرقيات.. لماذا تصارع “الأورومو” رئيس الوزراء؟، أبو ظبي، يوليو 2020م، متاح على الرابط للاطلاع؛ https://www.skynews arabia.com/tags=%d8%a5%d8%ab%d9%8a%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a7، تاريخ الدخول؛ 20.8.2021.
[14]– أليكس دي وال، الصراع في تيغراي: لماذا تغرق إثيوبيا في دوامة الصراعات العرقية؟، نوفمبر 2020م، متاح على الرابط للاطلاع؛ https:// www.bbc.com/arabic/world-50014705 ، تاريخ الدخول؛ 20.8.2021.
[15]– حمدي عبد العزيز، الصراع في إثيوبيا وتداعياته الداخلية والإقليمية والإفريقية، بوابة الهدف الإخبارية، ديسمبر 2020م، متاح على الرابط؛ https ://hadfnews.ps/post/category/15/%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%AA%D8%AD% D %8 4%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA ، تاريخ الدخول؛ 20.8.2021.
[16]– أحمد عسكر، مستقبل الوحدة الإثيوبية في ضوء تنامي الصراعات السياسية الداخلية- الصراع في إقليم تيغراي، 2020م، متاح على الرابط للاطلاع؛ https://www.qiraatafrican.com/home/category/6 ، تاريخ الدخول؛ 20.8.2021.