د. نرمين كمال طولان
مقدمة:
مومباسا مدينة ساحلية تقع في جنوب شرق دولة كينيا على المحيط الهندي على جزيرة مرجانية صغيرة تحمل نفس الاسم “مومباسا”، تبلغ مساحتها 14.5 كيلو مترًا مربعًا، مع مراسي للمياه العميقة في الشرق والغرب، وتتصل الجزيرة بالأرض الكينية من الشمال بجسر “نيالي”. وتُعرف المدينة باسم “المدينة البيضاء والزرقاء”؛ بسبب ألوان مبانيها التي ترمز إلى مياه المحيط الهندي التي تغمرها وهي أقدم مدينة في البلاد (حوالي 900م)، وثاني أكبر مدينة بعد نيروبي العاصمة جعل موقعها على المحيط الهندي منها مركزًا تجاريًّا وتاريخيًّا، وتُعدّ واحدة من أقدم وأهم الموانئ في إفريقيا.
التسمية والتاريخ:
1)التسمية:
اسمها العربي الأصلي هو “مانباسا”. وفي اللغة السواحيلية، تسمى “كيسيوا تشا مفيتا”، والتي تعني “جزيرة الحرب”؛ بسبب المعارك والتغييرات العديدة في ملكيتها([1]). ويُرجع المؤرخون تأسيس مومباسا إلى حوالي عام 900 بعد الميلاد. وكانت المدينة مزدهرة بما يكفي لوصفها مِن قِبَل الجغرافي العربي الإدريسي، الذي ذكرها في كتاباته في عام 1151م، وقال: “كانت مدينة تجارية مزدهرة في القرن الثاني عشر”، وكذلك الرحالة المغربي ابن بطوطة، الذي زارها في عام 1331م.
وكتب عنها الرحالة البرتغالي دوارتي باربوسا في القرن السادس عشر: ” مومباسا مكان ذو حركة مرورية كبيرة، وميناء جيد ترسو فيه دائمًا سفن صغيرة من أنواع عديدة وسفن كبيرة، وكلاهما يتجه من سوفالا، وأخرى تأتي من كامباي وميليندي، وأخرى تبحر إلى جزيرة زنجبار”. خلال هذه الفترة، برزت مومباسا مركزًا تجاريًّا مهمًّا مع روابط مع اليمن والهند وبلاد فارس والصين مع التوابل والذهب والعاج كصادرات رئيسية.([2]) وكانت مومباسا من المدن الرئيسية فى كتابات الرحالة اليونانيين والرومان والعرب والصينيين قديمًا، وتشمل هذه المدن لامو، وماليندي، ومومباسا، ورابتا، والتي كانت معظمها مراكز تجارية، وقد أظهرت الأبحاث الأثرية في السواحل وجود المدن المذكورة في هذه السجلات المبكرة.([3])
2)الخلفية التاريخية:
وفقًا لأساطير التاريخ، تأسَّست مومباسا على يد حاكمين: موانا مكيسي وشيهي مفيتا. وكانت موانا مكيسي ملكة من العصر ما قبل الإسلامي، أسَّست كونجويا، المستوطنة الحضرية الأصلية في جزيرة مومباسا. ومن الجدير بالذكر أن اسمي الملكة والمدينة لهما صلات لغوية وروحية بوسط إفريقيا.
ويعتبر “مكيسي” تجسيدًا لكلمة “أوكيسي”، والتي تعني “المقدس” في لغة الكيكونغو. ويمكن قراءة هذه الأساطير باعتبارها اعترافًا بأصول شعب السواحلي الناطقة بالبانتو. ثم حل شيهي مفيتا محل سلالة موانا مكيسي، وأسس أول مسجد حجري دائم في جزيرة مومباسا. تم بناء أقدم مسجد حجري قائم في مومباسا.([4]) والأرجح أن المدينة أسَّسها التجار العرب الذين استقروا هناك، كما فعلوا في مدن أخرى على طول ساحل المحيط الهندي في شرق إفريقيا. وتزوج هؤلاء المستوطنون العرب الأوائل من السكان المحليين، مما أدَّى إلى خلق ثقافة يهيمن عليها المسلمون في المدينة.([5])
العصور القديمة
إن التاريخ الدقيق لتأسيس “مومباسا” غير معروف، فهناك كتابات للمستكشفين العرب والمصريين والرومان تذكر المستوطنات العربية في هذا الجزء من العالم. وقد أشار العلماء إلى أن المنطقة كانت مأهولة خلال العصور الحجرية المبكرة والمتوسطة والمتأخرة. وعاش الصيادون وجامعو الثمار، ثم كانت المجتمعات الزراعية المبكرة، وقد أظهرت الحفريات في جزيرة مومباسا والمدينة أنها كانت مأهولة منذ القرن السادس الميلادي.([6]) وكان يسكنها في البداية قبائل البانتو الناطقة باللغة السواحيلية.([7])
البرتغاليون
قبل البرتغاليين خضعت “مومباسا” إلى الإمبراطورية العثمانية 1586–1589م. لكن في عام 1498م، أصبح المستكشف البرتغالي “فاسكو دا جاما” أول أوروبي معروف يصل إلى مومباسا. وأيقظت زيارته اهتمام البرتغاليين بالمدينة. فعاد البرتغاليون بعدها لنهب المدينة؛ بعدما استولوا عليها في عام 1593م، ومنذ وصول البرتغاليين إلى المحيط الهندي بدأت تأسيس وجودها على الساحل وحماية مصالحها الاقتصادية في المحيط الهندي، واعتمدت على القوة العسكرية([8]).
كانت مومباسا تحت الحكم البرتغالي من عام 1593 إلى عام 1698م، ومرة أخرى من عام 1728 إلى عام 1729م.([9]) وبدأ البرتغاليون في بناء حصن “يسوع” عند مدخل خور تيودور؛ للسيطرة على طرق التجارة الواسعة في المحيط الهندي وحماية ميناء مومباسا القديم ولحماية ميناء كيلينديني، وهو الميناء الثاني على الجزيرة. وقد بنى البرتغاليون أيضًا ثلاث حصون (حصن القديس جوزيف، وحصن حدوة الحصان، والحصن الدائري، الذي أطلق عليه لاحقًا حصن المرسى)، ثم بنى البرتغاليون ثلاثة حصون إضافية في عام 1614م([10]). وقد حكم البرتغال مومباسا لمدة 100 عام تقريبًا، وهي الفترة التي تراجعت فيها المدينة؛ حيث استولى البرتغاليون على جميع أرباح التجارة لأنفسهم. والذهب الذي كان يُتاجَر به سابقًا شمالًا إلى الخليج العربي، أصبح كله يذهب إلى البرتغال.([11])
العرب العمانيون (أسرة المزروعي)
في عام 1698م، هُزم البرتغاليون في مومباسا على يد العرب العمانيين، الذين مارسوا هيمنتهم الخاصة باحتلال حصن جيسوس، وعينوا أحد أفراد عائلة المزروعي حاكمًا. عزز العمانيون هذا الاحتلال بإضافة أنماط معمارية عربية إلى حصون الحصن. خلال فترة المزروعي (حوالي 1735-1837)، كانت مومباسا دولة مدينة مستقلة تتمتع بالهيمنة السياسية على معظم سواحل كينيا وشمال تنزانيا.([12])
دولة بو سعيد
في عام 1837م ضمَّ السيد سعيد سلطان زنجبار مدينة مومباسا. واستمر حكم زنجبار حتى عام 1898م عندما تولى البريطانيون السيطرة على المدينة. وتحت حكم البوسعيدي (1837-1895م) فقدت المدينة استقلالها وتم دمجها في سلطنة زنجبار (تنزانيا).([13])
الاستعمار البريطاني
في عام 1887م، خضعت مومباسا للحكم البريطاني، وأصبحت عاصمة ما يُسمى بشرق إفريقيا البريطانية، ثم أرست بريطانيا سيطرتها على المنطقة الساحلية الكينية في عام 1895م.([14]) وخلال الحرب العالمية الثانية، أصبح ميناء كيلينديني في مومباسا خط دفاع أمامي لشرق إفريقيا البريطانية ضد هجمات الألمان، الذين كانوا يسيطرون آنذاك على تنجانيقا إلى الجنوب. كما أدت الأهمية الإستراتيجية لمومباسا إلى قيام البريطانيين ببناء خط سكة حديدي.([15]) وأصبحت مومباسا عاصمة شرق إفريقيا البريطانية والمحطة البحرية لسكة حديد أوغندا التي بدأت في عام 1896م. واستجلب البريطانيون العمال الهنود الذين بنوا السكك الحديدية. وبعد اكتمالها في عام 1900م، بقوا وأصبحوا جزءًا من هذه المدينة متعددة الثقافات والأعراق على نحو متزايد. وصدَّرت مومباسا تحت حكم البريطانيين القطن والقرنفل والقهوة إلى أوروبا والأمريكتين(.([16]
وعندما أصبحت كينيا مستقلة في ديسمبر 1963م، بلغ عدد سكان مومباسا 191000 نسمة. وظلت المدينة ميناءً تجاريًّا رئيسيًّا. كما أصبحت مدينة رياضية شهيرة. وفي عام 2007م أقيمت بطولة العالم لاختراق الضاحية هناك. كما يوجد بها فريقها الخاص للرجبي والكريكيت، وتستضيف سباق السفاري للسيارات عبر البلاد.([17])
السكان واللغة والدين:
1)السكان
السكان الرئيسيون لمدينة مومباسا القديمة هم الشعب السواحيلي، ومنهم المسلمون الذين وفدوا من شبه الجزيرة العربية بشكل أساسي وتزاوجوا مع السكان المحليين منذ فترة طويلة. ونجا عدد قليل جدًّا من السكان الأصليين لمومباسا من كارثة عام 1589م عندما نهبها البرتغاليون وأعوانهم.
واستوطن معظم سكان مومباسا السواحليين الحاليين خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. ومع تدهور المستوطنات السواحلية على طول الساحل، توافد اللاجئون على جزيرة مومباسا. وجاء البعض للعيش في مدينة مومباسا، بينما ذهب آخرون إلى كيلينديني، وهي مستوطنة على الجانب الآخر من الجزيرة. وفي القرن الثامن عشر، هُجِّرت كيلينديني، وجاء السواحليون من هناك أيضًا للعيش في مدينة مومباسا.
هناك أيضًا الآسيويون وهم مجتمع مهم آخر يعيش في المدينة القديمة؛ حيث كان هناك دائمًا تجار آسيويون في مومباسا، وهناك قلة منهم ترجع جذورهم إلى القرن الثامن عشر. وجاء العديد منهم من الهند بعد عام 1870م عندما عاد الرخاء إلى شرق إفريقيا، وعملوا كمصرفيين، وكلاء العمولة وكان منهم الحرفيون المهرة؛ وجاء آخرون بعد عام 1888م مع البريطانيين، عندما تم توظيفهم لبناء السكك الحديدية والمساعدة في إنشاء نظام جديد للإدارة(.([18] وهناك أيضًا “الشيرازيون” الأوائل في المدينة، ويبدو من المرجح أن سلالة “الشيرازيين” وأتباعها كانوا مشتقين من المستوطنات السواحلية الأقدم على طول الساحل الصومالي الجنوبي.([19]) ويمكن القول: إن مدينة مومباسا يغلب عليها شعب السواحلي، وشعب ميجيكيندا. بجانب بعض المجتمعات الأخرى مثل قبائل “أكامبا/ تايتا بانتو/ لوهي/ غوسي/أجيكويو).
ومع أوائل القرن العشرين، كانت مومباسا (بمينائها مومباسا وكيلينديني) أهم ميناء في شرق إفريقيا على ساحل الهند. ويبدأ معظم المسافرين استكشاف الساحل من مومباسا. تاريخيًّا، استخدم التجار البرتغاليون والهنود والفرس والعرب هذا الميناء كنقطة انطلاق للوصول إلى شرق إفريقيا. وساعد هذا الخليط من التجار والمستكشفين في خلق المزيج العرقي لسكان مومباسا(([20].
2)اللغة
اللغة الأولى فى مومباسا هي السواحيلية، والتي يُتحدَّث بها على نطاق واسع في مومباسا أكثر من المدن الأخرى في كينيا. وهناك أيضًا لغة الكيكويو والكامبا.
3)الدين
يُمثّل المسلمون أغلبية السكان، وترتدي نساء المسلمين الحجاب الإسلامي، وهو عادة يكون أسود اللون، ويطلق عليه اسم «بويبوي»، بجانب اللباس التقليدي، وهو عبارة عن قميص ذي ألوان ونقوش فاتحة ومصنوع عادة من القطن يسمى «كانغا». وقد بُني أقدم مسجد حجري في مومباسا، منارة، حوالي عام 1300م. أما مسجد ماندري، الذي بُني عام 1570م، فيحتوي على مئذنة تحتوي على قوس أوجي خاص بالمنطقة. ويشير هذا إلى أن العمارة السواحلية كانت منتجًا إفريقيًّا أصليًّا بدلاً من تبنيها من المسلمين غير الأفارقة الذين جلبوا العمارة الحجرية إلى ساحل السواحلي.([21])
توجد المسيحية أيضًا فى مدينة مومباسا، وهناك كاتدرائيات أنجليكانية وكاثوليكية رومانية. وكذلك معبد هندوسي بني في عام 1952م له قبة مُذهَّبة. جعلت العديد من مناطق الجذب التاريخية والثقافية في مومباسا منها وجهة سياحية شهيرة.([22])
المناخ:
تقع مومباسا بالقرب من خط الاستواء، ولديها فقط اختلاف طفيف في درجات الحرارة الموسمية، مع درجات حرارة عالية تتراوح بين 28.8 و33.7 درجة مئوية. وتتمتع مومباسا بمناخ استوائي رطب وجافّ، وتعتمد كمية الأمطار بشكل أساسي على الموسم. أشهر الأمطار هي أبريل ومايو، في حين يكون هطول الأمطار ضئيلاً بين يناير وفبراير.
الأنشطة الاقتصادية:
1)الزراعة
كانت مومباسا في أواخر فترة ما قبل الاستعمار، مدينة حضرية لمجتمع مزارع، أصبح يعتمد على العمالة المستعبدة القائمة حول تجارة العاج. وتُعدّ مومباسا بمثابة سوق للمنتجات الزراعية في المنطقة (السيزال والقطن والسكر والكابوك وجوز الهند والفواكه والخضروات طوال فترة العصر الحديث المبكر، كانت مومباسا عقدة رئيسية في شبكات التجارة المعقدة وبعيدة المدى في المحيط الهندي. وكانت صادراتها الرئيسية آنذاك العاج والدخن والسمسم وجوز الهند.([23])
2)التجارة والصناعة
كانت مومباسا مركزًا مُهمًّا لتجارة التوابل والذهب والعاج. ووصلت روابطها التجارية إلى الهند والصين، ولا يزال المؤرخون الشفويون اليوم يتذكرون هذه الفترة من التاريخ المحلي. وطوال فترة العصر الحديث المبكر، كانت مومباسا عقدة رئيسية في شبكات التجارة المعقدة والبعيدة المدى في المحيط الهندي، وكانت صادراتها الرئيسية آنذاك العاج والدخن والسمسم وجوز الهند. وفي فترة ما قبل الحداثة، كانت مومباسا مركزًا مهمًّا لتجارة التوابل، الذهب والعاج. وفي أواخر فترة ما قبل الاستعمار (أواخر القرن التاسع عشر)، كانت المدينة عاصمة لمجتمع زراعي، ولكن قوافل العاج ظلت مصدرًا رئيسيًّا للازدهار الاقتصادي.(([24]
وتُعتبر مومباسا مركزًا اقتصاديًّا مهمًّا في كينيا. بالإضافة إلى تجارة القهوة والصناعات الغذائية والكيميائية، ويوجد مصنع للصلب ومصنع لفّ الألمنيوم ومصفاة نفط، ومصنع أسمنت. وتُعدّ المدينة موطنًا لأهم ميناء بحري في شرق إفريقيا، ميناء كيلينديني، والذي تستخدمه أيضًا الدول المجاورة تنزانيا وأوغندا لوارداتها وصادراتها.([25])
3)السياحة
تُعتبر مومباسا مركزًا للسياحة الساحلية في كينيا؛ حيث توجد العديد من الشواطئ الجميلة الجاذبة للسياحة أهمها نيالي وبامبوري وشانزو شمال المدينة. وتقع شواطئ شيلي وتيوي ودياني جنوب مومباسا.([26]) ويشتهر الساحل الشمالي لمومباسا بعروض الترفيه النابضة بالحياة على مدار الساعة، بما في ذلك الترفيه العائلي (الحدائق المائية ودور السينما والبولينج وما إلى ذلك)، والرياضات (الرياضات المائية وركوب الدراجات الجبلية وسباق الكارت)، والعروض الطهوية (المطاعم التي تُقدّم مجموعة واسعة من التخصصات من كينيا والصين واليابان والهند وإيطاليا وألمانيا ودول أخرى).
وبها مطار موي الدولي، وهو ثاني أكبر مطار في كينيا برحلات يومية إلى نيروبي وغيرها من الوجهات الكينية والأوروبية والشرق الأوسط. كما يتعامل المطار أيضًا مع كمية كبيرة من الشحن الجوي من خلال محطة الشحن الخاصة به.
4)الثقافة والفنون
في مومباسا، تنبع الدراما التاريخية من أسسها؛ حيث يملأ مزيج الثقافات العربية والبرتغالية والآسيوية والسواحيلية الشوارع، ويوحي بمظهر هياكل المدينة. اليوم تُعرف مومباسا بأنها ميناء عالمي نابض بالحياة مع مزيج مميز من الثقافات الإفريقية والهندية والعربية، مع احتضان جذورها السواحيلية القديمة.
تركت كل من القوى الاستعمارية والأجنبية بصماتها، التي لا تزال ظاهرة حتى اليوم، على مدينة مومباسا. وتوجد أول مباني مومباسا في ما يسمى بالمدينة القديمة، والتي تتميز بطابع شرقي واضح، مع شوارع واسعة ومنازل شاهقة بشرفات مزخرفة. وتبرز المساجد وأماكن العبادة المصنوعة من الحجر والخشب. تم بناء مسجد منارة، أقدم مسجد حجري في المدينة، حوالي عام 1300م. وقد زار العالم المغربي الشهير والرحالة ابن بطوطة مومباسا في 1331م في رحلاته على الساحل الشرقي لإفريقيا، وأشار إلى المدينة، على الرغم من أنه لم يمكث فيها سوى ليلة واحدة. وأشار إلى أن أهل مومباسا كانوا من المسلمين الشافعيين، وكانوا شعبًا متدينًا، جديرًا بالثقة وصالحًا، ومساجدهم مبنية بمهارة من الخشب”.([27]) ومن الجدير بالذكر أيضًا مسجد ماندري، الذي بني عام 1570م على الطراز العربي الإفريقي.([28])
وتُعدّ الموسيقى هي السمة الرئيسية لثقافة مومباسا. وتتمتع موسيقى الطرب، التي نشأت في زنجبار، بحضور محلي بارز. تشمل أنماط الموسيقى الأصلية في مومباسا موسيقى بانجو الناعمة والهادئة، وتشاكاشا السريعة، وموانزيلي التقليدية. وأصبحت موسيقى الهيب هوب والريغي والسول والبلوز والسالسا و(بين المجتمع الهندي) البانغرا شائعة بالمدينة.
أهم التقاليد والعادات والمهرجانات:
1)الأطعمة المميزة للمدينة
تعكس أنواع الأطعمة فى مومباسا امتزاج الثقافات المختلفة فى المدينة ممزوجة بالبهار وأهمها:
فيازي كاراي Viazi Karai
تُعتبر قطع البطاطس الصغيرة المقرمشة ذات النكهة اللذيذة من الأطباق المشهورة على طول ساحل السواحلي. يتم تحضيرها بسلق البطاطس (“فيازي” هي البطاطس في السواحلي)، ثم تقليبها في دقيق الحمص والتوابل قبل قليها ووضعها في طبقك – طازجة وساخنة. من الأفضل تناولها مع صلصة أو دون صلصة. وصلصة التمر الهندي هي من الأطباق الشائعة.
موغو Mogo
موغو هو الاسم المحلي للكسافا. تُزرع هذه الدرنة الجذرية على نطاق واسع في المناطق المحيطة بمومباسا، وهي من الأطعمة الأساسية في الشوارع. عادةً ما تراها مقطعة ومقلية إلى شرائح رقيقة في مقلاة مفتوحة كبيرة وعميقة، أو مشوية بالكامل بقشرتها.([29])
سمبوسا Samosa
تُصنع هذه المعجنات اللذيذة من رقائق رقيقة من العجين تُلف على شكل مثلثات حول الحشوات، ثم تُقلى في الزيت. قد تشمل حشوات السمبوسة الخضروات (خاصة البطاطس المتبلة)، أو اللحوم (الدجاج، واللحم البقري، وما إلى ذلك). غالبًا ما تُضاف الصلصات اللذيذة مثل التمر الهندي، وجوز الهند، والفلفل الحار، أو حتى مجرد عصرة بسيطة من الليمون إلى السمبوسة.
نياما تشوما Nyama choma
لقد وصف لي الناس طبّق نياما تشوما بأنه الطعام غير الرسمي في مومباسا، فهو منتشر في كل مكان، ويحبه الناس في الشوارع. يتم تتبيل هذه الأسياخ الصغيرة من قطع اللحم الصغيرة ثم شوائها في الشارع. لقد جرَّبت طبق نياما تشوما المصنوع من لحم البقر والدجاج وأحببت النكهة العميقة في اللحم. وكما هو الحال مع جميع أنواع اللحوم في الشوارع، استخدم أفضل حكم لديك. لم أعاني من مشاكل في الهضم مع أيّ من أطعمة الشوارع التي جرّبتها في مومباسا، لكن كل شخص يختلف عن الآخر.([30])
2)أشهر المهرجانات
عيد الفطر Eid Ul Fitr
يتجمع المسلمون للصلاة خلال احتفالات عيد الفطر في مومباسا، ويعتبر عيد الفطر، الذي يصادف في شهر مايو أو يونيو، حدثًا كبيرًا في التقويم السنوي؛ نظرًا لوجود 11% من المسلمين هنا. يحدث هذا الحدث التاريخي عندما يظهر القمر خلال شهر رمضان المبارك، مما يشير إلى نهاية الصيام الذي يحتفل به المسلمون من خلال المشاركة في أيام طويلة من الولائم والتواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والعائلة. بالإضافة إلى ذلك، يمارسون صلوات وشعائر التطهير المعتادة؛ إنه من بين الأعياد الأكثر دينية في كينيا.
يوم ماشوجا Mashujaa Day
يُحتفل بيوم ماشوجا، المعروف أيضًا باسم يوم الأبطال، في 20 أكتوبر كل عام. وهو عطلة وطنية في كينيا؛ تكريمًا لكل مَن ساعد في الحصول على استقلالها، واحتفاء بجميع أبطال الأمة الآخرين. قبل عام 2010م، كان يوم ماشوجا يُعرَف أيضًا باسم يوم كينياتا، وكان يُحتفَل به فقط تكريمًا لأول رئيس لكينيا، جومو كينياتا، وعدد قليل من المقاتلين من أجل الحرية.
يوم جاموري Jamhuri Day
أحد الأعياد في كينيا التي تكرم استقلال الأمة عن بريطانيا في عام 1963م، وتأسيسها كجمهورية في عام 1964م. تعني الكلمة السواحيلية “جاموري”: “جمهورية” لهذا العيد، الذي يتم الاحتفال به في 12 ديسمبر من كل عام. ويُلقي كل من رؤساء كينيا الثمانية خطابات في هذا الحدث الرئيسي. ويقدم هذا الحدث مسيرات في الشوارع ورقصات وألعاب نارية وأعيادًا وغير ذلك.
كرنفال مومباسا Mombasa Carnival
يقام كرنفال مومباسا في شهر نوفمبر ويكرم الثقافة الكينية من خلال استضافة مهرجان في مومباسا على المحيط الهندي. ويضم المهرجان مسيرة في الشارع مع عوامات تُظهر الهويات القبلية المختلفة للأمة. وستكون هناك عروض في المهرجان مِن قِبَل الموسيقيين والراقصين والفنانين والقبائل من شرق إفريقيا أيضًا. وينضمّ الفنانون من جميع أنحاء كينيا لجعل الكرنفال حدثًا مُلهمًا لإظهار الثقافة الغنية لشرق إفريقيا. ويُعدّ الكرنفال حدثًا ملونًا وحيويًّا، مع مسيرات ومواكب تضمّ عوامات وأزياء وفناني أداء. وتتحول شوارع مومباسا إلى أجواء كرنفالية مفعمة بالحيوية، مع عروض الموسيقى والرقص وبائعي الأطعمة في الشوارع والمعارض الثقافية. ومن أبرز أحداث الكرنفال سباق الداو التقليدي؛ حيث تتسابق القوارب الشراعية التقليدية عبر المحيط الهندي. ويُعدّ سباق الداو شهادة على تاريخ المدينة الطويل كمركز للتجارة البحرية.[31] ويمزج بين الثقافات الإفريقية والعربية للسكان بطريقة فريدة من نوعها.
3)أهم المعالم السياحية
مومباسا، جوهرة الساحل النابضة بالحياة في كينيا، وتشكّل مزيجًا ساحرًا من التاريخ الغني والثقافة المتنوعة والجمال الطبيعي الخلاب؛ بدءًا من شواطئها المذهلة وحدائقها الطبيعية الخصبة إلى المواقع التاريخية التي تردد حكايات التجارة والاستكشاف القديمة.
حصن يسوع Fort Jesus
أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، تم بناء هذه القلعة المهيبة مِن قِبَل البرتغاليين في أواخر القرن السادس عشر، وهو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وقد بناه البرتغاليون بين عامي 1593 و1596م. والحصن عبارة عن حصن عسكري محفوظ جيدًا – تذكير بالمعارك الكبرى في القرن السادس عشر التي شارك فيها البرتغاليون والعرب والبريطانيون والسكان المحليون. صمَّمه مهندس معماري إيطالي يُعرَف باسم كايراتي لحماية طرق التجارة الخاصة بهم على طول ساحل شرق إفريقيا، وهي تُقدّم للزوار لمحة رائعة عن الماضي. ويُوفّر موقعها الإستراتيجي إطلالات خلابة على المحيط الهندي، مما يجعلها مكانًا مثاليًّا لعشاق التصوير الفوتوغرافي.
عرض حصن يسوع البراعة المعمارية للقرن السادس عشر، وتقدم نظرة ثاقبة للتاريخ الاستعماري لمومباسا، مما يعكس صراعات وانتصارات الثقافات المختلفة التي أثرت على المنطقة.
حديقة هالر Haller Park
تُعدّ حديقة هالر موطنًا لمجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك الزرافات والحمير الوحشية وأفراس النهر، مما يوفر للزوار فرصة لمراقبة الحياة البرية في بيئة طبيعية هادئة.
محمية نجووني الطبيعية Nguuni Nature Sanctuary
وهى محمية طبيعية صغيرة في بيئة فريدة تمامًا “خارج إفريقيا”. وتسكن الأسماك والطيور البرك التي تتغذّى على مياه الأمطار. وتنتشر أشجار نخيل الدوم الكبيرة التي تعلوها بساتين الفهد في المراعي. مكان مثالي للتجمُّع مع العائلة والأصدقاء وجولات السفارى البيئية.([32])
حديقة مومباسا البحرية الوطنية Mombasa Marine National Park
تُعدّ حديقة مومباسا البحرية الوطنية وجهة مذهلة تُقدّم للزوار مزيجًا فريدًا من المغامرات تحت الماء وجمال السواحل. وتشتهر الحديقة بتنوّعها البيولوجي الغني، وهي موطن للشعاب المرجانية النابضة بالحياة، ومجموعة من الأسماك الاستوائية، والحياة البحرية الآسرة، مما يجعلها جنة للغواصين
شاطئ نيالي Nyali Beach
يعتبر شاطئ نيالي وجهة مذهلة تجسّد الجمال الطبيعي والأجواء النابضة بالحياة لساحل مومباسا. بشواطئه الرملية البيضاء الناعمة ومياهه الفيروزية الصافية، يُوفّر الشاطئ الخلفية المثالية ليوم من الاسترخاء أو المغامرة. يمكن للزوار الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الرياضات المائية، بما في ذلك الغطس والتزلج على الماء وركوب الأمواج الشراعية، أو ببساطة الاستمتاع بأشعة الشمس على الشاطئ.([33])
مدينة مومباسا القديمة Mombasa Old Town
هي وجهة آسرة تغمر الزوار في نسيج غني من التاريخ والثقافة والهندسة المعمارية. تشتهر هذه المنطقة التاريخية بشوارعها الضيقة المتعرجة المليئة بالمباني السواحيلية الملونة، وتوفّر لمحة عن تراث المدينة المتنوع المتأثر بالثقافات العربية والبرتغالية والبريطانية. أثناء استكشافك، ستُصادف أسواقًا نابضة بالحياة وحِرَفًا تقليدية ومأكولات محلية لذيذة تُغري الحواس. تشمل أبرز المعالم الميناء القديم الشهير؛ حيث لا تزال المراكب الشراعية تبحر، وقصر السلطان المهيب، الذي يعرض المنحوتات المعقدة والأهمية التاريخية.([34])
أنياب مومباسا Mombasa Tusks
أحد أكثر الهياكل الأثرية شهرةً وزيارةً في مومباسا. وقد بُنِيَ لإحياء ذِكرى زيارة خاصة قامت بها المَلكة إليزابيث في عام 1952م. ويُشار إلى الهيكل محليًّا باسم “PembeMbili” – أي نابين باللغة السواحيلية. وقد بُنِيَت الأنياب عند مدخل وسط المدينة.
خاتمة:
مدينة مومباسا هى عمق الثقافة السواحلية التى تميز بها الساحل الشرقي للقارة الإفريقية، وغدت محطة لانصهار الثقافات المختلفة، دفعها في ذلك موقعها المميز على طرق التجارة بين الهند والصين وجزيرة العرب وقلب إفريقيا، مما أعطاها عبقًا مميزًا جعلها مطمع الغزاة عبر التاريخ؛ لتصبح الآن أهم المدن والموانئ فى كينيا والساحل الشرقي الإفريقي.
………………………………….
[1] – Herman Kiriama Kisii University: Mombasa. October 2017,p620-626.
[2] -Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[3] – National Museums of Kenya, Department of Coastal Archaeology: Historical Period Stone Anchors from Mombasa, Kenya. October 2015.p.18-19
[4] -https://en.wikipedia.org/wiki/Mombasa#History
[5] – Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[6] – Herman Kiriama Kisii University: Mombasa. October 2017,p620-626.
[7] – Historic cities. Kenya. Mombasa. A melting pot of languages and cultures. November 2024
[8] – Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[9] -https://en.wikipedia.org/wiki/Mombasa#History
[10] – Herman Kiriama Kisii University: Mombasa. October 2017,p620-626.
[11] -https://journals.co.za/doi/pdf/10.10520/AJA02578301_133
[12] -F. J. Berg: The Swahili Community of Mombasa, 1500–1900. Cambridge University Press: 22 January 2009.
[13] – Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[14] – Historic cities. Kenya. Mombasa. A melting pot of languages and cultures. November 2024
[15] – Herman Kiriama Kisii University: Mombasa. October 2017,p620-626.
[16] – Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[17] – Ken Chiedozie Egu: MOMBASA, KENYA (CA. 900 A.D. 2011
[18] -https://journals.co.za/doi/pdf/10.10520/AJA02578301_133
[19] – F. J. Berg: The Swahili Community of Mombasa, 1500–1900. Cambridge University Press: 22 January 2009.
[20] – Adam Karlin: The Kenyan coast: Mombasa to the Lamu Archipelago ,10 December 2010
[21] -https://www.britannica.com/place/Mombasa
[22]– https://www.britannica.com/place/Mombasa
[23]– https://www.britannica.com/place/Mombasa
[24] – Historical Period Stone Anchors from Mombasa, Kenya: Evidence of Overseas Maritime Trade Contacts. December 2015.p19.
[25] -https://en.wikipedia.org/wiki/Mombasa#History
[26] -https://en.wikipedia.org/wiki/Mombasa#History
[27] -https://journals.co.za/doi/pdf/10.10520/AJA02578301_133
[28] – Historic cities. Kenya. Mombasa. A melting pot of languages and cultures. November 2024
[29] – https://windowseatwanderlust.com/mombasa-street-food-tour-the-best-intro-to-kenyas-coast/
[30] – https://windowseatwanderlust.com/mombasa-street-food-tour-the-best-intro-to-kenyas-coast/
[31] – https://shanzubeachfront.com/mombasa-and-lamu-festivals-and-events-a-celebration-of-kenyan-culture/
[32] – https://www.tripadvisor.com
[33]– https://www.africakenyasafaris.com/10-of-the-best-places-to-visit-in-mombasa/
[34] – https://www.africakenyasafaris.com/10-of-the-best-places-to-visit-in-mombasa/