المصدر: لو بوان أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
الأفكار العامة:
- قطعت كلّ من مالي والنيجر علاقتهما الدبلوماسية مع أوكرانيا في أعقاب هجوم تنزاواتين الذي تورطت فيه كييف.
- مخاوف عن نقل ساحة الأزمة الروسية-الأوكرانية إلى دول الساحل.
- تصريحات المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية أندريه يوسوف بدعم المتمردين بالمعلومات ضد القوات المالية.
- استدعاء خارجية السنغال سفير أوكرانيا في البلاد احتجاجًا على تغريدة له في منصات شبكات التواصل الاجتماعي.
- تأتي المواجهة الدبلوماسية في وقت يبدأ فيه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا جولة دبلوماسية إفريقية.
أعلنت مالي والنيجر قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع أوكرانيا في أعقاب هجوم تنزاواتين الذي تورَّطت فيه كييف؛ وعليه، فهل ثمة مخاوف من احتمال فتح جبهة أوكرانية جديدة في منطقة الساحل؟
في الواقع، منذ عدة أيام، كانت أوكرانيا في قلب اتهامات خطيرة؛ حيث أشارت إلى أن مالي مُنِيَتْ بهزيمة ثقيلة مِن قِبَل المتمردين الانفصاليين والمسلحين، ولحقت خسائر بالجيش المالي والقوات شبه العسكرية الروسية (مجموعة فاغنر) التي رافقتها الشهر الماضي في معركة تنزاواتين، على مقربة من الحدود الجزائرية.
وتفيد الحصيلة الرسمية بمقتل 47 جنديًّا ماليًّا، و84 من عناصر فاغنر الروسية، وهو رقم قياسي للعناصر شبه العسكرية الروسية، فلم يسبق مقتل هذا العدد منذ وصول قوات فاغنر إلى البلاد في عام 2021م.
وتأتي الاتهامات الموجَّهة إلى أوكرانيا على خلفية تصريحات المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية أندريه لوسوف، الذي ألمح، بعد معركة تنزاواتين مباشرة، إلى أن بلاده قدَّمت معلومات مفيدة للمتمردين أسهمت بشكل جذري في نجاح هجوم المتمردين ضد مجرمي الحرب الروس.
أثارت هذه التصريحات غضب السلطات المالية التي اتهمت لوسوف بـ”الاعتراف بتورط أوكرانيا في هجوم جبان وخائن وهمجي”، واتهمت كييف بـ”دعم الإرهاب الدولي”.
وفي مقطع فيديو نشره السفير الأوكراني في السنغال، يوري بيفوفاروف، على صفحته على فيسبوك -ثم حُذِف لاحقًا-، وردت فيه تصريحات المتحدث باسم الاستخبارات الأوكرانية؛ “في الواقع، كما شاهد العالم، حصل المتمردون على المعلومات اللازمة التي سمحت لهم بتنفيذ عملية ضد مجرمي الحرب الروس. بطبيعة الحال، لن نكشف عن كل التفاصيل. وهناك المزيد من المعلومات سيتم الكشف عنها لاحقًا”؛ وفقًا للتلفزيون الأوكراني.
وفي غضون ذلك، استدعت السلطات السنغالية السفير الأوكراني في السنغال؛ للحصول على توضيحات بشأن تصريحاته المثيرة للقلق.
الإخفاق في تنفيذ إستراتيجية أوكرانيا في إفريقيا:
نفى كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأوكرانية اتهامات روسيا لـ كييف بفتح “جبهة ثانية” في إفريقيا عبر دعم “مجموعات مسلحة في دول القارة المؤيدة لموسكو”، بحسب ما نقلت وكالة ريا نوفوستي عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.
وتأتي هذه المواجهة الدبلوماسية في وقتٍ بدأ فيه وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا جولة إفريقية في مالاوي وزامبيا وموريشيوس من 4 إلى 8 أغسطس الجاري، يخيم عليها مساعي كييف لتوسيع علاقاتها مع الدول الإفريقية، وهو ما تجسَّد بافتتاح عدة سفارات جديدة لأوكرانيا في القارة الإفريقية.
جدير بالذكر أنه في شهر مارس 2022م امتنعت نصف الدول الإفريقية عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الذي يدين “العدوان الروسي على أوكرانيا”.
ظلال أوكرانيا وراء معركة تينزاواتين:
في نهاية يوليو 2024م، عانى الجيش المالي وحلفاؤه الروس من إحدى أكبر نكساتهم منذ سنوات في شمال مالي؛ حيث تكبَّدوا خسائر فادحة بعد معارك ضد المتمردين الانفصاليين والمسلحين. ويرى العديد من الخبراء والمتخصصين أن هذه أكبر خسارة تتكبَّدها مجموعة فاغنر الروسية في إفريقيا في السنوات الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المواجهات الجديدة تأتي في سياق تجدُّد الأعمال العسكرية في أغسطس 2023م بين السلطة في مالي والانفصاليين في أزواد. وقد جعل المجلس العسكري بقيادة العقيد أسيمي غويتا استعادة الأراضي الوطنية من أولوياته. وبعد قطع شراكته مع فرنسا وبدء تقاربه السياسي والعسكري مع روسيا؛ دفع المجلس العسكري الجيش إلى تسريع هجومه على الانفصاليين، ممَّا مكَّن الجيش المالي، في نوفمبر 2023م، من استعادة كيدال معقل المطالبين بالاستقلال، ومثَّل هذا انتعاشًا رمزيًّا أدَّى إلى إضعاف الجماعات المسلحة في أزواد.
لكن المتمردين لم يلقوا أسلحتهم، وانتشروا في جميع أنحاء المنطقة. وعلى مقربة من تنزاواتين، خاض الجانبان قتالاً عنيفًا لم يسبق له مثيل منذ أشهر. وقد تسرَّبت عدة مقاطع فيديو، يُظهر بعضها جنودًا بيضًا بين الضحايا.
انتقادات ضد تدخُّل أوكرانيا في غرب إفريقيا:
في أعقاب هذه الأحداث؛ قررت باماكو قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كييف “بأثر فوري”. وحذت النيجر المجاورة، العضو في التحالف الجديد لدول الساحل، حذوها على الفور؛ حيث “علمت حكومة جمهورية النيجر بدهشة وسخط عميقين بالتصريحات التخريبية وغير المقبولة التي أدلى بها أندريه لوسوف، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية”.
وفي بيان بثَّه التلفزيون النيجري، ندَّد الكولونيل أمادو عبد الرحمن الناطق باسم الحكومة بأعمال عدوانية تقوم بها كييف، بالإضافة إلى دعمها للإرهاب الدولي. كما أعلن النظام النيجري “إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي للبتّ في العدوان الأوكراني”.
وانتقدت نيامي أيضًا “صمت الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي” حيال “المحاولات الخبيثة لتحويل منطقة الساحل إلى مسرح لمواجهات أيديولوجية وإستراتيجية”.
ورغم ذلك، أعربت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي انسحبت منها مالي والنيجر في يناير، عن “استنكارها الشديد وإدانتها الشديدة لأيّ تدخل أجنبي في المنطقة”. كما أدان البيان “أي محاولة لجرّ المنطقة إلى المواجهات الجيوسياسية الحالية”. هذه كلها عوامل تثير مخاوف من تصاعد التوترات في حرب النفوذ التي تشنّها روسيا وأوكرانيا في إفريقيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: