مقدمة:
تمتدّ العلاقات الإفريقية الكاريبية لقرون، فقد اقتسما معاناة الاستعمار، وتشتّت أقوامهما بفعل الرِّقّ. ويتشابهان في الوضع الاقتصادي، وفي نفس المصير.
وعلى الرغم من كلّ ذلك، تنخفض التجارة والشراكة الاقتصادية بينهما، غير أنه في السنوات الأخيرة بدأت تتفتح قنوات للتعاون، من بينها منتدى التجارة والاستثمار الإفريقي الكاريبي، والذي يهدف إلى زيادة التجارة والاستثمار، وتوطيد الشراكات، وتحديد أسواق وفرص جديدة، وتبادل المعلومات التجارية والسوقية المهمة بين إفريقيا ومنطقة الكاريبي.
وتحت عنوان “المرونة والتحوُّل: تعزيز التعاون الاقتصادي بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي في عصرٍ من عدم اليقين العالمي”، انعقدت النسخة الرابعة من المنتدى في الفترة ٢٨- 29 يوليو ٢٠٢٥م بمركز راديسون للمؤتمرات، سانت جورج، غرينادا.
تسعى المقالة إلى استعراض العلاقات الاقتصادية الإفريقية الكاريبية، والتعريف بالمنتدى، ومخرجات نُسَخه الثلاثة الأولى، ثم التركيز على نُسخته الرابعة ومجالات اهتمامها، وأهمّ مُخرجاتها، وأخيرًا استشراف العلاقات الإفريقية الكاريبية، وذلك من خلال المحاور التالية:
- أولًا: العلاقات الاقتصادية الإفريقية الكاريبية.
- ثانيًا: لمحة عامة عن المنتدى الإفريقي الكاريبي للتجارة والاستثمار (ACTIF).
- ثالثًا: النسخة الرابعة من المنتدى.. مجالات التركيز وأهم المخرجات.
- رابعًا: مستقبل العلاقات الإفريقية الكاريبية.
أولًا: العلاقات الاقتصادية الإفريقية الكاريبية
تتجذر العلاقات الكاريبية والإفريقية عميقًا عبر التاريخ، فهي تستند إلى تاريخ وثقافة مشتركة وإحساس بهوية مشتركة تشكَّلت من خلال تجارة الرقيق التي نقلت قسرًا أكثر من 10 ملايين إفريقي إلى العالم الجديد، مما أدَّى في هذه العملية إلى إنشاء مراكز كبيرة للشتات الإفريقي في منطقة البحر الكاريبي وأماكن أخرى. ألهمت التجارب التاريخية المشتركة للعبودية والاستعمار تشكيل الحركة الإفريقية الشاملة في النصف الأول من القرن العشرين بقيادة الشتات الإفريقي خارج إفريقيا.
نظَّمت هذه الفترة المبكرة حول أجندة لإنهاء الاستعمار والمساواة العرقية، وامتدت لعدة عقود، وكانت الفترة الأكثر ثراءً وحيوية وديناميكية في العلاقات الإفريقية الكاريبية مع توحيد كلتا المجموعتين حول أجندة مشتركة. واليوم، بينما تتفاعل إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي من خلال نقاط اتصال متعدّدة وفي منتديات مختلفة، يبدو أن العلاقة قد فقدت بريقها ودافعها. غير أن مستقبل تلك العلاقات مليء بالإمكانات والوعد، ولكنه يتطلب استثمارات متضافرة من الوقت والاهتمام والإرادة السياسية لتحويل العلاقة بشكل منهجي إلى قوة سياسية واجتماعية واقتصادية مناسبة للغرض ومناسبة لهذه الأوقات الحديثة.([1])
وفي السنوات الأخيرة، شهدت تلك العلاقة زخمًا متزايدًا. وفي عام 2021م، عُقدت القمة الافتتاحية للجماعة الكاريبية (CARICOM) وإفريقيا افتراضيًّا. بعث هذا الاجتماع روحًا جديدة في هذه العلاقة التاريخية؛ نظرًا لكون إفريقيا أسرع القارات نموًّا في العالم. في الواقع، يشهد اقتصاد إفريقيا إمكانات هائلة. وتشير منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية إلى أنه بحلول عام 2035م، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد دفعة قدرها 450 مليون دولار، مما ينتشل 30 مليون شخص من براثن الفقر. كما أعلن الاتحاد الإفريقي منطقة البحر الكاريبي المنطقة السادسة في إفريقيا، مُمثلًا بذلك لحظة اكتمال الدائرة.
عزّز البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير دوره في هذه الشراكة، متجاوزًا الخطاب والعاطفة. في جزر البهاما، تم تذكير الوفود بدور البنك في تأمين اللقاحات التي تشتد الحاجة إليها لإفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي، في حين كانت طلبات اللقاح الفردية من الكاريبي وإفريقيا، خلال جائحة كوفيد-19، ضئيلةً لجذب انتباه مصنّعي اللقاحات. ضمن البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير، ما يصل إلى ملياري دولار من خلال منصة الإمدادات الطبية الإفريقية لملايين الجرعات لاحتواء الجائحة في جميع أنحاء المناطق.
وفي الآونة الأخيرة، وافق مجلس إدارة البنك على تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي لتمكين الدول الأعضاء في مجموعة الكاريبي التي صادقت على اتفاقية الشراكة مع البنك، من الاستفادة من الأدوات المالية المختلفة لبنك التصدير والاستيراد لدعم القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك السياحة والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والشحن والتعدين والزراعة والأعمال الزراعية والخطوط الجوية وتربية الأحياء المائية. كما سيعمل البنك على دعم المؤسسات المالية المحلية للحصول على تمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة. وحتى الآن، وقَّع 11 عضوًا في مجموعة الكاريبي على هذه الاتفاقية، ومنذ افتتاح مكتب البنك في مجموعة الكاريبي أواخر عام 2023م، تم تقديم التمويل بموجب هذه الاتفاقية إلى سانت لوسيا وبربادوس، على سبيل المثال، لدعم إعادة تأهيل المدارس والبنية التحتية الرياضية على التوالي.([2])
ورغم جهود التكامل الإقليمي، لا تزال التجارة بينهما ضئيلة. وتُظهر بيانات مركز التجارة الدولية أن التجارة الثنائية لم تتجاوز قط 6% من إجمالي صادرات أيٍّ من المنطقتين.([3]) مما يعكس وجود إمكانات هائلة غير مستغلة.
ففي عام 2018م، بلغ إجمالي صادرات مجموعة الكاريبي إلى العالم 18.6 مليار دولار، بينما بلغ إجمالي الصادرات إلى إفريقيا 815 مليون دولار فقط. وبالتالي، لم تمثل صادرات مجموعة الكاريبي إلى إفريقيا سوى 4.4% من إجمالي صادراتها. وفي العام نفسه، بلغت واردات مجموعة الكاريبي من العالم 33 مليار دولار، وبلغت وارداتها من إفريقيا 603 ملايين دولار فقط. وبالتالي، لم تمثل إفريقيا سوى ما يقرب من 2% من إجمالي تجارة الكاريبي. بدأت هذه التجارة، التي كانت في عام 2018م قبل أن تتسبَّب جائحة كوفيد_19 في انخفاض حادّ، في الارتفاع مرة أخرى في عام 2021م، على الرغم من أنها بلغت 538 مليون دولار فقط. وتشمل أهم الصادرات إلى إفريقيا: الأمونيا اللامائية، والألومينا، وأنابيب ومواد حفر النفط، والصلصات والتوابل، ومركز عصير البرتقال المجمّد؛ حيث تُعدّ المغرب وغانا وجنوب إفريقيا من أهم المستوردين من مجموعة الكاريبي. وتشمل أهم عشر واردات من إفريقيا الغاز الطبيعي المسال، والمركبات، وكبريتات الباريوم، والبيتومين، وبذور الكزبرة، وتُعدّ نيجيريا وجنوب إفريقيا والمغرب من أهم مصادرها.([4])
ومن المتوقع أن تصل قيمة التبادل التجاري بين المنطقتين إلى 1.8 مليار دولار بحلول عام 2028م. ويُعزَى هذا النمو المحتمل إلى الدور المحوري الذي يلعبه الشركاء من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى توجيه الاستثمارات نحو قطاعات متنوعة مثل المعادن، والأغذية المصنّعة، والنقل. وربط الفرص المتاحة برأس المال والمعلومات السوقية الدقيقة يمكن أن يكون له أثر إيجابي بالغ على اقتصادات كلٍّ من إفريقيا ومنطقة الجماعة الكاريبية.([5])
كذلك من المتوقع أن تصل قيمة السوق التي تمثلها اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية إلى 6.7 تريليون دولار بحلول عام 2035م. وبلغ حجم تجارة البضائع داخل السوق المشتركة للكاريكوم 2.2 مليار دولار في عام 2018م، ومع الخطوات الحاسمة التي اتُّخِذَت مؤخرًا مثل خفض الحواجز غير الجمركية، وخاصة في قطاع الزراعة؛ تكتسب المبادرة الزراعية “25 بحلول عام 2025م” زخمًا متزايدًا. وتشجّع الاستثمار في الزراعة. كما بدأ العمل على سياسة صناعية تُكمل الخطوات الإيجابية الجارية في قطاع الزراعة. وفي مجال الخدمات، يُحقّق القطاع أداءً قويًّا، وخاصةً في قطاعات مثل السفر والسياحة والخدمات المالية.([6])
ثانيًا: لمحة عامة عن المنتدى الإفريقي الكاريبي للتجارة والاستثمار (ACTIF):
يُعدّ المنتدى الإفريقي الكاريبي للتجارة والاستثمار AfriCaribbean Trade and Investment Forum (ACTIF) منصة محورية تسعى إلى تعزيز التجارة والاستثمار والتبادل الثقافي بين قارة إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي. وقد نجح المنتدى، بالتعاون مع هيئات إقليمية بارزة مثل الجماعة الكاريبية، والاتحاد الإفريقي، ومنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، في تيسير الحوار والشراكات ووضع أُطُر عمل قابلة للتنفيذ، مما أدَّى إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين المنطقتين.
وقد انبثق المنتدى كمبادرة إستراتيجية رئيسية من القمة الأولى لرؤساء دول وحكومات الجماعة الكاريبية وإفريقيا، التي عُقدت في 7 سبتمبر 2021م. ويهدف المنتدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على المشاركة بين القطاعين الخاص والعام في كلتا المنطقتين، بهدف تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بشكل مستدام، ويُعتبر المنتدى مبادرة رائدة من أفريكسيم بنك تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية والثقافية بين قارة إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي. وبالاعتماد على النجاح الذي حقَّقته المنتديات الثلاثة السابقة، سعى المنتدى في نسخته الرابعة إلى توسيع آفاق التجارة والاستثمار المتاحة بين المنطقتين.
ومن خلال بناء شراكات إستراتيجية، وتعزيز الخدمات اللوجستية، وتوسيع نطاق الوصول إلى رأس المال، يتم ترسيخ دعائم ممر اقتصادي مَرِن عبر المحيط الأطلسي، قادر على دَفْع عجلة النمو الشامل، وخلق فرص العمل، وتحقيق التنمية المستدامة لكلا الجانبين. والمنتدى ليس مجرد فعالية للأعمال، بل هو منصة لإعادة صياغة مستقبل تلك العلاقات مرتكزًا على التضامن، والقِيَم المشتركة، والرؤية الموحدة لتحقيق الازدهار. وكان وضع حجر الأساس لمركز التجارة الإفريقي التابع لبنك أفريكسيم في بريدجتاون، بربادوس، في 27 مارس 2025م، يشكّل علامة فارقة تعكس التزام البنك الراسخ تجاه المنطقة على المدى الطويل.
وسيكون المركز بمثابة بوابة حيوية للتجارة والاستثمار بين المنطقتين، سيُوفّر مقرًّا للشركات الإفريقية في منطقة الكاريبي، وسيفتح الأبواب أمام رُوّاد الأعمال الكاريبيين للدخول إلى الأسواق الإفريقية. كما سلط المنتدى الضوء على قطاعات حيوية مثل الأعمال الزراعية، والطاقة، وتطوير البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والصناعات الإبداعية، والسياحة، والصحة، والتصنيع، والخدمات المالية. واستهدف تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية وتسهيل التجارة والاستثمار، بهدف إطلاق العنان للإمكانات الكامنة في هذه القطاعات.([7])
كما يُعدّ المنتدى حجر الزاوية في التزام بنك أفريكسيم بنك بتمكين إفريقيا العالمية، وهي إستراتيجية طويلة الأجل لإطلاق العنان لكامل إمكانات التعاون والتفاعل المتبادل بين القارة وجالياتها في الخارج. يُوفِّر هذا التجمع منصةً لتعزيز الشراكات الإستراتيجية بين الشركات في مجموعة الكاريبي وإفريقيا، مما يُعزِّز التعاون الثنائي والمشاركة في التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا والابتكار والسياحة والثقافة، وغيرها. كما يُمثّل منصةً لتعزيز فرص التجارة والاستثمار بين مجتمعات الأعمال في منطقة البحر الكاريبي وإفريقيا، وكذلك مع الجاليات في الخارج على نطاق أوسع، مما يُسهم في تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، بالإضافة إلى أجندة تنمية التجارة بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي. كما يُجسِّد التزام البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد الدؤوب بمعالجة مشكلات الماضي من خلال تسهيل ظهور ممر وسطي جديد بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي، مبني على التجارة في السلع والخدمات، والاستثمار، والفرص الاقتصادية المشتركة.([8])
وقد عُقدت النسخة الافتتاحية من المنتدى في بريدجتاون، بربادوس، في الفترة من 1 إلى 3 سبتمبر 2022م. تلتها النسخة الثانية في جورج تاون، غيانا، في الفترة من 30 إلى 31 أكتوبر 2023م. أما النسخة الثالثة، فقد عُقدت بالتزامن مع الاجتماعات السنوية الحادية والثلاثين لبنك أفريكسيم في ناسو، جزر البهاما، في الفترة من 12 إلى 14 يونيو 2024م. وقد حقَّقت نجاحًا ملحوظًا، وأسفرت عن إبرام أكثر من 15 صفقة ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تتجاوز 4 مليارات دولار.([9])
وكانت أهم نتائج النسخ الثلاثة من المنتدى: ([10])
– نسخة 2022م- عقدت في بريدجتاون، بربادوس سبتمبر 2022م:
- الموضوع: “شعب واحد، مصير واحد: توحيد وإعادة تصور مستقبلنا”.
- 1267 مندوبًا من 108 دول.
- توفير فرص عمل بقيمة تزيد عن ملياري دولار.
-نسخة 2023م- عقدت في جورجتاون، غيانا أكتوبر 2023م:
- الموضوع: “بناء مستقبل مزدهر مشترك”.
- 1398 مندوبًا من 65 دولة.
- تم إبرام صفقات تجارية واستثمارية بأكثر من 561 مليون دولار.
-نسخة 2024م عُقدت في ناساو، جزر البهاما يونيو 2024م:
- الموضوع: “ملكية مصيرنا: الازدهار الاقتصادي على منصة إفريقيا العالمية”
- حضره 3682 مندوبًا من 111 دولة.
- تم توقيع أكثر من 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تزيد عن 4 مليارات دولار.
وقد ركّز المنتدى في جولاته الثلاثة الأولى على تعزيز التجارة والاستثمار بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي؛ من خلال مبادرات تعاونية تُركّز على بناء القدرات وتبادل المعرفة، وتسهيل التجارة للقطاع الخاص، بما في ذلك الشركات متناهية الصِّغر والصغيرة والمتوسطة. وتعزيز الاستثمار المتبادل وفتح آفاق جديدة للأعمال في كلتا المنطقتين. ويستند هذا إلى العمل الذي بدأ بالفعل منذ البعثة التجارية والاستثمارية الافتتاحية التي قامت بها “كاريبي إكسبورت” إلى أكرا، غانا، ولاغوس، نيجيريا، في يونيو 2023م، على رأس وفد ضم أكثر من 30 مشاركًا من القطاعين العام والخاص في منطقة البحر الكاريبي. كما سعت تلك الجهود إلى وضع حدٌّ للأفكار المُقلقة حول الاقتصاد العالمي، وأزمة المناخ، والتحولات الجيوسياسية، وإن كان مؤقتًا. ([11])
ثالثًا: النسخة الرابعة من المنتدى… مجالات التركيز وأهم المخرجات
نُظمت النسخة الرابعة من المنتدى الإفريقي الكاريبي للتجارة والاستثمار في سانت جورج، غرينادا، يومي 28 و29 يوليو 2025م. تحت شعار: “المرونة والتحوُّل: تعزيز التعاون الاقتصادي بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي في ظل عدم اليقين العالمي”. عقد المنتدى (أفريكسيم بنك) وحكومة جرينادا، وجمع أكثر من 2100 مشارك من 80 دولة، بينهم 11 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب ممثلين عن الحكومات والقطاع الخاص وشركاء التنمية.
وقد اختتمت النسخة الرابعة أعمالها بإبرام صفقات واستثمارات تفوق قيمتها 300 مليون دولار، وإصدار بيان ختامي يعكس التزام المنطقتين بتعزيز التعاون، وتوسيع فرص التكامل، ودعم حرية تنقل الأفراد، وتحفيز الاستثمار.([12])
وقد شملت مجالات التركيز الرئيسية للبرنامج ما يلي:
- رسم خريطة لمنطقة تجارة حرة موحدة: وضع دراسة جدوى اقتصادية/تجارية لمنطقة تجارة حرة بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي.
- تعزيز مجلس الأعمال الإفريقي الكاريبي: تطوير عملياته كوسيلة لتعزيز التعاون التجاري بين القطاع الخاص.
- تحفيز الاقتصاد الإبداعي: تعزيز التفاعلات الإبداعية والثقافية المجدية تجاريًّا بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي.
- فتح المجال الجوي والمحيطي: تعزيز الروابط الجوية والبحرية بين إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي.([13])
واختُتم المنتدى بتوقيع صفقات استثمارية وتجارية تجاوزت قيمتها 300 مليون دولار أمريكي، وإصدار بيان ختامي قوي يؤكد التزام المنطقتين بتعميق التعاون. وتم الإعلان عن ثماني صفقات ومذكرات تفاهم رئيسية، شملت قطاعات البنية التحتية، والسياحة، والتحول الرقمي، وتمويل التجارة:([14])
- تقديم تسهيلات خصم مستحقات بقيمة 100 مليون دولار مع مجموعة شركات باهاماس ستريبينغ المحدودة لأعمال الطرق والبنية التحتية.
- تم توقيع اتفاقية تسهيلات مرتبطة بالمناخ بقيمة 50 مليون دولار مع حكومة سانت كيتس ونيفيس، بهدف إنشاء مرافق تعليمية وإعادة تأهيلها.
- قرض لأجل بقيمة 61.25 مليون دولار لفندق هوموود سويتس باي هيلتون بربادوس.
- تسهيلات مستحقات بقيمة 40 مليون دولار لشركة كات آيلاند للبنية التحتية المحدودة في جزر البهاما.
- اتفاقية تطوير ميناء تجاري بقيمة 40 مليون دولار بين شركة جيميني للتجارة المتكاملة للسلع المحدودة وحكومة سانت كيتس ونيفيس.
- مذكرة تفاهم مع بنك غرينادا للتنمية لتعزيز تنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة وتدفقات التجارة.
- مذكرة تفاهم للتعاون الإستراتيجي مع الاتحاد الكاريبي للاتصالات (CTU)؛ لتعزيز التحول الرقمي.
- كما تم تعيين بنك جزر البهاما المحدود وسيطًا لتمويل التجارة لدى أفريكسيم بنك، مما يُعزّز النظام المالي لدعم المعاملات عبر الحدود.
رابعًا: مستقبل العلاقات الإفريقية الكاريبية
يحمل مستقبل العلاقات الكاريبية-الإفريقية إمكاناتٍ واعدة، ولكنَّه يتطلب استثمار الوقت والجهد والإرادة السياسية لتحويل هذه العلاقة إلى علاقةٍ مُجديةٍ ومُلائمةٍ للأزمات الحالية. في كلّ تجمُّعٍ متعدّد الأطراف تشارك فيه الدول الإفريقية والكاريبية، فإنّ أعدادها الهائلة (واحدٌ وسبعون دولة) تجعلها كتلةً مُهمةً وشريكًا ائتلافيًا مؤثرًا. ويمكن للمنطقتين الاستفادة من هذا الواقع للمشاركة، على جبهاتٍ متعددة، في تشكيل مسارات مناقشة مصالحهما، بمساعدة شتاتٍ أكثر تسييسًا.
كما أن لديهما إمكانيةً لزيادة نطاق التعاون الإنمائي بينهما بشكلٍ كبير، وتعزيز آفاق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تحسين استخدام الموارد والمنتديات المتاحة للقيام بذلك، مع وضع هياكل سياسية جديدة للمشاركة من خلالها. والعلاقة الحالية، التي تتسم بلقاءات وأنشطة مجزأة بدلًا من أن تكون جزءًا من نهج أوسع لبناء علاقات منهجية، تُفضي إلى علاقة غير متينة ولا موثوقة. وعلى الرغم من أن جدول الأعمال، يبدو بعيدًا عن كونه ثابتًا، إلا أنه يتطور مع ظهور شواغل جديدة ومُلِحَّة. ولا يمكن للعلاقة أن تستمر إلا إذا كانت كلتا المنطقتين على استعداد لتقديم الاستثمارات السياسية اللازمة وغيرها.([15])
تُنبئ التجارة بين المنطقتين بإمكانيات هائلة. على الرغم من انخفاض معدل التبادل التجاري بينهما وتركزه في عدد محدود من المنتجات. ورغم انخفاض هذا الحجم التجاري، إلا أنه يُمثِّل فرصةً هامةً لتوسيع التجارة والاستثمار بين الشركاء؛ حيث تُعدّ إفريقيا موطنًا لـ60% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، ومع سورينام وغيانا، وبفضل الخدمات اللوجستية المُحسّنة، وترابط سلاسل التوريد، والاستثمارات في البنية التحتية، يُمكن للمنطقة أن تُغذّي نفسها بنفسها. وفي مجال الخدمات، بما في ذلك الأفلام والموسيقى والأزياء والفنون والأدب وفنون الطهي والرياضة، يُقود بنك الاستيراد والتصدير برامج مبتكرة للاستفادة من منصة “رابط إفريقيا الإبداعي” (CANEX) لدعم توسيع الاقتصاد الإبداعي والثقافي داخل إفريقيا ومجتمعات الشتات. ([16])
ولكن لتنمية هذا التدفق من التجارة والاستثمار، هناك حاجة إلى تعزيز وتبسيط البنية التحتية. ويشمل ذلك قنوات التوزيع والنقل الجوي والبحري. والمضي قدمًا في إبرام اتفاقية خدمات جوية متعددة الأطراف بين الدول الإفريقية والجماعة الكاريبية. باستخدام هذا المنتدى وآليات أخرى، مثل العضوية المشتركة في منظمة دول إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ (OACPS)، يمكن مواصلة تعزيز وبناء علاقات الأعمال بين الشركات من خلال شبكات من منظمات القطاع الخاص، ومنظمات دعم تطوير الأعمال، مثل وكالة “كاريبي إكسبورت”؛ الوكالة الإقليمية لترويج التجارة، كما تُتيح الاتفاقيات التجارية التفضيلية مع العديد من الجيران في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، بالإضافة إلى دول أخرى، فرصًا كبيرة للوصول إلى الأسواق للمستثمرين الذين يُنتجون في تلك الأسواق التي تُمثل وارداتها من السلع والخدمات مجتمعةً 11 تريليون دولار في الوقت الحالي. ومع منطقة التجارة الحرة الإفريقية والسوق المشتركة للأسواق الصغيرة والمتوسطة (CSME) اللتين تُمثلان منصاتٍ متينة للتعاون التجاري والاقتصادي بين المنطقتين، من المتوقع أن يُكلّل هذا المنتدى بالنجاح. ([17])
في الختام:
يُعدّ المنتدى الإفريقي الكاريبي خطوة على الطريق الصحيح لكلا المنطقتين، اللتين ترتبطان بتاريخ مشترك، ومصير واحد. فمن ناحيةٍ يُحقّق هدف تنويع الشركاء، ومن ناحية ثانية مشاركة الشتات الإفريقي في تحقيق التنمية، وثالثًا، تخلو المنطقتان من قوى عالمية تسعى لتحقيق أغراض جيوسياسية، ومِن ثَمَّ يمكن تحقيق النفع للجميع والتركيز على هدف تحقيق التنمية والتكامل بعيدًا عن الأهداف السياسية.
وأخيرًا هناك العديد من الفرص لتوسيع فرص التعاون والشراكة في مجالات عدة، والاستفادة من سوقي المنطقتين والأسواق الشريكة. ولكنْ يُلاحَظ حتى الآن استفادة منطقة الكاريبي من خلال تلك الشراكة أكثر من القارة، وهو ما يتَّضح من مخرجات النسخ الأربعة للمنتدى، والتي لم تُعْقَد أيّ منها في إفريقيا حتى الآن. تلك الشراكة التي لا يمكن أن تستمر وتنمو إلا بتحقيق النفع المتبادل.
……………………….
[1] ) Len Ishmael, Under Invested The Caribbean-African Relationship. June 27, 2019.at: https://www.policycenter.ma/publications/under-invested-caribbean-african-relationship
[2] ) Natasha Walcott, Economic Emancipation Through the Africa-Caribbean Partnership.19/6/2024.at: https://carib-export.com/blog/economic-emancipation-through-the-africa-caribbean-partnership/
[3] ) https://www.cnbcafrica.com/media/7753802636730/revisiting-the-african-relationship-with-the-caribbean/
[4] ) https://caricom.org/remarks-by-caricom-secretary-general-at-opening-first-africaribbean-trade-and-investment-forum-barbados-1-september-2022/
[5] ) https://afreximbank.africa-newsroom.com/press/afreximbank-announces-2025-africaribbean-trade-and-investment-forum-to-accelerate-trade-investment-and-economic-growth?lang=ar
[6] ) https://caricom.org/remarks-by-caricom-secretary-general-at-opening-first-africaribbean-trade-and-investment-forum-barbados-1-september-2022/
[7] ) https://afreximbank.africa-newsroom.com/press/afreximbank-announces-2025-africaribbean-trade-and-investment-forum-to-accelerate-trade-investment-and-economic-growth?lang=ar
[8] ) https://actif2025.afreximbankevents.com/programme/
[9] ) https://afreximbank.africa-newsroom.com/press/afreximbank-announces-2025-africaribbean-trade-and-investment-forum-to-accelerate-trade-investment-and-economic-growth?lang=ar
[10] ) https://actif2025.afreximbankevents.com/programme/
[11] ) Natasha Walcott, Op.cit.
[12] ) موقع اليوم السابع، منتدى الاستثمار والتجارة الإفريقي الكاريبي 2025م يسفر عن صفقات بـ300 مليون دولار، 10/8/2025. متاح على الرابط: https://www.youm7.com/story/2025/8/10/%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A-2025-%D9%8A%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%B5%D9%81%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%80300/7084903
[13] ) https://actif2025.afreximbankevents.com/programme/
[14] ) https://afreximbank.africa-newsroom.com/press/fourth-africaribbean-trade-and-investment-forum-actif-2025-closes-with-over-usd-300-million-in-deals-and-bold-commitments-to-integration-mobility-and-investment?lang=en
[15] ) Len Ishmael, Op.cit.
[16] ) Natasha Walcott, Op.cit.
[17] ) https://caricom.org/remarks-by-caricom-secretary-general-at-opening-first-africaribbean-trade-and-investment-forum-barbados-1-september-2022/
