بقلم : ستيفان بلونج (*)
ترجمة : سيدي .م. ؤيدراوغو
ارتفعت وتيرة الانتقادات تجاه عملة الفرنك سفا أو الفرنك الإفريقي (Franc CFA )، وستنعقد قمة مجموعة منطقة فرنك سيفا في 2 أكتوبر في باريس ؛ لإعادة النظر في اتفاقيات التي تربط الأربع عشرة الدولة بفرنسا وبيورو.
سيعقد وزراء الاقتصاد ومديرو بنوك منطقة فرنك سفا قمة في 2 أكتوبر في باريس ، ويتوقع منها تشكيل منطلق جديد ” لا يصدر شيء ذو بال في العادة ،وهذه المرة ، سيتطرق الوزراء الأفارقة إلى القضايا الأساسية “حسب ما ورد عن أحد الوزراء الأفارقة.
وذلك للمرة الأولى (وبعد انتقادات لاذعة التي وجها إدريس ديبي إلى عملة فرنك سفا المستخدمة من كل من مجموعة الدول الست (CMAC ) ومجموعة ثمان دولة (UEMOA). “عملة فرنك سفا تحت حماية الخزينة العامة الفرنسية رغم أنها إفريقية…ويتعين أن يكون في ملكنا ، وتضمن تلك العملة التنمية للدول التي تستخدمها “حسب تصريحات الرئيس التشادي في 21 أكتوبر بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لاستقلال البلاد.
وفيما يخص الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون النقدي بين منطقة فرنك سفا وبين فرنسا قال ” إنها تتضمن بنودا لم تعد صالحة ، ويجب إعادة النظر فيها خدمة للمصالح الإفريقية و مصالح فرنسا ؛ لأن صيغتها الحالية تؤدي بالاقتصاد الإفريقي إلى التردي “
وحسب مصدر مقرب من الإليزيه ” سيتعين على ميشال سبيان ، وزير المالية الفرنسي وضع النقاط على الحروف ، ويطالب الزعماء الأفارقة تحمل مسئولياتهم .غير أن هيلين ليغال (مستشارة فرانسوا هولند للشؤون الإفريقية ) توافق على مبدأ النقاش ولا ترى إشكالية في تناول قضية فرنك سفا للبحث “
وأفاد المصدر ذاته بأن الرئيس الفرنسي سبق أن اقترح في دكار على الدول الإفريقية إيجاد نمط إدارة ” أكثر فعالية للأرصدة والعملات ” حيث تضمن النمو الاقتصادي وتخلق فرصا للوظائف.
وهل سيتوصل وزراء المالية الأفارقة في باريس إلى اقتراحات واقعية تطور الاتفاقيات المالية التي تتكفل قابلية تحويل فرنك سفا ، والأسعار الثابتة تجاه يورو( يورو 1 يعادل 957,655 فرنك سفا).
لماذا يطفو النقاش حول هذا الموضوع على الساحة الآن ؟
اعتماد عملة فرنك سفا إلى الفرنك الفرنسي ومن ثم إلى يورو محل جدل بين إفريقيا وفرنسا: فالمؤيدون يدعمون فكرة ” امتياز الاقتصاد الكلي ” الذي يضمنه النظام لصالح الدول التي تستخدم العملة .أما الرافضون فيرون أن النظام يفرض على الدول الفقيرة عملة صعبة (يورو) شريطة إيداع 50% من احتياطاتها التحويلية في الخزينة العامة الفرنسية.
لكن بعض المتابعين يرون أن ما أدلى به الرئيس التشادي هو انتقام من موقف فرنسا لعدم دعمها لمرشحه بيدومرا كورجي إبان انتخاب الرئيس الجديد للبنك الإفريقي للتنمية ( BAD )في شهر مايو في أبيدجان. ” الأسباب أهم من ذلك بكثير …إدريس ديبي يعاني من عجز ميزاني كبير( حيث تعاني تشاد من عجز ميزاني يقدر 412 مليار فرنك سيفا2015 م) وهو في حرب على الإرهاب وفي جبهات عدة ، وتأثر اقتصاد دولته جراء هبوط أسعار النفط وينتظر الدعم المادي من (BEAC )بنك الدول الإفريقية الوسطى ” حسب قول أحد الرؤساء الأفارقة.
وزاد إعلان إدريس ديبي الطين بلة حيث كان خبراء الاقتصاد الأفارقة ينتقدون تلك السياسة ، ويعتقدون أنها صارمة على البلدان النامية.
أما بخصوص (CMAC )حيث خمس من الدول الست الأعضاء منتجة للنفط ، ومع ذلك ليست تشاد هي الوحيدة التي تعاني من الأزمة الاقتصادية حيث إن التزامات السلف في (BEAC ) هي ذاتها التي في (BCEAO البنك المركزي لدول غرب إفريقيا)، وهي امتداد لبنود اتفاقيات النقدية لخزينة العامة الفرنسية :محدودة الفعالية ويجب شطبها .
ولذا أقر البنك المركزي (BCEAO )نظاما أساسيا جديدا 2010 م يهدف إلى إبقاء نسبة التضخم على 2 % وتحث الدول الأعضاء على البحث عن رؤوس الأموال في الأسواق المالية.
وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الناجمة عن هبوط أسعار النفط على دول (CEMAC )؛ فإنها تتجه إلى برامج تنموية من خلال استثمارات عامة لتطوير البنى التحتية.
يقول كاكو نبوكبو ، وزير الاقتصاد الأسبق لتوجو ،والخبير الاقتصادي والدراسات المستقبلية ” سيتعين السماح للبنوك تمويل تلك الاستثمارات لعدم تأثيرها المباشر بخلاف الأسواق المالية التي تصل الفوائد إلى 6,5% مقارنة بمعدلات البنك المركزي 2,5% “.
ويعتبر ماريشال زي بلينغا الكامروني ، والسنغالي ديمبا موسى دامبلي من أشد المناوئين لنظام الفرنك سلفا.
وحسب أحد مسئولي (BCEAO ) ” إن من مقدور الدول جمع الموارد من الأسواق المالية ، وتلك الخطوة أكثر نزاهة ؛ لكونها تلزمها إعطاء ضمانات حسن الإدارة للمستثمرين “
و” لكن مطالبة الدول بالانضباط المبالغ يؤدي إلى نتيجة عكسية ” حسب تعقيب كاكو نوبكبو.
هل يتعين إيجاد لوحات لطبع العملة ؟
ذاك هو السؤال المحوري للنقاش.. صرح مسئول في البنك المركزي (BCEAO ). ” يطالبوننا المنتقدون بسحب الاحتياطات من (BCEAO )ومن (BEAC ) وإيداعها في خزينة العامة الفرنسية لتمويل اقتصادنا ” ، لكنه حذر قائلا :” هذا خيار سهل وقد يكون مكلفا إذ ا أسيئت الإدارة “ثم أشار إلى زيمبابوي وكونغو الديمقراطية حيث كانت التجارب فيه مختنقة ،وأودت بالاقتصاد إلى الكارثة.
تلك رؤية سودواية لم يشاطرها كاكو نونكبو حيث صرح “أنه بالإمكان البلوغ إلى مزيد من النمو الاقتصادي من خلال سياسة مالية توسعية ، بنسبة تضخم 8% بعيدا عن 2% التي يسعى إليه البنك المركزي حاليا.
وأشار كاكو نوبكبو إلى أنه “يعاد النظر إلى الاتفاقيات المالية بين دول منطقة فرنك سفا وبين الخزينة العامة الفرنسية كلما انتقد رئيس دولة هذا النظام ” .
واستنادا على معلوماتنا نجد أن منطقة (CEMAC )هي الأكثر تضررا وهي التي سعت لعقد قمة أكتوبر في باريس.
و حسب مصدر فرنسي ” سيتطرق مسئولو (CEMAC ( على بندين أو ثلاثة بنود من الاتفاقيات التعاون المالية في الجلسة المغلقة مع ميشال سابيان ، وذلك في إطار اجتماع وزراء المالية ومديرو البنوك في باريس.”.
وصرح أحد المقربين من الرئيس التشادي.: “لقد سبق تناول هذه القضية مع مسئولي خزينة المالية الفرنسية وأعددت الأجوبة .وأكد بعدم تخفيض قيمة العملة من جديد ، ورغم أن القضية انطلقت من تشاد “لكن القضية حساسة للغاية، ولا يمكن التحدث عنها إلا في الوقت المناسب”
وفي عام 1972 م حدث تعديلا في نسب الايداع فانخفضت إلى 65% بعد أن كانت فرنسا تلزم على الدول المستخدمة لفرنك سفا إيداع كل ارصدتها في الخزينة الفرنسية مقابل الحصول على قابلية التحويل وأسعار التحويل .
وبعد انتقاد إيياسمبي إيياديما على الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو . عدلت إلى 65% ثم انحدرت إلى 50%. وكان مقر كل من (BCEAO و CEMAC)في باريس ثم نقل إلى كاميرون و سنغال. ولذا أنشئ مركز غرب إفريقيا للتدريب والدراسات المصرفية ، لتأهيل كوادر إفريقيا وكذلك (BOAD بنم غرب إفريقيا للتنمية).
وحدة الاسم واختلاف العملة
وحدة الاسم (CFA ) ووحدة القيمة تجاه يورو، لكن بدلالة مغايرة: (CEMAC فرنك التعاون المالي في إفريقيا الوسطى) (UEMOA فرنك الاتحاد الاقتصادي والمالي لغرب إفريقيا) ، ومنذ عام 1993 م لا تقبل عملة منطقة في الأخرى.
يقول خبير اقتصادي من بروندى “في الواقع لا نملك عملة موحدة…المصرفان المركزيان مستقلان، ويضع كل منهما سياسته حسب أهدافه و بدأنا النقاش لإحلال قابلية التبادل بين العملتين. أما التحويل من منطقة لأخرى فممكن.. وهناك جهود للربط بين أنظمة المصرفين المركزيين . ويتوقع الحصول على اتفاق نهائي في الأشهر القادمة”.
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا