روضة علي عبد الغفار
صحفية مهتمة بالشأن الأفريقي
وسط أجواء جديدة ومفاجئة، تنقلب الأوضاع السياسية في تنزانيا، الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، بعدما شهدت منذ عدة أشهر انتخابات رئاسية وأجواء ديمقراطية أنعشت الحياة السياسية، يأتي اليوم ويختلف المشهد السياسي تمامًا..
حدث يقلب أجواء تنزانيا..
أعلنت “سامية حسن” نائبة رئيس تنزانيا، على التلفزيون الرسمي، وفاة الرئيس جون ماجوفولي عن 61 عامًا جراء مشاكل صحية قلبية، بعد أن غاب 3 أسابيع عن الحياة العامة مثيرًا تكهنات بشأن حالته الصحية، وجرت شائعات بإصابته بفيروس كورونا.
وقالت نائبة الرئيس على إحدى القنوات الرسمية الأربعاء 17 مارس 2021: “يؤسفني أن أعلن أن 17 مارس/آذار 2021 حوالي الساعة السادسة مساء، فقدنا قائدنا الشجاع الرئيس جون ماغوفولي الذي توفي متأثرًا بمرض في القلب في مستشفى مزينا بدار السلام التي كان يتلقى فيها العلاج”، مضيفة أن ترتيبات الدفن جارية، وأعلنت 14 يوما من الحداد وتنكيس الأعلام.
ووفقًا للدستور التنزاني، من المفترض أن تتولى سامية حسن (61 عاما) الرئاسة لباقي ولاية الراحل ماجوفولي البالغة 5 سنوات، والتي بدأها العام الماضي بعد أن فاز بولاية رئاسية ثانية، وستصبح بذلك أول رئيسة لدولة في شرق القارة الأفريقية.
أول امرأة نائب رئيس..
سامية حسن سولو، من مواليد 27 يناير 1960، هي سياسية تنزانية تنتمي للحزب الحاكم CCM ورئيسة تنزانيا القادمة؛ التي من المقرر أن تؤدي اليمين الدستورية بعد وفاة الرئيس جون ماجوفولي في 17 مارس 2021.
وأصبحت أول امرأة في تنزانيا تولى منصب نائب الرئيس، بعد الانتخابات العامة لعام 2015، تم انتخابها جنبًا إلى جنب مع الرئيس جون ماجوفولي، وأعيد انتخاب “سولو” و”ماغوفولي” لولاية ثانية في عام 2020.
وقبل توليها منصب نائب الرئيس، شغلت منصب عضو البرلمان عن دائرة ماكوندوتشي من عام 2010 إلى عام 2015، وكانت أيضًا وزيرة دولة في مكتب نائب الرئيس لشؤون الاتحاد. وفي عام 2014، تم انتخابها نائبة لرئيس الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة دستور البلاد الجديد. وشغلت منصب وزيرة في منطقة زنجبار شبه المستقلة في إدارة الرئيس أماني كرومي.
“سولو”.. تاريخ سياسي صاعد ولكن!
ماما سامية سولو، كما يطلق عليها شعب بيبو داي، ولدت في سلطنة زنجبار، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، ويبلغ عدد المسلمين فيها حوالي 99٪، بعد أن أكملت تعليمها الثانوي عام 1977، درست الإحصاء في معهد زنجبار للإدارة المالية، وتخرجت لاحقًا من جامعة مزومبي عام 1986 بدرجة دبلوم متقدم في الإدارة العامة.
بعد التخرج، عملت في مشروع ممول من برنامج الغذاء العالمي. بين عامي 1992 و 1994، والتحقت أيضًا بجامعة مانشستر وحصلت على دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد لعام 1994. في عام 2015، حصلت على درجة الماجستير في التنمية الاقتصادية المجتمعية من خلال برنامج مشترك بين جامعة تنزانيا المفتوحة وجامعة جنوب نيو هامبشاير.
تزوجت “سامية سولو” في عام 1978 من “حافظ أمير”، وهو ضابط زراعي متقاعد. ولديها أربعة أطفال. وابنتها “وانو حافظ أمير” عضوة في مجلس النواب في زنجبار، وقيل أنها تتبع خطى والدتها.
في عام 2000، قررت “سولو” الانضمام إلى السياسة، تم انتخابها كعضو خاص بمجلس النواب في زنجبار، وعُينت وزيرة من قبل رئيس زنجبار “أماني كرومي”. وكانت الوزيرة الوحيدة ذات الرتب العالية في مجلس الوزراء.
ويرى محللون أن “سولو” لا تحظى بشعبية كبيرة لدى مختلف الفصائل داخل الحزب الحاكم تشاما تشا مابيندوزي CCM، ووفقًا لبعض المحللين السياسيين التنزانيين، فإن أنصار ماجوفولي والقوميين المسيحيين يعارضون تنصيبها بعد جون ماجوفولي.
فلم يكن لتنزانيا أبدًا رئيس من زنجبار، التي شهدت العديد من الانتخابات المتنازع عليها في السنوات الأخيرة. ووفقًا لمراقبين فإن هذا الضعف النسبي، من الناحية السياسية، لسامية سولو، سيؤدي إلى تباطؤ عملية صنع القرار، وقد يستغرق انتقال السلطة هذا عدة أسابيع.
لكن أشارت تقارير أن “ماما سامية” تحصل على دعم مختلف من بعض الفصائل داخل الحزب الحاكم، ودعم الرئيس السابق “جاكايا كيكويتي”، ودعم خاص من الجاليات المسلمة.
وعن تسليم السلطة بسلمية، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة دار السلام- تنزانيا، محي الدين شانغوي لـ “قراءات أفريقية”، أن الوضع مضطرب بعد وفاة الرئيس، لكن لا يتوقع مشاكل كبيرة في تسليم السُلطة، لأن المؤسسة في تنزانيا محل ثقة، والدستور وضع طريقة بسيطة لانتقال السُلطة.
وأردف “شانغوي”: بالرغم من ذلك يجب أن نكون حذرين، فعندما يتعلق الأمر بالسياسة؛ في بعض الأحيان يرغب الناس في التلاعب بالدستور أو المناورة به؛ لتحقيق أهداف سياسية معينة، لكن بشكل عام أتوقع انتقالًا سلسًا للسلطة.
أول رئيسة امرأة..!
تتردد الأسئلة عما إذا كانت “سامية سولو” جديرة بذلك المنصب الضخم، كأول امرأة تعتلي الرئاسة في المنطقة، يقول “شانغوي” لـ “قراءات أفريقية”: أصبحت سامية أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في دولتنا الأفريقية، وأعتقد أنه من الإيجابي أن يكون لدينا أول رئيسة في المنطقة، بالطبع هذا في ظل ظروف مختلفة، أعني ظروف تنصيبها بعد وفاة الرئيس، وليس فوزها بتصويت انتخابي.
وأضاف “شانغوي”: أن الأمر إيجابي بمعنى أن الرئيس امرأة، وأعتقد أن هذا يكمل المبادرات التي تشجع الفتيات على الذهاب إلى المدرسة، وتشجيع النساء على أن يصبحن قائدات، ولذا فإن “سولو” ضخمة بهذا المعنى، بغض النظر عن ظروف وصولها إلى المنصب.
وبالحديث عن التحديات التي ربما ستواجهها “سولو”، هي توليها بعد ماجوفولي الذي ابتكر صورة الرجل القوي بالمعنى الحرفي والمجازي، فقد كان يقوم بتمارين الضغط علنًا، وتصريحاته شديدة اللهجة للدفاع عن موقفه؛ خلقت هذه الصور الذكورية.
فيقول “شانغوي”: نعم لدينا صورة لرئيس رجل قوي والآن نقول أن “سامية” هي رئيسة امرأة، وبالتالي سامية يجب أن تواجه هذا الواقع. وأشار أن تنزانيا في السنوات الأخيرة دولة منقسمة سياسيًا، وهذا هو إرث الرئيس ماجوفولي، من حيث سياساته وتصريحاته وأفعاله التي اتخذها.
وختامًا في هذه الواقع السياسي الساخن، وفاة الرئيس منسوبة لفيروس كورونا الذي انتشر بشدة في البلاد، والرئيس القادم امرأة مسلمة الأولى في تنزانيا ومنطقة شرق أفريقيا، ومعارضون متربصون وحلفاء مستاءون، فما مصير تنزانيا في ظل القيادة الجديدة..؟!