في يوم الثلاثاء الموافق 2 نوفمبر 2021م اندلعت موجة من الاحتجاجات الشعبية في دولة مالاوي, على خلفية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي تشهدها البلاد, وطالَب المحتجون باستقالة الرئيس لازاروس تشاكويرا, ونائب الرئيس ساولوس تشيليما, ورئيسة الجمعية الوطنية كاثرين جوتاني هارا, بل وزعيم المعارضة في البرلمان كوندواني ننكهوموا؛ وذلك بسبب عجزهم عن تحقيق الوعود الانتخابية التي كان قد وعد بها تحالف “تونسي” الحاكم أثناء حملته الانتخابية, والذي بدأ يخسر رصيده في نفوس المواطنين.
وقد قاد الاحتجاجات المعارضُ ستيف شيموازا المتحدث باسم جمعية “سفراء حقوق الإنسان”، التي نظَّمت الاحتجاجات في العاصمة التجارية لمالاوي “بلانتير”.
ومن خلال هذه المقالة سوف نلقي الضوء على أسباب وتداعيات الاحتجاجات الشعبية في مالاوي من خلال المحاور التالية:
المحور الأول:
أسباب الاحتجاجات الشعبية في مالاوي
تنقسم أسباب الاحتجاجات الشعبية في مالاوي إلى أسباب سياسية, واقتصادية, واجتماعية, وصحية, ويمكن عرض تلك الأسباب فيما يلي:
أولاً: الأسباب السياسية:
1- عجز تحالف “تونسي” الذي يتولَّى حُكم البلاد عن تحقيق وعوده الانتخابية:
في 3 فبراير 2020م أعلنت المحكمة الدستورية في مالاوي إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 21 مايو 2019م؛ بسبب وجود أدلة على مخالفات تشوب نزاهة العملية الانتخابية, وأمرت بإجراء انتخابات رئاسية جديدة في غضون 150 يومًا, وقد تنافس في هذه الانتخابات الملغية 7 مرشحين، على رأسهم الرئيس السابق بيتر موثاريكا, والذي كان قد أُعلن عن فوزه في تلك الانتخابات الملغية, والقس المعارض لازاروس تشاكويرا, والذي ترشَّح للانتخابات الرئاسية من قبل في 2014م, وساولوس شيليما نائب الرئيس السابق بيتر موثاريكا خلال الفترة من مايو 2014م, حتى مايو 2019م قبل أن يتحوَّل إلى المعارضة.
وبعد قرار المحكمة بإلغاء نتائج الانتخابات؛ تكوَّن تحالف من 9 أحزاب معارضة في 12 مايو 2020م أطلق عليه تحالف تونسي (Tonse Alliance)، وهذا التحالف يدعم ترشح لازاروس تشاكويرا رئيس حزب المؤتمر الملاوي (MCP) كمرشح لمنصب الرئيس, وساولوس شيليما رئيس حزب حركة التحول المتحدة (UTM) كمرشح لمنصب نائب الرئيس, وسعى هذا التحالف المعارض إلى هزيمة الرئيس السابق بيتر موثاريكا رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي DPP)) في الانتخابات.
وفي 23 يونيو 2020م أجريت الانتخابات الرئاسية من جديد في مالاوي، وقد تنافس فيها ثلاثة مرشحين وهم: بيتر موثاريكا الرئيس السابق, ولازاروس تشاكويرا, وبيتر كواني. وقد استطاع تحالف “تونسي” الفوز في الانتخابات الرئاسية؛ حيث حصل مرشحو التحالف لازاروس تشاكويرا, وساولوس شيليما على 59.34% من الأصوات في الجولة الأولى, وهو ما يعني رحيل نظام الرئيس بيتر موثاريكا.
وقد كانت ردود فعل الجماهير إيجابية للغاية؛ حيث سادت حالة من السرور الشعبي بتلك النتائج, متطلعين إلى قيام تحالف “تونسي” الذي تولى حكم البلاد بتنفيذ الوعود الانتخابية التي وعَد بها أثناء حملته الانتخابية والتي تتمثل في (تطوير البنية التحتية، سيادة القانون، مكافحة الفساد، إزالة العشوائيات، إنهاء المحسوبية، تعزيز التوظيف على أساس الجدارة في الحكومة، الحد من السلطات الرئاسية، القضاء على الفقر والجوع، وخلق مليون فرصة عمل خلال العام الأول), غير أنه بعد مرور عام على تولّي التحالف للسلطة لم يستطع تحقيق وعوده, بل ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءًا, وهو ما دفَع الجماهير إلى التظاهر والاحتجاج ضد تحالف “تونسي”.([1])
2- تفشي المحسوبية في حكومة تحالف “تونسي”:
من بين الانتقادات التي وُجِّهت لنظام الرئيس السابق بيتر موثاريكا: تفشّي المحسوبية, وتعيين أقاربه في مناصب حكومية كبيرة, ولذلك كان هناك سخط شعبي على النظام بسبب الإخلال بقواعد العدالة الاجتماعية في البلاد, وبعد تولي لازاروس تشاكويرا رئاسة البلاد قام بعدد من التعينات الحكومية التي جعلته محل انتقاد شعبي كبير؛ حيث قام بتعيين أفراد من الأسر التي يرتبط ببعضها -وهم بمثابة المقربين منه- في الحكومة، والذين وصل عددهم إلى 6 وزراء من بين 31 وزيرًا، كما قام بتعيين محمد صديق ميا, وزيرًا للنقل والأشغال العامة, والذي كان مرشحًا لمنصب نائب الرئيس في انتخابات 2019م بصحبة لازاروس تشاكويرا, وقد ظل في المنصب حتى وفاته في يناير 2021م، كما تم تعيين زوجته عبيدة ميا نائبة لوزير الأراضي, كما قام الرئيس تشاكويرا بتعيين صهره شون كامبونديني كمساعد تنفيذي له ومدير للاتصالات, وغيرها من التعيينات التي كانت محلاً للانتقاد الشعبي.
كما أن أكثر من 70% من الوزراء تم اختيارهم من المنطقة الوسطى في مالاوي المعقل الانتخابي للرئيس تشاكويرا، من بينهم 9 وزراء من مدينة ليلونجوي عاصمة البلاد, والتي ينحدر منها الرئيس, وهو ما يختلف عن مواقفه السابقة التي انتقد فيها الرئيس السابق بيتر موثاريكا بسبب تعيينه مجموعة من الأشخاص من منطقة واحدة. وبالإضافة لما سبق فقد وُجِّهت انتقادات للرئيس بسبب ادعاء قيامه بتعيين ابنته فيوليت تشاكويرا في منصب دبلوماسي؛ حيث قيل: إنه قام بتعيينها سكرتيرة دبلوماسية في بروكسل والاتحاد الأوروبي، رغم أن ابنته غير مؤهَّلة لتلك الوظيفة لحصولها على شهادة من مؤسسة غير معتمدة, وقد نفى الرئيس تشاكويرا تلك الادعاءات واصفًا إياها بغير الصحيحة.([2])
3- ارتفاع معدلات الفساد في البلاد:
رغم ما وعد به تحالف “تونسي” من مكافحة الفساد المتفشّي في مالاوي؛ فقد تورطت حكومة تحالف “تونسي” في فضيحة فساد بعد توليها السلطة ببضعة أشهر؛ حيث كشف تقرير المراجعة أن حوالي 7.95 مليون دولار أمريكي مخصصة لمكافحة جائحة كورونا, قد تم إدارتها بشكل سيئ مِن قِبَل المسؤولين الحكوميين, حيث استولوا على مبالغ ضخمة من تلك الأموال بغير حقّ, كما أن الرئيس تشاكويرا رفض التعاون مع أيّ شخص لإجراء مراجعة ثانية للكشف عن كيفية إدارة مبلغ يقدّر بـ21.3 مليون دولار أمريكي كان مخصصًا أيضًا لمكافحة فيروس كورونا, كما أن القس نيك تشاكويرا نجل الرئيس كان من بين الأسماء التي وردت في قضية نهب أموال مكافحة فيروس كورونا؛ حيث قال القس مارتن ماينجا بعدما تم القبض عليه, بأن القس نيك تشاكويرا, ووزيرة الصحة جزء من الصفقة، ويجب القبض عليهما مثله, غير أن ابن الرئيس طعن في تلك الاتهامات وبرَّأته المحكمة، وطالبت الصحفي الذي شهَّر به بالاعتذار له، وبالفعل قام بالاعتذار.([3])
كما أن وزير العمل كين كانودو اتُّهِمَ بسوء إدارة أموال مكافحة فيروس كورونا في أبريل 2021م، كما تعرَّض نفس الوزير لفضيحة في فبراير 2021م؛ حيث تعرَّض للخداع مِن قِبَل اثنين من السحرة من نيجيريا والكونغو والذين أوهموه بأنهم سيقومون بمضاعفة الأموال له, فقام الوزير بأخذ مبلغ يقدر بنحو 25 مليون كواشا، استلفها من سيدة أعمال معروفة، ووعدها بإرجاع المبلغ في غضون يومين بفائدة 50%, وأعطاها للسحرة الذين وعدوه بمضاعفة المبلغ بنسبة 100%، وتحويل الأوراق النقدية إلى الدولار بدلاً من الكواشا العملة المحلية لمالاوي، وعندما تأخر الوزير في تسديد المال لسيدة الأعمال ذهبت إليه وأطلعها على قصة السحرة، لكنها لم تهتم وطلبت المبلغ الذي سلمته له مع الفائدة, وعندما عجز السحرة عن تحويل الأموال, قامت بإبلاغ الشرطة, وتم القبض على السحرة.([4])
وعمليات الفساد هذه تعود بالسلب على تحالف “تونسي” الحاكم أمام الرأي العام الذي يرى أن الأوضاع لم تتغير حتى الآن، كما أن منظمة الشفافية الدولية صنَّفت مالاوي في المرتبة 129 من بين 180 دولة في مؤشر فساد القطاع العام في تقرير 2020م، كما سجلت مالاوي في المرتبة 30 من أصل 100 نقطة على مؤشر مدركات الفساد العالمي.
4- غياب عدالة توزيع السلطة والثروة:
نظرا لأنه لا يوجد فصل بين السلطات بين كل من الحكومة والحزب السياسي الحاكم؛ فإن الحزب الذي يتولى السلطة يسعى لتوزيع الثروة الحكومية على المقربين منه في الحزب، وفي حالة تحالف “تونسي” فإن هناك 9 أحزاب معارضة شكَّلوا هذا التحالف, وقد كان الهدف الذي يجمعهم هو هزيمة الرئيس السابق بيتر موثاريكا, وبعد هزيمته وتولّي التحالف السلطة فإن أحزاب التحالف تسعى إلى الحصول على تحقيق مصالحها الشخصية, والحصول على المناصب السياسية, والمغانم الاقتصادية, دون النظر إلى تحقيق الصالح العام أو المصالح الشعبية. كما أنه في حالة ارتكاب مخالفات مالية مِن قِبَل أعضاء الحزب الحاكم يصعب معاقبة هؤلاء المخالفين، ويتم حمايتهم, وهو ما يفسح المجال لغياب عدالة التوزيع واتساع الفجوة بين أفراد المجتمع، مما يسبِّب الشعور بالظلم الاجتماعي.([5])
5- استمرار انتهاك الحقوق والحريات في البلاد:
من بين الوعود التي وعد بها تحالف “تونسي” أثناء حملته الانتخابية القيام باحترام حقوق الإنسان في مالاوي، ورغم تلك الوعود كان أداء الحكومة سيئًا فيما يخص قضايا حقوق الإنسان؛ حيث استمرت عمليات اعتقال الأشخاص المعارضين لمجرد نقدهم الحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وفيما يتعلق بالحريات فقد حاولت الحكومة منع الحق في الاحتجاج, كما هددت الحكومة نقابة المعلمين التي قامت بإضراب في أبريل الماضي, بوقف بدلات كوفيد-19, المخصصة للمعلمين, كما قامت بتقديم مشروع قانون إلى البرلمان يَحُدّ من عدد الأيام التي يمكن للعمال أن يعقدوا فيها إضرابًا إلى ثلاثة أيام, كما يُخوّل مشروع القانون أصحاب العمل وقف رواتب الموظفين المضربين عن العمل.([6])
6- عدم تقليص السلطات المخصصة للرئيس:
من بين الوعود التي كان وعد بها الرئيس تشاكويرا أثناء الحملة الانتخابية تقليص بعض السلطات الرئاسية الممنوحة له وذلك خلال العام الأول من حكمه, غير أنه لم يقم باتخاذ أي إجراءات لتنفيذ ذلك الأمر, بل قام بتولّي وزارة الدفاع بجانب رئاسة البلاد, كما أنه كان وعد بتقليص دور الرئيس فيما يخص الجامعات من خلال السماح لها بتعيين مستشارين, لكن خلال عامه الرئاسي الأول تم تعيينه مستشارًا للعديد من الجامعات الحكومية, وترأس عددًا من حفلات التخرج. كما كان قد وعد كذلك بتقليل موكب الرئاسة، لكنه أثناء قيامه بأحد الزيارات بلغ موكبه نحو 45 شخصًا وهو ما يعني عدم تنفيذ وعوده الانتخابية.([7])
ثانيًا: الأسباب الاقتصادية:
1- انخفاض قيمة العملة في مالاوي:
حيث انخفضت قيمة العملة المحلية في مالاوي (كواشا) أمام الدولار الأمريكي بنسبة تصل إلى 4.52%، كما تتضاءل احتياطات النقد الأجنبي في البلاد, وهو ما أدَّى إلى ارتفاع أسعار السِّلع المختلفة، وخاصة المستوردة أو التي يتم استيراد المواد الخام الخاصة بها من الخارج, كما أن معدلات العجز التجاري قد اتسعت كذلك في مالاوي, بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم, كما ارتفعت معدلات الدَّيْن الخارجي في البلاد؛ حيث بلغت ديون مالاوي نحو 6 مليارات دولار, بالإضافة إلى كون مالاوي تُصنَّف كخامس أفقر دولة في العالم، وهو ما يعود بالسلب على الأوضاع الاقتصادية للسكان في البلاد([8]).
2- ارتفاع أسعار الوقود:
حيث قامت هيئة تنظيم الطاقة في مالاوي (MERA) برفع أسعار الوقود في البلاد بنسبة تصل إلى 22.8%، وأعلنت هيئة تنظيم الطاقة أن الأسعار الجديدة ستكون سارية من منتصف ليل 10 أكتوبر 2021م، وفي حديثه للصحافة قال الرئيس التنفيذي للهيئة: إن سبب ارتفاع أسعار الوقود جاء لزيادة أسعار الوقود العالمية, وانخفاض قيمة العملة المحلية لمالاوي (كواشا), كما أضاف أن المنتجات البترولية منتجات مستوردة يتم شراؤها بالدولار، ولذا أصبح من الضروري رفع أسعار الوقود.
وقد دعت مجموعات حقوق المستهلك في مالاوي الحكومة إلى التراجع عن قرار زيادة رفع أسعار الوقود أو تخفيض تلك الزيادة؛ حيث إن المواطن العادي لا يستطيع تحمُّل تلك الزيادة مرة واحدة، كما أنها جاءت في الوقت الخطأ؛ حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية والخدمات نتيجة لرفع أسعار الوقود في وقت يكافح المواطن العادي من أجل تغطية نفقاته, فلا يستطيع تحمُّل نفقات شراء زيت الطعام وأجرة النقل, بل حتى تكاليف خدمة مياه الشرب والكهرباء, وإلى جانب ذلك فقد أعلنت الحكومة عن رفع رسوم مرور السيارات عبر بوابات المرور, وهو ما جعل سائقي السيارات يرفضون ذلك الأمر؛ نظرًا لارتفاع هذه الرسوم.([9])
3- ارتفاع أسعار خدمات الهاتف المحمول والإنترنت:
في 22 أبريل 2021م ارتفعت رسوم خدمة اتصالات الهاتف المحمول, وخدمات الإنترنت؛ حيث تعد مالاوي خامس أغلى دولة في العالم في تقديم خدمة الهاتف المحمول والإنترنت، كما يعد الوصول إلى الإنترنت شيئًا من الرفاهية في مالاوي, وقد نزل مئات المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجًا على ارتفاع رسوم الهاتف المحمول وخدمة الإنترنت، كما وصف سيلفستر ناميوا المدير التنفيذي لمركز مبادرات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية (CDEDI)، وهو منظمة غير حكومية معارضة في مالاوي، أن الرسوم الجديدة باهظة وتُعد عقابًا للفقراء، ولذلك أعلن عن إطلاق حملة لتحرير شعب مالاوي من العبودية الاقتصادية المفروضة عليهم منذ عقود، كما ألقى باللوم على الحكومة التي تتجاهل الفقراء وتُدْخِل نظمًا ضريبية تؤدي إلى رفع السلع والخدمات الأساسية.([10])
4- ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية:
ارتفعت كذلك أسعار الأسمدة الزراعية خلال شهر أغسطس 2021م زيادةً حادةً؛ حيث وصلت الأسعار ما بين 35 ألف إلى 40 ألف كواشا لكل كيس أسمدة يبلغ وزنه 50 كيلو جرام, وهو ما يعني أن الأسعار ارتفعت بنسبة 70% مقارنة بالعام الماضي.
وقد أرجع الرئيس التنفيذي لاتحاد الأسمدة في مالاوي زيادة الأسعار بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للأسمدة, وزيادة الطلب عليها, وقد اشتكى المزارعون من هذا الارتفاع الشديد في الأسعار، والذي سيؤثر عليهم وعلى القطاع الزراعي وعلى الأمن الغذائي في البلاد بالسلب, والتي يعتمد اقتصادها على الزراعة بنسبة كبيرة.
وقد وصف المزارعون مسألة رفع أسعار الأسمدة بأنها أمر غير معقول، وتُمثِّل حكمًا بالإعدام على صغار المزارعين, ولا يستطيع المزارعون العاديون في القرى الحصول عليها, كما قال البعض: إن الشعب سيواجه الجوع العام المقبل بسبب تراجع المزارعين عن شراء الأسمدة، وهو ما سيقلل الإنتاج الزراعي في نهاية المحصول، كما أشار عدد من الخبراء إلى أن مالاوي ستواجه أزمة أمن غذائي خطيرة العام المقبل إذا لم تتحرك الحكومة لاتخاذ قرار فعَّال لتوزيع الأسمدة على المزارعين.([11])
ثالثًا: الأسباب الاجتماعية:
1- ارتفاع تكاليف المعيشة في مالاوي:
حيث سادت حالة من الإحباط لدى الجماهير نتيجة للارتفاع الهائل في أسعار السلع والخدمات الأساسية, وهو ما دفع المئات إلى الاحتجاج؛ حيث عبروا عن استيائهم من غلاء الأسعار, كما قال البعض: إنهم أصبحوا عاجزين عن شراء زيت الطعام بعد فرض ضريبة عليه تبلغ 16.5%, بل حتى شراء أدوات التنظيف كالصابون أصبح الحصول عليه يمثل مشكلة بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور، كما اتهمت جمعية “سفراء حقوق الإنسان” التي شاركت في الاحتجاجات الرئيس لازاروس تشاكويرا بالفشل في الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه خلال فترة الحملة الانتخابية العام الماضي, كما أن الرئيس قد أخبر الشعب خلال فترة حملته الانتخابية باللغة العامية أنه إذا لم يستطع توفير احتياجات المواطنين خلال عامين فسوف يستقيل من منصبه.([12])
2- ارتفاع معدلات البطالة وفشل الحكومة في تحقيق وعد المليون وظيفة:
ترتفع معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب, وقد ازدادت الأوضاع سوءًا بعد تفشّي جائحة كورونا, وقد عجزت حكومة الرئيس لازاروس تشاكويرا عن تحقيق وعوده الانتخابية التي قال فيها بأنه سيوفّر مليون وظيفة, وحتى هذا الوقت لم تنجح الحكومة في تحقيق تلك الوعود. كما كان وعد أيضًا بتخفيض رسوم جوازات السفر, ورُخَص القيادة, من أجل توفير فرص عمل للمواطنين لكن الحكومة لم تَفِ بتلك الوعود.
3- عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في موعدها:
تتأخر الحكومة في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في موعدها, وهو ما يسبِّب لهم معاناة بسبب تأخرهم في دفع إيجارات المنازل التي يعيشون فيها, وكذلك لا يستطيعون دفع رسوم خدمات المياه والكهرباء والمدارس في موعدها, وقد قام زعيم المعارضة في البرلمان كوندواني نانخوموا بكتابة رسالة في 1 سبتمبر 2021م إلى رئيس الدولة يطالبه فيها بالتدخل لحل مسألة تأخر رواتب موظفي الخدمة المدنية في البلاد، كما أشار أيضًا زعيم المعارضة إلى أن أعضاء البرلمان كذلك لم يتلقوا رواتبهم ومخصصاتهم المالية في الوقت المحدد لهم, وفي نهاية رسالته للرئيس طالبه بحل طويل الأجل لتلك المسألة المتكررة.([13])
4- ارتفاع رسوم الجامعات والمدارس:
أعلنت الحكومة في يناير 2021م عن رفع رسوم الكليات التقنية, ورسوم مراكز تنمية المهارات المجتمعية, كما أن رسوم جميع الخدمات المتعلقة بتلك الكليات قد ارتفعت كذلك, وهو ما جعل المدير التنفيذي لبرنامج تمكين الشباب يعلّق على ذلك قائلاً: إن الرسوم تم رفعها في الوقت الخطأ؛ لأن معظم الأُسَر تُواجه صعوبات اقتصادية بسبب جائحة كورونا. كما أن كثيرًا من الأهالي يعانون كذلك من عدم قدرتهم على دفع الرسوم المدرسية لطلاب المدارس, وهو ما قد يتسبب في رفع معدلات التسرب من التعليم.([14])
5- ارتفاع معدلات الاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي في البلاد:
نظرا لسوء الأوضاع الاقتصادية في مالاوي فقد لجأت نسبة من الفتيات للعمل في الدعارة للحصول على المال لتلبية احتياجاتهم الشخصية, كما أن معدلات الاتجار في النساء بهدف الاستغلال الجنسي مرتفعة في مالاوي؛ حيث أشارت منظمة إنقاذ الفتيات المعرضات للخطر (PSGR) إلى أنها تعاملت مع أكثر من 600 حالة اتجار بالجنس في مالاوي في عام 2020م، وأن السجلات تظهر أن هذا العدد تضاعف ثلاثة مرات خلال هذا العام، كما أن معظم الضحايا من عائلات فقيرة بدافع الحصول على المال.([15])
رابعًا: الأسباب الصحية:
1- سوء وضع القطاع الصحي في مالاوي:
يعاني القطاع الصحي في البلاد من انهيار المرافق المجهزة؛ نتيجة لقيام المسؤولين بالاستيلاء على الأموال العامة المخصصة للقطاع الصحي, وهو ما ينتج عنه موت العديد من النساء والأطفال المصابين بأمراض عادية يمكن علاجها, وخاصة في الريف, لكن بسبب غياب البنية التحتية المجهزة, والأجهزة الطبية اللازمة فإنهم يُحْرَمُون من حقهم في الحياة، ومن حق الرعاية الصحية الجيدة.
2- نهب الأموال المخصصة لمكافحة فيروس كورونا:
كما أسلفنا فإن الأموال المخصصة لمكافحة فيروس كورونا تم اختلاس قدر كبير منها مِن قِبَل المسؤولين في البلاد، غير مكترثين بحياة الفقراء، وهو ما أدَّى إلى حالة من السخط الاجتماعي ضد الحكومة.
3- تفشي مرض الجرب في “بلانتير” العاصمة التجارية لمالاوي:
حيث أعلنت السلطات الصحية في تاريخ 31 أكتوبر 2021م أن مرض الجرب قد أصاب نحو 309 أشخاص في العاصمة التجارية لمالاوي؛ حيث بدأ انتشار المرض من شهر يونيو، لكن الحالات تزايدت وهو ما سبَّب حالة من القلق لدى السكان, خاصةً مع انتشار أحاديث أن المرض أكثر انتشارًا في القرى, وقد أعلنت المتحدثة باسم مكتب الصحة في المنطقة أن الجهود جارية لوقف تفشّي المرض.([16])
4- عودة ظهور مرض الجذام في بعض المناطق في البلاد:
أعلنت السلطات الصحية في مطلع نوفمبر 2021م أنها سجَّلت نحو 150 حالة إصابة بمرض الجذام المعدي خلال الأشهر الماضية في عدد من المناطق في البلاد، من بينها منطقة مشينجي, وقد قالت السلطات الصحية: إنها تعمل على القضاء على الجذام والسل في البلاد بحلول 2030م.
المحور الثاني:
تداعيات الاحتجاجات الشعبية في مالاوي
كان للاحتجاجات الشعبية في مالاوي مجموعة من التداعيات على مستوى الحكومة، وعلى مستوى المعارضة والتي يمكن عرضها فيما يلي:
أولاً: التداعيات على مستوى الحكومة:
في ظل تصاعد الاحتجاجات في البلاد من حينٍ لآخر ضد تحالف “تونسي” الحاكم؛ فقد قام الرئيس لازاروس تشاكويرا وحكومته باتخاذ مجموعة من القرارات والسياسات التي سعت إلى امتصاص الغضب الشعبي واحتواء تلك الاحتجاجات, ويمكن عرض أبرز التداعيات على المستوى الحكومي فيما يلي:
1- قيام الرئيس بإلقاء عدد من الخطابات والتصريحات الشعبية:
حيث قام الرئيس لازاروس تشاكويرا بإلقاء أكثر من خطاب وتصريح في أكثر من مناسبة, موجهًا حديثه إلى أبناء شعب مالاوي، واعدًا إياهم بالعمل على تحقيق مطالبهم, كما أعلن أن هناك صعوبات كثيرة تحول بينه وبين تحقيق كل الوعود في وقت واحد, كما أعلن أنه من غير الواقعي أن ينفّذ تلك الوعود خلال عام واحد. كما طلب المتحدث باسم الحكومة، إنجيل كازاكو، من عامة الناس التحلّي بالصبر مع إدارة الرئيس تشاكويرا، مضيفًا بأنه لا يمكن أن يحدث كل ما وعدوا به بين عشية وضحاها.
2-إلقاء اللوم على جائحة فيروس كورونا:
حيث ردد كثير من المسؤولين في الحكومة بأن التداعيات السلبية لجائحة كورونا كانت هي السبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد, وأن حالة الغلاء التي تفشت في البلاد كانت ناجمة عن تداعيات الجائحة وتغير الأسعار الدولية, وهي أمور خارجة عن إرادة الحكومة الحالية.
3- محاولة الحكومة منع الاحتجاجات أو احتوائها في أسوأ الظروف:
حيث قامت الحكومة برفض إعطاء تصاريح أمنية للمحتجين, كما هددت المعلمين المضربين عن العمل بعددٍ من العقوبات, وفي حالة عدم قدرة الحكومة على منع الاحتجاجات فإنها تُرسل قوات الأمن بشكل مكثَّف في مناطق الاحتجاجات للسيطرة عليها؛ خوفًا من خروجها عن السيطرة.
4- استلام السلطات التماسات المحتجين:
حيث قامت السلطات في أكثر من احتجاج باستلام التماسات المحتجين, واعدةً إياهم بتقديمها إلى الحكومة للرد عليها، وهذا الأمر قد حدث في الاحتجاجات الأخيرة التي تمت في مدينة بلانتير العاصمة التجارية للبلاد.
5- قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من الإجراءات لمكافحة الفساد:
حيث إن الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات لمكافحة عمليات الفساد المتفشية في البلاد، من بينها: قيام الرئيس في أبريل 2021م بعزل وزير العمل كين كانودو, بصحبة 14 مسؤولاً آخر, على خلفية اختلاس الأموال المخصصة لمكافحة فيروس كورونا، وكذلك ألقى مكتب مكافحة الفساد القبض على وزير الطاقة نيوتن كمبالا, واثنين من مستشاري الرئاسة, وذلك على خلفية اتهامهم بالفساد في عقد نفط حكومي وذلك في أغسطس الماضي, وهؤلاء الأشخاص ينتمون إلى تحالف “تونسي” الحاكم, وهو ما يشير إلى جدية الرئيس في مكافحة الفساد حتى بين حلفائه في التحالف الحاكم.
كما تم تعيين السيدة مارثا تشيزوما المعروفة بالمرأة الحديدية في مالاوي كرئيسة لمكتب مكافحة الفساد في البلاد, وذلك بعد أن قامت لجنة التعيينات في البرلمان في 13 مايو 2021م برفض منحها الأصوات اللازمة لتوليها المنصب؛ حيث ادعى البعض أن عددًا من رجال الأعمال الفاسدين أعطوا بعض نواب المعارضة أموالاً مقابل التصويت ضد توليها المنصب, غير أنه في 18 مايو 2021م تم إجراء تصويت برلماني جديد أسفر عن الموافقة على توليها المنصب.
بالإضافة إلى ذلك فقد قام الرئيس منذ توليه السلطة بشن حملة لمكافحة الفساد في البلاد أسفرت عن اعتقال العديد من الشخصيات وكبار المسؤولين في نظام الرئيس السابق بيتر موثاريكا، من بينهم المساعد الأمني للرئيس السابق. وكذلك قامت الحكومة بعدد من الخطوات التي أعلنت من خلالها عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2019-2024م، بالإضافة إلى مصادرة أموال عدد من كبار المسؤولين في عهد الرئيس السابق, وأخيرًا قام مكتب مكافحة الفساد بوقف العديد من عقود الشراء الخاصة بقوات الجيش والشرطة لوجود شبهة فساد فيها. وتهدف الحكومة من هذه الإجراءات إلى إيصال تصور إلى الشعب مفاده أنها عازمة على مكافحة الفساد في البلاد؛ تحقيقًا للوعود الانتخابية التي أعلن عنها التحالف الحاكم سابقًا.([17])
6- محاولة الحكومة تقديم بعض الحلول للمشاكل التي يعاني منها الشعب:
حيث سعت الحكومة إلى محاولة امتصاص الغضب الشعبي؛ من خلال تقديم حلول لبعض المشاكل المتفشية في البلاد, ومن بين تلك الأمور قيام الرئيس في أكتوبر 2021م بإنشاء وحدة التسليم الرئاسية ((PDU, وهي مؤسسة جديدة أنشأها الرئيس بهدف الإسراع في تنفيذ الوعود التي تخطط حكومته في تقديمها للشعب, وهذه المؤسسة عبارة عن مكتب خاص في مؤسسة الرئاسة يضم فريقًا من المهنيين الذين يعملون على مدار الساعة؛ لضمان تنفيذ الوعود التي وعد بها تحالف “تونسي” أبناء الشعب.
وفيما يتعلق بارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية فقد أمرت جمعية الأسمدة بخفض الأسعار، كما أعلن مكتب الرئيس أن الرئيس سيلتقي بمصنّعي الأسمدة من أجل العمل على تخفيض الأسعار, كما تم إطلاق برنامج المدخلات الزراعية المدعومة الذي قام بدعم الأسمدة بأسعار مخفّضة منذ تولي التحالف الحكم، لكن بعد زيادة أسعار الأسمدة تم تخفيض عدد المستفيدين من البرنامج، لكن الرئيس تدخل وأعلن في خطاب وطني متلفز عن دعمه لكافة المزارعين، ورفض إزالة أي مزارع من البرنامج، كما تم توجيه نصائح للمزارعين باستخدام السماد الطبيعي؛ لكونه أفضل للتربة الزراعية.
وفيما يخص مشكلة ارتفاع أسعار خدمات الهاتف المحمول؛ فقد أعلن المدير العام لهيئة تنظيم الاتصالات في مالاوي (MACRA) في بداية توليه لمنصبه في مطلع نوفمبر الجاري أنه سيسعى إلى تخفيض أسعار خدمات الهاتف المحمول والإنترنت. بالإضافة إلى ما سبق فقد سعت الحكومة للحصول على مساعدات خارجية من المجتمع الدولي للتغلب على مشاكلها الاقتصادية؛ حيث طلب رئيس مالاوي أثناء حديثه في قمة المناخ المساعدة من الدول الكبرى للتغلب على مشكلة التغيرات المناخية والتي تتأثر منها مالاوي بصورة كبيرة حيث تتسبب في حدوث موجات جفاف وفيضانات تؤثر على الزراعة، وتهدد بدخول البلاد في أزمة انعدام الأمن الغذائي. كما أعلن الرئيس في منتصف أكتوبر الماضي أنه سيحصل خلال مطلع العام المقبل على صفقة تمويل من صندوق النقد الدولي للمساعدة في إطلاق انتعاش اقتصادي في البلاد.([18])
ثانيًا: التداعيات على مستوى المعارضة:
فيما يتعلق بالتداعيات على مستوى المعارضة؛ يمكن عرضها في النقاط التالية:
1- مطالبة الرئيس وشركائه في تحالف “تونسي” بالتنحي عن السلطة:
حيث أعلنت جمعية سفراء حقوق الإنسان التي قادت الاحتجاجات في مدينة بلانتير العاصمة التجارية للبلاد بقيادة المعارض ستيف شيموازا، عن عدم ثقتها في خطابات الرئيس وحكومته, قائلة: إنها لا ترى شيئًا يتحقق على أرض الواقع، كما طالبت الرئيس ونائبه وحكومته بالتنحي عن السلطة لفشلهم في تحقيق وعودهم الانتخابية, كما سلم المحتجون التماساتهم إلى السلطات لتسليمها للحكومة للرد عليها.
2- إعلان جمعية سفراء حقوق الإنسان بتنفيذ احتجاجات أخرى:
حيث أكد ستيف شيموازا, قائد الاحتجاجات أن المظاهرات ستجرى في جميع مناطق البلاد خلال الفترة المقبلة.
3- اندلاع احتجاجات جديدة من قبل حركة الثورة الاجتماعية: في يوم 5 نوفمبر 2021م اندلعت موجة جديدة من الاحتجاجات بقيادة فونزيرو مفولا, زعيم حركة الثورة الاجتماعية, وهو ضابط عسكري سابق كان قد أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية الماضية, لكنه انسحب لصالح مرشحي تحالف “تونسي”, لكنه الآن أصبح معارضًا لتحالف “تونسي”؛ بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في البلاد, وقد قام بصحبة أنصاره وعدد من الجماهير بالاحتجاج ضد تحالف “تونسي”, ووجَّه الدعوة للرئيس بسرعة معالجة المشاكل الاقتصادية أو التنحي على الفور, كما أعطى المحتجون مهلة لمدة 7 أيام إلى الرئيس ومجلس الوزراء للرد على استفساراتهم بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد، كما أكد زعيم الحركة أنهم سيواصلون الاحتجاجات في حالة عدم معالجة مشاكل ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب الضرائب الباهظة التي من بينها ضريبة القيمة المضافة التي فُرضت مؤخرًا على الخدمات المصرفية, وقد أيَّد تلك المظاهرات مركز مبادرات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية (CDEDI)، وكان شعار المظاهرات “استعادة مالاوي بشكل أفضل”, وقد تصدت الشرطة لهذه المظاهرات ومنعتها من الوصول إلى مقر مجلس مدينة ليلونجي.([19])
4- انتقاد الرئيس السابق بيتر موثاريكا للحكومة الجديدة:
قام الرئيس السابق بيتر موثاريكا بانتقاد حكومة تحالف “تونسي”, وذلك في مقطع فيديو قصير ومسجل, حيث قال: “إن مالاوي بعد مرور عام من تولّي تحالف “تونسي” للحكم أصبحت أسوأ مما كانت عليه في عهده”, كما قال: “إن مالاوي تخلق مليون فقير بدلاً من أن تخلق مليون وظيفة كما وعد تحالف تونسي”, كما أضاف “أن الحياة أصبحت صعبة للغاية في البلاد، وأن المواطنين يفتقرون إلى الاحتياجات الأساسية”. كما واصل حديثه قائلاً: “إن حكومة تحالف “تونسي” وعدت الشعب بالجنة، لكنهم الآن يطلقون عليهم النار”. وقد رد المتحدث باسم الحكومة على تصريحات الرئيس السابق قائلاً: “إن من حقه التعبير عن رأيه بحرية, لكنَّ آراءه هذه تخالف الحقيقة”.([20])
5- انتقاد اللجنة الكاثوليكية للعدالة والسلام (CCJP) لتحالف “تونسي”:
حيث إنه في أغسطس الماضي أصدرت اللجنة الكاثوليكية للعدالة والسلام (CCJP) التابعة للمؤتمر الأسقفي في مالاوي (ECM), بيانًا تحت عنوان “حكومة “تونسي”، الأمل يتلاشى وسط هفوات الحكم”، وقد عبَّرت فيه عن استيائها من شركاء تحالف “تونسي”, كما قال البيان: إن التحالف يهيمن عليه المحسوبية والجشع والمصالح الحزبية الخاصة، كما وجَّه البيان النصائح للرئيس وحكومته محذرًا إيَّاهم من تلاشي آمال الشعب فيهم.([21])
وهو ما يعني انضمام اللجنة الكاثوليكية للمعارضة, وذلك بعد أن قدمت الكنائس دعمًا كبيرًا لصعود الرئيس الحالي تشاكويرا لسُدّة الحكم؛ حيث دعمته في الانتخابات ضد الرئيس السابق موثاريكا, وذلك لكونه كان قسًّا سابقًا, كما أن ابنه قسّ كذلك, كما أن هناك عددًا غير قليل من القساوسة تم تعيينهم في مناصب سياسية كبيرة في البلاد, بالإضافة إلى منح عدد من القساوسة عقودًا تجارية مع الحكومة, وهو ما قد يفيد بوجود شبكة مصالح بين الرئيس والكنيسة في البلاد, وقد تمارس ضغطًا عليه للحصول على منافع خاصة بها.
ويذكر أن الرئيس قام بزيارة إلى رئيس الأساقفة في مالاوي في تاريخ 19 سبتمبر 2021م، حيث احتفل معه بمناسبة مرور 25 عامًا على تعيينه كاهنًا, وقد وصفه الرئيس بأنه مثال حي للقيادة الخادمة في البلاد, وقد تكون تلك الزيارة مِن قِبَل الرئيس لرئيس القساوسة بهدف الحصول على دعمه ومنع اللجنة الكاثوليكية من انتقاده.([22])
الخاتمة:
في ختام هذه المقالة يمكن استشراف مستقبل الاحتجاجات الشعبية في مالاوي, والتي يمكن القول بأنها آخذة في الصعود؛ حيث إن السياسات والقرارات التي اتخذتها الحكومة الفترة الماضية لم تنجح في امتصاص الغضب الشعبي، ولم تقدّم سوى عدد من الخطابات المسكنة, والتي أصبحت لا تُرضي قطاعًا عريضًا من الفقراء في البلاد, كما أن قراءة الأحداث تدل على أن هناك أصواتًا جديدة تنضم لمعارضة تحالف “تونسي” يومًا تلو الآخر, بل هناك انقسام داخل التحالف ذاته، فكل حزب من أحزاب التحالف التسعة يسعى إلى تحقيق مصالحه الشخصية, وهو ما ينبئ عن إمكانية انقسام وتفكك التحالف في حالة تصاعد الموجة الاحتجاجية في البلاد, وتبنّي الحكومة إجراءات قمعية ضد المحتجين, وذلك في حالة إذا ما عجزت عن وضع خطط فاعلة للتغلب على سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
الإحالات والهوامش:
( [1] -( ” Two years on: How the Tonse Alliance government is faring ” ,at , https://times.mw/two-years-on-how-the-tonse-alliance-government-is-faring , 28/6/2021.
( [2]( -Mwayi Mkandawire ; Tonse Alliance fuelled by greed, nepotism – CCJP , at , https://malawi24.com/2021/08/09/tonse-alliance-fuelled , 9/8/2021.
( [3]( – Madalitso Wills Kateta ; How Corruption Derails Development in Malawi , at , https://foreignpolicy.com/2021/05/21/how-corruption-derails-development-in-malaw, 21/5/2021.
( [4]( – ” Lust for instant money costs Malawi’s cabinet minister Ken Kandodo; duped K25 million by money multiplier magicians ” , at , https://www.maravipost.com/lust-for-instant-money-costs-malawis-cabinet-minister-ken-kandodo-duped, 6/2/2021.
( [5] )- Idriss Nassar ; By Now Peter Mutharika is saying “I told you so” – Idriss Nassar , at , https://www.maravipost.com/by-now-peter-mutharika-is-saying , 13/1/2021.
( [6]-( Sellina Kainja ; Tonse Alliance in self-destruct mode , at , https://www.mwnation.com/tonse-alliance-in-self-destruct , 25/7/2021.
( [7] )- Albert Sharra ; Malawi: Failed Campaign Promises Haunt Chakwera One Year On , at , https://blogging.africa/governance/malawi-campaign-promises , 30/7/2021.
( [8] )- Mwayi Mkandawire ; DPP warns Malawians to brace for tougher times ahead , at , https://malawi24.com/2021/03/02/dpp-warns-malawians-to-brace , 2/3/2021.
( [9] )- Mike Kalumbi ; Fuel prices hiked in Malawi , at , https://malawi24.com/2021/10/09/fuel-prices-hiked-in-malawi , 9/10/2021.
( [10]( -” Protests across Malawi as mobile phone charges soar ” ,at, https://www.theguardian.com/global-development/2021/apr/22/protests-across-malawi-as-mobile-phone-charges-soar , 22/4/2021.
( [11]( -Lameck Masina ; Malawi President Pledges to Intervene in Fertilizer Price Rise , at , https://www.voanews.com/a/africa_malawi-president-pledges-interven , 22/8/2021.
( [12] )- Lameck Masina ; Malawians Protest High Cost of Living , at , https://www.voanews.com/a/malawians-protest-high-cost-of-living , 2/11/2021.
( [13] )- ” Opposition leader Nankhumwa pens President Chakwera over delayed civil servants salaries ” , at , https://www.nyasatimes.com/opposition-leader-nankhumwa-pens-president-chakwera-over-delayed-civil-servants-salaries , 2/9/2021.
( [14] )- ” Tonse Alliance Government hikes community college fees; youth activist faults the timing ” ,at , https://www.maravipost.com/tonse-alliance-government-hikes-community-college-fees-youth-activist-faults-the-timing , 27/1/2021.
( [15]( -Lameck Masina ; Malawi Struggles to End Sex Trafficking as Cases Rise , at , https://www.voanews.com/a/africa_malawi-struggles-end-sex-trafficking-cases-rise/6209579.html , 14/8/2021.
( [16]( -Lameck Masina ; Scabies Outbreak Affects 300 in Malawi’s Blantyre , at , https://www.voanews.com/a/scabies-outbreak-affects-300-in-malawi , 28/10/2021.
( [17]( -Lameck Masina ; Corruption Alleged in Malawi Committee Vote on Anti-Graft Chief , at , https://www.voanews.com/a/africa_corruption-alleged-malawi-committee-vote-anti-graft-chief/6205787.html , 13/5/2021.
( [18]( -Alfred Chauwa ; Malawi: Presidential Delivery Unit Key for Implementing Tonse Alliance Government Key Promises , at , https://allafrica.com/stories/202110190200.html , 19/10/2021.
( [19]( -Martha Chikoti ; Protesters demand Chakwera to address economic crisis , at , https://malawi24.com/2021/11/05/protesters-demands-chakwera-to-address-economic-crisis , 5/11/2021.
( [20] )- Gladys Chingaipe ; Malawi: Tonse Alliance Creating One Million Poor People – Mutharika , at , https://allafrica.com/stories/202107020263.html , 2/7/2021.
( [21]( – Jude Atemanke ; Malawi’s Ruling Tonse Alliance “lost direction”, Catholic Officials Say, Urge Leadership , at , https://www.aciafrica.org/news/4040/malawis-ruling-tonse-alliance-lost-direction-catholic-officials-say-urge-leadership , 13/8/2021.
( [22]-( Magdalene Kahiu ; Malawi’s President Hails Catholic Archbishop as “a living example of servant leadership” , at , https://www.aciafrica.org/news/4314/malawis-president-hails-catholic-archbishop-as-a-living-example-of-servant-leadership , 20/9/2021.