الأفكار العامة:
– مصادقة إيكواس على قرار انسحاب تحالف دول الساحل من المجموعة في قمة أبوجا، مع استمرار محاولات الوساطة.
– تدهورت العلاقة بين إيكواس وتحالف دول الساحل نتيجة تفشّي الإرهاب، وفشل القوات الإقليمية والدولية في احتوائه، والعقوبات المفرطة التي فرضتها إيكواس على الدول الثلاث عقب الانقلابات العسكرية.
– تمديد مهمة رئيسي السنغال وتوغو لمواصلة دور الوساطة لإقناع تحالف دول الساحل بالعدول عن قرار الانسحاب من المجموعة.
– روح التضامن والصداقة بين الشعوب من أهم الحوافز التي دفعت “ديوماي فاي” إلى الاستمرار في المهمة رغم ضخامة التحديات.
– تمديد مهلة الانسحاب لستة أشهر إضافية لإعطاء الوسطاء المزيد من الفرصة للنجاح في مهمتهم.
– تباين في الرؤى بين بعض أعضاء إيكواس الذين يرون في إصرار تحالف الدول الثلاث على الانسحاب تملُّصًا من الالتزام بالمبادئ الديمقراطية، بينما يشكو تحالف دول الساحل من تركيز إيكواس فقط على الانتخابات والجانب السياسي دون أيّما اكتراث بمآسي شعوب دول الساحل نتيجة الاعتداءات الإرهابية.
– تداعيات انسحاب تحالف دول الساحل على إيكواس وعلى التحالف، وضرورة احتوائها لصالح المنظمتين وشعوب المنطقة.
بقلم: مامادو فاي
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
في الوقت الذي نتساءل فيه عن تقييم منتصف المدة لمهمة الرئيس “ديوماي فاي” الحسَّاسة؛ لرأب الصدع بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وتحالف دول الساحل؛ تم اعتماد زعماء المؤسسة دون الإقليمية يوم الأحد الماضي لانسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من الكتلة الاقتصادية. ورغم ذلك، تم تمديد مهلة الوساطة التي يقوم بها الرئيس “ديوماي فاي” حتى يوليو 2025م.
وفي ختام القمة العادية التي عُقدت يوم الأحد الماضي في أبوجا، عاصمة نيجيريا، صدَّق رؤساء دول وحكومات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) على انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من الكتلة الاقتصادية. وعليه ستتوقف دول AES الثلاث عن الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا اعتبارًا من 29 يناير 2025م.
وفي بيان تلاه عمر توراي، رئيس مفوضية إيكواس؛ أشار قادة المؤسسة دون الإقليمية إلى احترامهم قرار الدول الثلاث بمغادرة المجموعة. ورغم ذلك، سيتعين على جيران الساحل مراقبة فترة انتقالية أخرى مدتها ستة أشهر بين 29 يناير و29 يوليو 2025م.
وفي الوقت نفسه، تم تمديد مهمة الوساطة التي يقوم بها الرئيس السنغالي “باشيرو ديوماي” من أجل عودة دول تحالف الساحل الثلاث إلى عضوية المنظمة حتى 29 يوليو 2025م.
لماذا تم تمديد ولاية الرئيس باشيرو ديوماي فاي؟
وفقًا لعمر توراي، رئيس مفوضية الإيكواس، فإن المؤسسة شبه الإقليمية “قامت بتمديد مهمة رئيسي السنغال وتوغو لمواصلة دور الوساطة حتى نهاية الفترة الانتقالية؛ من أجل إعادة الدول الأعضاء الثلاثة إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
وفي الواقع، أعلنت الإيكواس عن تحديد “فترة انتقالية” تمتد من نهاية يناير 2025م إلى يوليو 2025م، وخلال هذه الفترة ستظل أبواب الإيكواس مفتوحة أمام الدول الثلاث؛ وفقًا لما جاء في التصريح الذي أدلى به يوم الأحد عمر توراي رئيس مفوضية الإيكواس.
وأكد عمر توراي في افتتاح القمة أنه “على الرغم من أن الخروج الوشيك لبوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أمر محبط؛ إلا أننا نرحّب بجهود الوساطة الجارية”.
وفي ختام الاجتماع الوزاري لاتحاد دول الساحل حول حرية حركة الأشخاص والبضائع –الذي عُقِدَ يوم الجمعة 13 ديسمبر الجاري في نيامي-، أشار وزراء الدول الثلاث إلى أن قرار تحالف دول الساحل بالانسحاب من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لا رجعة فيه”، لكنهم حثوا أيضًا “اللجان متعددة التخصصات على مواصلة المناقشات الرامية إلى الاتفاق على ترتيبات الخروج لصالح سكان الكونفدرالية”.
وفي يوم السبت 14 ديسمبر في باماكو، صادق الجنرال “أسيمي غويتا”، الرئيس الحالي لتحالف دول الساحل، على إعلان صادر عن مجلس رؤساء دول AES بشأن حرية الحركة والحق في الإقامة والتوطن لمواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في منطقة تحالف دول الساحل.
وفي السياق المتصل، أعلنت الهيئة المذكورة أنها “تستلهم روح الأخوة والتضامن والصداقة”، و”تلتزم بتعزيز الروابط العريقة بين شعوب إفريقيا”، مضيفة أن “اتحاد دول الساحل (AES) هو مساحة حرة لا تحتاج إلى تأشيرة دخول لأيّ مواطن من الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)”.
وأضافت أن “لمواطني الإيكواس الحق في الدخول والتنقل والإقامة والتأسيس والخروج من أراضي الدول الأعضاء في اتحاد دول الساحل وفقًا للنصوص الوطنية المعمول بها”.
باشيرو ديوماي فاي، ساعي السلام:
وخلال مداخلته في أثناء جلسة مقابلة في منتدى الدوحة يوم الأحد 8 ديسمبر، أكد باشيرو ديوماي فاي دور السنغال في دعم جهود السلام؛ وقال: “لطالما كان للسنغال دور قيادي في لعب دورها من أجل السلام، وهذا أمر تاريخي. إننا نحافظ على نفس الموقف المتمثل في تشجيع الحوار والسماح بتسوية الخلافات من خلال هذا الحوار والتشاور بين مختلف البلدان، لا سيما على مستوى غرب إفريقيا”، مضيفًا “هذا الأمر مهم جدًّا (…) لأن السنغال تؤمن أساسًا بضرورة بناء جسور بين الشعوب وبين الدول”، مؤكدًا أن “هذا هو معنى الوساطة التي أقوم بها نيابة عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بين هذه الأخيرة وتحالف دول الساحل”.
وأوضح الرئيس السنغالي “أعتقد أنه يجب على الأطراف المعنية بذل المزيد من الجهود حتى لا يستسلم الاندماج الذي حققناه حتى الآن للتفكك والانطواء على الذات؛ لأن إفريقيا بحاجة إلى التحدث بصوت واحد من أجل أن يُسْمَع صوتها، والتشاور لإيجاد حلول محلية لمشاكلها والتحديات التي نتقاسمها مع العالم، وخاصة مكافحة الفقر والتحديات المتعلقة بتغير المناخ”.
وأعرب باشيرو ديوماي فاي عن اقتناعه بأنه” لا شيء يمنع اليوم من الحفاظ على تحالف دول الساحل؛ لأنه واقع ملموس، ويستجيب لواقع أمني تواجهه هذه البلدان بشكل خاص، ولكن في الوقت نفسه لا ينبغي (…) أن يؤدي ذلك إلى” تفكك المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بسبب الدور الذي لعبته هذه المؤسسة في جمع الناس معًا وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع”.
وأضاف “أتحرك في إطار هذه المهمة، التي سنكون دائمًا إلى جانبهم؛ لأننا نتقاسم الواقع الأمني ذاته، ولدينا مصير أمني مشترك”.
وأضاف: “أعتبر أن التقدم الذي أحرزناه منذ إنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من خلال مختلف الآليات التي يعمل من خلالها هذا الكيان الرائع، يجب ألا تخفيه مشاكل الحوكمة التي تتطلب، على غرار العديد من المؤسسات المتعددة الأطراف، إصلاحًا لمواءمتها مع تحديات عصرنا”، وهذا ما يجب العمل عليه على حد اعتقاد الرئيس السنغالي.
لكن ما هي الإجراءات التي اتخذتها السنغال منذ تعيينها وسيطًا لعملية عودة دول AES إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؟
الإجراءات المتخذة للوساطة بين دول الساحل والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا:
بداية، قام الرئيس ديوماي فاي بتعيين الوزير السنغالي السابق عبدولاي باثيلي، في يوليو، في منصب مبعوث خاص لمنطقة الساحل. وفي مقابلة يوم 13 يوليو في دكار مع الصحافة السنغالية، تحدث عن خبرة الرجل واحترامه ومكانته لتبرير اختياره لهذه المهمة.
وبعد شهرين من تعيينه، قام البروفيسور عبدولاي باتيلي بزيارة إلى بوركينا فاسو في 10 أكتوبر 2024م؛ حيث التقى بالرئيس إبراهيم تراوري والسلطات العسكرية في الفترة الانتقالية.
وعلى هامش لقائه بالرئيس تراوري، بعث البروفيسور باتيلي للصحافة برسالة” تضامن من الرئيس باشيرو ديوماي فاي وحكومته والشعب السنغالي تجاه شعب بوركينا فاسو، في الظروف الحالية التي تتسم بالهجمات الإرهابية المتكررة، والتي أدت إلى خسائر في الأرواح وأضرار مادية جسيمة منذ عدة سنوات”.
وكانت أيضًا فرصة له للتذكير بالتحديات الهائلة التي تواجه البلدين اللذين يتقاسمان الفترة التاريخية المشتركة، وإطلاق نداء للالتزام الجماعي من أجل هزيمة الشر. وأعلن “عندما نرى اليوم مشهد ما يحدث في هذه المنطقة، نشعر بحزن عميق، ومن واجب الجميع الالتزام بالعمل على طي صفحة هذه المأساة”.
وبعد أسبوع من تلك الزيارة، وتحديدًا يوم الخميس 17 أكتوبر الماضي، استقبلت السلطات العسكرية بقيادة الرئيس “أسيمي غويتا” الممثل الخاص السابق للأمم المتحدة في ليبيا في مالي.
وقال للصحافة: إن الرئيس ديوماي فاي أعرب عن رغبة السنغال ومالي في البحث عن كافة السبل المناسبة لتعزيز آفاق الوحدة الإقليمية والوحدة الإفريقية على أساس مصالح شعوبنا التي تتطلع إلى هذه الوحدة.
ومع اعترافه بوجود مشكلات داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا كمنظمة؛ أكد على رغبة الجميع في “مواصلة العيش معًا، وصياغة مصيرهم معًا، وبناء مستقبل مشترك من التقدم والازدهار.”
وأضاف: “قررت ثلاث دول في هذه المنطقة الإقليمية تشكيل منظمة باسم تحالف دول الساحل (AES)، وترى السنغال أن كل ما يسير في اتجاه تعزيز العلاقات بين دولتين أو ثلاث أو أربع دول أو خمس دول، وما هو أبعد من ذلك، هو أمر إيجابي يمكننا أن نفعل المزيد وأفضل، في ثنائيات، في ثلاثيات، في أربعات، يجب علينا أن نفعل ذلك، يجب ألا ننتظر”.
وللتذكير، بعد أربعة أشهر فقط من انتخابه رئيسًا للسنغال في مارس الماضي، تم تعيين باشيرو ديوماي فاي وسيطًا للمفاوضات مع تحالف دول الساحل الثلاث، في 7 يوليو 2024م في أبوجا، أثناء قمة المنظمة الإقليمية مع نظيره التوغولي فور غناسينجبي.
وتتمثل المهمة في إقناع مالي وبوركينا فاسو والنيجر بإعادة النظر في قرارهم “النهائي” بمغادرة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بعد القمة الأولى لدول AES التي عُقدت في 6 يوليو في نيامي، النيجر، مع إنشاء اتحاد دول الساحل.
وفي يوم الأحد 7 يوليو الماضي تم تعديل نص معاهدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وإدراج قرار العمل على التهدئة بين المنظمة وهذه الدول التي لا تزال أعضاء؛ نظرًا لعدم بلوغ الموعد النهائي لرغبتهم في المغادرة الذي يجب التصديق عليه”؛ كما أكد الرئيس ديوماي فاي.
في الواقع، وفقًا للمادة 91 من معاهدة الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المنقحة في عام 1993م، يتعين على أي دولة تنسحب من المنظمة أن تُبلِّغ “كتابيًّا”، خلال عام واحد، بقرارها إلى الأمين التنفيذي الذي يُبلِّغ الدول الأعضاء في نهاية هذه الفترة، وإذا لم يتم سحب إخطارها، فإن هذه الدولة تفقد عضويتها في المجموعة. وعليه، فإن خروج الدول الثلاث AES لا يمكن أن يكون ساريًا إلا في نهاية يناير 2025م؛ باعتبار أنها أعلنت عن الانسحاب في 28 يناير 2024م.
ووفقًا للرئيس السنغالي؛ فإن الوقت الراهن ليس المناسب” للوقوف مكتوفي الأيدي”، بل علينا أن نتصرف. وأكد الرئيس فاي أن “مسؤوليتنا هي العمل على تقريب المواقف والتوفيق بينها، لضمان وجود مجال للحوار بين المنظمة وأصحاب المصلحة، ولا سيما تحالف دول الساحل”.
وأعرب عن أمله” بحلول نهاية فترة الإخطار، أن تكون هناك مناقشات كافية للتوفيق بين المواقف والعمل على تعزيز المنظمة حتى تتمكن من معالجة التحديات المشتركة التي نواجهها بشكل أفضل”.
للتذكير، شمَّر باسيرو ديوماي فاي عن ساعديه يوم 30 مايو، بُعَيْد انتخابه مباشرة، وتوجه إلى بوركينا فاسو ومالي تباعًا للمناقشة مع نظيريه إبراهيم تراوري وأسيمي غويتا مسائل الاندماج والتعاون الثنائي.
كما استقبل في دكار، الثلاثاء 1 أكتوبر 2024م، الرئيس السابق للنيجر، محمدو إيسوفو، الرئيس الحالي للجنة المستقلة رفيعة المستوى والمعنية بالأمن والتنمية في منطقة الساحل، لمناقشة “القضايا الأمنية في المنطقة دون الإقليمية”؛ وفقًا لما نُشر على صفحة الرئاسة السنغالية على تويتر(إكس). يأتي ذلك بعد الهجوم المسلح الذي وقع يوم الثلاثاء 17 سبتمبر على مدرسة للدرك بالقرب من مطار باماكو عاصمة مالي والذي أعلنت مجموعة أنصار الإسلام والمسلمين (JNIM) مسؤوليتها عنه.
ما الذي تغير بين تحالف دول الساحل وإيكواس؟
لقد تغير الكثير بين دول تحالف دول الساحل الثلاث (بوركينا فاسو ومالي والنيجر) والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
انطلقت شرارة الأمر كله مع الأزمة الأمنية التي اتخذت أبعادًا غير متناسبة في الرقعة الجغرافية للدول الثلاث، وتسببت في خسائر بشرية ومادية عديدة.
وبعد فشل مبادرة أكرا التي أطلقتها بوركينا فاسو وبنين وتوغو وساحل العاج وغانا في عام 2017م، وانضمت إليها النيجر ومالي كمراقبين في عام 2019م، برزت إستراتيجيات أخرى جديدة في الحرب ضد الإرهاب، ثم باءت جميعها بالفشل، مثل القوة المشتركة متعددة الجنسيات (الموجودة منذ عام 1994م)، والتي أُعِيدَ إطلاقها في عام 2015م.
وأعلنت مالي، يوم الأحد الموافق 15 مايو 2022م، انسحابها من مجموعة الساحل الخمس التي تم إنشاؤها عام 2014م للقضاء على التهديد الإرهابي في المنطقة، وتبعتها، في 2 ديسمبر 2023م، النيجر وبوركينا فاسو.
والدول الثلاث غير راضية أيضًا عن إدارة الأزمة الأمنية بقوة قوامها 5000 رجل تقاسمتها مع تشاد وموريتانيا. ونتيجة لذلك، فضلوا إبرام اتفاق دفاع مشترك خاص بهم ضد الهجمات المسلحة التي أصبحت متكررة وقاتلة في منطقة الساحل.
إستراتيجيات تحالف دول الساحل للصمود:
في أعقاب الانقلابات المختلفة في مالي في أغسطس 2020م ومايو 2021م، وفي بوركينا فاسو في عام 2022م، وفي النيجر في عام 2023م، تدهورت العلاقات بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والدول الثلاث، وقامت المؤسسة الإقليمية بتعليق عضوية الدول في مؤسساتها وفرضت عقوبات اقتصادية عليها.
حتى إن المنظمة شبه الإقليمية هدَّدت بالتدخل عسكريًّا في النيجر إذا لم يُطلق المجلس العسكري سراح الرئيس “بازوم” المحتجز كرهينة.
وقد قامت البلدان الثلاثة معًا بتجميع جهودها وأعلنوا عن إنشاء قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب، ويتواصلون مع شركاء جدد مثل روسيا والصين، وغيرهما؛ للحصول على معدات عسكرية جديدة.
وتم الإعلان عن إنشاء بنك استثماري مشترك في 16 سبتمبر 2024م مِن قِبَل الرئيس أسيمي غويتا، بالإضافة إلى تلفزيون وجواز سفر بيومتري.
كما وقَّعت دول AES مذكرة تفاهم في نوفمبر 2024م لوضع حد لرسوم التجوال للاتصالات الهاتفية في منطقتها. وتم انعقاد الاجتماع الأول للوزراء المسؤولين عن الأمن من الدول الثلاث الأعضاء في تحالف AES، يوم الجمعة 22 نوفمبر 2024م، في باماكو، عاصمة مالي.
وكان الهدف هو “التحقق من صحة المواصفات الفنية المنسقة لوثائق السفر والهوية (جواز السفر وبطاقة الهوية الوطنية)؛ من أجل تعزيز حرية حركة الأشخاص والبضائع في ديناميكية مزيد من التكامل، وفقًا لرؤية السلطات العليا في البلاد” الدول الثلاث”؛ ويشير إلى ذلك بيان صحفي مشترك بين الدول الثلاث.
وفي توصياتهم المستندة إلى عرض التقرير مِن قِبَل خبراء من الدول الثلاث، أشار الوزراء “إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة في اتجاه تسهيل حرية حركة الأشخاص والبضائع في منطقة AES، وفقًا لما جاء في البيان الصحفي”.
وعلى هامش الاجتماع، أشار البيان الصحفي إلى أن “الوزراء الثلاثة ناقشوا السياق الجيوسياسي وتدارسوا الوضع الأمني في فضاء دول التحالف AES”.
وتابعت الوثيقة “على هذا النحو، رحّبوا بالنجاحات الكبيرة التي سجَّلتها قوات الأمن في الدول الثلاث في الحرب ضد الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بجميع أنواعه”.
ما أسباب استياء تحالف دول الساحل من إيكواس؟
وفقًا لبول أميغانكبو، مدير معهد تامبيرما للحوكمة(ITG) ؛ فإن تطرف تحالف دول الساحل (AES) في مواجهة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا نشأ من حقيقة بسيطة، وهي أن القادة العسكريين الذين يديرون هذه البلدان يرغبون في كسب المزيد من الوقت عن طريق التملُّص عن المبادئ الديمقراطية التي تُروِّج لها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
“إن الموقف الراديكالي لقادة البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية تجاه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، ينبع من حقيقة أنهم فهموا ضرورة الحصول على فترة انتقالية أطول، وقبل كل شيء، وضع قواعد للعبة تسمح لنا “إذا كنا مرشحين في الانتخابات المقبلة، لمواصلة قيادة هذه البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية، سيتعين علينا التهرب من القواعد الديمقراطية المنصوص عليها في البروتوكول الإضافي للإيكواس”؛ يوضح التوغولي.
ويطالب هذا البروتوكول “بالعودة إلى النظام الدستوري؛ من خلال انتخابات حرة وديمقراطية ينبغي تنظيمها خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر، وتسمح للمدنيين بالعودة إلى السلطة”.
يقول بول أميجاكبو: “هذا يستبعد على الفور قادة دول AES الذين يمرون بمرحلة انتقالية، والذين يرغبون بطبيعة الحال في الاستمرار في قيادة بلدانهم”.
لكنه يشير إلى أن “غريزة الحفاظ على السلطة هذه كانت متناقضة مع القواعد الديمقراطية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
ويتذكر قائلًا: “في هذا التكوين، كان هناك مثال تشاد؛ حيث كان على الرئيس إدريس ديبي أن يقود عملية، كانت سريعة بالفعل، ولكنها عملية مهَّدت الطريق لترشيحه وإمكانية مواصلة قيادة البلاد”.
ويواصل “في الوقت الحالي، يتم تعزيز هذا الموقف مِن قِبَل الجابون؛ حيث من المحتمل أن تستغرق العملية الانتقالية عامين كحد أقصى، ولكن حيث يكون لدى رئيس الفترة الانتقالية إمكانية أن يكون مرشحًا، وبالتالي يكون قادرًا على الاستمرار في قيادة البلاد”.
وأخيرًا، يشير المحلل التوغولي إلى عقبتين رئيسيتين؛ “أولاً: الحد من الوقت الذي يستغرقه إجراء المرحلة الانتقالية، ومِن ثَم، القيود المرتبطة باستحالة ترشح القادة العسكريين للانتخابات المقبلة، على مستوى السلطة التشريعية العليا في بلدان التحالف”.
ويرى بول أميجانكبو أن” هذه المواقف لا يمكن التوفيق بينها وبين المنطق والمبادئ والقيم المحددة على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.”
هل نتجه نحو الحفاظ على الوضع الراهن؟
هناك فرصة جيدة لبقاء الأمور على ما هي عليه. على الأقل، هذا ما يعتقده بول أميجانكبو، مدير معهد تامبيرما للحوكمة (ITG)ووفقًا له، فإن “وساطة السنغال في الأزمة بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومنظمة AES أصبحت أكثر تعقيدًا لعدة أسباب”.
في البداية، يشير التوغولي إلى الاختيار الذي تم بشأن البروفيسور باتيلي، الذي كانت نتائج بعثاته في إفريقيا الوسطى وليبيا غير باهرة؛ “أولاً، اختارت السنغال وسيطًا في شخص الدكتور باتيلي الذي أثبت نفسه مع الأمم المتحدة على مستوى إفريقيا الوسطى، وأيضًا في ليبيا بنتائج متباينة، لدرجة أن العملية الديمقراطية في العديد من البلدان التي خدم فيها الدكتور باتيلي كدبلوماسي، لم تتطور، ولم تجعل من الممكن وضع قواعد عمل ديمقراطية في هذه البلدان المختلفة”؛ يشير السيد أميجانكبو.
“وتتمثل مهمة الدكتور باثيلي، على وجه التحديد، في التوفيق بين مواقف دول التحالف الاقتصادي والاجتماعي فيما يتعلق بالبروتوكول الإضافي للإيكواس بشأن الديمقراطية والحكم والانتخابات. وللمضي قدمًا في هذا المشروع، يتعين إقناع الأنظمة الانتقالية على مستوى الدول الثلاث حتى تدرك أن العودة إلى النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن أمر حتمي للسماح بالمصالحة بينها وبين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) من أجل العودة إلى الوضع الأصلي، بمشاركة فعالة من دول AES في أنشطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
وأضاف أن العامل الثاني هو إرث الرئيس ماكي سال، الذي كان أحد رؤساء الدول الذين عارضوا إصلاحات البروتوكول الإضافي، فيما يتعلق بقصر الولايات على اثنتين فقط، مع الحسن واتارا من ساحل العاج وفوري غناسينغبي من توغو.
“في هذا السيناريو، نعتقد أن الدكتور باثيلي لديه هامش مناورة ضيق للغاية، إن لم يكن الموقف غير مريح للوساطة بين إيكواس وتحالف دول الساحل (AES)، وعليه تؤكد السلطات السنغالية أيضًا مصداقيتها تجاه الشعب السنغالي، الذي اختار الديمقراطية والحكم الرشيد وشفافية الانتخابات، وهي القيم التي يتعين على القادة السنغاليين الدفاع عنها مهما كلف الأمر داخل المجموعة”؛ على حد تعبير بول أميغاكبو.
وأضاف قائلاً: “في حال انسحاب تحالف دول الساحل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بشكل نهائي، فإن مهمة الرئيس ديوماي فاي ورئيس الحكومة عثمان سونكو هي ضمان تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالبروتوكول الإضافي للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وجعلها فعَّالة من أجل المرونة الديمقراطية في المنطقة دون الإقليمية”.
ويعتقد أميغانكبو أنه” سيكون من الخيانة التضحية بالالتزامات والقواعد والقِيَم الديمقراطية التي تبنتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لتقديم تنازلات مع التحالف ومحاولة استعادتها”.
هل يمكننا أن نتوقع نتيجة حاسمة؟
يشير الباحث إلى أن أشياء كثيرة قد تغيَّرت في هذه الأثناء على مستوى دول التحالف الثلاث، مما يشير إلى أن الوساطة التي تقوم بها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قد تكون غير مثمرة.
“خارج السنغال، كان هناك تطور مثير للقلق، ويبدو وكأنه نوع من الركود في العملية؛ لأنه منذ أبريل الماضي عندما التزمت السنغال بأخذ زمام المبادرة في الوساطة، لاحظنا أن دول AES قد أحرزت تقدمًا من خلال اعتماد الميثاق. كما أن الاتحاد الإفريقي ذكر أنه يفصلنا شهر واحد فقط عن الموعد النهائي لتفعيل خروج دول AES الثلاث من مجتمع الإيكواس.
ووفقًا له فإن “السنغال مقيّدة بالوقت في حين أن الإجراءات التي تم اتخاذها أو تلك التي تتخذها الحكومات الثلاث على مستوى دول التحالف لا تسمح بإحراز تقدمّ كبير قبل يناير 2025م، وهو الموعد النهائي للخروج الفعال لدول التحالف من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
ويؤكد الاتحاد على أنه “في الوقت الحاضر، تُظهر كل هذه العناصر مجتمعة أن وساطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قد تكون غير مثمرة، وفي حال فشلت هذه الوساطة، فسيتعين علينا توقع عواقب وخيمة”.
والعواقب الرئيسية، في رأيه، ستكون أولًا” الخروج النهائي لدول AES من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وإقامة الحواجز فيما يتعلق بحرية حركة الأشخاص والبضائع بين دول AES والإيكواس، وخروج دول AES من المؤسسات دون الإقليمية، ولكن أيضًا من الانقسامات على مستوى دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، والتي ستختار التعاون المباشر مع دول AESمع احترام القواعد الموضوعة على مستوى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للامتثال للمعايير الديمقراطية.
ويقترح “في هذه الحالة، نعتقد أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ستكسب بشكل أفضل إذا كانت السنغال تتماشى مع رؤيتها لبناء مجتمع ديمقراطي مع الحكم الرشيد والانتخابات الشفافة، بدلاً من الانصياع لـــــ AES بزعامة المجالس العسكرية، التي تضع الآن العملية الديمقراطية بالكامل بين قوسين تحت ذريعة مكافحة انعدام الأمن والالتزام ضد الإرهابيين على مستوى AES”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال:https://www.bbc.com/afrique/articles/c9wljxv2rvdo