الأفكار العامة:
- تهنئة زعماء القارة السمراء على منصة x للرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
- تساؤلات ومخاوف عن تداعيات الرؤية الحمائية والانعزالية لترامب على المشاريع والاستثمارات الأمريكية الجارية في إفريقيا في ولايته الرئاسية الثانية.
- انتقادات ضد مواقف ترامب السلبية تجاه القارة السمراء في فترة حكمه الأولى التي اتَّسمت بتخفيض التمويل وتقييد الهجرة وتجاهل القارة السمراء.
- الرغبة الأمريكية في احتواء تصاعد النفوذ الصيني والروسي في القارة السمراء قد تُسهم في إحداث التوازن في مواقف ترامب تجاه إفريقيا.
بقلم: ويديلي شيبلوشي
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
توالت تغريدات القادة في جميع أنحاء إفريقيا على منصة x لتهنئة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفوزه بالرئاسة الأمريكية للمرة الثانية؛ فكتب الرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانغاغوا: “زيمبابوي مستعدة للعمل معك”، بينما أعرب الرئيس النيجيري بولا تينوبو عن أمله في أن تجلب ولاية ترامب الثانية “شراكات اقتصادية وتنموية متبادلة بين إفريقيا والولايات المتحدة”.
ولكن هل سيكون عهد ترامب الثاني جيدًا للقارة؟ فخلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض، اتهمه المنتقدون بتجاهل إفريقيا، وخفض بعض التمويل، وتقييد الهجرة، ووصف بعض دولها بـ”دول القذارة”. ورغم ذلك، فقد وضع أيضًا برامج لزيادة الاستثمار في إفريقيا، والتي لا تزال تعمل بعد ثلاث سنوات من رحيله. ولكن كيف يمكن أن يتعامل مع إفريقيا في هذا المناخ الجديد؟
إفريقيا شريك مهم في مجال الاستثمارات:
يقول جيود مور، الزميل في مركز التنمية العالمية والوزير الليبيري السابق لبي بي سي: إن إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايته “حاولت جاهدةً إعطاء انطباع بأن إفريقيا شريك مهمّ وقيّم”.
ووفقًا لـ مور، لم ينجح بايدن في ترجمة هذا الحماس إلى اتفاقيات وشراكات جوهرية، لكن هذا لا يعني أن إستراتيجيته تجاه إفريقيا لم تكن ناجحة.
على سبيل المثال، تمَّت الإشادة بالولايات المتحدة لاستثمارها في ممر لوبيتو، وهو خط سكك حديدية يمر عبر أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا، والذي سيُستخدم لنقل المواد الخام الحيوية. وبحلول عام 2023م، قالت الولايات المتحدة: إنها استثمرت أكثر من 22 مليار دولار منذ تولي بايدن منصبه في إفريقيا.
لكنّ البعض يُبْدُون مخاوف أن يعكس دونالد ترامب هذه الاستثمارات والمبادلات؛ فالرئيس القادم لديه رؤية أكثر حمائية وانعزالية من بايدن، لا سيما أن أحد شعارات ولايته الأولى كان “أمريكا أولاً”.
ويتمثل أحد الشواغل الرئيسية في قانون النمو والفرص في إفريقيا (AGOA)، الذي سمح للبلدان الإفريقية المُؤهَّلة بتصدير بعض منتجاتها إلى الولايات المتحدة معفاةً من الضرائب منذ عام 2000م، لكن خلال إدارته السابقة، قال ترامب: إن البرنامج لن يتم تجديده عندما تنتهي صلاحيته في عام 2025م.
وأثناء حملته الانتخابية لعام 2024م، تعهَّد بفرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع السلع الأجنبية الصنع. وهذا من شأنه أن يجعل السلع المستوردة أغلى ثمنًا، ومن المرجَّح أن يبيع المُصدِّرون الأفارقة كميات أقل من منتجاتهم في السوق الأمريكية الكبيرة.
وقد توقَّع العديد من المعلقين في جنوب إفريقيا -أحد أكبر المصدرين في ظل اتفاقية أغوا- أن تخفيض اتفاقية أغوا قد يكون له تأثير كبير على الاقتصاد.
ورغم ذلك، يتوقع معهد بروكينجز الأمريكي للأبحاث أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لجنوب إفريقيا بنسبة “0.06% فقط”. ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن العديد من صادرات جنوب إفريقيا إلى الولايات المتحدة، مثل المعادن والفلزات، لا تستفيد من اتفاقية أغوا.
وعلى الرغم من أن ترامب ليس مؤيدًا قويًّا للأغوا، إلا أنه أقرَّ بأنه إذا أرادت الولايات المتحدة مواجهة النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين في إفريقيا، فإنها تحتاج إلى الحفاظ على مستوى معيَّن من الشراكة مع القارة.
وفي عام 2018م، كشفت إدارة ترامب النقاب عن مبادرة Prosper Africa (ازدهار إفريقيا)، وهي مبادرة تدعم الشركات الأمريكية التي تتطلع إلى الاستثمار في إفريقيا- ومؤسسة تمويل التنمية (DFC)، التي تمول مشاريع التنمية في إفريقيا وحول العالم. وقد حافظ بايدن على استمرار هذين الكيانين بعد توليه منصبه، وتزعم مؤسسة تمويل التنمية أنها استثمرت أكثر من 10 مليارات دولار (8 مليارات جنيه إسترليني) في إفريقيا حتى الآن. ونظرًا إلى أن الصين لا تزال قوة رئيسية في إفريقيا، وأن ترامب نفسه قدَّم هذه السياسات، فمن المُرجَّح أن يفكر مرتين قبل إلغائها.
خفض المساعدات الخارجية:
تتلقى إفريقيا الجزء الأكبر من المساعدات من الولايات المتحدة، التي أفادت بأنها قدَّمت ما يقرب من3.7 مليار دولار أمريكي في السنة المالية الحالية.
ووفقًا للتقارير، اقترحت إدارة ترامب الأخيرة، بشكل متكرر، خفض المساعدات الخارجية في جميع أنحاء العالم غير أن الكونغرس -حيث تتمتع المساعدات الخارجية بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي-، رفض التخفيضات المقترحة.
وقال مجلس العلاقات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية في واشنطن: “إنه لو تم تنفيذ هذه التخفيضات “لكانت السياسات الأمريكية التقليدية في مجالات الصحة وتعزيز الديمقراطية والمساعدات الأمنية في إفريقيا قد انتُزِعَت من سياقها”.
ورغم ذلك، يمكن أن تكون تخفيضات المساعدات أقل إثارة للجدل بعد فوز الجمهوريين بأغلبية كبيرة في الكونجرس في انتخابات يوم الثلاثاء الماضي. وقد فاز الحزب بالفعل بمجلس الشيوخ -مجلس الشيوخ في الكونجرس-، ولديه حاليًا أغلبية في مجلس النواب.
كما أن هناك مخاوف من أن ترامب قد ينهي مبادرة “بيبفار”، وهي مبادرة أمريكية طويلة الأمد ضخَّت مبالغ كبيرة في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في إفريقيا.
وفي العام الماضي، عارض المشرعون الجمهوريون بشدة برنامج بيبفار، مدعين أن البرنامج يشجّع خدمات الإجهاض. وقد مُنح البرنامج تمديدًا قصيرًا حتى مارس من العام المقبل، لكن ترامب، المعروف بمعارضته للإجهاض، قد يَعترض على تمديد البرنامج.
سياسة مذهلة مناهضة للهجرة:
إن آراء ترامب بشأن الهجرة غير الشرعية واضحة، فضلاً عن أنه وعد، في أثناء حملته الانتخابية لعام 2024م، بترحيل مليون شخص لا يملكون تصريحًا قانونيًّا للإقامة في الولايات المتحدة.
ويشمل ذلك إفريقيا: في عام 2022م، تم تسجيل حوالي 13.000 مهاجر إفريقي على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وفقًا لبيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية. وبحلول عام 2023م، تضاعف هذا الرقم أربع مرات ليصل إلى 58.000. يدّعي بعض هؤلاء المهاجرين المحتملين أنهم فرُّوا من الحرب والاضطهاد والفقر.
لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يُطبّق فيها ترامب سياسة مذهلة مناهضة للهجرة. فخلال ولايته الأولى، اتخذ ترامب إجراءات للحد من الهجرة من عدة دول إفريقية، بما في ذلك نيجيريا وإريتريا والسودان وتنزانيا.
وذكر موقع “تايفو ليو” الإخباري الكيني أن المهاجرين من البلد الشرق الإفريقي، الذين يبلغ عددهم حوالي 160.000 مهاجر، يخشون من مواجهة التمييز في ظل رئاسة ترامب.
هل سيقدم ترامب دعمه للدول الإفريقية في محاولة لصد التوغل الروسي؟
بينما كان ترامب خارج منصبه، عزَّزت روسيا وجودها في إفريقيا. وعلى وجه الخصوص، زوَّدت الدول التي ضربها المسلحون مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو بالقوات والأسلحة. وقد أثار الوجود الروسي قلق الولايات المتحدة؛ إذ إن روسيا خصم تاريخي للولايات المتحدة.
يقول مور لبي بي سي: “في حين أن هيكل الأمن القومي الأمريكي ينظر إلى روسيا على أنها تهديد، إلا أن ترامب لم يتصرف شخصيًّا باعتبار روسيا مصدرًا للتهديد”. ويعتقد البعض أن ترامب تربطه علاقة أوثق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر مما يُظهره.
ورغم ذلك، فقد تدخَّل ترامب في الماضي لمساعدة نيجيريا في محاربة جماعة بوكو حرام، وهي جماعة ابتُليت بها الدولة الواقعة في غرب إفريقيا لمدة 15 عامًا.
“وخلال فترة ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، ناشَد الأمريكيون النيجيريون بلا كلل نيابة عن الشعب النيجيري، لكن “أوباما” رفض طلبات نيجيريا الحصول على الأسلحة. وعندما تعرضت مناطق في شمال نيجيريا لهجمات بوكو حرام، كان ترامب هو مَن وافق أخيرًا على شراء طائرات توكانو النفاثة، مما سمح للنيجيريين بتعزيز دفاعاتهم”؛ بحسب تصريح النائب السابق إيهوزوا جونسون أغبوناييغينما لموقع Vanguard النيجيري.
وهناك أيضًا قضية الحرب الأهلية في السودان التي تدور رحاها منذ 18 شهرًا، وأودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص.
قال مور: “إن ترامب رجل الصفقات”، مضيفًا: “أنا أشك حقًّا أن تهتم إدارة ترامب بما يحدث في السودان أكثر من إدارة بايدن على سبيل المثال. ولكن في نهاية المطاف، لا يمكن التأكد تمامًا مما سيضعه ترامب نصب عينيه بمجرد وصوله إلى منصبه.
وكما يقول مور: “ترامب غير تقليدي للغاية في الطريقة التي يتصرَّف بها. لذلك عليك أن تكون منفتحًا إلى حد ما على الأشياء الجديدة، ليس بالضرورة أن تكون أشياء جيدة، ولكن أشياء جديدة”؛ على حد تعبيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقال: https://www.bbc.com/afrique/articles/cjr4lewwv9qo