قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن السلام هو المفتاح لفتح مستقبل إفريقيا وللأفارقة أنفسهم، ولتعزيز صوت القارة ونفوذها في بناء السلام في جميع أنحاء العالم.
جاءت تصريحات الأمين العام أثناء كلمته أمام جلسة لمجلس الأمن عقدت لمناقشة تعزيز دور الدول الإفريقية في مواجهة تحديات الأمن والتنمية العالمية. وأكد الأمين العام أن إفريقيا “صوت مهم للصالح العالمي”، وموطن للعديد من الأمثلة على الوحدة والتضامن في عالم ممزق.
وأشار إلى تجلي هذه الوحدة في تركيز إفريقيا على القضاء على الفقر والجوع، ودعم اللاجئين الفارين عبر الحدود، وتحقيق التنمية المستدامة. لكنه شدد على أن تلك الجهود تتطلب سلاما في إفريقيا وخارجها، مضيفا أن “عددا كبيرا جدا من الأفارقة عالقون في جحيم الصراعات، أو يعيشون في ظل خطر الإرهاب والتطرف العنيف في مجتمعاتهم”.
وأشار الأمين العام إلى تأثير التغيرات المناخية المتصاعدة، والتوترات الجيوسياسية المتزايدة على القارة. وقال إنه في بعض البلدان “نشهد انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان، ووباء العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي، وانتهاك القانون الدولي، ومناخا عالميا من الإفلات من العقاب”.
وشدد أمين عام الأمم المتحدة على أن التكلفة البشرية للصراعات في القارة “مفجعة”، فضلا عن التكلفة التي لا تحصى بالنسبة للتنمية. وقال غوتيريش إن هناك حاجة إلى تعزيز قيادة السلام في إفريقيا نفسها، وعلى الساحة العالمية، مضيفا “نحن بحاجة إلى السلام في إفريقيا نفسها”. وأوضح أن شراكة الأمم المتحدة مع إفريقيا ترتكز على تصور واضح مفاده “أننا يجب أن نعمل مع الاتحاد الأفريقي على أساس مبدأ الحلول التي تقودها إفريقيا للمشاكل الإفريقية”.
وأثنى على تبني مجلس الأمن القرار رقم 2719 (لسنة 2023) الذي وصفه بأنه منعطف مهم يدعم عمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الإفريقي – بما في ذلك عمليات إنفاذ السلام ومكافحة الإرهاب – بولايات من المجلس من خلال الاشتراكات المقررة. وشدد على أن مثل هذه الشراكات محورية في الخطة الجديد للسلام.
وقال الأمين العام إن هناك حاجة أيضا إلى ترسيخ المشاركة والقيادة الإفريقية عبر هيكل السلام والأمن العالمي، مشيرا إلى أن الدول الأفريقية لا تزال محرومة من الحصول على مقعد على طاولة المفاوضات بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي، كما أنها تعاني بشكل غير متناسب من آثار الصراعات، والنظام المالي العالمي غير العادل، وأزمة المناخ.
وشدد على أن “تعزيز صوت إفريقيا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمكنت البلدان الأفريقية من المشاركة في هياكل الحوكمة العالمية على قدم المساواة. ويجب أن يشمل ذلك تصحيح النقص في التمثيل الإفريقي الدائم في هذا المجلس”.
وأضاف أن هذا يجب أن يشمل أيضا إصلاح الهيكل المالي العالمي، وخاصة التعامل مع الديون، حتى تحصل البلدان الإفريقية على الدعم الذي تحتاجه لصعود سلم التنمية.
مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن بانكولي أديوي تحدث عبر الفيديو أمام مجلس الأمن حيث أكد على ضرورة صمود إفريقيا، وأن تظل “قوية ومتحدة في جهودها للعب دور عالمي”. وقال أديوي إن إعادة هيكلة مجلس الأمن المجلس “أمر حتمي” نظر لمتطلبات الوقت الراهن. وأضاف أنه يجب على النظام العالمي الناشئ أن يعزز التعددية المتجددة والمتشابكة من أجل الاستقرار العالمي، مؤكدا أن هذا “حق إفريقيا وليس مطلبا فحسب”. وقال إن مجلس الأمن يجب أن يكون “أكثر شمولا، وأكثر تأييدا لإفريقيا، وأكثر ديمقراطية. ويجب أن يكون مشروعا، وعادلا، وخاضعا للمساءلة”.
وشدد على أهمية تعزيز التنسيق بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي من خلال الآليات الإقليمية والكيانات الاقتصادية الإقليمية، مؤكدا أن هذا الأمر “سيؤدي إلى السلام والاستقرار المستدامين”. وأوضح أن الأجندة الجديدة للسلام وقمة المستقبل التي تنعقد هذا العام، تمثلان فرصة لتعزيز مواقف إفريقيا على الساحة العالمية.
وأشار مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن إلى أن “إسكات صوت الأسلحة” يظل على أجندة الاتحاد الإفريقي، مضيفا أنه من الضروري أن يكون هناك عدم تسامح على الإطلاق مع أي تغيير غير دستوري للحكومات، وأن يكون هناك دعم مستمر للعلاقة بين السلام والأمن والتنمية.
وقال إن الاتحاد الإفريقي يعمل على دعم القدرات المؤسساتية والصمود على المستويين المحلي والوطني في القارة. ونبه كذلك إلى أن إصلاح الهيكل المالي العالمي يعد “أمرا حتميا آخر”.
وقال إن الهيكل الحالي لم يكن قادرا على دعم تعبئة التمويل المستقر طويل الأجل للتنمية، مشيرا إلى أن ذلك الهيكل المالي يعاني من عدم المساواة والثغرات وأوجه القصور التي تحتاج إلى معالجة.