بقلم: جوزيف سيجل و كانداس كوك
ترجمة:سيدي.م.ويدراوغو
ستكون انتخابات عام 2020م في إفريقيا بمثابة امتحان فيما يتعلق بالجهود الرامية إلى تبديد حدود الفترات الرئاسية، وغيرها من الضوابط والتوازنات الديمقراطية، مع تداعيات مباشرة على استقرار القارة.
إن سعي بعض القادة للتهرب من التقيّد بفترات الولاية، عطفًا على المرونة الديمقراطية في مواجهة النزاع المسلح والجهود العلنية المتزايدة للجهات الفاعلة الخارجية للتأثير على النتائج؛ من الأمور الحاضرة على المشهد في ظل إقبال إفريقيا على إجراء عشرات الانتخابات الرئاسية أو العامة في عام 2020م.
لذا يمثل عام 2020م موعدًا نهائيًّا مهمًّا لمعرفة ما إذا كان المواطنون الأفارقة -وخاصة الشباب الذين يزداد نشاطهم وإقبالهم على شبكة الإنترنت-، والمنظمات الإقليمية والشركاء الدوليون سيتسامحون مع المحاولات الرامية إلى تلاشي المعايير الديمقراطية، أو سوف تُبذل المزيد من الجهود لتطبيق معايير معينة أكثر فعالية؟
ولتسليط الضوء على التحديات يُشار إلى أنه ستُجْرَى غالبية الانتخابات في إفريقيا في عام 2020 في بلدان تشهد النزاعات، أو خارجة من صراعات، ولا سيما بوركينا فاسو وبوروندي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وكوت ديفوار وإثيوبيا، النيجر والصومال. حيث تواجه هذه البلدان أزمات ناجمة عن تبعات السلطات القديمة التي كانت تمارس الإقصاء أو التمرّد المسلَّح، عطفًا على تحديات بناء رؤى وطنية شاملة من السياسات المستقطبة؛ لذلك، فإن العلاقة الوثيقة بين الحكم والأمن في إفريقيا سوف تتضح أكثر في عام 2020م.
الدول المعنية:
-توغو.
-بوروندي.
-إثيوبيا.
-سيشيل.
-تنزانيا.
-ساحل العاج.
-غينيا.
-بوركينا فاسو.
-غانا.
-جمهورية إفريقيا الوسطى.
-النيجر.
-الصومال.
يًشار إلى أن الانتخابات الإفريقية لعام 2020م مركَّزة في غرب إفريقيا (مع 6 انتخابات)، وفي القرن الإفريقي (إثيوبيا والصومال)، وفي البحيرات الكبرى (بوروندي وتنزانيا)، ومن المقرر أن يتم إجراء عشرة انتخابات من أصل اثنتي عشرة عملية انتخابية خلال النصف الثاني من العام 2020م؛ مما يشير إلى أن عام 2020م سيكون فترة ديناميكية للاعبين الرئيسيين الذين سيسعون إلى تعزيز، ليس فقط مصالحهم الفردية، ولكن أيضًا رؤيتهم لمستقبل بلدهم، ومعايير الحكم في القارة بأكملها.
عطفًا على ذلك، سيتم إجراء 8 انتخابات تشريعية هذا العام: في جزر القمر (19يناير)، الكاميرون (9 فبراير)، غينيا (1مارس)، تشاد (يناير-مارس)، مالي (2مايو)، مصر (نوفمبر)، الجابون (غير مؤكد)، ليبيريا (غير مؤكد).
الدولة – نوع الانتخابات – التاريخ |
غينيا – التشريعية – 1 مارس |
توجو – الرئاسية – 22 فبراير |
بوروندي – العامة – 20 مايو |
إثيوبيا – العامة – 16 أغسطس |
سيشيل – الرئاسية – سبتمبر |
كوت ديفوار – الرئاسية والتشريعية – أكتوبر |
غينيا – الرئاسية – أكتوبر |
تنزانيا – العامة – أكتوبر |
بوركينا فاسو – الرئاسية – نوفمبر |
غانا – الرئاسية – 7 ديسمبر |
جمهورية إفريقيا الوسطى – الرئاسية والتشريعية – 27 ديسمبر |
النيجر – العامة – 27 ديسمبر |
الصومال – الرئاسية – ديسمبر |
وفيما يلي بعض التحديات الرئيسية التي يجب الاهتمام بها:
توجو
الانتخابات الرئاسية في22 فبراير
ستتميز الانتخابات الرئاسية التوجولية بجهود الرئيس فور غناسينغبي للبقاء في السلطة لفترة رابعة، ولتمديد فترة تولي عائلته الرئاسة منذ عام 1967م. تولى فور غناسينغبي منصبه في عام 2005م أثناء الانتخابات التي تعرضت للطعن فيها بعد رحيل والده، غناسينغبي إياديما، الذي حكم هذه الدولة الصغيرة في غرب إفريقيا بقبضة حديدية لمدة 38 عامًا.
وبعد عامين من الاحتجاجات الشعبية المستمرة التي تطالب فور غناسينغبي بالتنحي في نهاية هذه الولاية تم تحديد عدد المأموريات لفترتين رئاسيتين في الدستور في عام 2019م؛ غير أن فور غناسينغبي تمكن في عام 2002م من إزالة القيود التي وضعها الدستور؛ حيث إن الحزب الحاكم “اتحاد الجمهورية” الذي يشغل 59 من أصل 91 مقعدًا في البرلمان، لم يطبق حدود الولاية الجديدة بأثر رجعي، مما أدى إلى إعادة تعيين الولاية إلى الصفر وفتح الباب لترشيح فور غناسينغبي لولاية رابعة في عام 2020م وربما الخامسة في عام 2025.
تجدر الإشارة إلى أن ساحة اللعب الانتخابية في توغو غير متوازنة؛ حيث إن قيادة اللجنة الانتخابية والقضاء ووسائل الإعلام الحكومية من الموالين لفور غناسينغبي، والأهم من ذلك أن الجيش مسيّس للغاية، وظل لعقود من الزمان شريكًا وثيقًا مع الحزب الحاكم، وتشكل كذلك المجموعة العرقية “كابي” التي ينتمي إليها الرئيس فور غناسينغبي 70٪ من الجيش الوطني؛ رغم أنها لا تشكل إلا ربع السكان.
إن أحزاب المعارضة، على الرغم من تشتيتها في توغو، تحظى بدعم مِن قِبل المغتربين النشطين الذين يصرّون على نحو متزايد على المطالبة بإنهاء نظام حكم توغو الأسري، والانتقال إلى الديمقراطية، وقد أبرزوا مستوى غير مسبوق من التنظيم والكفاح في تنسيق الاحتجاجات التي أدت إلى إعادة تحديد عدد المأموريات. ومع ذلك، فقد تم حل ائتلاف أحزاب C-14 المعارضة التي قادت الاحتجاجات بشكل فعَّال بعد إقرار تحديد عدد الفترات الرئاسية، وعليه ستقدم الأحزاب العديد من المرشحين مما يمهد الطريق لانتصار انتخابي لفور غناسينغبي في الجولة الأولى.
لكن الفوز غير مضمون مقدمًا؛ حيث حصل أحد المرشحين، جان بيير فابر من التحالف الوطني من أجل التغيير، على 35٪ من الأصوات في الانتخابات الرئاسية لعام 2015م، مما يعكس قاعدة دعم قوية. بالإضافة إلى ذلك، تجمهر العديد من أعضاء C-14 مع رئيس الوزراء السابق أغبيومي كودجو، الذي تم اختياره كمرشح للقُوَى الديمقراطية، وهو تحالف بدأه فيليب فانوكو كوسي كبودزرو، رئيس أساقفة لومي. وحال حصول الجولة الثانية في الانتخابات، وتمكنت المعارضة من توحيد صفوفها؛ فستحظى بفرصة جيدة للفوز بأغلبية الأصوات.
يُشار إلى أن غياب الحرية السياسية، ومواجهة الاضطرابات الاقتصادية في توغو من الاعتبارات التي عزّزت السخط الشعبي، وهو ما يفسر الدعم الهائل لعملية الانتقال الديمقراطي التي طال انتظارها.
لكن السؤال المطروح هو هل يمكن للمعارضة تنظيم ما يكفي لتقديم جبهة موحدة للتغلب على تأثير فور غناسينغبي على العملية الانتخابية؟ وعطفًا على ذلك تتجه الأنظار إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) أيضًا تلك الهيئة الإقليمية التي لعبت سابقًا دورًا مهمًّا في الحفاظ على المعايير الديمقراطية في المنطقة (أحدثها تسهيل رحيل يحيى جامع بعد هزيمته في صناديق الاقتراع في عام 2017م)؛ مما ساهم بشكل كبير في تعزيز سمعة الإيكواس. ومع ذلك، كانت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سلبية بشكل ملحوظ في معالجة العجز الديمقراطي المستمر في توغو.
بوروندي
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 20 مايو.
ستُجرَى انتخابات بوروندي على منوال انتخابات عام 2015م عندما طعن الرئيس بيير نكورونزيزا في الحدّ الدستوري -الذي يقضي بفترتين رئاسيتين-؛ ثم الترشح لولاية ثالثة بعد قضاء مدة 10 سنوات في السلطة. لكن قراره أفرز انتكاسة على فترة بناء السلام بين مجموعات عرقية متعددة والتي استمرت منذ توقيع اتفاقات أروشا في عام 2000م، ووضعت الحد للحرب الأهلية البوروندية التي أودت بحياة قرابة 400000 شخص. وقد أثار قرار نكورونزيزا بتمديد ولايته احتجاجات واسعة النطاق، تم قمعها بعنف، وأعقب ذلك هروب معظم أعضاء المعارضة السياسية وقادة المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة من البلاد أو التعرض للسجن أو التعذيب أو القتل.
أدت الأزمة السياسية أيضًا إلى تفتيت قطاع الأمن؛ نتيجة رفض العديد من الضباط المشاركة في الحملة، والفرار من البلاد أو الانضمام إلى جماعات المعارضة المسلحة. وتظل ممارسة الاستفزازات تسود البيئة السياسية من قبل الشرطة وميليشيات الشباب في بوروندي وإمبونيراكوري الذين يدعمون الحزب الحاكم، المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية -قوات الدفاع عن الديمقراطية (CNDD-FDD ). وفي هذا السياق تم إلغاء التقدم المُحرَز بين عامي 2000 و2015م؛ من حيث الاحتراف العسكري إلى حد كبير؛ حيث أصبحت القوات المسلحة مستقطبة بشكل متزايد على أسس عرقية وسياسية.
جنود بورونديُّون في فضّ المتظاهرين في بوجومبورا في عام 2015م
تشير التقديرات إلى أن 2000 شخص قد لقوا مصرعهم، وما يقرب من 500000 -من إجمالي عدد السكان البالغ 11 مليونًا- أصبحوا لاجئين أو مشرَّدين داخليًّا منذ عام 2015م. وفي عام 2019م أجرتْ لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تحقيقًا كشف عن أن عوامل الخطر الثمانية الشائعة في جرائم الحرب موجودة جميعها في بوروندي.
وفي هذا المناخ المتوتر مدَّد استفتاء 2018م المثير للجدل مدة الرئاسة من 5 إلى 7 سنوات، وفتح الباب لترشيح نكورونزيزا لولاية رابعة في عام 2020م وللمرة الخامسة في عام 2027. ومع ذلك اختار CNDD-FDD أمينها العام ووزير الداخلية، الجنرال إيفاريست ندايشيمي، للمشاركة في الانتخابات المقبلة، وفي غضون ذلك، حصل نكورونزيزا على لقب “المرشد الأبدي الأعلى” و”القائد الأعلى” في قانون تمت المصادقة عليه في يناير 2020م، وهذا الدور غير المنتخب يسمح بأن يبقى نكورونزيزا القوة السياسية المهيمنة في بوروندي وبأقل القيود.
وباختصار، فبعد الفشل في منع انتهاك حدود ولاية نكورونزيزا في عام 2015م، أصبحت بوروندي في خضم أزمة سياسية من صنع الذات لها عواقب إنسانية خطيرة ولا تلوح في الأفق أيّ علامات على التراجع، وهذه الأزمة، بدورها، يمكن أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار على نطاق واسع في منطقة البحيرة الكبرى التي تشمل رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتنزانيا، وأوغندا.
إثيوبيا
الانتخابات البرلمانية في 16 أغسطس
ستجرى في إثيوبيا واحدة من أكثر الانتخابات إثارة للاهتمام والأكثر أهمية في هذا العام، كجزء مما يمكن اعتبارها أولى الانتخابات الديمقراطية التنافسية في هذا البلد البالغ عدد سكانها 100 مليون شخص. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد هو من أوجد إمكانية هذه اللحظة التاريخية من خلال إحلاله الانفتاح في النظام السياسي الإثيوبي عقب توليه زمام الحكم في أبريل 2018م بعد أن كان منغلقًا حتى الوقت الراهن. وتحت قيادة آبي أحمد أطلقت الحكومة سراح مئات السجناء السياسيين وخفّفت القيود المفروضة على وسائل الإعلام المستقلة، ورفعت الحظر عن 264 موقعًا ومحطة تلفزيون وعيّنت بيرتوكان ميدكسا (وهو زعيم معارض سابق في المنفى) رئيسًا للجنة الانتخابية الوطنية لإثيوبيا (NEBE).
إن الإدراك بأنه لم يسبق للدولة ولا للشعب القيام بخطوات مشابهة للعملية التنافسية في السابق أدّى إلى التخفيف من حماسة الانتخابات؛ لذلك تظل أسئلة كثيرة عالقة دون إجابة فيما يتعلق بالقواعد الانتخابية وكيف سيشارك الفاعلون السياسيون والمواطنون في هذه العملية؟ ومن تلك الأسئلة: هل سيتمكن NEBE المفوض حديثًا من إدارة الانتخابات بفاعلية وعدالة؟ كيف سيكون رد فعل القادة السياسيين إذا كانت النتائج الانتخابية لا تفي بتوقعاتهم؟ هل ستنتهج الأحزاب السياسية القنوات القانونية المطروحة للمطالبة بالإنصاف؟ هل سيُنظر إلى المحاكم على أنها جهات محايدة؟ هل ستكون قوات الأمن قادرة على الرد على أيّ تهديد بالعنف؟ هل سيُقدّم الفائزون المصالح الوطنية أو المحلية على غيرها بعد توليّهم المنصب؟ هل ستدرك الأحزاب أن خسارة الانتخابات الديمقراطية لا تعني الفقدان الأبدي بل انتكاسة مؤقتة وفرصة لمواصلة حشد المزيد من المؤيدين إلى الانضمام إليها؟
خريطة مناطق إثيوبيا
إنَّ البُعد العرقي حاضر في جميع جوانب العملية الانتخابية، فمنذ أن تبنَّت إثيوبيا هيكلاً سياسيًّا على أساس الفدرالية العرقية في دستورها لعام 1992م حظيت المسألة الأساسية للهوية الوطنية مقابل الهوية العرقية بأهمية أكثر؛ حيث نمَت تصورات السلطة والحقوق على أساس العرق منذ ذلك الحين وفي السنوات الأخيرة، وأفرز ذلك عددًا متزايدًا من العنف من قبل الميليشيات العرقية، ونتجت من ذلك مئات الوفيات وتشريد حوالي 2.8 مليون شخص. وفي الوقت الراهن وبعد أن أصبحت الانتخابات التنافسية تلوح في الأفق، فمن المرجح أن تزداد قوة عوامل التأثير العرقية، وفي حال عدم تغلب دافع البقاء برؤية وطنية موحدة فسوف يتم تشجيع السياسيين الإقليميين بقوة على جَذْب الأوساط القومية لتعبئة مؤيديهم، وقد يشكل ذلك منطلق لإثارة الخلافات الشديدة، والتي يمكن أن تكون متفجرة.
ولتجنب هذا المسار، سيتعين على قادة جميع الأحزاب السياسية وجميع مناطق إثيوبيا الانخراط في اصطفاف وطني، وإدانة العنف بغض النظر عن المكاسب التي يحققها على المدى القصير. وقد بدأت بعض الجهود لبناء تحالفات بين الأعراق والأقاليم، وبقدر ما تكتسب الأخيرة من قوة سيتم تشجيع الأحزاب السياسية والجهات الفاعلة على تعزيز موضوعات إحلال الوحدة، وحال العكس، فإن إثيوبيا تخاطر بأن تنتهي بسلسلة من الولايات القضائية المجزأة دون منطق مشترك. ومع وجود أكثر من 100 حزب سياسي تظل آليات صياغة السياسات الوطنية مع بناء الشبكات الأساسية بدائية.
نظرًا لتاريخها الطويل والشهير في الثقافة والتقاليد والحضارة المشتركة؛ فإن إثيوبيا تشرع في هذا الانتقال على أساس أكثر صلابة من العديد من البلدان الأخرى في إفريقيا. وكما هو الحال مع أيّ انتقال سيكون للمثال الذي وضعه القادة تأثيرًا كبيرًا قبل إنشاء معايير ومؤسسات جديدة؛ وعليه سيكون السؤال الرئيسي لإثيوبيا في هذه الانتخابات التاريخية هو: إلى أيّ مدًى سوف يرتقي قادتها السياسيون والمدنيون في هذه المناسبة؟
سيشيل
الانتخابات الرئاسية في سبتمبر
من المتوقع أن تواصل سيشيل التعزيز المستمر لمؤسساتها الديمقراطية من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية في سبتمبر. وعلى الرغم من تسجيل 12 حزبًا سياسيًّا إلا أن السباق سوف يقتصر بين داني فاوري، الرئيس المنتهية ولايته من حزب سيشيل المتحدة، الذي يسعى لولاية ثانية وبين وافيل رامكالوان من حزب لينيون ديموكراتيك سيسيلوا الذي يتمتع بالأغلبية في الجمعية الوطنية.
ومن المتوقع أن تشهد انتخابات هذا العام إنشاء منصب “كبير موظفي الانتخابات الدائم”؛ الذي يتولى الإشراف على أمانة لجنة الانتخابات وأنشطتها في ديسمبر 2020م، وسيكون هذا الموظف مسؤولاً عن الاستعدادات والدعم اللوجستي فضلاً عن تعيين وتدريب موظفي الانتخابات. ويتعين وفق هذا الترتيب أيضًا فصل المسؤوليات بين مهام الإشراف على لجنة الانتخابات وتنفيذها.
وقد لعبت سيشيل دورًا كبيرًا في بنية السلام والأمن الإفريقية من خلال حظر ومحاكمة الجرائم العابرة للحدود والمرتكبة في غرب المحيط الهندي، وخاصة القرصنة، وتهريب المخدرات، ويجب على سيشيل المضيّ قُدُمًا في لعب هذا الدور بغض النظر عن المرشح الذي يفوز بالرئاسة.
تنزانيا
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في4 أكتوبر
منذ تولي الرئيس جون ماغوفلي مهام منصبه في عام 2015م تقلّصت المساحة الديمقراطية في تنزانيا بشكل أسرع من أيّ بلد إفريقي آخر تقريبًا. وقد أصبحت تنزانيا -التي كانت في السابق ديمقراطية ناشئة تحترم الحريات المدنية– في الوقت الراهن حكومة تشدد القمع على وسائل الإعلام المستقلة وأحزاب المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان. وفي فبراير 2016م، صرح ماغوفلي بأنه سيضمن عدم وجود أحزاب سياسية معارضة من الآن وحتى الانتخابات العامة المقبلة، ويبدو أن تصرفاته منذ ذلك الحين تهدف بالتحديد إلى تحقيق هذا الهدف.
وفي هذا السياق؛ تم حظر الأنشطة السياسية مثل الاجتماعات العامة والتجمعات والمظاهرات التي تنظمها أحزاب المعارضة، فضلاً عن منح القانون الذي تم إقراره في يناير 2019م للسجل المدني الذي تُعيّنه الدولة سلطات واسعة في الشؤون الداخلية للأحزاب السياسية، وقد صرّح زعماء المعارضة بأن التغييرات التشريعية ستجرم فعليًّا النشاط السياسي. وفي الواقع، تعرض اثنان من أكبر أحزاب المعارضة في البلاد، CHADEMA و ACT-Wazalendo للتهديد بالإلغاء. وعلى الرغم من احتفاظ CCM (الحزب الحاكم) بالسلطة منذ الاستقلال في عام 1961م إلا أن تنزانيا أصبحت اليوم في خطر أن تصبح رسميًّا دولة الحزب الواحد بعد 28 عامًا من السياسة التي اتسمت بتعدُّد الأحزاب، لكن تداعيات هذه النكسة، خاصة في زنجبار؛ حيث يوجد تراث طويل من عدم الثقة بالحزب الحاكم، قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار بشكل خاص.
إن الاهتمام الرئيسي لا يكمن في معرفة سياسات ورؤى الأطراف المعنية بقدر ما إذا ستكون العملية الانتخابية نفسها ذات مصداقية كافية حتى يتم اعتبارها انتخابات. وخاصة أن القوانين التعسفية تجاه الجرائم الإلكترونية وتخويف الصحفيين وإخماد صحف المعارضة والناشطين على المواقع الاجتماعية أدّت إلى فقدان تنزانيا 40 مركزًا في تصنيف منظمة “مراسلون بلا حدود” حول حرية الصحافة السنوية. بالإضافة إلى ذلك ونظرًا إلى مركزية التركيبة السياسية في البلاد يعيّن السيد ماجوفولي جميع المناصب الحكومية الرئيسية مباشرة من مفوضي المقاطعات إلى القضاة.
وباختصار، ففي حين ترشح ماجوفولي لولاية ثانية في عام 2020م؛ فإن الاهتمام الرئيسي لا يكمن في معرفة سياسات ورؤى الأطراف المعنية بقدر ما إذا كانت العملية الانتخابية ستحظى بمصداقية كافية؛ حتى يتم اعتبارها انتخابات. عطفًا على ذلك، فإن نتائج استطلاعات الرأي من الجهات المستقلة التي أظهرت بأن شعبية ماجوفولي قد تراجعت بشكل كبير منذ توليه منصبه؛ فإن أيّ فوز للأخير سيكون مُشوّهًا إلى حدّ كبير، وسوف تفتقر إلى الشرعية. وسيكون لمدى استعداد الاتحاد الإفريقي والشركاء الدوليين للاعتراف بهذه النتيجة في تنزانيا، بدوره، تداعيات على معايير الحكم في أماكن أخرى من القارة.
كوت ديفوار
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في31 أكتوبر
إن التحدي المتمثل في احترام الحد من عدد الولايات الرئاسية، والتوترات المرتبطة بالحرب الأهلية عام 2010م في كوت ديفوار التي لم يتم حلها من الاعتبارات التي تجعل انتخابات عام 2020م نقطة تحول بالنسبة للبلاد. سيحدد حل هذه القوى المتنافسة ما إذا كانت كوت ديفوار تواصل السير على طريق الإصلاح السياسي والنمو الاقتصادي (والذي يمثل 7٪ في السنة، وهو واحد من أعلى المعدلات في إفريقيا) أو ستعود إلى نمط من أنماط الحكم الإقصائي غير المسؤول الذي أدَّى إلى نشوب النزاعات الأهلية في عامي 2003 و2010م.
يكمّل الرئيس الحسن واتارا، الذي قاد عملية تجديد انتعاش البلاد بعد الحرب، ولايته الثانية في عام 2020م. ومع ذلك، يعتقد الرئيس واتارا البالغ من العمر 78 عامًا أن الدستور الجديد الذي تم تبنّيه في عام 2016م قد أعاد مسألة الحدّ من عدد المأموريات إلى الصفر، وأنه يمكن أن يترشّح فعلاً لولاية ثالثة. ووفقًا لإحصائيات أفروبارمتر فإن 86٪ من المواطنين يؤيدون تقييد عدد المأموريات بفترتين في كوت ديفوار.
ويشار إلى أن واتارا أظهر نزعات استبدادية متزايدة، ومنذ بداية عام 2019م تم اعتقال 14 ناشطًا وأعضاء من المعارضة. وكان أهمها: مذكرة الاعتقال الصادرة ضد حليف مقرب سابق ورئيس الجمعية الوطنية، غيوم سورو، بعد أن أعلن الأخير اعتزامه الترشح للانتخابات في عام 2020م خلال جولة أوروبية في ديسمبر 2019م. ثم أجبر سورو على تحويل رحلة العودة إلى أبيدجان لتجنُّب اعتقاله هناك في حين أن التُّهَم الموجهة إليه تم اعتبارها على نطاق واسع بأنها ذات دوافع سياسية.
وفي السياق ذاته طُرِدَتْ المُعارِضَة ناتالي يام من حزب ليدر من كوت ديفوار في ديسمبر 2019م بعد ما أشارت إلى أن فرنسا كانت تمارس نفوذًا غير ضروري على حكومة واتارا. وفي أكتوبر 2019م تم إلقاء القبض على جاك مانجوا، أحد قادة الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار -التجمع الديمقراطي لإفريقيا (PDCI-RDA) ، وهو حزب معارض بتهمة حيازة أسلحة مزعومة في منزله، ثم حُكِمَ عليه بالسجن لمدة 5 سنوات. وفي يناير 2019م تم اعتقال ألان لوبوغيان، وهو عضو برلماني قريب من سورو، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة عام وغرامة قدرها حوالي 520 دولارًا لنشره “تغريدة معلومات كاذبة“.
ستكون العملية الانتخابية لعام 2020 في كوت ديفوار بمثابة اختبار لقدرة البلد على فرض قيود على السلطة التنفيذية.
إذا كان السيد واتارا يسعى إلى تمديد ولايته، فقد يكون ذلك رغبة منه في قطع الطريق على التحالف بين الرئيسين السابقين هنري كونان بيدي، البالغ من العمر 81 عامًا، ولوران غباغبو، البالغ من العمر 75 عامًا، اللذان يمثلان النظام السياسي لما قبل واتارا، ويستعدان للترشح للرئاسة في عام 2020م. وقد نظمت أحزاب الزعماء السابقين تجمعًا كبيرًا مشتركًا في أبيدجان في أغسطس 2019م على الرغم من افتقارهم إلى أرضية مشتركة. وعطفًا على ذلك، فقد شُوِّهَت رئاسة بيدي في أواخر التسعينيات اتهامات بالفساد وإثارة كراهية الأجانب تحت ستار “إيفواريتي”. لكن غباغبو، في الوقت نفسه، لا يزال في بلجيكا في انتظار استئناف المحكمة الجنائية الدولية لجرائم ضد الإنسانية ارتُكِبَتْ خلال الأزمة الانتخابية 2010-2011م الناجمة عن رفضه الانسحاب بعد هزيمته الانتخابية أمام منافسه واتارا.
غير أن الشعبية التي يحظى بها هؤلاء القادة السابقون في الوقت الراهن توحي بأن الانقسامات العرقية والدينية في كوت ديفوار لا تزال قوية؛ فالجنوب الذي ينتمي إليه بيدي وغباغبو (اللذان كانا يسيطران تقليديًّا على السلطة في البلاد) أكثر ازدهارًا نسبيًّا، وتسود فيه المسيحية، بينما الشمال أقلّ تطورًا لكنه أكثر عددًا في الديانة الإسلامية، وهذه الانقسامات تؤثر على قطاع الأمن. على الرغم من بذل الجهود الكبيرة لإصلاح القطاع الأمني من خلال تسريح حوالي 70،000 مقاتل سابق ودمج الميليشيات المتنافسة في الجيش الوطني، إلا أن الولاءات المنقسمة لا تزال قائمة، وقد تجلّت هذه التوترات في تمردات عنيفة في عامي 2016 و2017م. وقد أثار احتمال العودة إلى استقطاب السياسة من الماضي المخاوف من تقويض إصلاحات العقد الماضي.
وخلاصة القول هو أنه على الرغم من التقدم الجدير بالثناء الذي تم إحرازه منذ عام 2010م؛ إلا أن العملية الانتخابية لعام 2020 في كوت ديفوار ستكون بمثابة اختبار لقدرة البلاد على فرض قيود على السلطة التنفيذية، وكذلك تقوية التقدم المحرز في تعزيز المصالحة، وبناء السلام والهوية الوطنية. وعليه فإن سمعة كوت ديفوار باعتبارها قاعدة اقتصاديَّة وأمنيَّة في غرب إفريقيا على المحكّ.
غينيا
الانتخابات الرئاسية في أكتوبر، والتشريعية والاستفتاء الدستوري في 1 مارس
القضية الرئيسية في الانتخابات الرئاسية لعام 2020م في غينيا تتمثل في تفاني الرئيس ألفا كوندي، البالغ من العمر 81 عامًا، للحصول على فترة رئاسية ثالثة محظورة بموجب الدستور الحالي، علمًا أن كوندي -الذي كان مرشحًا معارضًا منذ زمن طويل- أصبح أول رئيس منتخب ديمقراطيًّا لغينيا في عام 2010م بعد مرحلة انتقالية، ثم إلى الديمقراطية بعد عقود من الحكم العسكري. ولكن بدلاً من تمهيد الطريق للانتقال السلمي، اقترح الرئيس مشروع دستور جديد يمدد فترة ولاية الرئيس من خمس إلى ست سنوات، وذلك رغبةً منه في استخدام هذا التعديل كذريعة لتبرير ترشيح نفسه لفترة ولاية ثالثة علمًا بأنَّ أيّ تعديل للدستور سيتطلب إجراء استفتاء والذي يتطلب موافقة البرلمان، وعليه فإن الانتخابات التشريعية في مارس ستكون حاسمة، وخاصة أن حزب كوندي يتمتع بأغلبية برلمانية ضعيفة.
القوة الرئيسية التي تعارض محاولة كوندي لتمديد فترة ولايته هي قوى المجتمع المدني الغيني. وقد نظمت الأخيرة تظاهرات متكررة لمعارضة أيّ تغيير دستوري في تحديد عدد المأموريات، وقد تعاملت الشرطة في بعض الأحيان مع الاحتجاجات بالقوة؛ مما أسفر عن مقتل 20 مدنيًّا على الأقل منذ أكتوبر 2019م. وفي 10 ديسمبر 2019م خرج ما يُقدّر بمليون متظاهر إلى الشوارع، ومنذ ذلك الحين واصَل عشرات الآلاف من الناس التظاهر.
تنظيم منظمات المجتمع المدني تظاهرات متكررة لمعارضة أي تعديل دستوري يمسّ عدد المأموريات.
يرى المعارضون أن كوندي يحكم بشكل أكثر استبدادية، وفضلاً عن محاولات قمع الاحتجاجات؛ فإن فوزه في انتخابات عام 2015م شابتْه مخالفات واسعة النطاق، ويعتقدون أن رجحان النتيجة لصالحه ناجم عن ملء الأخير لجنة الانتخابات الوطنية بموالين له. فضلاً عن أن الكثير من الغينيين غاضبون أيضًا من كوندي؛ نتيجة فشله في تقديم الجنود المسؤولين عن مذبحة 150 متظاهرًا واغتصاب العشرات من النساء في ملعب كرة القدم في سبتمبر 2009م إبَّان نظام قائد الانقلاب موسى داديس كامارا. ويُعتبر ذلك حدثًا تاريخيًّا في تاريخ غينيا الحديثة.
وهناك عامل آخر في انتخابات غينيا 2020م؛ والذي يتمثل في جهد روسيا الواضح لدعم ترشيح كوندي لولاية ثالثة، وفي خطاب متلفز عشية رأس السنة الجديدة أيَّد السفير الروسي في غينيا، ألكساندر بريغادزه، التعديل الدستوري بإخبار الغينيين بأنهم “سيجانبون الصواب” حال السماح لـ “كوندي” الأسطوري بالانسحاب. وتجدر الإشارة إلى أن غينيا تمتلك أكبر احتياطيات في العالم من البوكسيت، وهو المعدن المُستخدَم لإنتاج الألمنيوم، وتمتلك روسال أكبر شركة ألمنيوم في روسيا منجم البوكسيت الكبير في غينيا، وتحصل على ربع البوكسيت من البلاد.
بوركينافاسو
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 22 نوفمبر
يُتوقع أن يسيطر كل من ملف الأمن وترسيخ الديمقراطية على انتخابات عام 2020م في بوركينا فاسو؛ حيث شهدت بوركينا فاسو زيادة سريعة في الأحداث العنيفة التي تشمل الجماعات المتشددة في السنوات الأخيرة. وفي عام 2019م شهدت 437 سلسلة اعتداءات نجمت من الجماعات المتطرفة وخلّفت 1270 قتيلاً. ويمثل ذلك زيادة أربعة أضعاف وعشرة أضعاف مقارنة بالعام السابق، وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من الناس. وهذه الهجمات لم تتعرض بوركينا فاسو لمثلها في عام 2014م؛ فعليه أصبح الخوف من انتشار العنف وإغراق المناطق الحضرية يُقلق الكثيرين في بوركينا فاسو. بالإضافة إلى ذلك، أدَّت محاولات الجماعات المسلحة لإثارة التوترات بين الطوائف إلى تآكل الإحساس بالوحدة الوطنية الذي حافظت عليه بوركينا فاسو لفترة طويلة.
إن الاستجابة غير الفعَّالة وأحيانًا غير المواتية من جانب قوات الأمن، التي لم تواجه يومًا تهديدًا أمنيًّا خطيرًا، جعلت القيادة في الكفاح ضد الجماعات المسلحة مصدر قلق كبير للناخبين.
وعلى الرغم من الحاجة إلى استجابة أمنية أكثر صرامة؛ فإن بوركينا فاسو تحاول بناء مؤسسات ديمقراطية أساسية بعد 27 عامًا من نظام بيليز كومباور عِلمًا بأن انتخابات 2020م ثاني انتخابات رئاسية وتشريعية ديمقراطية بعد كومباوري. وقد اقترحت الإدارة الحالية خُططًا لتقليل تركيز السلطة في الرئاسة وحلّ الكتيبة التابعة للحرس الرئاسي الذين حافظوا على كومباور، ثم حاولوا الانقلاب. ومن المتوقع الآن إجراء استفتاء دستوري لفترة ولاية رئاسية، كان من المقرر أصلاً في مارس 2019م في عام 2020م، وهذا البطء الملاحظ في وتيرة التغيير هي نقطة أخرى تُعزّز الإحباط لدى الناخبين.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم في عام 2015م انتخاب روك مارك كريستيان كبوري رئيسًا في انتخابات حرة ونزيهة رغم أنها لم تتَّسم بالكمال المطلق. والأخير يترشح لولاية ثانية، وسيواجه على الأرجح مجموعة كبيرة من المرشحين. وباعتبار أن طبيعة الديمقراطية الناشئة في بوركينا فاسو، تظل الأحزاب السياسية منظمات ضعيفة نسبيًّا لها شبكات وطنية محدودة. وتشير البيئة المرنة والبيئة الأمنية غير المستقرة، وتطور المؤسسات السياسية إلى أنه من المحتمَل أن يكون هناك الكثير من التحولات والانعطافات حتى انتخابات نوفمبر، وأن نتائجها تظل غير مؤكدة.
غانا
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 7 ديسمبر
تشكل الانتخابات الرئاسية في غانا الخطوة الثالثة للتنافس السياسي المستمر بين الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو أدو من الحزب الوطني الجديد (NPP)، والرئيس السابق جون دراماني محاما من المؤتمر الوطني الديمقراطي (NDC)، وقد فاز محاما عندما واجه الاثنان بعضهما البعض في عام 2012م ثم فاز أكوفو أدو في عام 2016م. وكان الفارق في نتيجة الانتخابات ضئيلاً، وناقشت المحكمة العليا الطعون لتحديد الفائز. ويتوقع أن تكون نتائج انتخابات عام 2020م متقاربة بنفس القدر والمركّزة على الحفاظ على التنمية الاقتصادية لهذا البلد ذي الدخل المتوسط (بمعدل نمو سنوي يبلغ 6٪) وإصلاح القطاع المالي، والسيطرة على الفساد، وإحلال العدالة الاجتماعية وخلق فرص العمل.
وعلى الرغم من الحملات الانتخابية السابقة العنيفة؛ إلا أن الزعيمين فضّلاَ اللجوء إلى المحكمة لتسوية خلافاتهما وقبول الهزيمة أخيرًا. لقد خلقوا سوابق مثيرة للإعجاب فيما يتعلق بكيفية إجراء انتخابات متقاربة أخرى. ومع ذلك، هذا لا يمكن اعتباره أمرًا مفروغًا منه حيث يمكننا توقع أن تصل العواطف إلى أقصاها مرة أخرى؛ لكن يجب على جميع الأطراف ممارسة ضبط النفس، وإيجاد آليات لمنع تصاعد هذه المشاعر إلى عنف.
إن عملية توطيد الديمقراطية طويلة.. ولا يمكن اعتبار التقدم أمرًا مفروغًا منه؛ مخافة فقدان الإنجازات المحرزة.
تتمتع غانا بمجموعة قوية نسبيًّا من المؤسسات المحيطة بانتخاباتها، والتي بمقدورها تعزيز هذا الصمام. ويُشار إلى أن لجنة الانتخابات اكتسبت سمعة طيبة؛ لكونها هيئة موثوقة ومستقلة، والتي ساعدت الأطراف المتنافسة على قبول صحة النتائج مع تعزيز شرعيتها. وللدولة مجتمع مدنيّ نَشِط سهّل ثقافة الحوار، والحوار بين الجهات الفاعلة في المنافسة. وقد جعل ذلك من الممكن تركيز الاختلافات بين الطرفين على مسائل السياسة والرؤية، بدلاً من التركيز على الهجمات الشخصية. وكذلك اكتسبت الجهات الفاعلة الأمنية (وعلى وجه الخصوص الشرطة وبدعم من الجيش) التي تعمل بتعاون وثيق مع لجنة الانتخابات، خبرة قيّمة في حماية العملية الانتخابية، وذلك في شكل احترافي ومهني، وبدون التسييس؛ وذلك من أجل تسهيل مشاركة المواطن وضمان أمنه.
وعلى الرغم من هذا الإرث المؤسسي؛ فإن أحزاب المعارضة أكدّت أن الحزب الوطني التقدمي NPP قد قلل من استقلالية لجنة الانتخابات والمحاكم. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية ضغطًا متزايدًا على المجتمع المدني والإعلام؛ حيث تمَّ تفتيش مكاتب صحفيي التحريات في غانا في عام 2019م واعتقالهم وقتلهم؛ إنها حقائق لا يمكن تخيُّل حدوثها في غانا. كما شهد عام 2019م أيضًا اعتماد قانون الحق في الحصول على المعلومات وهو تتويج لجهود استمرت عقدين لتوسيع نطاق وصول المؤسسات العامة إلى المعلومات، وبالتالي تحسين رقابتها.
وستكون انتخابات عام 2020م بمثابة اختبار لقدرة المؤسسات الغانية على الصمود وتوحي بأن عملية ترسيخ الديمقراطية طويلة، وأن التقدم لا يمكن اعتباره أمرًا مفروغًا منه؛ مخافة فقدان الإنجازات القديمة.
جمهورية إفريقيا الوسطى
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 27 ديسمبر
منذ عام 2013م، واجهت جمهورية إفريقيا الوسطى (CAR) صراعًا بين الفصائل والمجتمعات؛ مما جعلها واحدة من أكثر الدول هشاشة في إفريقيا. فقد قُتِلَ الآلاف من الأشخاص في أعمال العنف، وشُرِّد 1.2 مليون شخص قسرًا. خلال هذه الفترة، وتراجع الاقتصاد بمقدار الثلث، مما جعل جمهورية إفريقيا الوسطى واحدة من أفقر البلدان في إفريقيا حيث يقِلّ دخل الفرد فيها عن 300 دولار.
في هذا السياق، يسعى الرئيس فاوستن-آرشينج تواديرا إلى الحصول على فترة ولاية ثانية. لكن انتخابه في عام 2016م كان يعتبر إلى حد كبير ذا مصداقية، كما اتسعت المساحة السياسية لجماعات المعارضة والإعلام منذ توليه السلطة. ومن جانبه عاد الرئيس السابق فرانسوا بوزيزي إلى جمهورية إفريقيا الوسطى في 16 ديسمبر 2019م، وقد يكون مرشحَ حزبه “كوا نا كوا” علمًا بأنه لا يزال لدى الرئيس السابق العديد من المؤيدين في العاصمة بانغي، على الرغم من أنه من المرجح أن يواجه معارضة شديدة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون.
وبحكم تعاونه مع مجموعة من مؤسسات الأمن والعدالة الضعيفة، يعتمد تواديرا اعتمادًا كبيرًا على بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (MINUSCA). وفي محاولة لبناء حكومة شاملة قادرة على إحلال السلام؛ شرع تواديرا في مفاوضات حول اتفاقية سلام في فبراير 2019م، والتي منحت قادة المتمردين 13 منصبًا وزاريًّا، وتم تأسيس الوحدات الأمنية المزدوجة (USMS) المكونة من قوات الأمن الحكومية ومن المتمردين.
لكن هذه المبادرة أثارت غضب وتظاهرات بعض المواطنين، وجماعات المعارضة؛ الذين يعتقدون أن تواديرا يكافئ المتمردين على سلوكهم المزعزع للاستقرار. وعلى الرغم من استمرار الاشتباكات بين القوات المسلحة وائتلاف سيليكا السابق، واستمرار التسلل إلى البلاد من السودان وتشاد، فقد انخفض العنف، وزاد وصول المساعدات الإنسانية منذ توقيع الاتفاقية. ومع ذلك، فإن الانضباط والمهنية في صفوف USMS لا يزال ضعيفًا إلى حد كبير وخاضعًا للتسييس.
تظل جمهورية إفريقيا الوسطى هي أيضًا في قلب التوترات الجيوستراتيجية حيث زادت روسيا من مشاركتها في جمهورية إفريقيا الوسطى بشكل كبير منذ عام 2018م؛ من خلال نشر 235 مدرب أمن روسي، معظمهم من مجموعة فاغنر، المقاول العسكري الخاصّ، والتي تنشط كذلك في صناعة تعدين الماس والذهب في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها المتمردون. والمواطن الروسي، فاليري زاخاروف، هو الآن مستشار الأمن القومي لتواديرا، مما يثير مخاوف بشأن احتمال تعرض سيادة جمهورية إفريقيا الوسطى للخطر.
كان الوجود الروسي مصحوبًا بحملة إعلامية عدوانية لاستعراض المساهمة الروسية في الأمن وتقليل قيمة الأمم المتحدة وفرنسا، متهمًا الأخيرة بمحاولة إعادة استعمار جمهورية إفريقيا الوسطى. كانت أيضًا واحدة من ثماني دول إفريقية مستهدفة بحملة التضليل الروسية على Facebook؛ حيث تفيد التقارير أن المواقع الإلكترونية التي ترعاها روسيا متخفية ككيانات محلية في جمهورية إفريقيا الوسطى تحاول حشد الدعم لروسيا.
النيجر
الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 27 ديسمبر
تسعى النيجر إلى اتخاذ خطوة كبيرة إلى الأمام في تطورها الديمقراطي من خلال انتخابات ستحدد من سيخلف الرئيس محمدو إيسوفو والذي هو في نهاية فترة ولايته الثانية ومدتها خمس سنوات، وسيشكّل رحيله سابقة ثمينة في جهود النيجر الرامية إلى إضفاء الطابع المؤسسي على حدّ فعّال للسلطة التنفيذية. وقد تميّزت فترة ولايته بزيادة مساحة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
واختار الحزب النيجيري الحاكم للديمقراطية والاشتراكية وزير الداخلية محمد بازوم مرشحه للرئاسة، كما عاد زعيم المعارضة حماة أمادو إلى النيجر بعد قضاء 3 سنوات في المنفى في فرنسا، ويأمل الأخير في الترشح في انتخابات هذا العام، لكنَّ عليه أولاً التغلب على بعض العقَبات القانونية المتعلقة بالتهم الجنائية السابقة التي يصفها بذات الدوافع السياسية. كما أن سينى أومارو؛ زعيم الحركة الوطنية للتنمية الاجتماعية (حزب الرئيس السابق مامادو تانجا) يخطط أيضًا لخوض الانتخابات.
ومع توجُّه النيجر نحو هذا التحول الديمقراطي؛ فإنها تقاتل تمردًا عدوانيًّا متزايدًا للجماعات المتشددة. ففي عام 2019م، واجه النيجر 78 هجومًا عنيفًا و271 حالة وفاة جراء هذه الهجمات، أي أكثر بثلاث مرات من العام السابق. تعرضت النيجر لأسوأ هجوم في تاريخها في 9 يناير 2020م، عندما قُتل 89 جنديًا في شناغودر بالقرب من الحدود المالية، وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه في الصحراء الكبرى، والذي وقع منذ بضعة أسابيع فقط بعد مقتل أكثر من 70 جنديًّا في هجوم مماثل لإناتيس.
وبالتالي، ستشكّل مبادرات احتواء انعدام الأمن القضية المركزية في هذه الانتخابات، والتي من المحتمل أن تطغى على السابقة التاريخية للإدارة الناجحة للانتقال الديمقراطي في النيجر.
الصومال
الانتخابات البرلمانية في ديسمبر
ظلّت الصومال لفترة طويلة من أكثر الدول هشاشة في إفريقيا، وتواجه “حركة الشباب” أكثر الجماعات المتشددة نشاطًا في القارة، وعليه فإن الانتخابات البرلمانية الصومالية المقرر إجراؤها في نهاية العام ستكون اختبارًا رئيسيًا لعملية الديمقراطية الناشئة.
إن القضية السياسية الشاملة التي تشكل العملية هي التوتر بين الرئيس محمد عبد الله فارماجو، الذي يتبنى تصور قيام دولة مركزية قوية إلى جانب أعضاء الفيدرالية (FMS) في ظل نظام أكثر اقتسامًا لتقاسم السلطة. أدت الاختلافات إلى تبديد الثقة، ثم انخفاض مستويات التعاون بين مقديشو والمناطق المحيطة. ومع ذلك، فإن التفاوض يوفر فرصة لمعالجة لغز الحكم الأساسي الذي يواجهه الصومال في مجتمع لا مركزي إلى حد كبير قائم على العشيرة. سيكون مفتاح نجاح أيّ اتفاق هو التغلب على الثقافة السائدة على السياسة في الصومال “الرابح يستحوذ على الكُلّ”؛ والتي قادت الحكومات الوطنية المتعاقبة إلى تجنُّب الحلول الوسط، ومحاولات بناء تحالفات شاملة.
وهناك شكوك جدية حول قدرة الصومال على إجراء الانتخابات هذا العام؛ حيث يتعين على الصومال اعتماد دستور جديد، وتسجيل الناخبين، وتمويل الاقتراع، وإنشاء إطار قانوني حول كيفية إدارة العلاقات بين مقديشو و. FMS يدرس البرلمان وضع قانون انتخابي جديد يوافق على الاقتراع الوطني 1P1V (شخص واحد، صوت واحد (بدلاً من الصيغة القديمة المبنية على تقاسم السلطة القائمة على العشيرة. في الواقع، تميز نظام تقاسم السلطة القديم بشراء الأصوات على نطاق واسع، ومشاركة النساء المحدودة، واستبعاد المجموعات المهمشة والأقليات. كما يتطلب القانون الجديد من الرئيس المنتخب تعيين رئيس وزراء من الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان خلافًا للسابق؛ حيث كان للرئيس حرية اختيار رئيس وزراء بشكلٍ مستقل.
سيكون مفتاح نجاح أيّ اتفاق هو التغلب على الثقافة السياسية السائدة في الصومال “الرابح يستحوذ الكُلّ”؛ التي قادت الحكومات الوطنية المتعاقبة إلى تجنب الحلول الوسط ومحاولات بناء تحالفات شاملة.
تشكك مجموعات المعارضة في مشروع قانون الانتخابات المقترح الذي من شأنه تأجيل الانتخابات مع بقاء الحكومة في السلطة حتى إجراء الانتخابات. وتفاقم حالة عدم الثقة ناجِم عن حقيقة أن الصومال ليس لديها لجنة انتخابية مستقلة حقًّا؛ مما يتيح للحكومة الوطنية أكبر فرصة للسيطرة على العملية. وفي الوقت نفسه، حدث تجديد في الصومال حيث شكلت ستة أحزاب معارضة تحالفًا FNP (منتدى الأحزاب الوطنية) لتوسيع نطاق جمهورها. ويرأس الشيخ شريف أحمد حزب الحرية الوطنية وهو الرئيس السابق وزعيم اتحاد المحاكم الإسلامية الذي سيطر على مقديشو في عام 2006م.
لكن انعدام الأمن هو تهديد خطير آخر للانتخابات، وقد تورطت حركة الشباب في أكثر من 1300 عملاً من أعمال العنف في عام 2019م؛ أسفرت ما يقرب من 2800 قتيل. ولا تزال حركة الشباب راسخة، وتتحكم في مساحات شاسعة من البلاد؛ مما يعني أن الوصول إلى الناخبين سيكون محدودًا. وفي ظل استمرار ضعف قطاع الأمن، تظل بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (AMISOM) جهة فاعلة أساسية في حفظ الأمن في المناطق الحضرية.
وباختصار؛ إن التحديات المعقدة التي تواجه الصومال تُضعف التوقعات مع اقتراب موعد الانتخابات. إلى الحد الذي يمكن فيه للحكومة المركزية و FMS اغتنام الفرصة للدخول في حوار هادف حول هيكل وظيفي لتقاسم السلطة في الصومال، فإن العملية ستخلق فرصة لوضع أساس أكثر صلابة للدولة الصومالية التي اتسمت بالهشاشة فترة طويلة.
رابط المقال:
https://africacenter.org/fr/spotlight/evaluation-des-elections-de-2020-en-afrique/